الخميس، 23 نوفمبر 2023

اقوي كتاب نمط العيش الامبريالي

الربحية والمنافسة 

هوية عقلها الأمني الذي لا يثق بـ»العقل السياسي» ولا بـ»العقل الأخلاقي» وربما يتهمهما بـ»الاستقالة» لأنهما يلجآن إلى الجدل والمراجعة في حسم مواقف لا تحتاج إلى عقل قاض، بقدر حاجتها إلى عقل مجرم.


الشعب غير جاهز للديموقراطية"

سيتعرض أنصار الليبرالية والديمقراطية لمزيد من التهميش على يد الإسلاميين والقوميين وغيرهم من مؤيدي البدائل السلطوية

 "الحاكم لا يريد، والشعب غير جاهز"

 التعليم الجيد هو أساس القوة الاقتصادية والعسكرية


السبت، 18 نوفمبر 2023

الهوية ***********




جدلية الهوية والعلاقة مع السلطة لا يخلو منهما خطاب الأزهر وقت الأزمات
Jun 3, 2020
الباحثة بسمة عبدالعزيز في كتابها “سطوة النص.. خطاب الأزهر وأزمة الحكم” خطاب المؤسّسات الدينية الرسميّة ووظائفه في وقت الأزمات السياسية العاصفة. ويُعالج – تحديدا – خطاب مؤسسة الأزهر وثيق الصلة بالأزمة العاصفة التي اجتازتها مصر في الفترة من يونيو إلى أغسطس 2013.
*
الهوية الثقافية في ظل العولمة

نحن نشاهد عبر الأقمار الصناعية الصور عبر العالم
نتعلم أنماط الحياة المختلفة الأخرى , من الضروري أن يحصل التلاقح الفكري والعلمي في كوكبنا الجميل ،
بشرط الحفاظ على الهوية الوطنية والقومية والنمط السلوكي والفكري والثقافي لخصوصية الامة والهوية الثقافية على المستوى الفكري والعقيدة.أصبحت مجتمعات العالم المختلفة تعتمد أكثر فأكثر على بعضها البعض تطور نتحدث عنه عادة من حيث عملية العولمة العولمة هي عملية معقدة وغامضة تتضمن مجموعة متنوعة من الأبعاد الثقافية والسياسية والتكنولوجية والاقتصادية والبيئية.
ثورة المعلومات التكنولوجية وإعادة هيكلة الرأسمالية وضعت شكلا جديدا من أشكال المجتمع ، مجتمع الشبكة. العولمة والمعلوماتية ،نفذت من خلال شبكات المال والتكنولوجيا والطاقة ، وتحول العالم ونحن نعيش في عالم متزايد الترابط ، الأمر المثير للاهتمام هو أن هذه التغييرات التي حدثت في عصرنا يمكن أن تكون كبيرة وسريعة لدرجة أنها خلقت مشاكل اجتماعية ، ليس فقط داخل المجتمع المحلي ولكن أيضًا على المستوى العالمي وقواعد لعبة الحياة 

*


Feb 6, 2019

الهوية هي الشخص ذاته فهي الشخص بكُل كيانهُ، التربية، الأهل، التعليم، الدين، وسائل إعلام، التوجُهات والسلوك ويتفاعل الفرد مع تلك العوامل حسبما يري هو العالم. فتأثُر الشخص بالأفكار الدينية لا يحدث بمعزل عن الأفكار المجتمعية السائدة، المسيحي البروتستانتي المصري قد لا تكون له نفس الهوية الدينية للمسيحي البروتستانتي الألماني، الثقافة المجتمعية تلعب دوراً في تشكيل الهوية، والمسلم السني المصري قد يختلف عن مثيله في تايلاند. الهوية مفهوم مُتغير ومتفاعل مع الواقع ولا توجد به ثوابت جامدة غير قابلة للتغيير.
لا تُحدد الهوية سلفاً من الآخرين، الشخص له مُطلق الحرية أن يُحدد هويتهُ دون قيود، ولكن العوامل المحيطة وهي كثيرة ومتعددة تحدد الكثير من معالم الهوية الشخصية
تكوين هوية حقيقية للفرد يرتبط بمدي تمتع الفرد بحرية كافية. فبدون الحرية تتكون هوية مُشوهه، حيثُ إنها تكونت بُناء على قناعات الآخرين من ناحية والضغوط المجتمعية والصور النمطية من جهة أخرى 
فنحنُ نسلُك بطريقة ما نتيجة التعوُد على سلوكِ ما، ثُم يُدعم هذا السلوك بقُبول الآخرين له، وهؤلاء الآخرون غالباً ما يُكونوا القوة المؤثرة في ذاك المُجتمع المعني. وهذا لا يعني بالضرورة أن ذاك السلوك إيجابي أو سلبي ولكنهُ يعني إنهُ السلوك المقبول. فقبول سلوكِ ما في مُجتمعِ ما في وقتِ ما يظل دائماً وأبداً أمراً نسبياً.
وبُناء على هذا نجد الكثير من السلوكيات المقبولة أو غير المقبولة في كُل المُجتمعات. ففي المملكة المتحدة من غير المقبول بأي حالِ من الأحوال أن يصدُر عنك صوتاً خلال تناول الحساء والعكس مقبول تماماً في كوريا. في هذه الحالة تتوقف الإجابة عن سؤال ما هو السلوك المُحبب والأكثر قبولاً اجتماعيا على ثقافتك أنت، ومدى قُربها أو بُعدها عن إحدى الثقافتين وليس بالضرورة عن السلوك في حد ذاته.
وهذا لا يعني أساساً تفضيل سلوكِ عن سلوك آخر، لكن ذاك يعني أن على كُل شخص مُراجعة كافة السلوكيات التي يقوم بها. وتتم هذه المراجعة في إطار الوعي بالمنطق وليس ما تم استلامه من الأجداد. وهذا الأمر ليس باليسير ولكنهُ يتطلب جِهودِ مضنية وصراع مع القوى المُحافِظة وتلك القوى المُحافظة غالباً ما تُحاول أن تُحافظ على مُعظم الأشياء دون تغيير.
وهُنا تكمُن قيمة وصلابة فكرة الحرية. حيثُ إن الحرية هي المحك الأساسي لكُل سلوك إنساني يتم عن قناعة تامة وليس عن عادة أو قُدسية وهمية.
والإنسان هو المسؤول الأول عن تكوين هويتهُ وكينونتهُ. وليس من حق كائنِ ما كان أن يُحدد لهُ سلفاً الطريق الذي سوف يسلُكه. فلو قرر شخص مصري يعيش في إحدى قُرى صعيد مصر أن يُطيل شعرهُ فسوف يجد الكثير من المُضايقات والتحرُشات من كُل الآخرين بدءا من أقرب الأهل إلى أي عابر سبيل. سيكون لديهم الحق في وصفهُ بأبشع الصفات. والمسألة تكمُن في اختفاء أي شكل من أشكال الدعم، ولا أقصُد هُنا دعماً للشعر الطويل، فهذا ليس بيت القصيد، المعنيِ هُنا بالمناقشة هو دعم الحرية الشخصية تحت أي ظروف.
و كُلما ذاد دعم الحُريات، تحددت الهوية الحقيقية للأفراد. فالقهر يمحي الهوية. فلن نستطيع تبيُن حقيقة هوية الأفراد إلا في وجود الحرية المطلقة.
فالإنسان يعيش حياة طبيعية بقدر ما يتمتع بحُرية في اتخاذ كُل قراراته المصيرية 
وغير المصيرية.

++++++++++++
د. منصور الجنادى يكتب: من أنا؟

رئيس تحرير جريدة كورير النمساوية، ذات يوم: «من أنا؟ وإلى أى مجتمع أنتمى؟ هذه أسئلة تُخِيفنى». مسألة الهوية تُقلقه، ككثير من الأوروبيين.
على العكس من ذلك، حدث فى مناقشة لباحثة تسويقية أن سألت مجموعة سيدات من الطبقات الهندية الفقيرة عن هويتهن، فانفجرن جميعًا فى ضحك لا ينتهى، رغم محاولة الباحثة اليائسة شرح ما تقصده من سؤالها.

تسألنى من أنا؟ ألا ترانى أمامك؟ أنا عب باسط اللى إنت عارفه يا أستاذ». هذا إن لم يبدأ فى الشك فى قواك العقلية.

بين «الباحث» عن هُويَّته، و«الجاهل» الذى لا يفهم سؤال الهوية، هناك أنواع أخرى من البشر. مثلًا «الرافض»: فى أحد المؤتمرات الأوروبية عن تعايش الثقافات، نهض أستاذ جامعى من الشرق الأوسط وقال «أيها السادة، يُسعدنى أن أناقش معكم أى موضوعات ترونها، إلّا هُويتى». هذا البروفيسور يرفض إذن أن تكون هويته موضوعًا للنقاش أو محل تساؤل.
وبجانب «الباحث» و«الجاهل» و«الرافض»، نكتفى بنوع أخير، هو «المُراوغ»، الذى يسمح لك بالنقاش والسؤال والشك فيما تريدـ حتى هويته ـ ولكنه فى قرارة نفسه على يقين من أنه يعرف الإجابة التى لا تقبل الشك، ولن يتزحزح عنها قيد أُنملة، ولكنه يتظاهر فقط بالثقافة والليبرالية وحق الجميع فى السؤال والنقاش، بينما ينوى فى النهاية سحبك من رقبتك عنوة إلى النتيجة التى وصل إليها هو، وليس أنتما معًا.

الجاهل لا يُلام، وعلاجه التعليم. الرافض والمراوغ «واثقان»، وعلى قناعة ورضا بهويتهما، ولا يرغبان فى تغييرها، بعكس الباحث الذى يقرأ ويتعلم ويناقش بحثًا عن هُوية. جميع المواقف تُحتَرم، فللجميع الحق فى اختيار ما يرونه صوابًا. الثقة والقناعة والرضا أهداف يسعى إليها الكثير من البشر، ولكن المسألة تختلف بعض الشىء عندما يتعلق الأمر بالنظر أبعد قليلاً من موضع أقدامنا، وعندما نُفكِّر بعض الشىء فى أولادنا وأحفادنا. فى أى عالم سيعيشون وبأى هوية ينجحون؟

الواقع هو العكس تمامًا. الناجحون هم من يعيدون البحث عن هويتهم مرارًا وتكرارًا، أما الأقل حظًا من النجاح فهم من يتمسكون بهويتهم. فى أوج الحضارة الإسلامية رحب العرب بمزج هويتهم بالهويتين الفارسية والأندلسية وغيرهما، وجنوا ثمار التعددية وتعانق الحضارات. أما اليوم ـ فى زمن المحن العربية- فهناك من أساتذة الجامعات من هم مستعدون لمناقشة أى موضوع، إلَّا هُويَّتهم.

الأوروبى الذى يُقلقه مسألة هُويَّته هو من استطاع التقدم، بترسيخ مجموعة من القيم المتحضرة كالعدل والحرية والديمقراطية فى دستوره، وإلزام الجميع بحكم القانون. هُم لا يبحثون عن الهوية نجاة من الضياع، ولكن عن قناعة بأن الهوية كائن حى يتغيَّر مع تطور الحياة. أما «الواثقون» فيفضلون هُويَّة ثابتة، بصرف النظر عن تغيُّرات الحياة (إن رأوا فى الحياة تَغييرًا).

الباحثون يبحثون عن التعَلُّم من الآخرين، والواثقون همُّهم الوحيد هو تَعليم الآخرين.
الباحثون يرون أنفسهم «جزءًا من» البشر، والواثقون يرون أنفسهم «فوق» البشر.
لذلك ينجح الباحث، ويُنتج ويَزداد ثراء، بينما يفشل الواثق ويستهلك ويزداد فقرًا.
ولتفادى سوء الفهم: ليس لهذا علاقة من بعيد أو قريب بالعقائد. فالعقائد، أيًا كانت، ليست فقط حاجة إنسانية، ولكنها ضرورة سيكوـ عصبية أيضًا، أى شرط لسلامة وظائف المُخ، وأساس للصحة النفسية والسلوكية.
ولكن العقائد كثيرة وحمالة أوجه، وتختلف من ثقافة لأخرى. العقيدة فى حد ذاتها لا تعنى بالضرورة التحجر والانفصال عن الواقع، أو التعالى عليه.
سؤال «من أنا؟» هو الطريق الوحيد والفعَّال لفهم «من هو». صديقًا كان أم عدوًا.
البحث الدائم عن الهوية لا يعنى رفض الجسم، ولكنه تجديد للدماء.
والانتماء إلى أى شىء كان يجب ألا يكون نقيضًا للانتماء إلى البشر.

++++++++++++++

الهوية في زمن العولمة 2020

الهوية هي وجود وماهية غير أنها لا تمثل جوهرًا ثابتًا ومتعاليًا على الزمان والمكان، بل حال متحركة ومتداخلة، إنها «صيرورة» بالمعنى المجازي والتاريخي الذي يتيح تضمينها إشكاليات وأزمات هي لازمة لها، والهوية من حيث هي كذلك، هو ذلك الكل من العلاقات والصلات (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية والثقافية) وهي ترتبط باللغة والتاريخ والمصير الواحد والمصالح المشتركة، والمحددة بأبعادها وعلاقاتها التي تتمثل في علاقة الأنا (الذات) بالأنا، وعلاقة الأنا بالواقع (العمل، المعرفة، الأفكار) في سيرورته، وعلاقة الأنا بالآخر، غير أن هذه الأبعاد ليست انشطارات منعزلة بل تحكمها علاقة جدلية مترابطة ومتحركة.

الاحتكاك الأول أو الصدمة الحضارية التي مثلها الغرب (في عصوره الحديثة) إزاء الهوية العربية المنكسرة تمثل في احتلال نابليون لمصر في أواخر القرن الثامن عشر، وبداية الاتصال بالغرب عن طريق البعثات التعليمية والإرساليات التبشيرية المسيحية، ثم السيطرة الاستعمارية (الكولينيالية) الغربية على تركة الرجل المريض المتمثل في الخلافة العثمانية، بعد إفشال وإجهاض إقامة الدولة العربية الكبرى، وهو ما شكل عامل تحدٍّ خطير، وحفز الهوية العربية– الإسلامية المنهكة والسقيمة والمتوترة بفعل قرون من الجمود والتخلف الذي ساد المجتمعات العربية– الإسلامية، في ذات الوقت الذي استيقظت فيه أوربا من سباتها، وولجت عصر النهضة (القرن السادس عشر) وفكر الأنوار والثورات وخصوصًا الثورة الفرنسية (القرن الثامن عشر) والثورة الصناعية في بريطانيا (القرن التاسع عشر) وما أعقبها من تحولات اجتماعية وسياسية عميقة، إزاء هذا الوفد الجديد والقوي والمتحكم الذي هو الغرب فإن الهوية العربية– الإسلامية المرتبكة والحائرة اتخذت ثلاثة توجهات وَسَمَتْ ما سُمِّيَ بعصر النهضة العربية.

الاتجاه الأول هو الممانعة والرفض عبر الانكفاء على مفهوم محدد وثابت لهوية (القومية والدين) قائمة تستحضر الماضي التليد باعتباره المستقبل المنشود حيث يكون الحاضر هو المستقبل الماضي كردِّ فِعلٍ استيهاميٍّ دفاعيٍّ وارتكاسيٍّ إزاء الانتهاكات والسيطرة والاستلاب الذي مارسه الآخر المتمثل في الأجنبي، المستعمر الأوربي، المسيحي الملحد، المنتصر، المتفوق، المتعالي، المدنِّس، هذه الصور المتداخلة والمتناقضة للآخر تمثلت في أعمال وكتابات وأطروحات العديد من رجالات عصر النهضة. وقد عبر جمال الدين الأفغاني رغم كتاباته التنويرية عن هذه الهواجس حيث نادى بضرورة قيام «الجامعة الإسلامية» كردٍّ على محاولات السيطرة والهيمنة الاستعمارية الغربية التي عَدَّها الخطر الرئيس والمباشر.

الاتجاه الثاني تمثل في السعي للمواءمة ما بين الأنا والآخر وقد عبر عنها رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وذلك من خلال المصالحة بين الدين (الأنا- نحن) والعلم (الآخر) ونادى محمد عبده بالدولة المدنية في كتابه «الإسلام بين العلم والمدنية»، في حين رفض علي عبدالرازق الدعوة إلى إحياء الخلافة وأكَّدَ على مدنية الدولة في الإسلام وذلك في كتابه «أصول الحكم في الإسلام»، وناهض عبدالرحمن الكواكبي انطلاقًا من «الأنا» العروبية «أي عمومية إسلامية» استبدادية، والجدير بالذكر أن من ذكرت كلهم رجال دين (أزهريون) كبار.

الاندماج في الآخر

الاتجاه الثالث دعا إلى الاندماج الكلي أو الجزئي في الآخر وتمثل ثقافته وحضارته باعتبارها ظاهرة إنسانية شاملة (فرح أنطوان وسلامة موسى) أو من خلال الاحتكام إلى العقل والعقلانية وتوطينها ضمن مكونات الهوية الوطنية باعتبارها ظاهرة محايدة توجد في الحضارات والمجتمعات الحية كافة (طه حسين). إذًا إزاء الآخر نشطت هويات مفترضة مشرقية وعربية وإسلامية ووطنية تعايشت وتساكنت مع هويات فرعية (ثاوية) قوية تمثلت في الهويات الإثنية والقبلية والدينية والطائفية والمذهبية، وتصدرت ثنائية العروبة والإسلام في تحديد هوية السكان العرب، حيث أخذ القوميون العرب والإسلاميون يسبغون مواصفات ثابتة هي أصل وجوهر مثل العروبة أولًا، وأن العرب مادة الإسلام، أو الإسلام أولًا وأن الإسلام روح العروبة، وفي الواقع إن الصراع حول الماضي في حقيقته هو صراع حول الحاضر والمستقبل، أي حاضر ومستقبل نريد؟

وأخذت تتصدر الثنائيات والمقابلات المصطنعة ما بين الأصالة والمعاصرة، القديم والجديد، الخصوصية والكونية، النقل والعقل، وبين هذا وذاك عُدَّ الغرب (الاستعماري) مصدرَ كل الشرور التي عاينها الشرق والعرب والمسلمون، وهذا صحيح جزئيًّا، غير أنه لم يجر في المقابل الالتفات إلى الواقع المزري (التخلف والجهل والأمية والفقر والاستبداد) الذي ساد المجتمعات العربية– الإسلامية قرونًا عدة، كما غاب أو غُيِّبَ الجوهري والأساسي في الحضارة الغربية وهو تقديمها للهوية السياسية على ما عداها من هويات فرعية، حيث أقامت رابطة وهوية جديدة على أساس مفهوم الدولة – الأمة المستند إلى المبادئ الدستورية والقانونية (العقد الاجتماعي) والتميز والفصل بين المجالين الديني والمدني، والتأكيد على مفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وترسيخ منظمات ومؤسسات المجتمع المدني التي تستوعب وتحترم المكونات (الهويات) الفرعية الأُخَر كافة.

إننا في سياق زمن يتسم بكونية الثقافة وعالميتها، ومع أن هذه العملية منجز إنساني حقيقي لا يمكن تجاهله فضلًا عن العجز عن مواجهته، فلا بد هنا من الإشارة إلى الجوانب المتناقضة لهذه العملية خصوصًا في عصر العولمة حيث يتم ذلك على حساب تهجين وتطويع واستتباع الهويات والثقافات الوطنية الأخرى، وتمييع خصائصها ومقوماتها لصالح ثقافة استهلاكية سائدة يجري استنباتها عن طريق استخدام معطيات الثورة العلمية- التكنولوجية خصوصًا في مجال الاتصال والتوصيل، وتجري عملية تجنيس وإعادة صياغة للتفكير والسلوك والمفاهيم والذائقة ونمط الحياة والمعيشة بما يتناسب مع مصالح مراكز التحكم والسيطرة الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية بكل ما يتضمن تلك الثقافة الاستهلاكية من استلاب وتغريب وتهميش للهويات المختلفة.

تشظي الهوية

واجه المشروع النهضوي العربي (منذ بداياته في منتصف القرن التاسع عشر) بتياراته وروافده المختلفة رغم الجهود والإسهامات المميزة لرجال النهضة وفكر التنوير طريقًا مسدودًا، وأُجْهِضَ، وبالتالي لم يتسنَّ لمشاريع الإصلاح (الفكري– السياسي) ولقيم الحرية والعقلانية والتنوير والتقدم أن ترسخ وجودها، في ظل عوائق وعقبات موضوعية وذاتية تمثلت في بنية اجتماعية أبوية (بطريركية) متخلفة، وفي الهيمنة الاستعمارية، وطبيعة الأنظمة العربية التابعة لها، ومحدودية مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو ما وسم تلك المشاريع بالعجز عن توليد نسق من المفاهيم والمقولات الجديدة التي تستجيب لخصائص وظروف تشكل وتطور المجتمعات العربية.

موقف العرب من الغرب كان ملتبسًا ومتناقضًا منذ البداية فهو من جهة الغرب القوي والمتطور صناعيًّا وعلميًّا وحضاريًّا وتسود مجتمعاته قيم الحرية والديمقراطية ومن جهة أخرى فهو الغرب الاستعماري المتعالي الذي مارس سيطرته واستبداده بحق الشعوب العربية ونهب واستباح خيراتها وحدَّ وعرقل من تطورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، كما أجهض تطلعاتها في التوحد القومي في إطار دولة عربية واحدة في أعقاب تفكك السلطة العثمانية، ووقوع معظم البلدان العربية تحت السيطرة والهيمنة (الغربية) الاستعمارية، وهو الأمر الذي حفز المزاج الشعبي الرافض لا للحالة الاستعمارية فحسب بل لنظمه وقيمه، وبخاصة أن الظروف التاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي تشكلت من خلالها البرجوازية والفئات الوسطى في المجتمعات العربية طبعتها بطابع المحافظة والازدواجية والانتقائية، أضف إلى ذلك مستوى وعي وإدراك الناس ونفسيتهم الاجتماعية وتراثهم والأسطورة والترميز المتحكم في وجودهم وذاكرتهم التاريخية الممتدة إلى تفاصيل حياتهم وتفكيرهم وسلوكهم.

مما تقدم تبين لنا كيف أن المشروع النهضوي واجَهَ منذ بداياته أزمته البنيوية التي هي جزءًا من أزمة الواقع العربي بمستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد أدى كفاح الشعوب وحركة التحرر في البلدان العربية لنيل استقلالها وتحقيق سيادتها الوطنية إلى بروز ومن ثم ترسيخ الدولة (القطرية) الوطنية، ومع موضوعية وضرورة هذه العملية تاريخيًّا فإنها شكلت بداية الانتكاس للمشروع القومي العربي؛ إذ أصبحت العلاقة الملتبسة ما بين الهويات الوطنية المتشكلة والهوية القومية (العروبة) المحور الرئيسي الذي تتمفصل حوله مشاريع العمل العربي المشترك كافة، والصراعات والتناقضات أيضًا كافة، وبذا تحققت عملية قطع تاريخي منعت وعاقت قيام وتبلور الهوية (الأمة) العربية في أطار دولة واحدة خلافًا لما تم في مناطق عديدة من العالم قديمًا وحديثًا، فالأمة العربية هي من الأمم القليلة التي لم تحقق وحدتها القومية بعد، غير أن هناك تجربة تاريخية متميزة وناجحة تمثلت في عملية توحيد معظم شبه الجزيرة العربية (منبع العرب والعروبة والإسلام) التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود.

لقد توطدت وترسخت مواقع الدولة الوطنية في موازاة ضمور المشروع القومي، وبخاصة بعد إخفاق المحاولات الوحدوية لأسباب عديدة أبرزها إغفال وتجاهل التمايزات والتباينات القطرية والقفز عليها، وفرض وتحقيق المشاريع الوحدوية بأساليب فوقية (تسلطية) واستعراضية، وتجاهل المبادئ الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأقليات الإثنية والدينية والمذهبية، ولا ننسى بالطبع تدخلات الاستعمار والقوى الغربية والصهيونية وإسرائيل لإجهاض وإفشال تلك التجارب. كما أن التجمعات القومية (الجامعة العربية) والإقليمية للتعاون العربي فشلت هي الأخرى في تحقيق الحد الأدنى من التنسيق والتكامل وهو ما أصاب مجمل النظام العربي بالترهل والوهن والعطب، وليس أدل على ذلك من إقدام النظام العراقي السابق على احتلال دولة الكويت (2 أغسطس 1990م) وإرهاب وتشريد شعبها تحت شعار عودة الفرع إلى الأصل وتطبيقًا لمفهوم الإقليم– القاعدة، إلى جانب تهديد دول الخليج العربي الأخرى، وهو ما شكل حالة فريدة وشاذة ضمن معطيات العصر الراهن من حيث التوسل بالعامل القومي للتغطية على سياسات قطرية بل ممارسات (ذات منحى عشائري– طائفي) متطرفة تتسم بالفردية والتسلط والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان والإرهاب إزاء شعبه وجيرانه في آنٍ واحد.

مثل هذه المواقف والسياسات المتهورة وجهت ضربة قاصمة لمفهوم الأمة العربية وللنظام العربي، وعمَّقت ظاهرة الاستقطاب والانقسام ليس بين الأنظمة العربية فقط، بل على مستوى الشعوب ونخبها وتياراتها المختلفة، وهو ما أخلّ وأضرّ بالعلاقة الجدلية المفترضة ما بين الوطني والقومي، وأضعف الموقف العربي برمته إزاء التحديات الإقليمية والدولية، وتعمق الارتهان والتبعية للخارج وعلى جميع المستويات، وانعكس ذلك في ضمور وتآكل شرعية الدولة العربية التي فاقمها الفشل في تحقيق أي من الشعارات والأهداف الوطنية والقومية الكبرى التي رفعتها.

كل ذلك أدى إلى تشظي الهوية الوطنية والقومية، وتصدر الهويات (الإثنية والمناطقية والقبلية والدينية والمذهبية) الثانوية القاتلة، في حرب الجميع ضد الجميع، أو المأكلة الكبرى وفقًا للفيلسوف البريطاني توماس هوبز.

*

أزمة الهوية والصراع عليها


 لماذا لم تتجه البرجوازية في منطقتنا مثل البرجوازية في أوروبا إلى إقصاء الدين من حياة المجتمع، وتفصل الدين عن الدولة وتعامل البشر على أساس الهوية الإنسانية والمواطنة بغض النظر عن عرقه وجنسه ودينه وطائفته؟ وكان الجواب دائما خاصة من قبل مثقفي نفس الطبقة بأن البرجوازية العربية متخلفة، وعلينا ألّا نجابه الدين بالنقد السياسي والفكري كي لا نجرح مشاعر المسلمين. إلا أن الحقيقة التي تكمن خلف كل تلك المبررات هي أن الدين في منطقتنا هو أكثر الأسلحة الأيديولوجية فتكا سواء في تخدير الجماهير وخداعهم وتسكين آلام فقرهم وعوزهم، وقد عبرت جماهير العراق في تظاهرات يوليو 2015 عن الدين بشعارها المشهور “باسم الدين باكونا الحرامية”!

في نفس الوقت استخدم الدين، وهنا أتحدث تحديدا عن الإسلام في مواجهة الحركات الثورية والتحررية في مجتمعاتنا وتصفية كل معارض للنظام السياسي إذا ما طالب بالحرية والمساواة.

تبين لنا التجربة أن الطبقة البرجوازية العربية كأنظمة سياسية حاكمة بخبرات مراكز الدراسات الفكرية والسياسية الغربية وأجهزة مخابراتها بأن الدين لعب دوراً وعاملا مهما وحيويا في معركتها الفكرية والسياسية والاجتماعية خلال أكثر من قرن لمواجهة الحركة الشيوعية الثورية والتحررية في المجتمع إبان الحرب الباردة.

الحفاظ على “الإسلام” بتفسير البخاري وابن تيمية وابن العثيمين والباز والحرس القديم في الأزهر والخميني ومحسن الحكيم بات يصارع رأس المال في منطقتنا ويتناقض مع وجوده ومستلزمات استثماره، وبات يرعبه ويجرده من أي مأوى.

في زمن بحاجة إلى الاستثمار في الطاقة النظيفة للحفاظ على العالم، وفي مستقبل أصبح ينذر بنفاد النفط، فالطبقة البرجوازية بحاجة إلى تجديد أدواتها لتوفير الحماية لرأس المال وتأمين مستلزمات استثماره، وإن أحد ميادين الاستثمار هو السياحة وجذب رؤوس الأموال إلى مساحات يستمتع أصحابها بالحريات الفردية. أي أن العلمانية وتجديد تفسيرات أولي الألباب الأولين باتت حاجة ملحة وضرورة لاستمرار وجود الطبقة البرجوازية. فالإسلام السياسي الذي يستند على تفسيرات أولي الألباب تحول إلى عائق جدي أمام تطور واستثمار رأس المال. ولذلك نجد لغة جديدة ولهجة حديثة وخطابا سياسيا متمدنا يخاطب مجتمعاتنا.

 القومية العربية والإسلام كانا دائما في صراع مع بعضهما، صراع بين الأجنحة البرجوازية على السلطة. وحاول المثقفون والمنظرون البرجوازيون المزاوجة بين الاثنين وحل التناقضات بينهما. وفي خضم التحولات التي جاءت بعد احتلال العراق وبعد ذلك اندلاع الثورتين التونسية والمصرية، وإدخال الطائفية كهوية جديدة في الصراع بين الأجنحة المتصارعة على السلطة والنفوذ في المنطقة، إلا أنه سرعان ما سقطت الطائفية، وسقطت أيضا الأيديولوجية الإسلامية بالرغم من الدعم المالي والسياسي والعسكري لكل الجماعات الإسلامية الإرهابية في المنطقة من قبل الغرب قبل الشرق. وهكذا تبحث الأنظمة التي رفعت يوما راية الإسلام في مواجهة الشيوعية ثم الطائفية في مواجهة بعضهما، تبحث اليوم عن هوية جديدة، وها هي تتشبث من جديد بالعلمانية التي قالت يوما عنها كفرا.

الثقافة السائدة هي ثقافة الطبقة الحاكمة. وإن المبررات بأن غالبية المجتمع هي من المسلمين ولا يجوز المساس بها لم تكن أكثر من ترهات، وبينتها التجربة السعودية؛ فقيادة المرأة للسيارة وإنهاء دور مؤسسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحجيم تدخل رجال الدين في تطاولاتهم واستهتارهم بالحياة الشخصية للأفراد في المجتمع، وحق السفر للمرأة بدون محرم وحق سكن المرأة لوحدها وإقامة الحفلات الغنائية، والعمل على تغيير المناهج التعليمية التي تستند على نشر الكراهية لغير المسلمين والنساء ووضع تفسيرات البخاري وابن تيمية في الرفوف وتقصير أكثر عدد من الأيادي للوصول إليها وتناولها..الخ، جاءت بقرار من الطبقة الحاكمة في السعودية.

أحدثت هذه التغييرات الكبيرة هزة عنيفة في المجتمع. ويبين التأييد الواسع والكبير في صفوف الشعب السعودي لسياسات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على الصعيد الفكري والاجتماعي على أن الغالبية المطلقة لجماهير السعودية متمدنة ومتحضرة وتريد وتطمح إلى الاندماج في المجتمع الإنساني المتحضر المتمدن والعاشق للحرية. وثانيا، إن ما يحدث في المنطقة العربية هو بحث عن هوية جديدة تستطيع أن تأتي بالمجتمع إلى التحولات والتطورات وحاجات النظام الرأسمالي كما أشرنا. ثالثا، مع كل هذه التغييرات في الخطاب السياسي والدعائي والإعلامي لن تتجرأ هذه الطبقة على إقصاء الدين عن الدولة وحياة المجتمع.

فالسوق الرأسمالية اليوم هي سوق عالمية ولا يمكن الفصل بين السوق العراقية والسوق السعودية أو الإماراتية أو الصينية أو الأميركية. وهذه السوق بحاجة إلى إزالة كل المعوقات التي أمامها، ومنها تقنين الإسلام وترويضه بما لا يتعارض مع التطورات الجديدة.

 ما يميز السلطة السياسية في العراق أنها سلطة ميليشياوية، تعتاش وتمول نفسها من سرقة النفط والمحاصصة. إنها لا تفكر كطبقة برجوازية منسجمة تمثل نفسها وتسوق نفسها على أنها تمثل كل الطبقات الاجتماعية وتشكل حكومة على أساسها.

المجتمع العراقي ليس مثل المجتمع السعودي أو الإماراتي وأن التغييرات الحاصلة على صعيد رفع العلمانية والمدنية والتحضر بقامتها في المجتمع ليس بسبب الإصلاحات من الأعلى، كما جاءت في قرارات الطبقة الحاكمة في السعودية أو كما جاءت في مناهج الأزهر في مصر، بل إن الجذر الاجتماعي المتمدن والمتحضر والتحرري يضرب في عمق تاريخ العراق الحديث.

الدعوة والصدر ورجال الدين من الصف الثاني العنصريين الذين فشلوا في إقناع مريديهم بهويتهم الإسلامية، فتحولوا إلى عنصريين بامتياز عندما وجهوا الإهانات إلى لون محمد رمضان، يبغون من وراء كل هذه الضجة احتكار حلم وأماني وتطلعات الإنسان في العراق عبر فرض هوية إسلامية هم أنفسهم متورطون فيها. ولكن والحق يقال إن مدن العراق تعلم بأن حمل هوية تالفة وممزقة أفضل من ألّا تحمل أية هوية وأنت تعبر المفارز والسيطرات الأمنية.

Dec 24, 2021
*
مفهوم "هوية الأمة" لم يعد مفهوماً ثقافياً أو دينياً فقط، بل أصبح يعتمد على ثلاثة أركان رئيسة هي "الثقافة" و"الاقتصاد" و"القوة العسكرية"

 اللغة والدين حاضرين في كل حوار حول الهوية العربية والإسلامية
من أمِن العقاب أساء الأدب
الدولة الليبرالية تخدم نفسها حرية التعبير البرجوازية لا حرية الفعل 

نعيد حساباتنا ونعمل على بناء قوتنا الذاتية وإلا سنظل هكذا نُظلم ونُهان دون أن نستطيع أن نفعل شيئاً.
من يهن يسهل الهوان عليه
"جامعة الدول العربية" أو "منظمة التعاون الإسلامي"، فهذان الكيانان لم يتطورا كي يحققا أركان الهوية (الثقافة والاقتصاد والقوة العسكرية)

السيف أصدق أنباء من الكتب..... في حده الحد بين الجد واللعب

الأخلاق والسلطة"، فلا يوجد أخلاق دون وجود قوة تحميها، كذلك لا يوجد هوية دون وجود قوة تؤكد وجودها وتحميها. ومأزق الهوية العربية والإسلامية المعاصرة ناتج عن ضعفنا وليس لعدم وجود مخزون ثقافي يمكن أن نقدمه للعالم.

العمى الأخلاقى".. الفيلسوف الألمانى البارز يورجن هابرماس يعلن دعمه لإسرائيل





الانتقام بين اللذة والألم . الثأر *******الاستفزاز************++++++++++++++

Nov 6, 2021 Jan 18, 2022 Mar 4, 2022

 رغبة في أن يرد لمن ظلمه أو عنّفه صاعا بصاع، وبالتأكيد سيشعر المرء بالراحة لو نفّس عن مشاعر الغضب

يعد الثأر محفزا عاطفيا يحث الناس على الفعل.  للثأر جوانب إيجابية غير متوقعة

 المشاعر التي تتفاعل داخل المرء قبل مباغتة الأخرين بالهجوم، وأشار إلى هذه المشاعر باسم "الوسيط النفسي"، وهي الأفكار والمشاعر التي تطرأ بين الاستفزاز وبين التهجم على الأخرين.

 كيف تدفع الإهانة المرء، على سبيل المثال، إلى الاعتداء على الغير". ويرى تشستر أن الإجابة تكمن في الرغبة في الثأر.

الشخص الذي يتعرض للإهانة أو يكون منبوذا اجتماعيا، يشعر بألم نفسي. ولهذا فإن المنطقة المختصة بالألم من الدماغ كانت في قمة نشاطها لدى المشاركين الذين انتهجوا سلوكا عدوانيا بعد أن شعروا أنهم منبوذون. ويقول شيستر: "هذا الألم يحرك نزعة تطورت لدى الإنسان منذ قديم الزمن للتهجم على الآخرين ردا على التهديدات والتعرض للأذى".

فسرعان ما يكتسي الألم باللذة حينما تسنح لهذا الشخص الفرصة للانتقام، وهذا الشعور ينشّط منطقة في الدماغ تسمى "النواة المتكئة" المسئولة عن المكافآة. فقد اكتشف تشيستر أن أولئك الذين يتخذون من العنف وسيلة للتعبير عن غضبهم من الأخرين، ربما يتلذذون بالانتقام.

العنف واللذة .  فرويد أن المرء يشعر بالراحة عندما يفرغ شحنة غضبة بالتعدي على الأخرين، ولكن فكرة أن الانتقام له لذته الخاصة لم تتضح إلا مؤخرا.

 لم تصل الكرة للمشاركين ليشعروا أنهم منبوذون من اللعبة. ووضع كل المشاركين دبابيس في دمية افتراضية قطنية. ولوحظ أن من شعروا أنهم منبوذون وضعوا عدد أكبر من الدبابيس.

 اختبار النبذ الاجتماعي عبر الانترنت، ثم أجري فيما بعد في المعمل، حيث نفّس المشاركون عن مشاعر الانتقام في صورة صيحة عالية مزعجة في وجه منافسيهم، ولم يعرف المشاركون أن منافسيهم لم يكونوا إلا أجهزة كمبيوتر، وكلما زاد الشعور بالاستبعاد، طالت الصيحة.

المينت كريستو 

 دواء لبعض المشاركين لتثبيت المزاج، ورغم أنه لم يكن إلا عقارا وهميا، إلا أن تأثيره كان من القوة بحيث لم يهتم المشاركون الذين حصلوا عليه بالثأر ممن نبذوهم، على عكس المشاركين الذين لم يأخذوا الدواء وتصرفوا بطريقة عدوانية. ويبدو أن السبب وراء ذلك أن من حصلوا على الدواء الوهمي أعتقدوا أنهم لن يشعروا بلذة إذا ثأروا ممن نبذوهم.

فالإنسان لا يجد في الثأر لذة فحسب، بل إنه يسعى للانتقام لكي يستعشر هذه اللذة . قدرة  تنظيم العواطف

 الباحثين عن الثأر لا يجنون إلا متعة لحظية فقط، ويقول تشستر: "يشعر المرء بالراحة في لحظة الانتقام، ثم ينزلق في حلقة مفرغة من الانتقام تتخذ شكل الإدمان، ليصبح حاله بعد الإنتقام أسوأ مما كان عليه قبله".

ولهذا قد يعمي الانتقام أبصار الناس عن العواقب الكارثية.

اشتهر ريتشارد نيكسون بأن لديه قائمة من الأعداء السياسيين الذين يسعى للتخلص منهم بطرق ملتوية. وقد أجبر على الاستقالة فيما بعد بسبب بعض الحيل غير الشريفة التي كان يتبعها.

الانتقام، رغم ما يقال عن أضراره، التي من بينها أنه قد يدمر علاقاتك الشخصية، فإن وجوده في حياتنا مفيد لبقائنا، لأنه سيصد عنك أذى الغير

"فلو ذاع بين الناس أنك لا تتهاون في الثأر من الأخرين، لن يفكروا في التعرض لك أو استغلالك".

 فيلم "العائد" جسد ليوناردو دي كابريو شخصية أب ساعده تعطشه للانتقام في بقائه على قيد الحياة، وحتى بعد أن أثخنته الجراح أخذ يجر جسده جرا وسط الأهوال والمخاطر للثأر من قاتل ابنه. الاوسكار 2015

"فالشخص الذي يرد على الاعتداء بالمثل سيكون مرهوب الجانب وسينجح في حياته على عكس الشخص الذي يتلقى الإهانة ويصفح ليتمادى المعتدي في الإيذاء والظلم".

الانتقام يعد أحد الرغبات الأساسية التي يجب إشباعها، مثله كمثل الجوع. ولن يهدأ الثائر إلا بعد أن يحقق مراده، ويأخذ بالثأر، كما يشبع الناس شهيتهم للطعام.

 لا يعني أننا علينا أن نشجع الناس على إطلاق العنان لرغباتهم في الانتقام، ولكن "علينا أن نتفهم الدافع للانتقام، وفي الوقت نفسه نتأكد من أن هذه الرغبة ليست وليدة عقول مريضة، وأن نبدي اهتماما بمساعدة الناس في كبح جماح رغباتهم في الانتقام"،

مع الأسف، يجد الناس لذة في الانتقام

 الرجال يجدون متعة في فكرة الانتقام أكثر من النساء.

"يتصور هؤلاء أنهم يتعرضون للنبذ من الاخرين حتى لو يكن ذلك صحيحا. فيعد النبذ الاجتماعي نوعا من التهديد الوجودي، ولهذا فإن توقع النبذ من الاخرين يجعل المرء متأهبا عقليا ونفسيا للدفاع عن النفس، وهنا سيصبح السلوك العدواني تجاه الأخرين رد فعل طبيعيا للشعور بالنبذ الاجتماعي.

 رد الفعل العنيف تجاه الأخرين ليس الوسيلة الوحيدة التي يلجأ إليها كل من يشعر أنه منبوذ من المجتمع، فالبعض يتعامل مع هذه المشاعر بتعمد إيذاء النفس. وتقول أيدوك: "هذا يجعلهم يشعرون أنهم يسيطرون على شيء ما".

ويمكن أن يتعلم الناس أساليب للتحكم في انفعالاتهم العنيفة تجاه الأخرين كما يتعلم المدمن التحكم في رغباته بأساليب نفسية. 

 السعادة التي ستجدها وأنت تتطلع إلى الأخذ بالثأر لن تدوم إلا للحظات. ومع ذلك، فقد اتضح أن مشاعر الثأر والرد بالمثل لها فائدة عظيمة، وربما لو لم يُظهر الكثير من أسلافنا هذه المشاعر لاتخذهم الغير مطية لبلوغ مآربهم.

Nov 26, 2021

*

فالاستفزاز الايجابي هو إثارة مكامن النفس البشرية للعطاء والإبداع، والاستفزاز السلبي هو الذي يحدث بقصد إثارة الغضب، وهو ينم عن طباع سيئة وضعف بالشخصية.

 استفزه لأشعره بخطئه ويرجع لصوابه، أو أختار الصمت ليتفكر في تصرفه ويتوقف عما كان ينويه من إزعاج الآخرين، واختيار اي من الاسلوبين يعتمد على الموقف وكيفية الاستفزاز وطبيعة المستفز.

هل الاستفزاز يجذب السامع والقارئ أكثر من الخطاب العادي الهادئ الرقيق؟ يعتمد ذلك على طبيعة الموقف، فقد نجد مواقف تتطلب الاستفزاز والأخرى تتطلب الحوار الهادئ

 تحريضا ذهنيا أو نفسياً للقيام بأمر محمود، كأن نقول لطفل: أنت غير قادر على فعل كذا ليستفز ويتجه إلى القيام به، وهذا المثال ينطبق حتى على الكبار، فالناس جميعا صغارا أو كباراً تمتلك انفعالات مؤثرة تحركهم بشكل ما، وعند هذا الجانب فالاستفزاز مفيد يحرض القوى الكامنة أو النائمة للظهور والعمل، فالاستفزاز بهذا النحو يؤدي إلى خلق جو من التنافس الذي يؤدي بنهاية المطاف إلى العطاء والإبداع،

*

محدثي النعمة مقال وكمباوندات 

*

Apr 17, 2022

السبب الاول لجريمة مع السيطرة و التعويض

انا الضحية انا المجرم انت السبب 



الجمعة، 17 نوفمبر 2023

التعليم والصحة

العِلم يرفع بيتًا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف

إن المعلم والطبيب كلاهما...

لا ينصحان إذا هما لم يُكرما

فاصبر لدائك إن أهنت طبيبه...

واصبر لجهلك إن جفوت معلما.

الخميس، 16 نوفمبر 2023

عالم الوفرة المادية والحرية الفردية وكتاب خطاب الي الرجل الصغير

 هل حريتنا مجرد شاشة تخفي تعطشنا للسلطة؟

حرية التعبير انتشار الأكاذيب الاستيلاء على السلطة

خداع السذج واحتكار السلطة

الغرب: انها الحضارة التي اخترعت الاستقلال الفردي في القرن الثامن عشر، وبالتالي الحرية السياسية، وحرية المشاريع، والديمقراطية.

*

الرجل الصغير ليس الرجل الذي يعتبر الأهداف الاقتصادية أهم بالنسبة له من وعيه

 أنت تختلف عن الرجل الكبير...كونك فخوراً بالآخر وليس بنفسك، تتعجب من الفكرة التي لاتملكها، وليس من الفكرة التي تملكها، تعتقد بقوة الأشياء، كلما كنت عاجزا عن فهمها، ولا تعتقد بالأفكار التي تفهمها بسهولة».

يشعر بالحرية والسعادة والالتفات نحو نفسه وحريته الشخصية، ورغم أن هذه الخريطة الداخلية

صفية حسابات ضد منطق الإنسان ذي البعد الواحد 

غضب رايش هو أن الكتاب كتب في منتصف الأربعينات بعد حرب عالمية طاحنة، ودعاوى قومية أفقدت الناس حريتهم، وآلة إعلامية أفقدتهم توازنهم، ما تسبب في سجن رايش ليموت بين جدرانه في أواخر الخمسينات ولكنه لم يمت ابدا كرجل صغير.

 وتفجرت فيه المعلومات بيننا ثم جهلنا أكثر، وتفجرت ثورة علمية تعدنا بالخلود... ولكننا تألمنا أكثر، ما الذي كنت ستفعله يارايش إذا كنت بين كل هذا الهراء الذي يجعل منك رجلا صغيرا حقا في زمن أصبح فيه الرأي العام هو حاصل آراء صغار الرجال ونسائهم.


الاثنين، 13 نوفمبر 2023

"الحرية هي العبودية"، و"الجهل هو السلطة"، و"الحقيقة هي الكذب"

 "اثنين زائد اثنين يساوي خمسة". بلد عجيب، يعيش سكّانه بعقل "القطيع"، الذي ينوّم نفسه مغناطيسيا، في مناخٍ قاتم من العنف والكراهية والشرّ، والصراع اللانهائي. ومع الوقت، صرتَ إذا تكلّمتَ عن التوتاليتارية، لا بد لك أن تستدعي "الأخ الأكبر"، و"شرطة الأفكار"، و"الفكرة المزدوجة"، و"جريمة التفكير" إلخ.

الديستوبيا ليست حكراً على التوتاليتارية. العالم "الليبرالي" أنتج عشراتٍ من الروايات والأفلام الديستوبية عن عوالمنا التي ستنتهي بكوارث،

Jun 2, 2022

"الجهل المتعمد"

الأدلة الإجمالية تشير إلى أن الجهل هو في الواقع بجزء منه متعمد ومدفوع بدوافع البحث عن الأعذار والحفاظ على الصورة الذاتية


الجمعة، 3 نوفمبر 2023

«حد الردة» المرتد .. هل من الإسلام أم اجتهادات



Jul 5, 2019
ألقاب مقدسة.. «شيخ الإسلام» على من أُطلق ولماذا؟

"النبي محمد لم يثبت أنه قتل المرتدين"، وإن "الإرهابيين" يتوسعون في تأويل هذه المسألة.

 جمال البنا عن أن القرآن قرر حرية العقيدة بصفة مطلقة، وجعلها قضية شخصية بين الإنسان وربه، لا دخل للنظام العام فيها، واستشهد بعدد من الآيات، منها: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ"، "فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسهِ"، "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".

رسالته لم يكن فيها القتل وإنما البلاغ والإنذار وتوضيح الحقائق للناس، في آية "إن عليك إلا البلاغ" و"لست عليهم بمسيطر"

وأكد أن حساب الناس جميعا على الله سبحانه وتعالى فليس أحد من البشر أن يسيطر على الحدود فالجميع عند الله، وكل إنسان في النهاية يتحمل نتيجة اختياره.

*

حد الردة في الاسلام


( الانسان اثمن راسمال في الوجود ) كارل ماركس
 من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا

ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون مختلفين ) ، يقول اللة هنا انه قادر على جعل الناس كلهم امة واحدة من ايمان او كفر 

(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف 29 ( أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )يونًس 99

حروب الردة

 الحروب إنما قامت على خلفية سبب رئيسى هو امتناع القبائل التى دخلت فى الإسلام زمن النبى (ص) عن دفع الزكاة بعد وفاته، وهو أمر تشير إليه حتى المصادر التى تذكر فى معرض توصيف هذه الحروب بأنها حروب للردة
الخلاصة أنه ربما كان من الأفضل أن يطلق على «حروب الردة» صفة حروب ما بعد وفاة الرسول أو حروب الامتناع عن الزكاة أو حروب دولة أبوبكر الصديق، وقد كانت تحركها دوافع أبعد ما تكون عن جوهر العقيدة وأنها كانت أشبه بالعصيان القبلى، وإن انتهت بنتائج بالغة الإيجابية على نحو بلور وحدة سياسية إسلامية لم تتح وفاة الرسول لها أن تتم، وساهمت فى تحقق فكرة الدعوة لجمع القرآن فى ضوء مقتل معظم الصحابة من حفظته، وكذلك تدشين الفتوحات الإسلامية التى انبثقت عنها تلك «الدولة – الإمبراطورية» التى امتدت بعرض وطول العالم القديم.

*

الحرية الدينية

 قتل المرتد فقد شاع بيننا شيوع المذاهب الفقهية الأربعة لأنها متفقة على قتل المرتد، ومن المذاهب ما يقصر قتله على الذكر دون الأنثى، ومنها ما يرى أنه لا يقتل بل يستتاب أبدًا إلى أن يموت، وهذا المذهب أوفق عندى بما جاء به الإسلام من أنه لا إكراه فى الدين لأنه نفى الإكراه ويجب أن يكون بعدم قهر أحد على الأخذ به فى ابتداء، إذ لا فرق بين الأمرين ولا معنى لإكراه المرتد على الرجوع للإسلام إذا لم يكن رجوعًا عند اقتناع لأن هذا لا يجعله مسلمًا إسلاميًا صحيحًا، ولا ينفعه عند الله تعالى

وهنا نرى «الصعيدى» يختار من الآراء الفقهية وهو أيسرها تماشيًا مع ظروف العصر وتطور حركة الاجتماع، وقد يكون شاذًا فى تراثنا الفقهى، ولا جمهور له، وهنا يقدم «الصعيدى» الرؤية المتميزة لسماحة الإسلام فيرفض قتل أو سجن المرتد، ولا باستخدام وسائل الإكراه، ولكن يتم ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يكون العقاب على ردته إلا فى الآخرة، لأن الإسلام نص نصًا صريحًا على أنه لا إكراه فى الدين، وأكد حق الإنسان فى الاختيار، ولا شك أن توجه «الصعيدى» هو ما ينبغى أن نشجعه فى الفترة الراهنة من حياتنا المعاصرة.

*
Sep 30, 2021

نص الآية 22 من سورة المجادلة "لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ ". والحروب التي شنها الخليفة أبو بكر الصديق ضد من أسماهم بالمرتدين، والأحاديث التي تحكم بكفر تاركي الصلاة، وبقتل المرتدين ومواقف الصحابة من منتقدي الرسول، توفر الأساس الشرعي لمعاقبة ومعاداة من يفكرون خارج صندوق الإسلام. 

 حوادث قتل وسجن من تجرأوا على الإفصاح عن إرائهم، أمرا شائعا في المجتمعات المسلمة، وليس حكرا على الجماعات الإرهابية. 

 واقع من يفكرون خارج صندوق الإسلام في المجتمعات الإسلامية، نلاحظ تعرض الكثير منهم إلى الإقصاء والتوبيخ والنبذ والتعذيب والسجن والقتل، الأمر الذي دفع كثيرين إلى عدم الإفصاح عن معتقداتهم وآرائهم في الكثير من القضايا، خوفا على حياتهم فيما اضطر بعضهم إلى الهجرة إلى الدول التي تحترم حقوق الإنسان، وتكفل حرية الإعتقاد والتعبير. 

إن تفشي ثقافة القمع والإقصاء والتهديد ضد أصحاب الأفكار الجريئة في مجتمع ما، دليل على تخلف وضيق أفق تلك المجتمعات، وإن كانت تلك المجتمعات تتعامل مع أفرادها بتلك الطريقة، فإن من المنطقي القول بأنها مجتمعات لا توفر الحد الأدنى من الحقوق التي تكلفلها المتجعمات المتحضرة. 

*
Nov 2, 2021

كتاب "حدّ الردّة وحرية العقيدة - نقد عقوبة الارتداد وسبّ النبي طبقًا لموازين الفقه الاستدلالي" (بالفارسية: مجازات مرتد و آزادى مذهب - نقد مجازات ارتداد و سب النبي با موازين فقه استدلالى)، للفيلسوف والمصلح الفكري الإيراني الرائد في مجال الدراسات الإسلامية محسن كديوَر،

المحافظ السني 
 الردة الغليظة كردّة سلمان رشدي، وجزاؤها القتل، والردّة الخفيفة، التي يخفي فيها المرتدّ ردّته ولا يدعو إليها، فأمره إلى الإمام. ويعتبر كديور أن هذا الفهم للردة تسبب في قتل المفكر السوداني محمود محمّد طه، وبفتوى بقتل سلمان رشدي وباغتيال فرج فودة، وبإدانة محكمة مصرية نصر حامد أبو زيد.

الاصلاحي السني 
محمّد عبده: الذي نشر أفكارَه تلميذُه محمّد رشيد رضا، ومنها ما جاء في تفسير المنار من أن لا ناسخ لقوله تعالى: ﴿فإنِ اعتَزلوكُم فلمْ يُقاتِلوكُم وأَلقَوا إِليكُمُ السَّلَمَ فما جَعَلَ اللهُ لَكُم عَلَيهِم سَبِيلًا﴾، وأنها تقضي حتمًا بالعفو عن المرتدّين إذا كانوا مسالمين، وأن الحديث الذي يؤيد قتل المرتدّ لا يمكن أن ينسخ القرآن. كما يضع محمد عبده في نهاية سورة التوبة ثلاثة أصول هي: الأول، أن لا سيطرة للحاكمين على حرية الاعتقاد الباطن أو المعاقبة عليها. والثاني، أن إظهار من يضمر الكفر بالله ورسله اعتقاده للناس فتنة تُخرجه من الدين ويعاقب. والثالث، في ما ينبغي على ولي الأمر فعله في مواجهة النفاق العملي.

محمد توفيق صدقي طبيب وباحث ومفكر مصري. يعتبر من أوائل القرآنيين

حسن إبراهيم حسن: مؤرخ مصري خَلُص إلى أن قتل المرتدّين في حروب الردة هو من مقتضيات السياسة وليس وليد الحرص على إسلامهم، فمانعو الزكاة برأيه لم يهجروا الإسلام.

عبد العزيز جاويش: الذي نحا أيضًا إلى خلوّ القرآن من آيات قتل المرتدين، وإلى أن الأحاديث بالردة قُصد بها المنضمون إلى الأعداء المحاربين المسلمين، أما من أضلّته شكوك وشبهات ولم يدفعها عنه المتصدّون للفتيا بالبراهين فليس مرتدًّا ومن واجب السلطة طرد شكوكه.

عبد المتعال الصعيدي: الأزهري الأول الذي خصص كتابًا لموضوع الحرية الدينية ذهب فيه إلى أن المرتدّ لا يكره على الإسلام بقتل أو حبس، بل يدعى بالحكمة والموعظة الحسنة، فإن عاد نجا من عذاب الله في الآخرة. والصعيدي يسوّغ موقفه بفتوى النخعي بأن المرتدّ يستتاب أبدًا. أما أحاديث قتل المرتد فتخص برأي الصعيدي المرتدّين المحاربين للجماعة.

محمود شلتوت: شيخ الأزهر، مؤيد بشدة الحرية الدينية، يرى في أحد كتبه أن للشريعة في تقرير العقوبة مسلكين: 1- العقوبة بنص، ومنها الردة. 2- التعزير. ويرى شلتوت أن مؤيدي معاقبة المرتدّين يرجعون إلى الأحاديث وليس إلى القرآن، لأن فيه العقاب الأخروي فقط، ثم يقول: "الحدود لا تثبت بحديث الآحاد، والكفر بنفسه ليس مبيحًا للدم، بل المبيح محاربة المسلمين وفتنتهم عن دينهم".

اصلاحي تقدمي 
حلَّل تحليلًا نقديًّا دلالة "المرتدّ"، وأنكر أصحابه أي عقاب دنيوي على ترك الإسلام أو الإساءة إليه، واعتبر حرية الدين مبدأً جوهريًّا في الإسلام،

جمال البنا: يرى كديوَر أن البنا اعتبر الإيمان إرادة شخصية، وأن الاختلاف والتنوع بين البشر هما إرادة الله، وأنه لا يجب التدخل في الاعتقاد الديني بالإكراه بل بمجرد الدعوة التي مارسها الرسول، وأن هذا المبدأ يشمل المسلمين وغير المسلمين.

محمّد سعيد العشماوي: يتناول المؤلف أفكار كتاب العشماوي أصول الشريعة بالتفنيد، ويرى أنه فرّق بين الدولة الحديثة ودولة العصور الوسطى التي كان الدين أساسها (الإسلام في الشرق والمسيحية في أوروبا)، والخروج عليه يقارب جريمة الانضمام إلى دين الأعداء، وأن هذا المفهوم - برأي العشماوي - هو مقصود الأحاديث النبوية بقتل المرتدّ، فضلًا عن إفادة الآيات ترك حرية اختيار الدين للناس. واتُّهم العشماوي بالردّة وهُدر دمُه بسبب كتابه هذا.

محمد الطالبي سبب مواجهة المسلمين الحرية الدينية هو أنهم فهموها مرادفًا للعلمانية واللاأدرية والإلحاد، وعلى أن إقرار عدم الإيمان ليس منّة على أحد، وأن معتمَد الفقهاء المسلمين غيرَ هذا المسلكِ هو قتالُ أبي بكر القبائل في ما سمي "حروب الردة" وحديث الآحاد: "من بدل دينه فاقتلوه"، الذي رُبط - برأيه - بالتمرّد وقطع الطرق، ولعله وُضع بتأثير من رجم المرتد الوارد في سفرَي اللاويين والتثنية في التوراة. وأخيرًا، يرى كديوَر أن الطالبي ينفي أي عقاب على الردّة نفيًا مطلقًا، وأن الإسلام ترك هذا إلى ضمير المرتدّ، وأنه ليس من شأن المسلمين التدخل فيه.

احميدة النيفر:  الإسلام المعيشي وإسلام الآيات والمبادئ، فالأول يؤيد الإكراه، والثاني يؤيد الحرية والتسامح. ويصنف المفكرين المسلمين الحديثين ضمن خطين: خط محمّد عبده والطالبي وبقي أثره محدودًا، وخط أبي الأعلى المودودي وسيد قطب والأصوليين من بعده. ويذهب النيفر إلى أن مذاهب السنة والشيعة التاريخية في خصوص المرتدّ تعطي انطباعًا بإيمان صاغه فقهاء السلطة. ويعتبر كديوَر مقال النيفر "أحد أشمل الأعمال في هذا المسلك".

عبد المجيد الشرفي
فرج فودة أحمد صبحي منصور كتاب حدّ الردّة، ورأى فيه أن عقاب الارتداد عن الدين نتاج لسياسة الأمويين والعباسيين، وأن أحاديث بقتل المرتدّ وُضعت على الرسول،

الموقف المحافظ (الأغلبية)، والموقف شبه الإصلاحي (أقلية)، والموقف الإصلاحي (أقلية قليلة ولكنها تتنامى).

دعا إلى التمرد يُقتل لا بسبب التغيير الفكري بل بسبب الفتنة. فالمرتدّون الذين لا يدعون إلى فكرهم غير الإسلامي لا عقاب عليهم؛ والذين يذيعونه من دون الدعوة إلى التمرّد عقوبتهم النبذ والإقصاء.

أوضح للتمييز بين الردّة وتبديل الدين في كتابه رسالة الحقوق في الإسلام، وأقرّ فيه بتبديل الدين بوصفه حقًّا من حقوق الإنسان، وكذلك الحق في إظهار أي عقيدة، صحيحة أو باطلة.

محمد جواد موسوي غروي وعبد الكريم سروش ومحمّد مجتهد شبستري وأبو القاسم فنائي، وغيرهم كثير من الإصلاحيين الإيرانيين


الخميس، 2 نوفمبر 2023

التعاطف مع غزة . فهمي هويدي

2017 May 16, 2021

 ما ينبغى أن نلاحظه ونعترف به أن الموقف من القضية الفلسطينية ظل دائما أحد المؤشرات الكاشفة عن التدهور الحاصل فى العالم العربى. ففى البدء حظيت «المقاومة» باحتفاء عربى مشهود. ولأجل ذلك أنشئت منظمة تحرير فلسطين فى عام ١٩٦٤ لتقود الكفاح المسلح، وهو ما اعترفت به القمة العربية والجامعة العربية حينذاك. تزامنت «المقاطعة» مع المقاومة، ومن رحم هذه الأجواء ظهرت فكرة «الممانعة»، التى كانت بمثابة خطوة إلى الوراء، أجلت الكفاح المسلح لكنها ظلت عنوانا لمخاصمة العدو. بعد ذلك حدثت أولى مؤشرات الانكسار، إذ تمثلت فى اتفاقية الصلح مع إسرائيل التى عقدها الرئيس السادات فى عام ٧٩. وهذا الاختراق أفضى إلى تجميد المقاطعة وفتح باب التنازلات التى كانت مبادرة السلام السعودية من أبرز علاماتها، وحين تبنت قمة بيروت العربية المبادرة المذكورة، أضيف مصطلح «التطبيع» إلى لغة الخطاب السياسى العربى. ورغم أن التطبيع كان مشروطا فى البداية بالانسحاب الكامل من الأراضى العربية، إلا أن مؤشر الانكسار استمر فى الهبوط حتى وصلنا إلى التطبيع الخجول والمقنع ثم التطبيع المجانى وغير المشروط. والحبل على الجرار كما يقال.

الملاحظة المهمة أن ما جرى لم يكن تفريطا فى القضية وتضييعا لها، ولكنه كان تعبيرا دقيقا عن ضياعنا نحن. وإذ لا أعرف مآل المستنقع الذى صرنا فى قلبه، فإن ما أعرفه جيدا أن ما صار مهددا ليس قضية فلسطين وحدها، وإنما مصير الأمة العربية بأسرها. وهذا العبث المخيم على الفضاء العربى له رسالته البليغة