الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

ميشال أونفري ***********

"شجاعة الخوف".. التفلسف الأوروبي زمن كورونا وخلط الفكر بالسياسة . 

2020 . Oct 31, 2021

 "الدولة تثير الخوف من التقارب وتحثنا على الالتزام بممارسة التباعد الاجتماعي والحفاظ على مسافة بين بعضنا البعض، وهذا الأمر سيؤدي إلى إلغاء الروابط الاجتماعية واندثار التضامن، وهي حلقة مفرغة تستغلها الدولة لإحكام قبضتها على الشعب"، بحسب أغامبين. 

ويعد شميت من أكبر نقاد الفلسفة الليبرالية في القرن الماضي، وانتُقد بشدة لمساندته النظام النازي بعد وصول النازيين إلى سدة الحكم في ألمانيا عام 1933، ومع ذلك لا يزال تأثيره الفكري على المثقفين المعاصرين هائلا.

وفي ظل انعدام ثقة أغامبين بالدولة، يمكن أيضا ملاحظة تأثره بالفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو الذي يلخّص عدم ثقته بالسلطة وجميع تجسيداتها من خلال كناية "قطع رأس الملك"، التي تنطوي على تهميش الدولة.

مراجعات صادمة لفيلسوف فرنسي.. هل ستنهار أوروبا وحضارتها العريقة؟

انحدار أوروبا 
وعما إذا كانت جائحة فيروس كورونا المستجد ستشكل مرحلة جديدة في "انهيار الحضارة اليهودية المسيحية" بحسب التحليل الذي قدمه في كتابه "الانحطاط"، أفاد أونفري بأن هذا الفيروس يندرج ضمن حركة الانهيار.

ويتابع أونفري القول إن أيديولوجية أوروبا آخذة في الانهيار، وذلك نتيجة للسياسة الليبرالية التي تبرر وضع كبار السن في ممرات المستشفيات وتركهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، كما أن الإلقاء بالفريق الطبي في "ساحة الحرب"، والعجز عن توفير أقنعة لهم أو حتى معقم كحولي لرد الأذى عنهم، لا ينذر بالسقوط ولا يعجل به وإنما يظهر بشكل كامل الطرق التي يسلكها هذا السقوط.

ويتابع قائلا إن وسائل الإعلام ترصد الموت على مدار الساعة، وتضع الفرنسيين أمام هذه المعضلة الوجودية، ولا يتعلق الأمر بمواجهة الموت بل بمواجهة العجز في مثل هذا الزمان، وفي عدم القدرة على تقديم إضافة في هذا المجال وفي مجالات أخرى.

انهيار العولمة
وفي حديثه عن إرسال الصين مليون قناع في شكل مساعدات، وكيف أظهر ذلك ضعف الأوروبيين الشديد، أوضح أونفري أن ذلك يشبه سقوط الاتحاد السوفياتي عندما توهم الغرب لأكثر من نصف قرن نجاح الإمبراطورية الماركسية اللينينية.

وفي الحقيقة، يظهر الوباء كيف أن أوروبا -التي كانت قوة اقتصادية عالمية لمدة ربع قرن- بات من المحتمل أن تلتحق بصفوف الإمبراطوريات العالمية الكبرى التي كان مآلها السقوط، وذلك بسبب عجزها عن صنع الأقنعة للفرق الطبية التي تستقبل ضحايا الوباء.

وتعتبر إيطاليا، التي تضم نحو 60 مليون نسمة جزءا من الاتحاد الأوروبي، وهي تسجل عدد وفيات يفوق العدد الذي سجلته الصين بسبب فيروس كورونا. باختصار شديد، يقول الفيلسوف "أصبحت أوروبا العالم الثالث الجديد
فكرني بشرح الدكتور بالكلية ايطاليا زي مصر 

لقد تصور الجميع، بحسب الفيلسوف الفرنسي، أن الأزمة القادمة ستكون اقتصادية بالأساس، لكن ما جعل العالم ينهار هو فيروس. وتوضيحا لسبب سوء تقدير هذه النهاية، أشار أونفري إلى أن الفيروس مرتبط باقتصاد العولمة.

وشرح أونفري رأيه مبينا أن الاقتصاد الليبرالي جعل من الربح غاية جميع السياسات ومنتهاها، وتساءل لماذا ننتج أقنعة ونخزنها؟ معتبرا أن ذلك جعل الخدمات الصحية حكرا على الأثرياء الذي يستطيعون توفير الأموال للتمتع بها.

ويتابع "لا يمكن إنكار حقيقة أن الفيروس عرّى الخيارات الاقتصادية، وبالتالي السياسة المتبعة في فرنسا انطلاقا من فاليري جيسكار ديستان رئيس الجمهورية الفرنسية من 1974 حتى 1981، إلى فرانسوا ميتران، وصولا إلى إيمانويل ماكرون".
وبخصوص إمكانية أن تتسبب هذه الأزمة في انفجار مدني وأخلاقي في المجتمعات الأوربية، قال أونفري أن هذه الأزمة سيعقبها تبعات ثقيلة، لكنه يؤمن بظهور غضب متزايد.
وفي الوقت الحاضر، هناك تحفظ عن التعبير عن هذا الغضب بسبب بداية الحجر، والخصام الفكري والمعنوي، والمعلومات المجزأة. لكن هذه الأزمة لن تعيد من تلقاء نفسها إحياء الروح المدنية التي دمرتها بشكل نهائي خمسون عاما من الدعاية العامة في فرنسا، بحسب الفيلسوف الفرنسي.
وفي الختام، وحول وجود أحداث تاريخية سابقة يمكن أن تلهم الأوروبيين لإعادة بناء أنفسهم، أشار أونفري إلى أنه لا فائدة من البحث في الماضي عن أسباب لفهم الحاضر، فالحاضر يعتبر كافيا بالنسبة لأولئك الذين يعملون ذكاءهم وعقولهم وتفكيرهم وفكرهم النقدي.

المصدر : الصحافة الفرنسية


هل ستنهار أوروبا وحضارتها العريقة؟

الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري يندد بتعامل بلاده مع جائحة كورونا ويعتبره تراجعا أوروبيا (غيتي)

لا يكف الفيلسوف الفرنسي ميشيل أونفري عن إثارة الجدل في بلاده بمراجعات فكرية توصف بالمفاجئة والصادمة

 أوروبا أصبحت بمثابة "عالم ثالث جديد"، معتبرا أن تفشي كورونا يتزامن مع انهيار أيديولوجية أوروبا التي تتبع السياسة الليبرالية الهادفة إلى الربح وحسب.

 امتدادا لفلاسفة ما بعد الحداثة في فرنسا، ويعرف بغزارة مؤلفاته التي تعد بالعشرات- بعدم كفاءة الحكومات الأوروبية في التعامل مع جائحة كورونا، ودعا لقراءة كتب الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين، الذي اشتهر بتأملاته الشخصية والتزامه العزلة حتى وفاته عام 1592م، وكذلك مشاهدة أفلام المخرج السينمائي الفرنسي جاك تاتي الذي قدم أفلاما روائية مهمة فازت بجوائز عالمية، ضمن عرض موقفه من الحجر الصحي الإلزامي.

Dec 2, 2021

انحدار القارة العجوز

انهيار الحضارة اليهودية المسيحية
"الانحطاط"، واعتبر فيه أن الحضارة الغربية في انهيار متواصل، وتعيش حالة من الهرم، مشيرا إلى غياب الإبداع الأدبي والفني الحقيقي ضمن استعراضه مظاهر أفول الغرب.
وتُظهر الجائحة -حسب الفيلسوف الفرنسي- عدم كفاءة رئيس الدولة والحكومة، وعدم تماسك خطابات الرئيس إيمانويل ماكرون وتناقضها (مثل الدعوة للبقاء في المنزل والذهاب للتصويت)؛ مما يؤدي إلى عدم الثقة في الرئيس "الذي لا يطيعه أحد".

ويتابع أونفري القول إن أيديولوجية أوروبا آخذة في الانهيار، وذلك نتيجة السياسة الليبرالية التي تبرر وضع كبار السن في ممرات المستشفيات وتركهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة، كما أن الإلقاء بالفريق الطبي في "ساحة الحرب"، والعجز عن توفير أقنعة لهم أو حتى معقم كحولي؛ لا تنذر بالسقوط ولا تعجل به فقط، بل تظهر بشكل كامل الطرق التي يسلكها هذا السقوط.مكرر++++

*

ميشال أونفري على مائدة الفلاسفة: قل لي ماذا تأكل أقل لك من أنت!


معرفة الأمور الأزلية وحقائق الأشياء، ولكن يجب أن لا ننسى أنَّ الفيلسوف هو كائن من لحم ودم، وأن جسده يحتوي على جهاز هضمي تمر عبره الأطعمة التي تتعرض إلى عمليات كيميائية وتتحول إلى مغذِّيات تسري في دمه وتصل إلى ذهنه منبع الأفكار والنظريات الفلسفية.

كتابه «بطن الفلاسفة» (1989)

الفيلسوف اليوناني ديوجين (404 - 322 ق. م) أحد مؤسسي المدرسة الكلبية التي تحتقر الثروة، وتعتبر أن السعادة تتلخص بالاكتفاء بالأساسيات. قابل ديوجين فكرة الحضارة بالتشاؤم، معتبراً أنها مرادف للغش والفساد بقضائها على براءة الإنسان الأولى. لذلك كان يرفض كل ما هو زائف، ولا يكفّ عن الدعوة إلى البدائية.

 فيما كان يرفض طهي الطعام بسبب احتقاره للنار التي سرقها بروميثيوس من آلهة جبل الأولمب ومَنَحها للبشر لإقامة حضارتهم الفاسدة.

حتى إن ديوجين كان لا يتورّع عن قضاء حاجاته الغريزية في الأماكن العامة. وبهذا الفعل الفجّ، عبَّر عن رفضه للحضارة الإنسانية وأسَّسَ لكينونته الحيوانية التي تنسجم مع الطبيعة، وصولاً إلى لحظة موته. إذ أوصى بعدم دفن جثته، مقابل أن تترك في العراء لتلتهمها الحيوانات المفترسة. 

صورة أنتيغون البطلة الإغريقية التي ثارت على عمّها الملك وتصدَّت له لأنه رفض أن يدفن جثة أخيها، نُدرك فداحة التجاوزات التي ارتكبها ديوجين.

روسو بالزهد والعفوية. تقوم فلسفته على أن الإنسان مفطور على الطيبة، وأن المجتمع مسؤول عن إفساده. لذلك دعا للعودة إلى الطبيعة والحياة القروية حيث تكمن الفضيلة. رأى روسو أنَّ رفاهية البورجوازيين هي السبب الرئيس لفقر الفلاحين وسكان الريف. فتوفير العصير والخمور والكماليات للأثرياء، يقوم على حرمان الفلاحين من الخبز والمرضى من الغذاء. ترتبط فنون طهي الأطعمة بالنسبة لصاحب «الاعترافات» بانحطاط الأمّة وفسادها * * مسلسل موضوع عائلي 2021/12 مصري **. لذا شجع الناس على تناول المأكولات التي لا تتطلب سوى تحضير بسيط، وشدَّد على أنَّ الطعام هو فقط وسيلة للبقاء على قيد الحياة وليس أداة للمتعة واللذة، محذّراً دائماً من خطيئة الشراهة.

وعلى النقيض من فولتير الذي كان يقيم الولائم لأصدقائه ويدعوهم لتذوق الديك الرومي مع الحجل وسمك السالمون المرقط والنبيذ الفاخر، كان روسو يمتدح فضائل الألبان والأجبان والخضروات والفواكه.

 الإنسان هو ما يأكله، فالشعوب التي تقتات على اللحوم تميل إلى العنف والهمجية، بينما الناس الذين يتناولون الخضار يميلون إلى السلام والدعة، وكان ينصح النساء تحديداً بتجنب اللحوم والتركيز على الحليب والنباتات، خصوصاً إن كنَّ مُرضعات.

نأتي إلى فيلسوف عصر التنوير إيمانويل كانط، مؤسس الفلسفة المثالية الألمانية التي تؤمن بأهمية الأخلاق والأفكار والمثل العليا. رفض كانط بشكل حازم تناول البيرة واشمأزَّ من حالة السُكر التي تسببها الكحول لأنها تمنح الإنسان لحظات وهمية من السعادة، والهروب من الواقع، ولكنها تؤدي في ما بعد إلى البلادة والإحباط. مؤلف «ميتافيزيقيا الأخلاق» 

صاحب نظرية موت الإله فريديريك نيتشه انتقد المطبخ الألماني بقسوة واعتبر أنَّ الأطعمة الألمانية تتميّز بقلّة الجودة والدسامة. برأيه فإن تناول الحساء والبطاطا واللحمة المسلوقة مع الخضار والإضافات الدهنية والطحين يتحول إلى أحمال ثقيلة على الجهاز الهضمي. دعا نيتشه أيضاً إلى حذف الخبز من قائمة الطعام لأنه يُحيِّد نكهة بقية الأغذية، ورفض القوت النباتي لأنه يُضعف الجسد؛ فالإنسان الخارق المتفوق الذي سعى إلى تشكيله يحتاج إلى اللحم لكي يبني جسده وقوته. عِلم التغذية عند مؤلف «جينالوجيا الأخلاق» يقوم على اختيار الكمية المناسبة والنوعية الجيدة فحسب. لذا كان يرفض الإكثار من الخبز والنشويات وينتقد حرمان الجسد من اللحوم ويدعو إلى تجنب الكحول لأن استهلاكه بإفراط يسبّب الانحطاط الروحي. دعا نيتشه أيضاً إلى استبدال القهوة بالشاي، وشجع على تناول الشوكولا ومدح فضائل الكاكاو. الفيلسوف الذي آمَنَ بمبدأ القوة ونبَذَ ثقافة المستضعفين، كان شغوفاً باللحوم، تحديداً النقانق والجمبون المدخن مع البيض.

رأى مارينيتي أنّه يجب على الإيطاليين الامتناع عن المعكرونة لأنها تسبّب الثقل للجسد

يعادل تنظيم المآكل لديه فكرة تنظيم البروليتاريا لدى ماركس وتحويلها إلى طبقة ثورية. لقد انشغل مارينيتي بالسؤال عما يجب أن تأكله الأمة الإيطالية الحديثة، ووجد أنه على الإيطاليين الامتناع عن تناول المعكرونة لأنها تسبب الثقل والإعياء للجسد، واعتقد بأنه إذا تخلت إيطاليا عن السباغيتي واستبدلته بالأرز الوطني فسوف تصبح أكثر قوة من الناحية الاقتصادية وتنتفي حاجتها إلى استيراد القمح. مقابل ذلك، حثّ الإيطاليين على تناول الخرشوف والإوزّ السمين أو الخروف المشوي. كما سعى في أنظمته الغذائية إلى إرضاء الحواس الخمسة عبر إدخال العطور والموسيقى إلى وجباته.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق