الخميس، 15 يونيو 2023

العالم النفسي فيكتور فرانكل، في كتابه (الانسان يبحث عن معنى) *العلاج بالمعنى***********************

Aug 30, 2021 Mar 5, 2022 May 17, 2022  Jul 31, 2022

 العلاج النفسي

ففرويد يعتمد "إرادة اللذة" طبع الطفل

أدلر "إرادة القوة". طبع مراهق شعور بنقص

فرانكل "إرادة المعنى" وهي الأقوى

فيكتور فرانكل.. حينما تدفعك المعاناة لصياغة فهم جديد للحياة



العلاج بالمعنى

  النمساوي فرانكل للعلاج بإدراك وتمثل معنى الحياة، الإنسان قادرا على مواجهة التحديات والتكيف مع متطلبات الحياة
 كل شخص كائن إنساني مختلف ومتفرد ومتميز. ولا يمكن مقارنة إنسان بآخر،

 الإنسان الذي يصبح واعيا بالمسؤولية التي يحملها إزاء إنسان آخر ينتظره بشوق وحنان أو إزاء عمل لم يكتمل سوف لا يكون قادرا أبدا على التفريط في حياته. فهو يعرف سبب وجوده ويشعر بالغاية من وجوده. ومن ثم يكون قادرا على تحمله بأي شكل من الأشكال.

يركز العلاج بالمعنى على المستقبل، وأن يبحث الإنسان عن القوة الدافعية الأولية أو إرادة المعنى، وفي هذا البحث ينشئ الإنسان قوته وإرادته وخصوصيته، إن إرادة المعنى لدى معظم الناس هي حقيقية وليست مجرد اعتقاد. وفي ذلك يفسر فرانكل التعصب بأنه رغبة مرضية لدى المتعصب للتقليل من طموحات وإنجازات الآخرين

يلتبس المعنى أحيانا بالرغبات، وفي هذه الحالة يفقد المعنى طبيعته الباعثة على التحدي والعمل، ولا يعود ذلك يدفع الإنسان إلى أن يحشد طاقاته وينطلق إلى التقدم.

تقديس الحياة كل ما يساعدها خير وكل من يقلل منها فهو شر 
الطب الحقيقي *

الامتلاك أو الوجود فروم ********


اختيار السعادة
نحن نختار ماذا نأكل وماذا نشرب وماذا نلبس ومن نحب وأين نعمل وغيرها الكثير من الخيارات، فإن كنا سعداء باختيارنا للسعادة سنكون أكثر إيجابية في التأثير على من حولنا، على أولادنا، شركائنا، مجتمعاتنا..، فالعالم سيكون مكانا أفضل عندما تعيش عليه أفضل نسخة سعيدة من كل واحد منا، فالسعادة نجاح وصحة وتواصل وجاذبية. إن سعادتنا تعتمد على الطريقة التي نعيش فيها حياتنا وكيف ننظر للعالم، فنحن نختار عدساتنا لنرى هذا العالم، لنختار عدسات السعادة. فليس المهم ما يحدث لك بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك.

Mar 26, 2021

جيل البحث عن معنى

ثلاثة ملايين شاب عاطل عن العمل دون سن الخامسة والعشرين في أوروبا. شكوى عارمة من تفشي القلق والاكتئاب، ازدحام غير مسبوق على زيارة العيادات النفسية، تصاعد للجريمة خاصة في المدن، مثل لندن وباريس وروما. تقارير غاية في التشاؤم، من التحولات التي أصابت الشباب بعد عام ونصف العام من الحجْر، وإغلاق مؤسسات، وصعوبة العودة إلى حياة تشبه التي كانت.

«حرب أجيال»

شهادات الشبان، تنمّ عن خوف وإحساس، بأن كل أنواع الخراب قد تحلّ في أي لحظة. «يمكن أن ينتهي العالم غداً»، وأن «النظام الحالي ضعيف، كما لو أنه مثبّت بشريط لاصق وأعواد أسنان». ويقول أحدهم «أمرّ بأزمة منتصف العمر وأنا في الثانية والعشرين». وتعلق صحيفة «الغارديان» البريطانية التي شاركت في إطلاق هذا النداء، «ثمة شعور أن كبار السن يديرون المجتمع من أجل كبار السن». «الشباب يعرفون أنهم سيكونون أكثر فقراً من آبائهم»، وهم على استعداد للمضي بأي حركة احتجاجية؛ مما يفسر، حجم المظاهرتين الكبيرتين غير المعهودتين، اللتين شهدتهما لندن تأييداً لفلسطين.

ليس حال الشاب الأوروبي هو ما يقلقني، ففي النهاية لهم من يعنى بهم. خطر لي أن الأزمات العربية مضاعفة أو أربع مرات أكبر مما تعانيه أوروبا. نحن نكاد لا نعرف أي بؤس يعيشه شبابنا، جراء الحروب والبطالة والحرمان. قليلة هي الاستطلاعات، التي تعنى بهمومهم، لكن المتوفر يبين أن نصفهم يرغبون في الهجرة، وفئة منهم على استعداد لتحمل مخاطر المحاولات غير الشرعية. هؤلاء غايتهم الوصول إلى أوروبا أو كندا وأميركا. البلد الأخير هو الأكثر بريقاً، مع أنه صار هو نفسه يشكو من تعاظم حجم الجريمة وكوارث تعاطي المخدرات، بعد الجائحة. هل يريد المنحوس أن يتعلق بقشة خائب الرجاء؟ أليست جنان الغرب بدأت تتصحر، في حين تحولت البلدان العربية في غالبيتها، إلى كوابيس لا نهاية لظلمتها!

إذا كانت أوروبا نادمة لأنها أهملت شبابها وضحّت بهم أثناء الجائحة، فما الذي على العرب أن يقولوه، وهم يذبحون أطفالهم كالخراف جيلاً تلو آخر. تفرد الصحف الأجنبية صفحاتها لشهادات شبانها، وترصد لهم المحللين والمتخصصين في علم النفس والاجتماع، لفهم متاعبهم، ويملأ الشبان العرب وسائل التواصل صراخاً واحتجاجاً ولا من يسمع. هؤلاء يصبرون على البطالة ويعضّون على الفاقة. وإذا صدقنا الدراسات، فإن أولويتهم الأمن والسلامة. إنهم فقط يريدون أن يبقوا أحياء، ومطلبهم الثاني القضاء على الفساد في بلدانهم، وأن ينالوا قسطاً من التعليم. لا كلام عن تدهور الصحة النفسية، أو حلم المهاجرين الصغار في العودة، يوماً، إلى بلدانهم التي طردتهم من رحمتها.

كتبت «لوموند» الفرنسية «من بيزا إلى لندن عبر إشبيلية أو لاروش سوريون، (تتفتت الحياة الوردية والثقافية والرومانسية للشباب، يلغون مشاريعهم، يخضعون لدورات تدريبية غير مفيدة، يجدون صعوبة في العثور على وظيفة، ويعيشون نوبات من القلق)». شهادات الشبان كرروا خلالها ألفاظاً ذات دلالات قاسية وهم يصفون ما يواجهونه؛ إذ اعتبروه «مرعباً»، «ساحقاً»، نوعاً من «محنة»، تفضي بهم إلى «رتابة» تتسبب في «إرهاق» و«اضطراب».

أي غد لعالم أغنى بلدانه، وأكثرها دلالاً يخشى عواقب غضب «جيل ضائع» يعرف سلفاً وقبل أن يدخل سوق العمل أنه سيدفع ضرائب أعلى من سابقيه، ويتحمل ديوناً أكبر وأزمات أكثر. يوصف بأنه «الجيل الأكثر اضطراباً منذ الحرب العالمية الثانية».

غموض المستقبل لا يخفيه من حاولوا تحليل المشاركات، أما المفاجأة العربية فلم تظهر بعد. الربيع العربي لم يكن سوى مقدمة صغيرة لما سيأتي. الاستطلاع الذي أجرته «بي بي سي»، مع «بست نوليج» العام الماضي، طرح أسئلة حساسة. الجيل الجديد، مختلف، وله توجهات قد تقلب شكل المجتمع في السنوات المقبلة. فهم بحسب هذا الاستطلاع، الذي لم يشمل دولاً خليجية، أقل تديناً ومحافظة من آبائهم، يؤمنون بحق المرأة في اعتلاء مناصب قيادية وحتى تسلم الرئاسة، تصل نسبة المؤيدين إلى 75 في المائة في لبنان والمغرب وتونس. وهم لا يزالون، رغم الانفتاح الكبير، يرون في الرجل حامياً للمنزل ومسؤولاً عن القرارات الحاسمة. وعلى عكس كل ما يشاع، ليس لديهم تسامح مع المثلية الجنسية. الشباب العربي يشكل أكثر من نصف المجتمع، ومع ذلك يقصى عن المشاركة السياسية، لكن مهما تم إبعاده في لبنان والعراق وفلسطين وأماكن أخرى لا بد سيجد، في النهاية، سبيلاً للوصول. المشهد سيتغير، ليس بالضرورة إلى الأفضل. فالمراحل الانتقالية حافلة باللامتوقع. وهي غالباً رجراجة ومزلزلة. قد يكون شباننا الذين لم تؤمّن لهم الضمانات الصحية لزيارة الطبيب النفسي، والوجبات المجانية التي تقيهم غائلة الجوع، والرواتب التعويضية التي تعينهم على الحجر من دون منّة، هي من أسباب صمودهم. وكل الاحتمالات ممكنة، ما دام المشهد محجوباً بغلالة عازلة، لا تدعنا نرى أو نتلمّس ما ينتظرنا. «إنه جيل البحث عن معنى» كما تقول آن موكسا، مديرة في المركز الفرنسي الوطني للبحث العلمي، ومضطر إلى إيجاد توازنات صعبة بين قديم يهوي، وجديد ينبجس، وما بينهما يناضل ليشق طريقاً لم تتضح معالمها بعد.

*
Jun 4, 2021

معاناة الإنسان *****

 المسلم  إن كان في رخاء فإن ذلك نعمة وواجبه حينئذ الشكر، وإن كان في شدة فإن ذلك ابتلاء وواجبه حينئذ الصبر 

 الفراغ الوجودي الذي يجعل المرء لا يشعر بالمعنى الحقيقي لوجوده، ومن ثم فإن ملأ هذا الفراغ بهذا المعنى مثّل تحديًا لفرانكل كإنسان وكطبيب.

يتجه اتجاهين: اتجاه تحفيزي، واتجاه علاجي

، فالتحفيزي يتجه إلى الإنسان العادي الذي لا يواجه مشكلة وجودية

كلما ازداد معنى الحياة لدى هذا الإنسان ازداد ازدهارها ومن ثم نتج لديه السعادة، ويسمي ذلك المؤلف «إرادة الحياة»، الذي يجعله خيراً وأفضل من «إرادة اللذة» الذي يتمحور حوله التحليل النفسي الفرويدي، وكذلك هو خير وأفضل من مبدأ «إرادة القوة» الذي يركز عليه عالم النفس «أدلر» الذي يستخدم مصطلح «السعي من أجل التفوق».

الاتجاه الآخر العلاجي، وهو موجه إلى أولئك الذين يشعرون بالفراغ الوجودي فلا يرون لحياتهم قيمة، ولا لوجودهم معنى، ومن ثم يتطور الأمر إلى أعراض قد تصل إلى حالة اكتئاب، وقد لاحظ أن الذين يصابون بذلك نتيجة الملل أكثر من الذي يصابون به نتيجة ضغوطات الحياة، ويتكلم في ذلك عن «عصاب الأحد» وهو يوم العطلة لديهم، فإن الذين يفتقدون معنى لحياتهم يجدون مرور هذا اليوم صعبًا عليهم، ومن ثَمَّ يقدِّم المؤلف «العلاج بالمعنى» لهؤلاء، ويؤكد أنه ليس وعظًا، ولا تعليمًا، وأنه أشبه بدور طبيب العيون الذي يجعلنا نتمكن من رؤية العالم كما هو الواقع، وليس كدور الرسام الذي يحاول أن ينقل إلينا صورة للعالم كما يراها هو.

المعنى ليس واحدًا وأنه يختلف ما بين إنسان وآخر بحسب ميولهم وقدراتهم، لكن الذي يجمع هذا المعنى في بوتقة واحدة هو النظر إلى المستقبل،

النقطة «بين ما تحقق وما يريد أن يتحقق» يصفها بالتوتر، وهي حالة ممتازة للإنسان، وهي بخلاف «الاستقرار» الذي لا يطمح فيه الإنسان إلى شيء، وهي حالة لا يحبذها ولا يرى أنها تنفع الإنسان

«الحرية» ويرى أنها وصف سلبي وأنها لا يمكن أن تحقق شيئًا للإنسان ما لم ينضاف إليها «المسؤولية»؛ بل إنه يجعل من الحرية خطرًا على الإنسان وعلى المجتمع ما لم تكن مكمَّلة بالمسؤولية،

المسلم يعرف أن من أوائل الحقائق التي يقررها كتابه الأول «القرآن العظيم» أن الحياة ليست عبثًا، وأن الله تعالى لم يخلق الإنسان إلا لحكمة «العبادة» العبادة بمعناها الواسع، أيضًا يؤمن المسلم بمبدأ المسؤولية حتى في أدق التفاصيل لدرجة أنه سيحاسَب على أدق عمله الذي هو وزن «ذرة»، كذلك يمتد نظره إلى المستقبل في أوسع نطاقه لدرجة أن يتعدى نظره من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى الخالدة.

المسلم يعيش حياته وهو يحس أن كل أطوارها خير له مهما كانت؛ إن كان في رخاء فإن ذلك نعمة وواجبه حينئذ الشكر، وإن كان في شدة فإن ذلك ابتلاء وواجبه حينئذ الصبر الذي من خلاله يتجاوز الشدة.

المسلم يؤمن أن الحياة في حد ذاتها نعمة من الله تعالى وعليه أن يغتبط بهذه النعمة وأن يؤدي حقها.

(الهدف الحقيقي للوجود الإنساني لا يمكن أن يوجد فيما يسمى (تحقيق الذات بمعني القوة واللذة ) فالوجود الإنساني هو بالضرورة تسام بالذات، وتجاوز لها أكثر من أن يكون تحقيقا للذات

معنى الحياة عند الجبان هو تقبلها مهما كانت، حتى لو كانت فى حظيرة الذل والهوان . أما عند الشجاع فهي المزدهرة بالمجد والرفعة، وإلا فالموت أحلى منها. لذا فإن فرانكل لا يبحث عن معنى الحياة عند الأسوياء، بل عند المرضى، فأوضح ـ مثلاـ (أن الشخص العصابي يحاول الهرب من الوعي الكامل بمهامه فى الحياة، وإذا استطعنا أن نجعله واعيا بهذه المهام، وأن نوقظ فيه الوعي الكامل بها، فإن هذا يمكن به التغلب على العصاب)

* Jul 10, 2021

عِلْم الوجود... هو شَق من الفلسفة يهتم بالأشياء غير المادية.. يبحث في مفاهيم كالمادة والطاقة والزمان والمكان والكَم والكَيف والعلّة والقانون والكينونة والوجود الذهني أو الوعي.. وكان أول من تحدّث في علم الوجود هم فلاسفة اليونان.. الذين كانوا يتصوّرون أن الوجود بأكمله أبَدي وثابت.. وأن التغيّر الذي نَلحَظَه في حياتنا اليومية لا يعدو عن كونه وهماً.


تطوّر بلا شك الفكر الوجودي مع بزوغ عصر الحداثة.. وظهرَت مدارس فلسفية تناولت مَنبَع التجارب البشرية المختلفة، كالخوف والقلق والموت والعدَمية.. وكان كانط.. وسارتر.. وغيرهما قد تحدّثوا في الإرادة البشرية الحرّة.. وغيرها من المفاهيم الوجودية، لكن يأتي كتاب «مارتن هيدجر»، الذي حَمَلَ عنوان «الكينونة والزمان»، ليُشكّل ثورة في الفلسفة الوجودية الحديثة.. وحيث أثارَت آراؤه نقداً شديداً.. فقد سعى «هيدجر» إلى صياغة فهم للوجود بصفة عامة، إلا أنه كان يرى تحديداً في كينونة الموجود البشري سبيلاً مشروعاً لِفَهم حقيقة الوجود بوجه عام. وقد قارَنَ بين فكرة الوجود الأصيل، الذي تشعُر معه الذات بأنها قائمة بنفسها.. وبين الوجود الزائف الذي تَهبط فيه الذات فتَميل الى الانغماس في المجموع في سبيل التخلّص من القلق والخوف.


 المحاولات، سواء من جانب الفلاسفة أو العلماء، لم تنجح في إسدال الستار عن السؤال الوجودي الأعمق.. حول معنى الحياة.

 جميعاً نجد أنفسنا عند فراق الأحبة، أو مرض الأعزاء، مدفوعين لِطَرح مثل هذا السؤال الوجودي.

*

Aug 16, 2021

"العلاج بالمعنى".. هل يمكن للإنسان أن يجد خلاصه في أخطائه؟


حتى إذا اختفت كل القيم من العالم فستظل الحياة ذات معنى، ومن المؤكد أنه سيكون على الإنسان أن يجد المعنى، حتى في عصر بلا قيم

المشكلة كانت دائما محاولة تحويل الإنسان إلى شيء يمكن التحكم به والسيطرة عليه وقيادته إلى حلول مشكلاته بسهولة، إلا أنه فقط بحاجة إلى تعلم الدرس الوجودي البسيط الذي يقول إنه حر، وفي المقابل من ذلك فهو مسؤول عن التحكم في ذاته.

 الفارق بين نوعين من الأشخاص، أحدهما ينتظر الموت في أفران الغاز، والآخر يعرف أنه ميت في كل الأحوال فيمكن أن يمسك بأسلاك الجدران المكهربة ويموت فورا وينتهي العذاب.

ما الدافع للبقاء؟ ما الذي يضغط على هؤلاء الذين اختاروا الاستمرار للاستمرار؟ ما الذي يدفع امرأة ضربها السرطان في صورة موجات قاسية على مدى عشر سنوات أن تستمر في المقاومة؟ ما الشيء الذي يجعلنا نستيقظ في الصباح لنقوم من السرير إلى العمل المتكرر الممل اليومي المعتاد ولا نقرر فقط الاستمرار في النوم للأبد؟


فدافع الإنسان ليس اللذة، كما قال فرويد، أو النجاح والمكانة، كما قال أدلر، أو تحقيق الذات، كما تصوّر مازلو، لأن كلًّا من تلك الأمور لم تكن موجودة في المعتقلات النازية، هنا يتصور فرانكل أن الدافع هو أن يجد الإنسان معنى لحياته، والإنسان يمر بهذا البُعد المعنوي فقط عبر التسامي عن الظروف المحيطة التي لا يتمكن من تغييرها، لكنه يتمكن من تغيير وجهة نظره تجاهها.


نأخذ الحب على سبيل المثال، فهو علاقة بشخص ما تدفعك للقناعة أنه لا يمكن لشخص آخر أن يحل مكانه، ورغم أن هذا الآخر يمكن أن يؤدي الوظائف نفسها التي يؤديها هذا الشخص، من ناحية مادية بحتة، فإنه لا يساويه ولا يُغني عنه، لأنك تجد معنى حياتك في جودك مع هذا الشخص تحديدا، هذا الكيان المتفرد، لكن تفرده هنا غير ذي معنى موضوعي، بل هو متفرد في هذه العلاقة تحديدا، تفرد يصنع تجربتك معه.


معنى الحياة هو تجربة خاصة لكلٍّ منّا، أو كما يقول كارل ياسبرز فإن "الإنسان هو ما صار عليه من خلال تلك القضية التي جعلها قضيته الخاصة"، يرى فرانكل أن قدرة الإنسان على إعادة تشكيل ذاته هي "خاصية مميزة للوجود الإنساني"، فالكلب أو القطة يأكلان وقت الحاجة ويمارسان الجنس وقت الحاجة، مدفوعين بحركة الهرمونات والنواقل العصبية، وتُشكِّل الظروف المحيطة حياتهم بشكل كامل وتام.


إيجاد معنى للحياة ليس مسألة تفكير، بل هو مسألة إيمان



*

 الفلسفة الرواقية التي تقول بحد تعبير الفيلسوف إبيكتيتوس: "إن كل ما يحدث للناس من انفعال ليس من جراء الأشياء وإنما من جرّاء فكرهم عن الأشياء"، الأشياء -أيًّا كانت- محايدة، ونحن نُسقط معنى حياتنا عليها، ويمكن أن تلاحظ أن هناك تشابها واضحا بين مدرسة العلاج بالمعنى والأساليب الحديثة للعلاج النفسي مثل "مدرسة العلاج المعرفي السلوكي"، والتي بنت نفسها على الفكرة نفسها تقريبا، وهي أن مشكلات الإنسان النفسية لها علاقة بأفكاره الواعية التي يمكن العمل عليها من قِبله وتغييرها، فهو يمتلك القدرة على ذلك.


مدرسة العلاج بالمعنى لم تُقدِّم الكثير من التقنيات العلاجية في حالة المرض النفسي، فقط ما يُسمى بـ "المقصد المتناقض ظاهريا"، ويعني الاختبار المتعمد لمخاوف المريض كي يدرك أن جزءا كبيرا من خوفه كان من الخوف نفسه، وتقنية أخرى تسمى "إيقاف الإمعان الفكري"، وتعني إبعاد انتباه المريض عن التركيز المفرط على مرضه، وشغله -إلى جانب التعامل العلاجي مع المرض- بايجاد معنى لحياته.


مشكلة ليس سوي 


 تأكيدها مفهوم معنى الحياة من خلال قدرة الإنسان على اتخاذ قرار حر- هي نظرتها الواسعة للإنسان، الأمر الذي تمكّنت من تصديره للمدارس الأخرى في نطاق علم النفس، فالإنسان يمتلك عدة أبعاد، لكن المشكلة كانت دائما في محاولة اختزاله في بُعد واحد فقط. يمكن فهم تلك النقطة بوضوح حينما نتأمل الادعاءات الاختزالية المعاصرة من نوعية "ليس سوى".

الادعاء الشهير: "الإنسان ليس سوى مجموعة من الجينات أو النواقل العصبية التي تتحكم في سلوكياته". في الواقع، لو تأملت قليلا، لوجدت أن هذا الاختزال -بشكل أو بآخر- هو السبب في التصورات الشعبية الشائعة عن المصابين بالاضطراب النفسي كأنهم وحوش أو غير مؤهّلين لشيء، لأنهم من تلك الوجهة ليسوا سوى اختلال في وظيفة الدماغ التي لا نعرف لها علاجا بعد، مع حذف بقية إمكاناتهم وقدراتهم وسُبُل مقاومتهم المتاحة لهم من الصورة تماما.

الناس هنا، سواء كانوا مواطنين عاديين أو حتى أطباء نفسيين، يهتمون بالأشجار، بينما تهتم مدرسة العلاج بالمعنى بالغابة ككل، تطوّر ذلك ليصبح ما سماه فرانكل بالتشخيص متعدد الأبعاد، ولو قرّرت التأمل قليلا لوجدت أن فرانكل بتلك الفكرة كان يضع جذورا لما يحدث اليوم في العلاج النفسي، حيث يتدخل العلاج مع التقنيات النفسية في محاولة لعلاج الاضطرابات النفسية، خاصة الاكتئاب والقلق، التدخل الذي حسّن من نتائج الشفاء بصورة غير مسبوقة.

عالم من الغواء 

الفراغ أو الخواء الوجودي، وهو ببساطة تلك الحالة من فقدان المعنى التي تُصيب الجميع في عصور الشك أو الهزيمة على سبيل المثال، هنا يلح الإنسان على طلب مصادر اللذة أيًّا كانت، ويستمر في النهل منها لكنه لا يُحقِّق أي رضى، بالضبط مثل المدمن على إحدى المواد المخدرة، وذلك لأن هدفنا ليس اللذة، بل إيجاد معنى حياة تظهر هذه اللذة كعرض جانبي له.

حينما يقع مجتمع ما في أسر الفراغ الوجودي فإنه لا يُعَدُّ مريضا، ولا يمكن التعامل مع الفراغ الوجودي كمرض نفسي، بل هو أقرب ما يكون إلى "عصاب معنوي"، لكنه يؤثر ككل في مجمل تطور الحالات، فتصبح نِسَب الإصابة بالاكتئاب والقلق -على سبيل المثال- أكبر في تلك الحالة من فقدان المعنى الضارب في المجتمعات، لذلك يجب على المتخصصين في نطاق علم النفس أن يهتموا -إلى جانب تقنياتهم العلاجية- بحل تلك المشكلة التي تُعَدُّ أساسية بقدر المرض نفسه.

يقول فرانكل: "إن الاهتمام الطبيعي والأصيل للإنسان والمنصب على القيم يتعرض للخطر نتيجة سيطرة النزعة الذاتية والنزعة النسبية، فمن شأن أيٍّ من هاتين النزعتين أن تودي بمثالية الإنسان وحماسه". يقصد فرانكل ما مر بالعالم بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن مجتمعاتنا تمر حاليا بحقبة شبيهة من فقدان المعنى، ولهذا السبب فإننا نتخبط في الشوارع مثل الزومبي، لا نعرف أين تكمن المشكلة تحديدا، ولكننا -على أية حال- ننهل بكل شغف من المثيرات الحسية التي تعرضها علينا الحياة الرقمية.

قراءة كتاب فرانكل "إرادة المعنى"، ويُعَدُّ النسخة الأكثر تقنية وتخصصا من كتابه واسع الشهرة "الإنسان يبحث عن المعنى"، في هذا الكتاب يؤسس فرانكل لمدرسته العلاجية، ويتحدث باستفاضة عما يعنيه الفراغ الوجودي وما يعنيه "معنى الحياة" مقارنة بالمدارس الأخرى.


سر قوة هذه المدرسة كما أسلفنا لم يكن في التقنيات، بل في الروح التي صبغت بها علم النفس ككل ودفعته للتعامل مع الإنسان بشكل مختلف، ككيان قادر على التسامي عن ذاته، أو كما قال: "جوهر الوجود هو التسامي عن الذات".

اعتراف بعدم قدرتي علي فهم المعني المطلق 

*Mar 8, 2023

نحن من نخلع المعنى على الحياة ، وهذا المعنى يتلوّن بلون أمزجتنا العقلية ودوافعنا الذاتية : الروائي مثلاً يرى في الحياة لعبة تخييلية صالحة دوماً لأن تكون ساحة لفعالية روائية ، والفيزيائي يرى في الحياة تركيباً يعجّ بسحر الصياغات الرياضياتية المبهرة التي تحمل في طياتها كل خزين العالم من معنى وغاية ، ويسري الأمر ذاته مع الآخرين ، وكلٌّ حسب مزاجه وثقافته وتدريبه المهني، وممارسته الحِرَفية ، وتشكّله الفلسفي والذهني .

العلم غير معنيّ بسؤال ( لماذا ؟ ) بل بسؤال ( كيف ؟ ) وحده . سؤال المعنى ليس مكانه المباحث العلمية وإن كانت هذه المباحث يمكن أن تساهم بطريقة غير مباشرة في الكشف عن بعض المناطق المظلمة في بحثنا لإكتشاف المعنى .

كيف يمكن تصوّر العيش في عالم غير ذي غاية ولا معنى؟ وهل ثمة إمكانية لوجود أخلاقيات في مثل هذا العالم؟ هذا الربط الشرطي بين المعنى والاخلاقيات فعلٌ ينطوي على سوء مستطير . الاخلاقيات يجب أن تتعالى على كلّ الاوضاع البشرية حتى نضمن سموّها وعلويتها وقدرتها على الفعل في الحياة البشرية .

يفعل الدكتور كارلو سترينغر Carlo Strenger الامر ذاته عندما يقدّمُ كتابه الخوف من الافول : البحث عن المعنى في القرن الحادي والعشرين

 أختزِلت الحياة الهانئة في أنموذجين : الثراء ( بوصفه التقييم الكمي لما لديك ) ، والشهرة ( بوصفها التقييم الكمي لمدى معرفة الناس بك ) ..... « .


الجمعة، 9 يونيو 2023

ديمقراطية القلة التجارية، ديمقراطية الشركات الكبرى

  حيث كل شيء مباح، كل شيء يباع ويشترى. بحيث يصبح السياسي الناجح، هو ذلك السياسي الذي يستطيع أن يجعل الاقتصاد في خدمته، ويزيد من ثروته ويحقق مصالحه التي لا تكون دائمًا وطنية، بل قد تكون حتى معارضة لها. فتصبح المصلحة الوطنية هي مصلحة شبكة القوى المدنية والعسكرية التي تتحكم بمجمل النظام، إذ إن الحكم ليس هو رأي الشعب، كل الشعب، بل هو رأي الجهة صاحبة القوة والقرار، التي تستطيع، بوسائل كثيرة، اقتصادية وقمعية وإعلامية وغيرها، الحصول على شرعية لعبة، تحت اسم الممارسة الديمقراطية بوسائل أخف وزنًا وأكثر احترافًا، بعيدًا عن أساليب العنف الدموي، خصوصًا في المجتمعات الأكثر ديمقراطية. فالإنسان المعاصر، لم يعد يسحب من يده أو عنقه، بل صار يسحب من غرائزه واحتياجاته التي يتم التحكم فيها بدقة. لقد وضع غريج بالاست، المراسل والمحقق الصحافي الأميركي الشهير، كتابًا بعنوان «أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها»، اعتبر الأكثر مبيعًا. وقد استطاع، من خلاله، أن يثبت، بالوقائع والأرقام، فساد السلطة في أميركا، ووحشية الأساليب السياسية التي ينتهجها الاقتصاد العالمي بقيادة الدول الديمقراطية الصناعية الكبرى.

 جاك رانسيير، في كتابه «كراهية الديمقراطية»

حرية الفعل، وحرية فعل الشر. حرية الفوضى، والعواطف التواقة للإشباع والزيادة، التي لا تقهر، للمطالب التي تضغط على الحكومات، وتتسبب في تدهور السلطة، وتجعل الأفراد والجماعات عصيين على الانضباط، وعلى التضحيات التي يتطلبها الصالح العام.

جورج قرم، في كتابه «شرق وغرب»، حينما قال إن الغرب وديمقراطيته، لم ينجحا في إدراك شكل التناقض الفاضح في المبادئ التي أعلنها لتسويق نظامه الإمبريالي، حيث بات شكل هذه الأفكار التي يدعيها، مجرد ديكور كاريكاتوري نافر. وبالتالي، فإن فلسفة الأنوار تواجه أزمة خطيرة، لأن مصداقية هذه الفلسفة ومصداقية القيم الليبرالية والديمقراطية التي بشرت بها، وانتشرت على نطاق واسع في العالم الثالث، مهددتان بالانهيار الوشيك والتام! واسترجع معه السؤال نفسه: هل يعيد المفكرون العرب قراءة الأسطورة الخلاصة في موضوع الديمقراطية،


الخميس، 8 يونيو 2023

القدرة على إدراك أننا موجودون في العالم

 هذه القدرة على إدراك أننا موجودون في العالم، يمتلكها البشر، وتمتلكها الكائنات الحية، ولا يمتلكها الجماد. لا يدرك الماء ولا تدرك الصخور ولا المعادن ولا الأدوات المصنعة أنها موجودة في العالم.

روبوتات الدردشة، ببساطة شديدة، لا تدرك أنها موجودة. ويرى ماركوس أن برنامج التخاطب الذكي “يتلاعب بالرموز، ويستعين بمجموعة من القواعد، أو الخوارزميات، لتحويل سلسلة من الرموز إلى أخرى، ولكنه لا يحدد ما تعنيه تلك الرموز. بالنسبة إليه المعنى غير ذي صلة"

التوصل إلى ذكاء اصطناعي عام يتميز بقدرات معرفية شبيهة بقدرات البشر. وقال غاري ماركوس "إن كنتم مقتنعين فعليا بأن هناك خطرا وجوديا، فلماذا تعملون على ذلك بالأساس؟ هذا سؤال منطقي".

ورأى أن "انقراض الجنس البشري.. مسألة في غاية التعقيد في الواقع، يمكننا تصور كلّ أنواع الآفات، لكن ثمة من سينجو حتما". وشدد في المقابل على أن هناك سيناريوهات ذات مصداقية يمكن في سياقها أن يتسبب الذكاء الاصطناعي “بأضرار هائلة". وتابع "قد ينجح البعض على سبيل المثال في التلاعب بالأسواق. وحرب نووية




الأربعاء، 7 يونيو 2023

«إنْ سيطرت علينا فكرةٌ ما من الخارج، علينا أن نفهم أنها سيطرت علينا فقط لأنَّ شيئًا ما بداخلنا استجاب لها وخرج لمقابلتها

 فالأسطورة ليست إلا حلمًا جماعيًا.

 المستوى السيكولوجي الجمعي الذي يمكن النظر فيه إلى الأساطير باعتبارها لغة رمزية شاملة يمكن تفسير الحياة الدينية من خلالها.

«القداسة المطلقة» و«الدنس أو الحمق المطلق»؛ فالأعماق تتحدث إلينا باسم «الله» أو باسم «الشيطان» أو باسم «الجنون».

فعلى سبيل المثال تشتمل «قصص الخلق الأسطورية» على ثنائيات رمزية تجسد نموذج الوالدين (مثل: «الإله/ الطبيعة» و«آدم/ حواء»، و«الين/ اليانج»، وغيرها). ثمة مثال آخر على النماذج البدئية وهو ما يسمى بـ«نموذج البطل» الذي أفرد له جوزيف كامبل كتابًا كاملًا بعنوان «البطل بألف وجه» (بالإنجليزية: The Hero with a Thousand Faces)، وهو نموذج لا تخلو منه ثقافة بشرية أيًا كانت، وتتطابق فيه دورة حياة البطل ومراحلها باختلاف الثقافات والأزمنة، منذ الشخصيات الدينية القديمة (موسى، بوذا، يسوع، محمد) وحتى أبطال هوليوود الخارقين (بالإنجليزية: Superheroes).