الاثنين، 6 مايو 2019

التقليد والإستحمار الدينى


فصله المعنون (الإستحمار الدينى) حيث يعتبر هذا الإستحمار من جهة الدين هو الأكبر والأقوى والأعظم منذ العصور القديمة وحتى المعاصرة، وما سماه (الإستخدام الدينى لاستحمار العقول) والذى تروجه باصطلاحه (طبقة رجال الدين) وهى طبقة متميزة فى تشويه كل مفاهيم الوعى والعقل والإدراك وسلب الإرادة والتفكير، والتجهيل والغفلة والتخدير، ويعتبرها نسخة كاملة مطابقة لحكم الكنيسة فى القرون الوسطى وأخذها صكوك الغفران والتخلف آنذاك ضد العقل والعلم والفكر، كما يقسم الإستحمار إلى فردى واجتماعى، فيعتبر السلطات الحاكمة المتحالفة ثلاث وهى السياسية والملوكية ومثالها القرآنى فرعون، والإقتصادية الإرستقراطية ومثالها القرآنى قارون، والدينية ومثالها القرآنى هو بلعم بن باعورة العالم الفقيه والذى عبر عنه الله (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث)، فيقوم الفقهاء بالإستعباد والإستحمار والتجهيل وأمر الناس المقلدين لهم، بالطاعة العمياء واستغفال العقول مدعين تمثيلهم الوحيد والحصري لله تعالى كأنهم معصومون حتى يقوموا بتوزيع الجنة وتسليم مفاتيحها لمن يشاؤون ممن يخدم مصالحهم ويتحالف معهم ويمنعونها عمن يشاؤون من مخالفيهم، رغم تهافت خطاباتهم وتناقض تصرفاتهم وحرب بعضهم بعضا وتكفير بعضهم بعضا. ويلخص شريعتى الإستحمار بأنه (أى قضية فردية أو إجتماعية، أدبية أو أخلاقية أو فلسفية، دينية أو غيرها، تبتعد عن النباهة الإنسانية والإجتماعية). داعيا إلى التفكر واستعمال العقل 

 (مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا) لأنهم لم يحملوا الأمانة كمسؤولية تصدوا لها فى تناقض أقوالهم مع أعمالهم بل يضيف شريعتى أن القرآن قد شبه الفقيه بلعم بن باعورة الحامل لاسم الله الأعظم والبالغ بعبادته مستوى عالى بالكلب لأنه استغل الدين لمصالحه الشخصية وتحول إلى واعظ لفرعون وسلطانه. وعلى مر العصور كان من الفقهاء فى خدمة البلاط والفتاوى الجاهزة فى خدمة السلطان فى تحالف استراتيجى بين الفقيه والسلطان والبرجوازية وشرحتها فى مقالى (وعاظ السلاطين) وهكذا جاء فى الحديث النبوى المشهور بين المسلمين (العالم الفاسد فى قعر جهنم فيشكو من رائحته أهل جهنم) (إذا رأيتم العلماء على أبواب الأمراء فبئس العلماء والأمراء) (العالم الفاسد لعنه الله وملائكته والناس أجمعين) لذلك حورب على شريعتى واتهم بشتى الإتهامات من قبل رجال الدين

ومن أهم ما يثيره الإستحمار فى الواقع المعاصر هو ثقافة التقليد الأعمى دون أى وعى أو تفكر أو تعقل، فإن القرآن يرفضها وينهى عنه مرارا وتكراراا كعادة سيئة بعيدة عن العقل والفكر مثل (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولوا كان آباؤهم لايعلمون شيئا ولا يهتدون)، ولكنه نتيجة لظروف ومصالح وتحالفات شيطانية،

عصمة النبى مقتصرة على الجانب التشريعى دون غيره، مع اعتقاد البعض اجتهاده لروايات وقصص منها تأبير النخيل حيث قال (إنما أنا بشر مثلكم إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا كان من دنياكم فأنتم أعلم به) وقد استدل بعضهم على اجتهاده بالقرآن (وشاورهم فى الأمر) (عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين)، بل فى التشريع أيضا كقصة سهوه فى الصلاة التى رواها الفريقان سنة وشيعة وغيرها 

رغم نهى أصحاب المذاهب الأولى عن تقليدهم فقد قال المالكى (إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا فى رأيى ماوافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق فاتركوه) وقول أبى حنيفة وأبى يوسف (لا يحل لأحد أن يقول قولنا حتى يعلم من أين قلناه) وابن حنبل (لاتقلد فى دينك أحدا، فلاتقلدنى ولاتقلد مالكا ولا الثورى ولا الأوزاعى... ومن قلة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال) وعن عبد الله بن المعتمر (لافرق بين بهيمة تنقاد وإنسان يقلد)، لكنهم قدسوا وقلدوا بعد وفاتهم وتكونت مدارس ومذاهب لأتباعهم واقتصرت على أربع بعد أن كانت تتجاوز أربع عشرة مذهبا كالظاهرى والطبرى والثورى والأوزاعى والبصرى بسبب قرار سياسى من الملك الظاهر بيبرس فى مصر عام665 فى اقتصار الفتيا والقضاء على المذاهب الأربع حصرا كما يذكر ذلك ابن كثير والذهبى والمقريزى وأبو زرقة والبلقينى والغزالى وغيرهم، حتى قال المقريزى (فلم يبق فى مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف غير المذاهب الأربع وعملت لأجلها المدارس والخوانك والزوايا والربط فى سائر ممالك الإسلام وعودى من تمذهب بغيرها وأنكر عليه ولم يول قاض ولم تقبل شهادة أحد ولا قدم للخطابة أو الإمامة أو التدريس أحد غير مقلد للمذاهب الأربعة وأفتى فقهاء الأمصار فى طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها).


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق