الخميس، 1 يوليو 2021

خواطر مستقبلية . الفردية *******

لقد أحكمت قوى السوق خناقها على الكوكب وأصبحت تعبيراً نهائياً لانتصار الفردية
ويؤمن البعض من علماء المستقبل بانتصار الديمقراطية الفائقة فى حوالى عام 2060، باعتبارها تكويناً أعلى لنظام الإنسانية وتعبيراً نهائياً عن القوة المحركة للتاريخ، التى هى الحرية والعدالة.وإذا كان التاريخ يتأسس على انتصار الحرية الفردية،

عبدالمحسن سلامة
علاء ثابت

من الحرب النووية إلى أباطرة المال الجدد..
خواطر مستقبلية
22 فبراير 2019

د. عواطف عبدالرحمن

قد يتقرر اليوم ما سيكون عليه العالم عام 2050، كما يجرى الإعداد لما سيكون عليه عام 2100. وبحسب النهج الذى سننهجه سيتحدد ما إذا كان أطفالنا وأحفادنا سيعيشون بعالم قابل للحياة أم سيعانون جحيماً مقيتاً. ولكى نترك لهم كوكبا يمكن الحياة فيه علينا أن نتحمل مشقة التفكير بالمستقبل، وأن نفهم ما مصادره وكيف نتعامل معه، وهذا أمر ميسور، فالتاريخ يخضع لقوانين تسمح بالتنبؤ به وتوجيهه.

لقد أحكمت قوى السوق خناقها على الكوكب وأصبحت تعبيراً نهائياً لانتصار الفردية، وهذه المسيرة المظفرة للمال تفسر لنا جوهر القفزات الفجائية الأخيرة للتاريخ، سواء كانت من أجل تسريعها، أو رفضها، أو التحكم فيها. وإذا ما تراجعت الإنسانية أمام الولوج إلى هذا المستقبل، وقامت بقطع الطريق على العولمة بالعنف قبل أن تتحرر من استلاباتها السابقة، فسوف تهوى فى حروب بربرية رجعية متعاقبة، وتخوض معارك مدمرة، مستخدمة الأسلحة المستبعد استخدامها اليوم، علاوة على اتساع سطوة الكيانات الإرهابية والقراصنة. بوسعنا إذن أن نقص حكاية الخمسين عاماً المقبلة، فقبل عام 2025 ستنتهى هيمنة الإمبراطورية الأمريكية، وهى الهيمنة العارضة فى التاريخ شأنها شأن كل سابقاتها: ومن ثم سنشهد إقلاع وانتهاء كل من الموجات الثلاث للمستقبل، الواحدة تلو الأخري: أى الإمبراطورية الفائقة، والصراع الفائق، والديمقراطية الفائقة، وهما بالأحرى موجتان قاتلتان، والثالثة مستحيلة.

بالطبع ستختلط هذه الموجات الثلاث للمستقبل معا؛ وهى الآن فى طور التجريب ويؤمن البعض من علماء المستقبل بانتصار الديمقراطية الفائقة فى حوالى عام 2060، باعتبارها تكويناً أعلى لنظام الإنسانية وتعبيراً نهائياً عن القوة المحركة للتاريخ، التى هى الحرية والعدالة.وإذا كان التاريخ يتأسس على انتصار الحرية الفردية، فإن هذه الغاية لن تجعله إذن قابلاً للتنبؤ. وهناك بعض الأمثلة للاقتناع بذلك.

فلو لم يحدث فى العالم 1914 أن أخطأ إرهابى هدفه فى سراييفو، لما كانت الحرب العالمية الأولى قد اندلعت، او لم تكن قد حدثت على أية حال بهذا الشكل. ولو أن هتلر لم يقم بغزو روسيا عام 1941 لكان بوسعه أن يموت فى سريره وهو بالسلطة ِشأنه شأن الجنرال فرانكو، ولو أن اليابان فى العام نفسه هاجمت روسيا بدلاً من الولايات المتحدة الأمريكية لما كانت هذه الأخيرة قد دخلت الحرب، ولما قامت بتحرير أوروبا، مثلما لم تعمل أبداً على تحرير إسبانيا أو بولندا، ولكانت فرنسا وإيطاليا وبقية أوروبا قد ظلت تحت الحذاء الهتلرى على الاقل حتى نهاية أعوام السبعينيات. وأخيراً، لو لم يمت يورى أندروبوف السكرتير العام للحزب الشيوعى السوفيتى عام 1984 على نحو سابق لآوانه. ولو أن من خلفه هو جريجوى رومانوف، كما كان متوقعاً، بدلاً من ميكائيل جورباتشوف، لربما ظل الاتحاد السوفيتى موجوداً حتى الآن

ولو لم يتحرك يوسف صديق قبل موعد الثورة ليلة 23يوليوعام 1952ونجاحه فى انقاذها لربما ظل ورثة محمد على يحكمون مصر حتى الآن.

من العبث أيضاً محاولة التنبؤ بالمستقبل
وهؤلاء الذين فكروا بعد ذلك فى مستقبل الأرض (من فلاسفة وفنانين وقضاة ثم حكماء وعلماء اقتصاد واجتماع وروائيين ومستقبليين) مازالوا يصفونه بعد، كإطالة ساذجة لحاضرهم الخاص.لقد تنبأ الجميع فى نهاية القرن السادس عشر بأن ظهور حروف الطباعة المتحركة فى أوروبا لن يعمل إلا على تقوية السلطتين المهيمنتين حينئذ، وهما الكنيسة والإمبراطورية؛ وكذلك الحال فى نهاية القرن الثامن عشر، إذ لم تر غالبية المحليين فى آلة البخار إلا ألعوبة للتلهى لن تعمل على تغيير شيء فى الطابع الزراعى للاقتصاد، وأيضاً فى نهاية القرن التاسع عشر لم يكن للكهرباء بالنسبة لغالبية المراقبين إلا مستقبل واحد التمكين من إضاءة الشوارع بشكل مختلف. وعلى نفس المنوال فى مستهل القرن العشرين، حين تنبأ البعض بظهور الغواصة والطائرة والسينما والراديو والتليفزيون، ولم يعتقد أحد، بما فى ذلك جول فيرن، بأن هذه المخترعات بإمكانها أن تقوم بتعديل النظام السياسى الذى كانت تهيمن عليه الإمبراطورية البريطانية. كذلك مع نهاية القرن الماضى تعامل الكثيرون أيضاً مع الحاسب الشخصى والإنترنت باعتبارهما عوارض قليلة الأهمية. ونادرون هم من تخيلوا حدوث الزواج المثلى. وأخيراً، بل مؤخراً هناك قلة من المحللين من تنبأوا بعودة الإسلام إلى مسرح التاريخ. واليوم أيضاً، نجد أن غالبية الوصفات عن المستقبل ليست سوى تقديرات استقرائية للتوجهات الحادثة بالفعل، فقليلون هم الذين يخاطرون بتنبؤات خارجة عن السياق، أو يعلنون عن مفارق طرق، أو انقلابات، أو تغييرات للنموذج السائد، خصوصاً على صعيد الأخلاق، والثقافة أو الإيديولوجيا، أو على الأقل يتوقعون اختلاجات إيديولوجية بوسعها أن تبطئ أو حتى تعترض هذه الانقطاعات العميقة.ومع ذلك، ففى نصف القرن القادم سوف يتغير كل شىء فى اتجاهات متعددة. وهذا أمر ظاهر الوضوح كما يرى بعض علماء المستقبل.سوف يبدأ كل شىء بانقلاب سكانى.

ففى عام 2050 سيصل تعداد سكان الأرض، إذا لم تحدث كارثة هائلة، الى تسعة مليارات ونصف المليار نسمة، أى بزيادة ثلاثة مليارات عن تعدادهم اليوم، كما سترتفع توقعات الأعمار بالنسبة للفرد فى البلدان الغنية بما يقارب المائة عام للفرد؛ وسوف تركد معدلات الولادة فى هذه البلدان إلى ما يقارب حدها الأدني؛ وبالنتيجة سوف تشيخ البشرية فى اوروبا.

 وسوف يعيش ثلثا سكان الكوكب بالمدن التى سيتضاعف عدد سكانها، وسيتوجب مضاعفة كمية الطاقة والمنتجات الزراعية الاستهلاكية، كما سيتضاعف عدد الأفراد فى سن العمل؛ وسيوجد ثلثا الأطفال المولودين فى ذلك العام بالبلدان الأكثر فقراً.ومن الوارد ايضاً أن تحدث انقلابات أخرى يمكن أيضاً التنبؤ بها ببعض التحديد،


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق