Dec 17, 2021
الانترنت فكرة معرفية بسيطة، والشبكات الاجتماعية بدأت كأفكار متواضعة وغير ذلك كثير، ولكن ماذا ربح هذا الفكر؟
انشغلنا وشغلنا ذواتنا بأفكارنا المختلفة المتناقضة أو حتى المتقاطعة دون حرص على الفعل والإنتاج،
مزيدا من الجدل يعني قليلا من العمل
يعني يريد برغماتية وليم جيمس الامريكية
*
لا تُوجد إذًا رغبات شريرة في ذاتها بقدر ما تُوجد بعض الرغبات التي قد ينبغي ضبطها ذاتيًا، وفقًا لما يقتضيه تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من الناس. والنسبوية الحقة ليست تلك التي تعتقد بتكافؤ الأخلاق، أي بأن كل قناعة أخلاقية جيدة بقدر أي قناعة أخرى[3]، فهي على العكس تعتقد التمايز الأخلاقي، أي أفضلية قناعة على أخرى ضمن سياقات معينة، إلا أنها لا تعتنق قناعة بدعوى أن مصدرها أكبر من أن تتم مُساءلته بشأن القواعد التي يُمليها دون مناقشة،كما يملي تصوره الخاص للطبيعة البشرية بصفته تصورًا مُوحدًا.
مشكلة الأصولية أنها تمنع الحوار الجدلي بشأن أشكال الحياة والسلوك. يشترك رورتي مع هابرماس كما يشير إليجا دان في التأكيد على «لا عصمة» الفلسفة التي تتبنى الموقف النسبوي[4]،حيث إن تلك الفلسفة تضمن عبر ذلك فرصة النقاش الحر داخل المجال العام، في مقابل جمود خطاب ومعايير المؤسسات الدينية المستندة إلى وحي أو نص أزلي ومحسوم المعايير، وكذلك الفلسفات الثيولوجية الآخذة بنمط البحث عن الأسس الأخلاقية والمعرفية المُطلقة والنهائية لتقييم السلوك البشري، بداية من أفلاطون الباحث عن “المُثل” العليا المُبرِرة لظلال السلوك الإنساني.
ففي المُحصلة يتفق رورتي مع مِل وجيمس وهابرماس على أن ذلك هو جوهر الديمقراطية المتمثل في نفي ادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة التي يكون لها الحق بالتالي في قمع رغبات وتصورات الآخرين، وإنما يكون لكل تصور أو رغبة أو مصلحة الحق بالتعبير عن نفسها، وللناس حق النقاش والجدال بشأنها، واختبارها عبر التطبيق، بحيث يتواصلون ويصلون إما إلى استبدالها تمامًا، أو مقاربة حل وسط بشأنها.
يُعيد رورتي تعريف الروحانية بحيث لا تعبر عن تطلع إلى الإلهي/المطلق/غير المُدرك، ولكن لتُعبر عن التفكير والتطلع إلى الإمكانات المتجددة لحياة البشر التي يمكن السعي إليها ومقاربتها عمليًا، تلك الإمكانات التي تُحرك آمالهم بحياة أكثر سعادة من الحياة في الوقت الحاضر. هكذا يصير الإله من وجهة نظر علمانية غاية أكثر منه موضوعًا وموجودًا واقعيًا، ففي الثانية، تتقيد الحياة البشرية بالقيود التي فرضتها المؤسسة الدينية التي تستمد شرعيتها في المقام الأول من ذلك الوجود، بينما في الأولى يصير الإله دالًا على كل ما يمثل خيرًا متحققًا للحياة والحرية البشرية، وتنتفي قيوده المُحتملة على تبني قناعات أخلاقية جديدة، حيث يمكن الاعتقاد بأنه سيقبلها ما دامت في صالح تحسين الحياة، وتعزيز التسامح والرفاهية البشرية.
إذا ما نفينا الحياة الأخرى كائنات وحيوانات مُعرضة كغيرها للفناء الأبدي؛ إلا أنه يمكن تخطي ذلك في رأي رورتي باستلهام تذكير نيتشه حول كم كان البشر «حيوانات ذكية، ذكية لأنهم، على عكس الحيوانات الأخرى، تعلموا كيفية التعاون مع بعضهم البعض من أجل تلبية رغبات بعضهم البعض بشكل أفضل».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق