الجمعة، 1 مارس 2019

معلومة النت

 إذا قامت مجموعة من الشباب بالبحث عن إحدى الشخصيات التاريخية المهمة؛ وليكن الإمام علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - فسوف يجدون عشرات الآلاف من المواقع تتحدث عن الإمام؛ ولكن المشكلة هنا من هو مصدر المعلومات؟ هل المصدر شيعي أم سني أم تنظيم "القاعدة" أم "داعش" أم "الخوارج" أم "الموساد" أم "جهاز الاستخبارات الأمريكي"؟

وبالتالي يحدث تضليل فكري لهؤلاء الشباب وتتنوع معلوماتهم ومعارفهم، وكما أن التنوع في مصادر التعليم والمعارف المختلفة بين الشباب لا يثري التجربة الثقافية في أي دولة؛ بل يساعد على الفرقة وشق الصف، ويضعف الانتماء الوطني؛   
لأن تشكيل وعي الشباب هو اختصاص الدولة وحدها.
فين الدولة دي

اعتادت الشعوب المستخدمة لشبكات الإنترنت على تخزين المعلومات والمراجع والكتب والصور والتي تعبر عن ذكرياتهم وتاريخهم وثقافاتهم بكافة أشكالها؛ ومنها النادر والتراث والتسجيلات الخاصة لرواد الفكر والأدب وعمالقة الغناء العربي؛ وكذلك بياناتهم الشخصية على برامج الإنترنت مثل: "جوجل والفيس بوك وتويتر واليوتيوب والآي كلود والواتس أب ... الخ"، وكلها مملوكة لشركات ودول أجنبية، ويمكن لتلك الدول أو الشركات التحكم المُتعمد في هذا الكم الهائل من المعلومات؛ سواء بالإضافة أو الحذف أو التحريف؛ لتشتيت الوعي وتشويهه ومحو حضارة وتاريخ وثقافة الأمم وتزييفها؛ حتى تصبح مسلوبة الإرادة وخاضعة للدول الكبرى دون هوية.

"الشعبوية"، واستخدام المعلومات الذائفة من خلال السُخرية السياسية أو الاجتماعية أو الكاريكاتير السياسي أو المعلومات المغلوطة الموجهة أو التضليل بالدعاية السياسية؛ ولذلك سعت العديد من الدول إلى امتلاك الأدوات التي تُمكنها من التحكم فيما يُنشر من معلومات، كما انتقل هذا الصراع الإلكتروني حتى أصبح داخل الدولة نفسها صراع بين النُظم الحاكمة وجماعات الضغط السياسي، أ

وبالتالي كان لذلك أثره السلبي على تشكيل وعي المواطن العربي فضلا عن حالة الإفلاس الفكري والمعرفي والثقافي التي وصل إليها هؤلاء المفكرون والأدباء العرب، وبالتالي انعكس ذلك على الإعلام والتعليم ومنابر الفكر والثقافة؛ حتى أنتج مجتمعًا مشوهًا ثقافيًا وأخلاقيًا وعلميًا لا توجد معايير أو ثوابت تحكمه .
وفي النهاية يجب علينا أن نؤكد أهمية التكنولوجيا الحديثة وأن نتعامل معها بما يخدم مصالحنا وتقدمنا؛ ولذلك يجب أن تكون حياتنا الحديثة ملائمة لمجدنا القديم، وأن ندمج الأصالة بالمعاصرة؛ 
كاتب المقال: متخصص في الأمن القومي والشئون الدولية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق