ثورة سيشهدها الذكاء الاصطناعي تقرّبه من البشر وتمنحه ملكة الخيال. ولكن، لماذا كل هذا الاحتفاء بالتخيل الاصطناعي؟ هل التخيل أهم من المعرفة؟
الثورة الصناعية الثالثة، أحدثتها الرقمنة والمعالِجات الدقيقة والإنترنت وبرمجة الآلات والشبكات، حدث ذلك في النصف الثاني من القرن العشرين.
لثورة الصناعية الرابعة، وهي التسمية التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا عام 2016 على الحلقة الأخيرة من سلسلة الثورات الصناعية، التي هي قيد الانطلاق حالياً. وانطلقت إثر الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة الصناعية الثالثة؛ شبكة الإنترنت، وطاقة المعالجة الهائلة، والقدرة على تخزين المعلومات، والإمكانات غير المحدودة للوصول إلى المعرفة.
مَلَكَةُ التخيل
هذه الإنجازات تفتح اليوم الأبواب أمام احتمالات لا محدودة من خلال الاختراقات الكبيرة لتكنولوجيات ناشئة شاهدناها في مجال الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، مكنت من نسخ بعض سمات الذكاء البشري وبرمجته في الآلة، مثل التعلم وحل المشكلات. وهو ما يقوم الخبراء بتطويره منذ عام 1956. حيث تكللت الجهود البشرية بتصميم أنظمة ذكية تفكر مثل البشر (شبكات عصبية اصطناعية)، وتتصرف مثلهم (الروبوتات)، وتمتلك خبراتهم (أنظمة خبيرة)، بل وتتصرف أيضا بعقلانية
رحلة الإنسان مع الذكاء الاصطناعي لن تكتمل إلا مع امتلاك الروبوتات القدرة على التخيّل. وهذا ما حدث مؤخرا، بإعلان فريق علمي عن تحقيق اختراق مكنهم من إضافة قوة أخرى للذكاء الاصطناعي، منحته ملكة التخيّل.
دعونا نفرّق بين رؤيتنا للأشياء وبين تخيلها. رؤية الشيء تمكننا، مثلا، من التمييز بين أنواع الكائنات وأشكالها وألوانها أي بين ما هو موجود فعليا. بينما في عملية التخيل يتم تنشيط الخلايا العصبية في دماغنا لتوليد اختلافات لونية لجسم معروف؛ يمكننا من تصور شكل جديد؛ أو أفكار جديدة. الصورة التي نشكلها في عقلنا لقط برتقالي اللون هي نوع من الخيال.
اعتمدت الشبكات العصبية العميقة وأنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدمًا على خوارزميات لا يمكنها التعامل مع المعلومات الذاتية، مثل تلك التي نستخدمها عندما نتخيل قطا ملونا.
التخيّل، الذي بلغ أقصاه عند البشر بظهور السريالية، في الأدب والفن، لا يقتصر على الصور والألوان، بل هو عملية إبداعية فائقة التعقيد تسمح بتمثل الأشياء والأحاسيس والأفكار في العقل دون أن يكون لها دائمًا ارتباط في الواقع. إنها عملية معرفية معقدة تسمح لنا بالتفكير ومن ثم التنبؤ في الاحتمالات. على سبيل المثال، يمكننا تخيل العواقب المحتملة لقرار يتعين علينا اتخاذه.
أينشتاين عام 1929 إن “الخيال أكثر أهمية من المعرفة”. لكن أينشتاين لم يتخيل حتما أن الذكاء الاصطناعي يمكنه أيضًا تحقيق هذا الإنجاز، كما هو حال العقل البشري.
المعرفة محدودة ومقتصرة على معلومات مخزنة مسبقا، فإن الخيال لا حدود له، ويمكن أن يشمل أيّ شيء، وهو الأساس لكل الفرضيات العلمية. وهو أيضا الأساس للمنطق.
ما كان للعالم أن يكون على ما هو عليه لولا الخيال. أليس الخيال هو ما دفع ماجلان وكريستوفر كولومبس على القيام برحلاتهما التي مهدت لاكتشاف العالم؟
استخدام أنظمة تستنبط البيانات، تمكّن الباحثون من تصور كائن وتغيير سماته في عملية مماثلة للخيال البشري. وقال جي يونهاو، من فريق البحث وطالب الدكتوراه في علوم الكمبيوتر في جامعة جنوب كاليفورنيا “لقد ألهمتنا قدرات التعميم البصري محاولة محاكاة الخيال البشري في الآلات”.
“يمكن للبشر فصل معارفهم المكتسبة عن طريق السمات، على سبيل المثال الشكل، الوضعية، الموضع واللون، ثم إعادة تجميع هذه العناصر لتخيل كائن جديد. تحاول ورقتنا محاكاة هذه العملية باستخدام الشبكات العصبية”.
“فك التشابك”. وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إلقاء نظرة على بعض الصور النموذجية للكرسي، وفهم السمات الأساسية لتلك الكراسي، واستخدام هذه المعرفة لإنشاء كراس جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق