Aug 30, 2021 Mar 5, 2022 May 17, 2022 Jul 31, 2022
العلاج النفسي
ففرويد يعتمد "إرادة اللذة" طبع الطفل
أدلر "إرادة القوة". طبع مراهق شعور بنقص
فيكتور فرانكل.. حينما تدفعك المعاناة لصياغة فهم جديد للحياة
العلاج بالمعنى
الامتلاك أو الوجود فروم ********
جيل البحث عن معنى
غموض المستقبل لا يخفيه من حاولوا تحليل المشاركات، أما المفاجأة العربية فلم تظهر بعد. الربيع العربي لم يكن سوى مقدمة صغيرة لما سيأتي. الاستطلاع الذي أجرته «بي بي سي»، مع «بست نوليج» العام الماضي، طرح أسئلة حساسة. الجيل الجديد، مختلف، وله توجهات قد تقلب شكل المجتمع في السنوات المقبلة. فهم بحسب هذا الاستطلاع، الذي لم يشمل دولاً خليجية، أقل تديناً ومحافظة من آبائهم، يؤمنون بحق المرأة في اعتلاء مناصب قيادية وحتى تسلم الرئاسة، تصل نسبة المؤيدين إلى 75 في المائة في لبنان والمغرب وتونس. وهم لا يزالون، رغم الانفتاح الكبير، يرون في الرجل حامياً للمنزل ومسؤولاً عن القرارات الحاسمة. وعلى عكس كل ما يشاع، ليس لديهم تسامح مع المثلية الجنسية. الشباب العربي يشكل أكثر من نصف المجتمع، ومع ذلك يقصى عن المشاركة السياسية، لكن مهما تم إبعاده في لبنان والعراق وفلسطين وأماكن أخرى لا بد سيجد، في النهاية، سبيلاً للوصول. المشهد سيتغير، ليس بالضرورة إلى الأفضل. فالمراحل الانتقالية حافلة باللامتوقع. وهي غالباً رجراجة ومزلزلة. قد يكون شباننا الذين لم تؤمّن لهم الضمانات الصحية لزيارة الطبيب النفسي، والوجبات المجانية التي تقيهم غائلة الجوع، والرواتب التعويضية التي تعينهم على الحجر من دون منّة، هي من أسباب صمودهم. وكل الاحتمالات ممكنة، ما دام المشهد محجوباً بغلالة عازلة، لا تدعنا نرى أو نتلمّس ما ينتظرنا. «إنه جيل البحث عن معنى» كما تقول آن موكسا، مديرة في المركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي، ومضطر إلى إيجاد توازنات صعبة بين قديم يهوي، وجديد ينبجس، وما بينهما يناضل ليشق طريقاً لم تتضح معالمها بعد.
المسلم إن كان في رخاء فإن ذلك نعمة وواجبه حينئذ الشكر، وإن كان في شدة فإن ذلك ابتلاء وواجبه حينئذ الصبر
الفراغ الوجودي الذي يجعل المرء لا يشعر بالمعنى الحقيقي لوجوده، ومن ثم فإن ملأ هذا الفراغ بهذا المعنى مثّل تحديًا لفرانكل كإنسان وكطبيب.
يتجه اتجاهين: اتجاه تحفيزي، واتجاه علاجي
، فالتحفيزي يتجه إلى الإنسان العادي الذي لا يواجه مشكلة وجودية
كلما ازداد معنى الحياة لدى هذا الإنسان ازداد ازدهارها ومن ثم نتج لديه السعادة، ويسمي ذلك المؤلف «إرادة الحياة»، الذي يجعله خيراً وأفضل من «إرادة اللذة» الذي يتمحور حوله التحليل النفسي الفرويدي، وكذلك هو خير وأفضل من مبدأ «إرادة القوة» الذي يركز عليه عالم النفس «أدلر» الذي يستخدم مصطلح «السعي من أجل التفوق».
الاتجاه الآخر العلاجي، وهو موجه إلى أولئك الذين يشعرون بالفراغ الوجودي فلا يرون لحياتهم قيمة، ولا لوجودهم معنى، ومن ثم يتطور الأمر إلى أعراض قد تصل إلى حالة اكتئاب، وقد لاحظ أن الذين يصابون بذلك نتيجة الملل أكثر من الذي يصابون به نتيجة ضغوطات الحياة، ويتكلم في ذلك عن «عصاب الأحد» وهو يوم العطلة لديهم، فإن الذين يفتقدون معنى لحياتهم يجدون مرور هذا اليوم صعبًا عليهم، ومن ثَمَّ يقدِّم المؤلف «العلاج بالمعنى» لهؤلاء، ويؤكد أنه ليس وعظًا، ولا تعليمًا، وأنه أشبه بدور طبيب العيون الذي يجعلنا نتمكن من رؤية العالم كما هو الواقع، وليس كدور الرسام الذي يحاول أن ينقل إلينا صورة للعالم كما يراها هو.
المعنى ليس واحدًا وأنه يختلف ما بين إنسان وآخر بحسب ميولهم وقدراتهم، لكن الذي يجمع هذا المعنى في بوتقة واحدة هو النظر إلى المستقبل،
النقطة «بين ما تحقق وما يريد أن يتحقق» يصفها بالتوتر، وهي حالة ممتازة للإنسان، وهي بخلاف «الاستقرار» الذي لا يطمح فيه الإنسان إلى شيء، وهي حالة لا يحبذها ولا يرى أنها تنفع الإنسان
«الحرية» ويرى أنها وصف سلبي وأنها لا يمكن أن تحقق شيئًا للإنسان ما لم ينضاف إليها «المسؤولية»؛ بل إنه يجعل من الحرية خطرًا على الإنسان وعلى المجتمع ما لم تكن مكمَّلة بالمسؤولية،
المسلم يعرف أن من أوائل الحقائق التي يقررها كتابه الأول «القرآن العظيم» أن الحياة ليست عبثًا، وأن الله تعالى لم يخلق الإنسان إلا لحكمة «العبادة» العبادة بمعناها الواسع، أيضًا يؤمن المسلم بمبدأ المسؤولية حتى في أدق التفاصيل لدرجة أنه سيحاسَب على أدق عمله الذي هو وزن «ذرة»، كذلك يمتد نظره إلى المستقبل في أوسع نطاقه لدرجة أن يتعدى نظره من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى الخالدة.
المسلم يعيش حياته وهو يحس أن كل أطوارها خير له مهما كانت؛ إن كان في رخاء فإن ذلك نعمة وواجبه حينئذ الشكر، وإن كان في شدة فإن ذلك ابتلاء وواجبه حينئذ الصبر الذي من خلاله يتجاوز الشدة.
المسلم يؤمن أن الحياة في حد ذاتها نعمة من الله تعالى وعليه أن يغتبط بهذه النعمة وأن يؤدي حقها.
(الهدف الحقيقي للوجود الإنساني لا يمكن أن يوجد فيما يسمى (تحقيق الذات بمعني القوة واللذة ) فالوجود الإنساني هو بالضرورة تسام بالذات، وتجاوز لها أكثر من أن يكون تحقيقا للذات
معنى الحياة عند الجبان هو تقبلها مهما كانت، حتى لو كانت فى حظيرة الذل والهوان . أما عند الشجاع فهي المزدهرة بالمجد والرفعة، وإلا فالموت أحلى منها. لذا فإن فرانكل لا يبحث عن معنى الحياة عند الأسوياء، بل عند المرضى، فأوضح ـ مثلاـ (أن الشخص العصابي يحاول الهرب من الوعي الكامل بمهامه فى الحياة، وإذا استطعنا أن نجعله واعيا بهذه المهام، وأن نوقظ فيه الوعي الكامل بها، فإن هذا يمكن به التغلب على العصاب)
* Jul 10, 2021
عِلْم الوجود... هو شَق من الفلسفة يهتم بالأشياء غير المادية.. يبحث في مفاهيم كالمادة والطاقة والزمان والمكان والكَم والكَيف والعلّة والقانون والكينونة والوجود الذهني أو الوعي.. وكان أول من تحدّث في علم الوجود هم فلاسفة اليونان.. الذين كانوا يتصوّرون أن الوجود بأكمله أبَدي وثابت.. وأن التغيّر الذي نَلحَظَه في حياتنا اليومية لا يعدو عن كونه وهماً.
تطوّر بلا شك الفكر الوجودي مع بزوغ عصر الحداثة.. وظهرَت مدارس فلسفية تناولت مَنبَع التجارب البشرية المختلفة، كالخوف والقلق والموت والعدَمية.. وكان كانط.. وسارتر.. وغيرهما قد تحدّثوا في الإرادة البشرية الحرّة.. وغيرها من المفاهيم الوجودية، لكن يأتي كتاب «مارتن هيدجر»، الذي حَمَلَ عنوان «الكينونة والزمان»، ليُشكّل ثورة في الفلسفة الوجودية الحديثة.. وحيث أثارَت آراؤه نقداً شديداً.. فقد سعى «هيدجر» إلى صياغة فهم للوجود بصفة عامة، إلا أنه كان يرى تحديداً في كينونة الموجود البشري سبيلاً مشروعاً لِفَهم حقيقة الوجود بوجه عام. وقد قارَنَ بين فكرة الوجود الأصيل، الذي تشعُر معه الذات بأنها قائمة بنفسها.. وبين الوجود الزائف الذي تَهبط فيه الذات فتَميل الى الانغماس في المجموع في سبيل التخلّص من القلق والخوف.
المحاولات، سواء من جانب الفلاسفة أو العلماء، لم تنجح في إسدال الستار عن السؤال الوجودي الأعمق.. حول معنى الحياة.
جميعاً نجد أنفسنا عند فراق الأحبة، أو مرض الأعزاء، مدفوعين لِطَرح مثل هذا السؤال الوجودي.
*
Aug 16, 2021
"العلاج بالمعنى".. هل يمكن للإنسان أن يجد خلاصه في أخطائه؟
ما الدافع للبقاء؟ ما الذي يضغط على هؤلاء الذين اختاروا الاستمرار للاستمرار؟ ما الذي يدفع امرأة ضربها السرطان في صورة موجات قاسية على مدى عشر سنوات أن تستمر في المقاومة؟ ما الشيء الذي يجعلنا نستيقظ في الصباح لنقوم من السرير إلى العمل المتكرر الممل اليومي المعتاد ولا نقرر فقط الاستمرار في النوم للأبد؟
فدافع الإنسان ليس اللذة، كما قال فرويد، أو النجاح والمكانة، كما قال أدلر، أو تحقيق الذات، كما تصوّر مازلو، لأن كلًّا من تلك الأمور لم تكن موجودة في المعتقلات النازية، هنا يتصور فرانكل أن الدافع هو أن يجد الإنسان معنى لحياته، والإنسان يمر بهذا البُعد المعنوي فقط عبر التسامي عن الظروف المحيطة التي لا يتمكن من تغييرها، لكنه يتمكن من تغيير وجهة نظره تجاهها.
نأخذ الحب على سبيل المثال، فهو علاقة بشخص ما تدفعك للقناعة أنه لا يمكن لشخص آخر أن يحل مكانه، ورغم أن هذا الآخر يمكن أن يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها هذا الشخص، من ناحية مادية بحتة، فإنه لا يساويه ولا يُغني عنه، لأنك تجد معنى حياتك في جودك مع هذا الشخص تحديدا، هذا الكيان المتفرد، لكن تفرده هنا غير ذي معنى موضوعي، بل هو متفرد في هذه العلاقة تحديدا، تفرد يصنع تجربتك معه.
معنى الحياة هو تجربة خاصة لكلٍّ منّا، أو كما يقول كارل ياسبرز فإن "الإنسان هو ما صار عليه من خلال تلك القضية التي جعلها قضيته الخاصة"، يرى فرانكل أن قدرة الإنسان على إعادة تشكيل ذاته هي "خاصية مميزة للوجود الإنساني"، فالكلب أو القطة يأكلان وقت الحاجة ويمارسان الجنس وقت الحاجة، مدفوعين بحركة الهرمونات والنواقل العصبية، وتُشكِّل الظروف المحيطة حياتهم بشكل كامل وتام.
إيجاد معنى للحياة ليس مسألة تفكير، بل هو مسألة إيمان
*
الفلسفة الرواقية التي تقول بحد تعبير الفيلسوف إبيكتيتوس: "إن كل ما يحدث للناس من انفعال ليس من جراء الأشياء وإنما من جرّاء فكرهم عن الأشياء"، الأشياء -أيًّا كانت- محايدة، ونحن نُسقط معنى حياتنا عليها، ويمكن أن تلاحظ أن هناك تشابها واضحا بين مدرسة العلاج بالمعنى والأساليب الحديثة للعلاج النفسي مثل "مدرسة العلاج المعرفي السلوكي"، والتي بنت نفسها على الفكرة نفسها تقريبا، وهي أن مشكلات الإنسان النفسية لها علاقة بأفكاره الواعية التي يمكن العمل عليها من قِبله وتغييرها، فهو يمتلك القدرة على ذلك.
مدرسة العلاج بالمعنى لم تُقدِّم الكثير من التقنيات العلاجية في حالة المرض النفسي، فقط ما يُسمى بـ "المقصد المتناقض ظاهريا"، ويعني الاختبار المتعمد لمخاوف المريض كي يدرك أن جزءا كبيرا من خوفه كان من الخوف نفسه، وتقنية أخرى تسمى "إيقاف الإمعان الفكري"، وتعني إبعاد انتباه المريض عن التركيز المفرط على مرضه، وشغله -إلى جانب التعامل العلاجي مع المرض- بايجاد معنى لحياته.
مشكلة ليس سوي
تأكيدها مفهوم معنى الحياة من خلال قدرة الإنسان على اتخاذ قرار حر- هي نظرتها الواسعة للإنسان، الأمر الذي تمكّنت من تصديره للمدارس الأخرى في نطاق علم النفس، فالإنسان يمتلك عدة أبعاد، لكن المشكلة كانت دائما في محاولة اختزاله في بُعد واحد فقط. يمكن فهم تلك النقطة بوضوح حينما نتأمل الادعاءات الاختزالية المعاصرة من نوعية "ليس سوى".
الادعاء الشهير: "الإنسان ليس سوى مجموعة من الجينات أو النواقل العصبية التي تتحكم في سلوكياته". في الواقع، لو تأملت قليلا، لوجدت أن هذا الاختزال -بشكل أو بآخر- هو السبب في التصورات الشعبية الشائعة عن المصابين بالاضطراب النفسي كأنهم وحوش أو غير مؤهّلين لشيء، لأنهم من تلك الوجهة ليسوا سوى اختلال في وظيفة الدماغ التي لا نعرف لها علاجا بعد، مع حذف بقية إمكاناتهم وقدراتهم وسُبُل مقاومتهم المتاحة لهم من الصورة تماما.
الناس هنا، سواء كانوا مواطنين عاديين أو حتى أطباء نفسيين، يهتمون بالأشجار، بينما تهتم مدرسة العلاج بالمعنى بالغابة ككل، تطوّر ذلك ليصبح ما سماه فرانكل بالتشخيص متعدد الأبعاد، ولو قرّرت التأمل قليلا لوجدت أن فرانكل بتلك الفكرة كان يضع جذورا لما يحدث اليوم في العلاج النفسي، حيث يتدخل العلاج مع التقنيات النفسية في محاولة لعلاج الاضطرابات النفسية، خاصة الاكتئاب والقلق، التدخل الذي حسّن من نتائج الشفاء بصورة غير مسبوقة.
عالم من الغواء
الفراغ أو الخواء الوجودي، وهو ببساطة تلك الحالة من فقدان المعنى التي تُصيب الجميع في عصور الشك أو الهزيمة على سبيل المثال، هنا يلح الإنسان على طلب مصادر اللذة أيًّا كانت، ويستمر في النهل منها لكنه لا يُحقِّق أي رضى، بالضبط مثل المدمن على إحدى المواد المخدرة، وذلك لأن هدفنا ليس اللذة، بل إيجاد معنى حياة تظهر هذه اللذة كعرض جانبي له.
حينما يقع مجتمع ما في أسر الفراغ الوجودي فإنه لا يُعَدُّ مريضا، ولا يمكن التعامل مع الفراغ الوجودي كمرض نفسي، بل هو أقرب ما يكون إلى "عصاب معنوي"، لكنه يؤثر ككل في مجمل تطور الحالات، فتصبح نِسَب الإصابة بالاكتئاب والقلق -على سبيل المثال- أكبر في تلك الحالة من فقدان المعنى الضارب في المجتمعات، لذلك يجب على المتخصصين في نطاق علم النفس أن يهتموا -إلى جانب تقنياتهم العلاجية- بحل تلك المشكلة التي تُعَدُّ أساسية بقدر المرض نفسه.
يقول فرانكل: "إن الاهتمام الطبيعي والأصيل للإنسان والمنصب على القيم يتعرض للخطر نتيجة سيطرة النزعة الذاتية والنزعة النسبية، فمن شأن أيٍّ من هاتين النزعتين أن تودي بمثالية الإنسان وحماسه". يقصد فرانكل ما مر بالعالم بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن مجتمعاتنا تمر حاليا بحقبة شبيهة من فقدان المعنى، ولهذا السبب فإننا نتخبط في الشوارع مثل الزومبي، لا نعرف أين تكمن المشكلة تحديدا، ولكننا -على أية حال- ننهل بكل شغف من المثيرات الحسية التي تعرضها علينا الحياة الرقمية.
قراءة كتاب فرانكل "إرادة المعنى"، ويُعَدُّ النسخة الأكثر تقنية وتخصصا من كتابه واسع الشهرة "الإنسان يبحث عن المعنى"، في هذا الكتاب يؤسس فرانكل لمدرسته العلاجية، ويتحدث باستفاضة عما يعنيه الفراغ الوجودي وما يعنيه "معنى الحياة" مقارنة بالمدارس الأخرى.
سر قوة هذه المدرسة كما أسلفنا لم يكن في التقنيات، بل في الروح التي صبغت بها علم النفس ككل ودفعته للتعامل مع الإنسان بشكل مختلف، ككيان قادر على التسامي عن ذاته، أو كما قال: "جوهر الوجود هو التسامي عن الذات".
اعتراف بعدم قدرتي علي فهم المعني المطلق
*Mar 8, 2023
نحن من نخلع المعنى على الحياة ، وهذا المعنى يتلوّن بلون أمزجتنا العقلية ودوافعنا الذاتية : الروائي مثلاً يرى في الحياة لعبة تخييلية صالحة دوماً لأن تكون ساحة لفعالية روائية ، والفيزيائي يرى في الحياة تركيباً يعجّ بسحر الصياغات الرياضياتية المبهرة التي تحمل في طياتها كل خزين العالم من معنى وغاية ، ويسري الأمر ذاته مع الآخرين ، وكلٌّ حسب مزاجه وثقافته وتدريبه المهني، وممارسته الحِرَفية ، وتشكّله الفلسفي والذهني .
العلم غير معنيّ بسؤال ( لماذا ؟ ) بل بسؤال ( كيف ؟ ) وحده . سؤال المعنى ليس مكانه المباحث العلمية وإن كانت هذه المباحث يمكن أن تساهم بطريقة غير مباشرة في الكشف عن بعض المناطق المظلمة في بحثنا لإكتشاف المعنى .
كيف يمكن تصوّر العيش في عالم غير ذي غاية ولا معنى؟ وهل ثمة إمكانية لوجود أخلاقيات في مثل هذا العالم؟ هذا الربط الشرطي بين المعنى والاخلاقيات فعلٌ ينطوي على سوء مستطير . الاخلاقيات يجب أن تتعالى على كلّ الاوضاع البشرية حتى نضمن سموّها وعلويتها وقدرتها على الفعل في الحياة البشرية .
يفعل الدكتور كارلو سترينغر Carlo Strenger الامر ذاته عندما يقدّمُ كتابه الخوف من الافول : البحث عن المعنى في القرن الحادي والعشرين
أختزِلت الحياة الهانئة في أنموذجين : الثراء ( بوصفه التقييم الكمي لما لديك ) ، والشهرة ( بوصفها التقييم الكمي لمدى معرفة الناس بك ) ..... « .