تشومسكي يفسر ذلك في البناء على نموذج الدعاية للتواصل. بأن وسائل الإعلام الأميركية تسمح بالمناقشة الحماسية والنقد والمعارضة، طالما بقيت ضمن نظام الافتراضات والمبادئ التي تشكل إجماع النخبة، وهو نظام قوي للغاية بحيث يمكن استيعابه إلى حد كبير دون وعي.
"إن وسائل الإعلام هي جهات فاعلة تمارس سلطة على الخطاب" الأمر الذي يستحضر صورة معينة متعلق بطريقة أسود، أبيض، صحيح، خاطئ، مستقل، خاضع، خدمة سياسية مدفوعة الأجر، حرية تبادل المعلومات مع الجمهور.
وتحضر مع كل هذا الكلام الشركات والأحزاب والقوى السياسية والحكومات التي تسيطر على وسائل الإعلام.
مصطلح "وسائل الإعلام السائدة" يبقى مفيدا طالما أن الصحافة تعاني من مشكلة الاتفاق على مضمون الأخبار، بوجود أشخاص بأهداف ومواقف يمتلكون سلطة القرار، حتى الصحافيين لا يمكن لهم أن يصنعوا خطابا موحدا جامعا للرأي العام.
قناة الجزيرة القطرية، وإن كانت الأكثر مشاهدة. ففي يوم ما كان الانطباع السائد أنها من صنعت ثورات الربيع العربي، لكنها اليوم وبكل تأثيرها تقف عاجزة خلف رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي الذي أطيح به، بعد قرارات الرئيس قيس سعيد بتجميد البرلمان وإقالة الحكومة.
التباس مصطلح "وسائل الإعلام السائدة" إلى نظام المعلومات الفوضوي الذي نحن فيه. فتدفق المعلومات اليوم يفوق حاجة وقدرة البشر على الاستقبال.
اليوم تستخدم قنوات إخبارية عربية ممولة من قبل الحكومات الخليجية، ذريعة أنها وسائل إعلام رئيسية والأكثر مشاهدة لتبرير تجاوزاتها. وحقيقة الأمر - لسوء حظ الجوهر المثالي للصحافة والجمهور - أن مثل هذا الواقع موجود في الولايات المتحدة ودول ديمقراطية عندما يتعلق الحال بقنوات إخبارية كبرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق