أودت هجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001 بحياة نحو 3 آلاف شخص. وفي الشهر التالي شن الجيش الأمريكي عمليات عسكرية في أفغانستان وبدأت "الحرب على الإرهاب".
وسائل الإعلام صورت مجتمعات المسلمين والمهاجرين على أنها " تمثل تهديداً على جوهر الثقافة والقومية والهوية البريطانية".
الكاتب له موقع هشام جعفر
عام 1979 حاسم لظهور الهوس بالإسلام؛ فقد كان مصيريًا لمستقبل العلاقات بين الشرق الأوسط والغرب. تغيرت نقاط التحول مثل الثورة الإسلامية في إيران، وحصار المسجد الحرام في مكة، والغزو السوفياتي لأفغانستان. كما مهدت هذه التطورات الإقليمية الطريق لنموذج جديد في العلاقات بين الغرب والإسلام قبل الكثير من الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001 التي حولت مقولة صدام الحضارات إلى نبوءة تثبت نفسها.
موجة من القومية الغاضبة ضد الإسلام "يلتقي فيه صراع الحضارات بالموجة الجديدة من الشعبوية الوطنية" فلقد شكلت الأحزاب الشعبوية، المعادية للأجانب، واليمين المسيحي، والقوميين الرجعيين، تحالفًا غير مقدس ضد الإسلام؛ وهم معا يشكلون نوعًا قويًا من القومية الدينية البارزة بشكل مقلق، وهذا يعني أن أوروبا الغربية والولايات المتحدة كانتا معرضتين بشدة لقوة الشعبوية القومية والدينية، وأن الغرب لم يعد محصنًا من ذلك النوع من القومية الغاضبة التي تعيد ذكريات الفاشية غير البعيدة.
فاليمين لم يعد يستهدف الشيوعية واليسار لم يعد يدافع عن الاشتراكية، وبدلاً من ذلك، تهيمن الحروب الثقافية على السياسة، ويصبح الصدام بين القيم الغربية والإسلام هو الموضوع المفضل للقوميين المتدينين.
لصدام الحضارات بين الإسلام والغرب جذور ثقافية أعمق وصدى شعبي أكبر من الصدام بين الرأسمالية والشيوعية؛ فالطبيعة البدائية للهوية غالبًا عضوية ومحفزة أكثر من الطبيعة المبنية والمفروضة للأيديولوجيا، خاصة في حالة الشيوعية. بعبارة أخرى، شيطنة الإسلام أكثر خطورة من شيطنة الشيوعية.
أدى "الركود الكبير" في أعقاب الأزمة المالية العالمية لعام 2008 إلى تفاقم الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء، ولا تزال أوروبا والولايات المتحدة تتأقلم مع التداعيات الاجتماعية والسياسية لأسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد العظيم، كما أصبحت الانتصارات الانتخابية الشعبوية ممكنة إلى حد كبير بفضل شيطنة الأعداء السياسيين، فالتضامن الجماعي يتطلب دائمًا سردية "نحن" مقابل "هم".
كما تزدهر الشعوبية وسياسة الهوية في سياق المعلومات المضللة؛ حيث لم تعد هناك حقائق يمكن التحقق منها. بيئة المعلومات المتنازع عليها -ولا سيما الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي- تمهد الطريق لإثارة الخوف والاستقطاب السياسي، وهناك ضغط هائل من أجل ظهور صورة أبسط للخير والشر في أوقات استقطاب الهوية.
يعتبر القومية الدينية ومسألة الحكم هما المحددان الأساسيان المفسران لتطورات المنطقة من خلال دراسته 3 حالات هي تركيا الحديثة، الصراع السني الشيعي، وأخيرا صعود داعش.
ويدعم نموذجه التفسيري؛ الذي ينتقل به من الثقافي إلى السياسي أو بالأحرى إدراك الثقافي علي أرضية السياسي- بعدد من الأسس المنهاجية أهمها:
- الفصل بين النص المقدس والخطابات الإسلامية: فالإسلام، مثل معظم الأديان، مفتوح للتأويل، ويمكن استخدامه لتبرير السلام والتسامح والتعايش، أو في ظل ظروف مختلفة، يمكن تعبئتها لشن الحرب. إن التعامل مع الإسلام كدين استثنائي يقاوم "دائمًا" السلام والديمقراطية والحداثة والعلمانية، يغذي الحتمية الثقافية والدينية، كما أنه من العبث القول إن الإسلام سيعزز دائمًا العدل والسلام والمساواة. إن مثل هذه التعميمات الكاسحة تقع في قلب المغالطة الجوهرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق