صحيفة الدستور الاردنية 2019
Jul 15, 2021
د.حسان ابوعرقوب
أخطر آفات يعاني منها أي مجتمع على وجه الأرض، وهذا الثالوث يهدد أمن واستقرار البلاد والعباد، ويجعل من أي دولة نموذجا لدولة فاشلة لا ترى فيها الأمن أو الاستقرار، أو بصيص نور من المستقبل.
الفقر حيث الجوع والنقص والحاجة وضيق ذات اليد، حيث الحسد والحقد على الأثرياء، حيث يموت الإنسان لأنه لا يملك ثمن دواء أو يظل غير قادر على مواصلة دراسته بسبب الرسوم، الفقر يعني الألم وفقدان الأمل، كما يعني الجريمة والسرقة، والاغتصاب والقتل، وانعدام الأمن والأمان، لذلك لا نستغرب قول من قال: لو كان الفقر رجلا لقتله. أما الجهل فلا يعني الأمية فقط، بل يتعداه إلى الجهل بالثقافة ومقومات النهوض الحضاري، الجهل بوسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، الجهل بمعناه العام الذي يعني انعدام العلم بشتى العلوم والفنون. فأمة لا تقرأ ولا تعرف عن تاريخها شيئا ولم تخطط لمستقبلها، أمة جاهلة وإن غصّت بالجامعات والشهادات العليا، والجهل يعني الظلمة والظلام، ويعني الفقر والقهر.
وانتشار المرض في المجتمع من أخطر الآفات، فحفظ الأبدان من أهم مقاصد التشريع، وعندما تصبح الأبدان مهددة بالزوال فهذا يعني مصيبة لا بدّ من العمل على القضاء عليها. تنتشر الأمراض الجسدية في المجتمع بسبب نقص أو انعدام الثقافة الصحية حينا، وبسبب الإهمال والاستهتار بطعام وغذاء ودواء الناس في كثير من الأحيان. وهذا ما يجعل الأمة ضعيفة تنفق أموالها في العلاج، بدل أن تأخذ بأسباب الوقاية.
ومن أهم ما يترتب على وجود هذا الثالوث الخطير انهيار المجتمع والدولة وللخلاص تستدين الدول، لتغرق بعدها بالدّيون، ويصبح قرارها رهنا بيد غيرها، وتكون بلا حول ولا قوة.
هل مذاهبنا الفقهية تصلح لزماننا؟
فقه واقعي، ويعالج واقع الناس، فقولنا هذا مذهب الشافعي لا يعني جمودنا على ما قاله الشافعي فقط، بل يعني أننا نسير على ذات المنهج الذي وضعه في الاجتهاد والاستنباط.
بعض الأحكام الشرعية بنيت على العرف أو المصلحة، فعند تغيّر العرف أو المصلحة واختلافها من زمان إلى آخر لا ينكر تبدل الحكم تبعا لتبدل العرف أو المصلحة، ومثال ذلك: كان التقاضي في الزمن الماضي يتكون من درجة واحدة، وكان القاضي يجلس في المسجد ويقضي في كل شيء. أما الآن فهناك ثلاث درجات للتقاضي، ومحاكم مختصة، وسلك قضائي، وهذا بناء على المصلحة المتمثلة بتحقيق العدالة التي هي من أهم مقاصد الشرع، وعليه فإن الفقه الإسلامي يقبل مثل هذا التطور، ولا يختلف معه.
ثالثا- مسائل الناس تتعدد عبر العصور تبعا لحاجاتهم، وإن في المذاهب الفقهية من المرونة ما يجعلها تتقبل احتياجات كل عصر، فلا يعدم الفقيه حكما لما يستجد من مسائل معاصرة.
فرق بين الحرية والإباحية
كذلك للحرية حد تقف عنده وينبغي ألا تتعداه، أما من ينادي بالحرية المطلقة عن كل حد فهذا إما أنه يعيش في المثاليات ولم ينزل إلى أرض الواقع، أو أنه يعي أنه يسعى للفوضى والفساد في الأرض؛ لأن الشيء إذا جاوز حدّه انقلب إلى ضده. فالدواء الذي يكتب الله الشفاء عند وجوده، لو تناوله المريض بجرعات مضاعفة، سبب له مزيدا من المرض، ولم يكن سببا في الشفاء. وكذلك الحرية، هي دواء فيه شفاء لكثير من مشكلات المجتمع، أما إن تجاوزت قدرها صارت داء لا دواءً.
فريق من الناس يدعون إلى الحرية الجنسية، والعلاقات المفتوحة، بين الجنسين، في ظل وضع صعب يتعذر فيه على كثير من الشباب الزواج، وبحجة الحرية يرسمون الإباحية التي لا تقبلها الشرائع السماوية ولا الأعراف والتقاليد الأصيلة التي تربى مجتمعنا عليها. فبدل الدعوة إلى تيسير المهور، وترك الشروط التعجيزية، والحفلات المكلفة، والعمل على إيجاد ميثاق اجتماعي يسهل طرق الزواج، بدل هذه الأمور الممكنة والسهلة، تتم الدعوة إلى الإباحية باسم الحرية.
وفريق آخر يدعون الزوجات إلى إعلان حالة التمرد والعصيان في بيوتهن باسم الحرية أيضا، فللزوجة الحرية في الدخول والخروج كما تشاء، وليس من الضروري أن يعلم الزوج أين تذهب وعند من، وكانوا قديما يقولون: الزوج آخر من يعلم، أما الآن فالدعوة لعدم علمه أصلا، بدعوى أن هذا العلم والإخبار والاستئذان يتنافى مع حرية المرأة، ويقيدها، ويضع الأغلال في رقبتها. يريدونها (حرة) وكأنها تعيش وحدها ليس بينها وبين زوجها عقد يجمع بينهما، وكأنها ترفض حماية زوجها ورعايته، إنها دعاوى للخراب المستعجل للبيوت.
أنا مع الحرية إلى أوسع مدى، لكنني ضد الإباحية والانفلات والتحرر من أي قيد منظم لحرية الناس، لأن هذا الانفلات يساوي الفوضى، والرجوع إلى حياة الغاب.
* Sep 3, 2020
أعظم تهديد يواجه المجتمع ليست البطالة أو الفقر أو الفيروسات أو الحروب.. بل الجهل! #طالبان.
*
الثالوث المعادى لحلم النهضة المصرية، وهو ثالوث «زيادة السكان والمخدرات والأمية».. إن هذه الآفات الثلاث هى أكثر الآفات التى تمسك بخناق المواطن المصرى البسيط وتعوقه عن أن يؤدى دوره فى نهضة مجتمعه،
للآفات الثلاث جذورًا من تفسيرات دينية خاطئة ومتطرفة.. إننا للأسف لا نواجه أنفسنا بأن الزيادة السكانية التى تلتهم معدلات النمو الاقتصادى وتسابق القدرة على إنشاء المدارس هى أحد تجليات التدين السلفى الذى يأخذ بظاهر النص، ويسىء تفسير الحديث الشريف «تناسلوا تكاثروا فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة»، وهو بكل تأكيد يرتبط بمعنى القوة فى زمن الرسول الكريم وليس بمعناها حاليًا، حيث تقاس قوة الأمم بالإنجاز الاقتصادى والناتج القومى وليس بأى شىء آخر.. إننا فى هذه القضية كما فى غيرها ندفع ثمن عقود من انتشار التطرف وغياب دور الأزهر وانفلات الدعاة الإخوان والسلفيين، كما أننا بلا شك ندفع ثمن انتشار أفكار الفتنة الطائفية فى السبعينيات، حيث كان دعاة الفتنة يقنعون أبناء الشعب بأن عليهم أن يزيدوا من نسلهم حتى يحافظوا على التوازن مع الطرف الآخر.. لقد كانت هذه سنوات سوداء، عشت بعضها وأنا طفل صغير، ورغم أن ثورة ٣٠ يونيو أغلقت هذا الملف نهائيًا فإننا ما زلنا نعيش بعض آثاره وتداعياته السلبية، ولعلى هنا أعبر عن دهشتى من غياب حملة إعلامية وإعلانية جبارة تقودها الشركة المتحدة ويشارك فيها نجوم مصر ومشاهير الدعاة لإقناع الناس بأن قوتنا كمسلمين وكمصريين أيضًا فى تنظيم النسل وليس فى زيادته حتى لا نصبح «كثرة كغثاء السيل»، كما قال الحديث الشريف أيضًا، إن التفسير الخاطئ للدين واستخدام الإخوان وغيرها له هو عدونا الرئيسى فى هذه المعركة، وكما نعرف جميعًا فإنك لا يمكن أن تنتصر دون أن تحدد عدوك الرئيسى، أما الضلع الثانى فى مثلث أعداء الشعب المصرى فهو إدمان المخدرات بكل أنواعها، وهى عادة لها جذور تاريخية منذ زمن المماليك، حيث كان البعض يدخن المخدر المعروف بالحشيش الذى يصفه مؤرخو ذلك الزمان بـ«الحشيشة» لكن هذه العادة المرذولة كانت تنتشر بشكل مبالغ فيه، أحيانًا، وتتراجع أحيانًا فى شكل موجات ترتبط بالظروف السياسية والاقتصادية، حيث انتشر إدمان الكوكايين عقب احتلال الإنجليز مصر، واستطاع حكمدار العاصمة الإنجليزى راسل أن يقضى على هذه التجارة فى الربع الأول من القرن العشرين قضاء شبه كامل.. ثم عادت الموجة للارتفاع فى السبعينيات والثمانينيات وانبرت وسائل الإعلام فى الحديث عنها حتى علق الأديب الكبير يوسف إدريس على تلك المبالغة قائلًا بالغ الإعلام فى الحديث عن المخدرات حتى تخيلت أنها ستنزل من صنبور المياه إذا فتحته.. لكن الأيام أثبتت أن الإعلام لم يكن يبالغ، وأن تلك العادة المرذولة انتقلت من الطبقة الشعبية لشباب الطبقة الوسطى والشرائح العليا منها، وكان لذلك أسباب متعددة، منها تهميش الشباب، وغياب أى مشروع قومى يستوعب طاقتهم وسفر الآباء للعمل فى الخليج وتدفق الأموال على الأبناء دون رقابة،
