الأحد، 29 سبتمبر 2019

الجدل الفلسفي الجديد حول الإسلام

صدر هذه الأيام في فرنسا كتاب حواري هام جمع بين الفيلسوف الفرنسي «رمي براغ» الذي لا يخفي نظرته النقدية الحادة للإسلام، والفيلسوف السنغالي «سليمان بشير ديان» الذي سبق له أن كتب عدة أعمال هامة في الفلسفة الإسلامية من بينها كتاب حول الفيلسوف الهندي محمد إقبال سبق لي أن نقلته إلى العربية.

الكتاب الذي يحمل عنوان «الجدل»، هو فعلا كتاب جدل حقيقي بين فيلسوفين شديدي الاختلاف في النظر للإسلام عقيدة وشريعة وتجربة تاريخية، مع أن أهمية الكتاب الفعلية تكمن في ردود «ديان» العميقة والموثقة حول أفكار وآراء «رمي براغ» العدائية المعروفة للإسلام.

المحور الأساسي الذي يدور حوله الجدل هو أطروحة براغ التي بسطها في عدة أعمال منشورة (من بينها كتابه «قانون الله»)، وخلاصتها أن خصوصية الإسلام في مقوماته اللاهوتية والعقدية هي أنه يعتبر القرآن كلام الله الحرفي المباشر والمفصل الموجه للبشر، بما يعني أن علاقة التدين الوحيدة الممكنة هي الانقياد الكلي للإرادة الإلهية المطلقة دون تفكير أو تأويل. وينتهي براغ إلى أن النتيجة الأساسية لهذا التصور هي «الطابع اللاعقلاني الجوهري للإسلام ونزوعه العضوي للعنف»، باعتبار تداخل القانوني والسياسي والعقدي في البنية الأساسية للدين، على عكس المسيحية التي هي ديانة العقل والسلم، كما يقول. ويخلص براغ إلى أن الفلسفة نبتة غريبة في التقليد الإسلامي، وفي كل الأحوال لا أثر ولا تأثير لما يطلق عليه «الفلسفة الإسلامية» في الحداثة الأوروبية (سبق لبراغ أن بسط القول في الموضوع في كتابه: «أوروبا المسلك الروماني»).

ليس ثمة من هو أجدر بالرد على هذه الأطروحة التي تغذي رافداً أساسياً من روافد الإسلاموفوبيا الرائجة من أستاذ الفلسفة الإسلامية وفلسفة المنطق والرياضيات في جامعة كولومبيا الأميركية المفكر السنغالي بشير ديان، الذي استند إلى ثقافته الفلسفية والدينية الواسعة لتبيان أوجه الخطأ والقصور في هذه الرؤية التي تغفل ثراءَ وتنوعَ الاتجاهات الفلسفية الكلامية في التقليد الإسلامي من حيث تصورها لطبيعة الوحي وطرق تأويله وعلاقة العبادة والعبودية بين الخالق ومخلوقاته، وما يترتب على هذه الأسس العقدية الجوهرية من آثار ونتائج في أحكام الشريعة المتعلقة بالتنوع الديني والتعايش بين البشر وطريقة الحكم والسياسة.

ودون الخوض في هذه الإشكالات الفلسفية الكلامية المعقدة والمتخصصة، أكتفي هنا بالإشارة إلى بعض الجوانب في نقد أطروحة براغ وأوافق صديقي الفيلسوف بشير ديان في مرتكزاتها المرجعية. الجانب الأساسي يتعلق بطبيعة الوحي في مصدره الإلهي، فمع أن المتكلمين والفقهاء اتفقوا على أن القرآن كلام الله المنزل على اختلاف بين مَن اعتبره كلاماً مخلوقاً (المعتزلة) ومن ميّز بين الكلام النفسي والكلام اللفظي (الأشاعرة)، إلا أنهم أجمعوا على التمييز بين صفة الكلام الذاتية والخطاب المنزل وأقروا بالمسافة التأويلية اللامتناهية بين المعنى الأصلي للنص المطلق والفهم البشري المحدود. وقد أرجع باحث الإسلاميات الألماني «توماس باور» ثراء وتنوع الممارسة التأويلية في التقليد الإسلامي إلى هذه المسافة الهرمنوطيقية التي تحول دون أي ادعاء ممكن لاحتكار التفسير الصحيح للنص. ولعل الفسحة التأويلية أوسع في التراث الإسلامي من التقليد اللاهوتي المسيحي، وذلك لغياب سلطة تأويلية يوكل إليها تفسير النص والتحكم في دلالاته (على غرار الكنيسة).

ويترتب على هذه المسألة إشكال العلاقة الوجودية والأخلاقية بين الله والإنسان، العلاقة التي اعتبر براغ أنها محصورة في الانقياد والاستسلام بتنفيذ أحكام الشرع المنزلة. والحال أن براغ يختزل هذه العلاقة الثرية في أحد أوجهها وهو الوجه التكليفي الذي لا يمكن فهمه إلا في إطار شبكة دلالية كثيفة وثرية عالجها المتكلمون في مباحث الأسماء والصفات التي تعكس تعدد مراتب ومستويات صلة الله بالإنسان التي ينتظمها مبدأ الاستخلاف وتبلغ في مقام الترقي والتقرب حدوداً قصوى عبّرت عنها الأدبيات الصوفية بمصطلحات معروفة مثل الشهود والفناء.


الجمعة، 27 سبتمبر 2019

القول والفعل.. الكلام والعمل

الخطاب، أي خطاب، سياسياً كان أم دينياً، يحتوي على ثلاثة مكونات: أولها، الكلمات والألفاظ والعبارات.. وهو مستوى اللغة الذي يعتمد عليه الخطيب، حتى ولو لم يكن لديه شي ليقوله، لكن لابد من التأثير في الناس عن طريق الكلام. وهذا ما سماه المناطقة مستوى الخطابة
كما كانت تقام نوادي الخطابة عند قدماء العرب لإبراز مهارات التحدث والقدرات البلاغية لدى المتحدثين. وفي الخطاب الديني، وإلى حد ما الخطاب السياسي أيضاً،.

والمكون الثاني للخطاب هو المضمون، أي المعنى الذي يريد إيصاله والرسالة التي يسعى لتبليغها. وهو مكون موجه إلى العقل وليس إلى اللسان، إلى الفهم وليس إلى التأثير. فالمعنى أساس الخطاب وإلا يكون بلا معنى. لذلك قال ديكارت: «أنا أفكر فأنا إذن موجود». ويكرر القرآن الكريم: «أَفَلا تَعْقِلُونَ»، «أَفَل اتتَفَكَّرُونَ» عشرات المرات«قُل هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».

إحدى مميزات ثورة يناير 2011 في مصر أنها بدأت بالفعل دون كلام، وأن مبادئها الأربعة خرجت من ثنايا الفعل. فالعمل يسبق النظر، وهذا أحد معاني الائتلاف الوطني، أي أولوية العمل على النظر، والفعل على الكلام، والسلوك على القول.
إن الأزمات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية.. التي تمر بها كثير من بلاد العالم النامي لا تحتاج إلى كلام، بل إلى فعل، أي إلى إنجاز وإنتاج. فالكلام تغطية وتعمية، لذلك لا يسمعه أحد، خاصة إذا كان بعضه بالعامية أو باللحن في اللغة العربية.
واستبعاد أبناء البلاد من العمل العام، وإن أمكن من الحديث أيضاً، هو مرة أخرى جعل العمل الوطني كلاماً في كلام. ليس الكلام عيباً في ذاته، لكنه عيب إذا كان فارغاً ومن غير مضمون. فقد تكلم الله مع إبليس رداً على اعتراضه بأنه لا يسجد لمن خُلق من طين وهو خُلق من نار. وتكلم الله مع إبراهيم لإثبات وجوده بالبراهين والأدلة التجريبية حتى يطمئن قلب إبراهيم، وتكلم مع موسى حتى سُمي «كليم الله». وفي الإنجيل، «الله هو الكلمة». والكلمة فعل، قبل الخلق والبعث وإرسال الأنبياء ومحاسبة المخلوقين على أعمالهم وليس على أقوالهم:

+++++++++++++++++++
الوزير، خلال اجتماعه، أن مصر تتعرض لهجمة شرسة، وأن جانبا من هذا الهجوم يأتى ممن يطلقون على أنفسهم النشطاء وكل حياتهم فى وسائل التواصل الاجتماعى، وهؤلاء «أفشل ناس فى التاريخ ولو عندهم حاجة يعملوها كانوا قدموها».


رياح الشرق من أنور عبدالملك

عالم الاجتماع المصرى أنور عبدالملك

 درجة الدكتوراه فى علم الاجتماع السياسى عن رسالة موضوعها «مصر مجتمع يحكمه العسكريون». وقد تمت ترجمتها إلى العربية وإلى عدة لغات أخرى، وفيها يُسلّط الضوء على الدور الذى لعبه الجيش المصرى فى تحديث مصر، ولكن أيضاً فى الاستئثار بالسُلطة منذ محمد على إلى جمال عبدالناصر.

«اطلبوا العلم ولو فى الصين».
اخذ النظام التعليمي من اليابان ولكن ليس منفصل الشكل عن المجتمع والمنظومة الثقافية 
التعليم كتغير لمجتمع


أنور عبد الملك... ريح الشرق وتغيير العالم


 الأصالة والمعاصرة وعلاقة الجيوش بالسلطة ونقد الاستشراق وديناميات المجتمعات الإنسانية، ودارت رؤيته الأساسية حول قضية "الانتصار للشرق" والرغبة العارمة في تغيير العالم، وهي الرؤية التي تضمنها بالأساس كتاباه "ريح الشرق" و"تغيير العالم".

 عتبة صياغة "المشروع الحضاري" أو "الاستراتيجية الحضارية"، التي هي في نظره، وكما يتبين من آرائه التي شملتها كتابات أخرى له، تعتمد على استنهاض الإرث الحضاري العربي- الإسلامي، دون إغفال الفكرة الوطنية.

 مشروع "التراث والتجديد " لحسن حنفي، لكنها تختلف عنه، في إعطاء البعد السياسي- الاقتصادي، وليس الفلسفي، مكانة أكثر بروزاً في التناول والتحليل، لتلتقي في بعض جوانبها مع العطاء الفكري لسمير أمين.

 ودعوته إلى عالم قائم على التعدد وليس احتكار جهة، أياً كانت، للإنتاج الاقتصادي والتقني والعلمي، خاصة في مجال الإنسانيات.


الاثنين، 23 سبتمبر 2019

عقد اجتماعى جديد.. وإعلام مهنى فريد

الوطن فى تعريف الجرجانى هو المكان الذى يجب أن يشعر فيه المرء أن له حصة من خيره، ولا يشعر فيه بالتهميش أو الظلم، ومن ثم يتولد داخله ذلك الانتماء الذى يمكّنه من الدفاع عنه وبقناعة كاملة.. ومن ثم فالوطن ليس شعارات ولا هتافات.. ولا هو تاريخ أو جغرافيا فقط، ويقول محمود درويش إن الوطن ليس أرضاً فقط ولكنه الأرض والحق معاً.. لقد اختلفت الشرعيات التى تحكم الأوطان.. وكان آخرها الشرعية الدينية التى حكمت أوروبا طويلا ثم عندما سقطت بحث الجميع عن شرعية بديلة يقوم عليها الحكم السياسى وتتحدد على أساسها مسؤوليات الحاكم والمحكوم من الواجبات والحقوق.. وقد تمت صياغة هذا فى ميثاق طرحه المفكر والفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو تحت مسمى «العقد الاجتماعى».. العقد الاجتماعى فى مفهوم بسيط هو مصداقية الحكم وحقوق المواطنة.. معادلة صعبة وأزعم أنها لا تتحقق بالكامل فى أعرق الديمقراطيات مثل إنجلترا وفرنسا..

قواعد العقد الاجتماعى الذى تحتاجه مصر أولوياته هى الوطن ثم المواطن ثم النظام

فإننى أزعم أن كل فيديوهات التحريض والسباب وتناغم نشطاء بأجندات فى توقيت واحد لن يحرك المصريين ضد النظام.. لكن فى المقابل لا بد من صيغة جديدة للحكم تعتمد المصداقية والشفافية.. بمعنى أن الدولة عليها تغيير أولوياتها فى الفترة القادمة.. وقف الاقتراض والانحياز للفقراء.. رعاية طبقة متوسطة أضرها التعويم وانهيار البورصة ورفع الدعم وتوقف المصانع وانهيار الإنتاج وتراجع التعليم والصحة.. نطالب بعقد اجتماعى جديد.. وندعو لتشكيل مجلس خبراء على مستوى عالٍ يدير اقتصاد الدولة باحتراف؛ بحيث يدر عوائد حقيقية ترفع قيمة الجنيه الذى انهار تماماً.. لا بد من مستشار سياسى أو أكثر لأن أولى الأمر يعتقدون أن السياسة مفسدة مع أنها المفروض أهم أدوات الحكم.. المصريون لا يهمهم من يحكم ولا كم عاما سيظل فلا أحد طبقاً للعرف يمكنه منافسة الحاكم.

أسلوب التعتيم فى إدارة الصحافة والإعلام خطر حقيقى.. لا بد من فتح نوافذ لأصوات معارضة وطنية وهى كفيلة بطرد الهواء الفاسد الذى دخل الغرفة.. أخطر شىء يفعله الإعلام الآن هو تصنيف المصريين إلى شرفاء وعملاء.. هذا يزيد الاحتقان.. واجب الإعلام أن يشرح للناس العائد من إنفاق التريليونات على المشروعات، لأنها فلوس الشعب.. الإعلام عليه مناقشة سبل تسديد ديون مصر.. نفذوا إعلام المواطن.. رجل يشكو من اضطهاد البلدية له وآخر يشيد بمعاملة آدمية فى قسم الشرطة.. مواطن رفض المستشفى دخوله إلا بعد دفع ١٠ آلاف جنيه، وآخر يؤكد أنه أجرى قلب مفتوح فى معهد إمبابة دون مقابل.. والله سهلة وإحنا بنحب بلدنا وليس لنا مكان آخر غيره ولا نصدق المغرضين.. لكن الإعلامى الذى يحتقر عقولنا وآدميتنا ويعايرنا بأن حمايتنا عبء على الدولة عليه الرحيل.


السبت، 21 سبتمبر 2019

معنى "احترام الآخر" والاحترام

إن "احترام الآخر" مفهوم رئيسي من مفاهيم الدولة الحديثة القائمة على مفهوم المواطنة، الذي يعني تساوي الأفراد أمام القانون بغضّ النظر عن عقيدتهم أو لونهم أو عرقهم أو نسبهم العائلي أو لسانهم، ولهذا فهو المفهوم الرئيسي المؤسس للتعايش السلمي بين الأفراد المختلفين والمجموعات المتباينة في المجتمع العصري، وانبثق من هذا المفهوم مفهوم آخر هو "العيش المشترك" الذي يقتضي احتراما متبادلا في إطار المساواة التامة.

 اعتماد منطق الأغلبية في مقابل الأقلية، عوض النظر إلى المواطنين جميعا بصفتهم أعضاء متساوين في مجتمع، وفي إطار دولة ترعى مصالحهم جميعا. ولعل هذا هو السبب الرئيسي لاحتقار الأقليات الدينية في المجتمعات الإسلامية، حيث تعتبر أقليات عليها الخضوع للأغلبية المسلمة والتواري عن الأنظار وعدم التمظهر بطقوسها وعباداتها خشية انتقام الأغلبية.(مع العلم أن هذا المنظور ينقلب رأسا على عقب عندما يتعلق الأمر بالأقليات المسلمة في دول أخرى، حيث تطالب الدول الإسلامية باحترامهم ومنحهم كل الحقوق).

 النظر إلى الآخر المختلف باعتباره شرا وحالة انحراف، وعدم استيعاب ما يمثله من غنى بالنسبة للذات.

ـ اعتبار أن الحقيقة محدّدة سلفا وبشكل نهائي في دين معين، أو رواية تاريخية محدّدة، عوض اعتبار الحقيقة بناء وجهدا عقليا مشتركا وسعيا نحو العلم والاكتشاف اللانهائي.

أحمد عصيد

+++++++++++++++++++++++

الجمعة، 20 سبتمبر 2019

الطباعة حرام، الطباعة حلال

قبل أن يصير ِ الكتاب والصحيفة
اليومية والمجلة وغيرها من
الوثائق المطبوعة جزءا من تفاصيل
حياتنا اليومية، كان عليها أن ّ تمر أولا
عبر أعين الفتاوى التي ظلت تشهرها
خلال قرون طويلة، البنية المحافظة ضد
كل جديد َتشعر أنه قد يخلخل نظامها
أو ّ يمس به.

ولعل الدولة العثمانية تشكل
النموذج الأكبر في هذا الإطار، خصوصا
أنه كان يفترض فيها، بحكم موقعها
الديني والسياسي خلال اللحظة
التاريخية، أن تشكل الممر الأساس
بين الثقافات الأوروبية والعربية
والإسلامية. غير أنها، ولأكثر من سبب،
اختارت أن تكون الحاجز المنيع أمام
دخول الطباعة.
في أواخر القرن السادس عشر،
سيصدر السلطان العثماني مولاي
بايزيد الثاني قرارا يقضي بتحريم
الطباعة على رعاياه المسلمين.

يتجلى المؤشر الأولى في كون
حركة الإصلاح الديني في أوروبا

كانت هي أولى الحركات الدينية التي
حظيت بالدعم على مستوى الطباعة في
إطار مواجهة الأتراك، حيث تم اعتبار
الطباعة من طرف رجال الكنيسة
هبة
من السماء ودليلا على تفوق الغرب
على قوى الكفر
، كما تؤكد ذلك الباحثة
إليزابيث آيزنشتاين في كتابها
الطباعة
عامل التغيير
.
والأكيد أن تحريم الطباعة لم يكن
وصفة محصورة على العثمانيين.
إذ أن علماء الأزهر لم يكونوا بمنأى
عن الموضوع، حيث أصدر بعضهم
فتوى بتحريم طباعة الكتب الشرعية،
بدعوى كونها ّ تحرف العلوم، أو بحكم
كون
مواد الطباعة منافية للطهارة،
أو بدعوى عدم جواز ضغط آيات الله
بالآلات الحديدية، واحتمال وقوع خطأ
في طبع القرآن
.
تأسيس أول مطبعة عربية
بإسطنبول كان بعد عقود عن
صدور قرار تحريمها من خلال
فتاوى بعض الشيوخ


البيت والعمل والاسرة

سيكولوجية البيت والعمل
خليل فاضل

معظم حياة الإنسان لا تكاد تخرج عن إطار الذهاب إلى عمله والعودة إلى بيته، فإذا كان العمل مزعجًا مليئًا بالمشاكل، والبيت كله هموم وخلافات، فإن الحياة تتحول إلى جحيم، وفى هذا المضمار شاعت نكتة بين زملاء العمل، حيث كان الموظف متكاسلاً فى أداء وظيفته، فما كان من رئيسه إلا أن قال له: (اذهب إلى الجحيم) Go To Hell ولما وصل إلى البيت مبكرًا استغربت امرأته الأمر وسألته: خير؟ فأجاب: أبدًا لقد قال لى رئيسى (اذهب إلى الجحيم، فأتيت إلى هنا)!.

 تعثرك الوظيفى، مع عدم الإشباع الوظيفى، الذى يخلق حالة من عدم الرضا، طبعًا السيناريو السابق ليس الوحيد، فهناك من يعمل لبضع ساعات، لكنه يأخذ عمله معه البيت، أو يقضى معظم وقته على المقهى، أو على الإنترنت فى البيت مهملًا أسرته.

هناك فى العمل أسباب أخرى تسبب الضغوطات النفسية والجسدية، مثل التنمر، الإدارة الرخوة أو المتشددة، عدم وجود مُسمَّى وظيفى واضح، أو أن يُنسب عملك ومجهودك لآخر يجهل بكل تلك الأمور، كما قد تكون بيئة العمل غير صحية، كعدم التهوية، عدم وجود تكييف فى عز الصيف، الضوضاء غير المحتملة، كذلك فإن مجتمع النميمة يلعب دورًا فى (المقالب) التى تدبر علنًا وفى الخفاء، وهناك بيئة إلقاء اللوم على الآخرين دائمًا، والتنصل من الأخطاء.

الحل لكل ذلك لا بد أن يشمل تنظيم الوقت، تحسين التواصل بين أفراد الفريق الواحد وبينه وبين الفرق الأخرى، وخلق بيئة طبيعية صحية يتنفس فيها الجميع ويتداركون تلك العيوب التى تشمل علاقات العمل غير المنضبطة.

من هنا قد يذهب أو تذهب الزوجة إلى بيت ملىء بالمشاكل؛ فالابن الأكبر يريد سيارة جديدة والأب لا يتمكن من ذلك الآن لأنه اشترى له شقة، لكن جيل هذه الأيام لا يريد عقارًا، معظمه يريد السفر والمال ثقافة الثراء السريع).

فالخناقات الزوجية التى لا تنتهى، جو البيت الملىء بالخصام والعزلة، القلق الذى ينتشر فى هواء المنزل، عدم الراحة، ضيق ذات اليد ومأزق الدخول فى جمعيات وتقسيط أجهزة، عبء المدارس الخاصة بأتوبيساتها التى أصبحت غالية جدًا، وجود أحد الجدود فى المنزل ببعض صفاته التى فيها عدم صبر وتحكم فى سير الأحوال، عدم الاتفاق على أى شىء، القلق الزائد على توافه الأمور، هنا يجب أن نتفادى المعارك الزوجية أمام الأطفال، لأن ذلك يترك أثرًا سيئًا من الصعب محوه،

الشدائد هى- فقط- التى توحد الأسرة، لا بد أن نجلس مع بعض كلنا كأسرة، ولو مرة واحدة فى الأسبوع (يوم الجمعة مثلًا)، الأسرار تقتل الجو الأسرى، كما يؤذيه الغموض والتستر على أمر ما مثل (الإدمان)، لازم ولا بد من عطلة وليس بالضرورة أن تكون مكلفة، ولا بد من التفاؤل مهما كان الأمر صعبًا.

الأربعاء، 18 سبتمبر 2019

أعظم اختراع في التاريخ

 الكهرباء، وآخرون يقولون البنسلين، ومنهم من يقول التلفون، وأكثرهم حداثة يقول الكمبيوتر، وتطول تلك القائمة بتعدد وجهات النظر والقناعات، إلا أننا لو أمعنا النظر، لوجدنا أن الكتابة والقراءة هي أم كل هذه الاختراعات، فلولا الكتابة لما استطاع الإنسان أن يدون ويسجل تلك الاختراعات لتصبح أفكاراً تطبيقية خدمة للبشرية جمعاء، ولولا التدوين لبقيت أفكار تلك الاختراعات حبيسة العقول التي فكرت، وماتت مع موت مبتكريها، لولا الكتابة لأصبح تاريخ البشرية مجهولاً، والقصص والروايات المنقولة شفهياً ستتغير وتحرف مع الزمن بحسب ذاكرة الرواة، فالكتابة كانت السجل الحافظ للذاكرة البشرية والمفتاح الذي فتح أبواب التقدم الحضاري وتطور الإنسان.

القراءة تزيد من معارفنا وتصقل شخصيتنا، وتطلق لساننا، وتقوي حججنا وتحفز إبداعاتنا، وتجدد حياتنا وتنعشها وتوسع من الآفاق، نرى بها العالم، وتزيد من فرص نجاحنا ليس على مستوى العمل فحسب، بل في علاقتنا الاجتماعية وصداقاتنا، والقراءة مفتاح النجاح الذي استخدمه العباقرة والمفكرون الذين تنعم البشرية بعصارة أفكارهم، وندين لهم بالتقدم والإبداع في مجالات الطب والتكنولوجيا والعلوم الحياتية والإنسانية، وهي أداة التطور والرقي الإنساني، ومنهل السعادة وسرها.

يرى علماء النفس أن الأطفال الذين يقرؤون في سنّ مبكرة من العمر أو الذين يُقرأ عليهم في هذه المرحلة من العمر، يكونون في وضع نفسي أفضل، ويستطيعون تطوير مقدراتهم على التصوّر أفضل من أولئك الأطفال الذين تُروى عليهم القصص والحكايات في وقت متأخر، وعندما تروى للأطفال هذه القصص في سنّ مبكرة، تحقق مفعولها في صياغة حياتهم وتطورهم.
وكشفت دراسات طبية، أن التحفيز الذهني يحد من تطور مرض الزهايمر والشيخوخة، وقد يقي منه أحياناً، والقراءة هي أحد أهم محفزات ومنشطات الدماغ، فهو مثل أي عضلة في جسم الإنسان، تحتاج إلى تمارين لتبقيه نشطاً وصحياً، والقراءة وحل الألغاز والألعاب التي تحتاج إلى تركيز عالٍ مثل الشطرنج كلها تمارين محفزة ومنشطة له.
إن تطوير مهارة الكتابة مرتبط بكمية المفردات اللغوية التي يطّلع عليها القارئ، ونمط وجودة الكتابة تتأثر بشكل كبير بنوعية وكمية الكتب المقروءة، بالطريقة ذاتها التي يتأثر بها الموسيقيون بأعمال بعضهم الفنية، واستعانة الرسامين بتقنيات الرسامين الكبار لتجميل إبداعاتهم، كذلك الكُتاب يتعلمون تجويد كتاباتهم من خلال قراءة واستنباط أعمال غيرهم.
تبقى القراءة خياراً مفتوحاً لمن يريد المعرفة والمتعة، لذا يجب أن نقرأ بعقل مفتوح، يحرص على التنوع، بهذه الطريقة فقط، سنتمكن من غربلة الأفكار المبدعة من الهدامة والغث من السمين، فطالما نجح أصحاب الأفكار المريضة في نقل فيروساتهم إلى العقول الضعيفة الواهنة، مستغلين خواء وقلة المعرفة والمعلومات، وبالتالي دفعهم ذلك إلى الهاوية والأعمال اللاإنسانية، بدل الأفكار البناءة التي تسعى إلى خير وسعادة البشر، والعذر الواهي بعدم وجود وقت للقراءة حجة غير منطقية، فكما نجد وقتاً لإطعام أبداننا، يمكننا إيجاد وقت لتغذية عقولنا.
رائد جباري


الكم والكيف

السواد الأعظم من الناس من ينظر إلى صاحب الكم 
إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله
الفئة القليلة من تهتم بالكيف
الكم هو الكثرة
الكيف هو الجودة

++++++++++++++++++++++++++

التعليم بين (الكم) والكيف

 الزيادة في عدد السكان يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً في تحقيق التنمية الوطنية إلا إذا رافق هذه الزيادة ارتقاء بـ(نوعية) هذا العدد السكاني، من حيث جودة ومستوى ما لدى السكان من معرفة ومهارات وقيم وسلوكيات حضارية.

صراع الكم والكيف نجده بوضوح في التعليم كذلك ، فمثلاً بالغت مناهجنا في عدد صفحاتها على حساب ما يكتسبه ويتعلمه الطالب فعلاً من مهارات وقدرة على التفكير. بل إن فيروس الكم طال حتى الرسائل العلمية الجامعية ، فبعضها يصل عدد صفحاتها إلى الألف، في المقابل تذكروا أن عدد صفحات الرسالة العلمية التي حصل بموجبها العالم الفذ أنشتين على جائزة نوبل لم يتجاوز تقريرها ثلاثين صفحة.

الإبداع بين الكم والكيف

أكثر الكتب العلمية المليئة بالحشو، ألفها أساتذة جامعيون، وما أكثر الكتب ذات المؤلف الواحد التي تتكرر موضوعاتها مع اختلافات بسيطة في الترتيب والتبويب ليقال إن الأستاذ الفلاني له قائمة طويلة من الكتب والمقالات.



مصر الأولى فى عدد مستخدمى الإنترنت بالشرق الأوسط التجارة الإلكترونية

 سناء عبد الوهاب    ١٨/ ٩/ ٢٠١٩

قالت هالة الجوهرى، الرئيس التنفيذى لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات «إيتيدا» إن سوق التجارة الإلكترونية تنمو بشكل متسارع، ليس فقط فى مصر، ولكن فى جميع أنحاء العالم، حيث بلغ عدد الأشخاص الذين يقومون بالتسوق عبر الإنترنت حوالى ١.٨ مليار شخص، العام الماضى، ومن المتوقع أن يتجاوز ١.٩ مليار بنهاية العام الجارى، وهو ما يقرب من ربع سكان الأرض.
وأضافت «الجوهرى»، خلال كلمتها فى افتتاح النسخة الثانية من قمة التجارة الإلكترونية، أن مصر تعد واحدة من أهم أسواق المنطقة ومن الدول الواعدة لنمو التجارة الإلكترونية، حيث تحتل المرتبة الأولى فى عدد مستخدمى الإنترنت فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بأكثر من ٥٠ مليون مستخدم، معظمهم من فئة الشباب، وهو ما يعزز من نمو قطاع التجارة الإلكترونية محليًا، ويسهم فى دفع جهود التحول الرقمى والشمول المالى فى مصر.

 دعم الإبداع وشباب المبدعين فى مجال التجارة الإلكترونية، وتوفر الدعم اللازم للشركات الناشئة المحلية، حيث رعت ودعمت ١٩ شركة ناشئة تعمل فى مجال التجارة الإلكترونية منذ عام ٢٠١٣.
وقال الدكتور محمد حجازى، رئيس اللجنة التشريعية للاتصالات بمجلس النواب، إن هناك حاجة ملحة لقانون المعاملات الإلكترونية، نظرًا لدوره الفعال فى تحقيق عملية التحول الرقمى بطريقة سليمة، منوها بضرورة توافقه مع القوانين الدولية ودور تلك القوانين فى تحفيز الاستثمار، حيث إن القانون معنى بتحديد الهوية الرقمية والمصادقة الإلكترونية على التعاملات قانونيًا، لضمان حماية المواطنين. وعن قانون المعاملات الإلكترونية ودوره فى تمكين صناعة التجارة الإلكترونية، أشار محمود فوزى، المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب، إلى الوضع فى المنطقة العربية للتشريعات القانونية عن التجارة الإلكترونية، لافتا إلى أن عددا من الدول العربية سبقت مصر فى وضع القوانين لتسهيل المعاملات الإلكترونية، وهناك بنية تشريعية قانونية لتنظيم التجارة الإلكترونية، لذلك أطلقت الهيئة منذ ٣ سنوات عددا من القوانين التشريعية.

 التجارة الإلكترونية

توقعت تقارير حديثة أن ينمو حجم قطاع التجارة الإلكترونية فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى ٢٨.٥ مليار دولار بحلول عام ٢٠٢٢، مرتفعًا من ٨.٥ مليار دولار عام ٢٠١٧.

ووفقا للتقارير تمثل منطقة الخليج العربى مع مصر ٨٠% من حجم التجارة الإلكترونية فى الشرق الأوسط بمعدلات نمو سنوية تزيد على ٣٠%، وتتجه مواقع التجارة الإليكترونية لإطلاق حملات تخفيضات فى شهر نوفمبر من كل عام، فيما اصطلح على تسميته بالجمعة السوداء أو البيضاء، والتى تشهد عروضًا بتخفيضات تصل إلى ٧٠%، من مختلف المنتجات.

قال حسين وهدان، مدير التخطيط التجارى بشركة جوميا، أعلى هامش مؤتمر إطلاق تخفيضات بلاك الفرايداى، إن الشركة تستهدف إطلاق أكبر موسم تخفيضات «بلاك فرايداي» فى تاريخها، لأكثر من ٣٠٠ ألف عرض وأكثر من ٧ آلاف عارض.

٤٨ مليون مستخدم للإنترنت فى مصر تقل أعمارهم عن ٣٠ عامًا ولديهم هاتف ذكى أو كمبيوتر، وهو ما يعكس فرصا هائلة لنمو الشركة لإحداث طفرة فى قطاع التجارة الإلكترونية فى مصر.

أوضح أن شركته ستطلق عروض الجمعة الصفراء يوم ٢٤ نوفمبر الجارى وتستمر لمدة أسبوع كامل، وتتضمن تخفيضات تصل إلى ٨٠% على مختلف المنتجات.
فى نفس السياق قال عمر الصاحى مدير سوق دوت كوم مصر ان شركته المملوكة لمجموعة امازون الأمريكية لخدمات التجارة الإلكترونية تتعاون مع جهاز حماية المستهلك لزيادة ثقة العملاء فى التجارة الإلكترونية.




علميا: لا تسع نحو الأفضل!

بعض الناس يسعون باجتهاد ليكونوا "رقم واحد"  في كل جانب من جوانب حياتهم .. فيسعون لامتلاك أفضل موبايل.. وأفضل سيارة.. والسكن في أفضل منطقة في أفضل عقار.. لتحقيق أقصى سعادة ممكنة.. أتحدث هنا عن الذين يسعون للحصول على الخيار المثالي الأول، لا الخيار الممتاز أو الجيد أو الذي يؤدي الغرض أو يشبع الحاجة.. هؤلاء الذين يفتحون التلفزيون ليشاهدوا برنامجا ما، فينظروا للقنوات الاخرى ليتأكدوا أن خيارهم هو الخيار الأمثل.. و إذا اختاروا طريقا ما في حياتهم، يسعون بجد لمعرفة ما آلت إليه أمور الذين اختاروا مسارات أخرى ليتأكدوا أن خيارهم هو الأفضل، و ليس أي خيار آخر.

 قام الباحثون  بدراسة هذه الظاهرة ، لمعرفة العواقب النفسية التي تصاحب من يعيشون حياتهم بهذه الطريقة.. و كانت النتيجة مفاجئة. فقد وجدوا أن سعي الإنسان الدائم ليحصل على أفضل الخيارات الممكنة في حياته اليومية، له علاقة بإصابته بـ: - قلة  السعادة - ضعف التقدير الذاتي  - قلة التفاؤل - تضاؤل الرضا عن الحياة - زيادة الاكتئاب - الشعور المتكرر بالندم!

 في دراسة.. أراد العلماء معرفة  الإجابة..فجاؤوا بمجموعة من الناس و قسموهم لمجموعات.. جعلوا مجموعة يختارون الشراء من بين ٦ أنواع من الحلوى. و جعلوا مجموعة ثانية يختارون من بين ٣٠ نوعا من الحلوى. فأيهما كان سعيدا أكثر بما اشتراه؟
من المفترض أن المجموعة الثانية ستكون أكثر سعادة لأنها تمتعت بخيارات أكثر.. إلا أن الحقيقة كانت عكس ذلك.. و هي أن أفراد المجموعة الأولى كانوا هم الأكثر رضا عما اشتروه. فما هو السبب؟
علميا، حين يواجه الإنسان قرارات أقل، يكون اتخاذه للقرار أسهل. فحين تزيد الخيارات أمام الإنسان يواجه عقله عدة تحديات، و هي أن عليه جمع معلومات أكثر ليستطيع المقارنة من بين كل هذه الخيارات، كما ترتفع توقعاته و تطلعاته لوجود خيارات كثيرة، كما أنه يكون أكثر عرضة للندم بعد ذلك، لأنه يعرف أن الخيارات لم تكن محدودة و كان يمكنه اختيار الأفضل!
  في عالم اليوم، أصبحت الحياة أكثر تعقيدا و تشعبا و ازدادت الخيارات أكثر مما كان عليه أسلافنا في الماضي.. فعندما كنت تجلس في المقهى قديما كنت تختار شرب الشاي أو القهوة مثلا.. أما اليوم، حين تجلس في الكوفي شوب سيكون عليك الاختيار من بين عشرات أنواع شاي و عشرات أنواع القهوة.. فهل تفضل شاي الإفطار الإنجليزي أم إيرل جراي أم شاي أخضر أم أبيض (نعم هناك شاي أبيض!) و هل تريد الفرابتشينو أم الموكا أم اللاتيه؟ صوص الكراميل أم البندق أم الشيكولاته أم التوت الأزرق أم الكرز أم النعناع؟  كل هذه القرارات في مكان تقصده أصلا كي ترفه عن نفسك و تستريح ذهنيا!
 لو كنت تنشد القرار الصحيح في كل جوانب الحياة، فلن تكون راضيا أبدا لأن هذا -ببساطة- غير موجود. كل شيء -مهما دققت الاختيار- فيه حتما عيوب ما. لو لم تستطع تقبل أن ما اخترته فيه عيوب يمكنك التغاضي عنها، فلن تكون سعيدا أو راضيا عن حياتك أبدا.. لأنك إن كنت اخترت خيارا آخر، كنت ستجد فيه عيوبا أخرى و تظل غير راض.. إنها طريقة تفكير يا عزيزي!
خذ الأمور ببساطة و ركز في ما هو مهم. فليس من المفيد أن يقضي المرء وقتا أطول من اللازم أمام رف السوبرماركت ليقارن عشر سلع متطابقة في الجودة و المكونات و السعر ليحاول معرفة الأفضل.. بدلا من أن يشغل باله في كيفية تطوير نفسه مهنيا مثلا.
باختصار..
 في عالم اليوم، صارت الخيارات المتاحة لنا كثيرة جدا بحيث أصبح واجبا علينا ترشيد استهلاك قوانا العقلية للتركيز فيما هو أكثر أهمية. هناك أشياء مهمة تستحق أن نولي لها جل اهتمامنا و تركيزنا، و أخرى يمكن أخذها ببساطة دون حاجة لإثبات تفوقنا فيها. من المهم أن تسعى لتكون الأفضل في مجال يهمك، و من النضج أن تقبل أن تكون العاشر في مجالات كثيرة لا تهمك. اسع لتحقيق سعادتك الخاصة، لكن السعي نحو تحقيق"أقصى سعادة ممكنة" مرهق نفسيا و قد يأتي بنتائج عكسية..
لا تسع للكمال و امتلاك أفضل شيء طوال الوقت.. فالأهم من الموبايل ما سيقال فيه، و الأهم من السيارة المكان الذي ستذهب بها إليه.. ليكن جل اهتمامك في أهداف حياتك الكبرى. بدلا من الإصرار على التفوق الدائم في الصغائر..  لذلك قيل يوما: لا تجعل أغلى ما فيك هو ما ترتدي!

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

السبعينيات والتنظيمات التكفيرية محمود الوروري

اعتبرت السبعينيات المرحلة التي تحولت فيها أفكار العنف والتكفير والقتل إلى أفعال حقيقية مجربة.
فقد وجدت أفكار سيد قطب في الخمسينيات والستينيات وحتى إعدامه في 29 أغسطس/أب عام 1966 في السبعينيات من ينزلها إلى أرض الواقع في شكل تنظيمات إرهابية تبدأ من تكفير الحاكم وحتى المجتمعات.
فلماذا السبعينيات؟
عودة إلى فكرة السياق التي طرحتها في مقال سابق- وأقصد هنا السياق الزمني- وفيه سأركز على صدمة الستينيات أو خيبة الستينيات، خصوصا نصفها الثاني الذي ظهر في هزيمة 1967 أمام إسرائيل، هذه الهزيمة لم تكن هزيمة عسكرية فقط وإنما كانت مجموعة من الهزائم "العسكرية، النفسية، الفكرية، المجتمعية".
الهزمية الفكرية تأتي من سقوط "فكرة القومية العربية" التي عمل عليها الرئيس المصري عبدالناصر باعتبارها مشروع خلاص حقيقي من الخطر الخارجي المتمثل في إسرائيل، والخطر الداخلي المتمثل في فكرة الشتات بين الأمة وفروعها. هذه الهزيمة وصلت إلى كل بيت عربي وإلى كل قلب عربي، وطالت الجغرافيا العربية ولم تقف عند حدود مصر، وضاعت سيناء في مصر، ضاعت الجولان في سوريا، والقدس الشرقية في فلسطين.
خلقت تلك الصدمة خلخلة في النفوس خصوصا جيل الشباب، وولدت كفرا كاملا بكل ما قاله عبدالناصر، من هذه الخلخلة تسرب خبث جماعات الإسلام السياسي خصوصا تنظيم الإخوان المسلمين، حيث ركبوا هذه الموجة الغارقة في الإحباط لتمرير أفكارهم بهدف التشفي والانتقام من العهد الناصري.
الهزمية الفكرية تأتي من سقوط "فكرة القومية العربية" التي عمل عليها الرئيس المصري عبدالناصر باعتبارها مشروع خلاص حقيقي من الخطر الخارجي المتمثل في إسرائيل، والخطر الداخلي المتمثل في فكرة الشتات بين الأمة وفروعها، هذه الهزيمة وصلت إلى كل بيت عربي وإلى كل قلب عربي، وطالت الجغرافيا العربية ولم تقف عند حدود مصر
وظهرت فكرة أن "الإسلام هو الحل"، تلك الفكرة التي قال لي أحد رموز هذا المرحلة إن الشباب كان يعلنها في الجامعات، "طالما أسلحتكم أتت لنا بالهزمية والنكسة دعونا نجرب وحدة الدين والإسلام "
 العامل الثاني الذي جعل حقبة السبعينيات حقبة التنظيمات العنيفة، هو حالة التحول السياسي بين نظامين، موت عبدالناصر ووصول السادات إلى السلطة.
ثمة أحداث وقعت في بداية العهد الساداتي جعلته يقع في الفخ الذي نصب له وهو الارتماء في الحضن الإسلاموي، وهنا سأسوق تلك الواقعة لأنني أراها مفصلية، وهي مظاهرات الطلبة في الجامعات المصرية عامي 1972 / 1973.
أولاً المناخ العام في مصر، الذي كان جاذبا لكل الأفكار في العالم العربي، باعتبار مصر تقود ما سمي وقتها بالصحوة الإسلامية. فصحوة مصر الإسلامية في السبعينيات كما كانوا يقولون جذبت بعض العناصر غير المصرية من الخارج، وهنا المفارقة المهمة:
لقد خرجت الأفكار العنيفة من عقل سيد قطب ومن قبله أبو الأعلى المودودي الباكستاني، لكنها تحولت إلى أفعال حين خرجت عن الحدود المصرية، ثم عادت عبر أشخاص غير مصريين.
وهنا سأتحدث عن تنظيمين وشخصيتين بالأسماء والأدلة، كان لهما دور كبير في تأثيث التنظيمات العنيفة أولهما :
"صالح سرية" وتنظيم "الفنية العسكرية" 1974 :
هذا التنظيم صنف باعتباره أول تنظيم جهادي إسلامي انقلابي في مصر، كما صنف أيضا كأول محاولة انقلاب عسكري ضد السادات، وأسفرت عن مقتل 17 وإصابة 65- وقعت يوم 18 إبريل/نيسان 1974- بعدما اقتحم عدد كبير من أفراد هذا التنظيم مستودع الكلية الفنية العسكرية، واستولوا على أسلحة بقيادة الإرهابي صالح سرية.
 كان هدفهم قتل الرئيس السادات من أجل إعلان ولادة "جمهورية مصر الإسلامية"، لكن هذه المحاولة فشلت، وعرفت فيما بعد تلك الخلية الإرهابية باسم "تنظيم الفنية العسكرية" وقبض عليهم وتم إعدامهم.
وهنا النقطة المهمة، وهي أن "صالح سرية" ليس مصريا، وإنما فلسطيني ويمثل نموذجا واضحا جدا لفكرة الإخوانية العابرة للحدود، فهو فلسطيني النشأة، عراقي التكوين، إخواني العقيدة، جاء إلى مصر ليحقق ما تمناه، وهو جمهورية مصر الإسلامية.
هو خلاصة فكر سيد قطب تماما مثلما نجح الخميني في نهاية السبعينيات في تأسيس هذا النموذج، وهو "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وأيضا متأثرا بأفكار سيد قطب .
كان أول مؤلف له "بين الاتباع والتقليد" في 1956. وتلقى علما شرعيا على يد السلفي عبد الكريم الصاعقة، ثم محمد محمود الصواف، وهو من قيادات حركة الإخوان في العراق، وانخرط مبكراً في العمل العسكري في صفوف الثورة الفلسطينية، مؤسساً مع رفاق له "جبهة التحرير الفلسطينية" في 1959، والتي انضمت لاحقاً إلى حركة فتح، وحافظ على علاقات وثيقة مع الراحل ياسر عرفات.
انضم إلى "الإخوان المسلمين" في العراق، وكان قائداً في جناحها العسكري، وضابطا برتبة نقيب في "فوج التحرير الفلسطيني" الذي شكله الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم 1961.
وباعتباره عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، حضر "سِرّية" اجتماعات القاهرة في 1968. وبعد إطاحة البعثيين بعبد الرحمن عارف في 1968، وتورط التيار الإسلامي في محاولة اغتيال أحمد حسن البكر، غادر العراق إلى سورية ثم إلى القاهرة في 1971، لينال درجة الدكتوراه من جامعة عين شمس، عن أطروحته "تعليم العرب في إسرائيل" عام 1973.
لم يضيّع "صالح سرية" حال وصوله إلى القاهرة أي وقت، فاتجه مباشرة إلى منزل السيدة زينب الغزالي التي لعبت دوراً أساسياً في تقديمه إلى المرشد العام المستشار "حسن الهضيبي"، وتعريفه بمجموعات الشباب الجديد، ومنهم "طلال الأنصاري" و"إسماعيل الطنطاوي" و"يحيى هاشم" من قيادات حركة الجهاد الإسلامي المصري الذين كون بهم "تنظيم الفنية العسكرية".
وقتها تبرأ منه الإخوان إلا أن هناك مفاجأة فجرها طلال الأنصاري في مذكراته، وهي أن تنظيم "الفنية العسكرية" كان في الأساس ضمن تحرك كبير من الإخوان المسلمين لمحاولة تقويض نظام السادات، ولكن بطريقة مختلفة، فلو نجح "صالح سرية"، وصنع انقلابا ناجحاً تبناه الإخوان وسيطروا بذلك على الحكم، ولو فشلت المحاولة أنكرها الإخوان وقالوا إنها محاولة فاشلة من شباب متحمس غير مسئول، ويتحملون هم نتيجة فعلهم وحدهم.
++++++++++++++++++++++
تجليات حقبة السبعينيات في فهم ظواهر الواقع المعاش "1"
ثمة قاعدة تحليلية في فهم وتفسير الواقع المعاش تقول: إذا أردت أن تفهم حاضرك عد أنت إلى ماضيك، وقتها سيصبح الحاضر الغامض واضحا وضوح النهار "لذا سأحاول أن أطبق تلك القاعدة في فهم بعض معضلات الحاضر المعاش التي تؤثر سلبا على مكونات مجتمعاتنا العربية وعلى مؤسساتنا وحتى ديننا وفكرنا.
إنها ظاهرة التشدد والتنظيمات العنيفة المختفية خلف قناع ظاهرة الإسلام السياسي، وأبرزها أو أخطرها جماعة الإخوان التي كانت رحما حراما فرخت لنا منظمات فكرية دموية تحت رداء "سيد قطب" وفكرته الجهنمية "الحاكمية" التي طورها عن حاكمية أبو الأعلى المودودي وجعلها تتسع لتشمل تكفير الحاكم والمجتمع والشعب، ومنها خرج كثير من التيارات العنيفة التي طورت وزادت على هذه الفكرة حتى وصلنا إلى رأس التل الحالي المتمثل في "داعش"، لكن جسد التل المخفي لا يزال يحوي كثيرا من العلل.
كثيرون أيضا في دراسة أي ظاهرة يؤمنون بفكرة السياق بكل تشعباته، السياق الزمني والتاريخي والسياسي والفكري، وهنا فكرة التطور والتراكم تصبح جلية جدا تبعا لمقاييس هذا الاتجاه.
وأنا أؤمن بالسياق الزمني أو كما أسميها البيئة الحاضنة للحدث الدائر، انطلاقا من المبدأ الطبيعي "الأشياء ابنة بيئتها" والأحداث والظواهر أيضا ابنة بيئتها؛ لذا القضية الحاسمة في فهم الحاضر بالرجوع إلى الماضي تتحدد باختيار المحطة التي تريد العودة إليها لتجد الجذر الحقيقي للظاهرة المراد تفسيرها.

السلفية والتنوير هشام النجار الباحث الإسلامى

هشام النجاركاتب مصري  

معاداة التنوير سلاح السلفية لخلق الفتن الطائفية   

سلفيو مصر يتعمدون استفزاز الأقباط لجر المجتمع إلى حروب تنطق باسم الدين
تطبيق متعصب لقاعدة
الأمر بالمعـــــروف والنهي عن المنكر،
إلى الاعتداء على أفراد من الطائفة
القبطية،
لا يوجد دين يسمح بالتطور وآخر
يمنعه، فقد استفاد الغربيون من
اصطدام مشروعهم التنويري
في البداية بالأصولية المسيحية
المتزمتة لينطلقوا في صنع
حضارتهم ونزعتهم الإنسانية
مشروع التنوير
قد تم استكماله وإتمامه والبناء عليه في
أوروبـــا عبر جهـــود جماعية أفرزت هذه
الحالـــة من التفوق الحضاري والســـمو
الإنســـاني، في حين لم يستكمل المشروع
في الحالة الإسلامية، حيث يتم غلق باب
الاجتهاد والتجديد بعد محاولات فتحه،
علاوة على أن التجديد يجري عبر جهود
فرديـــة مســـتهدفة باســـتمرار بالملاحقة
والتضييق والتشويه.
توصل الإمـــام الراحـــل محمد عبده
مبكرا إلى صياغة رؤية إســـلامية كفيلة

بترجمـــة مبـــادئ الإســـلام ومفاهيمـــه
إلـــى أخلاقيـــات منتجـــة
للتعايـــش والحـــس
المشـــترك للمواطنة
والتكافل الإنساني

والحـــرص علـــى المصلحـــة العامـــة،
ومحاربـــة الفســـاد والرشـــوة والكـــذب
والنفاق الاجتماعي.
ورأى أن الدين لا يحتاج إلى ســـلطة
تحميـــه ولا إلى جماعة سياســـية تدافع
عنـــه، وأن الإيمان لا يحتـــاج إلى حماية
من أحـــد، فهو شـــأن من شـــؤون القلب
والضمير وليس هبة من أحد، سواء كان
عالما أو فقيها

وتعـــد أفضل إنجـــازات محمد عبده
الإصلاحيـــة أنه وظف النهـــي عن المنكر
لرفض الوســـاطة والســـلطة الدينية، إذ
ليس في الإســـلام ما يســـمى عند القوم
بالســـلطة الدينيـــة بوجه مـــن الوجوه،
ونجح في تحويل قيمـــة الأمر بالمعروف
من أداة لتبرير العنـــف والإكراه وإهدار
الطاقـــات في صـــراع مجتمعـــي وهمي
لا طائـــل مـــن ورائـــه، إلى آليـــة للتربية
والتعليم والتنوير والتثقيف والإصلاح
الاجتماعي، عبـــر تهذيب الأخلاق ومحو
أميـــة الشـــعوب وإيقاظ الوعـــي وإنارة
الضمائـــر وتعزيـــز القيـــم المســـتقبلية
وحرية الاختيار والإبداع


لقـــد ّتم الانقـــلاب على هذا المســـار
الإصلاحـــي فـــي مـــا يخـــص الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر وغير
ذلك من المفاهيم، بجهود التيار
الأصولي والجماعات السلفية
فانفصلت الأخـــلاق والمدنية عن
الديـــن، ونشـــط من ســـعى لجعل
المسلمين لا يملكون دينا بل الدين
هو الذي يتملكهم، بأن تصبح
القيم الأخلاقيـــة الجماعية
الواحـــدة هـــي الســـائدة
على حســـاب قيـــم الفرد
والمواطن الحر، ليتحول
الطقوســـي إلـــى عـــرف
ُ وت ّ غل الروح الإســـلامية
التـــي إن لـــم تجـــد من
الفقهـــاء والجماعـــات
الدينيـــة والمتطوعـــين
من الشعب من يقمعها
فإنهـــا تقمـــع نفســـها
بنفسها
منذ كتب الفيلسوف المصري الراحل
زكي نجيب محمود كتابه
جنة العبيطفـــي أربعينات القرن الماضـــي والغالبية
تبـــدو ســـعيدة وراضيـــة بأوضاعهـــا
المتخلفـــة، وقانعـــة بخـــدر لـــذة إظهـــار
التفوق في القضايا الجنسية باعتبارنا
أكثـــر شـــرفا وفضيلـــة، لا يـــزال أغلـــب
المســـلمين يعتقدون أن الغـــرب
خلاعة
ومجـــون ورذيلـــة وإفـــك
، وأن التحري
في شـــعر المرأة فلا يغادره غطاء الرأس
هو التمظهر الأهـــم للأخلاق، وما وصل
إليه الغربيون من حضارة ليس بالشيء
الخطيـــر والمعجـــز، فالمســـلمون لديهـــم
علماء بارعون في قراءة الكف وحســـاب
النجوم وتفسير الأحلام
السلوكيات الاجتماعية على
وسائل التواصل الاجتماعي
تكشف تباينا هائلا بين تصورات
سلفية وأصولية غارقة في أوهام
الفضيلة والتدين الشكلي،
مقابل وعي غربي تلقائي يركز
جهده على الإنسان
يبدأ طريق الخروج من نفق التخلف
بفتح بـــاب الاجتهـــاد والتجديـــد وعدم
الســـماح بغلقـــه وإدراك مـــدى التفـــوق
الحضـــاري والإنســـاني، حيـــث ينشـــر
الغرب المعروف بمفهومه الواســـع الذي
يفيض على الفقراء والضعفاء بالعطايا
والمنح ويبدعـــون في كل مجالات الحياة
بما يضمن تطويرها وتمتع الإنسان بها.
وتتحقـــق قيمـــة الأمـــر بالمعـــروف
والنهـــي عن المنكر فعليا مع رســـوخ قيم
الصدق والإتقان والعمل والحرية.
والمعـــروف الأكبـــر هـــو تحقيـــق
الكرامـــة الإنســـانية وما أنجـــزه الغرب
مـــن خـــلال التفـــوق العلمـــي والمعرفي
والمادي الذي أدى إلـــى ارتفاع هائل في
مســـتويات الرفاهية، وهو الأمر المفقود
فـــي المجتمعـــات العربيـــة والإســـلامية
التي ّ ينصب همهمـــا في أخلاق الجنس
والشكل

+++++++++++++++

باحث إسلامى: التيار السلفى تسبب فى تشويه كثير من المفاهيم الإسلامية

 التيار السلفى ساهم بشكل كبير فى تشويه صورة الإسلام، موضحا أن أحد أبرز أساليب تشويه التيار السلفى للإسلاميين تتمثل فى مبدأ التعددية الدينية فهو مبدأ إسلامى أصيل حرفة السلفيون وأدخلوا فى الاسلام ما ليس فيه من استعلاء على الآخر واضطهاده والتضييق عليه بسبب معتقده.
وأوضح الباحث الإسلامى، أن الحريات الفردية مبدأ اسلامى أصيل أدخل عليه السلفيون أمورًا شوهت صورة الإسلام ونفرت الناس منه، وكذلك الحال فى العديد من القناعات والاشكاليات المعروفة والتى عمد الفكر الأصولى الجامد لخلق تصورات بشأنها بعيدة كل البعد عن جوهر الدين ومقاصده الرئيسية.

+++++++++++++++++++++++++++++++++

الحقد الطبقي سلاح الإسلاميين لتغذية التطرف

2019

وتحاول التنظيمات المتطرفة والدول الداعمة لها، تغذية الحقد الطبقي لدى الكوادر التي لديها استعداد للتطرف قصد الانتقام من الحكومة المصرية، وتصويره على أنه نتيجة لتجاوزاتها، وليس نتيجة لما يتم بثه من أفكار خارجة عن السياق المعتدل المعروف عن المصريين. وتتعامل مع هذه النماذج على أنهم ضحايا وليسوا جلادين أو خارجين عن القانون.

وانتهت السلطات المصرية إلى هذه المسألة وبذلت جهودا لتخفيف المعاناة الاجتماعية، بعد أن تحولت إلى حاضنة رئيسية للعنف، وبيئة خصبة لنموه، وأحد روافد مده باستمرار بعناصر إرهابية جاهزة، كما هو حاصل في الفيوم.

لم تتوقف محافظة الفيوم عن تفريخ الإرهاب، بخلاف محافظات ومناطق أخرى تشترك معها في ما تعانيه من ارتفاع لمعدلات الفقر ونسب البطالة، وهذه الاستمرارية في إنتاج الإرهاب ومنفذيه تعكس النجاح في تصعيد مشاعر الحرمان إلى فعل انتقام طبقي ينفذه مهمشون عقائديون.





السرية.. الآفة الكبرى للحركات الإسلامية

 الإسلام دين البساطة والوضوح والعلانية «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»، «تركتكم على المحجة البيضاء».. والسرية تناقض ذلك،


الأحد، 15 سبتمبر 2019

الوحدة قاتلة أكثر من التدخين والخمر والبدانة

كنت بمفردي طوال الوقت ُأهزم
وأتعثر وأتألم.. دون أن ينتبه أحد..
وكانت هذه الوحدة حتى رغم
وحشتها.. مصدر كل هذه القوة


العزلة والخطأ والقوة

الوحدة قاتلة أكثر من التدخين والخمر والبدانة



السبت، 14 سبتمبر 2019

النزعة الإنسانية بين العدمية والرشد الديني *******

جريدة الحياة 

«إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً» (الأحزاب/ 72).

 جلال الدين الرومي: «الأمانة هي الإرادة»، فالفضيلة التي يتميز بها الإنسان عن سائر الموجودات هي إرادته، فهو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يعمل بخلاف رغباته وغرائزه.

 الخوف من بطش الطبيعة أو القيود السلطوية، سواء كانت سياسية أو دينية. وبدت النزعات الإنسانية في محاولة التمرد على هذه السلطويات التي تكرس العجز والخوف لدى البشر
 إلا أن بعض هذه المحاولات تحول إلى سلطويات جديدة نتيجة عدم الوعي الكلي بالطبيعة المركبة للإنسان والتي لا تسمح بالتعاطي معه من منظور أحادي.


وتعود النزعة الإنسانية الحديثة في أوروبا إلى محاولات انبعاث الروح السفسطائية التي تأسست على مقولة بروتاغوراس، «الإنسان مقياس كل شيء». وهو لا يقصد الإنسان الفرد المعين، بل الإنسان بعامة. فقد أراد أن يضع الإنسان في مقابل الوجود الطبيعي، فيما رأى السوفسطائيون أن العقل الإنساني ضاع في الطبيعة الخارجية وفي عالم الألوهية. لذلك رأوا أنه يجب إنقاذه برده إلى ينبوعه الأصلي من طريق أن يكون العقل هو مصدر التقويم، لا إلى الطبيعة الخارجية وإلى كائنات مفروضة عليه.

لذلك رأى أصحاب المذهب الوجودي أنها تتجسد في مذهب قائم على فهم الوجود على أساس أن مركز المنظور فيه هو الإنسان وأن الوجود الحق أو الوحيد هو الوجود الإنساني. هذا بجانب رؤية المذهب العقلي الكلاسيكي بأن العالم الإنساني الحقيقي يقوم على الاستقلال المطلق للعقل.

إلا أن محاولة الاستغناء عن الدين بالعقل ووضعته بديلاً للميتافيزيقا أثقلته، ما جعلته عاجزاً عن ملء هذا الفراغ الناشئ من عملية الاستبداد، وهو ما أدى إلى صعود المذهب الحسي الذي شكك في قدرات العقل وأنكر وجود مبادئ عقلية بديهية، وردوا المعرفة إلى الحس واعتبروا التجربة هي المقياس الوحيد للوعي الإنساني. ومن ثم بدأت النزعة المادية تتمدد على حساب النزعة العقلية المثالية في التصورات المتعلقة بالعالم والإنسان التي اعتبرت أن مركز الكون كامن فيه وليس متجاوزاً له. فالعالم المادي مكتف بذاته، مستغن بنفسه، والمرجعية النهائية للنموذج المعرفي للحداثة الغربية كامنة في المادة داخل العالم، لا من خارجها والإنسان لم يصبح عقلاً مستقلاً عن الطبيعة، بل هو ذات لديها دوافع بيولوجية وسيكولوجية تتجه نحو حفظ الذات. هو بحسب مذهب هوبز، متشبع بالأنانية بفطرته، هو ذئب لأخيه الإنسان. ومن ثم أنتجت الحداثة الغربية مفهوم «الإنسان الطبيعي» ذي البعد المادي، باعتبار أن الإنسان، شأنه شأن الكائنات الطبيعية، جزء من الطبيعة المادية. فجوهر الإنسان ليس جوهراً إنسانياً مستقلاً، وإنما هو جوهر طبيعي مادي. ما يعني أن الإنسان لا يختلف في شكل جوهري عن الكائنات الطبيعية الأخرى. وعلى رغم أن سلوك الإنسان أكثر تركيباً من سلوك الكائنات الطبيعية الأخرى، فإن هذا الاختلاف هو في الدرجة وليس في النوع.

هذا التوغل المادي في فهم الطبيعة الإنسانية أنتج نزعة عدمية كان من أبرز روادها نيتشه، الذي رأى أن انحلال الفلسفة يعود في النهاية إلى فكرة الفلاسفة الذين صنعوا من العقل صنماً بأن جعلوه هو الحاكم المطلق وآمنوا بقدرته على اكتشاف حقيقة الوجود، وهم بذلك واهمون. ومن ثم لا يعترف نيتشه بعقل إنساني كلي، بل إن المنطق الذي هو من أهم منتجات العقل البشري قال عنه: «هو نوع من عدم المعقولية والمصادفة»، فالعقل الوحيد هو العقل الضئيل الموجود في الإنسان.

واستبدل نيتشه العقل كمصدر لتقويم واسترشاد للفعل الإنساني بمفهوم إرادة القوة، فيتساءل: ما الخير؟ هو كل ما يعلو في الإنسان بشعور القوة وإرادة القوة. وما الشر؟ كل ما يصدر عن الضعف والإبداع في الخير. وبناءً على ذلك، أعلن نيتشه اكتفاء الإله بذاته من دون أن يعبأ بالعالم، وتكون السعادة بالشعور بأن القوة تنمو وتزيد، الأمر الذي يتطلب حرباً لا سلاماً، مهارة لا فضيلة، فالحياة هي النمو زيادة في الاقتناء. والحياة لا تستطيع أن تحيا إلا على حساب حياة أخرى. وفي هذا السياق يشير عبد الرحمن بدوي إلى أن ثمة حقيقة جوهرية لم ينته إليها الباحثون المعنيون بالفكر العربي، هي أن النزعة الإنسانية بأبعادها التاريخية والمذهبية لا يمكن أن تصدر إلا من روح الحضارة الأصلية التي ستنشأ فيها. ولهذا، فليس ما يطلب لإحياء تراث في حضارة ما، ما تطلبه من إحيائه في حضارة أخرى، فالنزعة الإنسانية تولدت في أوروبا بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر، بفضل الجهود التي بذلت لإحياء التراث اليوناني.

+++++++++++++++++++++++++

إنقاذ النزعة الإنسانية في الدين


 المفكر العراقي الدكتور عبد الجبار الرفاعي متشائما جدا من اتساع الموجة الدينية في هذه الأيام. وهو موقف غريب من جانب شخص يصنف باعتباره رجل دين وباحثا في العلوم الدينية.

 كتابه المثير «إنقاذ النزعة الإنسانية في الدين» أسباب تشاؤمه بتعبيرات محددة. بعضها بسيط جدا وبعضها في غاية التعقيد، لكن القضية المحورية التي شكلت خلفية الكتاب هي ما يصفه بأدلجة الدين. أي انتزاع مضمونه الروحي، واستخدامه سلعة في سوق السياسة، أو مركبا للقوة والسلطة والنفوذ.

أدلجة الدين أسوأ أثرا من الإلحاد، حسب رأي الرفاعي. قد تكون لا دينيا، لكنك منسجم مع الكون الذي تعيش فيه، مشاركا في عمرانه. أما الدين المؤدلج فهو منقطع عن الوظيفة الأولى للإيمان، أي تعظيم قيمة الإنسان، وهو، من جهة أخرى، منفصل عن العالم الحقيقي، يدور حول ذاته، منشغل بالتغلب على بقية الخلق عن مشاركتهم في عمران الدنيا.

الدين المؤدلج لا يرى غير نفسه، لا يرى العالم المتغير ولا يرى البشر المختلفين، ولهذا فهو لا يشعر بتحولات الزمان. ونتيجة لهذا فهو لا يسهم في تلك التحولات، ولا يشجع أتباعه على المشاركة فيها. لعل هذا يفسر، جزئيا على الأقل، سبب انكفاء المسلمين على أنفسهم وضآلة إسهامهم في تيارات التطور التي تموج في عالم اليوم.

إسلامنا بحاجة إلى «مصالحة بين المتدين ومحيطه والعصر الذي يعيش فيه، والإصغاء لإيقاع الحياة المتسارعة التغيير، ووتيرة العلوم والتكنولوجيا التي تفاجئنا كل يوم بجديد تتبدل معه صورة العالم».
هذي هي خلاصة الرسالة التي أراد الرفاعي إبلاغها لمن يهمه أمر الدين وأمر المسلمين.
كان الرفاعي وما زال قريبا من الجماعات الإسلامية الناشطة في الساحة، لكنه يشعر بإحباط شديد إزاء ما حققته من نفوذ جماهيري وانتصارات سياسية. وسبب إحباطه يكمن فيما يظنه انقلابا في طبيعة الجماعة الدينية واستهدافاتها. في زمن سابق كان رجال الجماعة يتحدثون عن دين يدعو إلى المحبة والتعاطف مع القريب والغريب، دين يقدس العلم ويعلي شأن الإنسان، دين يمجد الإيثار وإنكار الذات، ويعتبر الجزاء الأخروي مكافأة تستحق التضحية بالمكاسب الدنيوية.
أما اليوم فإن رجال الجماعة ذاتهم مشغولون بالصراع مع القريب والغريب على النفوذ ومكاسب السياسة. الكلام عن المحبة والتعاطف حل محله خطاب مشحون بمفردات الفخر بالقوة والمفاصلة مع المختلف وتهديد المخالف. مفردات مثل الحلم واللين والحكمة والسلام حلت محلها لغة الحرب والقوة والغلبة والدم وتمجيد البندقية. وباتوا يتحدثون عن «هلاك» مناوئيهم و«الدعس» على معارضيهم كما لو أن الأمر لعبة كومبيوتر.
لم يعد السعي لرضا الله ورجاء عفوه محور حياتهم كما في الماضي، فيومياتهم مشغولة بحسابات الأرباح والخسائر في سوق السياسة والنفوذ الجماهيري وحساب عدد الأتباع والمحازبين.
حقق الإسلاميون كثيرا مما سعوا له من القوة والنفوذ. وكان حريا بهم أن يوجهوا جهدهم لحاجات شعوبهم، وأكثرها حرجا استئصال الفقر والارتقاء بالعلم وتنشيط الاقتصاد وإصلاح جهاز الدولة والمصالحة مع العالم. لكن الواضح أنهم في وادٍ آخر، فهم ما زالوا مشغولين بتكرار قصص الماضي وأوهامه.
هذه بعض النتائج المأساوية لتحويل الدين من «رحمة للعالمين» إلى آيديولوجيا. ولهذا يرى الدكتور الرفاعي أننا بوصفنا مسلمين بحاجة إلى إنقاذ أنفسنا، كما أننا بحاجة إلى إنقاذ ديننا. نحن بحاجة إلى استعادة المضمون الإنساني في الدين الحنيف، الدين الذي كان رحمة وطريقا للخلاص وتحرر الإنسان من عبودية القوة وعبودية الماضي.

++++++++++++++++++++