السبت، 13 نوفمبر 2021

الأمة في مواجهة السلاطين والعساكر.. لماذا فشل العرب

 الثورات الملوَّنة ما عُرِف وقتها بالموجة الديمقراطية الثالثة. بدا أمامنا ما يشبه حالة إجماع على نجاعة نظام الديمقراطية الليبرالية والتمثيل النيابي، بوصفه أقل النماذج السيئة سوءا -بتعبير رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل- لإقامة نظام سياسي ناجح في أي بلد.

الاستثناء العربي، أي استعصاء المنطقة العربية على الديمقراطية والمواطنة والحداثة السياسية لأسباب عُدَّت في معظمها ثقافية منسوبة إلى التاريخ والدين الإسلامي، أو أنثروبولوجية منسوبة إلى القبلية والطائفية والعلاقات الأبوية التقليدية، فلا يوجد فرد عربي مستقل -بحسب تلك المقولة- كي يخرج مطالبا بحقوقه السياسية على غرار نظيره الأوروبي؛ لأن أي فرد عربي في الحقيقة عضو في عشيرة أو طائفة أو أسرة كبيرة، ومن ثَم عضو في منظومة علاقات أبوية سلطوية لا يعرِّف نفسه خارجها أبدا.

 "المحنة العربية: الدولة ضد الأمة". وظَّف برهان غليون كل ملكاته النظرية والتحليلية لتوضيح جذور الاستثنائية العربية، المأساوية والملحمية معا، دون الخضوع لمقولات الاستشراق التي حاولت أن تصوِّر المأساة العربية بأنها حتمية ثقافيا وأنثروبولوجيا. وقد أوضح غليون أن الشعوب العربية المُسْلمة موجودة وتتطلَّع إلى التحرر والانعتاق والكرامة، مثلها مثل غيرها من الشعوب في أي مكان بالعالم، بيد أنها واقعة في أسر المنظومة السياسية القائمة وعلى رأسها الدولة العربية، وليس في أسر ثقافتها.

غليون أن النظريات الماركسية التي تحاول تفسير الأزمة بالتركيز على مسائل مثل علاقات التبعية وسيطرة القوى الإمبريالية ونمط الإنتاج الريعي (البترولي)، أكثر قربا من الواقع، لكنها ركزت على بُعد واحد من الأزمة هو البُعد الاقتصادي، ومن ثَم "تجاوزت إشكالية الدولة نفسها وحذفتها من الوجود، حتى لا يبقى في الصورة إلا المجتمع التابع الخاضع مباشرة لتأثيرات السوق العالمية أو الهيمنة الأجنبية". علاوة على ذلك، لا تساعدنا الليبرالية أيضا في فهم مُعضلة المشرق؛ لأنها "تتجاهل العوامل والقوى الاجتماعية الحية الكامنة وراء كل سُلطة… وتُفرِّغ السُّلطة من حقيقتها الاجتماعية… وتختزل السياسة في اللعبة التقنية والإستراتيجيات الانتخابية"، فتصبح الدولة نظيرا للمؤسسات الرسمية لا منظومة سياسية تعبر عن قوى داخل المجتمع.

تحديث بلا حداثة

الدولة ضد الأمة








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق