الاثنين، 31 يناير 2022

تدخل الأسر في اختيار أبنائها لشركاء الحياة ظاهرة تأبى الاندثار في المجتمعات العربية

Sep 4, 2020

 رضوخ الأبناء لرغبة الآباء والأمهات في اختيار شريكة حياتهم رغم التغييرات التي تشهدها الأسر العربية والتفتح الذي يعيشه الشباب قد يحكم على العلاقة الزوجية بالفشل.

على الرغم من التحولات الاجتماعية العديدة التي تعيشها المجتمعات العربية وحصول الأبناء على الكثير من الاستقلالية في اختياراتهم الشخصية وتوجهاتهم المستقبلية، مازالت الكثير من الأسر تحرص كل الحرص على التدخل في أهم القرارات المصيرية لأبنائها المتمثلة في اختيار شريك الحياة، وفق أسس عائلية تضع شروطها، والتي يتحمل تبعاتها الأبناء مدى حياتهم وقد تكون لها آثار مدمرة عليهم وعلى أبنائهم.

 تتعدد طرق تعارف الشباب في وقتنا الحاضر وتتنوع ورغم قدرتهم على اتخاذ قرار اختيار شريك حياتهم وتحمل نتائج اختيارهم يواجه الكثيرون منهم بصدّ الأسر التي ترى الأمور بطريقة مختلفة،

متجاهلة قدرة الشاب على تحديد الشخص الذي يراه مناسبا ليبني معه أسرة.

يرى الأهل أن الأبناء تحكمهم العواطف ويغيبون العقل في اختيار شركاء حياتهم، في حين أنهم يصرون على إعمال العقل وإيلاء أهمية للمركز الاجتماعي والحالة المادية والثقافية، أما العاطفة فتأتي في مرتبة ثانية من حيث الأهمية.

وقال أخصائيو علم الاجتماع إن هذه الظاهرة تأبى أن تندثر رغم آثارها السلبية على الأبناء والأسر، وشددوا على ضرورة تجنب الأهل فرض آرائهم على أبنائهم في اختيار شريك الحياة وفق ميولهم وأهوائهم، لأن اختيار الشاب أو الفتاة لبعضهم بعضا سيكون وفق معايير تناسبهم قد لا تناسب أسرهم.

مستغربين سلبية بعض الأبناء في ترك هذا القرار المصيري بين يدي الآباء والأمهات.

والغريب في الأمر أن الكثير من الشباب خاصة في الأوساط الاجتماعية المرموقة يخضعون إلى اختيار الأمهات لشريكات حياتهم عن قناعة ودون تردد، ويستند الاختيار خاصة على التوافق المادي والاجتماعي بين العائلات،

متناسين أنه لكي يتم التوافق بين طرفي العلاقة الزوجية، يجب أن تبنى على أسس عقلية وعاطفية تساهم في استمراريتها، حيث أكد المختصون أن حرية الاختيار في الزواج وسيلة فاعلة من وسائل تحقيق التوافق بين الزوجين.

وبين الخبراء أن لحرية اختيار شريك الحياة العديد من المزايا، أهمها زيادة درجة التوافق الفكري والوجداني والعاطفي، وتحقيق درجة من الرضا عن الطرف الآخر، وبالتالي تحقيق درجة عالية من السعادة والاستقرار النفسي والعاطفي

 فأغلب الأسر العربية تتدخل في قرار زواج الأبناء الذكور والإناث على حد السواء بطريقة مباشرة أوغير مباشرة، ولا تأبه باستقلاليتهم في اتخاذ أهم القرارات المصيرية في حياتهم مثل اختيار شريك الحياة مهما كان مستواهم العلمي والوظيفي.

لكن الكثير منهم يفضلون الاستجابة إلى قرارات الآباء والأمهات، تجنبا للتصادم الذي قد يحدث بينهم.

 النسب طبيعية جاءت طبقا للعادات والتقاليد التي تربَّت عليها المجتمعات العربية، والتي تصل إلى مكانة القوانين الملزمة؛ نظرا للتربية الدينية التي تحث على إرضاء الوالدين، مما جعل خروج الأبناء على هذه العادات والقيم تجعلهم ضمنَ قائمة المنبوذين من المجتمع، مما يعني إعاقة تواصلهم مع الآخرين؛ لذا يحرص الأبناء عادة على مباركة الأهل واسترضائهم، وجعلهم طرفا قويا في اتخاذ قرار الزواج.

ومازالت العادات والتقاليد تحكم الكثير من البيئات الاجتماعية في الدول العربية على الرغم من التغيرات الكثيرة التي شهدتها هذه المجتمعات، حيث تصر أسر كثيرة على زواج الأقارب مثلا خاصة في الأرياف والبيئة القبلية والعشائرية. ويرى خبراء أنه على الرغم من أن هذا النوع من الزواج يسعى للحفاظ على رابطة الدم الواحد وبقاء واستمرار الجماعة وعدم اختلاطها بغيرها، إلا أنه تكتنفه العديد من المشكلات، منبهين إلى أنه لهذه الزيجات أضرارا اجتماعية خطيرة قد تؤدي إلى تفكك الأسر النواة والممتدة وتشرد الأبناء، إلى بجانب الأمراض الوراثية الخطيرة.

وقال المختصون إن معظم الشباب والفتيات أصبحت لديهم استقلاليتهم الخاصة ولهم تجارب متنوعة بعكس الماضي، ويجب أن يفكروا جيدا في مدى ملاءمة شريك الحياة لهم، دون الانقياد إلى قرارات أسرهم التي تكون في أحيان كثيرة تعسفية.

*

تحيزات "خفية" قد تتحكم في اختيارنا

 نريد شخصًا تتطابق خططه طويلة المدى مع خططنا: شخص ننجذب إليه، شخص نشعر بالراحة تجاهه ونحن نشاركه منزلنا وأموالنا، وربما أطفالنا. هذا الشخص هو شريك حياتنا، قبل كل شيء، وبالتالي من المفترض أننا نختاره بعناية.

 نكون أقل انتقائية بشأن من نقضي حياتنا معهم، أكثر مما نعتقد، إذ تُظهر أبحاث أن تحيزات خفية تعني أننا سنمنح الناس فرصة، حتى لو لم يستوفوا معاييرنا تمامًا.

الاتجاهات السائدة بين الشباب لتجنب الزواج لصالح نهج يفضل العزوبية. وحتى عندما يوجهنا مزيج من الغرائز التطورية والضغوط المجتمعية نحو الحياة مع شريك لنا، فإن إدراكنا لـ "تحيز التقدم" يمكن أن يساعدنا في فهم السبب الذي يجعلنا نختار شركاء حياتنا - ولماذا نبقى معهم.

الانفصال يكون أكثر إزعاجا كلما كانت الأمور متشابكة من الناحية اللوجستية من خلال عوامل مثل الزواج والشؤون المالية،

توضح جويل أن "تحيز التقدم" مشابه للميول النفسية التي يظهرها الناس في المجالات الأخرى غير المرتبطة بالعلاقة: مثل "مغالطة التكلفة الغارقة" (عدم الرغبة في التخلص من شيء استثمرت فيه بالفعل بكثافة)؛ والتحيز للوضع الراهن (اختيار الحفاظ على الوضع الحالي بدلاً من تعطيله والتسبب في عدم الراحة)؛ والإرضاء بدلاً من التعظيم (قبول الشيء على أنه "جيد بما فيه الكفاية" بدلاً من التمسك بالحل الأمثل). ومن المحتمل أن يكون هذا التحيز نحو اختيار الشريك مدفوعًا بعاملين: التطور والأعراف الثقافية.

يدفعنا كل من التطور والضغوط المجتمعية إلى السعي وراء الارتباط بأي ثمن، حتى لو كنا نعلم في أعماقنا أن الشريك المحتمل ليس مناسبًا تمامًا

"تعتبر الثقافة الغربية الزواج أهم أنواع العلاقات الوثيقة، إذ يجري التعامل مع الزواج على أنه إنجاز شخصي أو مؤشر على النضج".

يؤمنون بـ "توأم الروح". ويمكن أن تكون هذه العقلية الخيالية ضارة للغاية. تقول جويل إن الباحثين يطلقون على هذا النوع من التفكير اسم "معتقدات القدر"، ويمكن أن يكون جزءًا من السبب الذي يجعل الكثيرين منا يميلون نحو "تحيز التقدم". تقول جويل: "غالبًا ما يكون من الصعب إقناع نفسك بأن الشخص الذي تواعده حاليًا هو في الواقع توأم روحك".

ربما لا يكون من المفيد البحث عن شريك يبدو جيدًا على الورق، لكن من المفيد بمجرد مواعدة شخص ما البحث عن العلامات المبكرة التي تشير إلى أن العلاقة ستكون صحية وداعمة".

*

 الطلاق في السنة السابعة حين قد يكتشف الزوجان عددا من الاختلافات والأزمات بواقعية.

بعد سبع سنوات من الزواج، يُفترض أن يكون الزوجان قد رزقا بالأطفال، وبالتوازي ينخفض مستوى الرضا الزوجي مع ولادة كل طفل، حتى إن الرجل عادة ما يشعر بأن كل طفل يؤخر مكانته عند زوجته. وبينما تصبح الأمومة هي الأولوية لدى الزوجات، يشعر الزوج بالفراغ العاطفي.

ينخفض الرضا الزوجي بشكل كبير مع ولادة كل طفل. مع مضاعفات تربية طفل، تخرج الصداقة من العلاقة ليحل مكانها المزيد من الخلاف”.

الهدف من الصراع الزوجي هو فهم بعضكما البعض بشكل أفضل. لا يمكنك أن تكون على صواب وأن تكون متزوجا في نفس الوقت”.


المطبلون

 تطورات الساحة الرياضية كشفت المعنى الحقيقي لهذا اللقب الجديد!

 تداهن أشخاصاً

«المصلحجية» بالعامية، أو المتزلفين بالفصحى، الذي يغلّب مصلحته الشخصية على المصلحة العامة، أو أن يقوم بأي عمل بمقابل مادي أو امتيازات معينة، بغض النظر عن نوعية العمل

تقوم بعض الإدارات أو المؤسسات بتأجير بعض من هؤلاء الأشخاص نيابة عنهم، لزيادة شعبيتهم في وسائل التواصل الاجتماعي

أي إدارة أو مؤسسة لا تواجه عملاءها أو جماهيرها بشفافية، وتفتح قلبها وأوراقها لهم، حتماً ستسلك طرقاً أخرى لتجاوز سخطهم، مثل تأجير المطبلين وغيرهم، لإيهام الشارع والإعلام أنها بخير، وعلى الطريق السليم!

شخص انتهازي، ينفذ التعليمات بمقابل مادي أو امتيازات معينة رخيصة، بدون فهم للمهمة أو الأهداف التي يكتب عنها، فهو تماماً «كالطبل، لا يُصدِر صوتاً إلا عندما يُطَق!»

«نفاق السلطة» مهنة عريقة لها 


التفسير التآمري

 المؤامرات موجودة دائماً منذ بدء الخليقة، وهي بطبيعتها تستهدف دائماً طرفاً قوياً يخشاه المتآمرون، وإلّا لواجه المتآمرون خصمهم علانية ومباشرة.


الاشتراكية الديموقراطية

 الأسهل على معظم الناس تخيّل نهاية العالم من تخيّل نهاية الرأسمالية.

2008 الاقتصاد العالمي حتى صميمه، وكُشفت أحلام الاقتصاديّين في «ترويض» الدورة الاقتصادية على أنها مجرّد محض خيال. وعندما انفجرت فقاعة الإسكان في الولايات المتحدة، توقّفت التدفّقات المالية التي دعمت النظام المصرفي العالمي فجأة. تبخّر رأس المال الوهمي الذي تم إنشاؤه في أسواق الأصول المالية على مدى العقود السابقة، ووجدت العديد من المؤسسات المالية والشركات والأسر نفسها متعثّرة نتيجة لذلك. اجتاحت الأزمة المالية، التي بدأت في سوق الإسكان الأميركي، العالم، وخلقت أطول وأعمق ركود عالمي منذ عام 1929. وانخفضت تدفقات التجارة والاستثمار بشكل حادّ، ما يمثّل بداية عملية تباطؤ العولمة التي تستمرّ حتى يومنا هذا.

سارع القادة السياسيّون إلى استخدام خطاب الواقعية الرأسمالية. وجادلوا بأنه يجب إنقاذ النظام المالي العالمي، لأنه لم يكن هناك بديل. وبحسب خطابهم، إن الأشخاص العاديين العاملين هم الذين سيُعانون إذا لم يتم إنقاذ النظام. ضخّت الحكومات السيولة في النظام المالي، وزادت التأمين على الودائع، وزودت مصارفها المحلية المتعثّرة برؤوس الأموال. سارعت الحكومات إلى تنفيذ برامج التحفيز، وخفّضت أسعار الفائدة، وأطلقت أكبر تجربة نقدية منذ اتفاقية «بريتون وودز» أتت على شكل «التيسير الكمي». في المقابل فإن البلدان التي لا تتحكم في سياساتها النقدية، وجدت نفسها في مواجهة غضب أسواق السندات. تحوّلت الأزمة المالية بسرعة إلى أزمة ديون سياديّة، مع تأثير حادّ على منطقة اليورو. نظرت دول شمال الكرة الأرضية برعب إلى المأساة اليونانية. وزعموا أنّ التقشّف هو السبيل الوحيد للمضيّ قدماً.

للذين كانوا لا يزالون في مرحلة التعليم عندما حدثت الأزمة المالية، تحطّمت تعويذة الواقعية الرأسمالية. تشكّلت هوياتهم خلال فترة من عدم اليقين العميق. لقد عاشوا خلال موت عالم الازدهار النيوليبرالي، وولادة عالم الركود الذي أعقب الأزمة. تمكّنوا من رؤية حالة الطوارئ التي عاشها النظام الحالي. فجأة، أصبح تشكّل عالم آخر أمراً ممكناً مرّة أخرى. لكن أي نوع من العوالم سيكون؟

في عام 2007 انهار مظهر النمو الذي تقوده الأسواق المالية، تاركاً الركود في أعقابه. لقد بُنيت مؤسّساتنا السياسية والاقتصادية خلال فترة الازدهار، وهي لم تكن مجهّزة للتعامل مع التوترات التي نشأت منذ الانهيار. دفنت النخب الحاكمة رؤوسها في الرمال، مدافعة بيأس عن بقايا نموذج يحتضر، بينما ينظر الجميع إلى مستقبلهم ولا يرى سوى المشقّة والانحدار. لقد انهارت عملية تشكّل الوعي الجماعي، التي تشرف عليها وسائل إعلام بعيدة عن الظروف التي يواجهها الناس العاديون. وبدلاً من ذلك، ظهرت روايات جديدة في أوساط المجتمعات السياسية. في جميع أنحاء العالم، كان الناس يقولون لبعضهم «لا يمكن للأشياء أن تستمر على حالها».

 الدرس الأكثر أهمية الذي نتج عن أحداث العقود الماضية هو أنه لا يمكن لأي نظام رأسمالي أن يظل مستقراً لفترة طويلة. لا يعمل الاقتصاد العالمي وفقاً لقوانين الاقتصاد النيو _كلاسيكي، التي تقصيها الصدمات الخارحية. بدلاً من ذلك، تولد الرأسمالية، خلال الأزمات، التناقضات ما يعني أنه حتى أفضل الاقتصادات الرأسمالية تنظيماً تميل حتماً نحو الفوضى. تحاول المؤسّسات الاقتصادية والسياسية الرأسمالية احتواء التناقضات من خلال إخضاع المجتمعات الرأسمالية لتسلسلات هرميّة صارمة، يمتلك فيها الملاك كل الثروة والسلطة. ولكن، كما أوضح لنا ماركس، فإن مثل هذه التشكيلات المؤسّسية لا يمكنها احتواء الفوضى التي أطلقها دافع الربح. عندما لا تستطيع هذه المؤسسات السيطرة على التناقضات التي صُمّمت لاستيعابها، فإنها تنكسر. تتميز هذه الفترات باضطرابات سياسية وقانونية واجتماعية وتغيّرات متكررة في السلطة وحتى بالثورات.

كان العقد الذي انقضى، منذ الأزمة المالية عام 2007، أحد هذه الفترات. النمو المدفوع من قبل الأسواق المالية هو نظام يقوم على قمع الأجور واستخراج الريع من قبل النّخب، وهي عملية تخلق القليل من القيمة حتى عندما تنقل الموارد من الأسفل إلى الأعلى. مع المزيد من الموارد التي يسيطر عليها أصحاب رأس المال، كان الشيء الوحيد الذي يدعم الرأسمالية الأنغلو _ أميركية، قبل الانهيار، هو خلق كميات أكبر من الديون. ولكن مع جفاف هذا الدين، تم الكشف عن الركود الناجم عن نظام قائم على زيادة انعدام المساواة. يتشابه علم الاقتصاد مع لعبة صفرية، حيث الربح لمجموعة معينة يعني خسارة لمجموعة أخرى.

الذين يتمتعون بالسلطة السياسية يستخدمون هذه اللعبة لاحتكار المكاسب المتناقصة من النمو لأنفسهم. طالما بقيت أسس نموذج النمو الذي تقوده الأسواق المالية كما هي، فإن هذه التناقضات ستستمر في التصاعد.

في هذا المناخ السياسي المحموم، لا يمكن للمركز الرأسمالي المزعوم أن يبقى حياً. عندما شجبت المؤسسة الليبرالية صعود الخطاب «الشعبوي»، فإنها تثبت مرة أخرى أنها تفتقر إلى أي فهم للحظة السياسية الحالية. إن الازدراء الموجه إلى الذين يحاولون إحداث تغيير سياسي خارج المؤسسات «المتحضّرة» للديموقراطية الليبرالية ينطوي على فشل كامل في فهم أن تلك المؤسسات لم تعد تعمل. بدلاً من صياغة رؤية لما يمكن أن يبدو عليه المجتمع الجديد، تريح النخبة الليبرالية نفسها من خلال اقتراح تعديلات تكنوقراطية على مجالات سياسية مختلفة في محاولة لجعل النظام يعمل من جديد.

قد تستمر النخب في الادعاء بأنه «لا يوجد بديل» للنظام الحالي، لكنهم يعرفون في أعماقهم أن الواقعية الرأسمالية قد ماتت. فقط الذين يعرفون أن «العالم الجديد» آتٍ يمكنهم الاستعداد لوصوله، واليوم نحن نواجه الاختيار بين الاشتراكية والهمجية. عندما امتدحت الصحافة المالية الدولية انتخاب الرئيس اليميني المتطرف جاير بولسونارو في البرازيل، رأينا أين تكمن ولاءات الطبقات الحاكمة حقاً. يفضّل حماة النظام الحالي مشاهدة البشر ينقلبون على بعضهم البعض في نوبة من الهستيريا الفاشية بدلاً من مشاهدتهم يعملون معاً من أجل عالم جديد وأفضل مبني على المساواة بدلاً من التسلسل الهرمي.

في نهاية المطاف، ستنتهي الرأسمالية بمعركة كبيرة بين الذين يريدون رؤية البشر يتقاتلون بعضهم البعض على بقايا نظام يحتضر، والذين يريدون بناء شيء جديد. بالنسبة للذين يرغبون في تجنّب ولادة الفاشية من جديد، فإن الاشتراكية هي السبيل الوحيد للمضي قدماً. والذين يزعمون أن الاشتراكية لا يمكن أن تنجح أبداً يميلون إلى القيام بذلك على أساس أن المجتمعات والاقتصادات متناقضة لدرجة لا يمكن أن يحكمها منطق التخطيط، فقط المنطق اللامركزي للسوق يمكن أن يوفر التخصيص الأمثل للموارد. ولكن مع تركيز المزيد من النشاط الاقتصادي داخل الشركات الضخمة والبيروقراطية والهرمية، وفي الدول الضخمة والبيروقراطية والهرمية، تصبح هذه الحجّة أكثر سخافة. في الواقع، الذين يزعمون أن الهرمية والتناقضات لا يختلطان، لديهم وجهة نظر. نظراً لأن البشرية أصبحت أكثر تقدّماً من الناحية التكنولوجية وأكثر ترابطاً من أي وقت مضى، فقد أصبح النموذج الرأسمالي أقل قابلية للتطبيق. إنّ إخضاع المجتمعات المعقدة لصلابة التسلسل الهرمي الرأسمالي القائم على ملكية مركّزة لا يمكن إلا أن يؤدي إلى عدم الاستقرار والظلم.

الرأسمالية غير قادرة على السيطرة على قوى التناقضات، يجب عليها الآن أن تفسح المجال للاشتراكية الديموقراطية، التي بدلاً من السعي لاحتواء التناقضات من خلال هرمية الشركات والدولة، توسع المبادئ التحررية، التي بالمناسبة يؤمن بها معارضو الاشتراكية على مجالات النشاط السياسي والاقتصادي كافة. بدلاً من أن تكون مقيدة من قبل رئيس أو بيروقراطي، توفّر الاشتراكية الديموقراطية وسيلة للناس للتنظيم الذاتي سعياً وراء مسعى جماعي. إن العمل بهذه الطريقة المتكافئة واللامركزية والتعاونية يسمح للديناميكية الإبداعية للبشر أن يتم تسخيرها استجابة لبعض أكبر التحديات التي واجهها العالم على الإطلاق. تسمح الاشتراكية الديموقراطية للناس بالسيطرة على مجتمعاتهم وأماكن عملهم وحياتهم، فهي تتيح للناس أن يجتمعوا لبناء عالم أفضل.

من كتاب «كيف نخلّص العالم من الأمولة»


لغة الكراهية عند ترامب لها جذور عميقة في التعصب الديني الأميركي . الترامبية

Nov 7, 2020

 يعيد كتّاب معاصرون التذكير بمقولة عالم السياسة الكندي ديفيد فرنش (توفي 2010) الذي قال إن "الحفاظ على وحدة الولايات المتحدة غير مضمون، إذ لا توجد قوة ثقافية أو دينية أو سياسية أو اجتماعية قادرة على أن توحد الأميركيين أكثر من قدرتها على تفريقهم".

 "الترامبية" ليست عقيدة متماسكة، إذ لا توجد إستراتيجية كبرى تجمعها معا، بل مزيج من الأيديولوجيات لتجديد الحروب الثقافية، والتمسك بالسلطة، وفساد عميق الجذور لصالح عائلته وحلفائها الاقتصاديين.

الأهم من ذلك كله أنظمة العنف الأيديولوجية والمادية ضد الجماعات التي تعرّفها الإدارة بأنها "الآخر"، لكنها مع ذلك فكرة قديمة في الولايات المتحدة، ولم تنفصل تماما عن جذورها الدينية.

اعتمد ترامب مرارا وتكرارا على الخوف من معارضين وهميين، لتجنب المسؤولية عن إخفاقاته، ولتحديد من ينتمي ومن لا ينتمي إلى المجتمع الأميركي،

أن للسياسة الأميركية تاريخا طويلا في تعزيز الكراهية والخوف من "الآخر"، وكان من أوائل تلك السياسات مناهضة الكاثوليكية واللغة الرمزية المرتبطة بها "مناهضة البابوية".

قد تحولت المعارك الطائفية بين الجماعات الدينية المعارضة في كثير من الأحيان إلى اتهامات بالانتساب للبابوية التي كانت تطلق للتخويف والازدراء في وسط مجتمع الهجرة المسيحي البروتستانتي الذي سيطر على سياسة البلاد الاستيطانية في زمن تأسيس الولايات المتحدة.

اتهم الكويكرز الناخبين الذين تم حشدهم بتزوير الانتخابات والتظاهر بطلب مزيد من الحرية، فيما يضمرون أجندة راديكالية للمساواة وإعادة توزيع الثروة كما يبدو مألوفا في الواقع المعاصر، بحسب الكاتبين.

أوائل فترة الجمهورية وما قبل الحرب تحولت اللغة المناهضة للكاثوليكية مرة أخرى إلى استهداف المهاجرين الجدد للبلاد.

ومع اندلاع موجات الهجرة الأوروبية استخدم أتباع الأصول القومية داخل المجتمع الأميركي الاستعارات المناهضة للكاثوليكية للتذمر من توظيف الأميركيين المهاجرين حديثا وحقهم في التصويت، 

كان يتم وصم أي شخص يعد تهديدا للثقافة الأنجلو-ساكسونية بلغة عنيفة مناهضة للبابوية، وطالب البيوريتانيون والإنجيليون وبعض النخب الاقتصادية بفرض قيود على الهجرة، كما طالبوا بحرمان الأميركيين المولودين على أرض أجنبية من الامتيازات، وحمل تحالف من المجموعات الناشرة للكراهية مثل كو كلوكس كلان والأصوليين المسيحيين هذا الشعار بقوة في القرن الـ20، ويبدو أنهم سيستمرون في حمله خلال القرن الحالي.

استجابت لهم مرارا وتكرارا فئة من القادة السياسيين، لتحفيز ناخبيهم وأنصارهم المحتملين بدعوات، خفية وغير خفية، لاستبعاد "الآخر" غير المرغوب فيه.

لم يكن اعتماد ترامب على هذا النوع من الرمزية الدينية خفيا، إذ ظل يزعم صراحة أن المسيحيين يتعرضون للهجوم في الولايات المتحدة، وأنه يقاوم هذا القمع المفترض.

قد كُتب الكثير عن الفروع المتعددة للمسيحية التي تدعم ترامب في هذا المسعى مثل المسيحيين الصهيونيين، والإنجيليين بشكل عام.ط

حظر السفر الذي أصدره بحق العديد من البلدان ذات الأغلبية المسلمة، وخطابه العنيف عن المسلمين في أميركا وفي الخارج، والعديد من القوانين التنفيذية التي تحظر "قانون الشريعة الإسلامي" من قبل المجالس التشريعية للولايات التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري في جميع أنحاء البلاد.

هذه هي الأمثلة الأكثر وضوحا لتأكيد ترامب على العنف تجاه أي مجموعة دينية بخلاف البروتستانت البيض الذين يدعمون سياساته فإن هناك العديد من الأمثلة الأخرى، فعلى سبيل المثال تصاعدت جرائم الكراهية ضد السيخ خلال إدارة ترامب.

تتجسد كراهية ترامب التاريخية والمستمرة للمهاجرين اللاتينيين في خطابه، وسياسات الحدود، والجدار، ومعسكرات الاعتقال، وفي الخطاب التقليدي للمذهب المعادي للوافدين، وهو بطبيعته مناهض للكاثوليكية ومعاد للمهاجرين،

من المؤكد أن ترامب لم يخترع هذه اللغة السياسية، ومن المستبعد كذلك أن يكون على دراية بوجودها الطويل في تاريخ الولايات المتحدة وتاريخ اللغة التي تعلمها، لكنه يقف ضمن تقليد طويل مع القادة السياسيين المحافظين الذين تبنوا الأسلوب التآمري داخل المجتمع الأميركي.

يختم الكاتبان بأن رئاسة ترامب ستنتهي على كل حال، وسيكون هناك ميل للتظاهر بأن البلاد عادت لطبيعتها، لكن الحقيقة المرعبة هي أن العنف الديني تاريخيا هو أمر طبيعي في الولايات المتحدة، وعندما يذهب ترامب لن يختفي هذا العنف باختفائه.

*Apr 14, 2021

مريدو الترامبية سيحملون عقيدتهم السياسية إلى منابر السلطة الرابعة

*

نسخة يسارية من الترامبية

قارن ستانلي بين الرجلين قائلا "القيادة العالمية: أفغانستان خاسرة، روسيا تهدد أوكرانيا. وكوريا الشمالية، التي تعاني من الجوع لدرجة أن كيم جونغ أون فقد وزنه، ربما أجرت أكبر اختبار صاروخي لها منذ عام 2017. الوباء: توفي 425 ألفًا تحت قيادة ترامب بدون لقاح، ويبدو أن بايدن قد تجاوز هذا الرقم في ظل وجود لقاح. الاقتصاد: مزدهر بعد الوباء، هذا صحيح، لكن الانتعاش ليس قوياً كما يفترض أن يكون والأسعار آخذة في الارتفاع".

واختتم قائلا "إذا كانت اختياراته (ترامب) ناجحة وتعرض الديمقراطيون لضربات حادة، فأنا لا أرى أي سبب يمنعه من خوض السباق والفوز بترشيح (الحزب الجمهوري) وحتى الفوز في انتخابات عام 2024 - ما يمنح دونالد ترامب فرصة لمحاولة جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى وأخرى".

*


ضرائـب «صُنـع فى أمريكـا».. هـل تنجــــــح خطـة «بايدن» الاشتراكية؟

Jun 20, 2021

 الصين تسير فيه بمبدأ «المهارة الحقيقية هى أن تخضع عدوك دون قتال»، من الأنشطة البيئية، وصناعة التكنولوجيا، والنظام المالى، وحتى التجارة وسلاسل التوريد والتصنيع.

فالرئيس الـ 46 للولايات المتحدة، كان قد استخدم سلاح فشل «ترامب» فى إدارة آثار كورونا على الاقتصاد وفقدان الملايين لوظائفها، فى معركته الانتخابية، لذلك فهو لن يقف مكتوف الأيدى فى السباق مع الصين، التى تقول التوقعات إن اقتصادها سيتجاوز الولايات المتحدة، ليصبح أكبر اقتصاد فى العالم عام 2028.

حيث يتبنى الرئيس الأمريكى الجديد سياسات اقتصادية منحازة للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، ويمكننا أن نقول إنه يميل إلى نظام «الرأسمالية الاجتماعية». 

قال بايدن فى خطاب شهير ألقاه فى ولاية بنسلفانيا إن خطته هدفها اقتصاد عادل يمنح الفرص للجميع، لافتًا إلى أن الوقت حان لوضع حد لعصر رأسمالية المساهمين.  

 مركز كارنيجى المؤسسة الفكرية الدولية الأقدم فى الولايات المتحدة ومركز الأبحاث الأول فى العالم، وأشار إلى أن الطبقة المتوسطة فى أمريكا تكافح للحفاظ على مستوى معيشة جيد، وأن هذه الطبقة إحدى ركائز قوة الدولة الأمريكية، نتيجة لإنتاجيتها ومشاركتها السياسية والاقتصادية. 

وقال التقرير إن السياسات التجارية المرتبطة بالعولمة لم ترفع الأجور، ولم تخفف الضغط المتزايد على أسر الطبقة المتوسطة من ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والإسكان والتعليم ورعاية الأطفال، وهو ما يتطلب استثمارات كبيرة، ودعم نمو اقتصادى أكثر شمولًا، وهو ما دفع «بايدن» إلى التأكيد على أهمية الطبقة الوسطى التى وصفها بالعمود الفقرى لأمريكا.

 ووفقًا لبيانات البنك الفيدرالى ، يمتلك 1 % من الأمريكان أكثر من 50 % من أسهم الشركات والصناديق الاستثمارية، ويمتلك 9 % أكثر من ثلث الأسهم، وبذلك يستحوذ 10 % من الأمريكان على أكثر من 88 % من الأسهم، وبالتالى زيادة اتساع فجوة الثروة.

هذا بالإضافة إلى فرض حد أدنى موحد للضرائب بنسبة 21 % على إيرادات الشركات العالمية (الأجنبية) بدلًا من 10.5 % حاليًا، وتعد شركات مثل: «تسلا» و«آبل» و«مايكروسوفت» من أكبر المتأثرين بهذه الزيادات الضريبية.


يواجه «بايدن» معارضة شديدة فى تمرير هذه الحزمة من الإجراءات من خصومه الجمهوريين، ومن لوبى أصحاب الأعمال والشركات الذين يرونها تخلق حواجز أمام الاستثمار والنمو، وتمنح دولًا أخرى ميزات ضريبية أفضل من أمريكا. 


سياسات يسارية تقضى على الوظائف، وتعيد ثقافة الكسل مع توزيع المساعدات على الأسر، وتضعف تنافسية الاقتصاد، وترفع معدلات التضخم، وتبطئ التعافى.


 انقسمت الآراء بين مستثمرى بورصة «وول ستريت» -، فرغم تراجع الأسهم، فور الإعلان عن مقترحات زيادات الضرائب، فإن بعض المستثمرين قالوا إنه لن يحدث تحول فى سلوكهم، وإنهم سيستمرون فى الاستثمار، فالبديل هو وضع الأموال تحت المرتبة، والمراتب لا تدفع على الإطلاق!  


فى المقابل، اقترح مستثمرون اللجوء إلى «البتكوين» العملة الرقمية كملاذ محتمل لمواجهة الضرائب الجامحة، وبعيدًا عن الأفراد، ظهرت دول الملاذات الضريبية الأوروبية كرابع المعترضين على الحزمة، بسبب ضريبة إيرادات الشركات العالمية، وذلك من خلال تحالف يضم أيرلندا ومالطا وقبرص ودول أخرى.  


*

بايدن يتجه لزيادة الضرائب على الأغنياء


Mar 25, 2021 

ويأتي على رأس أنواع الضرائب التي يعتزم بايدن زيادتها ضريبة الأرباح الرأسمالية طويلة الأجل، المفروضة على أرباح تعاملات البورصة أو عند بيع الأصول وتحقيق مكاسب. ويرغب الرئيس الأميركي في معاملة هذه الأرباح مثلما يتم التعامل مع الأجور التي يحصل عليها الأميركيون، والتي يصل معدل الضريبة على أعلى شريحة فيها إلى 37%، بينما تُطبق حالياً نسبة 20% فقط على الأرباح الرأسمالية.

وبخلاف ضرائب الأرباح الرأسمالية، التي ينسب لها البعض جزءاً من الخسائر التي تعرضت لها الأسهم الأميركية خلال الشهر الأخير، صرح بايدن في أكثر من مناسبة، قبل وبعد وصوله للبيت الأبيض، بعزمه على رفع الضرائب المطبقة على أصحاب الدخول التي تزيد عن 400 ألف دولار إلى 39.6%، مع توجيه نسبة أكبر من دخولهم إلى التأمينات الاجتماعية للفئات الأفقر، إلا أنه لم يوضح إذا كان حد الأربعمائة ألف يقصد به الدخل الفردي أم دخل الزوجين.



الأحد، 30 يناير 2022

ملكية عسكرية


توارث السلطة وتوريثها لا يحصل داخل عائلة واحدة من خلال رابطة الدم، بل من خلال رابطة مهنية ومصلحية وقبائلية (بالمعنى السياسي) بين كبار قادة المؤسسة العسكرية. وكما أنّ "المخزن" في المغرب مصدر السيادة والسلطة والشرعية، فإنّ الجيش في مصر مصدر السيادة والسلطة والشرعية، وليس الشعب أو الأمة المصرية. فمن بديهيات الحكم العسكري ألّا توجد انتخابات حرّة ونزيهة، ولا برلمان ممثل لإرادة الشعب والأمة، ولا استقلال حقيقي لمؤسسات الدولة عن الحاكم العسكري. وبالتالي، لا توجد نخبة سياسية بالمعني الحقيقي، فالجميع من أحزاب وتيارات وقوى سياسية يدور في فلك السلطة، أي في فلك العسكر.

لم ترَ مصر الحكم المدني بشكل حقيقي طوال تاريخها المعاصر

 أنور السادات وبعده حسني مبارك قد حاولا، بدرجات متفاوتة، الإبقاء على مسافة ما بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة، من خلال آليات التحييد والزبائنية وشراء الولاء ومنح المزايا الاقتصادية والمالية والاجتماعية، إلّا أنّها كانت دوماً مسافة تكتيكية وليست استراتيجية. بمعنى أنّ العسكر، تحديداً كبار القادة، على قناعةٍ بأنّهم أهل الحكم وأصحاب السلطة، ومالكو الأرض ومن عليها، ولا يمكن خروجهم أو إخراجهم من السلطة مهما كان الثمن.

وبات الأمر كما لو كان عقيدةً سياسية، وحالةً نفسيةً مستقرّة وثابتة، يجري توريثها من جيل إلى آخر. لذلك، عندما لاح سيناريو احتمال توريث مبارك السلطة لابنه جمال في الأفق، دُقّ ناقوس الخطر داخل المؤسسة العسكرية، وعبّر بعض منتسبيها والمحسوبين عليها عن امتعاضهم من الأمر. لذلك، كانت ثورة يناير بالنسبة إلى العسكر هديةً من السماء، سمحت لهم بضرب عصفورين بحجر واحد: التخلص من شبح جمال مبارك بإنهاء سيناريو توريثه السلطة، وضمان عدم حدوث انتقال ديمقراطي حقيقي في مصر، ما قد يبعدهم بشكل كامل عن السلطة.

وقد تحقّق لهم ما أرادوا وزيادة، بوصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة من خلال انقلابه المشؤوم في 3 يوليو/ تموز 2013، ولم يعد العسكر إلى السلطة بشكل صريح وواضح فقط، بل أيضاً بفتح المجال والخيال واسعين أمام احتمالات توريثه السلطة لاحقاً. لكن هذه المرّة لن يكون توريثاً مهنياً فقط كما العادة، بل أيضاً عائلياً، من خلال ترفيع نجله محمود السيسي وتصعيده، وهو حالياً وكيل في جهاز المخابرات العامة المصرية، ويجري تلميعه، ويزداد حضوره، وتتسع صلاحياته داخلياً وخارجياً.

وريث السيسي السلطة لنجله يعني ضمان بقاء هيمنة العسكر على الدولة والمجتمع لجيل قادم على الأقل، فإذا افترضنا أنّ السيسي سينهي مدّتيه الرئاسيتين عام 2030، حسبما تتيح له التعديلات الدستورية التي مُرِّرَت عام 2019، فإنّ محمود السيسي سيكون عمره وقتها حوالى 48 عاماً، ما يعني أنّه سيكون أصغر من يتولى السلطة في مصر منذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي تولاها عام 1954 وكان عمره 36 عاماً.

العسكر، تحديداً كبار القادة، على قناعةٍ بأنّهم أهل الحكم وأصحاب السلطة

 الضمانة الوحيدة لعدم محاسبة السيسي، وكبار قادته، المتورّطين في جرائم قتل وقمع واختفاء قسري واختطاف منذ ثورة يناير 2011، أن يورث السلطة لابنه، ولابنه فقط، من دون أي شخصٍ آخر من داخل المؤسسة العسكرية، مهما كانت درجة ولائه للسيسي، بمن فيهم خادمه الوفي وكاتم أسراره، عباس كامل.

الجيش في مصر مصدر السيادة والسلطة والشرعية، وليس الشعب أو الأمة المصرية

الطريق الوحيد فقط لوقف مثل هذا السيناريو الكئيب أحد أمرين: أن يحدث صراع على السلطة بين الجنرالات، بما قد يؤدي إلى التخلص من السيسي وابنه والعودة إلى الملكية المهنية. أو أن ينتفض المصريون ضد السيسي، ومن ثم يتدخل الجيش لإطاحته كما فعل مع مبارك في 2011، لضمان بقاء المؤسسة العسكرية في السلطة. وفي الحالين، لن يستفيد الشعب المصري من إطاحة السيسي وابنه بشكل حقيقي، ما لم يكن الهدف والمحرّك الأساسي لأيّ انتفاضة جماهيرية مقبلة إنهاء حكم العسكر مرة واحدة وإلى الأبد، وهذا هو التحدّي الأكبر.


باعث الإصلاح الديني هو الخوف على الدين ********

ضرورة القيام بثورة إصلاحية من داخل الدين نفسه، حفاظاً على بقائه واستمرار جماعة المؤمنين به. لذلك ليس صدفة أن من قاموا بالإصلاح الدينى فى المسيحية واليهودية كانوا فى الأصل من رجال الدين. فى المسيحية، قاد لوثر وكالفن، وغيرهما، عملية شاملة لإعادة تعريف المسيحية باعتبارها رابطة فردية بين الإنسان والرب، لا مكان فيها لسلطان الكنيسة. فى اليهودية، قاد «موسى مانلدسون» ما يُسمى بالـ«هاسكلاه»، أو التنوير اليهودى، فى القرن الثامن عشر، لإخراج المجتمعات اليهودية فى أوروبا من عزلتها. السؤال هنا: ما الذى يدعو رجالاً من داخل الجماعة الدينية إلى إدراك حتمية الإصلاح؟.

الإجابة أن أى منظومة دينية تقوم على مجموعة من المُعتقدات والعقائد التى تُشكل أسلوب حياة الجماعة ونظرتها للعالم. هذه المعتقدات والعقائد الثابتة ترتبط فى الغالب بنصوص تنظم الحياة، كما هو الحال مع الأديان الإبراهيمية الثلاثة. المشكلة تبدأ عندما تصطدم النصوص بالواقع كما يعيشه الناس، خاصة إذا شهد الواقع تغييرات جذرية فى مفرداته. والحال أن هذه التغييرات الجذرية كانت نادرة الحصول فى العصور القديمة، ثم تسارعت وتيرتها منذ عصر النهضة والكشوف الجغرافية، وما ارتبط بهما من صعود الرأسمالية، ثم جاء التغير الأخطر مع عصر الصناعة باعتباره نقلةً نوعية فى حياة البشر.

أمام متغيراتٍ عميقة ومتسارعة، تجد الجماعة الدينية نفسها فى مأزق. أهلها يريدون العيش بنفس الطريقة التى حفظت لهم بقاءهم لقرونٍ عدة. على أن عمق المتغيرات حولهم يجعل هذا الخيار أصعب مع الوقت. لا قضية تُلخص عمق هذا المأزق قدر قضية الربا. لقد حرمت الأديان الإبراهيمية الثلاثة الربا، واعتبرته البوذية والهندوسية أيضاً محرماً. بل إن الكثير من فلاسفة العصور القديمة- مثل أفلاطون وأرسطو- اعتبروه نوعاً من الظلم الشديد والإجحاف بحق الغير، وسار على خطاهم «توما الإكوينى» وغيره من رجال الكنيسة فى العصور الوسطى. السبب أن الربا- خاصة بفائدة كبيرة- كان مرتبطاً بسقوط الكثير من الناس فى أسر العبودية، وهو ما كان يحدث فى اليونان القديمة مثلاً.

على أن اليهودية اعتبرت أن الربا مع الأغيار- أى غير اليهود- مُباح. وهذا هو السر وراء عمل اليهود فى إقراض الأموال فى كثير من المجتمعات المسيحية والإسلامية التى حرمت الربا، وحرمت- كذلك- عمل اليهود فى أغلب الحرف والطوائف، فلم يعد أمامهم سوى المُعاملات المالية. وربما كان هذا هو السبب الكامن فى الكراهية التى تأصلت وترسخت ضدهم فى المجتمعات الأوروبية عبر قرون.

والحال أن حركة الإصلاح الدينى قد ترافقت مع بزوغ الرأسمالية فى المدن الأوروبية، حيث صارت التجارة مصدراً رئيسياً لثراء هذه المدن. ودرس قادة حركة الإصلاح مسألة الربا، ورفضوه من حيث المبدأ (لأن تحريمه واردٌ بنص فى الكتاب المقدس)، إلا أن لوثر وكالفن أباحاه فى نطاق معقول، وحددا الفائدة المباحة فى حدود 5%. ولا شك أن هذا الاجتهاد الدينى لعب دوراً هائلاً فى دفع عجلة الرأسمالية، خاصة فى المجتمعات البروتستانتية، وعلى رأسها إنجلترا وهولندا.

غنىٌ عن البيان أن مسألة الربا ظلت حتى عهد قريب موضع خلاف كبير فى العالم الإسلامى. هناك آراء تذهب إلى أن عدم الأخذ بنظام الفائدة يُعد سبباً رئيسياً فى تأخر المسلمين اقتصادياً. والثابت أن الإمام محمد عبده لما سُئل عن موقف الشرع من حوافز أو مكافأة التوفير فى صندوق البريد، أجاز هذا الأمر مع التأكيد على أن الحكمة فى تحريم الربا ألا يستغل الغنى حاجة أخيه الفقير، وعلى هذا النهج سار الشيخ شلتوت.

جوهر الأزمة يتعلق غالباً بالتصادم مع العصر. الحل، فى أغلب الأحوال، يأتى من قادة ورواد من داخل الجماعة الدينية يُدركون خطورة هذا الصدام على حال الجماعة ومستقبلها

محمد عبده وطه حسين وعلى عبد الرازق وغيرهم، جاءوا كلهم من الأزهر. لسببٍ ما، لم تصل هذه العملية فى العالم الإسلامى إلى غايتها المنشودة.

 نكوص المسلمين عن خوض غمار العملية الإصلاحية التى خاضتها الأديان المختلفة من أجل الحفاظ على بقائها وبقاء جماعة المؤمنين بها عبر الزمن.
لا أبالغ إذ أقول إن الإصلاح فى الإسلام هو ضرورة بقاء.
*

الإصلاح الديني الأوروبية


 الحرية هي نتيجة التنافس الديني، ولولا هذه الاختلافات الدينية لضاعت الحرية في ظل السلطان المطلق للملوك. فقد عملت الصراعات الدينية الأوروبية في النصف الثاني من القرن السادس عشر على تمهيد السبيل للثورات الديمقراطية في القرن السابع عشر ولعصر التنوير في القرن الثامن عشر.

*


السبت، 29 يناير 2022

الثقافة المصرية في الأفلام السينمائية

الفن بشكل عام بما يتضمنه من أفلام، ومسلسلات، ومسرحيات، وموسيقى، وغناء، ونحت، ورسم، وتصوير، وأدب.. أو أي عمل إبداعي أيا كان شكله وطبيعته يعكس واقع وثقافة الأمم وهويتها، فالفن جامع وشامل لكافة طبقات المجتمع ويحوي إبداعاتها، فهو لغتها النابضة الحية، وهو الوعاء الثقافي لهذا المجتمع أو ذاك الشعب.

كتاب الباحث الأكاديمي المصري كمال محمود الإخناوي “الثقافة المصرية في الأفلام السينمائية”

فالأفلام جامعة وحاوية لمعظم أو كل الفنون، فالأديب الكاتب كتب القصة أو الرواية، وتناولها مبدع آخر في كتابة الحوار والسيناريو، وتناقلتها أيدي مبدعين آخرين ابتداء من فريق التصوير والإنتاج، ومرورا بفريق الديكور والإضاءة، والموسيقى التصويرية وغيرهم وانتهاء بالمخرج ومساعديه.

إدراك كيف تظهر لنا الأفلام معبرة عن ثقافة ووجدان المجتمع. فوظيفة المرآة الأساسية هي عكس الصورة التي أمامها، وليس كما يجب أن تكون الصورة، فالمرآة تعكس صورة الشخص سواء كان وسيما أو قبيحا، كما أنها تعكس صورة الحديقة بصرف النظر عن تنسيقها وجمالها، أي أن المرآة لا تحوّل صورة الشخص الرثّ القبيح إلى شخص مهندم وسيم، لأنه يجب أن يكون وجيها أو وسيما”.

"قنديل أم هاشم" قدم صورة المواطن المصري البسيط المعتقد في الأولياء
الطب المصري 

لم تظهر لنا الأفلام القديمة أن شخصا يلبس حزاما ناسفا ليفجّر ويقتل آخرين يختلفون معه في الرأي أو العقيدة، وإنما ظهر ذلك حديثا في فيلم ‘كباريه’ وفيلم ‘السفارة في العمارة’ وفيلم ‘الإرهابي’، فذلك يدل على توافر كل الشروط لإتيان مثل هذا الفعل، وعرضت السينما الصورة كما أفرزتها الظاهرة الاجتماعية”.

ويضيف “على الجانب الآخر يمكن ملاحظة تمسك الناس ببركة الأولياء قديما وحتى الآن في فيلم ‘قنديل أم هاشم’ (1968) وفي فيلم ‘الليلة الكبيرة’ (2014). ونظريا يمكن القول إن أي ظاهرة تظهر في المجتمع يجب أن نجدها في الأفلام

هل تقوم الدنيا ولا تقعد حتى يتمّ حل المشكلة كما يحدث في بعض بلدان العالم المتقدّم؟ هل نكتفي بدور المتفرّج الذي يشاهد الظاهرة السلبية ويكتفي بعلامات تعجب، أم يكون لنا دور في إحداث تغيير إيجابي؟ كم عاما مضى على مشاكل الطلاق، وكم سيدة عانت الأمرين قبل وبعد فيلم ‘أريد حلا’ (1975) حتى ظهر قانون الخلع؟ ومع الأخذ في الاعتبار أن هذا الفيلم كانت له أيدي بيضاء في إلغاء قانون حكم الطاعة بالبوليس، هل السينما أو المرآة عكست كل ظواهر ثقافتنا؟”.

في بعض الأوقات كانت الرقابة تتلقّى أوامرها من ولاّة الأمور كما قال حسن قدري (صلاح نظمي) ممثل ولاّة الأمور في فترة نكسة 1967 وما بعدها في فيلم “القطط السمان” (1978). وطبعا فيلم “القطط السمان” بيّن هذه الظاهرة بعد أن انتهى النظام الحاكم لتلك الظاهرة بعدة سنوات، لكن هناك أفلاما كثيرة كانت تشير بالرمز إلى النظام السياسي كما نجد في فيلم “البداية” على شاكلة المعنى في بطن الشاعر.

 أوضحت المعاناة التي يتكبدها الآخر لكي يندمج وينخرط في المجتمع، والصدمات الثقافية التي يصطدم بها بشتى أنواعها في إطار كوميدي في بعض الأحيان ودرامي في أحيان أخرى، مثل فيلم “النمر الأسود” (1984)، و“بناتنا في الخارج” (1984)، و“أميركا شيكا بيكا” (1993)، و”صعيدي في الجامعة الأميركية” (1998)، و“همام في أمستردام” (1999)، و“هالو أميركا” (2000)، و“فول الصين العظيم” (2004)، و“عسل أسود” (2010)…إلخ

أيضا تناول الإخناوي في كتابه ظاهرة الطلاق سواء لدى المسلمين أو المسيحيين من خلال أفلام “الشيخ حسن”، “ثورة البنات”، و“الأحضان الدافئة”، و“زوج تحت الطلب”، و“أريد حلا”، و“امرأة مطلقة”، و”مولانا”، و“واحد صفر”، و”محامي خلع” و“أريد خلعا” و“الزوجة السابعة” و”الزوجة رقم 13” و“أسوار القمر” و“هيباتا”.

ورصد الباحث المصري أيضا الأفلام التي تنبأت برؤية المستقبل في بعض الأشياء، كما حدث في فيلم “لا تطفئ الشمس”، و“طيور الظلام”، و“الخلية”، و“مولانا”.

*Jun 3, 2020

قنديل ام هاشم . يحي حقي

فالطبيب إسماعيل الذي ذهب إلى الغرب “يريد أن يرى كل شيء، ويفهم كل شيء” عاد مُشبَّعًا بالفكر العلمي الصارم، الذي دفعه إلى أن يثور ويحطّم الضريح والقنديل عندما وجد أمه تُعالِج فاطمة النبوية بزيت القنديل وهو الطبيب القدير بأمراض العيون وقد “درس في بلاد بره” كما كان يقولها أبوه. وفي لحظة فارقة وقف عاجزًا أمام العلاقة الخفيّة بين الشخصية المصرية وهذا المقدّس الدينيّ، فاستجاب، لا لعجز العلم الذي درسه عن التداوي، أو حتى حسب صيحته “وفهمتُ الآن ما كان خافيًا عليّ، لا علم بلا إيمان” وإنما لأن ثمَّة يقينًا داخليًا مؤمنًا تسرّب إليه بهذا المقدّس، وإدراكه أنّه لن يستطيع استبداله بمفاهيم علمية أو زحزحته، فيستسلم في النهاية وينادي فاطمة “تعالي يا فاطمة، لا تيأسي من الشفاء. لقد جئْتُكِ ببركة أم هاشم، ستُجْلِي عنكِ الداءَ، وتزيح الأذى وتردّ إليكِ بصركِ فإذا هو حديد”، وهذا الاستسلام ليس لتعارُض العلم أو حتى فشله. ولكن لأنه فهم ببساطة الروح المصرية وإيمانها العميق بالوجدان الذي رفض العلم الذي هو نتاج العقل فقط. لكن الرسالة المهمّة التي تركها باستسلامه مفادها أن إسماعيل الذي آمن بالعقل وسافر إلى أوروبا ورأى منجزات العلم الحديث، لم يتعالَ وإنْ بدا في بداية الرواية رافضًا لتراثه الشعبي وموروثه الديني. المهمّ أنّه انصاع وأقرًّ بما رفضه.



انقطاع التواصل مع الإعلام الغربي زاد من حجم الشائعات ضد مصر

 تفرقة بين التعامل مع إعلام تابع لتنظيم الإخوان مباشرة يمكن وصفه بـ”الدكاكين الصغيرة” للهجوم فقط على الدولة وبين وسائل الإعلام الغربية التي تحظى بوعاء حكومي أو دولي ولديها موضوعية في نقاشاتها.

الانفتاح جزءا من السياسة المصرية، مع ضرورة فتح المجال أمام المسؤولين للتعاطي مع وسائل الإعلام المختلفة وتوفير المعلومات الرسمية من قنواتها الشرعية، وأن تصبح الأبواب مفتوحة للمراسلين لممارسة عملهم من دون تضييق، وسرعة تدارك أخطاء السياسة السابقة التي شيطنت وسائل الإعلام وقادت لخسارة صحف وقنوات لها جمهور عريض.

Jan 25, 2022

 السيناتور الأميركي كريس ميرفي -وهو ديمقراطي وحليف للرئيس جو بايدن- بالقرار، قائلا إن السيسي فشل في تلبية "شروط الإدارة الصغيرة المتعلقة بحقوق الإنسان، وهي شروط قابلة للتحقيق بالكامل".

 الأيام التي يتلقى فيها الحكام الدكتاتوريون شيكات على بياض من أميركا قد ولت".

شدد على أن الأولوية القصوى للاستقرار والأمن، وأن السلطات تعمل على تعزيز الحقوق من خلال محاولة تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن.

*

Jan 29, 2022

مصر تنوع خياراتها في مواجهة التلاعب الأميركي بالمساعدات

 لم تعد قيمة المساعدات التي تم تخصيصها منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هي الحاكمة لها فقط، إذ كان من الممكن أن تلغيها الولايات المتحدة بعد تمتين السلام وتمدد علاقات تل أبيب في المنطقة، ويمكن لمصر أن تتخلى عنها إذا كانت ستمثل صداعا سياسيا مزمنا.

واشنطن تحرص على توفير ضمانات لمنع انهيار الدولة المصرية، أو تحافظ على تماسكها، والمساعدات تعبر عن هذه الرغبة ثبات السياسة الخارجية 


افتراءات الإسلاميين

 سفر الحوالي

 يستعملونها إزاء المستشرقين، إلى حد أنَّ هذه الكلمة، بسبب استعمالهم المفرط لها إزاء المستشرقين، صارت ملتصقة بهم، وجزءاً من اسمهم عند جمهور الكتاب الإسلامي. فالمستشرق عندهم هو أبداً ودائماً مفترٍ. والافتراءات هي الهوية الثابتة والجامعة لكل المستشرقين.

سفر الحوالي في رسالته عن العلمانية للحصول على درجة الماجستير عزا العبارة المنسوبة إلى غلادستون إلى هذا الكتاب. وهو كتاب قلتُ عنه في هذا المقال إنه منشور سياسي وعقائدي ضد الغرب وتاريخه وحاضره مع العالم الإسلامي، وأضيف هنا أن الكتاب أسهم في تأجيج نيران السخط والغضب والعداوة لحكام العالم الإسلامي، منذ خلع السلطان عبد الحميد وإلغاء الخلافة العثمانية في محاضن الصحوة الإسلامية ومجال نفوذها التربوي والثقافي والعقدي في عقود خلت.

Apr 18, 2021*

يقول سفر الحوالي في مقدمته لرسالته (العلمانية: نشأتها وتطورها وآثارها على الحياة الإسلامية): «ومع أن المراجع المذكورة آخر الرسالة لا تساوي إلا جزءاً مما قرأت، فإنني لا أشعر بشيء من الخسارة، بل أحمد الله تعالى الذي أراني الفكر الجاهلي الأوروبي على حقيقته. والحق أنني علمت علم اليقين أن هذا الفكر ليس باطلاً فحسب، بل هو أيضاً تافه هزيل، وتمنيت من أعماقي أن يهب الله كل شباب أمتي، ما وهب لي من معرفة تفاهته وهزاله»!
إن ما عبرت عنه هذه الأسطر، ما هو إلا إعادة صياغة مختصرة لما قاله سيد قطب في إضافة من إضافاته، بعد أن تشبع بالفكرة المودودية، لطبعة من طبعات كتابه (العدالة الاجتماعية في الإسلام) اللاحقة.

«إن الذي يقول هذا الكلام إنسان عاش يقرأ أربعين سنة كاملة، كان عمله الأول فيها هو القراءة والاطلاع، في معظم حقول المعرفة الإنسانية

وما هو بنادم على ما قضى فيه أربعين سنة من عمره. وإنما عرف الجاهلية على حقيقتها، وعلى انحرافها وعلى ضآلتها وعلى قزامتها، وعلى جعجعتها وانتفاشها، وعلى غرورها وادعائها كذلك! وعلم علم اليقين أنه لا يمكن أن يجمع المسلم بين هذين المصدرين في التلقي!!!»!

طريف طرافة نرجسية أن سفر الحوالي كتب تلك الأسطر وهو في سن الثانية والثلاثين! وكان وهو في تلك السن قد علم علم اليقين أن الفكر الأوروبي تافه هزيل، فضلاً عن أنه باطل الأباطيل. علمه اليقيني هذا يتناقض مع قوله قبل تصريحه هذا: «وقد عرفت منذ اللحظة الأولى أن مهمتي ليست بيسيرة، وأن عليَّ أن أخوض في ميادين بعيدة عن مجال دراستي الشرعية البحتة جاعلاً كل قراءاتي السابقة في الفكر الغربي بمثابة التمهيد فقط لما يجب عليَّ أن أنهض به».

الفكر إذا ما كان فكراً تافهاً هزيلاً، فستكون القراءة فيه وعرضه ونقده عملية يسيرة جداً، ولن تكون فيه نظريات معقدة. وإذا كان ذلك الفكر بتلك الصورة الهزلية فإنه من الحماقة أن تنجز فيه رسالة علمية؛ إذ سيعد هذا العمل إضاعة للوقت بتوافه الفكر وسفاسفه غير المفيدة.

ن كلام سيد قطب الذي استنسخه سفر الحوالي استنساخاً غبياً يمثل عقيدة دينية دعا سيد قطب لها وهي «الإيمان المستعلي» أو بتعبير سيد قطب «الاستعلاء بالإيمان».

في كلام سيد قطب الذي عرض فيه تجربته الذاتية مع القراءة حدثنا أنه غرق في القراءة في الثقافة الغربية أربعين سنة كاملة، وأنه هجر القراءة في العلوم الدينية الإسلامية طيلة هذه المدة. ومع عودته إلى هذه القراءة... إلخ.

 «الجاهلية الغربية»

السذاجة هي أن يأتي سفر الحوالي فيحاكيه في هذا الكلام، مع أنه ليس له في يوم من الأيام تجربة مزحومة مثل السيد قطب في اعتناق «الفكر الجاهلي الأوروبي»، فهو نشأ وتربى وترعرع في محاضن الفكر الصحوي الإسلامي منذ أن كان دون المراهقة.
فهل يعتبر اطلاعه «على أمهات النظريات والاتجاهات في السياسة والاقتصاد والعلم والأدب والفن» إثماً وجاهلية معاصرة، تحتاج إلى تبرير ومماحكة واستعلاء قطبي؟!

*

 كتاب “بين المساجد..”

فئة “الإسلاميين” الذين ينظرون إلى “بريطانيتهم” كأمر ثانوي عرضي جداً، لا يرقى لأن يمثل هوية بالنسبة إليهم، ولا يتطلب أيّ سلوك خاص يفرضه الانتماء والتشارك مع الآخرين في هوية وطنية جامعة.

 مشكلة الهوية والانتماء، الى مناقشة الإشكالات الفكرية الأساسية المُكونة لبنية الوعي الاجتماعي والسياسي المعاصر في بريطانيا، ليتفحص بطريقة ارتدادية وغير مباشرة، المفاهيم التي تصوغ هذا الوعي، من قبيل المواطنية والدولة الحديثة والمؤسسات والمجتمع المدني والسلم المجتمعي وسلطة القانون العام.

الوعي الديني الرافض لمفهوم الدولة المدينة بعمومها، وليس فقط الدولة البريطانية بعينها، ولكنه في هذه الحالة موجه ضدها، ذلك الوعي الذي ما يزال يتبنى مشروعَ إقامة دولة الله على الأرض، والذي يتحدد بمفهوم “حكم الخلافة” بالنسبة إلى الإسلاميين.

ورغم قلة هذه الفئة مقارنة بالغالبية المسلمة، إلا أن أثرها سيكون خطيراً، فأي قليل سيتحول إلى قوة مدمرة للمجتمع ومؤسساته عندما يكون متعصباً، خاصة عندما يبني تعصبه على وهم استئثاره وحده بالحقيقة من تفويض إلهى مطلق، ويكون مستعداً لممارسة الإرهاب باسم الدين، بدءاً من التكفير وانتهاء بالقتل والتفجير.

هذه الجماعات هم بريطانيون بأجسادهم فقط وبالمكان الذي يجمعهم، لكنهم ليسوا كذلك بالنسبة إلى عقولهم وأفكارهم، هم لا يرون في الآخر البريطاني شريكاً بل عدواً محتملاً ومختلفاً عنهم في الهوية، تلك الهوية التي لا تتحدد برباط الأمة - الدولة، ولا برباط إنساني عام، بل برباط عقائدي ومذهبي محدد في أغلب الأحيان.

كما يغيب لدى أفراد هذه الجماعات أيّ احترام أو تمثل لمبادئ الليبرالية الإنجليزية، فالسياسة عندهم ليست فضاءً لحرية إرادة المجتمع وحقه الديمقراطي في تقرير مصيره، بل شأن ديني محدد الغاية مسبقاً. والمرأة باعتقادهم ليست سوى موضوع حلال للرغبات والشهوات، لا يحق لها التعلم ولا العمل ولا مغادرة المنزل. أما من الناحية التربوية، فالعلوم المدنية ليست ممنوعة عن النساء فحسب، بل حتى عن اليافعين من الذكور الذين ينبغي أن ينشغلوا بالعلم الديني، ولا يأخذوا من علوم الطبيعة والفلسفة والآداب إلا ما يفرضه النظام التربوي العام للدولة، وبالطبع ليس عن طيب خاطر.

 أصبحت المساجد البريطانية حواضن مساعدة لتفريخ التطرف وبإشراف مباشر من أئمة راديكاليين مناهضين للتوجه الليبرالي؟ خاصة وأن الكتاب يوضح مقدار الانعزالية التي تعيشها هذه الجماعات، دون أن تربطهم أيّ علاقات اجتماعية أو ثقافية مع الآخرين من أبناء وطنهم، مما يعزز بين الفريقين (الإسلاميين وبقية المجتمع البريطاني) الانقسام الديني والعرقي، ويؤكد وجودهم كمجتمع موازٍ يُثير القلق والريبة، نظراً لممارساتهم واعتقاداتهم الأيديولوجية المتطرفة التي تجري داخل المساجد، والتي ستجعل كل مسلمي بريطانيا في عين العاصفة.

تراوحت بين تطمينات اليسار الإنجليزي بأن أمور المسلمين على ما يرام، وصمت اليمين تفادياً لتهمة التحريض على الإسلاموفوبيا.

الإسلام والمسلمين جزء لا يمكن تجاهله من تاريخ بريطانيا وحاضرها.. وحتى مستقبلها.

انتقد فيه “الإسلام السياسي” وعرض رؤية الدولة الفرنسية لحماية علمانيتها ومحاربة “الانعزالية الإسلامية”، ونذكر جميعاً الاعتراضات الواسعة التي وُجّهت للرئيس ماكرون آنذاك واتهامه بمحاربة الإسلام. ولقد كتبت بالمقابل عدة مقالات حول أزمة الإسلام في الغرب، وأكدت على ضرورة خروج المسلمين من الجمود الفكري، وإلا سيكونون ضحية لليمين المتطرف الذي بدأ يتنامى في عموم أوروبا، وينذر بمخاطر كثيرة، بتنا يومياً نسمع بعض مقدماتها، كأحداث العنف والعنف المضاد بين المسلمين والمتطرفين اليمينيين.

 ربط هذه الرمزية بالهوية الإسلامية المتمايزة عن التراث الغربي، حيث المساجد فقط، دوناً عن أيّ أماكن أخرى، يدخلها الناس حفاة بعد أن يخلعوا على أبوابها أحذيتهم، ويودعونها رفوفاً وأماكن خاصة، فتكون معروضة كما بدت في الصورة تماماً.

*


مصر تمول بالديون المستدامة . توسيع صلاحيات المحليات

Jan 28, 2022

 الحكومة تعتزم تدشين سندات جديدة لتنفيذ مشاريع التعليم والصحة والإسكان والنقل في الأرياف.

ألديك فكرة مشروع؟ ابدأ الآن ولا تنشغل بالتكاليف

تعتزم الحكومة المصرية طرق باب سندات التنمية المستدامة لتمويل المشروعات التي يجري تنفيذها من خلال المبادرة الاجتماعية "حياة كريمة" التي تهدف إلى تحقيق التنمية المُتكاملة لأكثر من نصف سكان البلاد عبر تطوير البنية التحتية والاستثمار في رأس المال البشري وتخفيف الأعباء الاقتصادية عن هذه الشريحة.

 تسعى الحكومة المصرية بخطى حثيثة لتنويع مصادر اقتراضها من الخارج للحصول على سيولة نقدية من خلال التمويلات العالمية المبتكرة لتمويل المشاريع النافعة اجتماعيا في التعليم والصحة والإسكان والنقل.

وبحثت وزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط مع ممثلي الأمم المتحدة بمصر

وتشبه سندات التنمية المستدامة نظيرتها من السندات الخضراء، لكن بدلا من تمويل مبادرات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة توجه الأموال إلى مجموعة واسعة من المشاريع النافعة إلى شريحة عريضة من المجتمع تعاني من الفقر.

وهذه هي المرة الأولى التي تتجه فيها السلطات المصرية نحو سندات التنمية المستدامة بغية تطوير خدمات الرعاية الصحية والتعليم، وتحديث شبكات الطرق وبناء المساكن وتحسين خدمات الصرف الصحي والكهرباء في القرى بحلول منتصف العام المقبل.

ولدى القاهرة سندات التنمية المستدامة التي ترتبط بالشركات المقيدة في البورصة فقط، ويُسمح لها بإدراج سندات تحت ذلك النوع تقابلها حوافز للاستثمار من صناديق استثمار الملكية الخاصة والمتخصصة وصناديق أدوات الدين.

وأطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي مبادرة “حياة كريمة” عام 2019 بغية تطوير القرى المصرية وبدأت برفع مستوى معيشة المواطنين في 277 قرية من القرى الأكثر فقرا والتي يعيش نحو 70 في المئة من سكانها تحت خط الفقر، عبر تحديث البنية التحتية وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم وخدمات الرعاية الصحية، فضلاً عن توفير فرص العمل وتمكين المرأة.

وتحتاج القاهرة إلى تمويلات ضخمة للمبادرة، لاسيما بعد أن توسعت فيها خلال ديسمبر 2020 بعد توجيه السيسي أن تشمل أكثر من 4500 قرية و58 مليون نسمة أو 56 في المئة من السكان، ويتم تنفيذها حتى العام المالي المقبل.

*

تذمر شعبي

 غير راض عن أداء المسؤولين المحليين
صلاحيات المحافظين ورؤساء الأقاليم لتكون مستقلة، وهو ما اصطدم بتذمر اجتماعي خاصة أن البعض لم يتردد في استحضار تجاوزات السلطات المحلية.

للمحافظين ورؤساء الأقاليم لتكون مستقلة القرار والسياسات وتحصيل الأموال وزيادة مواردها بعيدا عن الحكومة بشكل يكرس تطبيق اللامركزية في مصر.

المخالفات وتعرقل خطط التنمية الطموحة التي تنشدها الحكومة لكونها بعيدة عن أعين الأجهزة الرقابية، وارتكاب البعض من مسؤوليها لمخالفات جسيمة لا يتم كشفها بسهولة.

المعارضون للاستقلالية المطلقة للمحليات في مصر أن ذلك يكرس الفساد، ويفتح الباب أمامها على مصراعيه لتنمية مواردها من جيوب الناس وجعل موظفيها يتحكمون في مصائر المواطنين دون رقابة أو محاسبة دقيقة من المجالس المحلية، ما يتطلب العمل على تطهيرها من المتجاوزين وأصحاب المصالح وإعادة هيكلتها.

عجز الحكومة عن القضاء على فساد المحليات الذي يعطل كل تحرك تنموي لجأت إلى توسيع الاعتماد على القوات المسلحة في تنفيذ المشروعات وإنجازها بشكل سريع، لكنها بذلك عالجت العرض وليس المرض، حتى أصبحت الأجهزة المحلية طاردة للاستثمارات وعاجزة عن تحقيق أهداف الحكومة والشارع.

 منح صلاحيات أكبر للمحافظين في تعيين مرؤوسيهم، وللوحدات المحلية الحق في تنمية مواردها والتصرف فيها، مع اعتماد موازنات مالية مستقلة لكل وحدة محلية تمكنها من الاستقلال المالي، ومنحها نصيبا من متحصلات الضرائب من العقارات والثروة وكل وسائل النقل ومنحها سلطة زيادة متحصلاتها لتنفق على المشروعات التنموية.

يكرس فرض الجباية على الناس من المحليات بعيدا عن أعين الحكومة في ظل استباحة الكثير من الموظفين المحليين للحصول على أموال من السكان تحت أيّ مسمى، وعدد كبير منهم يفتقد إلى الحد الأدنى من الحنكة السياسية اللازمة لاحتواء غضب الشارع.

كثيرا ما ضبطت الأجهزة الرقابية موظفين محليين لارتكابهم مخالفات مالية جسيمة، وظهر ذلك عندما فتحت الحكومة ملفات العقارات المخالفة، حيث تبين حصول البعض من مسؤولي المحليات على مبالغ مالية نظير منح تراخيص غير قانونية، وضبط رشاوى لمسؤولين كبار في الأحياء.

لكن بضوابط محددة، ومن المهم إنشاء مجلس أعلى للمحليات يقوم على رقابتها ومتابعة الأداء وتحقيق أهداف التنمية وطموحات الجماهير، مع أهمية زيادة رواتب العاملين في المحليات بحيث يتحقق الرضا الوظيفي والمادي والمكانة الاجتماعية، ولا يكونون عرضة للإغراءات المادية.

ترى دوائر سياسية أن تطبيق اللامركزية في حد ذاتها مطلوب لتسريع التنمية والقضاء على البيروقراطية الإدارية في مصر بعيدا عن تعطيل مصالح الناس، لكن تفعيلها دون رقابة أو إعادة هيكلة المحليات وتحجيم الاستقلالية المطلقة يقود إلى أزمات كثيرة تضع الحكومة في مواجهة شارع وصل غضبه من المحليات إلى الذروة.

الدستور ألزم الحكومة بتطبيق نظام اللامركزية في إدارة شؤون المحافظات المختلفة، لكن لا توجد إجراءات سياسية على الأرض تحدد كيفية تطبيق هذا النظام أو تضمن نزاهته وتحجم نفوذ المحليات حتى لا تتحول إلى أداة للجباية والتحكم في مصائر الناس بمجموعة من الموظفين يفتقدون الخبرة والوعي السياسي والعمل الاحترافي.

ومنذ اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 لا توجد في مصر مجالس محلية شعبية منتخبة، بعدما قرر القضاء حلها في يونيو من نفس العام، وتعهدت الحكومات المتعاقبة بإجرائها، لكن ذلك لم يحدث، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي دعا إلى عقدها قبل نهاية عام 2016، ولم يحدث ذلك لتعقيدات سياسية وقانونية عديدة.

اللامركزية المحلية موجودة في الدول الديمقراطية، لكن لا يُدرك هؤلاء أنها مطبقة من خلال إدارات مركزية قوية ونزيهة، وبطريقة محاطة بالحوكمة يصعب اختراقها أو الالتفاف عليها، وطالما أن الأرضية غير ممهدة لتفعيلها، فإن واقع المحليات في مصر لن يتغير وستظل البيروقراطية مهيمنة.

تفعيل اللامركزية بشكل يقلص جهد الحكومة كسلطة تنفيذية تحتكر كل القرارات والسياسات دون إجراء انتخابات تفرز مجالس محلية شعبية منتخبة تراقب أداء المحافظين ورؤساء الأحياء، يفضي إلى أزمات سياسية واجتماعية يصعب السيطرة عليها لكون المحليات أكثر الجهات احتكاكا بالمواطن العادي.

كما أن توسيع صلاحيات المجالس المحلية بشكل غير منضبط دون حساب طبيعية اختلاف العادات والتقاليد والأعراف في البيئة المصرية يقود إلى مزايدات سياسية، وربما تصعيد متعمد ضد صانع القرار مثل المحافظ، إذا اتخذ قرارا يتناقض مع طبيعة المجتمع، وهنا تتحول الصلاحيات الممنوحة للمجالس المحلية إلى نوع من الثأر والانتقام من القائد التنفيذي.

جود سلطات رقابية في المحليات لا غنى عنه لمنع التلاعب، ويبرز دور اللامركزية ولا تستطيع أي حكومة أن تراقب أداء كل الوزراء والمحافظين، وكل الأحياء في توقيت واحد، وترسم لكل منها الخطط والسياسات، والمفترض أن يكون كل محافظ هو رئيس جمهورية الإقليم، ويتطلب ذلك موارد مالية مستقلة ومحاسبة صارمة لكل من تثبت مخالفاته ليكون عبرة لغيره.

الحكومة تتلكأ في عقد انتخابات المحليات كي لا تتحول المجالس المحلية إلى برلمانات صغيرة معارضة في كل إقليم وحي وقرية، بالتالي فهي تتخوف من تسلل المعارضين والمنتمين إلى تيارات الإسلام السياسي المناوئة للسلطة إلى هذه المجالس، فتفقد السيطرة الكلية عليها وتواجه منغصات عديدة تؤجج غضب الشارع ضدها.

إذا جرت الانتخابات المحلية في القريب بعد تمرير قانون اللامركزية وفق ما ينص عليه الدستور، فقد تواجه الحكومة أزمة أخرى لا ترتبط بتسلل المعارضين إلى المجالس المحلية، بل في إمكانية وصول عناصر غير مدربة سياسيا وتفتقد إلى الحد الأدنى من الحنكة في الرقابة واتخاذ القرارات ما يعيد إنتاج تجارب ماضية فاشلة لتدفع الحكومة وحدها فاتورة هذا الإخفاق، مع أن الأزمة مرتبطة بالمجالس المحلية التي لديها السلطة المطلقة في اتخاذ القرارات المرتبطة بمختلف شرائح الجمهور.

قانون اللامركزية المحلية أم لا، فالحكومة المصرية أصبحت في أزمة حقيقية مرتبطة بأنها احتكرت العمل السياسي على الأحزاب المتحالفة معها، وهيمنت على المجال العام بشكل لم يفرز وجوها جديدة تحقق التنوع والتوازن المطلوب في المجالس المحلية، فهي تختلف عن مجلس النواب المتناغم مع السلطة، والناس لن يقبلوا بإعادة إنتاج محليات تتحدى رغبات الشارع وتفرض عليه قرارات وسياسات بالأمر الواقع.