في كتاب "الاستشراق" (Orientalism) للأميركي الفلسطيني إدوارد سعيد عام 1978 يصف الكاتب كيف تبالغ أميركا والبلاد الأوروبية في تشويه الثقافات المختلفة عنها كما في حالة تصوير البلاد العربية بأنها غير حضارية وخطيرة.
هذه الوسائل ما زالت سائدة حتى يومنا هذا، في الكتب والأخبار والأفلام الأميركية، فتظهر المكسيك بأنها مكان قميء مليء بالمخدرات والجريمة والعنف، والبلاد العربية صحراء وعواصف ترابية وجمال، والهند مكان متسخ ومزدحم طوال الوقت، وثقافة الشعب بدائية.
ويقول سعيد إن خلق "الآخر" الخطير والغامض يساعد على ضمان استقرار وتفوق الذات الغربية، لتأكيد أنهم فقط أصحاب الحضارة وباقي البلاد ما زالت بدائية، وقد شهدنا استخدام هذه المؤثرات في أغلب أفلام هوليود، حتى يمكنك تمييز في أي بلد تدور الأحداث من لون الصورة، والأمثلة كثيرة، ومنها الأفلام التالية:
سبيكتر" (Spectre)
في المشهد الافتتاحي لفيلم "سبيكتر" (Spectre) -وهو أحد أفلام سلسلة جيمس بوند الذي أنتج عام 2015، والذي تدور أحداثه في المكسيك- تظهر الصور بفلتر أصفر يجعل الصورة باهته وغير نقية.
"إكستراكشن" (Extraction)
عرضت شبكة نتفليكس في أبريل/نيسان الماضي فيلما جديدا بعنوان "استخلاص" (Extraction)، من بطولة كريس هيمسورث، وتدور أحداثه في بنغلاديش.
ويتحول استخدام هذه الفلاتر إلى صور نمطية عن هذه البلدان، ويرسخ في ذهن المشاهدين أن هذه الحقيقة هي بسبب انتشار وشعبية الأفلام الأميركية، فيعكس صورة خاطئة عن الأماكن والأشخاص الذين يعيشون فيها، ويرسخ للعنصرية.
لكن في حالة تصوير الأفلام في أحد البلاد الغربية يتم استخدام فلاتر بدرجات ألوان خضراء وزرقاء لتعبر عن الازدهار والحيوية، وإذا شاهدنا هذه البلاد النامية التي تصورها هوليود باللون الأصفر فسنجد أن الحياة ليست ضبابية كما تصورها الأفلام، ولكن السماء زرقاء والهواء ليس متربا كما تصوره هوليود.
وتنشر هذه الفلاتر أفكارا نمطية سلبية عن هذه البلدان ومن يعيشون فيها، وتعزز فكرة الرجل الأبيض الأميركي المنقذ الذي يظهر وسط هذه الصورة الضبابية ليخوض حربا مع العصابات وتجار المخدرات والقرى الفقيرة، وبالطبع هو البطل والمنقذ.
وطالما كانت الأفلام الأميركية هي الأوسع فإن انتشار مثل هذه الأفكار يستمر حتى يتمكن الآخرون من إنتاج أعمال قوية تظهر حقيقة حضارتها كالذي نراه الآن في أفلام بوليود التي هزمت الصورة النمطية عن تفاهة وانعدام أفكار الأفلام الهندية، وباتت تنتج الآن أفلاما تحصد الجوائز العالمية.
كما تمكن صناع فيلم "طفيلي" (Parasite) من دخول السينما الكورية للعالمية والفوز بجوائز، منها الأوسكار والغولدن غلوب، متفوقا على الأفلام الأميركية، ليصدر صورة واقعية عن كوريا الجنوبية وما فيها من حضارة ومشاكل، بعيدا عن نمط الأفلام الأميركية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق