الجمعة، 28 فبراير 2020

العمل من المنزل يحتاج قواعد صارمة

الموظفون يفقدون الحافز سريعا للعمل في حال عدم رسم الحدود بين العمل والوقت الحر.

وبحسب أستاذ علم النفس الألماني كوني أنتوني، يتيح العمل من المنزل للمرء أن يكون أكثر مرونة ويحسن التوازن بين الحياة الأسرية والعمل، وكذلك خفض التوتر الناتج عن قضاء وقت في قطار مكتظ أو معلّق في اختناق مروري. غير أنه يأتي بتحديات جديدة، فعندما يتحوّل المنزل إلى مكان للعمل قد يكون من الصعب على الإنسان أن يقرّر متى يمكنه إيقاف كونه متاحا للعمل.

ويوصي خبير اقتصاديات العمل الألماني أوفوك ألتون بوضع قواعد صارمة للعمل في المنزل مسبقا، فوضع إطار زمني ثابت يكون الشخص متاحا فيه، مثلا، يسهل عليه غلق كمبيوتره الآلي في نهاية اليوم. حتى أن بعض الشركات تغلق بشكل أوتوماتيكي مزوّدي البريد الإلكتروني من السادسة مساء أو لا توجه رسائل بريد إلكتروني عندما يكون الموظف في عطلة.

ويقول ألتون “إنه إذا لم يكن هناك قواعد، يميل الموظفون إلى المبالغة في العمل”. وأظهرت الدراسات أنه إذا لم يتم رسم الحدود بين العمل والوقت الحر بوضوح، يفقد الموظفون الحافز سريعا.

وفي حين أن بعض الأشخاص يمكن أن يستمتعوا بالسلام والهدوء الناتجين عن العمل من المنزل، قد يفتقد آخرون الدردشة مع الزملاء. وقد يكون الأمر أكثر صعوبة لتقييم مساهماتك في الفريق عندما تكون تعمل من المنزل فقط.
وينصح أنتوني بالمزج بين الاثنين؛ فيمكن العمل من المنزل مرتين أو ثلاث في الأسبوع، ما يترك للمرء ما يكفي من الوقت للحاق بزملائه، بينما يتقلّص أيضا الوقت الذي يقضيه في المواصلات


نظرية المُجتمع الفسيفسائي

 المُجتمع الفسيفسائي في نظر فقهاء علم الاجتماع: عبارة عن تجمعات بشرية غالباً ما تُقدِّم الهوية الخاصة (مصلحة الطائفة أو القبيلة أو الجماعة أو الحزب) على الهوية العامّة، ونظراً لتغليب المصلحة الفئوية على المصلحة العامة، كثيراً ما تنشب النزاعات والفتن في هذه المُجتمعات كما ورد في أحد مؤلفات الدكتور السوري حليم بركات.
 أهمية وحدة الشعوب في إلغاء نزعات ورغبات المجتمعات الفسيفسائية الدائمة في التشرذم والتقوقع أو الاستحواذ،

الاثنين، 24 فبراير 2020

في نقد العقل الأعمى

 من صحيفة الجزيرة 1

يرى المفكر الفرنسي إدجار موران أن أنوار العقل تُكبت في الأعماق، ومع ذلك يتقدّم الخطأ والجهل والعمى في كل مكان في نفس الوقت الذي تتقدّم فيه معارفنا! ويرى أيضًا أن السبب في العماء لا يكمن في الفعل (الإدراك الخاطئ) أو الخطأ المنطقي (عدم الانسجام) بل يكمن في انتظام حركة المعرفة في شكل نسق من الأفكار والنظريات والإيديولوجيّات (الفكر والمستقبل ص13

عندما تتجرّد المعرفة – بفعل العقل الأعمى- من خصائصها المتحرّكة والمتحوّلة لتنتظم في شكل نسق أو إيديولوجيا، يُصاب الفكر بالجمود، والعقل بالعماء، فلا يرى الحقائق في صورتها المجرّدة، وإنما يخضعها لخبرته المعرفيّة المدرسيّة المؤدلجة // وما عجبني في المسيري انه يفهم ان لا بد من ايدولوجية فبني فكره علي ايدولوجيا اسلامية // وايضا كتاب الاقناع هنداوي انه يفهم الدين وتكوين مجموعات متخصصة //. فالعقل الأعمى، هو العقل الذي يحجب الرؤى المتنوّعة للأشياء، ويؤطّرها في سياجاته المعرفيّة المحدودة؛ ومن ثمّة تَحُولُ ممارساته المعرفيّة دون بلوغ الحقيقة، هو عقل يركن للإجابات الجاهزة والحقائق المطلقة، تزعجه حركة الأفكار وتُسبب له قلقًا؛ لأنه يريدها في قوالب جاهزة. عقل لا يحفل بتحوّلات المفاهيم وارتحالاتها من مجال معرفي إلى مجال آخر لاكتساب خبرات معرفيّة جديدة.

يشتغل هذا العقل على تكوين اللارؤية، عندما يتجنّب الشك والمبادلات المعرفيّة. فالمعرفة لديه مجموعة من القيم المنغلقة تعادي كل جديد أو مختلف. والدين عنده مجموعة من الممارسات الشعبيّة؛ ولذا فهو عقل يُصدِّق كل ما يُقال بسذاجته المعهودة. يتقبّل الأشياء بمقدار ما تقترب من معتقداته الثقافيّة التي تُقصي كل مختلف من أجل إرضاء النموذج المعهود! واللافت للانتباه أن هذا العقل يستمد مرجعياته وقوّته من واقع اجتماعي تسيطر عليه ثقافة ولغة عوام الناس، ويقوم هذا العقل بوظيفته على الوجه الأكمل في تهميش الوعي وتزييف الأفكار والحقائق، ولاءً لهذا الواقع؛ ليحافظ على بقائه واستمراريته. ومن الأضرار المباشرة لفاعلية هذا العقل، الفصل بين الفكر والفعل، وإعلاء ثقافة الجماهير على حساب ثقافة النخبة، وإحلال الخرافة محلّ العلم، والتقاليد محلّ الدين. في هذا السياق، يسهل توجيه ثقافة الجماهير والتحكّم فيها؛ ولذا أعتبره مظهرًا من مظاهر الاستبداد السياسي أو الديني؛ لأن الجماهير تصبح رهن إشارة السلطة السياسية، أو الدينيّة

إن سيادة هذا العقل، تزيد من فاعلية العادات والتقاليد على حساب الفكر المستقل؛ حيث يظل أفراد الجماعة مرتبطين بالطقوس التقليديّة للجماعة التي ينتمون إليها، ويرون أساليب التفكير غير المعهودة رموزًا غامضة، أو زندقات وهرطقات؛ إذ لا يشكّ الفرد في صحّة تقاليده ونجاعتها؛ لأنها سبب انسجامه مع الواقع، فيسخّر كل قواه للدفاع على هذا الواقع الذي نجح في الانسجام معه.

ما مرجعيّات هذا العقل؟ كيف يشتغل؟ وما أثره في المجتمع؟

يحتلّ مفهوما الإيديولوجيا، والعقل الخرافي موقعًا متميّزًا في ثقافة العوام؛ ذلك أن الإيديولوجيا، بحُكم ارتباطها بالأنساق المعياريّة والأحكام المطلقة والعقل الخرافي بحُكم ارتباطه بالثقافة الشفاهيّة، يؤديان دورًا رئيسًا في تشكيل الوعي الجمعي العربي المعاصر، أضف إلى ذلك ارتباط الإيديولوجيا بالرمز ذي العلاقة الاعتباطية بالمطلق؛ حيث الاعتقاد بأن الرمزي يخرج من الواقعي، وهذه خدعة الرمز في الإيديولوجيا؛ وذلك لأن الرمز عندما يرتفع، يشكّل عالمًا خاصًا يكون قادرًا على إنتاج المعنى. ومعروف الوظائف التي يقوم بها هذان المفهومان في حجب العقل، أو تعطيل عمله؛ حيث يُستبدل الفهم الصحيح للأشياء بأوهام الانسجام، أو الوعي الحقيقي بالوعي الزائف.

ينبغي لنا، قبل الشروع في تقديم نقد لهذه المرجعيّة الثقافية، أن ندرك إدراكًا تامًا أهميّة عنصر اللغة في استفحال هذه الثقافة. فمن الملاحظ الآن أن لغة العوام تهيمن على مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تعبّر هذه اللغة الدارجة والمختلطة عن أفكار جماعتها، أو طبقتها الاجتماعيّة بأنظمة تعبيريّة، لا يستطيع أصحابها أنفسهم السيطرة عليها؛ وذلك لأنها مقولبة إيديولوجيًّا، والغريب أن أصحابها يزعمون السيطرة عليها، دون الوعي بأنهم أنفسهم يخضعون لمقتضياتها وتقودهم إلى المجهول. تتمثّل مخاطر هذه اللغة الجديدة في قدرتها على التحكّم في البنى الفكريّة للجماعة التي تتحدث بها، فتؤدي إلى أدلجة الفكر وتنميطه؛ لأن جمود الفكر مرتهن بجمود اللغة وعجز بنيتها عن التطور والانتخاب والاشتقاق، ومن المعروف في الدراسات الفلسفيّة الحديثة أن اللغة تمارس فاعليتها في سكون الفكر أو تحرّره؛ وذلك وفقًا لجمود نظامها البنيوي، أو مرونته.

اللغة، هي مركز المعرفة الذي يجعل ماهية الخطاب حقيقة فاعلة، تُبرهن عليها أبنية الخطاب الموضوعيّة، والمعرفيّة، وهل الخطاب الإعلامي شيء آخر سوى الإرادة الحرّة التي تتجسّد في التعبير بحيث يصبح المتلقي/ القارئ كائنًا فاعلاً؟ فالخطاب الإعلامي، جوهر حريّة الإنسان في التعبير؛ لأن الإنسان يتحرّر بفعل الكتابة، أو القراءة؛ حيث تتحوّل الأفكار والرؤى الخاصة إلى محفّزات، أو دوافع للحركة والإنتاج. فالخطاب الإعلامي يقوم بهذه الوظيفة في الأزمات، والتحوّلات التي تشهدها البشريّة.

لعل المتأمل في لغة الخطاب الإعلامي في البدايات الأولى لظهور الصحف والمجلات إبّان فترة الاستعمار وما بعده، يكتشف أنها – في معظمها- لغة النخبة من المفكرين والأدباء والفلاسفة، وأن هذه اللغة اكتسبت الطابع الإصلاحي، كما يكتشف المتأمل أيضًا أن هذه اللغة أسهمت في تشكيل وعي جديد لدى القارئ العربي بكثير من قضايا الوجود وعلاقته بالآخر. فهي في معظم استعمالاتها فعل معرفة لا يُعكّر صفوه بعض الألفاظ العامية، أو أي أسلوب مختلف في التعبير، أو حتى بعض الآراء الذاتيّة ضيقة الأفق. فالمقالات القصيرة أو العمود الصحفي، مثلاً، كانت تهدف إلى أن تجعل الخطاب الصحفي كاشفًا عن أشكال معرفيّة جديدة تصحح الواقع، ووعيًا مختلفًا بإشكالات الكون. فعلى سبيل المثال، تكشف مقالات محمد زكي عبد القادر ( 1906 – 1982م) في عموده الصحفي المعروف في جريدة الأخبار المصريّة (نحو النور) عن نزعة عقلانيّة وإنسانيّة تقاوم القوالب الفكريّة الجامدة، والأفكار الثقافية المعطّلة للفكر التي تُفرض على لا وعينا في خطاب العوام الشفاهي، كما أسهمت في تطوّر خبرة القارئ المعرفيّة على امتدار أكثر من أربعة عقود ( 1938- 1982م) الأمر الذي طوّر من الأفق الاختباري لمعارف القارئ لهذه المقالات.

أسهمت المقالات الطويلة لكل من: طه حسين، والمازني، والعقّاد، والرافعي في ظهور الأدب بوصفه موضوعًا للمعرفة في الصحافة العربيّة، رغم ما أثارته من جدل وإشكالات خرجت في بعض الأحيان عن حدود آداب الحوار المنهجي. كما فتحت هذه المقالات المجال أمام الأفق المعرفي لاختراق اللغة؛ وذلك لأن اللغة كانت تدور في فلك فقه اللغة، فأحالت هذه المقالات اللغة من قبضة النحو والصرف إلى سلطة التكلّم والمتكلّم؛ حيث تزامن هذا التحوّل مع المذهب الرومنطيقي الذي أحدث تحوّلاً في الخطابات المقيّدة بطقوسها وشعائرها. اتخذ الأدب في هذه المقالات منعطفًا جديدًا ابتعد فيه الخطاب الأدبي عن القيود الكلاسيكيّة التي حصرته في مفاهيم تقليديّة مثل: الذوق، واللّذة، والخيال بمعناه التقليدي... وأصبح الأدب منفتحًا على مفاهيم جديدة تجاوزت الفهم المحلّي لمفاهيم الإبداع، وانطلقت نحو الآفاق العالميّة. فأصبح الأدب مجالاً واسعًا لاستعمال اللغة، وأنقذها من حركة الدوران المستمر حول نفسها، فأضحت اللغة في الخطاب الإعلامي موضوعًا للمعرفة، إلى جانب كونها كلامًا معروفًا

لقد نجح الخطاب الإعلامي، في بداية عصر النهضة العربية في إبراز الفكر العربي الحديث في توتّره الدينامي مع العقل العربي في مرحلة ما بعد الكولونياليّة. نجحت النخبة العربيّة في تحليل سجال العقل العربي مع الفكر العالمي، فحدث التحرّر من أسر إيديولوجيات الفكر الإقطاعي؛ حيث نجح المثقف العربي في إبراز الفن بوصفه قوّة اجتماعيّة نقديّة. فلا يمكن إنكار دور روايات نجيب محفوظ في تقديم نقد اجتماعي أبرز الصراع الطبقي بين طبقات المجتمع، وكشف عن فساد البورجوازية العربيّة المثقفة. فشخصيّة محجوب عبد الدايم، مثلاً في رواية القاهرة 30، التي تقدّم نقدًا لاذعًا للمثقف الفاسد والانتهازي، الذي لا يعترف بمبدأ ولا دين، عقيدته هي مصلحته الشخصيّة، ويضحي بشرفه من أجل المنصب.

العقل الأعمى: خيانة للقيم الإنسانيّة

حدث صراع ثقافي – في مرحلة ما بعد الكولونياليّة- في الفكر العربي بين طبقة النُّخبة العربيّة وطبقة العوام، وهو صراع يكشف عن رغبة الطرفين في السيطرة على البنية الاجتماعية القائمة، وقد انتبه إلى هذا الصراع جيل من الروائيين مثل: نجيب محفوظ في رواياته: بداية ونهاية، والقاهرة الجديدة، والثلاثية... ويحي حقي في رواية قنديل أم هاشم، وتوفيق الحكيم في مسرحيّة عودة الروح، وتحوّلت هذه الروايات إما إلى أفلام سينمائية أو مسرحيات. ويمكننا وسم هذا الصراع بالصراع الطبقي بين طبقتي العوام والنخبة، وهو صراع يكشف – في جانبه المأسوي- عن تخلّي الفكر العربي عن المعرفة، ومن أعباء موضوعاتها، وحصره في الأعباء اليوميّة وهموم العوام الساذجة. فأضحى الفكر محصورًا في مفاهيم وألفاظ جوفاء لا تحمل أي مضمون للمعرفة، وقامت لغة العوام (العاميّة) بدور مهم في ترتيب الألفاظ الجوفاء والإعلاء من شأنها، حتى بلغ فكر العوام هدفه في إحلال منطقة الهش وانسجامه مع الواقع بدلا من أفكار النّخب ولغتها. في ظل هذا الفراغ المعرفي، أصبحت لغة العوام هي الأشياء، وأصبح منطقهم الساذج هو منطق التاريخ نفسه، فحدث حصر للمعرفة في لغة العوام التي لا تخلو من الإحالات على الخرافة والسخرية من العلم، أو عدم جدوى المعارف الجديدة، ثم تحوّلت أخيرًا هذه اللغة إلى أداة فاعلة للمعرفة بفضل التكنولوجيا على وسائل التواصل الاجتماعي! في هذا السياق الفكري تراجع فكر النخبة، بل أصبح كثير منهم يفكر بمنطق العوام ويستوعب المعارف في قوالب إيديولوجيّة جاهزة ثم يدافع عنها؛ ليحظى بمكانته وسط ثقافة العوام. إنها الخيانة الكبرى التي تمارسها النخبة الآن، نفاق العوام، وهي خيانة لا تقل أهميّة عن خيانة الوطن؛ لأنها خيانة للإنسانيّة، وللأخلاق، وللقيم.

صار كثير من النخب يلوي الحقائق العلميّة، أو الدينيّة؛ ليُرضي الفكر المسيطر، فكر العوام؛ حيث قامت نخبة لا بأس بها من دعاة الإسلام السياسي بهذا الدور لكسب ودّ طبقة العوام، ومعروف تأثير هذه الطبقة في الانتخابات، وكان نتيجة هذه الخيانة ما نراه من عنف دموي، وعنف رمزي بين أفراد المجتمع. أسوق شاهدًا على دور النخب في التأسيس للعقل الأعمى الذي يحجب النور، فأذكِّر بموقف طوائف من النخب الدينية في مصر والسودان من ختان الإناث، عندما ألبسوه لباس الدين (تحت مقولة العفّة)، متأثرين في هذا بثقافة العوام، وتجاهلوا الوعي بأن هذه عادة من عادات وتقاليد حوض النيل، ولا علاقة لها بالدين! وهذا مثال صارخ على تغييب العلم في ثقافة العوام، ولهذا التغييب دلالته الإيديولوجيّة، فكثير من الحقائق العلميّة والدينيّة مُدانة في عُرف ثقافة العوام. ومن المعروف أن ثقافة العوام تستعين دائمًا بكل ثقافة أو إيديولوجيا تساعدها في تعزيز موقعها في العقل الجمعي. كما تتسلّح هذه الثقافة بآليّات إيديولوجيّة ترتقي إلى منزلة القدسيّة لمهاجمة أي فكر حرّ يُخالف النسق السائد وإقصائه، إضافة إلى أنها تتبنّى الأحكام المطلقة التي لا تقبل النقاش والجدل.
** **
أ.د. عبد الفتاح يوسف - أستاذ بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بجامعة البحرين
للتواصل مع (باحثون)
bahithun@gmail.cm
+++++++++++++++
أضحى العقل الأعمى لا يستطيع التمييز بين المحرّم الديني، والمحرّم الثقافي؛ لأن قوّة المعرفة المطلقة في الهيمنة، لا تقلّ عن قوة الدين في التأثير، بل تتفوّق عليها في ثقافات العوام، والأمثلة على ذلك كثيرة لا تعدّ ولا تحصى مثل قضايا: الثأر، والميراث، والمرأة، والرِّبا.. لأن لغة العوام وأفكارهم تعتمد على الرموز والعلامات؛ ومن ثمّة تُفصح عن ممارسات تقف خلفها أفكار، وهذه الأنساق محكومة بالدور الذي تؤديه في النظام الاجتماعي السائد في فترة تاريخية ما، ويتم استهلاكها من قِبَل الأفراد، حتى ما أن فقدت صلاحيتها - بأثر من أنظمة أخرى- تخفّت وتحوّلت في صورة أخرى، نذكر على سبيل المثال، فكرة وأد البنات في الجاهليّة، عندما حرّمها النظام الحضاري الجديد -الإسلام- تبدّلت في عقول العوام إلى شكل آخر من أشكال حرمان الأنثى وتجريدها من حقوقها التي كفلها لها النظام الجديد، فالمعلومات المتصلة بحقوق المرأة الجديدة في الإسلام، جرى توزيعها بين جمهور العامة بقدر من التفاوت؛ حيث تختفي العلامة والممارسة، ولكن تبقى الفكرة كما هي؛ لتتحوّل إلى علامة أخرى وممارسة أخرى يتوهّم فيها العقل الأعمى بالحفاظ على قِيَمه القديمة واستجابته للقِيَم الجديدة!. ويُعدّ خبر المواريث الذي رواه الطبري عن موقف عوام المسلمين من حقوق المرأة بعد نزول آية المواريث خير برهان على ذلك. حيث أورد الطبري في كتابه جامع البيان أنه بعد نزول آية المواريث قال الناس: «تُعطى المرأة الربع والثمن، وتُعطى الابنة النصف، ويُعطَى الغلام الصغير، وليس من هؤلاء أحد يُقاتل القوم، ولا يحوز الغنيمة، اسكتوا عن هذا الحديث لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينساه، أو نقول له فيغيّره». (جامع البيان في تأويل القرآن، ج3 ص 617).

يكشف هذا الخبر عن التناقض الحادث في العقل العربي أثر تلقيه الإسلام. ويجعلنا نقف على تمركزات العقل العربي حول الثقافة؛ حيث أعطاها الأولويّة على حساب النصّ الجديد الذي أتي بقيم وتعاليم وأفكار تختلف مع المزاج الثقافي العربي آنذاك، لعل من أهمها وأبرزها تعديل وضع المرأة في الحياة العامة!.

فالمقصد القرآني - الحضاري واضح في هذه القضيّة، ويتمثّل في مقاومة العقل الأعمى، والعمل على تغيير خبرة الوعي الإنساني بالموضوعات الإنسانية المهمة، ومنها المنزلة الجديدة للمرأة والطفل في الحياة، وكان ينبغي للمفسرين والفقهاء الوعي بهذه المبادئ الإنسانية الجديدة، واستيعاب الوضع الحضاري الجديد للمرأة والأطفال الذي طرحه النص القرآني بوضوح، وبناء عليه كان يجب أن تأتي تأويلات المفسرين استجابة لدوافع إنسانية وحضاريّة جاء بها النصّ، تسعى إلى الارتقاء بالسلوك الإِنساني، بدلاً من أن تأتي استجابة لضرورات ثقافيّة وإيديولوجية أملتها الرغبة في الحفاظ على السلوك الثقافي واستمراريته، وقد نبّهنا المولى عزّ وجلّ في آيتين مختلفتين على خطورة انحرافات العقل الأعمى «مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إلا استمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ» الأنبياء - 2. وقوله أيضًا: «وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ» الشعراء - 5. ولكن المفسرين والفقهاء لم ينتبهوا إلى أهمية النص الديني في التأسيس لفكر حضاري جديد، يقبل المختلف، ويستوعب المتغيرات، فجاء خطابهم مدجّجًا بأنظمتهم الثقافيّة، ورؤاهم المحليّة الضيّقة لقضايا العالم؛ حيث قبلوا ما اعتادوا عليه، ورفضوا كلّ محدث، مما ترتب عليه فشل المسلمين في تحويل المبادئ القرآنية إلى قِيَم سلوكية تسهم في ارتقائهم الحضاري.

أن تداول الأفكار بهذه الآليّة الثقافيّة، يرفع الثقافة إلى منزلة التقديس، وهذا ما يسعى إليه العقل الأعمى؛ لأنه يرفض حركة الأفكار وحيويتها، يريدها في قوالب جاهزة ثابتة وراسخة، رغم مرور الزمن وتطوّر الحياة! وفي سياق التأسيس لجمود الفكر وثبات الأفكار، مارس العقل الأعمى فاعليته بتمثيل أفكاره المطلقة اجتماعيًّا، ووضعها في إطار موازٍ للدين الحضاري الجديد، دون الوعي بمنطلقات كل من الاثنين. فالدين ينطلق من مبدأ تحقيق إنصاف الأنثى وحمايتها؛ وذلك بتعديل خبرة الوعي من أجل حياة سعيدة، يسعد بها الإنسان في الدنيا. أما الثقافة فتتأسس على التمييز العنصري، بين الذكر والأنثى؛ حيث تعبِّر في تمثيلاتها الاجتماعيّة عن أفضلية الذكر على الأنثى؛ ومن ثمّة أدرك العوام المعنى في سياق الخبرة الثقافيّة، وليس في سياق المعرفة الجديدة التي يطرحها النص القرآني للموضوع، وهو المنزلة الجديدة للمرأة والأطفال في السياق الحضاري الجديد. وهذا يكشف عن خطورة ارتباط تداول معنى ما بنظام الثقافة. ففي ظل هذه الممارسات التفسيريّة، حدث الخلط بين المقصد القرآني الكوني والحضاري للموضوع، والمقصد الثقافي الإقليمي للموضوع وتمثيلاته الاجتماعيّة، أو بين المعنى الديني والحضاري لموضوع ما، والمعنى الثقافي للموضوع نفسه.

تعامل العقل الذكوري (الأعمى) مع المرأة والأطفال تعاملاً طقوسيًّا وثقافيًّا، أي بوصفهما كبش فداء، وهو طقس مارسته المجتمعات الجاهليّة مع المرأة والأطفال قبل نزول القرآن، وتحوّلت هذه الظاهرة في اللا وعي الثقافي الجمعي - آنذاك- إلى طقس ثقافي يمارسه عوام الناس بانتظام للمحافظة على قِيَمها وتماسكها (ثقافة المجتمع الذكوري) وتوجيه طاقاتها العدوانيّة وعنفها - ظاهرة وادٍ الأنثى قديمًا وختان البنات في دول حوض النيل حديثًا- فبعد التضحية بالمرأة (الوأد) في الثقافة القديمة، يحلّ الغنى على المجتمع، وكأنها المسؤولة عن الفقر!. وبعد التضحية بالبنت في الثقافة الحديثة وفي القرن الحادي والعشرين! تحلّ العفّة والطهارة على المجتمع، بعد أن تتجرّد الأنثى من جميع زوائد المتعة.

والنص القرآني بوصفه نصًا تشريعيًّا يُعيد بناء المجتمعات على أسس حضاريّة جديدة، لفت انتباهنا إلى خطر هذه الممارسات ضدّ المرأة. قال تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أولادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» سورة الأنعام - 151 «وإذا بُشِّرَ أحدهم بِالْأُنثَى? ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى. مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ على هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ إلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» سورة النحل الآيتان 58 - 59. وقال تعالى في سورة التكوير: «وإذا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ». الآيتان 8 - 9.

فالفكر الأعمى القديم، كان ينظر إلى المرأة بوصفها ممثلاً للشرِّ؛ لأنها تجلب الفقر والعار، ووأدها قديمًا، وختانها حديثًا، يُعيد الشرف لأهله!، وعملية الوأد أو الختان، هي كلّ الخير؛ لأنها أخذت معها الفقر والشر وذهبت. وهكذا ينظر اللا وعي الأعمى إلى الضحيّة (المرأة) بأن وأدها، أو ختانها، أو حرمانها من الميراث، تجلب له الغنى، والعفة، والمال بعد عمليات الوأد، والختان، والحرمان.

يكشف هذا الشكل الأعمى من التفكير عن الجانب المظلم في الطبيعة البشريّة، عندما ينخفض مستوى الملكة العقليّة؛ حيث تتحوّل الظاهرة الاجتماعيّة - بمرور الزمن- إلى عقيدة ثقافيّة تكتسي حُلّة دينيّة تضعها بمنأى عن أي مساءلة!. الفكر هنا مؤسَّس على بنية تراتبيّة هرميّة تشكّل في سياق ثقافات المنع، والحرمان، ووضع الحدود والفواصل بين بني قطبي البشريّة، ويتمثل خطر هذا الفكر في اعتقاد أصحابه وثقتهم المطلقة بأن الفوضى والخراب والعار ستلحق بالمجتمعات إذا لم تطبّق هذه الممارسات.

وجاء الدين الإسلامي رافضًا لحالة العماء الفكري التي سيطرت على السلوك والممارسات آنذاك. فالآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها: «وإذا بُشِّرَ أحدهم بِالْأُنثَى. ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى. مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى. هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ إلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» سورة النحل الآيتان 58 - 59. تفضح العماء المستتر خلف الأفكار، والكراهيّة للمختلف في اللاوعي الثقافي العربي ضدّ المرأة. والاستفهام في الآية الكريمة «وإذا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ». الآيتان 8 - 9.

*


الأحد، 23 فبراير 2020

القومية والوطنية

إن الوطنية دعوة جادة إلى تجمع أبناء الوطن الواحد على حب الوطن والتفاني في خدمته والولاء له بغض النظر عن أي اعتبار آخر فلا ينظر الوطنيون إلى اختلاف أبناء الوطن الواحد في الدين أو في اللهجات أو اللغات أو اختلاف الألوان بينهم فإن الوطنية تحتوي كل اختلاف يقع بين أبناء الوطن الواحد أما الدعوة إلى القومية فهي أشمل وأعم من الدعوة إلى الوطنية بقبولها انضمام أكثر من وطن إليها مع التقاء الجميع كما عرفت سابقا وكلتاهما من جملة السهام الموجهة إلى وحدة الأمة الإسلامية إن لم يصب هذا أصاب الآخر.
من الدرر السنية 

الجمعة، 21 فبراير 2020

مراد وهبة


  1. الخطاب الدينى والعلمانية «٤١»

      بقلم   مراد وهبة    ٢١/ ٢/ ٢٠٢٠

 هل ثمة فارق بين النص الدينى والخطاب الدينى؟.
النص الدينى، وبالأخص فى الأديان الإبراهيمية الثلاثة، هو مقدس وموجه إلى الانسان. وحيث إن الانسان يتميز بأن له عقلا وظيفته الفهم فمعنى ذلك أن الانسان يريد أن يفهم بعقله ما آمن به من نصوص مقدسة، أى أنه يريد أن يعقل الإيمان. فإذا كان له ما يريد قال «أؤمن لأتعقل» وإذا فشل فيما يريد قال: «أؤمن لأنه غير معقول». وما على المؤمن بعد ذلك إلا أن يحسم الاختيار بين القوليْن. وهو فى الحالتين ينتقل من النص الدينى إلى الخطاب الدينى، أى أن الخطاب الدينى وارد فى القوليْن، وهو عندما يكون كذلك نكون عندئذ قد انتقلنا من نص إلهى إلى فهم بشرى للنص الإلهى. وتأسيسًا على ذلك يمكن القول إن ضبط الخطاب الدينى يعنى أن ثمة خطابًا قائمًا وحدث له أن تفكك، والمطلوب بعد ذلك أن نعيد ما تفكك إلى أصله الذى كان قبل أن يتفكك. أما تجديد الخطاب الدينى فيعنى إجراء تغيير جذرى فى الخطاب الدينى القائم. والخطاب الدينى القائم والسائد هو خطاب جماعة الإخوان المسلمين الذى أرادت فرضه على الدولة والمجتمع، وهو خطاب مشتق من فكر الفقيه ابن تيمية من القرن الثالث عشر والذى يرفض إعمال العقل فى النص الدينى، ومن ثم يرادف بين العقل والحس وينتهى إلى السمع والطاعة بدعوى أن السمع هو أصل الحواس الخمس، وبذلك يصبح المجتمع هو مجتمع القطيع. وعلى النقيض من ابن تيمية ابن رشد الذى يلح على مشروعية إعمال العقل فى النص الدينى. وإذا كان ذلك كذلك فالأمر بعد ذلك يكون بتجديد الخطاب الدينى وليس ضبطه، وبشرط أن يتم هذا التجديد برؤية مستقبلية محكومة بالعلمانية دون الأصولية لأن العلمانية هى جوهر الكوكبية التى هى أعلى مراحل الثورة العلمية والتكنولوجية، وهى على النقيض من الأصولية. وبغير ذلك يكون التجديد وهمًا.


التغيير المفروض مرفوض

البعض يخاف من التغيير، عملًا بمبدأ المثل القائل «اللى نعرفه أحسن من اللى مانعرفوش»، وعلى الرغم من أن الأمثال الشعبية هى حكمة مختصرة للشعوب، فإن الكثير منها «يصيب»، والكثير أيضًا «يخيب».

الخوف من التغيير باعتباره شرًا محضًا، أو باعتباره مجهولًا، متناسين أن إحدى القوى الكامنة فى المجتمع البشرى هى قوى التغيير،


الخميس، 20 فبراير 2020

حاول تجنبها.. 4 أخطاء مالية تقف عائقا أمام بناء ثروتك

السماح للأنا الخاص بك بالسيطرة على قراراتك الماليةإن قرارات المال التي يتخذها الأنا الخاص بك تمنعك من إدارة كل ما لديك من أموال بطريقة حكيمة، ويتمثل ذلك في شراء أشياء باهظة الثمن لخلق انطباع بأنك تتمتع بوضع مادي أفضل من الذي تتمتع به في الواقع، والاعتقاد بأنك أكثر ذكاء مما أنت عليه بالفعل.
وهذا هو أحد الأسباب التي تفسر لماذا لم يطلب الأشخاص الذين شملتهم الدراسة استشارة من أحد الخبراء، ولماذا يقدمون على المخاطر دون إجراء بحث دقيق.
ويرتبط هذا النوع من القرارات ارتباطا وثيقا بقرار آخر، ألا وهو السماح للعوامل الخارجية بالتأثير على اتخاذك القرارات المتعلقة بالمال.
+++++++++++++
السماح لعواطفك بالتأثير على قراراتك
فعلى سبيل المثال، عندما نتلقى مكافأة كبيرة أو زيادة في الراتب يتوجه الكثير منا في هذه اللحظة نحو وكالة لبيع السيارات ليشتري سيارة فاخرة جديدة.

سجاد فاخر وجسر متهالك.. وزيرة "ذبح المعارضين" تثير استياء المصريين مجددا

جسر خشبي متهالك يعبر فوق مصرف مائي ملوث في إحدى القرى الفقيرة.. مشهد متكرر في الكثير من القرى المصرية. لكن الوضع كان مختلفا في قرية الفرستق المعروفة بصناعة الفخار في مركز بسيون بمحافظة الغربية، حيث وجد الأهالي السجاد الفاخر مفروشا على "المعدية" (الجسر).
المشهد المتناقض بدا عجيبا، ولكن العجب زال حين تبين أن وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج نبيلة مكرم ستزور القرية، وكيف لها أن تعبر الجسر المتهالك والمصرف المائي الملوث كباقي أبناء الشعب، وتعرض حذاءها الغالي لتراب القرية؟ كما قال رواد مواقع التواصل.
اح السيسي الذي سبق له أن سار بموكب سياراته فوق سجاد أحمر مُدّ لمسافة طويلة أثناء افتتاح بعض المشروعات في فبراير/شباط 2016، رغم حديثه المتكرر عن ضرورة التقشف.
وعلى طريقة بناء أكبر مسجد وكنيسة وبناء قصور رئاسية ومشروعات يراها البعض بلا جدوى، بينما تشير البيانات الرسمية إلى أن ثلث المصريين فقراء لا يستطيعون توفير احتياجاتهم الأساسية كالطعام والشراب والأدوية، فقد فُرشت "المعدية" سجادا فاخرا للوزيرة بدلا من بناء جسر آمن لأهالي القرية.

الأربعاء، 19 فبراير 2020

الاستهلاك المعرفي

الوطن العربي بين استهلاك المعرفة وانتاجها
2009

غم امتلاكه لمعظم عناصر مقومات المعرفة من موارد مالية وجامعات وتعداد سكاني هائل وموقع استراتيجي هام، وتجانس جغرافي وثقافي وديني، وعادات وتقاليد مشتركة، فهل صحيح ما يقال أن العرب مستهلكون للمعرفة لا منتجين لها؟ وهل نحن العرب متفرجون لا مشاركون في البناء والتقدم؟ وهل العولمة لم تؤثر علينا ولم نستفد من مزاياها؟ وهل لا زلنا نعيش النمطية والتقليد بدلا من الإبداع والتجديد؟ وهل لا زلنا لا نفعل فعالية العقل حتى وصل بنا الحد أن أصبحت حالة الإستهلاك هي القاعدة، وأصبح الإنتاج والتفكير والإبداع هو الإستثناء

 أكبر مخزون نفطي وأكبر مخزون مائي في العالم وعدد كبير من الجامعات تصل إلى أكثر من ثلاثة الآف جامعة، وتعداد سكاني يتجاوز 300 مليون نسمة، لم يستطع حتى الآن أن يفرض خياراته بقوة المنطق والإقناع والتأثير، ولم يستطع الوطن العربي حتى الآن أن يرسخ مفهوم بناء الدولة الحديثة التي يجب أن يتعاظم حضورها في شؤون المنطقة. إن المعرفة قوة ولكن تشاركية المعرفة هي القوة التي تدوم وتؤثر، والسؤال الذي يطرح نفسه ما مدى التعاون والتشاركية في المعرفة بين الدول العربية؟ وما دور الشعوب والحكومات ومؤسسات المجتمع المدني؟ وما يعنى أن 100 مليون عربي يعانون من الأمية؟ وهنا أطرح السؤال التالي: ما نوع الأمية التي يعاني من الوطن العربي هل هي الأمية الهجائية أي القراءة والكتابة، أم الأمية المعرفية، أم الأمية التكنولوجية؟ ليس المهم أن نقرأ ونكتب، المهم هو أن نكون قادرين على تحويل المعلومات إلى معرفة، وقادرين على استيعاب واستخدام التكنولوجيا. وما هي المبالغ المرصودة للبحث العلمي إذا أخذنا بعين الإعتبار أن إسرائيل لوحدها ترصد ما قيمته 7ر4% من مجمل الدخل القومي للبحث العلمي، في المقابل فإن الدول العربية مجتمعة تنفق على البحث العلمي 7ر1 بليون دولار سنويا أي ما نسبته 3ر0% فقط من الناتج القومي، إضافة إلى غياب جامعات الدول العربية عن المنافسة، حيث أصدرت منظمة اليونسكو تقريرا حول أفضل ثلاثة الآف جامعة في العالم ولم يكن من بين هذه الجامعات أية جامعة عربية. فإلى متى سيبقى الوطن العربي مستهلاكا للمعرفة لا منتجا لها رغم توفر البنى التحتية والفوقية للإنتاج؟ وهل البيئة السائدة ضاغطة على الشعوب والحكومات لمنها من الإبداع والتفكير؟ 


مأزق التمركز حول الذات

إن حالة مركزية الذات Ego centrism في حقل الدراسات النفسية يُقصد بها الحالة التي يكون فيها الفرد مستغرقًا في عالمه الداخلي الخاص، منشغلًا بذاته، مبالغًا في تقدير أهميتها للدرجة التي يتصور فيها- واهماً- أنه مركز الأسرة والعالم المحيط به، وأن كل مَن حوله من بشر قد وجدوا من أجل خدمته وتلبية رغباته، وأن آراءه واهتماماته هي الأكثر صدقًا وأهمية من آراء واهتمامات الآخرين.

ويرى عالم النفس السويسري الشهير "جان بياجيه" أن حالة مركزية الذات هي في الأساس الحالة الطبيعية للأطفال تحت 6 سنوات، ولهذا فمع النمو المعرفي والوظيفي في المرحلة العمرية من 7- 12 سنة تقل لدى الطفل نزعة مركزية الذات ويبدأ في استيعاب وجهات نظر الآخرين، والحوار معهم، ويصبح الطفل قادرًا على التحصيل المعرفي على نحو أكثر انفتاحًا ومرونة.

وعلى الرغم من أن غالبية الأبحاث التي أجريت على موضوع "مركزية الذات" تركز في المقام الأول على التطور النفسي والمعرفي في مرحلة الطفولة، فبعض الدراسات الأخرى أثبتت امتدادها أحيانا إلى مرحلة المراهقة المتأخرة ومرحلة البلوغ أيضًا؛ حيث يرى عالم النفس "ديفيد إلكينيد" أن اهتمامات المراهق الصغير تتمركز حول ذاته، ولأنه غير قادر على التمييز بين ما يفكر به الآخرون وبين أفكاره الذاتية، فهو يفترض أن الآخرين مشغولون بتصرفاته ومظهره بالقدر نفسه الذي يفكر به هو في نفسه.

ولتوضيح فكرته قام "ديفيد إلكينيد" بصياغة بعض المصطلحات التي تًساعد على وصف السلوكيات التي يمارسها المراهقون، وتثبت تمركزهم حول ذواتهم، مثل مصطلح "الجمهور التخيلي" ومصطلح "الخرافة الشخصية". ويشير مصطلح "الجمهور التخيلي" إلى أن المراهق يظن دائمًا أنه محط أنظار الجميع، وأن المحيطين به في أي سياق يوجد فيه يركزون بشدة على ما يقوله أو يفعله. أما مفهوم "الخرافة الشخصية" فيشير إلى اعتقاد المراهق أن أسلوب تفكيره مميز جدًا، وأنه الوحيد القادر على التفكير بهذا الأسلوب. إذن، فإن حالة "التمركز حول الذات" ، هي سمة نفسية ومعرفية تظهر في مرحلة الطفولة والمراهقة وبداية البلوغ؛ ولها في تلك المراحل ما يبرر وجودها، ولكنها إذا استمرت مع الإنسان في مراحل عمره اللاحقة وفي سنوات شبابه ونضجه، فإن هذا يعني أن هذا الإنسان لم يشبّ عن الطوق نفسيًا ومعرفيًا ووجوديًا، وأنه وقع فيما أطلق عليه الفيلسوف الأمريكي "رالف بارتون بيري" مصطلح مأزق التمركز حول الذات؛ وهو "المأزق المعرفي للذهن الذي يجد من المستحيل عليه الخروج من دائرة إحساساته وأفكاره الخاصة، ليعرف العالم والواقع مباشرة"، مما يجعل صاحبه بعد ذلك سجينًا لمعارفه السطحية وخرافاته الشخصية وأسيرًا لجمهوره التخيلي. وأظن أن وسائل التواصل الاجتماعي التي خلقت جمهورًا متخيلًا كبيرًا، ونشّطت شهوة الكثيرين للكتابة، ويسّرت لهم إبداء الرأي في القضايا المختلفة بدون امتلاك المعرفة اللازمة وأدوات التحليل والنقد، مع اعتقادهم أن وجهات نظرهم وأحكامهم حقائق مطلقة لا تقبل الشك أو المناقشة، قد أثبتت لنا أن مأزق التمركز حول الذات الذي يجعل الإنسان سجينًا لأوهامه عن ذاته والعالم من حوله، قد صار هو خطيئة الإنسان المعاصر، والمرض المعرفي لعصرنا الراهن، وأنه سبب التناحر الدائم في العالم الافتراضي، الذي لم يعد فضاءً للحوار وتبادل وجهات النظر والتفاعل بين البشر من أجل زيادة الخبرة والمعرفة، وإثراء الذات ووجودها، بل ميدانًا للصراع وتبادل الاتهامات والسباب بين العديد من الذوات الطفولية المراهقة المتمركزة حول ذواتها، والمنفصلة عن الواقع وحقيقة العالم.

الأحد، 16 فبراير 2020

ثورة الاتصالات واللغة

هل العلوم الحديثة في حالة خصام دائم مع اللغة العربية، مما كوّن وشكّل فجوة وهوة كبرى بات من الصعب تجاوزها؟ هناك من يقول إن الثورة التقنية في عالم الاتصالات لم يشارك العالم العربي فيها إلا بصفة «مستهلك» نظراً إلى وجود أمية إلكترونية، لأن قطاع التقنية والاتصالات الحديثة هو قطاع يعتمد في المقام الأول وبشكل رئيسي على اللغة الإنجليزية، وكون اللغة العربية لم تلاحق ركب التطور التقني الحاصل بقيت هذه النقلة في محيط النخبة المقتدرة والمتمكنة من اللغة الإنجليزية. وهذه المسألة بحثت قبل ذلك في مسألة تعليم منهج الطب وتدريسه، وضرورة الاهتمام بتعريب المنهج، وهو ما لم تستطع عمله سوى جامعة دمشق في يوم من الأيام.

في هذا السياق يظهر صوت متخصص جدير بالاحترام في هذه المسألة... هناك صوت غسان مراد، أستاذ اللسانيات الحاسوبية في الجامعة اللبنانية، وهو صاحب مؤلفين لافتين باسم «دهاء شبكات التواصل الاجتماعي وخبايا الذكاء الاصطناعي»، والثاني «الإنسانيات الرقمية».

الرجل له آراء جديرة بالتمعن، فهو يدعو بإصرار إلى ضرورة إدخال العلوم المعلوماتية على العلوم الإنسانية، لأن المعلوماتية باتت العمود الفقري للاقتصاد العصري الحديث، ويطالب بربط تعليم الاثنين بعلوم الفلسفة لأن نوعية المحتوى المقدم عربياً لا يتناسب كماً ولا نوعاً، رغم أن مواقع الشبكة العنكبوتية باللغة العربية زادت بنسبة 2036% من عام 2000 إلى عام 2008، لكن عدد مستخدمي الإنترنت العرب لم يزد فعلياً على عدد 30 مليون عربي، وهو ما يشكل عُشر عدد إجمالي السكان.
هناك أسباب افتراضية كبيرة لهذا الرقم الهزيل؛ أهمها نسبة الأمية التي تبقى مقلقة ومزعجة، وكذلك اضمحلال واضح لحجم ودور وأثر وفاعلية الطبقة الوسطى في المجتمع، وهي تقليدياً الطبقة الأكثر استخداماً للإنترنت.
يفند غسان مراد مسألة الذكاء الاصطناعي برأي حر وجريء، ويرفض هذا الوصف وينكر وجود المسألة في أصلها لأن الذكاء هو حكر على البشر، ويستشهد بذلك في موضوع الترجمة المعرفية التي لا تزال وسائل الترجمة المعتمدة على التقنية مصابة بالفشل فيها، ولا يمكن الاعتماد عليها ولا على نجاحها. اللغة قد تكون فجوة أو مانعاً ما لم تتطور، وهو ما عانت منه فرنسا والصين وغيرهما على سبيل المثال لا الحصر، وإن كان هذا السؤال أو هذه المسألة ليست الوحيدة التي يثيرها التطور المتسارع لثورة الاتصالات، إذ هناك أسئلة مشروعة عن أثر الثقافة الرقمية المتوقعة على الدماغ البشري والإعلام والحقيقة وعلوم اللغة والكيفية التي سيتم التطرق عليها آلياً كبديل للعنصر البشري.
المسألة معقدة جداً وبحاجة إلى التدبر والتفكير الجدي.



الجغرافيا السياسية

وإعادة إنتاج الفوضى
2018
لعبت الجغرافيا السياسية دورًا هامًا في الصراعات الإقليمية الدائرة في المنطقة
قرار تشييد جسر للربط بين البلدين، فلم يكن قرار الملك سلمان والرئيس السيسي بإنشاء الجسر قرار اقتصاديًا بحتًا فقط، ليصب في صالح زيادة الدعم التجاري بين البلدين، وإنما هناك أسباب أخرى تخص النسق الدفاعي لمواجهة المؤامرة الكبرى لتدمير الدول العربية، تماما كما سبق وأن شيدت المملكة جسر الملك فهد لربط البحرين بالمملكة بعد محاولة ابتلاعها من قبل طهران.

في الطريق إلى سايكس بيكو الأولى كانت دائما مفاوضات جلاء بريطانيا عن مصر تتحطم دائما على صخرة انفصال مصر عن السودان، حتى تم الانفصال، وانتهى الأمر حاليا إلى تقسيم السودان إلى دولتين اثنتين وربما تكشف الأيام المقبلة عن تقسيمات جديدة، وهو ما كان دافعًا عربيا لمؤزارة النظام السوداني في محنته الأخيرة، بغض النظر عن توجهاته وسياساته، تحسبًا للتداعيات المحتملة للفوضى، سواء على الصعيد الداخلي أو الإقليمي.

لم تكن سايكس بيكو صناعة آلهة الخير، وإنما رسمتها أيادي الشر التي تضمر للمنطقة كل سوء، حيث تعمدت المعاهدة تقسيم الدول العربية بطريقة تسمح بإثارة اضطرابات ونزعات الانفصال إذا ما مدت الدول الغربية يدها لتعبث في مناطق بعينها داخل كل دولة، ففي عهد عبد الناصر بعد صراع سياسي تحدى خلاله المجتمع الدولي، كانت السودان تغرد بعيدا عن القاهرة، كما تعمدت المعاهدة تشتيت الأكراد بين دول ثلاث، على رأسها سوريا وتركيا والعراق إضافة إلى الأحواز العربية والأمازيغ في الجزائر، والبوليساريو في المغرب، زد على ذلك تنمية ودعم نشر المذهبية وتعميق الخلافات العرقية، ووصل الأمر إلى ظهور بوادر بمطالب انفصالية لأقاليم بعينها في بعض الدول، بدعم من القوى الدولية الساعية إلى تأزيم الوضع في المنطقة.

أسباب ما آل إليه الوضع العربي هو شكل الدولة العربية المركزية، الذي يبدو وكأنه يتعرض لأزمة كبيرة، رغم أنها مثلت نموذجا ممسكا بأدوات الحكم، إذ يبدو النظام المركزي الذي ظل مستوعبا للاختلافات العرقية والمذهبية في العالم العربي وقد فقد آلياته شيئا فشيئا مع انحسار مفهوم الوطن الواحد، وتنامي الشعور لدى الأقليات العرقية والدينية بالتهميش المستقبلي من الأنظمة وكان لملف حقوق الانسان الذي أداره البيت الأبيض تأثير كبير على الأنظمة الحاكمة للدول المركزية في الشرق الأوسط.

الجغرافية السياسية هي اللاعب الرئيسي الأن في المنطقة حيث ترتكز المخططات على تعظيم شأن الدولة الإسرائيلية عن طريق تطبيق النظام العالمي الجديد، الذي يفضي إلى ثلاثة أهداف رئيسية أولها القضاء على فكر الدولة الوطنية الموحدة، واختراق العقول ثقافيا، ونشر الفكر النفعي الذي يتخطى القوميات خاصة في الدول العربية، وهذا يعني بالطبع استهداف سيادة الدول وإثارة الاضطرابات على حدودها لتفقد السيطرة على حركة المال والتجارة، إلى جانب التركيز على دور الإعلام في تسطيح مفهوم الوطنية وتنمية العداء تجاه الأنظمة الحاكمة وبالتالي تفكك المجتمعات وفقدانها القدرة على التماسك بالتزامن مع تقوية نزعات الانتماء إلى ما هو خارج حدود الدولة سواء كان دينيا أو مذهبيا أو عرقيا.

مشروع الجسر المصري السعودي لن يقضي على مخططات إعادة تقسيم المنطقة وتجزأتها، فالأمر يحتاج إلى جهود أكبر، وإن كان يقضي أيضا على أحلام إسرائيل في أن تكون مركزًا للثقل بين أسيا وأفريقيا وأوروبا بعد إنشاء طريق ساحلي يربطها بالشمال الأفريقي، فضلا عن أن المشروع يعد ردا قاسيا على التحركات الصهيونية في أثيوبيا ودعم الموساد عملية إنشاء سد النهضة لمحاصرة مصر من كل الجهات، ما دعا مسئولون إسرائيليون إلى الإعلان عن قلقهم إزاء هذا المشروع الذي يهدد الأمن القومي الإسرائيلي، ووصف بعضهم القرار بأنه بمثابة إعلان حرب.

أساطير اقتصادية: اقتصاد مصر الريعى

21 نوفمبر 2014

عادة ما يقصد بالاقتصاد الريعى البلدان التى تعتمد فى القسم الأعظم من دخلها على موارد تأتى من خارج الاقتصاد كالمعونات الأجنبية أو تحويلات العاملين أو العوائد المتصلة بالموقع كقناة السويس فى مصر، أو على الموارد الطبيعية كالنفط والغاز الطبيعى، والتى لا يشارك فى إنتاجها وتصديرها للخارج سوى عدد يسير للغاية من العاملين بالاقتصاد كحالة الصناعات الاستخراجية، والخلاصة فإن الاقتصاد الريعى يعتمد على موارد لا يسهم فى إنتاجها بدرجة أو بأخرى، ما يجعل الغالب من السكان معتمدا على تلقى نصيبهم من الريع الخارجى كما هو الحال فى أغلب اقتصادات الخليج العربى، والتى تعتمد بشكل أساسى على تصدير الطاقة، وتضطلع الدولة بتحصيل الإيرادات من التصدير كى تقوم بإعادة توزيعها على السكان من خلال خدمات عامة مجانية ووظائف حكومية وإعانات اجتماعية.

درج الكثير من الاقتصاديين ورجال الفكر والسياسة فى العقود الماضية على اعتبار الاقتصاد المصرى ريعيا بدرجة كبيرة، وخاصة مع ارتفاع أسعار النفط فى ١٩٧٣ وما تلاها من تزايد الاعتماد على صادرات البترول وعوائد قناة السويس والمعونات العربية والأجنبية علاوة على تحويلات العاملين بالخارج، والتى ترتبط هى الأخرى بأسعار النفط كون الخليج العربى وليبيا أكبر مراكز للعمالة المصرية بالخارج، وإن تغير الوضع مؤخرا مع بروز دور المصريين فى أستراليا وأمريكا الشمالية. وقد كان الاقتصاد المصرى بالفعل يبدى العديد من ملامح الاعتماد على الريع الخارجى فى السبعينيات والثمانينيات، ولكن الأمور بدأت فى التغير منذ التسعينيات بانخفاض الأهمية النسبية للريع سواء كجزء 
من الناتج المحلى أو من إيراد الدولة، فهل يمكن اعتبار الاقتصاد المصرى ريعيا اليوم؟

إن الإجابة المختصرة على السؤال أعلاه تكون بلا إذ إن نصيب قطاع البترول والغاز الطبيعى مضافا إليه عوائد قناة السويس فى الفترة بين ١٩٩٠ و٢٠١٢ لم يتجاوز ١١٪ من إجمالى الناتج المحلى، وهو ما يعنى بشكل جلى أن القسم الأكبر من الناتج المحلى فى مصر يأتى من قطاعات إنتاجية زراعية أو صناعية أو خدمية كالسياحة والاتصالات والخدمات العامة والمرافق، وينسحب الأمر نفسه على نصيب المعونات الأجنبية من الناتج المحلى، والذى انخفض من نحو ٥٪ فى ١٩٩٤ إلى ما هو دون ١٪ من الناتج المحلى فى ٢٠٠٠، ولم يتغير كثيرا باستثناء السنة المالية الأخيرة التى شهدت تدفقا غير مسبوق، وغير مرشح للاستمرار على كل ومن ثم لا يقاس عليه، للمساعدات الخليجية. ومع التوسع فى تعريف الموارد الريعية بضم تحويلات العاملين بالخارج فإن متوسط نصيب جميع أشكال الريع من مبيعات النفط وعوائد قناة السويس مع تحويلات العاملين فى الفترة بين ١٩٩٠ و٢٠٠٦ لا يتجاوز ١٨.٤٪ طبقا لبيانات المركزى المصرى، وهى نسبة لا تكفى بحال لوصم الاقتصاد المصرى بالريعية.

ويقودنا هذا إلى لب الإشكال وهو عجز السياسات العامة فى مصر فى العقود الثلاثة الماضية عن إكساب القطاعات غير الريعية تنافسية سواء فى تصدير السلع والخدمات أو فى جذب رءوس الأموال الأجنبية ما جعل مصر فى وضعية شديدة الغرابة وهى الاعتماد المتزايد فى علاقتها بالعالم الخارجى على موارد ريعية متناقصة سواء بصورة مطلقة مع تحول مصر لبلد مستورد ضاف للنفط فى ٢٠٠٦ وللطاقة فى ٢٠١٢، أو بصورة نسبية كثبات نصيب قناة السويس من الناتج المحلى وإيراد الدولة طيلة العقد الماضى، وجعل التوسع فى القطاعات الاقتصادية غير الريعية ضعيف الإنتاجية وهامشى بدرجة كبيرة خاصة فى قطاع الخدمات. ومن هنا كان تحدى الخروج من هذه الريعية غير المتكافئة Asymmetrical Rentierism هو التحدى الرئيسى الذى يواجه التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى مصر.

++++++++++++++++++++

د. مصطفى النشار فلسفة الإنترنت

لا شك أن الإنترنت يعد واحداً من أهم التقنيات والاختراعات التى أبدعها البشر فى الثلث الأخير من القرن العشرين وأن ما حدث من تطورات عليه عبر السنوات القليلة السابقة من القرن الحادى والعشرين وحتى الآن قلبت وغيرت الكثير من المفاهيم والأمور التى استقرت فى الحياة البشرية طوال القرون السابقة. ولمن لم يعرف بعد، فالمقصود بالإنترنت، تلك الشبكة العنكبوتية التى خلقت ذلك المجتمع الافتراضى غير المرئى الذى سمح بتداول كل المعلومات البحثية والعلمية والشخصية وأتاح على أكبر نطاق ممكن المشاركة المعرفية بين البشر فى كل أنحاء العالم على أساس من المساواة والتعاون بين الجميع.

للتواصل الأفقى للابتكار المتزايد والتنظيم، واستهدف ذلك خلق مجتمع إنسانى أكثر حرية وأكثر انفتاحاً تكون المعرفة فيه متاحة للجميع ويتشارك فيها الجميع، ومن ثم يمكن للأفراد اختراق الحواجز المؤسساتية والتنظيمية بفضل هذا الربط الشبكى الموسع كما يمكنهم بالتالى مواجهة الاستبداد السياسى الذى يقوم على التصور الهرمى الجامد وخلخلته لصالح ديمقراطية المعرفة والمشاركة السياسية التى تسوى بين الجميع.

وبعبارة أخرى فالإنترنت –كما عرفته «ويكيبيديا»– يمثل شبكة اتصالات عالمية تسمح بتبادل المعلومات بين شبكات أصغر تتصل من خلالها الحواسيب حول العالم وتعمل وفق أنظمة محددة أو بروتوكول موحد، وتشير لفظة إنترنت إلى جملة أو مجموع المعلومات والمعارف المتداولة عبر الشبكة وأيضاً إلى البنية التحتية التى تنقل تلك المعلومات عبر قارات العالم. ويقول الفيلسوف الفرنسى بول ماتياس فى كتابه «ما الإنترنت؟ » أن انخراطنا فى ممارستنا على شبكة الإنترنت يتمحور حول أربعة أشكال؛ أهمها تلك الخدمات والمزايا التى يمكن أن تتحصل عليها؛ ففى المجال الاقتصادى يفتح الإنترنت المجال واسعاً للازدهار الاقتصادى، وفى المجال الثقافى تتضاعف أشكال المعرفة والمعلومات، وفى المجال السياسى يمكن تعميم الديمقراطية، وعلى الصعيد الفردى يتمكن الأفراد من تطوير قدراتهم وزيادة طاقتهم لاستيعاب واكتساب المعارف والمعلومات الجديدة.

وبالطبع فقد كان الصبية والشباب منذ نشأة الإنترنت وحتى الآن هم الفئة الأكثر تفاعلاً معه وأكثر المستخدمين استفادة من مزاياه؛ إذ يقول عالم الاجتماع الفرنسى ريمى ريفيل المتخصص فى اجتماعيات الإعلام فى كتابه «الثورة الرقمية – ثورة ثقافية» أن الشباب فى هذه الفئة العمرية يكون همهم البحث عن التواصل مع الآخرين نتيجة الحاجة إلى معرفة أصدقاء جدد بعيداً عن العائلة ويجدون ضالتهم من خلال الإنترنت حيث يسبحون فى فضائه ليجدوا أقرانهم من هذا الجيل الرقمى حيث التقارب فى الأذواق والاهتمامات المشتركة، فالمحادثات وتبادل الصور والفيديوهات والملفات الموسيقية والإبداعات الشخصية والألعاب تحفزهم على الدخول فى روابط متدرجة الكثافة وتجعلهم يقدمون ويقبلون أكثر على الحياة، لقد أصبح الإنترنت يشكل علامة فارقة بالنسبة لهذه الأجيال الشابة سواء الحالية أو المستقبلية فهو يمكنهم من ابتكار وصياغة ذواتهم المستقلة. وقد كشف بعض المختصين عن أن الحرية التى يتمتع بها الصبية والشباب فى التعبير عن أنفسهم عبر هذا الفضاء الرقمى بما فيه من أدوات التواصل الاجتماعى جنّبتهم الشعور بالكآبة؛ فقد أصبحت أداة للتنفيس عن الذات والتعبير الساخر عن كل ما يشعرون به تجاه المجتمع والسلطات القائمة فيه، بدءاً من السلطة السياسية والدينية حتى سلطة الأب والأم فى الأسرة.

وإذا كان ذلك هو مبلغ اهتمام الشباب بمنفعة الإنترنت على الصعيد الاجتماعى، فإن منفعته على الصعيد الثقافى والبحث العلمى لكل الأعمار أصبحت بلا حدود حيث ساهم المخزون المعلوماتى بما فيه من كتب وأبحاث علمية ومجلات تخصصية وسهولة الحصول على كل ذلك بمجرد ضغطة زر، ساهم فى نشر المعرفة العلمية ودمقرطتها. وبالطبع فكما سهلت الشبكة الرقمية تبادل المعلومات وقربت بين البشر ثقافياً، فقد ساهمت بشكل أكثر فعالية فى حركة التجارة والاقتصاد العالمى بين الشركات وبين الأفراد فى آن واحد. أما فى مجال الاعلام والتغطيات الاخبارية فقد أصبح العالم بفضل وسائل التواصل الاجتماعى أشبه بقرية واحدة حيث تصل المعلومات للجميع عن الجميع فى نفس اللحظة التى تحدث فيها فى أى مكان فى العالم بجهاته الأربع.

أما فى المجال السياسى، فقد بلغ تأثير الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى، خاصة «الفيس بوك» والرسائل القصيرة والفيديوهات الهادفة والرسائل الإلكترونية مرتبة خطيرة حيث لعبت أدواراً رئيسية فى العملية السياسية منذ الانتخابات الأمريكية عام 2008 فقد كسب بها باراك أوباما هذه الانتخابات لدرجة أدهشت كل المراقبين والمحللين السياسيين، لقد نجح أباما وفريق عمله فى الوصول إلى الناخب الأمريكى شاباً كان أو شيخاً واقترب من الجميع وتواصل معهم. لقد راهنت حملة أوباما الانتخابية بقوة على الإقناع بواسطة الإنترنت ونجحت فى حشد الكثير من المؤيدين والمتعاطفين، ولقد استطاع هؤلاء المؤيدون فى ثنايا ذلك التواصل فيما بينهم من أجل اختراق الآخرين وفتح لائحة تليفوناتهم والاتصال المباشر بهم واستقطابهم عن طريق الرسائل القصيرة وغيرها من الوسائل. وقد كانت هذه الانتخابات علامة فارقة حيث أصبح استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى المختلفة من الأدوات الرئيسية لجذب المؤيدين وإقناع المترددين فى كل صور الانتخابات وفى جميع بلدان العالم تقريباً.

+++++++++ لا يعجبي 2

إن الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية قد رفعت من قدرات البشر على التفاعل والتعاون والمشاركة على قدم المساواة ومن ثم فقد وسعت بشكل ملموس إطارنا الزمكانى على حد تعبير ريمى ريفيل وغيرت بلا شك تصورنا عن العالم، وبعيدًا عن كل القيود فإن هذا العالم - عالم الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية يشكل وسيلة للتحرر من كل القيود. ومع ذلك فينبغى أن ندرك على الجانب الآخر أنها كما شكلت وسيلة للتحرر فإنها قد تشكل بالقدر نفسه وسيلة للهيمنة، حيث يمكن للقائمين على الشبكة أن يستخدموا هذا الكم الهائل من المعلومات عن الأفراد والشركات والعلاقات السياسية والتجارية بين الأفراد والدول فى ممارسات وأنشطة تجسسية مدمرة فضلًا عن استغلال نفس المعلومات فى توجيه الأفراد والجماعات واستهدافهم وتهديدهم فى حياتهم الخاصة والعامة!
ولعل من أهم الانتقادات التى توجه إلى الهيمنة الرقمية على الناس الآن تكمن فى ذلك التأثير السيئ لما اتجه اليه معظم المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعى من شفافية متزايدة وكشف المستور والاستعراض حيث بدت الشبكات التواصلية مثل الفيس بوك وإنستجرام وتويتر وغيرها تظهر كواجهات لنرجسية الأفراد ومرايا تعكس خصوصيات هؤلاء الناس بما قد يضر بهم وبسمعتهم الشخصية والعائلية.
إن الإنسان المعاصر الساعى دومًا إلى الاستمتاع باللحظة والباحث عن الرفاهية الفورية وتحقيق ذاته يسعده أن يشاركه الآخرون نفس الشىء فيرسل لهم صوره الجميلة وتسجيلاته للحظاته الحميمية فيلتقطها بعض المتصفحين ويحدث الكثير مما لا يقع فى حسبانه! وفى الواقع أن هذه المؤانسة والتسالى بين أصدقاء الإنترنت قد تسبب الكثير من المشكلات لأطرافها. والحقيقة أن ثمة تساؤلًا مُلحًا هنا: ما جدوى هذه الصداقات الافتراضية ومن يضمن كونها كذلك وألا تنقلب فى لحظة يتغير فيها المزاج لهذا الصديق الافتراضى من نعمة المؤانسة الافتراضية غير الواقعية إلى لعنة ومشكلات لا تنتهى! إنها فى الواقع صداقات مفرغة من محتواها الاعتيادى وتفتقد إلى اللقاء المباشر بين شخصين وبين جسدين! إن هذه الصداقات ليست وليدة احتكاك حياتى مباشر فهى تقوم بين أشخاص افتراضيين قد يكون أحدهما مخادعًا يخفى شخصيته الحقيقية ونوعه الجنسى ويظهر لصديقه غير ما يبطن ويقول ظاهريًا ما ليس مقتنعًا به حقيقة! أما ما يقوله البعض عن أن اللقاء عبر الإنترنت يتم بالفعل بين وجودين وجسدين فى تجربة تكنولوجية حيث إن كليهما يتحدث إلى الآخر فى نفس اللحظة وعبر نفس الآله (الحاسوب) فأنا موجود وأنت موجود باعتبارنا نتفاعل عبر هذه التجربة التكنولوجية المباشرة، فالسؤال هو: كم توزن قيمة هذه الصداقة بالقياس إلى الصداقة الحقيقية التى تتم عبر اللقاء الجسدى الفعلى المباشر؟! إن اللقاء عبر الشبكة الإلكترونية رغم أنه قد لا يستبعد الجسد إلا أنه لا ينبغى أن ننسى أن الجسد هنا قد انتقل ليصبح هجينًا وماديًا وافتراضيًا فى الوقت نفسه.
ويكفى هنا القول إنه لقاء عبر اللمس للزر الإلكترونى وليس عبر اللمس الجسدى المباشر.. إنها ليست علاقة نوعية بل علاقة كمية حسب منطق التركيب لشبكة الويب، وفرق كبير بين هذا اللقاء الافتراضى الكمى وبين اللقاء الاعتيادى الجسدى المباشر، فالأول لقاء على الشاشة الشفافة وربما تكون معظم التبادلات فيه زائفة والثانى لقاء واقعى إنسانى حقيقى مادى ملموس وأعتقد أن هذا جوهر الصداقة الإنسانية الحقة! وكم من الحماقات قد ترتكب باسمك أيتها الصداقة الإنترنتية!
إن فلسفة الإنترنت لا تتوقف إذن عند حدود المنافع والغايات الخيرة، بل تكمن فيها وربما بنفس القدر الغايات والأهداف الشريرة. ومن ثم وجب على الجميع تقدير المنافع وتعظيمها ووضع الاستراتيجيات الفردية والجماعية للحد والتقليل من الآثار التى قد تترتب على الاستخدامات الشريرة والمعادية!
إن الإنترنت كأى منتج أو اختراع بشرى له وجهين، وجه إيجابى ووجه سلبى، أما الوجه الإيجابى فهو عادة الوجه الظاهر والوجه الذى ابتدع هذا المخترع أو ذاك من أجله، أما الوجه السلبى فهو الوجه الخفى المضمر الذى عادة ما يظهر بعد الاستخدامات الخيرة والمفيدة حيث يتبارى البشر فى الكشف عن الوجه القبيح الذى يمكن توظيفه فيه ومن ثم استخدامه بنظرة عدائية ضد بعضهم البعض! هذا ما لمسناه فى كل صور المخترعات التكنولوجية المتقدمة، فقد اخترع البارود لكى نتمكن من نسف الجبال وتسهيل شق الطرق وتمهيدها ثم تحول بعد ذلك إلى أداة شريرة وتحول إلى سلاح للفتك بالإنسان ذاته، وقد اخترعت الطائرات للتقريب بين المسافات ولسهولة السفر بين البلدان والقارات ثم أصبحت من أدوات الحرب والتدمير والقتل! وهكذا الحال فى الإنترنت الذى كان مقدرًا له خدمة البشر وتفعيل المشاركة الإنسانية والمساواة بينهم وتيسير البحث العلمى بتخزين نواتجه والمساهمة فى سرعة الوصول للمعلومات والاستفادة من كل ما هو متاح على الشبكة العنكبوتية، وفجأة أصبح أيضًا من أدوات الجاسوسية والتلصص على الآخرين دولًا وجماعات وأفراد ومن ثم التربص لهم والإضرار بهم. وعلى ذلك وجب التنبه إلى كل ذلك ونحن نتعامل مع الإنترنت لنعظم الاستفادة من إيجابياته ونتجنب ونبتعد عن سلبياته وشروره.

ما الذي ينتظر الهواتف الذكية بحلول عام 2025؟

 غالبية الخبراء يرجحون أننا لن نتخلى عن الهاتف الذكي في المنظور القريب، بعد أن أصبح شريك حياتنا دون منازع.
ما يمكن أن يجتهد فيه الخبراء بشكل واقعي حاليا هو تخيل التعديلات والإضافات، التي ستحدث للهواتف الذكية في السنوات القليلة المقبلة، لأن ملامحها متحققة بالفعل في المختبرات ولا تحتاج سوى حسابات التكاليف والإنتاج والتوزيع وتحديد الأسعار المناسبة.
هناك الكثير من الإضافات المنتظرة هذا العام مثل الخطوات الأولى لانتشار الجيل الخامس للاتصالات، مع أن كثيرين يرجحون عدم انتشاره حتى العام المقبل بسبب الحاجة إلى بنية تحتية هائلة. لكن كيف ستبدو هواتفنا في غضون خمس سنوات؟

اختفاء الأزرار والمنافذ والأسلاك

حين أقدمت أبل في عام 2007 على حذف منفذ السماعات في هواتف آيفون، واجهت تذمر الكثيرين، مع أنها أتاحت ذلك من خلال منفذ الشحن الكهربائي، لكن بعد سنوات التحق بها منتجون آخرون وتراجع عدد المتذمرين من غيابه.
وتكفي نظرة سريعة إلى بيانات الارتفاع السريع في مبيعات السماعات اللاسلكية مثل أيربود وغيرها من سماعات البلوتوث، لتأكيد أن جميع الهواتف الذكية ستتخلى عن منفذ السماعات في المستقبل القريب.
روبن كاستانو: الشاشات القابلة للطي سوف تهيمن على صناعة الهواتف إضافة إلى تغطية الأجهزة بالشاشات من جميع الجهات
أما منفذ شحن البطارية، فلم تجرؤ أي شركة مصنعة للهواتف حتى الآن على التخلي عنه، رغم أن الكثير من الهواتف أصبح مزودا بتقنية الشحن اللاسلكي، لكن نسبة ضئيلة من المستخدمين تستخدم تلك التقنية.
يقول الخبراء إن الهواتف ستكون أكثر متانة حين تختفي جميع منافذ التوصيل، التي تسمح بدخول المياه والغبار إلى الأجهزة. كما أنها تفرض قيودا في التصميم، لذلك فإن اختفاءها سيؤدي إلى نقلة نوعية في تصاميم الهواتف.
ويجمع الخبراء على قرب اختفاء جميع الأزرار في السنوات المقبلة ومن ضمنها المتعلقة بمستوى الصوت، لكن المصنعين لم يقرروا حتى الآن إزالة تلك الأزرار.
يتوقع روبن كاستانو، نائب رئيس قسم التصميم في موتورولا أن نرى هواتف تعرض المزيد من الوظائف دون أزرار أو منافذ، بل تقدمها من خلال الشاشات.
ويضيف لموقع ديجتال تريند أن هذا التحول بدأت بوادره مع تقنيات البصمة التي لا تحتاج إلى زر محدد والسماعات اللاسلكية التي ألغت الحاجة إلى الأزرار والمنافذ.
وبدأ الكثير من المستخدمين يعتادون على انتفاء الحاجة إلى الأزرار، بعد انتشار تقنية التعرف على الوجه، التي ستشهد الكثير من التطوير في السنوات المقبلة.
وتتيح الأجيال الأخيرة الأكثر تطورا مثل آيفون وبكسل 4 إيقاظ الشاشة بمجرد توجيهها نحو وجه المستخدم. ومع رسوخ هذه الخاصية وتطورها ستقرر الشركات المصنعة إزالة زر التشغيل، دون أن يفتقده أحد.

استشعار فائق الحساسية

دانييل جويل: أنظمة استشعار فائقة تتيح للمستخدم اختيار إيماءاته ولمساته وتطوير علاقة خاصة مع هاتفه الذكي
دانييل جويل: أنظمة استشعار فائقة تتيح للمستخدم اختيار إيماءاته ولمساته وتطوير علاقة خاصة مع هاتفه الذكي
يقول كاستانو إن مصممي الهواتف يقتربون من نقطة تحول مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي حيث تصبح سطوح وشاشات الهواتف أكثر استجابة وتتعلم عادات المستخدم بمرور الوقت.





ثورة الشاشات

ويبدو أن الشركات المصنعة ستبحث عن طرق لجعل منتجاتها الجديدة جذابة وبأسعار معقولة، وقد تكون الهواتف المتخصصة أحد أبرز الحلول المتاحة أمامها.
وبدلا من إنفاق مبالغ كبيرة لشراء هواتف تؤدي عشرات الوظائف، التي لا يحتاجها بعض المستخدمين، ستكون هناك هواتف تلبي اهتمامات وأنماط حياة معينة.
وفي كل الأحوال ستشهد السنوات المقبلة ثورة غير مسبوقة في التصاميم المثيرة، بعد أن بقيت الهواتف الذكية تدور في فلك واحد لفترة طويلة.
لكن كاستانو يقول إن “التحدي الأكبر سيكون التأكد من أن المستهلكين على استعداد للانقلابات السريعة في تصميم الهواتف الذكية، ومستعدون لشرائها أيضا”.

مجلس الشيوخ

مجلس الشيوخ آمال تشريعية بصلاحيات محدودة

       ١٦/ ٢/ ٢٠٢٠
رغم أن الوضع الدستورى القائم منذ ١١ شهرا يؤكد أن لدينا مجلسين نيابيين.
الحديث عن «مجلس الشيوخ» بات أمراً ملزماً، ويطل معه التساؤل حول موعد تعديل القوانين وإجراء انتخاباته، كيف سيتحقق دوره فى ظل السلطات التى منحها الدستور له، وهل ننتظر انتخابات «نواب وشيوخ» معًا فى وقت واحد، وما هو النظام الأمثل لإجراء تلك الانتخابات المقبلة لأى من الغرفتين التشريعيتين؟

++ فمجلس الشيوخ، وفقاً للقواعد البرلمانية، هو الأكبر والأكثر خبرة وإدراكاً وحكمة، ويخلو من المزايدات والتنافس ويُنظر إليه على أنه «المجلس الحكيم»، ففى فرنسا يطلقون على مجلس الشيوخ «فرامل عجلة القيادة»، وعملية القيادة هنا تعنى بالطبع العملية التشريعية وكذلك التنفيذية.

 لدينا فى مصر سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وكما تقول القاعدة الدستورية فإن كل سلطة تُحدد من الأخرى، بمعنى أن لكل سلطة صلاحيات توقف وتنظم عمل السلطة الأخرى، فإذا كانت السلطة التنفيذية هى التى تنظم أعمال الدولة بوضع خطة وموازنة وتنفذ القوانين، فالسلطة التشريعية هى التى ترسم لها الطريق لذلك، كما أنها تراقبها خلال سيرها بهذا الطريق، وتأتى السلطة القضائية بدورها فى تطبيق القوانين، إلا أنه ومع الأسف تتوهم الحكومة «خطأً» أن الرقابة تعوقها، وعليها أن تعيد تفكيرها فى ذلك.