الأخلاق العملية هي اتفاق اجتماعي، بينما القيم النظرية هي قناعة شخصية
لو أن جنديًّا قتل عدوه في الحرب، فإن فعله يعد عملًا أخلاقيًّا من الناحية العملية؛ لأنه يندرج تحت بند الدفاع عن الوطن، وهو مبرّر بحسب القيم الأخلاقية العامة للجماعة؛ إلا أن هذا الجندي قد يعاني تأنيبَ الضميرِ لأنه يرى فعله «عملًا خاطئًا» بناءً على القيم والمبادئ النظرية الشخصية التي يؤمن بها. فإذا كان الجندي مسلمًا وقتل عدوًّا مسلمًا في حرب بين دولتين مسلمتين، فإن فعل القتل هنا مبرر أخلاقيًّا لكنه مؤلم قيميًّا بالنسبة له بصفته فردًا مسلمًا.
واجبه حماية المواطنين الذين أقسم على حمايتهم. لكنه قد يدخل في تأنيب ضمير بسبب أنه خالف قيمه المعنوية الراسخة في منظومته المعرفية. يتضح لنا من هذا المثال أن القيم النظرية تسكن الذهن وتوجّه ضمير الفرد، بينما الأخلاق التطبيقية تُمارَس على أرض الواقع وتُبنى على مبررات اجتماعية.
القيم ترتبط بـالمعتقدات والمبادئ والتقاليد والأعراف، بينما الأخلاق تنعكس في سلوكيات تحمل تبريرًا منطقيًّا. القيم عادة ما تكون ثابتة ومثالية ومعيارية، أما الأخلاق فهي متغيرة ونسبية وإجرائية، تخضع لظروف المجتمع وسياقاته المختلفة.
قضية «حاكمية الشريعة» تُعد، من الناحية النظرية، قيمة دينية راسخة عند أغلب المسلمين، لكن حين ننتقل إلى التطبيق، نكون أمام الأخلاق العملية. هنا يُطرح السؤال: هل من الحكمة، أو من الصواب، أو من المصلحة، تطبيق الشريعة كاملة بصورتها التراثية القديمة في دولة مدنية حديثة؟
نحن لا نتحدث عن صحة مبدأ «حاكمية الشريعة» من حيث الأصل النظري، بل نناقش إمكانية تطبيقه في الواقع فقط. وهذا هو الفرق الجوهري بين القيم والأخلاق؛ فالقيم تقاس بالمبادئ الذهنية المعنوية، بينما تقاس الأخلاق بالعواقب العملية على أرض الواقع.
فالفيصل، دائمًا، في المجتمع المتعدد لا يكون على مستوى القناعات الفردية، بل في التطبيق المشترك؛ لأن الأهم دائمًا هو «المصلحة العامة» وجودة التطبيق، وجلب المنافع قدر الإمكان وفقًا للنوازل والمتغيرات.
أهم النظريات في فلسفة ابن تيمية، وهي «نظرية المصلحة»، كما سماها جون هوفر في كتابه «ابن تيمية حياته وفكره»
نظرية المصلحة وفلسفة الأخلاق النفعية
«براغماتي» ونفعي ونسبي في التطبيق؛ وهذا ما يهمنا. فمثلًا: ابن تيمية كان يرى الخلافة واجبًا شرعيًّا، من الناحية النظرية، لكنه لم يطالب قط بإسقاط الحكام أو الخروج عليهم من أجل تحقيقها؛ لأنه أولًا: كان يفرق بين فكرة الخلافة من الناحية النظرية الكلية في الذهن، وفكرة تطبيقها في الواقع. ثانيًا: كان يقيس القضية بعدسة «المصلحة العامة»، ومدى الضرر والنفع الذي سيحصل للمجتمع جراء المطالبة بالخلافة بحسب الزمان والمكان.
لم يكن يتعامل مع الفكرة بمنظور مجرد أو مطلق، بل كان يتتبع المعطيات الواقعية، ويُمعن النظر في الظروف المحيطة، ويطرح تساؤلات نقدية من قبيل: هل تتيح الأوضاع القائمة إقامة الخلافة؟
الرؤية الواقعية البراغماتية هو قوله الشهير: «ستون عامًا تحت حكم حاكم ظالم خيرٌ من يوم واحد بلا حاكم». هذه نظرة براغماتية نفعية وواقعية تتعامل مع الظروف بواقعية ونسبية، بعيدًا من المثالية، وتهدف في جوهرها إلى تحقيق «المصلحة العامة».
يذكر ابن تيمية في بعض كتبه أنه لا يوجد واقع مثالي كامل، وأن كل شيء نسبي بقدر الإمكان، وأن الكمال لا يتحقق إلا في الكليات الذهنية.
قياس الحكم الأخلاقي التطبيقي بمعيار المصلحة؛ فإذا كان النفع أكبر من الضرر، أصبح الأمر أخلاقيًّا، وإذا كان الضرر أكبر من النفع، أصبح الأمر غير أخلاقي، حتى وإن كان شرعيًّا وواجبًا نظريًّا في الدين؛ لأنه يرى أن الشريعة، في المقام الأول، جاءت لمصلحة الناس كغاية كبرى، ولا بد لنا أن نكون في صف الشريعة لتحقيق هذه الغاية عبر التفاعل مع الواقع بمرونة وديناميكية.
ابن تيمية: العدل لا يتحقق بمجرد الإيمان بالشريعة من دون المتطلبات الضرورية لتطبيقها، فالعدل لا يتحقق بمجرد الإيمان الذهني بالإسلام، في صورة مثالية منفصلة عن حقيقة الواقع المتغير الذي يحتاج إلى تفاعل ومعطيات مختلفة للوصول إلى العدل.
«إن الله يقيم الدولة العادلة حتى وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة». ويضيف أيضًا أن أمور الناس تستقيم مع العدل الذي يتضمن أنواعًا من الإثم والذنوب أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق، حتى وإن كان خاليًا من الإثم والذنوب «مجموع الفتاوى» (م٢٨ ص ١٤٦). هنا ابن تيمية كأنه يقول لنا: علينا أن نبدأ من الجزئيات إلى الكليات، من الواقع إلى الحكم الذهني، فبالمعطيات تتحقق النظريات.
ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم»؛ فالباغي يصرع في الدنيا وإن كان مغفورًا له مرحومًا في الآخرة، وذلك أن العدل نظام كل شيء؛ فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة؛
فداخل كل خير «شر قليل» لا يؤثر في حقيقة أنه خير، وداخل كل شر «خير قليل» لا يؤثر في حقيقة أنه شر «مجموع الفتاوى» (المجلد٣٥، ص٣٠). ين ويانج
الخطأ النسبي «الحتمي» بالضرورة حتى عندما يسعى إلى الخير ويقصده بنية صادقة.
فالحاكم العادل والسياسي الذي يؤمّن حياة الناس ويقيم النظام، لا بد أن يقع في أخطاء؛ بسبب رغبات النفس، مثل حب السلطة ومحاباة المقربين. وكذلك طالب العلم الشرعي، مهما بلغ من المعرفة والورع، سيقع في الخطأ، سواء عبر اجتهاد خاطئ، أو ميل غير واعٍ إلى رأي معين. ومن اللافت أن ابن تيمية أشار إلى أن المتخصص في علم الشعائر والعبادات، غالبًا ما ينزلق إلى نوع من الرهبنة أو المبالغة في الزهد، رغم أن الشريعة لا تطلب منه ذلك. وهنا يتضح أن ابن تيمية كان واقعيًّا نسبيًّا ذا فلسفة أخلاقية براغماتية
بعض الأفعال، وإن كانت في أصلها حسنة أو مشروعة أو فيها مصلحة، فإن وجود مفسدة أقوى منها يُغيّر حكمها إلى التحريم أو الكراهة، وهذا أصل في فقه الموازنات
كالصيام للمريض، وكالطهارة بالماء لمن يخاف عليه الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم: «قتلوه قتلهم الله! هلا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال» (مجموع الفتاوى، م٣٥ ص٢٩).
العيّ: هو الجهل أو العجز عن النطق بالحجة.
الحديث ورد في قصة رجل أصابه جرح في رأسه، فاحتلم، فسأل من معه هل يجد رخصة في التيمم، فقالوا: "لا نجد لك رخصة، وأنت تقدر على الماء"، فاغتسل فمات.
الاقتباس الثاني، فيقول (في مجموع الفتاوى م٣٥ ص٣٠)
لو أراد الإنسان فعل الخير الصافي (بدون معصية)، لوجد نفسه لا تستجيب بسهولة، بل تتثاقل وتتكاسل. وهذا مشاهد في النفوس غير الكاملة. النفس قد تعجز عن فعل الحسنات الكبيرة المأمور بها إلا إذا دفعت لها شيئًا من الأمور المنهية، أي أنها لا تنهض إلا بالمكافأة، وإن كانت تلك المكافأة فيها نوع من الإثم أو الشهوة أو الانحراف.
أهل الإمارة والسياسة: لا يقيمون العدل والنظام إلا إذا نالوا بعض الرياسة أو الأموال أو المحاباة، وهي أمور مذمومة.
أهل الجهاد: لا يندفعون للجهاد إلا مع شيء من التهور أو حب المغامرة.
أهل العلم والكلام: لا يطلبون العلم المحقق إلا من خلال آليات غير مأمونة مثل الجدل والكلام والفلسفة.
أهل العلم والكلام: لا يطلبون العلم المحقق إلا من خلال آليات غير مأمونة مثل الجدل والكلام والفلسفة.
ابن تيمية لا يبرر الوقوع في المعصية، لكنه يفهم الواقع ويحلله، ليُبين أن النفس أحيانًا لا تنهض لفعل الواجب إلا إذا خالطه شيء من الهوى أو المصلحة أو المعصية.
لكن هذا لا يعني أن الفعل كله يُقبل شرعًا، بل يفتح الباب للـ:
-
التوبة
-
الإصلاح التدريجي
-
فهم ضعف النفس البشرية
حيث تكون الحسنة راجحة، لكن لا تتحقق إلا بمقارنة معصية أخف.
-
فهل نمنع الحسنة لأن في طريقها شيئًا من الشر؟
-
أم نزن الأمر، ونُقدّر المصلحة الغالبة، ونُحيل الأمر إلى المقاصد، والنيات، والقدرة الواقعية؟
وهنا تبرز فقه الموازنات الدقيقة.
«ليس العاقل الذي يعرف الخير والشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين (مجموع الفتاوي م٢٠ ص٥٤).
الأخلاق نسبية، فالمقصود غالبًا ليس القيم النظرية، بل الأخلاق التطبيقية.
فالقيم، في المستوى النظري، مثالية، لكن الواقع غير مثالي، فليس الإبداع في أن تعرف ما هو الخير وما هو الشر «نظريًّا»؛ وإنما الإبداع والمهارة المفيدة -وفقًا لابن تيمية- تكمن في قدرتك على التفضيل وقياس خير الخيرين وشر الشرين؛ لأنه يرى أن الواقع غير قابل للكمال المطلق كما هو في الذهن. يؤكد ابن تيمية: أنه لا يوجد واقع مثالي، وإنما الواقع هو نسخة نسبية من العالم المطلق الإلهي، بمعنى أن الدولة هي نسخة غير مثالية تسعى للوصول إلى الكمال الإلهي «المثالي»، لكنها تظل نسبية قدر الإمكان (Hoover, p111).
المطالبة بتطبيق الشريعة في دولة حديثة، تختلف تمامًا عن الدولة الدينية الإمبراطورية السابقة، لا يصح أخلاقيًّا. وسيحذرهم من مغبة العبث بإسقاط الدول القائمة؛ لأن الضرر الناجم عن الفوضى سيكون أكبر بكثير من المنفعة المرجوة أو المتوهمة، حتى وإن كان تطبيق الشريعة واجبًا دينيًّا؛ فإن هذا الضرر سيكون عكس مصلحة وغاية الشريعة نفسها التي يطالبون بتطبيقها وهي «مصلحة الناس».
رأي ابن تيمية في الخوارج عندما قال: إن الخوارج اعتقدوا أنهم يحققون إرادة الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيق الشرع، لكنهم في الحقيقة جلبوا أضرارًا كثيرة على المسلمين، ومارسوا الهمجية في التعامل مع الواقع، ولم يحققوا إرادة الله على وجهها الصحيح (Hoover, p104).
ابن تيمية في شرحه لتطبيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان يعتمد على الفلسفة النفعية النسبية القائمة على المصلحة العامة والعواقب. فكان يقول في قضية الأمر بالمعروف إنه: إذا ترجح النفع على الضرر وجب الأمر بالمعروف، لكن إذا ترجح الضرر على المنفعة فلا يصح الأمر بالمعروف، حتى وإن كان الأمر واجبًا دينيًّا. بل يقول: إن من يأمر بالمعروف في حالة توقع الضرر فهو آثم ويصد الناس عن سبيل الله. والمميز في تحليله النفعي هو قوله: إذا تساوى مقدار النفع والضرر إلى درجة لا نستطيع التمييز بينهما، فلا يُؤمر بمعروف ولا يُنهى عن منكر حتى نتحقق من المصلحة العامة.
المعيار في التنفيذ لا في التنظير
هو لا يختلف مع المبادئ العليا، لكنه يَعدّ تحقيقها في الواقع لا يتم بالتجريد، بل بالتقدير:
-
هل ستؤدي هذه الحسنة إلى مفسدة أعظم؟
-
هل سيؤدي هذا الإنكار إلى فتنة أكبر؟
-
هل القتل أو القتال هنا سيمنع منكَرًا أم يفتح أبوابًا لشر أعظم؟
هذا هو الفرق بين "الفقه المثالي" و**"الفقه التنفيذي"**.
الجماعة قد لا يُمكنهم أداء المعروف إلا مع التلبس بمنكر ملازم له، أو لا يتركون المنكر إلا بترك معروف أكبر معه.
تقديم المعروف الراجح وإن استلزم منكرًا مرجوحًا بشرط أن يكون المنكر تابعًا لا مقصودًا.كأن تُبقي على قائد فيه جور، لأنه يُقيم الأمن والعدل بنسبة أكبر مما يُفسد.
ترك المنكر الأغلب وإن فُقد معه معروف أدنى كمثل نزع يد طاغية إذا كان بقاؤه يُكثر الظلم والفتنة، ولو زال معه بعض النظام المؤقت.
عبارة خطيرة: أي أن النهي عن المنكر في غير موضعه – حين يؤدي لتعطيل معروف أعظم – ينقلب إلى معصية، ويُعد صدًّا عن سبيل الله، لا طاعة له!
قلب جذري لمفهوم "الاحتساب" السطحي الذي يراه بعض الناس حسنًا مطلقًا في كل الأحوال.
مثال
لنقل إن جماعة تؤدي شعائر الدين، وتُقيم مصالح الناس، لكنها ترتكب أخطاءً فقهية أو بدعًا أو تجاوزات.
فلو أُنكِر عليها بطريقة تفوّت تلك الشعائر أو تُحدث فتنة أكبر، فإن الإنكار هنا ممنوع شرعًا، لأنه يضر أكثر مما ينفع.
ابن تيمية هنا:
-
لا يُطلق الأحكام من عُلُوّ مثالي
-
ولا من غلبة العاطفة الدينية
-
بل من تحليل مركب للواقع: كمّيات، تأثيرات، عواقب، مدى الاستجابة...
وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما. فتارة يصلح الأمر؛ وتارة يصلح النهي؛ وتارة لا يصلح لا أمر ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين؛ وذلك في الأمور المعينة الواقعة» (المرجع نفسه، ص١٣٠).
«وأما من جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقًا وينهى عن المنكر مطلقًا»
فهو يقصد الناحية النظرية، وهي عنده ثابتة، لكن التطبيق متغير حسب الظروف والمعطيات
إذا كان النهي عن منكرٍ معين سيؤدي إلى ترك حسنات واجبة وراجحة (أكثر نفعًا وأهمية)، فإن النهي يُمتنع شرعًا، لأن المفسدة المترتبة على النهي أعظم من المنكر ذاته.
لا يُفصل الفعل عن سياقه.
لا يُقاس الناس على مثال الملائكة، بل يُنظر في ما يمكن تحصيله من الخير الممكن.
عمر بن الخطاب عمر لا يُقصي كل صاحب خلل من الوظائف والمناصب.
بل يُبقيه إذا كان عمله فيه مصلحة راجحة (كفاءة، حزم، قدرة).
لكنه لا يُهمل جانبه الفاسد، بل يُصلحه بالمتابعة والرقابة والردع.
العمل مع أهل النقص جائز إذا رجحت مصلحة وجودهم على مفسدة أخطائهم.
السلطة العادلة ليست سلطة مثالية، بل سلطة راشدة قادرة على إدارة التفاوت البشري. راشد الغنوشي
ابن تيمية لا يبحث عن "أصحاب الحق الكامل"، بل عن "الحق الممكن في عالم غير كامل".
ترك النهي عن المنكر ليس دائمًا تقصيرًا، بل قد يكون هو الواجب نفسه.
إذا استلزم النهي عن منكرٍ ما، فواتَ معروفٍ أرجح، أو حصول منكر أعظم، فالسكوت واجب، بل هو من الشرع والعقل.
كمن أسلم على ألا يصلي إلا صلاتين، كما هو مأثور عن [بعض من أسلم على عهد] النبي صلى الله عليه وسلم، أو أسلم بعض الملوك والسلاطين وهو يشرب الخمر، أو يفعل بعض المحرمات، ولو نهي عن ذلك ارتد عن الإسلام».هذا في الظاهر نقص في الدين، لكنه مدخل جزئي إلى الإسلام.
فلو أُلزم بالكمال دفعةً واحدة، قد يرتد، ويضيع أصل الدين.
عمق منهج التدرج في الشريعة، وتقديم أصول الدين على فروعه، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
هذا ليس تنازلًا، بل ترتيب شرعي للأولويات
السكوت ليس ضعفًا بل قد يكون حكمةً شرعية.
الحكم لا يُبنى على ظاهر الفعل فقط، بل على نتيجته المركبة.
ليس كل منكر يُنهى عنه فورًا، ولا كل معروف يُؤمر به حالًا.
حفظ أصل الدين والإيمان مقدم على تحسين سلوك الأفراد والجماعات.
ثم يقرر: «ففرق بين ترك العالم أو الأمير لنهي بعض الناس عن الشيء إذا كان في النهي مفسدة راجحة، وبين إذنه في فعله. وهذا يختلف باختلاف الأحوال.
الحجاب في فرنسا
أتى داعية أو شيخ دين وأمر النساء في فرنسا بلبس الحجاب وحذرهن من عدم الالتزام به، رغم قانون الحكومة الفرنسية الذي يعاقب على ذلك؛ فإن هذا الشيخ -بحسب فلسفة ابن تيمية- يُعد مذنبًا ومنفرًا عن دين الله، حتى لو أمر بمعروف، كلبس الحجاب؛ لأن المصلحة العامة للمجتمع المسلم في فرنسا قد تتضرر في ظل القانون الصارم وقد يَخسرون وظائفهم أو يُرَحَّلُون أو يُعاقَبُون.