الجمعة، 12 نوفمبر 2021

المستثمرون , خبراء المال , الذكاء الاصطناعي.

 لتحقيق الربح يجب أن تكون هناك خسارة

تتسابق شركات الاستثمار لبناء محركات تستخدم أدوات التعلم الآلي لتقديم المشورة للعملاء، وتوصي المنصات الخاصة بها بتقارير بحثية مخصصة وحلول وحتى تنبيهات للعملاء الباحثين عن الثراء، ولكن هل الذكاء الاصطناعي هو الإوزة التي تبيض ذهبا؟

 الذكاء الاصطناعي قدرته على أن يحل محل طيف كبير جدا من المهنيين، بدءا بالنادل وصولا إلى المحاسب والطبيب، بل وحتى المهن الإبداعية مثل الرسام والصحافي والموسيقي.

 يتنبأ بحركة الأسواق المالية، لحظة بلحظة؟ قد يبدو الأمر للوهلة الأولى جذابا، إلا أن برنامجا مثل هذا يعتبر كارثة ونهاية لأسواق المال.

مجرد سراب

حلم التنبؤ بحركة الأسعار رافق الإنسان منذ مئات السنين. ومعرفة ماذا سيحدث في المستقبل (التنجيم والعرافة) قد تكون أقدم مهنة في التاريخ.

ماذا لو تحول كل شيء نلمسه إلى ذهب كما في أسطورة "ميداس"؟ قد لا نموت جوعا ولكن حتما سيفقد الذهب قيمته

مئات الكتب، يزعم مؤلفوها أنهم وصلوا إلى معادلة لتحقيق الربح في أسواق المال والمضاربة بالأسهم، تكتب سنويا. والنتيجة دائما مخيبة لآمال الباحثين عن الثراء السريع.

لحسن الحظ أن استراتيجية مثل هذه هي مجرد سراب لا يمكن أن يتحقق. شرط وجود السوق هو أن يعادل عدد الرابحين عدد الخاسرين. لا شيء يأتي من عدم، ولا شيء ينتهي إلى عدم. هذه حقيقة علمية تنطبق أكثر ما تنطبق على الأسواق. لتحقيق الربح يجب أن تكون هناك خسارة.

ضل النتائج التي يمكن أن يحصل عليها أفضل المضاربين هي 50/50.

هذه الحقيقة لم تمنع الباحثين عن الثراء من الجري وراء مؤشر يدلهم على حركة الأسواق في الماضي، ولن تمنعهم من ذلك بعد “فورة الذكاء الاصطناعي” التي نشهدها اليوم.

 تحقيق مكاسب أكبر وخسائر أقل

الإجراءات الثلاثة المحتملة لتداول الأسهم، تشمل إجراء طويلا، أي شراء سهم وبيعه قبل إغلاق السوق، وإجراء قصيرا، أي بيع سهم ثم شراؤه مرة أخرى قبل إغلاق السوق، وإجراء التعليق، أي قرار عدم الاستثمار في سهم معين في ذلك اليوم.

دورة آلية لتحليل المؤشرات الناتجة من بيانات السوق الحالية والسابقة. وتعتمد نظم الشراء والاحتفاظ القديمة في قراراتها على تعلم الآلة، وهي نظم تعتمد كثيرا على التوقعات المبنية على الأداء المحقق في الماضي.

 تحليل طبقات البيانات الحالية التي تراكمت فوق البيانات السابقة، يتنبأ نظام الذكاء الاصطناعي الجديد بتوقعات السوق المستقبلية، ويحاكي بهذه الطريقة حدس المستثمرين المحنكين أكثر من العمل كنظام روبوتي.

تعديل طرائق البيع والشراء بناء على البيانات اللحظية وبيانات الماضي. وتزيد مراعاة العوامل الحالية من صحة القرار المترتب على كل من التخمين العشوائي وخوارزميات التداول غير القادرة على التعلم في الوقت الفعلي.

عامل العشوائية


وول ستريت.. أكبر أسواق المال

تنبأ النظام المقترح بوضع السوق في البداية بدقة تبلغ نحو 50 في المئة، وهي دقة تكفي لاتخاذ القرار في وضع واقعي. واكتشف الفريق أن النتائج قصيرة المدى كانت ضعيفة الأداء بصورة غير متوقعة، وترتب ذلك على ظهور عامل أطلق الفريق عليه “العشوائية”. وترتبت على هذا الفهم إضافة أسس وضوابط انتهى بها الأمر إلى استقرار المنهج المقترح إلى حد كبير.

الأسواق تتحكم بها العشوائية، وأكبر خطأ يمكن أن يرتكبه المضارب هو عدم تقبل الخسارة.

قلل من خسارتك، ودع أرباحك تنمو”.

 نبسط الأمور ونأخذ مثلا تشير فيه التنبؤات إلى أن أسعار أسهم شركة ما ستهبط بشكل حاد. فجأة يقرر مستثمر شراء حصة كبيرة من أسهم هذه الشركة، لتعكس الأسعار اتجاهها.

بالتأكيد اتباع نصيحة الذكاء الاصطناعي في هذا المثال سيكون مكلفا للغاية.

أمثلة أخرى كثيرة، صراعات وحروب وأعمال إرهابية تحدث فجأة لتعكس اتجاه الأسواق بشكل درامي. دعونا نتذكر أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكورونا منذ عامين فقط، وما تلاها من حالات انتحار.

الأسواق تتحكم بها عناصر عشوائية، إن أمكن التنبؤ ببعضها، حتما لا يمكن التنبؤ بمعظمها. وفائدة أي نظام مبني على الذكاء الاصطناعي تبقى محدودة بتجريدنا من المشاعر، التي تكون تأثيراتها سلبية في الغالب على القرارات التي نأخذها.

لا تعد التكنولوجيا التي تستخدمها نخبة المستثمرين جديدة حقا، إلا أن توظيف التكنولوجيا الحديثة أتاح للشركات المالية قدرة على تسخير قوة
الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وهذا لما تتمتع به أجهزة الكمبيوتر الحالية من قدرة كبيرة على معالجة المعلومات، إضافة إلى زيادة حجم البيانات عما كان عليه قبل سنوات.
استخدام التعلم الآلي ساعد المستشارين الماليين على الإجابة على السؤال الأكثر أهمية “ما الذي يفعله المستثمرون الآخرون بأموالهم؟”.

مساعدة الآلة في تقديم تنبؤات أسهل لحركة الأسهم والمؤشرات ومعرفة ما سيحدث في الثانية أو الدقيقة التالية”، لكن يجب ألا ننسى أن “ذكاء الأجهزة محدود بالبيانات التي تزود بها”.

التنبؤ بإفلاس الشركات


المنظومة الجديدة سوف تحل في المستقبل بدلا من الوسائل المعمول بها حاليا لتقييم أداء الشركات، مؤكدا أنها لا تركز فقط على إفلاس الشركات، بل يمكن استخدامها لتنفيذ مختلف أنواع التقييمات الاقتصادية.

هل يسرق الذكاء الاصطناعي وظيفة وارين بافيت ويحيله إلى طوابير البطالة؟ لا نحتاج إلى الانتظار طويلا لمعرفة الجواب. بالتأكيد لا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق