الأحد، 18 يوليو 2021

الشركات *****

Nov 12, 2019

الشركة القابضة هي شركة مساهمة مالية ينحصر نشاطها في تملك حصص من رأسمال شركات أخرى تعمل في قطاعات الاقتصاد المختلفة، على أن تبلغ هذه الحصص القدر الكافي من أجل السيطرة على الشركات التابعة عبر التحكم في مجالس إدارتها وتحديد توجهاتها الكبرى.

وتُدير معظم الشركات المتعددة الجنسية (الشركات الأم) فروعها الدولية والشركات التابعة لها في العالم من خلال شركات قابضة إقليمية (في الغالب)، تتحكم في الشركات العاملة في منطقة معينة وتقوم على إدارتها المالية وتنسيق عملياتها.

لماهية
يقتصر نشاط الشركات القابضة على الجوانب المالية

 ولا تقوم بأي نشاط إنتاجي فلاحي أو صناعي أو خدمي بشكل مباشر (على خلاف المجموعات)، ويُخصص رأسمالها بشكل كامل للمساهمة في رساميل شركات إنتاجية أخرى، من خلال شراء أسهم أو حصص في هذه الشركات. لكن في المقابل، لا يحق قانونيا للشركات التابعة أن تتملك جزءا من رأسمال الشركة القابضة.

وتمارس الشركة القابضة سيطرة إدارية ومالية على الشركات التابعة لها، وإن كانت هذه الشركات تظل تتمتع باستقلاليتها من الناحية القانونية. وتحتكر الشركة القابضة سلطة اتخاذ القرارات الإستراتيجية وتحديد التوجهات الكبرى لشركاتها التابعة، بينما تترك القرارات ذات الصبغة التنفيذية أو الإجرائية لمجالس إدارة هذه الشركات

 بطرق تمويل استثماراتها (اللجوء إلى القروض المصرفية أم إلى سوق الأوراق المالية) أو كيفية توزيع الأرباح (ما مقدار الاحتياطي الذي تحتفظ به الشركة ولا يتم توزيعه) أو توظيف فوائض الخزينة إذا وجدت (إيداعها في حسابات مصرفية مقابل فوائد أم تشغيلها في البورصة).

الدور
تلعب الشركات القابضة دورا محوريا في الحياة الاقتصادية للبلدان التي تعرف وجود مثل هذه الشركات، بالنظر إلى إمكانياتها الاستثمارية الهائلة، والتي ترجع إلى قدرتها على تعبئة مقادير ضخمة من الأموال وتوظيفها في مشاريع كبرى تتطلب رؤوس أموال كبيرة (المشاريع الصناعية ومشاريع البنية التحتية نموذجا).بلدانها الأصلية.

تساهم الشركات القابضة بهذا الشكل في تعميق عملية الاندماج أو التكامل الاقتصادي العالمي وتشبيك المصالح بين بلدان بعيدة جغرافيا.

ونظرا لقوتها الاقتصادية، فقد اكتسبت الشركات القابضة وزنا سياسيا مهما على صعيد بلدانها، بل حتى على مستوى العالم بالنسبة للشركات القابضة العالمية، مما جعلها مؤهلة للتأثير في صناعة القرار السياسي الوطني والدولي بالشكل الذي يراعي حماية مصالحها ويوافق أهدافها.

واحتلت الشركة المصرية "غلوبال تيليكوم" القابضة (مجال الاتصالات) المرتبة 85 بإجمالي أصول وصل إلى 4.7 مليارات دولار وقيمة سوقية فاقت 1.8 مليار دولار، تبعتها الشركة الإماراتية "أرابتك" القابضة (مجال العقارات والإنشاءات) في المرتبة 90، وبلغ إجمالي أصولها 3.5 مليارات دولار كما تجاوزت قيمتها السوقية 2.2 مليار دولار.

أكبر 10 شركات قيمة سوقية فى العالم

أكبر الشركات في العالم هي شركاتٌ أمريكية

إنَّ أكبر عشرِ شركاتٍ على مستوى العالم هي شركاتٌ أمريكية؛ وذلك وفقًا لقيمتها السوقية. ويُشير مصطلح القيمة السوقية إلى قيمة الشركة استنادًا إلى القيمة الإجمالية لكافة أسهمها المتداولة بالسوق.
في حين أن المراكز الرئيسة لهذه الشركات هي في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن لا يقتصر عملها على السوق الأمريكية فقط؛ فهي تنتشر في كل أرجاء العالم ونشاطها يأخذ منحىً دوليًّا.

إن معظم هذه الشركات مصنفة ضمن (mega cap) الذي يُشير إلى الشركات التي تتجاوز قيمتُها السوقية الـ 300 مليار دولار.

تُعدُّ نصف الشركات العشرة الكبرى Global Titans من شركات التكنولوجيا. في حين تعمل اثنتان منها في المجال المالي، وتعمل شركتان أيضًا في مجال خدمة الزبائن، وواحدة في مجال الطاقة.

وقبل التعمُّق في هذه النقطة؛ إليك قائمة الشركات العشرة الكبرى global titans (حُدِّدت القيم السوقية استنادًا إلى Google Finance كما في تاريخ 02/02/2019):

1. APPLE:
كانت الشركة ذات القيمة السوقية الأعلى في العالم؛ إذ نجحت في تخطِّي حاجز التريليون دولار في 02/08/201، ولكنها انخفضت منذ ذلك الحين بسبب المبيعات المتعثِّرة؛ إذ تبلغ قيمتها السوقية الآن 785.19 مليار دولار، ولكن لا تزال خدمات App Store تجني مليارات الدولارات.
في مرحلةٍ ما واجهت الشركة الإفلاس تقريبًا، ولكنها تطورت اليوم وأصبحت أحد عمالقة التكنولوجيا منذ تأسيسها عام 1976.

2.(Alphabet (GOOGLE:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 722.77 مليار دولار.
أُنشِئت شركة Alphabet في الشهر الثامن عام 2015؛ وذلك لفصل نشاط غوغل الرئيس في البحث عن مجموعة من المشاريع الجديدة وتسويقها، وهي التي قد تحمل مخاطرَ أكبرَ على المدى البعيد. من هذه المشاريع مشروع ventures as Verily الذي يعمل في مجال العدسات اللاصقة المستشعرة للجلوكوز، ومشروع Calico الذي يُركِّز على التكنولوجيا الحيوية، ومشروع السيارات دون سائق، ومختبر غوغل السري Google X، إضافة إلى وحداتٍ استثماريةٍ هي Capital G وGV. وقد نمت غوغل على نحو كبير منذ عام 2004.

3. (Microsoft (MSFT:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 788.55 مليار دولار.
كانت شركة مايكروسوفت الشركة الأكبر في العالم في مطلع الألفية الجديدة، ولا تزال تُحافظ على وجود دائم ضمن كبرى الشركات global titans؛ إذ تواصل هذه الشركة البرمجية السعي لتحقيقِ انتقالٍ ناجحٍ من منتجاتها التقليدية التي تُشتَرى وتُثبَّت على أجهزة العملاء إلى المنتجات والخدمات السحابية مثل خدمة Azura وOffice 365، إضافة إلى منتجاتها الجديدة التي تلوح في الأفق المتضمنة نسخة جديدة من Windows 12، ونسخة Office 2019.

4. (Amazon (AMZN:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 795.18 مليار دولار.
وصلت قيمة أسهم أمازون إلى 2000$ للسهم الواحد في الشهر الثامن عام 2018 أول مرة في تاريخها؛ إذ شهدت أسهم الشركة ارتفاعًا هائلًا بدعمٍ من السوق الصاعدة الحالية، فارتفعت أكثر من ستة أضعاف منذ عام 2009.
وبعد فترة وجيزة من ذلك؛ رفع محلِّلو Morgan Stanley سعرَ سهم أمازون المستهدف في غضون 12 شهرًا إلى 2500$ وهو الذي كان مُحدّدًا سابقًا بـ 1850$. يمكن القول بأن السعر المستهدف الجديد هو الأكبر في تاريخ Wall Street مع توقعاتٍ بأنَّ الشركة من الممكن أن تتخطى قيمتُها السوقية حاجزَ التريليون دولار. وقد ارتفعت أسهم الشركة على نحوٍ كبير منذ طرحها الاكتتاب العام أول مرة سنة 1997.

5. (Berkshire Hathaway (BRK.A:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 285.08 مليار دولار.
نجحت الشركة في تحقيق أرباحٍ صافية بقيمة 12 مليار دولار في الربع الثاني من عام 2018 مقارنةً بـ 4.26 مليار دولار للفترة نفسها من عام 2017.
ويُعرف وارين بافيت Warren Buffett مديرها التنفيذي بأنه واحدٌ من أنجح مستثمري الـ value-style (وهي الاستراتيجية التي يعتمدها المستثمر في بحثه عن الأسهم التي يعتقد بأنها مقيَّمةٌ بقيمٍ أقلَّ من قيَمِها الحقيقية) في تاريخ الاستثمار.

6. (Facebook (FB:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 398.11 مليار دولار.
تُعدُّ شركة فيسبوك أسرع شركةٍ وصولًا إلى قيمة سوقية تعادل 250 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات ونصف تقريبًا؛ أي منذ طرح أسهمها الاكتتاب العام في الشهر الخامس من عام 2012.
ولكن شهدت الشركة بعض الانخفاض في قيمتها السوقية بسبب فضيحة Cambridge-Analytica المرتبطة بالخصوصية وكيف أثَّر ذلك في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وفي التصويت المرتبط بخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي Brexit vote؛ إذ كانت القيمة السوقية للشركة تُقدَّر بـ 629 مليار دولار في 25-7-2018 لكنها بلغت قرابة الـ 510 مليار دولار في اليوم التالي.
وأشارت بيانات Thomson Reuters إلى أنَّ انخفاض القيمة السوقية بـ 120 مليار دولار في يوم واحد هو الأكبرُ في التاريخ لأية شركة طُرحت أسهمها للاكتتاب العام.

7. (JPMorgan Chase (JPM:
القيمة السوقية 345.44 مليار دولار.
بعد نجاته من الركود الاقتصادي الذي بدأ عام 2008؛ أصبح الآن يحمل لقب أكبر بنك في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد شهد البنك نموًّا سريعًا؛ إذ أصبح اللاعب الأساسي في البلاد في مجال خدمات الصيرفة بالتجزئة والاستثمار المصرفي والعمليات المصرفية وإدارة المحافظ الاستثمارية وإدارة الأصول الثابتة، ويستثمر البنك كذلك في بناء هذه الأعمال وتطويرها مع مرور الوقت.

8. (Bank of America (BAC:
القيمة السوقية 278.53 مليار دولار.
وقد تجاوزت أرباحُ الربع الثاني عام 2018 توقُّعات المُحلِّلين البالغة 5.92 مليار دولار ووصلت إلى 6.8 مليار دولار؛ إذ عمل البنك على تعزيز أصوله ضمن Merrill Edge، وتنمية قروضه الاستهلاكية والتجارية وكذلك الودائع؛ الأمر الذي أسهم في صعوده على نحوٍ كبير.

9. (Johnson & Johnson (JNJ:
تبلغ القيمة السوقية لهذه الشركة 359.92 مليار دولار.
سجَّلت هذه الشركة المصنِّعة للأجهزة الطبيَّة والمستحضرات الصيدلانية والسلع الاستهلاكية أرباحًا أقوى من المتوقَّع للربع الرابع من عام 2018 على الرغم من تعرضها لفضيحة ترتبط بوجود مادة asbestos في بودرة الأطفال التي تصنعها؛ وهي مادة صنَّفتها وكالة أبحاث السرطان الدولية على أنها مادة مسرطنة، وقد نفت الشركة تلك الاتهامات.

10. (Exxon Mobil Corp (XOM:
القيمة السوقية 321.43 مليار دولار
وهي شركة دوليةٌ للنفط والغاز تكوَّنت من اندماج شركتَي Exxon وMobil عام 1999.

لماذا تُهيمن الشركات الأمريكية على القائمة؟
تُمثِّل الشركات الأمريكية نسبةً مئويةً غير متناسبة من قائمة أكبر الشركات في العالم لأسباب ثلاثة؛ وهي:

1) تفوق الأوراق المالية الأمريكية النسبي في هذا السوق الصاعد.
2) قوة الدولار الأمريكي.
3) التقييمات المتميزة الممنوحة لـ mega-caps في الولايات المتحدة الأمريكية.

فوفقًا لتقرير ناسداك Nasdaq's Market Review للنصف الأول من عام 2018،  فإن شركات التكنولوجيا توسع من استثماراتها معتمدة على أدائها المتفوق، وهو ما يشكل أكبر سبب للتفوق الأمريكي ضمن القائمة حيث أن عمالقة التكنولوجيا تشكل نصف القائمة. وهناك سبب آخر لتفوق الشركات الأمريكية  نابع من القوة الحالية للدولار الأمريكي.

وأخيرًا؛ فإنَّ تداول أسهم الشركات الأمريكية قد تضاعف على نحوٍ ملحوظ ٍ في السنوات القليلة الماضية وكذلك تقييمها المتميز مقارنةً بمنافسيها العالميين.

دروس من الماضي:
في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي؛ هيمنت الشركات اليابانية على قائمة أكبر الشركات في العالم، ورافقَ ذلك ارتفاعٌ في قيمة الينِّ الياباني ومؤشر Nikkei إلى أعلى المستويات.
وقد تسبَّبت عدة عوامل -كالانكماش المالي وانهيار البورصة في السنوات اللاحقة أو كما يُعرف في اليابان بالـ (عقدية الضائعة) The lost decades -التي امتدت من أواخر عام 1991 حتى عام 2010- في خسارة الشركات اليابانية المليارات من قيمتها السوقية.
وفي أواخر التسعينيات من القرن الماضي؛ أدَّت القنبلة التكنولوجية وتكنولوجيا المعلومات في الشركات الأمريكية إلى تشكيل حصصٍ غير متكافئةٍ مقارنةً بأكبر الشركات في العالم، ولكن هبوط السوق المتتابع من عام 2000 حتى عام 2002 أدى إلى تراجع مؤشر S & P بنسبة 45%، في حين انخفض مُؤشر Nasdaq Composite بـ 80% عند أدنى مستوياته. ونتيجةً لذلك فقد كانت الشركات العملاقة في تلك الفترة تخسر جزءًا من ثروتها التي حقَّقتها في وقت ذروتها.

وفي عام 2007؛ جاء الدور على الاتحاد الأوروبي؛ فمع ارتفاع اليورو وفي الوقت الذي بلغت فيه الأسواق ذروتها في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2007؛ كان الاتحاد الأوروبي يتحدَّى الولايات المتحدة الأمريكية بأكبر عددٍ من شركات Mega-caps ومن ثم ضرب الكساد الكبير.
هل حقيقةُ أنَّ الشركات الأمريكية تُمثِّل الآن 80% من أكبر الشركات في العالم تشير إلى طفرة لاعقلانية "irrational exuberance" (أي حماس المستثمر الذي يدفع أسعار الأصول إلى مستوياتٍ قياسيةٍ لا تستند إلى أساس واقعي)
وهل يُشير تفوُّق الشركات الأمريكية إلى وصولها إلى سقف السوق market top ومن ثم يبدأ الانخفاض؟
فقط الوقت هو الكفيل بالإجابة عن هذه الأسئلة.

وفي الختام:
بسبب الرسوم الجمركية وتوترات الحرب التجارية بين كلٍّ من الصين وأمريكا؛ فإن الشركات الصينية التي ظهرت في قائمة (الشركات الأكبر في العالم) في الشهر الثالث لعام 2018 قد خرجت منها. ويُشير التاريخ إلى أن مثل هذه الهيمنات لا تدوم طويلًا.

++++++++++++++++++++

الشركات متعددة الجنسيات

“الأخطبوط يحكم” … الشركات متعددة الجنسيات والهيمنة على الاقتصاد العالمي

كما تشير البيانات التي تنشرها مجلة fortune عن أكبر 500 شركة في العالم، إلى أن معظم الشركات متعددة الجنسيات يقع مقرها الرئيسي في الدول المتقدمة، في حين ينتشر نشاطها على مستوى العالم بأسره بما في ذلك الدول النامية. وتستحوذ الولايات المتحدة والصين على النسبة الأكبر (تتجاوز 60%) من إيرادات أكبر 10 شركات في العالم لعام 2014، والتي يبلغ حجم أعمالها نحو 3.281 تريليون دولار (3 تريليون و281 مليار دولار)، وتحقق أرباحًا سنوية قدرها 146.711 مليار دولار (146 مليارًا و711 مليون دولار) (3).

كانت الشركات متعددة الجنسيات ولا تزال تتمتع بدور متزايد في الاقتصاد العالمي، حيث تزايدت أهمية هذا الدور منذ السبعينات في مختلف الصناعات، حيث تحدد هذه الشركات استراتيجيتها الإنتاجية والتسويقية على مستوى يتجاوز الحدود الجغرافية للدول، جنبًا إلى جنبٍ مع الدور الذي تقوم به المؤسسات المالية الدولية، مثل: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، منظمة التجارة العالمية وغيرها في تحديد مسار الاقتصاد العالمي لما تمتلكه من موارد تتجاوز موارد دول بأسرها.

+++++++++++++++++

الشركات العملاقة والإمبراطوريات

 منحى مختلفا في عصر التكنولوجيا الفائقة.
تقود العالم اليوم شركات كبيرة، لها كثير من الشبه مع الإمبراطوريات الغابرة. ما يفرقها عن الإمبراطوريات هو أنها لا تحتاج إلى جيوش جرارة لبسط هيمنتها.
التاريخ شهد إمبراطوريات جبارة تأتي في مقدمتها الإمبراطورية الرومانية. في أوج عظمتها، أي في القرن الرابع الميلادي، كانت هذه الإمبراطورية تغطي مساحة تصل إلى 4.5 مليون كيلومتر مربع.
وشهد العصر الحديث إمبراطورية جبارة أخرى، وهي الإمبراطورية البريطانية. وأظن أن القارئ الكريم لابد أنه على علم بالمقولة "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس،" للدلالة على المساحة الشاسعة من الأرض التي كانت تبسط سيطرتها عليها.
ومن الإمبراطوريات المترامية الأطراف، هناك الأكدية والأموية والعباسية والعثمانية - هذا فيما يخص منطقة الشرق الأوسط.
ليس هناك تعريف محدد عن: متى في استطاعتنا تسمية دولة ما إمبراطورية؟ إلا أن المؤرخين بصورة عامة يستندون إلى تعريف الحضارة لوضع معايير لما يمكن أن نطلق عليه "إمبراطورية".
أي حضارة لا بد أن يكون تأثيرها مستديما، أي أن تعمر فترة طويلة. ويكون التأثير ظاهرا وملموسا في الفنون، التي تعد من أرقى ثمار الحضارة الإنسانية. والتأثير يمكن الباحثين من تسليط الضوء على المجتمع من خلال مساهمته في الزراعة وتأسيس المدن وربط الأمصار بعضها مع بعض، والسيطرة عليها بواسطة ماكينة عسكرية وسياسية متجانسة.
وعلينا التذكير بأن كل إمبراطورية يجب أن تكون لها حضارة خاصة بها كي تستحق لقب الإمبراطورية. ولكن ليس كل حضارة في إمكاننا أن نطلق عليها إمبراطورية.
لو ألقينا نظرة فاحصة على الإمبراطوريات الست التي ذكرتها أعلاه، لرأينا أن أغلب العناصر التي تشكل الحضارة كمفهوم إنساني تنطبق عليها.
وقبل أن أعرج على الشركات وربطها بالإمبراطوريات، علينا التركيز وباختصار شديد على الدولة "الإمبراطورية" الأموية
قلما يدور في خلدنا أن الدولة الأموية ربما هي الإمبراطورية الوحيدة في التاريخ التي تركت بصمات هائلة على الحضارة الإنسانية رغم قصر عمرها. الأمويون حكموا نحو 90 عاما، بيد أن تأثيرهم قد يفوق ما لإمبراطوريات عمرت قرونا طويلة.
وهل يحق لنا أن نطلق لقب "الإمبراطورية" على شركة محددة؟ نعم. شركات مثل "مايكروسوفت وجوجل وفيسبوك وأبل" ترقى إلى مصاف الإمبراطوريات. أغلب المعايير التي ذكرتها أعلاه من حيث التأثير في حياة المجتمع تنطبق عليها.
أما إن أخذنا مدى التأثير الجغرافي وربط الأمصار والدول والمجتمعات في عين الاعتبار، إضافة إلى الوقع والبصمات التي تركتها على الفنون الإنسانية وفي فترة لا تتجاوز ثلاثة عقود، فإننا نكون أمام إمبراطوريات لم يشهد التاريخ لها مثيلا.
لا أريد الدخول في تفاصيل التأثير الهائل الذي أحدثته شركات مثل هذه في الفنون. خذ التأثير المبين لشركة "يوتيوب" في تواصلنا مع الفنون البشرية في كل بقعة تقريبا من كوكبنا الشاسع.
وسطوة الشركات الخوارزمية هذه سطوة مهولة على حياتنا وفي أدق التفاصيل. لا أظن أن أي إمبراطورية في التاريخ كان لها مثل هذا التأثير في حياتنا ليس كمجتمعات وحسب بل كأفراد.
وإن أخذنا القيمة السوقية لهذه الشركات كقياس، فسنرى أنها أكثر ثراء من قارة أو ربما قارتين معا.
ولكن هل ستعمر قرونا كما عمرت كثير من الإمبراطوريات أم أنها ستندثر وتموت قبل الاحتفال بالذكرى الـ 100 لمولدها كما كان شأن الدولة الأموية؟
يبدو أن عصر الإمبراطوريات والحضارات حسب المفهوم السائد في التاريخ أخذ في الانحسار.
لا أظن أن الشركات العملاقة "الإمبراطوريات الجديدة" ستعمر طويلا، وستكون محظوظة لو استمرت تسعة عقود مثل الدولة الأموية.
والوصول إلى السبب ليس أمرا عسيرا. كي تبني شركة عملاقة "إمبراطورية" اليوم، كل ما تحتاج إليه هو امتلاك ناصية الخوارزميات كعلم ومعرفة.
الصين امتلكت هذه الناصية، ولها شركاتها الوطنية الخاصة بها، وهي بمنزلة إمبراطوريات ومنها "هواوي" مثلا.
اليوم لم نعد بحاجة إلى جيوش جرارة ومساحات شاسعة لإقامة إمبراطورية. إنه عصر تكنولوجيا المعلومات. كلما زاد كم المعلومات التي لدينا، وكلما زاد تمكننا من تنظيمها وترتيبها في أنماط خوارزمية، زادت سطوتنا، بغض الطرف عن حجمنا كدولة أو مجتمع.
في إمكاننا التحول إلى إمبراطورية لو صار في حوزتنا كم هائل من المعلومات وتمكننا من «خورزمت» هذا الكم لخدمة مصالحنا.

الشركات التريليونية وعنان السماء

دخلنا العقد الثالث من القرن الـ21 والغموض يكتنف كثيرا من مضامير الحياة. ليس بمقدورنا التخمين أين سيحط بنا هذا العقد لأن الأحداث التي ترافق حياتنا ليس في إمكاننا التنبؤ بها فحسب بل صار من العسير بمكان السيطرة عليها أو احتواؤها.
أغلب الناس اليوم تضع أجهزتها الخوارزمية بجانب مخدة الرأس عند الخلود للنوم. وتهرع إليها عند النهوض صباحا وإذا بها أمام أحداث ربما لم تكن في الحسبان قبل ثماني ساعات.
فكيف لنا قراءة ما قد يخبئه لنا عقدنا الجديد هذا من أحداث؟
دخلنا العقد الثاني من هذا القرن ولم يدر بخلد أكثر المراكز البحثية رصانة وصدقا في العالم أننا سنخرج منه ومعنا أربع شركات تكنولوجية حديثة عمرها قد لا يوازي عمر شاب في عقده الثالث بينما القيمة السوقية لكل واحدة منها لها 13 رقما.

*

‪الشركات العالمية تواجه تحولات عميقة


 نصف 20 شركة كبرى في العالم وفق القيمة السوقية في اليابان مقابل أقل من الثلث في أميركا.

السيارات والصلب والبنوك والسمسرة والإلكترونيات وغيرها، كانت الشركات اليابانية في طريقها إلى السيطرة على المنافسة العالمية. لكن وبعد عقد من الزمان، كان كل ذلك مجرد كابوس بعيد المنال للأميركيين، إذ إن اثنتين فقط من أفضل 20 شركة في العالم كان مقرهما في اليابان، و14 في الولايات المتحدة.

وبينما أعاد الإبداع الأميركي وريادة الأعمال القيادة الأميركية في عدد من المجالات، لا سيما المجال الحيوي للتكنولوجيا الرقمية وتطبيقاتها. اصطدمت الآن بالصين، وليس اليابان، وهي المنافس الرئيسي وقادمة بقوة وبسرعة.

 أصبح رواد الأعمال الشباب من أصحاب المليارات في غضون سنوات بدلاً من عقود عديدة.


01- من الصعب على الشركات الكبرى الاستمرار في النمو على المستوى العالي الذي جعلها كبيرة جداً.

02- الابتكار والتدمير الخلاق من سمات النظام العالمي.

03- التقييم في أي وقت هو مزيج من النمو المستقبلي للشركة ومعنويات السوق، وحتى إذا تمكنت الشركة من الاستمرار في النمو بمعدل مرتفع، فقد لا يوافق ذلك السوق.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق