والتطور العلمي كما هو معلوم لا يأتي من العدم، بل هو نتاج بحوث تراكمية على امتداد مسيرة البشرية، وتكامل تجارب وعقول وخبرات أسهمت في وصول العالم إلى ما هو عليه من تطور يدفعنا للخوف منه رغم سعادتنا به، فكما يبتكر الإنسان مافيه نفع للبشرية، نجده يبرع في ابتكار واختراع ما يستقوي به على أخيه الإنسان، ويضره به، في جوانب لا يمكن إغفال جزء منها مقابل الآخر، ورغم كل ما يحف عوالم التطور العلمي من مخاوف، يظل الإنسان في حالة بحث مستمر في ملكوت الله من حوله إلى أن
يرث الله الأرض ومن عليها.
ما كان بالأمس خيالاً أصبح اليوم حقيقة تفوق أحياناً الهوس، وما كان يعد مبالغة وضرباً من ضروب التهيؤات أصبح واقعاً ملموساً، ودلائل ذلك كثيرة ومتعددة.
من استنساخ النعجة (دولي)، مروراً بعملية زرع الوجه، وصولاً إلى زراعة رأس بشري بأكمله، وصنع (الروبو) المشابه للإنسان الذي يتجول في الشوارع ويقدم الخدمات ويتحكم بملامحه فيبتسم لك أو يغضب منك أو يثير انتباهك بعيون حزينة تستجدي شفقتك، عيون حزينة ولكنها بلا مشاعر وإن أقنعتك بذلك.
من استنساخ النعجة (دولي)، مروراً بعملية زرع الوجه، وصولاً إلى زراعة رأس بشري بأكمله، وصنع (الروبو) المشابه للإنسان الذي يتجول في الشوارع ويقدم الخدمات ويتحكم بملامحه فيبتسم لك أو يغضب منك أو يثير انتباهك بعيون حزينة تستجدي شفقتك، عيون حزينة ولكنها بلا مشاعر وإن أقنعتك بذلك.
اليوم وبفضل التقدم العلمي والطبي تم العثور على الأمصال لأكثر الأمراض عدوى وفتكاً في تاريخ البشرية، وتم بفضلها إنقاذ حياة الملايين والوقوف أمام إبادة أجيال وشعوب بأكملها من داء الكوليرا والجذام والسيفيليس ومرض فقدان المناعة أو (الإيدز) الذي كان إلى حد سنين خلت اسماً لداء يثير الرعب في قلب البشرية النابض، ولكنه أصبح اليوم وبفضل جهود الباحثين والعلماء يكنى بالمرض المزمن الذي يمكن للإنسان أن يتعايش معه بالعلاج.
أما إشكالية وضع المجتمعات العربية المهددة بفقد خصوصياتها مقابل انصهارها في السيرورة الكونية واستهلاكها لما تنتجه المجتمعات الغربية بإيجابياته وسلبياته؛ فتمثل إشكالية قائمة، ويتولد عنها بالضرورة نسخ مجتمعات تكاد تكون طبق الأصل لما يراد لها أن تكون عليه، ومن هنا يأتي الاستعمار الجديد الذي لا يمكن مقاومته إلا من خلال الاكتفاء الذاتي على المستوى العلمي الأمر الذي يبدو صعباً في ظل هجرة الأدمغة واستقطابها من قبل الشركات الأجنبية التي تظل لها جوانبها المظلمة.
وفي نفس الأسبوع على الجانب الآخر نشرت بعض الصحف المصرية خبراً طالعته، فصدمني. يشيد الخبر بإنجاز علمي فذ لطبيب مصري حقن رحم امرأة بـ(ماء زمزم) لأنها تعاني من إجهاض متكرر. لم أهتم بنتيجة الحقن على المريضة لأن الأمر برمته بدا دجلاً لا يرقى لمستوى التحقق من نتيجته، لكن التبجح الذي آلمني شخصياً، هو الزعم بإشادة الدوائر العلمية بهذا الإنجاز الرائع، بل ونشر بحث الطبيب بإحدى المجلات الطبية. بالطبع سارعت وفتشت عن صحة الخبر، فوجدت البحث منشوراً في مجلة تدعى (المجلة الدولية للأبحاث العلمية والهندسية)، في شهر أغسطس لعام 2017. وفريق العمل بجملته يبدون كأفراد عائلة واحدة من خلال أسمائهم المتشابهة.
تجرأت فقرأت البحث المزعوم عن امرأة في التاسعة والثلاثين عانت من الإجهاض المتكرر 36 مرة بدون سبب واضح. قام فريق العمل بإقناعها وزوجها بحقن ماء زمزم بداخل رحمها، فوافقا، فتحقق لها حملاً مكتملاً وأنجبت طفلاً طبيعياً. فزعني أولاً كم الأخطاء الإملائية في متن الورقة المنشورة في مجلة مجهولة، من المفترض أن تكون علمية. ثم هالني غياب أي نموذج علمي كالذي عرضته من قبل، بل وتجرأ فريق العمل على حقن المريضة بمادة لم يسبق أن فحصوا تأثير حقنها على رحم حيوان قبل أن تخضع هذه المرأة للتجربة، التي كانت تحتمل الخطأ بالطبع.
أدعوكم لتأمل سلوك الباحثين السالفين، لنتوقع معاً ماذا يكون عليه حال العرب إن لم يواكبوا التطور العلمي الهائل الذي نحيا مستمتعين بإنجازاته. وما الذي سيقدمه العرب بدورهم للإنسانية؟، اللهم إلا مواد للضحك والتسلية.
*************
كاتب فيصل الاحمر
على أرض الحقيقة، يسيطر على هضبة الفهم العلماء. يكفى أن تقول إن هذا الأمر علمى لكى يصبح أى أمر تصفه بهذا الشكل حقيقة. ولكن الرعب كل الرعب هو أن تسأل عالما فى مختبر: ما الحقيقة؟.. سوف يصاب بالرعب ويهرب سريعا إلى وهم تعوّد مريح تعود عليه في أجهزته وكواشفه وعيناته وملاحظاته. والحقيقة أن العالم يتكئ على كثير من الوهم: فرضيات ونظريات درسها، لا يعلم أصلها بشكل دقيق يعلو إلى مرتبة الحقيقة. هو يعلم جيدا أن عادته السيئة هى الثقة فى مسلمات، لا غير. وهو يعار من الفيلسوف لأن الفلسفة تبرهن دائما
على كل شيء تقوله، فتكون منسجمة فى كل لحظة من وجودها، لهذا ينسى التاريخ العلماء دائما ويتذكر الفلاسفة.
، فيثير انتباهنا إلى ضرورة العيش مع التفلسف؛ فهو يقول فى إحدى رسائله على لوسيليوس: «لا تؤجل فرصة الحياة، وفكر فى أن كل يوم نحياه هو بمثابة الحياة برمتها».
ن الفلسفة مهمومة بطرح أسئلة حول مختلف الحياة والتصورات وكل ما يملأ الحياة من الوقائع، جوهرها، تقاطعاتها، أثرها علينا، وطريقة عملها، وتصوراتنا حولها، سيرورتها وصيرورتنا فى كنفها.
يقول ككيركجارد «ليست الحياة مسألة ينبغى حلها، بل هى واقع لا نملك إلا أن نعيشه»،
«كل فلسفة هى فى نهاية الأمر سيرة ذاتية لعقل ما».
تجرأت فقرأت البحث المزعوم عن امرأة في التاسعة والثلاثين عانت من الإجهاض المتكرر 36 مرة بدون سبب واضح. قام فريق العمل بإقناعها وزوجها بحقن ماء زمزم بداخل رحمها، فوافقا، فتحقق لها حملاً مكتملاً وأنجبت طفلاً طبيعياً. فزعني أولاً كم الأخطاء الإملائية في متن الورقة المنشورة في مجلة مجهولة، من المفترض أن تكون علمية. ثم هالني غياب أي نموذج علمي كالذي عرضته من قبل، بل وتجرأ فريق العمل على حقن المريضة بمادة لم يسبق أن فحصوا تأثير حقنها على رحم حيوان قبل أن تخضع هذه المرأة للتجربة، التي كانت تحتمل الخطأ بالطبع.
أدعوكم لتأمل سلوك الباحثين السالفين، لنتوقع معاً ماذا يكون عليه حال العرب إن لم يواكبوا التطور العلمي الهائل الذي نحيا مستمتعين بإنجازاته. وما الذي سيقدمه العرب بدورهم للإنسانية؟، اللهم إلا مواد للضحك والتسلية.
*************
كاتب فيصل الاحمر
على أرض الحقيقة، يسيطر على هضبة الفهم العلماء. يكفى أن تقول إن هذا الأمر علمى لكى يصبح أى أمر تصفه بهذا الشكل حقيقة. ولكن الرعب كل الرعب هو أن تسأل عالما فى مختبر: ما الحقيقة؟.. سوف يصاب بالرعب ويهرب سريعا إلى وهم تعوّد مريح تعود عليه في أجهزته وكواشفه وعيناته وملاحظاته. والحقيقة أن العالم يتكئ على كثير من الوهم: فرضيات ونظريات درسها، لا يعلم أصلها بشكل دقيق يعلو إلى مرتبة الحقيقة. هو يعلم جيدا أن عادته السيئة هى الثقة فى مسلمات، لا غير. وهو يعار من الفيلسوف لأن الفلسفة تبرهن دائما
على كل شيء تقوله، فتكون منسجمة فى كل لحظة من وجودها، لهذا ينسى التاريخ العلماء دائما ويتذكر الفلاسفة.
، فيثير انتباهنا إلى ضرورة العيش مع التفلسف؛ فهو يقول فى إحدى رسائله على لوسيليوس: «لا تؤجل فرصة الحياة، وفكر فى أن كل يوم نحياه هو بمثابة الحياة برمتها».
ن الفلسفة مهمومة بطرح أسئلة حول مختلف الحياة والتصورات وكل ما يملأ الحياة من الوقائع، جوهرها، تقاطعاتها، أثرها علينا، وطريقة عملها، وتصوراتنا حولها، سيرورتها وصيرورتنا فى كنفها.
يقول ككيركجارد «ليست الحياة مسألة ينبغى حلها، بل هى واقع لا نملك إلا أن نعيشه»،
«كل فلسفة هى فى نهاية الأمر سيرة ذاتية لعقل ما».