يكتب: الشيخ والمريد أو المعلم والتلميذ.. الصوفية فيها ما فيها (3)
يؤمن الصوفيون بأنه بينهم أولياء يتلقون العلم من الله مباشرة
لقد توقع الخضر من موسى الإنكار بسبب عدم العلم وهذا طبيعى فالإنكار يأتى دائما من عدم الإلمام
قصة موسى والخضر تعطينا درسا تربويا: أن لا نحكم على الأشياء من ظاهرها فما خفى كان أعظم
كيف يمنح الله عباده الصالحين قدرة كشف الغيب التى لم يمنحها لبعض الأنبياء؟
معناها أن كل شيخ له طريقته الخاصة فى توصيل العلم إلى مريديه وليس معناها أن كل شيخ له دين.. الدين واحد.. نصل إليه من ألف طريق.. أو طريقة.
إن من أجمل تعبيرات الصوفية تعبير مريد.. ويعنى الشخص الذى اتبع شيخه بإرادته وحريته.. لم يتبعه قسرا أو قهرا أو إرغاما.. بل اتبعه حبا وحماسا.. لم؟.. الشيخ لا يأمره بمعصية ولا يحرضه على خطيئة ولا يلقى به فى رذيلة.. وإنما يسهل له الوصول الى المعرفة.. وربما كانت الطاعة أو هذه القناعة سببا فى قلة ثقافة المريدين أحيانا لسبب غريب ومنطقى هو أن المريد يثق فى شيخه فلا يسأله عن مصدر ما يقول لأنه يعلم أن شيخه لابد أنه مطلع على كتاب الله وسنة رسوله ولكن السؤال لا يضر بل على العكس يفيد فالسؤال المفتاح الوحيد للعلم.
ولكن فى أزمان أخرى جهل فيها الناس أحكام الشريعة لم يتحمل المريدون ما يعتبرونه شدة.. وكان لابد أن يلجأ شيوخهم إلى التخفيف حتى يتعلموا.
وربما كانت هناك قسوة من الشيخ على مريديه ولكنها قسوة الأب على ابنه.. لو عرف الابن سببها وسرها لتأكد أنها ليست قسوة وإنما رحمة.
والعلاقة المثالية بين المعلم والتلميذ نجدها فى كتاب الله من خلال قصة الخضر وموسى.
أما الخضر فيختلف عليه مؤرخو عصره فمنهم من يصفه بأنه نبى ومنهم من يصفه بأنه ولى ومنهم من يؤكد انه إيليا بن ملكان بن فالج بن شالح بن نصر حتى صلب آدم ومنهم من يصر على أنه ابن بنت فرعون ومنهم من يعتقد أنه الذى أماته الله مائة عام ثم بعثه فلا يموت حتى ينفخ فى الصور حسب قول الله سبحانه وتعالى: أو كالذى مر على قرية وهى خاوية على عروشها قال أنى يحيى هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير.
ولكن ليس لدينا دليل واحد على صحة هذه الروايات فالقرآن يصفه بالعبد الصالح الذى يمتلك حكمة إلهية خاصة (علما لدنيا) وأن نصدق وصفه بالخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هى تهتز من خلفه خضراء فالتفسير للرسول عليه الصلاة والسلام نقله عنه أبى هريرة.
ورغم أن القرآن يبجل موسى من حيث إنه نبى مرسل ولكن فى الوقت نفسه تبين أن موسى فى حاجة إلى الصبر والتبصر المجاوز للمعتاد والمتوفر عند الخضر.
لقد توقع الخضر من موسى الإنكار بسبب عدم العلم وهذا طبيعى فالإنكار يأتى دائما من عدم الإلمام.
هنا يكون السؤال: ماذا لو سلم موسى بخرق السفينة أيكون مخطئا لأنه سلم بشروع فى قتل؟.. وماذا لو لم يسأل موسى عن قتل الغلام أيكون مخطئا لسكوته على جريمة قتل؟.. ثم ماذا لو سلم موسى بإقامة الجدار ولم يتدخل؟.
لو لم يسأل موسى لكان قد واصل الصحبة ولكان قد تكشف له كل شيء خفى عنه دون اعتذار أو مفارقة.. رحم الله موسى.. لو صبر على الخضر لعلمنا ألف حكاية.. إن هذه هى ثقة المريد فى شيخه.. هى ثقة لا تبعية.
ويستخلص الصوفية من هذه القصة دروسا جوهرية يمكن للإنسان العادى الاستفادة منها فى حياته.
أن يتجنب الحكم على غيره بالظاهر فربما يخطئه الباطن ويكشف عن أمر متناقض تماما.. ليس كل من يتكلم فى الدين مستقيما.. وليس كل من لا يتكلم فى الدين منحرفا.
أن لا يدعو الله بشيء محدد حتى لا يستجيب سبحانه وتعالى وتكون النتيجة كارثة.. هناك من دعا الله بأن يرزقه ثروة جاءت إليه بوابل من المصائب لم يتوقعها.. وهناك من دعا الله أن يكون وزيرا فإذا بالظروف السياسية تتغير ويجد نفسه فى السجن.. مثلا.
ادعوا الله بالستر فى الصحة والسمعة والعزوة والثروة التى منحها لك.
ولو احترت بين أمرين فاسأل الله أن يختار لك الأصلح.
ولو دخلت على قوم فادعوا الله أن يأتيك خيرهم ويجنبك شرهم.
وهناك درس أهم.. أن الله يمكن أن يمنح علمه إلى عبد من عباده الصالحين ويبعده عن نبى من أنبيائه.. عبد يصطفيه الله ويمنحه كشف الغيب بينما يحجب ذلك العلم عن نبى.. وكأن العبد بالترقى يمكن أن يجد نفسه فى مكانة مرتفعة.
************************
هنا يؤمن الصوفية بأن بعض الأولياء قد يتلقون إلهاما مباشرا من الله ومثل هذا العلم المباشر من الله قد يكمل أو حتى يفوق العلم الذى يكشف للبشر بطريق الرسل الذين اجتباهم الله ليبينوا مراده للناس جميعا.
وهناك درس آخر.. أن المسافة بين الشيخ والمريد هى مسافة علم.. الفروق بينهما فروق علم.. واعتراض المريد على الشيخ هو اعتراض من لا يدرى.. وليس من يدرى كمن لا يدرى.. ليس الذى لم يدر يشبه من يدرى.. وأحيانا يؤدى بنا الجهل إلى الخطأ حتى فى حضرة النبى.. يقول الله سبحانه وتعالى: إنا أنزلناه فى ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر.. ويفسر البعض وما أدراك ما ليلة القدر تفسيرا خاطئا هو أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يدرك أولا يدرى.
والتفسير نفسه فى قوله سبحانه وتعالى: وما أدراك ما الحاقة.. أو وما أدراك ما يوم الدين.. إننا نقول للكريم: ما أكرمك.. أسلوب مدح.. معناه أنك سيد العارفين بالكرم.. أسلوب استحسان.. وشهادة من الله بأن النبى هو الأكثر دراية بليلة القدر وبيوم الدين وبالحاقة.. ما أدراك هنا تعنى أنك الأكثر دراية.. إن التسرع فى التفسير بداية التهلكة.
والدراية أو العلم درجات.. إن مساكين السفينة التى خرقها الخضر هم أهل علم يقين.. فقد شهدوا خرقها.. أما سيدنا موسى الذى عرف من خرقها فعلمه هو عين اليقين.. ويبقى الخضر الذى عرف الحكمة من وراء خرقها.. علمه هو حق اليقين.. ومع ذلك كان اعتراض موسى بأدب جم فى صورة سؤال: أخرقتها.. أقتلت نفسا؟.. أما إقامة الجدار فلم يقل: أبنيت أو أأقمت؟ لأن التلميذ أو المريد يتوقع من أستاذه أو شيخه الخبر فلم يسأل.. ولا تعارض بين الدرجات الثلاث.. فليس الناس يتربعون عند الدرجة نفسها من العلم.. لذلك سمى العلم رفعة.. يقول سبحانه وتعالى: نرفع درجات من نشاء
وفوق كل ذى علم عليم.
وليس هناك كبير على العلم ولو كان نبيا فى مقام موسى أو وليا فى مقام الرومى.
كان معلم الرومى هو شمس الدين التبريزى الذى منحه الصوفية كثيرا من ألقاب التشريف: سلطان الأولياء والواصلين وتاج المحبوبين وقطب العارفين وفخر الموحدين وعلامة رفعة الآخرين على الأولين وحجة الحق على المؤمنين ووارث الأنبياء والمرسلين.
أما الرومى فقد توسل إلى شمس قائلا:
أيها الناطق الإلهى.. يا عين الحقائق.. يا خلاص الخلائق من هذا القلزم المليء بالنار.
أى شيخ قديم أنت.. أى مليك عديم النظير أنت.
منقذ للروح من آفة العلائق أنت.
فى طريق التضحية الأرواح صيد لك.. آه أى من هذه الصيود لائق بالروح.. فمن يكون المخلوق حتى يزعم عشقك.
يا من عاشق لجمالك نور جلال الخالق.. أى علاج يمكن أن تصف لى.. أنا الذى صادنى العشق.. أنا عليل تباريح العشق.
أيها الطبيب الحاذق.. قال لطفك: تقدم.. قال قهرك: تراجع.. ليخبرنى أحد أى هذين صادق.
يا شمس الأرواح.. يا شمس الحق يا تبريزى.. إن كل ذرة من شعاعك.. روح.. لطيف.. ناطق.
وليس فيما قال الرومى مبالغة فكل ما يمتلكه الرومى إنما تلقاه من التبريزى.
صورته الأسطورة شمسا فاتنا للجماهير أحيانا.. ساذجا عاديا أحيانا.. درويشا جوالا غالبا.. ممتلكا طاقات خارقة.. متشائمًا مغث جدا.. أمى نسبيا لكن حماسته الروحية الهائلة المبنية على الإيمان بأنه كان لسان حال الله (تعالى) وناطقا باسمه سحرت كل من دخلوا الدائرة المسحورة لقوقعته كما نقرأ فى كتاب فرانكلين لويس عن الرومى.
ووصلت الأساطير التى روجتها العامة حول التبريزى إلى حد القول إنه كان شخصا خياليا ابتكره الرومى ليكون مرآة لنقل فكره إلى الناس ولكن فيما بعد وجدت مخطوطات كتبها التبريزى بنفسه ونشرت تحت عنوان: كلمات أو مقالات.
وفى كتاب مناقب العارفين الذى نشره أحمد الأفلاكى فإن التبريزى كان معلما لدروس الفقه والرياضيات والفلك ولكن الأهم أنه كان وليا يمتلك منذ طفولته قدرات روحية خاصة لم يستطع أحد كشف أسرارها: كان يقال فى صغرى إنه أزيلت شهيتى إذ كانت تمر ثلاثة أو أربعة أيام من دون أن آكل شيئا ولكنه لم يكن ضعيفا بل كان قويا إلى حد: إننى لو شئت أن أطير من النافذة لطرت مثل طائر على حد قوله.
والمؤكد أن التبريزى أحدث انقلابا روحيا فى الرومى رغم أن الرومى نفسه كان عالما ناضجا جمع فضائل لم يمتلكها غيره وصلت إلى حد أنه كان يشرح حقائق التصوف التى تلقاها من التبريزى بلغة بسيطة للناس العاديين لم يكن التبريزى يمتلكها.
لكن علم الرومى كان مثل علم موسى وعلم التبريزى مثل علم الخضر ولكن الرومى استسلم لعلم التبريزى استسلاما كاملا إلى حد أن قال: إنه أضرم النار فى روحه وحرق كتبه وعبادته اليقظة وأعماله الظاهرة باختصار صعد به إلى طريق الصوفية معلنا طريقة المولوية.
على أن مصير التبريزى كان القتل بخناجر مجموعة كرهت أن يستسلم الرومى إليه وإن ذكرت الأساطير أن الجثمان اختفى ولم يبق من الجريمة سوى ثلاث نقاط من الدم مشيرة إلى وقوعها وبهذا الاختفاء تزعم ثلاث مدن أن الجثمان مدفون فيها: قونية (تركيا) وخوى وتبريز (أذربيجان) ودخلت باكستان على الخط وادعت أن الجثمان مدفون فى مولتان ولكنها سرعان ما اعترفت بأن القبر لداعية آخر.
لكن أهم من سيرة حياته أفكاره التى نجدها واضحة فى مؤلفات الرومى التى نقل عنها فرانكلين لويس ومنها:
الرجل الطيب لا يشكو من أحد وهو لا ينظر إلى العيوب.. لدى طبع يجعلنى أدعو لليهود.. أقول: هداهم الله.. أدعو لمن يشتمنى: يا الله أعطه عملا أفضل وأحسن من هذا الشتم.
ولا يرى تناقضا بين أن يسعد الإنسان فى الدنيا ويحافظ على عبادته الصوفية: يدركنى العجب من هذا الحديث: الدنيا سجن المؤمن لأننى لم أر سجنا.. رأيت كل سعادة رأيت كل عزة فى كل خطوة.. لم أقلق من أى من أحاديث النبى عليه الصلاة والسلام إلا من هذا الحديث: الدنيا سجن المؤمن لأننى لا أرى سجنا.
++++++++++++++++
الكل يهتم بشكلك ومالك وجاهك أما الروح فالوحيد المهتم بها هو عزرائيل.. نحن لا نرى الكوابيس فى أحلامنا ولكننا نراها حين نستيقظ.. ستدور الدوائر سترانى مبتسما وأراك منكسرا.. الله وحده يسامح عدوى ولكن على ترتيب لقاء بينهما.. لا تجعل الخوف من الخسارة يثنيك عن اللعب.. نتوقف عن البحث عن الوحوش تحت السرير حين نكتشف أنها فى أنفسنا.
++++++++++++++++
الكل يهتم بشكلك ومالك وجاهك أما الروح فالوحيد المهتم بها هو عزرائيل.. نحن لا نرى الكوابيس فى أحلامنا ولكننا نراها حين نستيقظ.. ستدور الدوائر سترانى مبتسما وأراك منكسرا.. الله وحده يسامح عدوى ولكن على ترتيب لقاء بينهما.. لا تجعل الخوف من الخسارة يثنيك عن اللعب.. نتوقف عن البحث عن الوحوش تحت السرير حين نكتشف أنها فى أنفسنا.
من واشنطن: وائل غنيم "الضائع' بين "حلم" السلطة و"مرارة" التهميش
أصيب بمرض نفسى يسمى "اضطراب وجدانى ثنائى القطب" ويعانى من تقلبات مزاجية تؤثر على النوم والتركيز
"أوباما" كان شديد الإعجاب به وكان مستعدًا لتقبله رئيسًا لمصر
وتكرر الشعور بعدم الارتياح لقدوم وائل غنيم من مجهول لا نعرف أغواره إلى صدارة ثورة قطف وحده ثمارها ودفع غيره حياته ثمنا لها.
كسب عشرة ملايين دولار من تأليف كتاب شديد التواضع عن الثورة.. نال جائزة جون كيندى فى الشجاعة.. أختير وقتها على رأس قائمة مجلة تايم للمائة شخصية الأكثر تأثيرا فى العالم.. ونال جائزة
حرية الصحافة من القسم السويدى فى منظمة مراسلون بلا حدود.
تحت عنوان «مصر فى حاجة لثورة ثقافية» كتب عادل حمودة غاضبًا فى جريدته الفجر مقاله بعناوين فرعية كرؤوس أقلام:
■ فقراء ومتعصبون ولا ننتج ونميل للتسول ونؤمن بالخرافة..
■ لدينا أكثر من ١٠٨ آلاف مسجد وزاوية و١٠ آلاف معهد أزهرى مقابل ١٤٠ جمعية ثقافية و٥٠ ألف قارئ سنوياً فقط
■ ٥ ملايين لاجئ من ٦٠ دولة يعيشون فى مصر ويحولون ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً إلى بلادهم بسبب تقاعسنا عن العمل.