هناك إجماعاً بين المثقّفين العرب في تأييد واعتناق سياسات أنظمة الخليج، وفي تخوين كل من يعاديها وطرده من العروبة (أصبحت العروبة اسماً حركيّاً لسياسات الخليج التطبيعيّة، والمعارض لها يصبح إيرانيّاً فارسيّاً).
يكفي أن تقرأ عميد الليبراليّة العربيّة في جريدة «الشرق الأوسط»، حازم صاغيّة (الذي اختاره مشروع جورج سوروس مبكّراً كنموذج مُحتذى لنشر الليبراليّة في العالم العربي) وهو يقول إن «المصلحة القوميّة العليا» (في لبنان أو في أي بلد عربي) تعلو على حريّة التعبير (لكنه كان واضحاً في أن تحديد المصلحة القومية العليا في لبنان لا تعود لممثّليه المُنتخبين بل للحكم السعودي الذي يحدّد المصلحة القوميّة العليا» لكل بلد عربي). الذين سخروا من جمال عبد الناصر على مدى عقود- وفي صحافة أعدائه في الخليج- بسبب رفع شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» في زمن الصراع مع إسرائيل، وجدوا أن لا صوتَ يعلو على مصلحة النظام السعودي.
غالط حازم صاغيّة وصحبه عبد الناصر في جعله المعركة ضد إسرائيل أولويّة الأولويّات، فيما وجدوا أن مصلحة محمد بن سلمان هي المصلحة القومية العليا للبنان ولكل بلد عربي. كيف تحوّلت مواقف المثقّفين العرب في عقود معدودة من نقيض إلى نقيض؟
زار فيه أنور السادات فلسطين المحتلّة في عام 1977، لوجدتَ أسماء كتّاب حاليّين في صحف الخليج وهم يكيلون الشتائم المقذعة ضد السادات، فيما دعا صاغيّة إلى قتله. هل إن التحوّل هو عمليّة أيديولوجيّة محض
من معاداة أنظمة الخليج ودعم المقاومة إلى محاباة أنظمة الخليج ومعاداة المقاومة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق