القوى السياسية في مصر بعد 30 يونية
محمد أنور السادات والرئيس الأسبق حسني مبارك، مبيناً أنه خلال فترة حكم الأخير جرى تحجيم تحرك التيارات السياسية غير الإسلامية في الشارع المصري، فيما واجهت الجماعات المسلحة بطش الدولة، فضلاً عن معارك متقطعة مع جماعة الإخوان.
ن المجال السياسي في فترة حكم مبارك اقتصر على الحزب الوطني الحاكم الذي تماهى رجاله مع رجال الدولة كما تماهت لجانه ومؤسساته مع أجهزة الدولة ومؤسساتها. كما يتطرق الكاتب إلى أوضاع موازين القوى السياسية بعد ثورة 25 يناير، وتصاعد نجم التيار الإسلامي .
أوضاع الفلول شهدت تحسناً كبيراً عقب ثورة 30 يونيو، فرغم تأرجح موقفهم في السابق، إلا أن موقفهم أصبح أقوى عقب الإطاحة بالإخوان.
وضع الجيش في الخريطة السياسية
*
الرئيس المصري لا تشغله فكرة البحث عن الحقيقة، ولا محاسبة المسؤولين، ولا تحقيق العدالة، ولا التعلم من أخطاء الماضي. كما لا يعترف بأي خطأ جرى ارتكابه، ويفضّل التركيز على المستقبل، وعلى ما يسميها الجمهورية الجديدة، وعلى أن يكون للقوى السياسية "بلا استثناء أو تمييز" دور في الحوار المنتظر.
نظام الحكم العسكري الحاكم في مصر منذ 1952، فالواضح أن مصر لم تشهد أي جمهورية جديدة منذ يوليو 2013، وما زالت تدور في فلك نظام 1952 بدولته العميقة القائمة على مثلث الرئيس والجيش والاستخبارات، كما يشرحه روبرت سبرنغبورغ في كتابه الهام "مصر".
تعميق القشرة المدنية للنظام العسكري.
حيث أعاد الحكم الاستبدادي المفرط، والقمع الأمني غير المقيد بقانون أو دستور، ودمّر الحياة السياسية والقوى السياسية المختلفة. وعلى الصعيد الاقتصادي، أطلق السيسي يد المؤسسات التابعة للمؤسّسة العسكرية في الاقتصاد المصري، وقوّض القطاع الخاص، وعجز عن تبنّي أي خطط لتعميق التصنيع أو إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، كما أغرق البلد في الديون.
لا تبدو مصر مُقدمةً على جمهورية جديدة، بل تبدو مقدمةً على صورة أخرى من صور الحكم الاستبدادي العسكري التي عاشتها البلاد من انقلاب الجيش على الحكم الملكي في 1952
المعارضة المصرية بأي استجابة جادّة لدعوة الحوار التي جرى إطلاقها، وذلك بسبب التدمير المنظّم الذي تعرضت له منذ 2011
ترتبط بضغوط يتعرّض لها من الدائنين الدوليين، والذين يشعرون بأن مصر تسير في الطرق الخطأ، ولم يعد من المقبول أن تحصل على مزيد من الديون من دون القيام بإصلاحات أساسية، مثل إعادة بناء المؤسسات، والعودة، ولو قليلا، إلى احترام حكم القانون وتحرير القطاع الخاص والحد من توغل شركات المؤسسات العسكرية في الاقتصاد.
القوى السياسية أضعف من أن تكون وسيطا بين الشعب والنظام أو قادرة على تطوير الحوار محدود الأفق، ويبق
*
لا يفهم هؤلاء الانتهازيون حمدين وخالد يوسف أنّ منح شرعية قانونية وسياسية لهذا التلفيق الدرامي مسلسل الاختيار
الديموقراطية والحريات ليست حلاً لأزمة الدولة والمجتمع، وأنّ أيّ حراك احتجاجي يحمل احتمالات بخطر داهم. بناءً عليه، لا ديموقراطية ممكنة في ظلّ الأزمات. يطرح العمل رسائل كامنة: عليكم الاختيار بين الديموقراطية التي صعدت الإخوان ومخاطر إسقاط الدولة. لا خيارات أخرى في «الاختيار» كما في الخطاب السياسي للسلطوية.
عناوين الصحف منذ 2011: المحتجّون أصحاب «المطالب الفئوية» يعطّلون الإنتاج، والدولة في أزمتها، تعجز عن تلبية مطالبهم، وعليكم الرضى بالواقع، أي بمعنى آخر الإذعان بوصفه موقفاً عقلانياً. يُستخدم الإخوان في الدراما
تدور الكاميرا بهدف إثبات انتهازية «الجماعة» وعنفها.
من الإعلان الدستوري الأول الذي خلق انقساماً على أساس الهوية، يتم الانتقال إلى الإعلان الثاني، الذي يثبت ديكتاتورية محمد مرسي وعنف الجماعة ضد المتظاهرين في محيط قصر الاتحادية. تتوزع المشاهد ما بين صراع السلطة مع الإخوان وصراعها مع الجماعات الإرهابية في سيناء في خط درامي متشابك.
يتجاهل العمل ذكر الثورة بشكل عام. وفي مشاهد محدودة، يتم وصفها بأحداث وظروف صعبة تحمّل أعباءها متخذو القرار، أي أنّها ليست صراعاً بين شعب له لائحة مطالب ضد سلطة نظام حسني مبارك وسياساتها. لا تنفصل الرؤية الدرامية ولا السيناريو عن الخطابات المتكرّرة للثورة المضادة، كلاهما يؤسّس لموقف رافض للثورة، ولأي فعل جماهيري، ويتعامل معها بمنطق جولات الحرب. وفي المسلسل، لا سياسيّين فاعلين ولا مواقف لطبقات اجتماعية. الشعب يتكوّن من أفراد محبطين ويائسين ينتظرون الإنقاذ.
أفراد الأجهزة النظامية كبديل لمجتمع السياسة، التحليل والرؤية، يمتلكون للمفارقة تفاؤلاً حول «الشعب الذي سيُسقط الإخوان». يرد العمل لرجال الدولة اعتبارهم، ويُعيدهم لحكم البلاد بعد اختطافها، ومعهم تعود حالة الاستقرار. إجمالاً، وظّف العمل أضعف حلقات الثورة المصرية، عام حكم الإخوان، بما فيها من مظاهر عنف واشتباكات، سبقها تحالفهم مع السلطة، ثم تحالف القوى السياسية ضدهم.
يستبعد العمل مظاهر الصراع الاجتماعي والطبقي بشكل مقصود، لتمييع الصراع وإخفاء أسبابه، ويبقي على شعار واحد «إسقاط الإخوان» لتنتهي الثورة بانتقال السلطة إلى رجال الدولة. تظهر الحشود في التتر، كمقدمة واحتفاء بصناعة مشهد «30 يونيو». مجرّد مظهر، وبعدها وقبلها تغيب. ويبدو العمل مرتبكاً ما بين إظهار فعل شعبي أزاح الإخوان، وبين تعظيم دور السلطة في اتخاذ القرار بإنهاء حكم الجماعة.
موزعة بين المحبطين والخائفين والمتفرّجين على المشهد باستخدام كادر تصوير أساسي في المقهى: بعضهم يتندّر أو يشكو تعطّل مظاهر الحياة، لكنهم بشكل عام غير قادرين على الفعل، بينما تركّز المشاهد الأساسية على رجال الدولة في مواجهة الإخوان، وصورة الشعب عاجزاً منكسراً، وشخوصه في حالة قلق وتوتر والأحزاب والسياسيون غائبون والشباب خلف شاشات الكمبيوتر قبل رحيل الإخوان بأشهر قليلة. يتم التركيز على صراع الهوية وقضايا الأمن والإرهاب. يختفي الأساس الطبقي والاجتماعي للثورة.
تتركّز المشكلات على انقطاع تيار الكهرباء ونقص الدولار في تبسيط لأزمة اقتصادية
يتمّ تطويع الجمهور وحبسه داخل خوفه، ويحاول العمل إعادة الاصطفاف الذي تبلور في 2013 ضد الإخوان المسلمين، ما أتاح الفرصة للسلطة لتقدّم نفسها للمجتمع كبديل. ورغم أنّ الإخوان غابوا عن المشهد وضعفوا والثورة انهزمت، لكنّ الدعاية عبر الخوف مستمرة لاستدامة الوضع واستقراره. درامياً، يتم رسم عالمين متوازيين وثالث مهمّش: شخوص السلطة، ذات القدرات الخاصة، التي تمتلك حكمة نافذة وقلوباً رحيمة وخفّة ظل أحياناً. وهناك آخرون متآمرون قساة يمارسون العنف على محيطهم الاجتماعي. نبت شيطاني سيتم نزعه. وهناك عالم ثالث مستضعف، يضمّ مخدوعين ومحبطين يحتاجون إلى تبصير ونصح. كما كلّ القصص الملحمية، لا بد من أن يغلق العمل بإنقاذ المحبطين والمخدوعين، والقضاء على المتآمرين. في النهاية على الجمهور، أن يعيش سجين المرحلة الانتقالية والخوف، وأن يعترف بفضل من أنقذوه، ويسلّم أمور السياسة والمجال العام لمن يمتلكون المعلومات والتسجيلات والقدرة على التصرّف.
«الاختيار: القرار»: «أي. آر. تي. حكايات» (23:30)، «المحور» (23:30)، «روتانا خليجية» (23:00)، «أون إي» (22:00)
*
Apr 29, 2022
الفرق بين الخبر ومواد الرأي. الخبر حدثٌ وقع بالفعل، مواد الرأي تتباين، والأوْلى أن تُطرح خلالها كلّ وجهات النظر المتاحة، وعلى القارئ أو المشاهد أن يتبنّى ما يعَنّ له... في النظم القمعية والديكتاتورية لا رأي ولا اختيار، سُتجبر، أنت القارئ أو المشاهد، على القبول بما يرونه حقيقة واحدة مسلّمة لا شريك لها.
تهم الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. ربما تستطيع، الآن، أن تعيب في كلّ ما هو مقدّس، لكنّ "الاختيار" محصّن،
كيف يثق أحد بنظام لا أخلاقي يصور خلسةً ويقتطع الكلمات ويُقحمها في سياقات مضللة وزائفة، ويعتقل ويقطع ألسنة من يرفض أو يعترض، أو حتى يبدى رأيه، في موضوعات اجتماعية أقلّ زخماً مثلما فعل مع ظرفاء الغلابة أو فرقة البوابين الأربعة.
يدمن الكذب. لم يقل كلمة واحدة صادقة منذ عرفه المصريون، لا في السياسة ولا الاقتصاد، وتلاعب بالرئيس الذي اختاره بناء على كذبة كبيرة وعيّنه وزيراً للدفاع، ودائماً يقسم بالله، على أنّه صادق وشريف، فيما تشير ممارساته إلى النقيض، ولدى أعضاء الفريق الرئاسي شواهد وأسرارٌ كثيرة، لكن الخوف على الأسر والعائلات التي في الأسر في قاهرة المعز تحول بين الحقيقة والسرد.
فالرئيس القائد الملهم الفتاح العليم القائد الطبيب، بات خبير دراما، ولم يعد يتبقى له إلّا مؤلّف على شاكلة "الكتاب الأخضر" ليصبح مزيجاً من كلّ ديكتاتوريات المنطقة في تاريخيها القديم والحديث.
ففهمناها سليمان ومتامر
ضحايا الفظائع الشنيعة، مثل الإبادة الجماعية أو التعذيب المنهجي أو الإخفاء القسري أو القمع من الدولة، من الحق بمعرفة الحقيقة بشأن ما حدث لهم ولأحبائهم ولبلدهم
*