وتحدث البعض عن استهداف بعض الدول المعادية للشباب المصرى، وكان فى الخلفية أيضًا ذلك التفسير الدينى الخاطئ الذى يقول إن الآيات التى تحرم الخمر لا تنسحب على المخدرات، وأن ذلك يجعل تعاطيها أمرًا ليس محرمًا، ورغم تهافت هذا التفسير فإنه وجد رواجًا لدى بعض ضعاف العقول، وللأسف الشديد فإن نسبة الإدمان لدينا هى ١٠٪ من مجموع المصريين، وهى ضعف نسبة الإدمان العالمية فى أى مجتمع والتى لا تزيد على ٥٪، وهو ما يعنى أن لدينا عشرة ملايين مصرى مبتلى بهذا الداء الخطير الذى يخرج صاحبه من سوق العمل ويجعله مصدر تهديد وألم لأسرته، وتتفاوت تقديرات ما ينفقه المجتمع على هذه التجارة المحرمة، وإن كانت النسبة تتراوح بين عشرة وخمسة عشر مليار جنيه سنويًا، ورغم جهود الدولة فى مكافحة الإدمان فإن هذه الآفة الثانية تحتاج لحملة قومية جبارة تترافق مع مشروع حياة كريمة الذى يجب أن يكون مشروعًا لنشر الوعى بين المصريين قبل أى شىء آخر.. أما الآفة الثالثة لدينا التى تخلص منها معظم مجتمعات العالم فهى الأمية، التى تصل نسبتها فى مصر إلى ٣٠٪ من المصريين، وما أقصده هنا هو أمية القراءة والكتابة، فإذا أضفنا إليها «أمية المتعلمين» و«أمية الحاسب الآلى» نجد أنفسنا أمام نسبة كبيرة بالفعل.. يلعب العامل الاقتصادى وعمالة الأطفال والتسرب من التعليم الابتدائى دورًا كبيرًا فى انتشار هذه الظاهرة التى تحد من فرص انتشال المصاب بها من هوة الفقر أو تحسين حياته، أو انتقاله إلى طبقة اجتماعية أفضل، ولا شك أن مشروع حياة كريمة هو فرصة مثالية لاستيعاب آلاف الشباب من الراغبين فى محو أمية المصريين، على أن تكون الأولوية للأميين ممن هم دون الخمسين أو الأربعين، وهو هدف يمكن أن يتبناه اتحاد شباب الجمهورية مع غيره من منظمات المجتمع المدنى، حتى يتجاور بناء البشر مع إبداع بناء الحجر، وحتى نصل ببلدنا إلى ما نحب ونتمنى جميعًا بإذن الله.
وائل لطفي ودعاة عصر السادات
Aug 7, 2021
*
يقول «عدس» وياكل الكافيار!
لا ألتفت إلى ما يردده الهاربون من مصر وكتائبهم الإلكترونية.. هؤلاء كائنات طفيلية لزجة تطفو على وجه وسائل التواصل.. كذبهم مفضوح، ودافعهم معروف، وأجرهم مدفوع.. لكننى أتوقف كثيرًا بالدهشة أو الاهتمام أمام ما يكتبه بعض المثقفين أو أساتذة الجامعات أو الخبراء ممن يعيشون بيننا، بعضهم يبدى القلق تجاه موضوعات بعينها، أنا أحترم كل من تدفعه المصلحة الوطنية أو حتى الرغبة فى المشاركة أو لفت الانتباه.. السمة الأساسية لما أقرأه هو غياب المعلومات والنظرة الواسعة للأمور،
تكرارًا للحديث عن القروض التى تمول بها مصر مشروعات التنمية، من يكتبون غالبًا ليسوا خبراء فى الاقتصاد، ولا أنا.. ولكنَّ هناك شيئًا اسمه «فقه الواقع».. القاعدة المجردة لا تصلح للحكم على واقع خاص، ما يصلح فى الأرجنتين لا يصلح فى مصر، والعكس صحيح.
لا بد من الاقتراض.. الآن حللنا أزمة الكهرباء ونصدر الفائض منها، وبالتالى المشروع سيسدد قرضه.. هذا مثال من عشرات الأمثلة..
*
Nov 9, 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق