+++++++++++++++++
14 /11/2019
ما دور تعليمنا في شيوع
الثقافة الاستهلاكية ؟
عن دور المثقف وأهمية التعليم، وهل مطلوب من المثقف فقط
طرح الأسئلة؟ أو المشاركة بالإجابة؟ وهل تعليمنا اليوم مساهم في مانعيش به من حياة يطغى عليها
الجانب الإستهلاكي، وإنهيار القيم والمبادئ و أخلاقيات الإنسان؟ وماهو المطلوب منا في المرحلة
المقبلة لأجل مستقبل مشرق لمجتمعاتنا العربية؟
الشاعر والمفكر محمد العلي:أبدأ الإجابة من التعليم،
ومن مقولة للكاتب
القدير الأستاذ علي
الشدوي يقول فيها ما
مضمونه
إن التعليم
عندنا سبب إغتراب
الطالب عن ذاته، لأنه
تعليم بعيد عن الحياة التي يحياها. تعليم
يميت الوعي بدلاً من إيقاظه. أما ثنائية
ًالسؤال والجواب، فمنذ القدم كان معروفا
ً أن السؤال أهم كثيرا من الجواب. وقد
وصف أبو حيان بأنه (فيلسوف السؤال)
ً إن الاسئلة التي طرحها القدماء، بدءا من
ً الجاحظ، مرورا بالمعري وأبي حيان لايجرؤ
على طرخها الآن.
أما دور المثقف، فهو في كل العصور
مخالف للتيار، لأنه يدعوا إلى تجاوز
الحاضر، لذا فهو محارب. إنه مسلوب
ً مهدد ولكنه مع ذلك يبقى مصرا على
مواصلة طريقه
الدكتورة ليلى
الرفاعي أكاديمية
في جامعة لبنان:إذا كان دور المثقف هو
ازعاج السلطة كما يقول
إدوارد سعيد،
وهل نجحوا بتبني ونشر الثقافة المضادة
للسطحية والتفاهة وإستبدال قيم الإنحلال
الأخلاقي بقيم الأخلاق الإنسانية والدينية
المرغوبة لإستمرار المجتمع وتطوره؟
نعم لم تنجح المناهج وطرق التعليم
الحالية في مساعدة المتعلمين على بناء
شخصيتهم المستقلة القادرة على الإختيار
بعقلانية ومداولة القيم لإختيار الأفضل
منها، ولعل الفهم غير السليم للحرية التي
تقربها من الإنحلال بحيث تصبح حرية
هدامة !! لعل هذا الفهم المغلوط هو أحد
أسباب إنحلال القيم في مجتمعاتنا،أعتقد
كمربية أن المثل الأعلى ينبغي ألا يعزل
عن الحياة الواقعية كما أن عليه ألا يأخذ
شكلاً معاكساَ لإتجاه التطوير والتقدم،
والسبيل لذلك تربية جديدة لإعداد مواطن
يتحلى بتفكير علمي ونقدي ويعتز بقيمه
الأصلية
أن أسباب تقصير أنظمتنا التربوية هي:
التركيز على كمية المعلومات وليس على
تحقيق الكفائات وخاصة التقييم والإبداع.عدم وجود فلسفة تربوية واضحة
ومحدودة تستند إلى أسس تقوم بنمو
ً الإنسان نمو حرا دون أن تهمل الإستناد
إلى القيم الخالدة والشاملة ولعل مبدأ
الملائمة بين الأصالة والتجديد إذا ماطبق
يحل إشكالية المعاصرة والحفاظ على
القيم الأصيلة في نفس الوقت
الشاعر والمفكر الدكتور
بو سريف من المغرب:أنا أعتقد دائماً، وكما
كتبت أكثر من مرة، أن
مجتمعاتنا العربية هي
مجتمعات تعيش مرحلة
إلتباس كبير، لأننا انفتحنا
على العالم، انفتحنا
على الفكر، انفتحنا على
ثقافات الآخرين، وهذا الإنفتاح لم يكن
مسيجاً لا بأدوات ولا بمعارف ولا بعلوم، بل
دخلنا العالم وكأننا لاثوب لنا، وبالتالي هذا
سيؤدي إلى حدوث إختلال في طبيعة رؤيتنا
لما يجري خارجنا ولما يجري أيضاً عندنا،
لأننا لم نستطع أن نستوعب طبيعة النظام
الذي يتأسس عليه دور المثقف، في هذا
الوضع بات شبيهاً بمن يقف في مواجهة
العاصفة، وليس لديه أي قدرة على أن
يردها، أو حتى يقاومها، ولا يعرف مصدر
هبوبها، وبالتالي أدى ذلك إلى أن المثقف
ً أصبح يعيش بعيدا عن المجتمع، خارج
المجتمع، خارج المدرسة، خارج الجامعة،
حتى وهو في قلب الجامعة، لم يعد يطرح
أسئلة بقدر ما أبح فقط يعيد استعادتها
ً وتكرار ما كان سائدا من قبل. وهنا نحن
سنحتاج أن نعيد النظر في مفهوم المثقف
ذاته، لأن هذا المفهوم كبير وواسع
هل المثقف بالضرورة هو من يكتب ويقرأ،
أو هو من يدرس في الجامعه ويحصل على
شهادات عليا؟
هل المثقف هو من ينخرط في قضايا
المجتمع ويوجه ويربي ويلعب دور
البيداغوجي الذي يتدخل في إعادة تأهيل
شبابنا إلى الإنخراط في المجتمع الذي
يعيشون فيه خصوصاً أننا نواجه أشكال
تطرف مختلفة، وهذه الأشكال قادرة أن
تستقطب الناس بدعوى الإيمان، وبالتالي
فالمثقف أصبح مفروضاً عليه اليوم أن
ً يتدخل في الشأن العام، أن يكون حاضرا
في المجتمع، وأن يلعب دوره الأساسي
والجوهري في إعادة ترتيب القيم، في
إعادة بناء هذه القيم، وفي إعادة تفكيرها،
وفي إعادة تفكيكها أيضاً، وفي إعادة
بنائها، والعمل على أن يكون له دور،
ويكون فاعلاً في إبتداع الأفكار والحلول
وإختلاقها
مرات نجد أن المثقف محاصر بالسياسة،
ومحاصر بالإعلام، محاصر بما يسمى اليوم
بالخبير! وأصبحت صفة المثقف صفة
ملتبسة، وهذا الإلتباس مقصود في ذاته
في مجتمعاتنا، ولا أحد يدرك من، من
السياسيين ومن غير السياسيين، بأن
هذه الإلتباسات وهذا التهميش للمثقف
سيؤدي حتماً إاى أن يجعل من السياسي
يحتاج للمثقف في لحظة ما، ويكون قد
فات الأوان، لأن السياسي هو رجل يشتغل
هلى ماهو آني وزائل، على ماهو نفعي في
الدرجة الأولى، وعلى ماهو راهن، في حين
أن المثقف ينظر إلى المستقبل، السياسي
يجيب في البرلمانات ومجالس الشورى،
فهو فقط بجيب ويبرر، ويحاول إختلاق
جملاً ومفردات
أما بالنسبة للمثقف فهو يطرح السؤال
وبالتالي تلك الأسئلة تكون ذات طبيعة
جوهرية تمس جوهر المجتمع، قلب
المجتمع وتمس الإنسان وأؤكد دائماً، أن
الثقافة هي الإنسان، الثقافة هي المجتمع.
والثقافة هي بناء الإنسان، بناء المجتمع،
والثقافة هي مجموع القيم ومجموع الأمور
التي يبنى عليها نظام العقل عندنا، نظام
العقل اليوم مختل وبالتالي القيم مختلة،
ومفاهيمنا الكثيرة تعاني من اختلالات،
نحتاج أن نعيد تأملها بصورة أكثر وضوحاً،
وهذا يحتاج منا أن نتحاور، وأن نتجاسر،
وأن نتواصل، وأن نتصادم فيما بيننا،
وأن نعتبر أن الحوار هو الحل الوحيد
لكل القضايا والإشكالات التي نعيشها
في مجتمعاتنا العربية اليوم، بما فيها
ما تعانيه المدرسة والجامعة والمجتمع،
وحتى الإنسان الذي لازال لم يتجاوز
الحدود بالمعنى البشري الذي يلتقي فيه
مع البهيمي، لأن الإنسان فينا، معناه أن
نعيش في المدينة، أن نعيش في الثقافة،
أن نعيش في المجتمع وأن نتحرر من كل
القيود، التي تجعل العقل غير قادر على أن
ينتج ويبني ويؤسس ويفكر ويسأل ويطرح
السؤال تلو السؤال دون خجل، دون وجل،
ودون أي نوع من الإحساس، لأن الذنب
الكبير الذي نعانيه هو أن نترك مجتمعاتنا
تتحول إلى غابات الكل يأكل فيها الكل،
وكأن لا نظام ولا قانون ولا عقل في هذا
المجتمع
الكاتب عمرو العامري
طرح الأسئلة أم الإجابة؟
وأعتقد أن دور المثقف
هو إستفزاز السكون،
كسر الجامد السائد
والرؤيا التي تسبق العام
وقبل ذلك هي الشجاعة ودون الشجاعة لن
يكون هناك مثقف حقيقي.
الناس تخلط بين المبدع والمثقف،
قد
لايكون المثقف مبدعاَ ً أعني ليس شاعرا
ولا قاصاً ولا حتى متأدباً لكنه يمتلك
شجاعة الموقف والرؤيا والإنحياز للحقيقة.
موقف المثقف في عالمنا العربي صعب
ً جدا ً ، وصوته خافت جدا والسلطات لاتمنحه
الحد الأدنى من التفكير وحرية الطرح.
وجزء كبير من معاناة منطقتنا سببها
تهميش المثقف وصوت المثقف وإستمراء
أصوات المطبلين والمنتفعين. لادخل
للتربية ولا للإستهلاك بغياب المثقف في
الغالب ولكن الإفتقار للشجاعة والإيمان
بالإختلاف وعدم التفريق بين الإختلاف
والتخوين. ولم يثبت أن المثقف الحقيقي
الدكتور مصطفى الضبع أستاذ
بكلية الآداب جامعة الإمام عبد
الرحمن بن فيصل:س – اليوم ونحن
نعيش تلك التقلبات في
مجتمعاتنا العربية من
إنهيار القيم والمبادئ
والأخلاقيات وطغيان
الحياة الإستلاهكية على
الإنسان، هل دور المثقف
طرح الأسئلة أو الإجابة؟ وهل مايحدث
اليوم دليل على ضعف التربية والتعليم
لدينا؟
لأنه ليس هناك إجابات قاطعة، ولا دائمة
عن حقائق الحياة والكون، فإن طرح
ً الأسئلة هو الأكثر تحفيزا، فالسؤال الصحيح
أو السؤال النابع من وعي صاحبه يحرك
وعي العشرات في المقابل، ونحن نتواصل
لما نريد عبر جسور من الأسئلة (وهو
مافعله إبراهيم عليه السلام في إهتدائه
للخالق عز وجل.
الإجابات لاتصنع وعياً كما تصنعه الأسئلة،
فالإجابات لقمة عيش لا تتولى عني
الحصول عليها ولكن علمني كيف أصل
إليها، وكما أن لكل عصر أسئلته فلكل
عصر إجابته التي لا يكون من المنطقي أن
تتناقلها الأجيال وأن يضع السابق إجابات
اللاحق
ولإن المثقف منذور لمجتمعه الإنساني
فإنه يتحرك في محيطه الحيوي، يرى ما لا
يراه الآخرون، ويمتلك وعياً له القدرة على
استكشاف الأشياء والجوهري منها خاصة،
من هنا يكون دوره الكشف وترسيخ الوعي،
وتكاد أزمتنا الراهنة أن تكون أزمة أفكار
يمتلكها أناس لكنهم مهمشون لذلك لا
نفيد منهم، فالعالم لايخترع ولكنه يبدع
في تطوير المخترعات (اليوم لا يخترع أحد
السيارة ولكن سيارة اليوم ليست هي سيارة
الأمس مما يعني أن هناك حالة دائمة من
التفكير الدائم والتطوير المستمر والتطوير
لايقوم على الأفكار المعلبة والمحفوظة
منذ عقود وإنما هي أفكار اليوم الخارجة
من رحم اللحظة الراهنة
مايحدث اليوم تقع مسؤوليته الأولى على
التعليم أولا والإعلام ثانياً، فالمؤسسة
التعليمية ينطلق وعيها من مفهوم خاطئ
يقوم على أن العملية التعليمية تختزل
في كم من المعلومات الملقنة التي على
الطالب أن يستظهرها، وهو مايضعنا إزاء
الحقائق التالية
تجربة اليابان
بعد واقعة هيروشيما ونجازاكي(،)١945
وتجربة أمريكا مطلع الثمانينات وهو ماعبر
عنه التقرير الشهير (أمة في خطر A nation
)At Riskالذي كان وليد استشعار ضعف
المستوى التعليمي ومخرجاته.
•إن مظاهر الخلل في التعليم وضعف
مخرجاته لاتنحصر في أجيال لاتعلم ولكن
أيضاً في أجيال لاتحترم الطريق ولاتحترم
قيم المجتمع وأخلاقياته فكل تصرف
لا أخلاقي يصدر من شاب مثلاً، تجد له
مرجعية من خلل في التربية والتعليم
(تحرص برامج تعليمنا الأولى على تلقين
الأطفال حروف الهجاء أولاً، وتحرص برامج
التعليم اليابانية على تعليم الأطفال
السلوكيات أولاًمما يجعله ينشأ وقد غرست
فيه مبادئ الأخلاق والسلوك الحسن.)
•لقد أنتج التلقين وعياً هشاً حدوده حدود
الصفحة التي يستظهرها المتعلم وعاش
العقل في حدود الصفحة فاختفى الواقع
ً وقضاياه التي تتطلب تفكيرا ووعياً لم
تسع العملية التعليمية إلى تنميتها.
•تم تهميش الذين يفكرون، وتولى
مسؤولية المؤسسات الفاعلة من لا
يفكرون فحادت كثير من مؤسساتنا
(التعليمية خاصة والإعلامية كذلك) عن
الطريق، فكلنا على يقين أن كلمة السر
في نجاح الأمم والمؤسسات هو (الإدارة)
والإدارة تعني طرح الأفكار وتطويرها فإذا
غاب المدير المفكر تراجعت المؤسسة،
حيث الصراع التنافسي هو صراع أفكار
قابلة للتحقق بالأساس.
•إغفال دور مؤسسات أخرى لاتقل أهمية
عن المؤسسات التعليمية أو هي بالأساس
توسيع للمؤسسة التعليمية وفي مقدمتها
المؤسسة الإعلامية لما لوسائلها العصرية
من التأثير الأقوى دون منافس (راجع
الفارق الكبير بين التلفزيون مثلاً وتأثير
المدرسة أو تأثير مسلسل تلفزيوني وتأثير
حصة دراسية) ففي العصر الحديث انفتح
المجال لتصبح الحياة اليومية بكل أنشطتها
مجالاً للتعلم، فالمؤسسة التعليمية تضع
القوانين المنظمة للعملية التعليمية وتأتي
المؤسسة الإعلامية لتكون تطبيقاً فاعلاَ
لهذه القوانين ومن المنطقي أن القاعدة
اللغوية التي تعلمها الطفل في المدرسة
تجد تطبيقاً صحيحاً لها على لسان المذيع،
راجع أحوال ضياع اللغة العربية على ألسنة
الأطفال ومن قبلهم على ألسنة المتعلمين
والمعلمين بالأساس وراجع علاقة كثير من
المذيعين باللغة العربية
ترسخ في أذهان الأجيال أن الوسائل
العصرية (التلفزيون والكمبيوتر والموبايل)
وسائل ترفيه مما أفقدها الكثير من جوانب
الإفادة منها، وتكبدنا الكثير من الخسائر.
•لدينا جيوش من المفكرين والمثقفين
خارج نطاق الإستثمار، المجتمع العربي
لايقرأ والإعلام لايقدم من البرامج مايجعل
المجتمع يفيد من مثقفيه، والمؤسسات
التعليمية لاتضع من البرامج مايجعل
هؤلاء داخل دائرة الإستثمار (لماذا لايكلف
كل أديب أو مثقف بتقديم محاضرات
تثقيفية لطلاب المدارس الواقعة في دائرة
محل إقامته مثلاً؟ ولماذا لا تضع الأقسام
العلمية ضمن نشاطها دعوة المثقفين
لإلقاء محاضرات للطلاب والأساتذة؟) وهو
ما يدخل في إطار تنويع مصادر المعرفة.
•استثمر العالم الفن لبث القيم وتطوير
الأفكار:
نجحت السينما الأمريكية في إحداث
تغيرات جذرية في المجتمع الأمريكي، في
مقدمتها التخلص من العنصرية وقبول
الآخر (الزنجي) وليس أدل على ذلك إنتخاب
أوباما رئيساً لدورتين، وتحرص السينما
الهندية على عدة أمور في مقدمتها:
تقديم صورة سياحية للهند وطبيعتها
الجذابة، والإعلاء من شأن الهند بوصفها
أمة جديرة بالفخر (لاحظ تلك الجمل
والعبارات المبثوثة في الأفلام الهندية،)
في المقابل جاءت السينما العربية في
كثير منها ترسيخاً لكل ماهو تافه وسطحي(راجع الأفلام التجارية المصرية على سبيل
المثال، وراجع أفلام محمد سعد على وجه
الخصوص
عقيل يوسف عيدان باحث وكاتب
كل معرفة مغذية تأتي
من فضول، أو سؤال.
هذا مايحدث مع المعرفة
الفلسفية والعلمية،
كما يجري مع المعرفة
البسيطة والعفوية
فولتير، أحد أبرز المنعطفات الفكرية
في عصر العقل، مثلاً:
أنه «يجب الحكم على الإنسان عبر أسئلته
أكثر من إجاباته» فليست الوظيفة الأكثر
أهمية وصعوبة هي العثور على الإجابة
الصحيحة، بل طرح السؤال السديد، كما عبر
أحد الفلاسفة المحدثين. أما أنا فأرى أن
الأسئلة هي المفاتيح التي تفتح الأبواب في
حياتنا، تفكيراَ وعملنا لذلك، فإن التحدي
هو العثور على المفتاح الصحيح للباب
المناسب، لاسيما وأن الخطأ الأكبر الذي
يمكن أن يرتكبه المرء في حياته الواعية
هو البحث عن الحلول الصحيحة للمشاكل
الخاطئة راهناً، توجد إجابة على كل شي
تقريباً، وهذا يجعل الناس لايسألون
ومن ثم، لايتكون لديهم شك في أي
شيئ! ولكن عندما يفقد الإنسان القدرة
على الشك، فإنه يصبح ضعيفاً ً وبليدا.
إن السؤال والإستفسار عموماً يتميز بأنه
مفتوح، لأنه يجعل المرء يفكر، والتفكير
والبحث عن إجابات، يجعل الإنسان ينمو
في «الوعي
ذلك أن العقل المنفتح على
الذات شرط أساس لإيجاد السؤال الصحيح،
ومن ثم الإجابة الفرضية.
إن العالم شاسع والإنسان لايعرف أعلى
درجات الذكاء، ومن المؤكد أن الإجابات
موجودة بالفعل، ولكن هل تم طرح
الأسئلة الصحيحة؟ إن الأسئلة، بغض النظر
عن رعونة واستسهال البعض، تسمح
بالنضج كثمار مشتهاة
الكاتب
عبدالكريم العامري
ً أنا متشائم جدا من أن
الآتي أكثر تدنيا
من حاضرنا مادامت
العشيرة هي التي تحكم،
والدين هو من يضع
خط السير.
بالضد من الجشع
والكراهية والكبرياء والعنف... وغيرها،
التي تحظى بتقدير كبير من المجتمعات
القائمة على السوق والإستهلاك كما هو
الحال راهناً. ومع ذلك، حتى في المجتمعات
التي تدعى إنها متدينة أو محافظة، فإنها
تفتقر إلى حد كبير لهذه القيم والمناقب
الأخلاقية، بينما تسعى الأكثرية العظمى
إلى تحقيق أهداف أنانية ومادية صريحة.
علماً بأنه حتى عندما يتم إستبدال الدين
بأيديولوجية علمانية، فإن النتائج ليست
أفضل حالاً بصورة عامة، إذ غالباً مايفرض
الخوف قيماً مشتركة بدلاً من الدافع
الداخلي الإيجابي الذي يمكن أن يفرخ
الوعي الديني أو العلماني.يبقى أن ألمح
إلى أنه إذا قال سقراط، أحد أعظم مفكري
الإنسانية: «لا أعلم إلا أنني لا أعلم شيئاً»
فأنا أفهم منه أن الأسئلة لا حصر لها، وفي
كل مرة نسأل فيها سوف نتعلم المزيد
ونتعطش أكثر لإثارة النافع منها. يمتلك
السؤال القدرة على تغيير وجهة نظرك،
لأنه عبر الأسئلة نسعى لكفاية معرفتنا،
حتى نكون شخصيات من المعرفة والرأي
ً الخاص، استنادا إلى المعرفة الكاملة حول
الموضوعات التي تم إثارتها. تحولا لمعرفة
الناس، وتضعهم في مكان ظاهر مقارنة
بأولىئك الذين ليس لديهم الكثير من
المعرفة. قد تكون المعرفة الكاملة غير
قابلة للتحقيق، لكن الأسئلة ضرورية
دائماً
الكاتب المسرحي والشاعر العراقي
عبد الكريم العامري
الخطاب الثقافي غائب بعدما
طغى الخطاب السياسي وبصوت عال
الدكتور عادل العلي
فلا يوجد مثقف مطلق، إنما
مثقف له اسم وتاريخ وميلاد وتاريخ وفاة
إذا كان من عصور قديمة وهو بالضرورة
يعيش في مجتمع في طور من أطوار
سلم التطور، ويحتاج هذا المجتمع إلى
اللحاق بالمجتمعات الأخرى إذا كان مختلفاً،
ومتابعة الإزدهار بشروط إنسانية إذا كان
متقدماً، وبالتالي يقاس المثقف بالشروط
التالية:
أولا – لابد أن يكون له تأثير إجتماعي،
فالذي يملك ثقافة عالية نسبياً ولايجسدها
للتأثير في المجتمع ليس مثقفاً، لأن
معرفته لذاته فقط.
ثانياً – مقدار الثقافة مرتبط مباشرة
بمقدار التأثير.
ثالثاً – المثقف الإيجابي هو الذي يوظف
ثقافته للإرتقاء بالمجتمع علمياً وأدبياً،
والمثقف السلبي هو الذي يدعو الى الركود
أو العودة إلى الوراء، ولايجوز نكران المثقف
السلبي لأن له تأثير
-------
الشاعر الجزائري عبد القادر مكاريا
لكل
مجتمع أخلاقه، وهي مجموع القيم القيمية
التي يؤمن بها ويحاول أن يجعلها منهجا
لأفراده، وبالتالي يتوارثها وهي مثلها مثل
الهواء وكل نمط حياة أو علم تنتقل بين
ً المجتمعات، وتتلاقح فيما بينها وافدا
ومقيماً. اليوم لم تعد هناك مجتمعات
منغلقة أو معزولة، وقد صارت رياح التطور
والعولمة العاصفة تهز أغصان أعتى
الأشجار في أي بقعة من العالم. ولأن
الحياة غير جامدة فكل مافيها كذلك !
فما الأخلاق التي نريدها وما التي نرى أنها
اندثرت أو فقدت بريقها؟ بل ما الأخلاق –
أساساً في أيامنا هذه؟
لعلها هي نفسها ولكنها تحاول إرتداء ثوب
يتماشى والعصر، وهنا نشير أن اللباس أي
الزي في أي مجتمع يمكن إدراجه ضمن
الأخلاق ولكل مجتع زيه الذي يميزه.
إذا فالأخلاق تحاول مسايرة العصر والتطور،
وهي تؤثر وتتأثر. وعلينا نحن اليوم
تحديد موقعنا! فإذا كنا نقصد بها الوفاء
والشهامة والكرم مثلا، فالخلل في موقفنا
منها ونظرتنا إليها. نحن ننظر وننظر
للكرم – مثلا – بمقياس حاتم الطائي.
ولكننا ننسى أن الطائي المعاصر يعيش
بمدينة مكتظة، في شقة ضيقة بعمارة
بدبي أو الرباط أو الرياض، ولا يعيش وسط
الصحراء في خيمة أمامه قطيع إبل وأغنام.
ولايمر به إلا عابر أو إثنان كل اسبوع.
وعنترة اليوم لايحمل سيفه ويبارز الأبطال
حيثما اتفق له، أضف إلى ذلك اكتظاظ
الحياة ومشاغلها وانشغالاتنا المتعددة
بها وفيها، فلم يعد الواحد منا يملك زمام
أمره ولايتحكم في وقته العربي اليوم غير
العربي الذي تشبعنا بقيمه. الخلل ليس
بتلك القيم ! – بالتأكيد –ولكن الخلل في
أننا نريد تطبيقها في زماننا بمقاييس
زمانهم. من الخطأ المقارنة بين عصرين
متباعدين بمئات السنوات
المشكلة اننا تشبعنا من تاريخنا بكرم
حاتم الطائي وحب قيس وجميل العذري
وغيرهما من القيم دون أن نميز أنهم
عاشوا في عصر غير هذا العصر. لايزال
شبابنا العربي محبا وشجاعا ووفيا وكريما.
لكننا نقارنه بشجاعة عنترة وعفة قيس
وكرم حاتم دون أن نضعه في محيطهم
وظروفهم. وقد صنعنا مسبقا المثل
الأعلى في الحب والكرم والوفاء والشجاعة
و... و... الذي لاشبيه له ولايمكن الوصول
إلى مقامها العالي على مدار قرون كان
يقدم لشبابنا وطلبتنا ذلك الجانب المشع
من ماضينا فقط. بينما المسكوت عنه
في تاريخنا نخجل به ونداريه
هذا المصطلح الهلامي المفهوم في بيئة
ضبابية الرؤى.. ووسط جدلية حيث المثقف
يصنع المجتمع، والمجتمع ينتج المثقف،
فالمثقف اليوم هو نتاج مجتمع فقد توازنه
منذ زمن بعيد، وبعضه نتاج مجتمع غريب،
والمجتمعان لايعترفان ببعضهما، أو
متصارعان في أحسن الأحوال. والمجتمع
أسير عصر ولى، ونديم ذكريات تدغدغ بها
كتب التاريخ عاطفته. فكيف نريد لمثقف
يرفضه مجتمعه أن يؤثر فيه أو لمثقف نراه
مختلفا بمنظار المجتمع الغريب أن يؤثر.
والطامة أن معظمنا مقسمون ومشتتون
بين المجتمعين والثقافتين، حائرون بين
تربية أسرية وأخرى وافدة عليه من نوافذ
التكنولوجيا ! المثقف يطرح الأسئلة في واد
ويزرع الإجابة في واد غيره. لأننا نحتاج تلك
الآلة العجيبة التي تسافر عبر الزمن لنصالح
بين النقيضين. التربية والتعليم أصابهما
نفس الفاصل الزمني حيث نقدم لناشئتنا
تعليماً لاعلاقة له البتة بما يعيشونه في
أسرهم ويومياتهم.. وبالتالي بات تعليمنا
أعوجا وتطورنا أعرجا
-----------
الكاتب الأستاذ محمد الحرز:
إنهيار القيم والمبادئ وطغيان الحياة
الإستهلاكية لا ترتبط بالمجتمعات العربية،
بل لها علاقة بالعالم
أجمع. النظام العالمي
دخل في دوامة العولمة
المتوحشة وأصبحت
الدول القوية نفسها
غير قادرة على حماية
مواطنيها ناهيك عن
الدول الضعيفة، كما هو عليه الحال
مجتمعاتنا العربية. فالأزمة تتجاوز المثقف
كونه يملك الحلول الفردية، مهما كان
ألمعيا أو نجما ساطعا في سماء الفكر
والمعرفة. لقد ولى زمن الرجل المنقذ
الذي يملك الحلول أو يملك شخصية
ً كارزمية مؤثرة تساعد كثيرا على تجاوز
الأزمات سواء كانت ثقافية أو إجتماعية
أو إقتصادية. نحن الآن أمام طوفان من
الأزمات التي تمس حياة الإنسان على
هذا الكوكب من قبيل المحافظة على
الحياة البيئية والحيوانية وأزمة نقص
المياه ونقص الموارد الطبيعية مع تكاثر
السكان. لذلك الحاجة الملحة لمواجهة مثل
هذه الأزمات تتطلب التعاون الجماعي من
مؤسسات وحكومات وأفراد وهيئات خيرية
وغيرها، وبالتأكيد المثقف الذي يطرح
الأسئلة في أفق مختلف على خلفية هذه
القضايا هو ينطلق من صميم فاعليته
فالأسئلة التي يقوم بطرحها تشمل كل
شيئ ولا تتوقف عند حد معين، ففي
مثل هذه القضايا لابد أن تكون المراجعة
لحلولها تطال كل مايتعلق بالحياة
الإنسانية على مستوى العالم، فالتعليم
والتربية الأخلاقية والدينية والموقف من
الآخر والتاريخ والمسألة الإقتصادية وكرامة
الإنسان جميعها تصبح في مرمى النظر
والنقد والمراجعة، عدا ذلك فنحن لانحرك
سوى طواحين الهواء، أو نسبح ضد التيار
--------
الكاتب أحمد الهلال
يجب أن نعرف
بأن الجانب التربوي
في أي مجتمع وخصوصا إذا كان تقليديا
أي تهيمن عليه ثقافة واحدة، ليس من
السهولة تغييرة، لا أقول مستحيلا، ولكن
يحتاج لمعالجة من نوع معقد، ومن هنا
ً قد يكون المثقف جزءا مهما ً في عملية
المعالجة، ولكن ليس الأوحد، فالمثقف
العربي أي المشتغل في نقد الأفكار إلى
اليوم مساحة تأثيره في الفضاء الإجتماعي
العربي محدودة، وحضوره في غالبيته
ً حضورا سجالياً ً ، محصورا في ردة الفعل من
قبل « حراس الفضيلة « بمعنى لايتعاطى
معه من قبل أفراد المجتمع في الغالب
كحالة صحية، ومطلباً لحل سلبياته، إضافة
إلى ذلك على المثقف أن يعي بأنه صاحب
رأي وليس واعظاً في مجتمعه، لأن المثقف
حينما تسيطر عليه حالة الوعظ قد يتخلى
سواء علم بذلك أم لم يعلم، عن حسه
نحو الإبتكار والتجديد، الذي يمثل عنوانه
الرئيس إن لم يكن هو جوهر المثقف،
الذي من خلاله يكون مثقفاً أو لايكون،
وأنا هنا حتى تتضح الصورة لا أتحدث عن
إيمان المثقف بأفكاره من عدمه، فهذا حق
طبيعي ولازمت الكثير من المثقفين منذ
ظهور مصطلح المثقف إلى اليوم، شريطة
أن لا يتحول هذا الفكر إلى حكمة مطلقة
تلقن للجميع وكأنها الحقيقة التي لامرية
فيها، وهنا يتحول المثقف إلى واعظ لأنه
يرى بذاته قابضاً على الحقيقة ووصياً على
مجتمعه، ليتخلى شيئاً فشيئاً عن جوهره
من باحث لايكل في بحثه عن الحقيقة إلى
محور الحقيقة تدور حيث يدور
لنخبة التي تحمل شعارات الإصلاح
جزء من المشكلة وليس الحل، ومن هنا
يجب في حال بدأت أي عملية إصلاح في
المجتمع، أن تبدأ من الجذر، وليس الاكتفاء
بملامسة السطح، بمعنى آخر ليس هناك
ً أحدا فوق عملية الإصلاح والتغيير. وكذلك
يجب أن تعي النخبة العربية بأنها جزء من
أمراض مجتمعها،
------------
الروائية اليمنية شذى الخطيب
كوني كاتبة روائية، وتخصصت في
الإرشاد النفسي والإجتماعي والتربوي،
لامست العملية التعليمية على كافة
الأصعدة سواء كانت في المدارس
العامة، أو مدارس ذوي الإحتياجات
الخاصة. الحكومات تقصر في التعليم من
الجهتين لكن من يدفع أكثر في المدارس
الخاصة هو من ينال قسطاً أفضل. ولكن
يظل سؤال مدى دور الأهل في تنشئة
أبنائهم أخلاقياً وعلمياً. نحن في عالم
ً أصبح الفساد فيه منتشرا والحروب دمرت
النفسيات الإنسانية والحياة المادية،
والتكنلوجيا قتلت التعاطف بين البشر
فقط تسليط الضوء على
المشكلة. فنحن لسنا واعظين فقط أدباء
نحاول الحفاظ على الذوق الإنساني الرفيع
وسط الهمجية الدائرة في مجتمعاتنا.
فعرضي لقصة بين تعب الحياة ولهو
الزمن، قدمت نموذجاً إنسانياً يعرض
ً مشكلته بأسلوب أدبي دون أن أقدم حلا
فقط أن ألفت الأنظار لهذه المأساة تعتبر
بداية الحل لمن يهمه الأمر في المساعدة.
بالإضافة علينا تسليط الضوء على الأعمال
الأدبية المهمة وسط الغوغاء الأدبية
المنتشرة، وخاصة اليوم من أعمال كثيرة
يضيع فيه القارئ مابين الجيد والسيء.
بغض النظر عن الأذواق، ولكن الأفكار
الأخلاقية والفنية لاجدال فيها...استطلا