الخميس، 11 نوفمبر 2021

قوة السلفيين في المساجد وحظر التبرعات

الأوقاف المصرية: توجيه التبرعات النقدية في المساجد لتمويل مشاريع حكومية Nov 12, 2021

 جّه وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة، اليوم السبت، بإزالة كلّ صناديق التبرّعات من مساجد البلاد في مدّة أقصاها 10 أيام، تنفيذاً لقرار وزارة الأوقاف حظر جمع أيّ تبرعات أو مساعدات نقدية أو وضع صناديق للنذور في المساجد تحت أيّ مسمّى. وشدّد جمعة على أهمية "حوكمة" عملية التبرّعات العينية والنقدية في المساجد، استناداً إلى القرار الوزاري رقم 284 لسنة 2021، في شأن تنظيم قبول وحصر التبرّعات العينية، وتحقيق الشمول المالي في الدولة، وقصر التبرع فقط على حساب صندوق عمارة المساجد والأضرحة في البنك المركزي وحساب تبرعات البر وخدمة المجتمع.

مصر تجفف منابع قوة السلفيين في المساجد بحظر التبرعات


أدركت السلطات المصرية أنّ الخلاص من الفكر المتشدّد يستوجب سياسة حكيمة تقصقص أجنحة الإخوان والسلفيين على حدّ سواء، وتقف سدا منيعا أمام توغلهم في الشارع المصري واستغلالهم المساجد كغطاء شرعي لجمع التمويل وتقوية النفوذ الاقتصادي، فكلهم مستفيدون من جمع التبرعات وتوظيف العمل الخيري لمصالحهم السياسية الضيّقة. وفي المقابل يتم توجيه هذه التمويلات التي تبلغ التريليونات من الجنيهات إلى العمل التنموي الذي يساعد في تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية للبلاد.

 تجفيف منابع الدعم المالي التي كان يستثمرها السلفيون للنفاذ إلى قلب المجتمع في مصر.

عمرو هاشم ربيع: السيطرة على التبرعات ضربة لشريحة مهمة في جسم السلفيين

ويستحوذ السلفيون على النسبة الأكبر من أموال التبرعات التي تصل للمساجد، بمبالغ ضخمة، وغالبا ما يتم جمعها تحت مبررات كثيرة، بينها صيانة دور العبادة وشراء احتياجاتها، وتزويج أبناء البسطاء والتكفل برعاية المحتاجين وشراء الأغذية للفقراء.

وكانت صناديق التبرعات آخر حبال العلاقة بين السلفيين والمساجد بعدما أقصتهم وزارة الأوقاف من المشهد الدعوي، وحرمتهم من الإمامة والخطابة، وحظرت عليهم الاستئثار بتقديم الدروس الدينية لإصرارهم على تبني خطاب يحض على التطرف.

“حرب ضد إسلامية الدولة واستهداف للتكافل المجتمعي”.

 التوظيف المشبوه في تحقيق مكاسب سياسية من أيّ نوع، تحت غطاء ديني

المراقبون أن الحكومة تضع السلفيين مع الإخوان في خانة واحدة، باعتبار أن أهدافهم متقاربة، ويتطلب الخلاص من الفكر المتشدد سياسة حكيمة لتغلغلهم في الشارع المصري أكثر من الإخوان حاليا، لكونهم نجحوا في تكوين قواعد شعبية بالعمل الخيري والإمامة والخطابة.

فالسلفيون اعتادوا التركيز على البسطاء، وهم الشريحة الأكثر عددا في المجتمع، ليكونوا تحت أجنحتهم ويوظفونهم وقتما وكيفما يشاءون.

تحسين المستوى المعيشي للطبقات الدنيا، لأنها تعتقد أن السلفيين ينافسونها في ذلك لمآرب سياسية عبر زيادة قواعدهم الشعبية ليكونوا حصانة لهم ضد أيّ إقصاء نهائي مستقبلي، أو حمايتهم من أيّ استهداف قد يلحق بهم كما حصل مع الإخوان.

ولم تكن الحكومة غير مستريحة لوجود منافس لها في علاقتها مع البسطاء، وتعمل لتكون وحدها التي تقدم لهم يد العون كجزء من المسؤولية الواقعة عليها، بحيث تستطيع توظيف ذلك لاحقا في كونها نجحت في المهمة دون مساعدة من أيّ فصيل إسلامي، يمكن أن يطلب منها لاحقا مكافأة أو مزايا أو دفع فواتير سياسية.

الاستمرار في المشهد كقوة دينية فاعلة بحصانة شعبية من البسطاء تحت غطاء المساعدات والكفالة.

 الكثير من الدوائر السياسية أصبحت ممتعضة من استمرار السلفيين في تقديم أنفسهم قوة موازية للحكومة اجتماعيا، ولديهم الوفرة المالية لتحسين مستوى بسطاء تستهدفهم الحكومة بمشروعاتها، في تكرار لما كان يفعله الإخوان، وهي الزاوية الخطيرة التي عجلت بوزارة الأوقاف لتجفيف منابعهم.

ويصعب فصل حظر وزارة الأوقاف صناديق التبرعات بالمساجد ليكون بديلها حسابات بنكية، عن مساعي الحكومة لتحقيق أكبر استفادة من أموال العمل الخيري، ويظهر ذلك في سيل الفتاوى التي صارت تصدر من مؤسسات دينية مختلفة قريبة من الحكومة تدعو للتبرع للمشروعات التنموية ومبادرات تحسين أحوال الفقراء.

وقد تكون السيطرة على صناديق التبرعات بالمساجد مقدمة أو رسالة ضمنية بأن صندوق الزكاة والصدقات التابع لمؤسسة الأزهر ويجمع سنويا أموالا ضخمة ربما لن ينجو من المقصلة، لإدراك الحكومة أن قصقصة أجنحة أيّ جهة دينية وتحجيم نفوذها يُفترض أن يبدأ من الاستحواذ على الإمبراطورية الاقتصادية لها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق