Oct 21, 2021 ضد الجامية المدخلية
لم يكن من السهل الانقلاب على مفهوم "الغزو الفكري"، الذي تعرفت عليه لأول مرة في أول مخيم صيفي أشارك فيه، عن دعاوى حرص الغرب على القضاء على ديننا من خلال الأفلام السينمائية ونشر الرذيلة والانحلال في المجتمعات الإسلامية.
لم يكن من السهل التخلص من الفكر الجهادي الذي تشربته عبر كتب الجهاديين المليئة بقصص التضحيات والكرامات والانتصارات التي شاركتهم في صنعها الملائكة، كما زعموا، في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك. لم يكن من السهل نسيان الأناشيد التي تتغنى بالفتوحات الإسلامية وتحث النشء على استعادة الأندلس وتتباكى على أحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
لم يكن من السهل إبطال مفعول الخطب والمحاضرات الحماسية لمشايخ الصحوة، التي طالما أشعرتني بالفخر لأنني ولدت في "أطهر البقاع" ونشأت مسلما موحدا على منهج السلف الصالح وأقنعتني بأن مهمة نشر العقيدة السليمة والقضاء على البدع والمحدثات تقع على عاتقي.
بدأت رحلة الانعتاق عندما طرحت على نفسي سؤالا أساسيا عن أسباب تخلف المسلمين وسوء الأوضاع في البلاد الإسلامية. وكانت الخيارات المطروحة أمامي في ذلك الوقت هي: إما لعدم التزامهم بتعاليم الشريعة الإسلامية أو لأن تعاليم الشريعة غير صالحة للتطبيق في هذا الزمان وأن على المسلمين البحث عن أنظمة خارج إطار الشريعة للنهوض والتقدم. وبالطبع لم أكن وقتها أملك الجرأة على اعتبار الخيار الثاني، فصببت كل جهدي على العمل من أجل تغيير الأنظمة التي "تحكم بغير ما أنزل الله" بأخرى تحكم بالشريعة وتطبق الحدود وتستقيم على الطريقة لتنزل على البركات على المجتمعات الإسلامية.
بترويج شعار "الإسلام هو الحل" في أوساط الجموع البائسة واليائسة والجائعة؛ فلا أسهل من إقناع الشباب المسلم بهذا الشعار الفضفاض واستحضار الوقائع والأحداث من التاريخ الإسلامي وعهود الخلفاء والتابعين لشحذ الهمم وتهيئة الشباب للتضحية من أجل النصر بـ"إعلاء كلمة الله" أو "نيل الشهادة" في سبيل ذلك.
البداية الفعلية للتحرر منه حين قرأت مقالا للمفكر السوري الطبيب خالص جلبي طرح فيه فكرة ضرورة مراجعة الأفكار والتفكير خارج الصندوق عملا بمبدأ أن تشذيب الأشجار يساعدها على النمو والاخضرار.
تعلمت من مقال جلبي أن العقل هو الوسيلة الأساسية للوصول إلى الله، وأن التفكير هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك، وبناء عليه، فليس هناك خطوطا حمراء ولا محظورات ولا حدودا على العقل اعتبارها قبل التفكير في أي شيء، وأن الشك هو طريق الإيمان ودليل على سلامة العقل وليس علامة على ضعف الإيمان.
كانت تلك البداية الفعلية وتأشيرة العبور لعقلي لينطلق في رحلة البحث عن الحقيقة دون خوف أو وجل من طرح التساؤلات وإبداء الشكوك والسعي وراء المعرفة والقراءة والاطلاع على الأفكار من كل حدب وصوب.
لحسن حظي في ذلك الوقت أنني فزت في برنامج الهجرة العشوائية للحصول على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، فاضطررت إلى السفر إلى مصر لإجراء المقابلة الشخصية في السفارة الأميركية بالقاهرة. ولأن إجراءات الحصول على التأشيرة استغرقت وقتا أطول من المعتاد، قررت السفر إلى مدينة الإسكندرية؛ وهناك، قررت الاعتكاف في مكتبتها العامرة حيث قضيت شهورا في القراءة والاطلاع بشكل يومي. أدخل المكتبة في الصباح ولا أغادرها إلا في ساعة الإغلاق.
لم تكن رحلة الانعتاق سهلة أبدا فقد خسرت خلالها أعز الأصدقاء وعانيت فيها من الوحدة والإحباط وكوابيس عذاب القبر والشجاع الأقرع
هناك تعرفت على مالك بن نبي وفكرة القابلية للاستعمار، وعلى الصادق النيهوم وأولئك الذين سرقوا الجامع ويوم الجمعة، وعلى فكر جودت سعيد وآيات الله في الآفاق والأنفس، وعلى مبدأ اللاعنف وخيار الشعوب في وضع حد للطغيان سلميا عبر التركيز على نشر الوعي والإيمان بأن العنف لن يولد إلا مزيدا من العنف. فمن يصل إلى السلطة بالعنف لا يملك الحق في إغلاق هذا الباب أمام الآخرين.
هناك تعرفت على أفكار الفلاسفة كأرسطو وسقراط، وقرأت للغزالي وابن رشد، وتعرفت على توجهات المعتزلة وخرافة السنة المطهرة، واقتنعت بأن حد الردة لم يكن سوى حكم سياسي على معارضين وأن الخلفاء لم يكونوا راشدين وأن الصحابة ليسوا "كالنجوم بأيهم اقتدينا اهتدينا" وأن عقل الإنسان، كما يقول المفكر السعودي إبراهيم البليهي، يحتله الأسبق إليه وأن قليلين هم من يتمردون على الأفكار التي نشأوا عليها. وهناك استفدت من تحليل عالم الاجتماع العراقي علي الوردي للمجتمع العراقي وعلى طبائع الاستبداد كما شرحها عبد الرحمن الكواكبي وعلى العبودية المختارة كما فصلها اتيين دي لابواسييه.
نعم، هكذا كان الانعتاق والتحرر من أفكار الصحويين الذين احتلوا عقلي، ومن مبادئ الجهاديين الذين أقنعوني بأن العنف هو السبيل الوحيد للتخلص من الطغاة، ومن شطحات السلفيين الذين يرون أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
لم تكن رحلة الانعتاق سهلة أبدا فقد خسرت خلالها أعز الأصدقاء وعانيت فيها من الوحدة والإحباط وكوابيس عذاب القبر والشجاع الأقرع، ولولا يقيني بعظمة العقل وأهمية الانفتاح على العالم والأفكار الفلسفية والحضارة الإنسانية وانتقاد التراث وضرورة التمرد على التقاليد والأعراف من أجل التحرر لما استطعت مع كل تلك الضغوط صبرا ولنكصت على عقبيّ وعدت إلى براثن الجاهلية الأولى.
منصور الحاج
++++++++++++++++
التحرر الفكري
أحيانا مركزية الإسلام كدين في نفس المسلم تتجاوز مركزية الله، فتجد أحدهم يقول: الإسلام
أعطانا حرية التفكير والإبداع لكن المشكلة في تفسيرات رجال الدين، بينما الحقيقة تقول: إن الله
أعطى كل البشر حرية التفكير والإبداع، ولهذا فأحمد زويل (المسلم) أبدع في مجاله العلمي،
وحصل على نوبل كما حصل عليها غيره من اليهود واللادينيين والمسيحيين، فما دخل الدين هنا؟
مركزية الدين كشعار أيديولوجي عند المتأسلمين يشبه مركزية القومية العربية كشعار أيديولوجي لدى البعثيين وعموم القوميين العرب، ولهذا يعجز العقل عن الانطلاق الحر في تفكيك واقع النظر للحياة، والأيديولوجيا تحولت من (علم أفكار) إلى هيمنة فكرية وتعطيل ملكات نقدية، ولهذا كتب توفيق الحكيم بعد انتهاء الناصرية كتاب (عودة الوعي)، فحتى مثقف بحجم توفيق الحكيم سقط تحت سطوة البروباغندا والأيديولوجيا.
الشعار الأيديولوجي يبقى مقبولا في إطاره البيداغوجي/ التربوي لأي دولة في الدنيا، لكنه يتحول إلى شعار مسموم ينفلت من عقاله إذا تحول إلى عصبية وتزمت فكري (شمولي)، ولهذا تسن الدول قوانينها الضامنة للتنوع الاجتماعي، فالتنوع والتعددية في هذا القرن الجديد، وفي الوطن العربي خصوصا، هو ضمانة وحدة وطنية، بينما العصبية والتزمت الشمولي دعوة مفتوحة للاحتراب الأهلي المعلن عبر المظاهرات، أو الاحتكاك المباشر بين الفئويات على تنوعها الطائفي أو الإثني العرقي أو غير المعلن عبر لطميات حقوق الإنسان التي قد تتساهل فيها، أو تتكبر عليها، بعض الدول كما تساهلت وتكبرت السودان فكانت سودانين.
الشعار الإسلامي شعار أيديولوجي مخيف ومرعب، خصوصا وقد بلغ ذروته وطاقته التعبوية في داعش، واستنفد كامل تاريخه ونموذجه المتخيل على أرض الواقع في (دولة الإسلام في العراق والشام) لنرى الذبح والسبي وسوق النخاسة، وما زالت هذه الأيديولوجيا تغلي للأسف في رؤوس كثير، لكنها ارتطمت بشتاء الواقع وصقيعه.
الإسلام كدين من أعظم الأديان على وجه الأرض بمليار ونصف المليار مسلم، وكل من أراد تحويله إلى أيديولوجيا سياسية فقد اختزل المليار ونصف المليار إلى بضعة آلاف ممن (نحتقر صلاتنا إلى صلاتهم وصيامنا إلى صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) كما ورد في وصف الخوارج قبل ألف سنة وأربعة قرون.
فقد مات عبدالناصر ولم تمت العروبة ولا اللسان العربي إلا في عقول من كان (يعبد عبدالناصر)، بل أصبحنا كأمة عربية أكثر وعيا بواجبنا الوطني تجاه دولنا، كل على حدة، فمجد الجزائر من مجد المغرب، دون دسائس تفرق ولا تجمع، ومجد العراق من مجد السعودية دون طائفية تفرق ولا تجمع، أما الإسلام فمجده محفوظ بكل لغات العالم وعبر كل أذان تصدح به المساجد في كل بقاع العالم، دون حاجة إلى سياسة تخرج من ناصية كاذبة خاطئة،
الخصوصية مع تعدد اللغات
يكتب أحدهم عن خصوصية الشرق، بل يؤكد الخصوصية الميكروسكوبية أكثر ليتحدث عن خصوصية الإقليم أو المنطقة، مستشهدا باهتمام الغرب نفسه بمسألة الخصوصية والهوية... إلخ،
مليارا ونصف المليار مسلم لا ينطق العربية بها إلا قرابة خمسمئة مليون نسمة (إن صدقت الإحصائيات)، أي أن مليار مسلم لا يتحدثون العربية ولا يفهمون معناها إذا سمعوها، بل يعيشون الإسلام وفق ترجمة تليق بلغاتهم المتعددة وبحضارتهم ومعطيات وطنهم، والحديث عن الترجمة وما فيها من تأويل وفجوة ثقافية حديث متشعب ليس هنا مكانه، لكن أشرنا إليه لنوضح مدى الأرض الشائكة التي تغيب عن كثير من المهتمين.
إذاً فالخصوصية الإسلامية لها ارتباط بثقافة كل بلد ولغة ينتمي إليها، فإندونيسيا مثلا (أظنها تمثل أكبر دولة إسلامية في عدد السكان)، نرى دينها الإسلامي لا يتحسس من إقامة احتفالات تعود لتاريخ إندونيسيا الوثني، ولا تتحسس من عادات قديمة قبل الإسلام منتشرة في بعض أنحاء إندونيسيا، أي أن إسلامها هي وماليزيا يكاد يتطابق مع مفهوم (الإسلام الحضاري) المتصالح مع العالم والإنسانية، الإشكال الذي تعانيه هذه الدول وغيرها يكمن في (الإسلام الأصولي) الذي يفتعل المشكلات على أدنى قضية أو حدث بدعوى الخصوصية.
طبعا لسنا هنا في مناط تفكيك الإسلام الأصولي وإشكالاته مع مفهوم الحضارة، ما يعنينا هو الحديث عن أولئك الأنصاف ممن انشغلوا بالخصوصية التي يطرحونها ويستشهدون عليها بأقوال رجال غربيين،
لا نريد من أي أحد أن يدافع عن خصوصيتنا التي تتقاطع مع أي مظهر للتخلف، وكلمة التخلف لا تعني مهاجمة كل ما هو قديم، لنرى الحصون القديمة تُدك ويُبنى على أنقاضها منزل حديث، التخلف هو الجهل،
الممانعة دون مشاركة العالم ثقافته ومنتجاته والإضافة إليها بمعطانا الثقافي والحضاري، التخلف أن نمتنع عن دراسة الموسيقى فنعجز عن تحويل فلكلورنا الشعبي في جميع أنحاء المملكة إلى نوتة موسـيقية تستطيع الأجيال بعد مئات السنين استعادتها كأنها اليوم، التخلف أن نعجز عن افتتاح معهد تمثيل ومدينة إنتاج فني وكتاب سيناريو ومخرجين، ينتجون لنا من ثقافتنا زادنا البصري والجـمالي الفني، تمثيلا وروايـة وأفلاما ومسلسلات... إلخ، من دورة تبدأ من الكتاب كرواية تاريخية أو خيالية، إلى واقع مشاهد يحرك العقل العربي، بدلا من استيراد مسلسلات تركيا والمكسيك كزاد فني لا علاقة له بأي معطى عربي سوى تمجيد خفي لحضارات وثقافات نتشارك معها كوكب الأرض وهوامش المعنى.
التجديد الديني نحو الفردانية
التجديد تنوع (مجتمع) لا شمولية (جماعة)، فالمجتمع في أي دولة حديثة يختلف عن أي جماعة، فالمجتمع متنوع الملل والمذاهب والمواهب والملكات والأمزجة، والجماعة تخاف التنوع والتعدد، ويربكها حتى الاختلاف الطبيعي في الأمزجة، لدرجة يجعل مفاهيم الجماعة عن التماسك الاجتماعي تتجه إلى (الشمولية) بأوهام السيطرة على الضمائر وإحصاء الأنفاس، بينما مفاهيم المجتمع الطبيعي تتجه للتعددية والتنوع في نطاق الوحدة الوطنية بمعناها الحديث، وللأسف حتى المعنى القروسطي الذي عاشه الناس في مجتمع الأندلس مع المختلف عنهم ديانة واعتقادا عجز عن إدراكه الإسلام السياسي في داعش والقاعدة، ولم يدركوا منه سوى هستيريا الإماء والجواري وأسواق النخاسة، لأن التفكير الأصولي ليس تفكيرا متطرفا بقدر ما هو مصداقية الذات مع الواقع، مصداقية الفهم مع التطبيق، فكانت الفاجعة في أن التطبيقات بشعة ولا يصح نسبتها إلى أي دين في القرن الحادي والعشرين.
التجديد الديني بأي اتجاه (غير فرداني) هو لعبة جديدة من ألعاب (الإسلام السياسي)، فالمسلم الفرنسي ليس بحاجة لمعطيات تسوقه لفصام نفسي ما بين جذوره العميقة في فرنسا بين أب مسلم وأم مسيحية، وأخ لا ديني، بل يشعر بأن فردانيته الدينية دليل على حيويته الاجتماعية، وليس انعزاله واضطراره إلى ما يتعطش إليه الإسلام السياسي، من خلق مزاج باحث عن (غيتوهات الجماعة) التي يتم من خلالها تخصيب يورانيوم الإسلام السياسي من جديد في رؤوس الأتباع الجدد.
هل نتوقف عن فكرة (التجديد الديني)؟ قطعا لا، لكنه تجديد باتجاه (الإسلام الخاص/ الفرداني)، فأي (إسلام عمومي) يعني (إسلاما سياسيا) مهما تزيا بزي الحداثة والسماحة، فلا بد أن يرتطم تجمع (الإسلام العمومي الحديث) بتجمع (الإسلام العمومي الرافض للتحديث)، ليستعيد كل فريق تراث الأقدمين في امتلاك الحق، بينما التدافع المطلوب في (الدولة الحديثة) يكون بين (عقيدة التنمية البشرية) و(عقيدة التنمية الطبيعية) بين (عقيدة التنمية الشاملة) و(عقيدة التنمية المستدامة)، أما قلوب المواطنين تجاه خلاصهم الروحي في الدولة الحديثة فليست محلّاً للتنقيب والتفتيش والمساءلة من قبل أحد، وليست محلاً للنقاش العمومي مما يثير صراعات لا تقدم للدولة الحديثة أي شيء نهائيا، فمعركة الجمل أو صفين أو معركة داعش مع القاعدة، أو حزب اللات على مستوى التنمية الحديثة في هذا القرن لا تعطينا أي مؤشر حضاري أو تنموي باتجاه خطط التنمية أو تطوير البلد، بقدر ما يعطينا شاب نابه درس في هارفارد أو أكسفورد علماً، وعاد لنا بوعي عميق يستنبت من تربة أرضه على المستوى الثقافي والاجتماعي، ما يدعم التوجه الاقتصادي الأفضل، خدمة لعقيدة التنمية التي تتطور البلاد بها، أما صلاة الفرد المسلم فقد جعل الله لها الأرض مسجدا وطهورا، فحتى الصلاة من يسر الدين ليس من شرطها المحاريب والمآذن، والماء في الوضوء ينوب عنه التيمم بالتراب إذا انقطع، الدين عامرٌ بالقلوب، أما الدنيا فعامرة بالأيدي والعقول، فمهما كانت آيات القرآن تكرر على القلوب معنى (الريح لواقح)، فلن يخرج الرطب الجيد إلا بتأبير النخل عبر الأيادي الماهرة العارفة في مواسم محددة تعرفها العقول النابهة، ولهذا قال الرسول الكريم: (أنتم أعلم بأمور دنياكم).
دفاعا عن الإسلام الحضاري
كل دعوى للخصوصية تحول بيننا وبين حفظ تراثنا بطريقة فنية علمية وتحول بيننا وبين المشاركة الفاعلة ليست إلا (إسلام أصولي)، يعجز عن المشاركة في أدنى قضايانا كفهم أهمية (كرة القدم) على مستوى العالم، فلا يرى فيها إلا (تحكيماً بغير ما أنزل الله)، ومؤلفاتهم تشهد وبعض شيوخهم ما زالوا أحياء يرزقون، فكيف بقضايانا السياسية الكبرى مع صندوق النقد وهيئة الأمم المتحدة وغيرهما من الاتفاقيات الدولية.
ما تمثله المملكة العربية السعودية من مسؤولية يجعل واجبها يتجاوز الطبطبة على كتف (الإسلام الأصولي) ومجاملته، إلى الانشغال الحقيقي بتمثيل (الإسلام الحضاري) الذي يدافع عنه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، لنرى حتى المسيحيين العرب يدافعون عن (الإسلام الحضاري) ويفاخرون به، ولهذا كانت مؤلفاتهم وكتبهم التي أضافت للإسلام (حضارياً) وعلى رأسها كتاب (إدوارد سعيد) (الاستشراق) الذي التقفه الإخوان المسلمون بالقبول والمديح ليغالطوا به العوام في كراهية الغرب، طارحين مشروعهم الأصولي الذي سيجعل (إدوارد سعيد) في بلدهم مواطناً من الدرجة الثانية لأنه مسيحي، فعن أي إسلام حضاري يتحدث الإخوان المسلمون وأشباههم من السرورية وغيرهم.
لا نريد خصوصية تعجز عن التفاعل الحضاري، الخصوصية امتياز معقول يفهمه العالم أجمع، وما عدا ذلك لا يتجاوز
ما حصل من أحد المستشرقين (كريستيان سنوك) قبل أكثر من مائة عام، إذ (يمتدح وضع العبيد في الجزيرة العربية ويصفه بأنه أكثر عدالة من وضع العبيد في بلدان أخرى، وبإمكاننا قبول وجودهم في الجزيرة العربية كمحمية يشاهدها العالم ويقوم بزيارتها)، هو لم يقل هذا الكلام صراحة، لكن امتداحه لوضع العبيد الجيد خصوصاً في مكة وجدة، مع توجيه اللوم للدول التي تضغط باتجاه تحرير العبيد ومطالبته بخصوصية للجزيرة العربية تبقى فيها أسواق للنخاسة، يدل على أن بعض من يدافع عن خصوصيتنا من الغربيين ليس في الحقيقة يدافع عن حقنا في التميز على المستوى (الإنساني الأخلاقي الحقوقي)، بقدر دفاعه عن حقه في الاستمتاع بنا كمحمية (بدائية) للفرجة الحضارية التي يأتي إليها الرجل ذو العيون الزرقاء، كما وفر محميات للهندي الأحمر جعلته عاجزاً حتى هذا التاريخ عن المنافسة على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض رغم أنه المواطن ابن الأرض والتاريخ.
اليابان لبست البدلة كاملة وهي من أقوى الدول تمسكاً بهويتها، لقد أدركت أن الهوية أوسع من بنطال جنز، لكن كثيرين عندنا يرونها أضيق بكثير.
ماليزيا تفاخر بتراثها ما قبل الإسلام، إندونيسيا المسلمة تفاخر بتراثها ما قبل الإسلام، ونحن ما زلنا نرتبك من قراءة (مسلة تيماء) أو نخجل من الحديث العلني عنها خوفاً من ارتباكات (الإسلام الأصولي)، فلا ندري هل نكون سعداء بأن متحف اللوفر حفظها من أيدي العابثين بآثارنا أشباه داعش الذين عبثوا بآثار الرافدين وقبلهم القاعدة في تمثال بوذا التاريخي تحت عنوان (حماية العقيدة)، أم أننا لم نصل إلى المستوى الحضاري اللائق للمطالبة باستعادتها إلى أرضها الحقيقية جغرافياً وتاريخياً.
أسلمة العلوم انتكاسة في التاريخ العربي
يحدثونك عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فتظن أن المسألة طارئة مع نشوء حركات الإسلام السياسي التي أحالت حتى المساكن والشقق المفروشة إلى (شقق مفروشة إسلامية) وغير إسلامية، لكنك تتفاجأ بنص يبين فيه صاحبه في فهرس كتابه ما يأتي: (المسألة الرابعة: أنه ليس كل العلوم لها أصل في القرآن كما زعم كثير من الناس، مع مناقشة الشارح لهذه النقطة)، إذ يقول في متن كتابه ما نصه: (أن كثيرا من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين: من علوم الطبيعيات، والتعاليم والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم لم يصح -إلى أن يقول- وربما استدلوا على دعواهم بقوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) وقوله (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ونحو ذلك.... فأما الآيات فالمراد بها عند المفسرين
ما يتعلق بحال التكليف والتعبد، أو المراد بالكتاب في قوله (ما فرطنا في الكتاب من شيء) اللوح المحفوظ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع العلوم النقلية والعقلية)، انتهى كلام المؤلف الذي قد يظنه البعض من رجالات هذا العصر، الذي امتلأت فيه وسائل التواصل بأصحاب هذه الدعوى التي ظهر أن لها جذورا تتجاوز حركات الإسلام السياسي في هذا الزمن لتعيدنا إلى سبعة قرون للوراء، فالنص المنقول موجود في الجزء الثاني من كتاب الموافقات في أصول الشريعة للإمام أبي إسحاق الشاطبي (توفي سنة 790هـ)، لنكتشف أن محاولة تحويل النص القرآني إلى مرجعية للعلوم العقلية والنقلية قد بدأت منذ سبعة قرون، وكما أن كثيرا من مفكري النهضة يعيدون انحطاط العالم الإسلامي إلى بدايات كتاب تهافت الفلاسفة للإمام الغزالي، وعجز ابن رشد في كتابه تهافت التهافت عن إيقاف هذا المزاج الغنوصي، الذي يريد الخروج من إطار العلوم العقلية والنقلية، إلى إطار المفاهيم الدلالية للتأويلات الغنوصية التي لا يحدها حد ما دامت اللغة تتسع بقدر اختلاف البرادايم الدلالي لكل كلمة عبر العصور والأزمنة.
---
نقول إن عجز (ابن رشد الأندلسي) المتوفى سنة (595هـ) عن إيقاف هذه الغنوصية الفكرية، تأكد أكثر وأكثر من خلال كتاب الموافقات للشاطبي، الذي اجتهد للقفز (وفق مرحلته التاريخية) إلى مناطق جديدة من فقه المقاصد الشرعية، التي تعيد للشريعة موقعها الطبيعي المناسب لها قبل سبعة قرون، والمثير أن الشاطبي أيضا كان أندلسيا من أهل غرناطة، فكأنما آخر معاقل النظر العقلي في العلوم الشرعية كان في الأندلس، بينما بدأت في بغداد مؤشرات الانحطاط الفكري مع ضعف حركة الترجمة بعكس ما كان في الأندلس.
كل ما يطرح في هذا المقال يحتاج نظرا بحثيا يتجاوز التقميش والملاحظات العابرة التي أوردتها هنا كإضافة لمباحث انشغلت بما طرحه ابن رشد، متناسية ما تلاه من محاولات الشاطبي ترشيد ما يسمى (أسلمة العلوم)، والوقوف في وجهها مع توسيع دائرة المقاصد، وغلق باب الحيل قدر المستطاع. ومع كل هذا فلا بد أن نشير إلى أن الشاطبي كان مفارقا لزمنه بهذه المباحث التي لم تلفت انتباه أقرانه في عصره كما يجب، والدليل أنها رغم تقدميتها (آنذاك) إلا أنها ابنة عصرها، فكان يرى مثلا في كتابه أن من مكارم الأخلاق عدم قتل الحر بالعبد، وغيرها مما ليس مقبولا في هذا الزمن، لكن اعتباره لها من (مكارم الأخلاق) يجعلها في منطقة قابلة للتفاوض النظري ما بين تحسين وتقبيح عقلي.
كل الأدبيات التي طغت على عقول كثير من المسلمين تحت مسمى (أسلمة الأشياء)، ليصبح هناك (أدب إسلامي، شعر إسلامي، قناة إسلامية، ساعة إسلامية... إلخ)، كلها مزيج من أزمات الهوية التي تتجه لها الشعوب في فترات ضعفها، كأحد مظاهر الهوية المتورمة، والباقي مزيج من معادلات إسلام السوق الذي اقتحمته الرأسمالية، واستثمرت فيه كل معطيات (الأسلمة) التي بثها الإسلام السياسي، وصولا إلى البنوك الإسلامية، التي لا تختلف عن البنوك التقليدية في شيء سوى في تفاصيل وحيل (شرعية) ليس المسلم في حاجتها بقدر حاجته إلى تخفيض الفائدة المترتبة على القرض البنكي، سواء كانت باسم الإسلام أو باسم المصرف.
محاولة تحويل النص القرآني إلى مرجعية للعلوم العقلية والنقلية بدأت منذ سبعة قرون، كما أن كثيرا من مفكري النهضة يعيدون انحطاط العالم الإسلامي إلى بدايات كتاب تهافت الفلاسفة للإمام الغزالي، وعجز ابن رشد في كتابه تهافت التهافت عن إيقاف هذا المزاج الغنوصي
الدولة دون بهلوانيات تاريخية
المثقف ليس كالصحوي لكنها نشارة الخشبحرية التفكير ليست بجوال ونتالمنهج الخفي في القبيلةملابس الصحوة للمدرسينمثقف سلطة أم مثقف مترهللا نَصّ في النَص+++++++++++++++هل يدفع التشدّد الديني للخروج من الإسلام؟
د. عماد بوظو/
"ولو كنت فظّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك" (آل عمران 159). تقول هذه الآية أنه حتى لو كان الرسول نفسه جافا وجلفا لابتعد عنه الناس. يبدو أن الأيام الحالية تؤكد صحة هذه الآية؛ حيث انتشر شكل متشدد ومتزمّت من الإسلام، وأصبح كثير من رجال الدين فظّين، تمتلئ قلوبهم بمشاعر الغضب والكراهية تجاه كل من يختلف معهم، ولا يرون من الإسلام سوى فتاوى التكفير وإرهاب الناس بالعقوبات.
وترتكز العلاقة مع الله بالنسبة لهم على الخوف وليس على الحب. لا يقتصر وجود هؤلاء على تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" ومن يحكم باسم الإسلام مثل طالبان في أفغانستان ونظام ولاية الفقيه في إيران وبوكو حرام في نيجيريا، بل تصل إلى عدد كبير من الذين يتحكمون المراكز الإسلامية
ومع هيمنة هذا الفكر المتشدد كثرت التقارير التي تتحدث عن ارتفاع أعداد الخارجين من الإسلام، من إيران وأفغانستان ومناطق سيطرة "داعش" في سوريا والعراق سابقا، إلى شمال أفريقيا. وقال جاريسون ديفيد، الباحث في جامعة شيكاغو، إن مئات آلاف المسلمين قد تحولوا إلى المسيحية وإن أعداد هؤلاء في القرن الواحد والعشرين فاقت أعدادهم في أي وقت آخر في التاريخ. وقالت دراسة لدوان ميلر الباحث في جامعة أدنبره إن عدد المسيحيين من خلفية مسلمة بين 1960 و2014 بلغ 8.4 مليون، بينما قدّرت دراسة أخرى لجامعة سانت ماري في تكساس إن هذا العدد وصل إلى 10.2 مليون.
ففي إيران، وفقا لكريستيان بوست، يستمر نمو المسيحية بين الشباب. وقالت منظمة "الأبواب المفتوحة" المسيحية إن عدد من تحول إلى المسيحية في إيران بلغ 370 ألفا، بعد أن كان 200 شخصا فقط قبل أربعين عاما. وقالت دراسة لجامعة أدنبرة إن عدد المتحولين إلى المسيحية في السعودية بلغ 50 ألفا بينما قدرت جامعة سانت ماري الأميركية العدد بحدود 60 ألفا.
تتجنب المصادر الإسلامية التعرّض لقضية الخروج من الإسلام، وتشكّك بالتقارير التي تتحدث عن ذلك
وفي تقرير نشرته صحيفة ميليت التركية أن 35 ألف تركي تحول للمسيحية عام 2008 فقط. وفي الجزائر قدرت جامعة سانت ماري عدد المتحولين للمسيحية خلال الفترة بين 1960 و2015 بحدود 380 ألفا، خاصة في منطقة القبائل، وقال القس يوسف يعقوب إن نسبة نمو المسيحية في الجزائر 800 في المائة.
تتناول هذه الإحصائيات المتحولين للمسيحية فقط، وتم الحصول عليها من المصادر التي وثّق فيها هؤلاء الأشخاص تحوّلهم للدين الجديد، ولكن الأعداد الأكبر من التاركين للإسلام هم المتحولون إلى اللادينية، ومن الصعب معرفة أعداد هؤلاء لأنها مسألة إيمانية شخصية لا تحتاج إلى توثيق بمكان ما. لكن الاستبيانات الخاصة والمشاهدات الشخصية والتي لا يمكن التأكد من دقّتها، تعطي انطباعا بأن هناك انتشارا واسعا لظاهرة التخلي عن التديّن في إيران والسعودية والمناطق الكردية التي واجهت "داعش".تتناول هذه الإحصائيات المتحولين للمسيحية فقط، وتم الحصول عليها من المصادر التي وثّق فيها هؤلاء الأشخاص تحوّلهم للدين الجديد، ولكن الأعداد الأكبر من التاركين للإسلام هم المتحولون إلى اللادينية، ومن الصعب معرفة أعداد هؤلاء لأنها مسألة إيمانية شخصية لا تحتاج إلى توثيق بمكان ما. لكن الاستبيانات الخاصة والمشاهدات الشخصية والتي لا يمكن التأكد من دقّتها، تعطي انطباعا بأن هناك انتشارا واسعا لظاهرة التخلي عن التديّن في إيران والسعودية والمناطق الكردية التي واجهت "داعش".
ولا يمكن تنفيذ دراسات أو إحصائيات في البلدان الإسلامية حول هذه المواضيع لأسباب اجتماعية وقانونية، فالخروج عن الدين الإسلامي يمكن أن يؤدي إلى عقوبات تتعلق بمفهوم الردة عن الإسلام.
رغم ذلك، سمحت وسائل التواصل الاجتماعي بخروج بعض الحالات الفردية للعلن. وبحسب الإحصائيات العالمية، فإن الرابح الأول من عملية التحوّل الديني هم فئة اللادينيين الذين يكتسبون النسبة الأكبر من الذين يتركون دينهم، ثم تأتي المسيحية في المرتبة الثانية بنسبة من يتحول إليها، ولكنها تحتل المرتبة الأولى من ناحية المكاسب الصافية من عملية التحول الديني، حيث يدخل للمسيحية سنويا 15.5 مليون شخص قادمين من ديانات أخرى، ويرتد عنها 11.7 مليون معظمهم يصبح لا دينيين.
يمكن القول إن المراكز الإسلامية اختارت عدم الاعتراف بوجود المشكلة بدل محاولة البحث عن حلول لها
تتجنب المصادر الإسلامية التعرّض لقضية الخروج من الإسلام، وتشكّك بالتقارير التي تتحدث عن ذلك، وتعتبرها حملات دعائية تقوم بها مراكز عالمية متآمرة، وفي حال خروج إحدى القصص للرأي العام، تقوم المراكز الإسلامية بتبريرها واعتبارها نتيجة للتبشير والإغراءات المادية وليس نتيجة رفض بعض المسلمين لهذا الشكل المتشدد من الإسلام. وفي المقابل تستفيض بالحديث عن الدخول في الإسلام خصوصا إذا كان من قبل شخصيات معروفة.
وما يساعد المراكز الإسلامية على حالة الإنكار هذه، هو الإحصائيات التي تتحدث عن زيادة أعداد المسلمين في العالم، رغم أن السبب الرئيسي لذلك هو معدل الإنجاب المرتفع لوجود أغلب المسلمين في بلاد متخلفة فقيرة، ولكن معدل الولادات المرتفع هذا سينخفض مع تطوّر مجتمعات العالم الثالث ولحاقها ببقية العالم، بما سيجعل إخفاء أعداد الخارجين من الإسلام أكثر صعوبة.
وبالإضافة إلى الخسارة العددية الناتجة عن الخروج من الإسلام، هناك الخسارة النوعية لأن المغادرين بغالبيتهم من الشباب، وبعضهم من أصحاب التفكير الحر المستقل والمستوى الثقافي المرتفع، ورغم ذلك تصرّ المراكز الإسلامية على إنكار انتشار ظاهرة الخروج من الإسلام حتى لا تعترف بوجود مشكلة في الخطاب الديني، وحتى تتجنّب طرح القضايا التي لم يعد يتقبلها العصر للنقاش، مثل الحدود كالرجم وقطع اليد والصلب والجلد وقضايا المرأة من تعدد الزوجات للإرث والحجاب وغيرها.
بالخلاصة، يمكن القول إن المراكز الإسلامية اختارت عدم الاعتراف بوجود المشكلة بدل محاولة البحث عن حلول لها.
*
أسبوع عالمي «إرهابي» بامتياز
Nov 4, 2020
خلال أقلّ من أسبوع، هجمات إرهابية في فرنسا، قطع رأس امرأة في كنيسة، وطعن آخرين، على يد شاب تونسي متطرف.
في فيينا عاصمة النمسا، شاب «متدعشن» من أصل ألباني، مع ثلة رفاقه، يقتلون ويطلقون النار في الشوارع، وينشرون الرعب.
في كابل عاصمة أفغانستان، هجوم إرهابي دامٍ على جامعة كابل، وسقوط ضحايا، وصور طالبات ذبيحات وجريحات - بالمناسبة، أين منهن المنظمات النسائية الغربية الزاعقة؟!
في البحرين تمّت إدانة 51 شخصاً بتأسيس وتنظيم جماعة إرهابية، تابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.. قتلت وفجّرت وخرّبت. هذه حصيلة أقل من أسبوع، ويأتي من يقول لك، إن الحديث عن جماعات الإسلام السياسي والفكر الإرهابي، وسيد قطب، والظواهري، والبغدادي والزرقاوي وأسامة بن لادن، وأفكار الحاكمية والجاهلية و«الإخوان» و«السرورية»... الخ تضييع للوقت، والشباب الجديد لا يهتم بهذه المسائل... هذا هراء!
*
الحركة السرورية هي حركة تأخذ من السلفية الموروثة العقيدة، ولكن بشكل انتقائي، وتأخذ من جماعة الإخوان المسلمين الأشكال التنظيمية الحركية، على اعتبار أن جماعة الإخوان لا تكترث بالعقيدة، وجلهم أشاعرة، وتتساهل مع الفرق التي تدعي أنها إسلامية، بينما هم - أي السرورية - يجعلون العقيدة أولاً، ولكنهم يسبغون عليها البعد السياسي، كشرط ضرورة، لا يكتمل إسلام المرء إلا به، ويسمونها (الحاكمية)، رغم أن السلف الأوائل لم يشترطوا هذا الشرط.
متعطشًا لطرح سُني ثوري تغييري على غرار حركة الخميني في إيران. وقد اخترق السروريون كل الطبقات في بداية الثمانينيات،
بمنزلة الطابور الخامس. وحينما أشعلت قطر (الربيع العربي) كانت جماعة السروريين في طلائع المصفقين لهذا الربيع والمناصرين له، غير أن فشل الإخوان في مصر، وتراجع دورهم في تونس، والحرب الأهلية في ليبيا، وفشل المتأسلمين في سوريا، كشفتهم لكل من كان منخدعًا بأطروحاتهم، ثم جاءت الضربة القاضية التي قصمت ظهورهم، وهي قطع العلاقات بقطر الممولة الأولى لحركتهم، والحزم والعزم اللذان انتهجتهما الدولة في مواجهتهم، ومواجهة دعاتهم؛ ما جعل كثيرًا منهم يرفع الراية البيضاء مستسلمًا للهزيمة، ومحاولاً أن ينقذ نفسه من المصير الذي يبدو أن (دولة سلمان) عازمة على اتخاذه، ومؤداه اجتثاث جميع هؤلاء المتأسلمين المسيسين مهما كان الثمن من مجتمعاتنا.
تحريض الناس على الخروج على ولاة الأمور وتفريق جماعة المسلمين وبث الفرقة بينهم ونشر الحروب في بلدانهم
وانتشرت السرورية في بعض دول العالم كما ذكر سرور نفسه في برنامج مراجعات على قناة الحوار
اعتبر المعارض السعودي تركي الشلهوب أن وزارة الشؤون الإسلامية لا تجرؤ "على توجيه خطباء الجمعة للتحذير من خطر الحفلات على الشباب والمجتمع" معتبرا أن ما يجري "جزء من مشروع يرمي إلى طمس الهوية الإسلامية، وتدمير للمجتمع عن طريق الحفلات، واستغلال المنابر".
#خطبة_التحذير_من_السرورية الأولى التحذير من الاستبداد والطغيان فهو الخطر الاكبر الذي يهدد الوطن العربي ككل !!
هل المنهج القطبي والسروري يعتبر منهج سني أم أنه بدعي؟
وهل اختلاف السلفيين مع السرورية والقطبية في مسألة الغلو في التكفير والإمامة فقط أم في مسائل أخرى؟
وهل هذه المسائل التي خالفوا فيها أهل السنة من مسائل الأصول أم من مسائل الفروع؟
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق