الجمعة، 23 يوليو 2021

الصراع بين الرؤساء الثلاثة في تونس . ميّة الكسوري: إسلاميو تونس يؤسسون لفاشية جديدة

Jan 29, 2021

(رئيس الدولة قيس سعيد، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي)، الذي وصل إلى مستوى خطير بات يهدد بأزمة دستورية حادة.

وتزداد تلك العناوين خطورة مع مؤشرات الانهيار الاقتصادي، الذي ترافق مع انفجار اجتماعي مُتصاعد، عمقته تداعيات جائحة كورونا، وحالة الارتباك الناتجة عن الانقسام السياسي الذي تحول مع الوقت إلى اضطراب اجتماعي تم فيه استحضار العديد من القضايا التي كان يُعتقد أن الدولة الوطنية قد حسمتها خلال الستين عاما التي تلت استقلال البلاد.

*

May 6, 2021

تقول ميّة الكسوري “للأسف في تونس عُدنا إلى فترة ما قبل الدولة، وهذا ترسخ بعد الثورة من ممارسات الإخوان (النهضة)، هم يجسدون الفكر القبلي، فكر ما قبل الدولة، الفكر الريعي، لقد هدموا الدولة (..) ومنذ البداية كما تابعنا دخلوا يتحدثون عن الدولة العميقة، ما هي الدولة العميقة؟ هي الدولة المهيكلة منذ عهد الزعيم الحبيب بورقيبة (أول رئيس لتونس)، هم ببساطة ضد كل مقاربة عقلانية للدولة”.

وتحكُم حركة النهضة الإسلامية تونس منذ قيام انتفاضة 14 يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ويُحملها جزء كبير من التونسيين مسؤولية تأزم الأوضاع الاقتصادية حيث ترزح البلاد تحت وطأة أزمة غير مسبوقة ما جعل شبح الإفلاس يخيم عليها منذ فترة.

عادة ما تُسارع حركة النهضة إلى اتهام خصومها ومنتقديها بمحاولة تقويض الانتقال الديمقراطي بل وصل الأمر مؤخرا برئيس البرلمان الذي يرأس النهضة أيضًا راشد الغنوشي إلى تكثيف تحركاته الخارجية لاستمالة مواقف دولية داعمة له في مواجهة الرئيس سعيد الذي خاض معه صراعا مريرا حول الصلاحيات منذ وصوله إلى الرئاسة.

وترى ميّة الكسوري أن “مسألة الانتقال الديمقراطي أكبر كذبة عاشها التونسيون، وهي مصطلح يستعمله هؤلاء الذين أتوا بعد 2011 لتبرير فشلهم (..) كان أول عمل قام به هؤلاء منذ تسلمهم الحكم هو تدمير المؤسسات على غرار القضاء الذي تم اختراقه ورأينا وزير النهضة نورالدين البحيري كيف أطرد قضاة تم إنصافهم مؤخرا. فهل يمكن القيام بانتقال ديمقراطي بقضاء مريض ومخترق؟ ورأينا ما حدث بين قاضيين (الطيب راشد وبشير العكرمي وهما قاضيان نشبت بينهما خلافات عميقة كشفت عن حقائق مدوية دون أن تُتخذ في حقهما إجراءات إلى الآن). الإخوان يُعيدون إنتاج قميص عثمان فقط، تعلموا 4 أو 5 مصطلحات مثل حقوق الإنسان والانتقال الديمقراطي في دورات تكوينية في أميركا يُعيدونها على التونسيين وهم لا يدركون معناها ولا يؤمنون بها أصلا”.

 تؤمن أن الإسلام السياسي هو سرطان، هو أكبر خطر يواجه دولنا، بالدليل لا يوجد أيّ بلد حكم فيه هؤلاء ونجح”.

ما أريد التكلم عنه هو نوع آخر من الحمقى المفيدين، يختلف فقط في كونه لم يصدق دعاية الطرف المستفيد من حماقته، بل صدق كذبه ألفها هو بنفسه ووجدها الطرف المستفيد أداة رائعة لتحقيق أهدافه.
من أتكلم عنهم طبعاً هم أتباع الإسلام السياسي بأطيافه المختلفة بدءاً من "المعتدلين" منهم كالإخوان المسلمين أصحاب "الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية" (الحق يقال أنني شديد الإعجاب بمن اخترع هذا المصطلح)، وانتهاء بالمهووسين السلفيين من حاملي السواطير الذين لا يجدون غضاضة في الدعوة للغزو والسبي وفرض الجزية وإرجاع زمن الخلافة ويا غلام اضرب عنق عدو الله.

الطرف المستفيد حالياً بالطبع هو حكومة الولايات المتحدة والمصالح التي تمثلها: مصالح النفط والمال وصناعة الأسلحة وبالطبع إسرائيل، وأقول حكومة وليس الولايات المتحدة نفسها لأن المواطن الأمريكي العادي لربما كان متضرراً من السياسات التي تتبعها حكومته،

بدأت القصة عملياً في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، أيام دخول المشاريع العلمانية والاشتراكية في الدول ذات الأغلبية الإسلامية في مرحلة الاحتضار والإفلاس وصعود التيار الإسلامي ليملأ الفراغ الإيديولوجي الذي أخلته. تجلى ذلك بأوضح الأشكال في انهيار حكم الشاه في 1979 ليحل الخميني محله وانقلاب السادات في مصر على الإرث الاشتراكي لعبد الناصر ودعمه للتيارات الدينية لمحاربة هذا الإرث وتمرد جهيمان العتيبي في مكة والتراجع عن أغلب المكتسبات المدنية في السعودية الذي تلاه لصالح أشد أنواع السلفية تزمتاً وكان هذا ثمن دعم رجال الدين الوهابيين في سحق التمرد. ثم أتى التدخل السوفياتي في أفغانستان عام 1980 وكان أول استخدام للحمقى المفيدين من قبل أمريكا وتكلل بنجاح منقطع النظير بعد ذلك بثمان سنوات بخروج الاتحاد السوفياتي المذل من أفغانستان.

واستطردت “لكن المشكل أنه في كل مرة يتم مد طوق النجاة للإسلاميين من قبل البُله المفيدين وهي الكلمة التي استعملها لينين في الواقع. الإسلاميون يتحايلون بقميص عثمان والآخرون يحصل لهم ارتجاج معرفي مثلا كيساري قاعدي يتابع الإعدامات الأخيرة في مصر، فكلنا ضد الإعدام لكن عندما تجد تنديدا من قبل الإخوان يجب أن تفكر قبل أن تتخذ موقفا، لا يمكن أن أسمح بأن أكون جنديا في صفهم”.

توضح الكسوري “النهضة نددت بالانقلاب في مصر لكن أكبر انقلابيين هم الإخوان، الغنوشي نفسه ساند وأيّد حسن الترابي وقدم له إهداء في كتابه واعتبره مفكرا من مفكري الأمة وهو أكبر انقلابي عرفه السودان. ثم هل هم ضد الإعدام، كل مرة في تونس نفتح هذا الملف وأكثر طرف يكون ضد إلغاء حكم الإعدام هم الإسلاميون ويقولون من قَتَل يُقتل، هم يدعون أنهم ضد العديد من الأنظمة ومنها النظام المصري بتعلة أنها مطبعة أيضًا وهم في الواقع أكبر المطبعين”.

أضافت الكسوري “ثم هم يتحدثون مثلا عن عبير موسي (رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض) على أنها فاشية، هم أكثر حزب يؤسس للفاشية ويمثل الفاشية، فكر الإسلام السياسي هو فكر فاشي لأن الأخير هو الذي لا يقبل بمناقشة الفكرة الأصلية ويعتبر أن لديه الخلاص، هم استولوا على مشترك للشعب التونسي وهو الإسلام” موضحة “عندما يأتي حزب سياسي ويسطو على دين من الأديان يصبح هذا الحزب غير خاضع للنسبية التي تخضع لها بقية الأحزاب التي تتبنى أفكارا دنيوية من الممكن تطويرها أو تغييرها، فكرهم لا يتغير لأنه يتعلق بدين، فإذا أتيت بفكرة مختلفة تُصبح تتحرك في نطاق الكفر لأن فكرته لا تحتمل النقاش، هنا هم الفاشيون وليس غيرهم”.

ترى أن الدستوري الحر الوحيد الذي يُحارب النهضة في تونس منذ 2011 قائلة “كل ما يتم الترويج له كذب في تونس، لم يتغير شيء، لا توجد حرية تعبير والمحسوبية تفاقمت ورأينا كيف يوزعون التلاقيح بين جماعتهم، هم كالسرطان والجراد الذي جاء إلى البلاد، إذن اليوم العدو واضح هو النهضة والحزب الوحيد الذي يُحاربهم هو الدستوري ولا أحد يستطيع أن يُنكر ذلك، الدستوري يقوم بالفعل السياسي عكس الآخرين”.

تقول المحامية والروائية التونسية إن “حلم الدولة العلمانية يبقى قائما، ويبقى تحقيقه رهين تغير المعادلة السياسية في الاستحقاقات المقبلة، حجم الإخوان في المجتمع التونسي الحقيقي بين 10 و15 في المئة، إذن يصبحون هم معارضة وتتغير المعادلة السياسية ومن الممكن أن نخرج من هذا الجدل وأنا لا أحبذ كثيرا في الواقع مصطلح الدولة العلمانية بقدر ما أحبذ مصطلح الدولة العقلانية: الدولة هي عقلنة العلاقات بين الأفراد والمجموعات، يجب أن يكون القانون فوق الجميع وأن يخضع الجميع للمحاسبة”.

 الصراع في الجامعة بين التيار اليساري والإسلاميين وضد السلطة وقضايا المرأة بمختلف تمظهراتها.

تابعت الكسوري “كيف وُلد اليسار في تونس؟ اليسار نخبوي وبقي نخبويا حيث نشأ من المتخرجين من المحامين وغيرهم، استوردوا الفكرة اليسارية دون أن يكون عندها وجود واقعي داخل العالم العمالي، ليس لديها أيّ عمق شعبي وسط العمال، نجح اليسار في فتر ما مثلا في السبعينات لأسباب خارجية أصلا تتعلق مثلا بوجود الاتحاد السوفياتي حيث كانت الكتب تأتي مجانا من الصين وغيرها وهو ما أدى إلى انتعاشة ذلك الفكر نوعا ما لكن لم يترسخ، اليوم الطبقة العمالية مثلا تصوّت للإخوان رغم أنها ليبرالية الطرح الاقتصادي”.

اليسار قدم الكثير للبشرية، فكل امتيازات الطبقة العمالية هي نتاج لتضحيات من اليسار، كذلك الحريات الفردية أيضا وغيرها من المكتسبات، لكن اليسار التونسي بقي عاطفيا وله قراءات خاطئة”.

*

May 6, 2021

“حركة الإخوان المسلمين تتغذى من حالة الدمار التي تحدثها في البلدان الخاضعة لحكمها ولكم في السودان وليبيا والصومال وغيرها أبرز مثال، يجب وضع حد لهذه الطبقة السياسية وفي مقدمتها النهضة”.

رحيل الطبقة السياسية الحالية، لكن سرعان ما يتم احتواء تلك الاحتجاجات على وقع شبه قطيعة بين الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان) بسبب الصلاحيات وغيرها.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق