تونس: الرئيس قيس سعيد يقيل رئيس الوزراء ويجمد البرلمان والغنوشي يتهمه بالانقلاب
عبدالفتاح مورو على راشد الغنوشي اعتزال السياسة . الجيش التونسي يمنع راشد الغنوشي من دخول مبنى البرلمان
Feb 20, 2021
الإسلاميون لم يقدموا بديلا عن الدولة الوطنية.
النهضة لا تنفع للحكم
مشددا على فشل النظام السياسي الذي “لم يفرز غير الأزمات”.
الأحزاب التي هي في السلطة مدعوة للإنجاز لا للتظاهر”.
اللافت أن مورو لم يتردد في الاعتراف صراحة بخطأ الإسلاميين (حركة الاتجاه الإسلامي) بتكفير الزعيم التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي خاض صراعا مريرا معهم بسبب السلطة.
الأزمة متوقعة خاصة في الأنظمة الديمقراطية الجديدة التي تجهد نفسها من أجل المرور من وضع دكتاتوري إلى وضع مؤسساتي جديد من شأنه أن يفضي إلى استقرار الديمقراطية، إنها إشكالات التحول”.
*
وطالب الغنوشي في وقت سابق التونسيين بالنزول إلى الشارع للاعتراض على قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة.
وقال الغنوشي: «أدعو الشعب التونسي للخروج إلى الشارع كما خرج من قبل عند انطلاق شرارة ثورته من أجل إعادة الأمور إلى نصابها».
وأضاف: «نحن إزاء محاولة انقلابية تتغطى بالدستور والدستور منها براء (..) نصوص الدستور ليس فيها ما يسمح للرئيس الحالي بما قام به»، على حد قوله.
وقال الغنوشي، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، إن على الناس «النزول إلى الشوارع مثلما حصل في 14 يناير 2011 لإعادة الأمور إلى نصابها».
وأضاف الغنوشي: «أعتبر أن مجلس الشعب قائم، وسنعقد جلسة لمكتبي، وأن جميع مؤسسات الدولة قائمة، وأن أي إعلان يخالف ذلك، باطل».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قرر تجميد جميع سلطات مجلس النواب ورفع الحصانة عن كل أعضاء البرلمان، كما أعفى رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه.
في السياق نفسه طوق الجيش التونسي مبنى البرلمان ومقر الإذاعة والتلفزيون، ووزارة الداخلية التونسية، اليوم الأثنين، كما صدرت تعليمات بعدم مغادرة أي سياسي للبلاد، بحسب ما ذكرت قناة العربية.
في المقابل، أظهرت المقاطع المنتشرة استقبال التونسيين المتواجدين في الشوارع جنود الجيش بالهتافات والزغاريد.
*
قرر الرئيس التونسي قيس سعيد تجميد البرلمان ورفع الحصانة عن جميع النواب، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه بعد احتجاجات شعبية عنيفة، جرت في عدة مدن تونسية الأحد.
أعلن سعيد أنه سيتولى رئاسة السلطة التنفيذية، بمساعدة رئيس وزراء جديد يعينه هو.
قرارات سعيد عقب اجتماعه مع قادة عسكريين وأمنيين في قصر قرطاج الرئاسي.
رد فعل على قرارات سعيد، اتهم راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب الرئيس سعيد بتنفيذ"انقلاب على الثورة والدستور".
قال الغنوشي - الذي يترأس حركة النهضة ذات التوجة الإسلامي المعتدل والتي تهيمن على البرلمان: "نحن نعتبر أن المؤسسات لا تزال قائمة، وسيدافع أنصار النهضة والشعب التونسي عن الثورة".
الديمقراطية الهشة في تونس
أن "الانجرار العسكري إلى السياسة بشكل غير مباشر" قد يكون له تأثير إيجابي على الوضع الصحي، إلا أنه قد يكون له "تأثير سلبي على مستقبل تونس كدولة ديمقراطية".
تظاهر آلاف التونسيين في عدة مدن، الأحد، احتجاجا على حزب النهضة الحاكم، منتقدين ما وصفوه بإخفاقات الحكومة وسط معدلات انتشار كبيرة لفيروس كورونا.
تولي الرئيس قيس سعيد لرئاسة السلطة التنفيذية - حسبما أعلن عن عزمه - التحدي الأكبر لدستور عام 2014 الذي قسم السلطات بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء والبرلمان.
قال سعيد في بيان نقلته وسائل الإعلام الحكومية: "كثير من الناس انخدعوا بالنفاق والغدر وسلب حقوق الناس"، وذلك في إشارة إلى حزب النهضة.
تعهد الرئيس سعيد بالرد على مزيد من العنف بالقوة العسكرية.
"إنني أحذر كل من يفكر في اللجوء الى السلاح ... ومن يطلق رصاصة، سترد عليه القوات المسلحة بالرصاص".
"أفعاله تتماشى مع الدستور". وإن الدستور يسمح له بتعليق عمل البرلمان إذا كان هناك "خطر وشيك".
"اتخذنا هذه القرارات ... حتى يعود السلام الاجتماعي إلى تونس وحتى ننقذ الدولة".
انخرط سعيد في خلافات سياسية مع رئيس الوزراء هشام المشيشي لأكثر من عام، في بلديعاني من أزمة اقتصادية وأزمة مالية طاحنة تلوح في الأفق، وأداء فاشل في مواجهة وباء كورونا.
تم انتخاب سعيد والبرلمان بشكل منفصل في تصويت شعبي في عام 2019، بينما تولى المشيشي رئاسة الوزراء الصيف الماضي حين حلت حكومته محل حكومة أخرى لم تستمر طويلا.
انضم الرئيس التونسي إلى حشد من الناس في الشارع بوسط تونس العاصمة، في ساعة مبكرة من صباح الإثنين، ليشاركهم الاحتفال حسبما أظهرت لقطات للتلفزيون الحكومي.
أغلقت قوات الأمن البرلمان والشوارع المحيطة بشارع الحبيب بورقيبة، الذي كان مركزا للاحتجاجات المناهضة للحكومة خلال ثورة تونس عام 2011.
وكالة رويترز للأنباء أن الجيش التونسي منع رئيس مجلس النواب، راشد الغنوشي، من دخول مبنى البرلمان في ساعة مبكرة من صباح الإثنين، وذلك نقلا عن شاهد عيان.
هذا ولا يعرف مكان المشيشي في هذه الأثناء، لكن تقارير إعلامية تحدثت عن انقطاع الاتصال به مرجحة احتجازه من جانب الجيش.
كانت عدة مدن تونسية قد شهدت أمس الأحد مظاهرات لمطالبة الحكومة بالتنحي وحل البرلمان.
شهدت تلك المظاهرات اشتباكات بين الشرطة والمحتجين، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع واعتقلت عدة أشخاص.
اقتحم المتظاهرون مكاتب حزب النهضة الحاكم وحطموا أجهزة الكمبيوتر، وأشعلوا النار في مقره المحلي في مدينة توزر جنوب غربي البلاد.وندد الحزب بالهجوم وألقى باللوم على "عصابات إجرامية" تحاول "زرع بذور الفوضى والدمار".
شهدت تونس ارتفاعا حادا في معدل الإصابات بوباء كورونا في الأسابيع الأخيرة، ما زاد من الضغط على الاقتصاد المتعثر.وأقال رئيس الوزراء هشام المشيشي وزير الصحة الأسبوع الماضي، لكن هذا لم يكن كافيا لتهدئة غضب الشارع.
أدى توزيع اللقاحات بشكل فوضوي خلال عطلة عيد الأضحى إلى زيادة استياء الناس من الحكومة، التي تخوض صراعًا سياسيا مع الرئيس قيس سعيد.
*
2021/2
صراع مصالح
في الجريدة ذاتها، يقول مراد علالة إن "تطورات الأحداث الأخيرة ووجود ما يمكن أن نسميه صراع مصالح بين رئيس البرلمان ورئيس الحكومة ... وبقطع النظر أيضا عن مصير الحكومة وموضوع القسم فإن الأيام القادمة تخبيء لنا ضروبا جديدة من الصراع بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية".
بعيدا الآن عن القراءات المتشائمة والغاضبة من الشرعية والمشروعية المهترئة كما أسلفنا، فإن قدر التونسيين أن ينتصروا لإرادتهم بقطع النظر عن مسار ومصير منظومة الحكم الراهنة".
"يخطيء من يعتقد أننا في تونس نمرّ الآن بمجرّد تعقيدات مسار انتقالي عادي اقتصادي واجتماعي وسياسي. هذه التعقيدات هي مظاهر، كما الحمى مظاهر مرض. نحن نمرّ بمسار امتحان دولة ووطن وأمة".
تونس "منشطرة إلى نصفين"
تحت عنوان "انقلاب الغنوشي: هل يَقبض الإخوان على السلطة في تونس؟" يقول محمد خروب في الرأي الأردنية "أن يقول راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي للرئيس التونسي قيس سعيد: أن دورك 'رمزي' وليس دوراً إنشائياً، يعني ضمن أمور أخرى أن قوى الثورة المضادة قد شرعَت في تنفيذ خطة إطاحة الرئيس التونسي المُنتخَب شعبياً وبأغلبية ساحقة".
يضيف خروب "تصريحات الغنوشي ومواقفه المُتحدية دور رئيس الجمهورية، ترفع منسوب الإستقطاب الذي باتت عليه تونس، خصوصا اتساع الهوّة بين النهضة وشركائها وبين القوى السياسية والحزبية وخصوصاً الشعبية، الرافضة ديكتاتورية النهضة ومواقفها المراوغة واستعدادها إنزال أنصارها لقمع الاحتجاجات الشعبية، التي من ضمن شعاراتها تحدّي قوى الثورة المضادة التي يقودها الغنوشي، عبر تحجيم وتهميش دور رئيس الجمهورية لصالح نظام برلماني، فيما يُبدي إعجابا بنظام أردوغان الرئاسي".
"يعتقد الغنوشي أن سلطة الرئيس رمزية في نظام برلماني، ويرى سعيد أن الرئاسة ليست مجرد صندوق بريد يوقّع على الأوراق فقط"
خلف الغنوشي يقف التحالف الحكومي الأغلبي، وخلف سعيّد تقف المعارضة وغير بعيد عنها اتحاد الشغل، ما يعني أن البلاد أصبحت منشطرة إلى نصفين، كل نصف يعطّل الآخر، لتتعطّل البلاد وتضيع مصالح الناس وتتدهور حياتهم، والجميع ماضٍ في معركة بلا هوادة".
يعتقد الغنوشي أن سلطة الرئيس رمزية في نظام برلماني، ويرى سعيّد أن الرئاسة ليست مجرد صندوق بريد يوقّع على الأوراق فقط، والحقيقة أنها معركة حكم وصراع سلطة لا رابح فيها، وفيها خاسرون كثيرون".
"النظام الرئاسي هو الحل في تونس"، يقول فوزي بن يونس بن حديد في رأي اليوم اللندنية "ماذا لو استمر هذا الاعتراض الرئاسي؟ ماذا سيفعل المشيشي حينئذ؟ هل سيعتبر القسم أمرا شكليا لا معنى له ويمارس الوزراء الذين منحهم البرلمان الموافقة المصلحية العملَ رغم شبهات الفساد التي تلاحق بعضهم أم أنهم سيستقيلون لأنهم مرفوضون من مؤسسة الرئاسة؟"
"النظام السياسي الذي يمكن أن ينقذ تونس من مشاكلها اليوم هو النظام الرئاسي وهو مطلب شعبي واجتماعي واقتصادي تفرضه الوقائع على الأرض".
هل يمكن أن ينشأ في تونس اليوم مجلس للشعب منتخبٌ ديمقراطيا لا عاطفيا ولا جهويا ولا نفوذيا ومنه ينبثق الحكم بنظام رئاسي جديد؟ يكون دوره رقابيا فلا يوافق على رئيس فاسد، وإن ظهر فساده بعد تعيينه يبدأ البرلمان إجراءات عزله ويظل مجلس الشعب الجهة الرقابية والتشريعية الضامنة للشرعية".
*
أعلن سعيّد عن هذه القرارات بموجب الفصل 80 من الدستور
ويطالب المتظاهرون ايضا بتغيير الدستور وبمرحلة انتقالية يكون فيها دور كبير للجيش مع إبقاء الرئيس سعيد على رأس الدولة.
*
Jul 26, 2021
انقلابي مصر عام 2013، وتركيا عام 2016.
بانقلابه على الحكومة والبرلمان، بل وأضاف إليها الاستيلاء على السلطة القضائية كذلك.
فن المساومة محرم في عرف سعيد، وهو الذي جاء من خارج الوسط السياسي، ولا يوجد من ورائه حزب”، على النقيض من سلفه الراحل، الباجي قايد السبسي، الذي تجنب إدخال البلاد في نفق مظلم، رغم عدائه مع الإسلاميين وقطاع واسع من الثوريين في تونس.
تعيين اليحياوي وزير داخلية ليقود عملية القمع والقهر التي يتعرض لها الآن السياسيون والإعلاميون في تونس، وفق قول الكاتب.
م يكتف قيس سعيد بالاستيلاء على جميع السلطات، بل وعين نفسه أيضاً في منصب المدعي العام”.
ينص الدستور على أنه حينما يتم تفعيل الفصل الذي يسمح للرئيس بأن يحوز على سلطات استثنائية، فإنه يتوجب على البرلمان أن يظل في حالة انعقاد، وأنه لا يمكن حله”.
“لكن في الحقيقة أقدم سعيد على تعليق البرلمان، وحال دون وصول أعضائه إليه.
لا يوجد ما هو دستوري بشأن هذا الانقلاب، هذا انقلاب بكل ما تعنيه الكلمة، ولا يختلف في شيء عن ذلك الذي أطاح بمحمد مرسي في مصر في عام 2013، وكذلك الذي سعى للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان في تركيا في عام 2016”.
جميع الأحزاب في تونس تقريباً تعارضه، من اليسار إلى اليمين، ومن العلماني إلى اليساري – النهضة والكرامة وقلب تونس والجمهوري، وحتى التيار الديمقراطي الذي تنتمي إليه عبو”.
واستكمل هيرست: “حتى لحظة كتابة هذا المقال، كان حزب واحد فقط، حزب الشعب، هو الذي يؤيد إجراءات سعيد، وليس صعباً معرفة السبب؛ ففي العالم العربي من يقبض على السلطة بأسرها لا يتنازل عن شيء منها”.
كان أستاذاً جامعياً متمرداً مثل سعيد لا سياسياً هرماً من النظام القديم مثل الباجي قايد السبسي الذي ابتليت به التجربة التونسية مع الديمقراطية، وفق الكاتب.
من حالم إلى دكتاتور
للسبسي الفضل في أنه قاوم إغراء المال الذي عرضته عليه أبوظبي حتى يتخلص من النهضة،
لا أعتقد أن الربيع العربي قد مات، ولا أعتقد أيضاً أن الشعب التونسي على استعداد للعودة إلى حكم الرجل الواحد لم تكن النهضة مسيطرة، لا على البلد ولا على الحكومة، بل كانت تقاتل من أجل تشكيل المؤسسات مثل البرلمان ومثل المحكمة الدستورية، والتي كانت ستعزز الديمقراطية في تونس
عزمي بشارة
“الديمقراطية التونسية، الديمقراطية العربية الوحيدة حتى الآن، إنجاز تاريخي لا يجوز التنازل عنه، ولا عن السعي لحل القضايا والمشاكل في إطاره مثل كل الديمقراطيات في العالم”.
“جرت في تونس عملية ممنهجة مثابرة لتعطيل عمل البرلمان والحكومة. (عدم مشاورة الكتل النيابية في تكليف رئيس الحكومة، محاولة إزاحة رئيس الحكومة المكلف لأنه لم يلتزم بتوجيهات الرئيس مع أن الأمر ليس من اختصاصه، رفض الرئاسة استقبال الوزراء لتأدية القسم بتحويل إجراءات شكلية إلى مسألة جوهرية، رفض إنشاء محكمة دستورية تفصل في الخلاف بين السلطات وتنصيب نفسه خصما وحكما).
: (تجاوز متكرر للفصل بين السلطات والتوازن بينها، محاولات لتوريط الجيش في السياسة، هذا عدا تصوير ممثلي السلطات الأخرى باستمرار في كاميرات قصر الرئاسة كأنهم تلاميذ يستمعون إلى توبيخ، التظاهر الشعبوي بالغضب الدائم من شيء ما فاسد، كذبة محاول الاغتيال التي لم يحاسب عليها، التظاهر بالتواضع للتغطية على نرجسية مفرطة ورغبة جامحة بالتفرد في الحكم، النبرة الشعبوية السافرة في الهجوم على المؤسسات والأحزاب وعلى النخب والسياسيين وكأنه ليس سياسيا، محاولات لتعطيل جلسات البرلمان من طرف ممثلة بقايا الحزب الدستوري، ومع أنها لم تنجح إلا أنها خلقت الانطباع أن البرلمان في حالة فوضى، مع أن هذا لم يكن صحيحا
لا تنقسم البدائل المطروحة حاليا بين ديمقراطية برلمانية أو رئاسية، بل بين الديمقراطية والعودة إلى الديكتاتورية التي لم يُعرف عن الرئيس معارضتها حين حكم زين العابدين بن علي تونس، وفاخر بأنه لم يدل بصوته في أي انتخابات في تونس الديمقراطية. ولم يخف إعجابه الضمني ببعض نماذجه الديكتاتورية. والحقيقة أن اقتراحاته لدستور آخر لتونس تشبه نموذج اللجان الثورية التي غطت على الديكتاتورية في ليبيا، أو هي على الأقل مصاغة بنفس العقلية
بعض الأحزاب التونسية رفعت الخصومة الحزبية وتصفية الحسابات فوق الالتزام بالديمقراطية. وهذا خطأ جسيم.وفقاً لـ”بشارة”
متوقف على الشعب التونسي، وأيضا على درجة التعاون التي يبديها الجيش وأجهزة الدولة الأمنية مع توسيع الخطوات التي اتخذت. ومن المبكر اتخاذ موقف سلبي من الجيش.
ما قام به الرئيس جرى الإعداد له علنا وكان متوقعا، وسوف يكون غريبا ومستغربا إذا لم يجهز من توقعها نفسه لهذا السيناريو.
إلى أي مدى يذهب الجيش مع الرئيس يتوقف على حركة الشارع التونسي، وتماسك غالبية البرلمان في معارضة الخطوات.
*
المغفل والمثير للاشمئزاز من هو مستعد أن يبارك حرق بلده ومؤسساتها وديمقراطيتها ويرضى تحولها إلى مسخ ديكتاتوري من أجل أن يتخلص من الإخوان أو حزب النهضة، لا يمكن للشعوب أن تتقن اعادة تدوير مآسيها
*
الانقلاب في تونس: ربيع يتحول إلى شتاء
"كانت الدولة العربية الأولى التي أطاحت بديكتاتورها في عام 2011، وكانت الوحيدة التي بقيت فيها ديمقراطية حقيقية".
تونس تشهد "ثورة مضادة"، معتبرة أن "اقتحام قوات الأمن لمحطات التليفزيون ليس بعلامة جيدة على الإطلاق".
قطاعات من المواطنين تتصرف بلامبالاة أو تقبل مفاهيم غير ليبرالية، هو أن الحرية والديمقراطية في تونس "لم تحققان الاستقرار السياسي والاقتصاد المزدهر. فبدلا من ذلك، استمر الفساد والتضخم والبطالة".
مدى الاختلال الذي وصلت إليه الدولة التونسية. فقد وجد استطلاع أجراه المعهد الوطني للإحصاء في تونس أن ثلث الأسر كانت تخشى نفاد الطعام العام الماضي".
الحكومة، وفقا لوثائق مسربة، كانت مستعدة لإلغاء دعم الخبز في المفاوضات للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، وهو الرابع في 10 سنوات. ولم يتفاقم الغضب من تعامل الحكومة مع الوباء إلا بسبب مستوى الدين الوطني: فقد أصبحت مدفوعات القروض الآن ستة أضعاف حجم ميزانية الصحة في البلاد
من السهل أن نرى كيف يمكن طرح الحجة القائلة بأن المؤسسات الديمقراطية في تونس لا تقدم ما يحتاجه الجمهور. لكن النظام الرئاسي القوي انهار قبل عقد من الزمان لأنه أثبت أنه غير قادر على تلبية مطالب الناس".
ما تحتاجه تونس هو أن يتبنى السياسيون وجهة نظر أكثر واقعية حول المكان الذي يجب أن تذهب إليه البلاد. فالعودة إلى الاستبداد لن تضمن استقرار النظام
الرئيس سعيّد تحدى الدستور لتعليق البرلمان. وتشير عدم قدرته على العمل مع رئيس وزراء اختاره إلى أنه غير مناسب لنظام حكم معقد. كما أن مدحه للديكتاتورية العسكرية المصرية لا يساعد كثيراً لبث الثقة
إجراءات الرئيس سعيّد "أثارت قلق الكثيرين الذين يخشون من أن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في البلاد الآن في يد رجل واحد".
في حين أن تونس "احتفي بها باعتبارها واحدة من الديمقراطيات القليلة في المنطقة، لكنها انتقلت من أزمة إلى أخرى منذ انتفاضة 2011 التي شهدت الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي".
أوضحت أنه "على مر السنين، شهدت ارتفاعا في معدلات البطالة التي وصلت إلى ما يقرب من 18 في المئة في المتوسط وحوالي 40 في المئة بين الشباب ، مع ظهور وباء (كورونا). كما عانت البلاد من هجمات متكررة من قبل ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، الذي دمر قطاع السياحة.
قالت ترو إنه "ربما كان سعيّد أحد أكبر المفاجآت عندما انتخب كمستقل، ومن المعروف أنه معاد للأحزاب السياسية. في عام 2020، عيّن هشام المشيشي رئيسا للوزراء، لكنه دخل في خلافات سياسية معه منذ ذلك الحين، حيث كانت البلاد تتصارع مع أزمة اقتصادية واستجابة متعثرة للوباء".
الخلاف على الدستور التونسي يكمن في قلب هذه الأزمة - وهو أمر كان من المفترض أن تسويه محكمة دستورية. ومع ذلك، بعد سبع سنوات من الموافقة على الدستور، لم تتشكل المحكمة حتى الآن، بعد الخلافات حول تعيين القضاة".
من مصلحة المجتمع الدولي دعم الديمقراطية الوحيدة المتبقية في المنطقة
الخوف الرئيسي بين الخبراء والمراقبين هو الانحدار السريع إلى العنف فيما تنزل الفصائل المعارضة إلى الشوارع إما للاحتفال أو لإدانة تصرفات الرئيس
القلق الآخر، بالنسبة للبعض، هو توطيد السلطة في يد رجل واحد
هناك مخاوف من أن سعيّد "يستخدم الأزمة للضغط من أجل ما أسماه التسوية الدستورية المفضلة لديه - نظام رئاسي قائم على الانتخابات ولكن مع دور أصغر للبرلمان."
يمكن لسعيد تعيين رئيس وزراء جديد سريعا للتعامل مع زيادة الإصابات بفيروس كورونا والأزمة المالية التي تلوح في الأفق. وهناك آمال في أن يتمكن من العودة إلى البرلمان بعد انتهاء التجميد الذي يستمر 30 يوما والسماح باستئناف الإجراءات العادية
*
إخراج البلاد من سيطرة جماعة الإخوان المسلمين التي تنتمي لها حركة النهضة ذات الأغلبية في البرلمان.
انقلابا على الدستور والمؤسسات الشرعية، قد ينزلق سريعا إلى صيغة صريحة من الاستبداد والتفرد بالسلطة والحكم الفردي
إدارة راشد الغنوشي ورفاقه مرحلة ما بعد الانقلاب، ومدى استفادتهم من تجربة إخوان مصر، وقدرتهم على 'التفاهم ' و 'التفاوض '، بدلا من الانتحار
اليوم في تونس يعتبر بمثابة "استنساخ جزئي لتجربة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (عندما عزل الرئيس الراحل محمد مرسي في عام 2013) برغم أن التفاصيل ليست متطابقة، تماما، إلا أن المبدأ العام، أي عزل الإخوان المسلمين، وتركيز السلطة بشكل مختلف، بدعم الجيش والأمن، تحديدا، في ظل حالة سخط شعبي، يتكرر في تونس بنمط مختلف
لم تنجح أي تجربة عربية في الربيع العربي، كل التجارب فشلت، بسبب التدخلات الخارجية، والأزمات الاقتصادية، وحالة الجدل والصراع، والبنى الداخلية الهشة، والاختلاف
منذ صعود حزب النهضة وهو مستمر في تجريف الحياة السياسية التونسية، وممارسة سياسات ضارة جدا بتونس على الصعيد الأمني والاقتصادي والسياسي والصحي... وكل ذلك يعود إلى أن الوطن لا قيمة له في منهج تنظيم الإخوان الذي ابتليت به تونس
الخليج" الإماراتية في افتتاحيتها أن" تونس تعيش ساعات حاسمة، فهي على أبواب (ثورة جديدة) يقودها الرئيس التونسي للتخلص من كل منظومة السلطة التي جثمت على صدر البلاد منذ العام 2011، حيث من المتوقع أن يستتبع قراراته بتعيين رئيس جديد للحكومة، ومباشرة المعركة ضد الفساد".
*
الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فتوى حول التطورات السياسية الحالية التي تشهدها تونس، واعتبر أن "الاعتداء على العقد الاجتماعي الذي تم بإرادة الشعب التونسي محرما".
حرمة الاعتداء على العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة، الذي ينظم العلاقة بين الرئاسة ومجلس النواب ورئاسة الوزراء.
خطورة تلازم ثلاثية (الاستبداد والفوضى والانقلاب غير الشرعي)، الذي لن يحقق للشعوب الحرة أي وعد من وعوده الكاذبة، وأن التجارب القريبة تخبرنا بذلك فلا رفاهية ولا خير في انقلاب".
حماية العقد الاجتماعي والحفاظ على الحريات وحقوق الشعب فريضة شرعية على جميع مكونات الشعب التونسي، وإن "الحفاظ على المؤسسات الدستورية واجب وطني.. كما أن إعلان حالة الطوارئ المفتوحة لا يجوز لما فيها من انتهاكات جسيمة لمصالح العباد والبلاد"، كما ورد في بيان الاتحاد.
أتي هذه التصريحات بعد إصدار الرئيس التونسي، قيس سعيد، مساء امس الأحد، قرارا بإعفاء رئيس الوزراء هشام المشيشي من منصبه وتجميد عمل البرلمان.
وقرر سعيد خلال اجتماع طارئ للقيادات العسكرية والأمنية "تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن النواب" وذلك بعد مظاهرات حاشدة طالبت بحل البرلمان وإسقاط الحكومة التي يرأسها هشام المشيشي.
*Jul 27, 2021
في الوقت الذي أكد فيه الرئيس التونسي،على أن ماقام به من إجراءات يأتي في إطار الدستور التونسي، وأنه لايسعى إلى خرق هذا الدستور، تخشى عدة أطراف سياسية في البلاد، من أن الرئيس ربما يسعى للانقلاب على الدستور، الذي تمت صياغته عام 2014 مجسدا مطالب وآمال الثورة التونسية، ضد حكم الرئيس التونسي الراحل بن علي، ليصيغ دستورا جديدا يمنحه مزيدا من السلطات.
الدكتاتورية
ناشطون تونسيون معارضون لخطوة الرئيس قيس سعيد، أن الرئيس ربما يسعى للتمهيد لمرحلة دكتاتورية جديدة في تونس، ويرون أن مايزيد من خطورة تلك القرارات هو عدم وجود محكمة دستورية في البلاد، منذ اقرار دستور 2014، وقد تعطل تشكيل المحكمة الدستورية، بفعل التجاذبات السياسية الحادة بين الأحزاب في تونس، منذ ذلك الوقت، غير أن قانونيين يرون أن عدم وجود محكمة دستورية، يضفي في نفس الوقت ،بعض المشروعية على قرارات الرئيس إذ أن المحكمة غائبة.
كان دستور عام 2014، قد أقر نظاما سياسيا هجينا، عبر تأسيس نظام جمهوري برلماني معدل، تتقاسم الحكم فيه السلطة التنفيذية برأسيها، رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ورغم مايقوله البعض، من أن الدستور سعى عبر ذلك للحيلولة دون الانفراد بالسلطة، ليقطع مع مرحلة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد، ودون مشاركة من أي هيئة سياسية، فإن هذا النظام الهجين أدى إلى حالة من النزاع،بين الرئيس الطامح قيس سعيد من جانب ،والحكومة والبرلمان من جانب آخر منذ تولى سعيد الرئاسة عام 2019.
عبر قيس سعيد في أكثر من مناسبة، منذ توليه السلطة،عن عدم رضاه عن تكبيله بالدستور، الذي لايتيح للرئيس سلطة مباشرة، سوى على الجيش وفي الشؤون الخارجية، في حين تظل الإدارة اليومية في يد حكومة مسؤولة أمام البرلمان، كما لم يخف الرجل رغبته، في وضع دستور جديد، يضع الرئيس في الصدارة مما دفع معارضيه لاتهامه بأنه يريد محاكاة النموذج المصري.
خطوات الرئيس قيس سعيد في المرحلة القادمة، ستكون المؤشر الوحيد على الطريق، الذي قد تمضي فيه تونس، في وقت يصعب فيه التكهن بالمسار الذي قد تسلكه الأحداث، وما إذا كانت قرارات الرئيس الاستثنائية، ستصبح دائمة أما لا، لكن كثيرين يرون أن الأقرب لطبيعة الرئيس التونسي، ووفقا لما صدر عنه سابقا من تصريحات، هو سعيه إلى تسوية دستورية، تتضمن تعديلا لدستور ،2014 ثم الاستفتاء على تلك التعديلات، ثم إجراء انتخابات جديدة، قد تمنحه سلطات أوسع من سلطات البرلمان، وسط خشية يبديها نشطاء تونسيون، من أن ذلك سيكون خطوة أخرى في سبيل انفراد الرئيس بالسلطة.
انقسام التونسيين ومخاوف من "نهاية الديمقراطية"
الانقسام الحاصل في تونس انعكس انقساما موازيا على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية.
#تونس ظلّت عصية على الثورة المضادة على مدى عقدٍ من الزمان..
قدرتها على تجاوز هذا المشهد بعزيمة شعبها.
مهما كانت الخلافات الحزبية و السياسية لا بد أن يدافع الشعب التونسي عن حقوقه المدنية و السياسية أمام انقلابي ديكتاتور.
الإسلاميين ركبوا موجة التظاهرات والربيع العربي، وسرقوا السلطة من الشعوب، لكن الجماهير قامت اليوم بطردهم من تونس
*
السلطة القضائية
ودعت جمعية القضاة رئيس الجمهورية إلى التعجيل بإنهاء العمل بالتدابير الاستثنائية، والإفصاح عن آليات استئناف المسار الديمقراطي، واعتبرت في بيان أنّ حل الأزمة سيتم بعد الاحتكام إلى الشرعية الدستورية، واحترام استقلالية النيابة العامة. كما طالبت الجمعية النيابةَ العامة بالقيام بدورها في حماية المجتمع والدولة من الجريمة، خاصة تلك المتعلقة بجرائم الفساد والإرهاب ومتابعة مرتكبيها، حسب تعبير البيان.
المجلس الأعلى للقضاء إلى النأي بالسلطة القضائية عن كل التجاذبات السياسية. ووصف، في بيان عقب لقاء ممثلين عنه الرئيس سعيد، القضاة بأنهم مستقلون، وبأن النيابة العمومية جزء من القضاء العدل، وأنها تمارس مهامها في نطاق ما تقتضيه النصوص القانونية الجاري العمل بها.
قلت وكالة رويترز عن هذه المنظمات قولها إن الرئيس التونسي تعهد بحماية المسار الديمقراطي والحقوق والحريات.
النظام الجمهوري لا يكون إلا بالفصل بين السلطات والتوازن بينها وضمان الحقوق والحريات الفردية والعامة.
الكتل البرلمانية
وعارضت أغلب الكتل البرلمانية القرارات الاستثنائية لرئيس الجمهورية، إذ عدتها "النهضة" (53 نائبا من أصل 217) انقلابا، واعتبرتها كتلة "قلب تونس" (29 نائبا) خرقا جسيما للدستور، كما رفضت كتلة "التيار الديمقراطي" (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة "ائتلاف الكرامة" (18 مقعدا) بالباطلة، في حين أيدتها حركة "الشعب" (15 نائبا).
القضاء يرفض
من جانبه، دعا المجلس الأعلى للقضاء في تونس إلى النأي بالسلطة القضائية عن كل التجاذبات السياسية،ووصف القضاة بأنهم مستقلون.
خطوة بدا أنها مدعومة من الجيش، واعتبرتها قوى سياسية انقلابا صريحا على الديمقراطية التي حملت سعيد إلى كرسي الرئاسة.
القوى العسكرية والأمنية
لم يعلق الجيش بعد على تحركات سعيد، ولا يعرف حتى الآن موقفه الحقيقي مما يقول خصوم سعيد إنه انقلاب صريح على الديمقراطية.
بيد أن عناصر الجيش والشرطة وقوى الأمن انتشرت في الشوارع وعند المقار الرسمية، ومنعت رئيس البرلمان راشد الغنوشي وأعضاءه من دخول مقر المجلس التشريعي.
كما انتشرت وحدة من الجيش عند مقر الحكومة في القصبة ومنعت الموظفين من دخول المبنى اليوم.
صرح نائب حركة النهضة بأن المجموعات التي اعتدت على مقارّ الحركة أمس "بعضها تحصّل على أموال واستعمل من قبل أطراف سياسية وبعضها قريب من رئيس الدولة التونسية قيس سعيد".
ايه هو الخطر اللي بكلموا عنه **** قيس
الغنوشي دعا -في تصريحات لها- "شباب الثورة" والمجتمع المدني والسياسي والجيش والشرطة وغيرهم إلى "الامتناع عن المشاركة في مصادرة إنجازات تونس".
أضاف الغنوشي لواشنطن بوست أن البرلمان "لا يمكن تعليقه" ويظل نشيطا، واصفا تصريحات الرئيس بأنها "باطلة" وغير دستورية.
مقاومة الاستبداد
الغنوشي وزعماء حزبيين اعتصموا أمام بوابة البرلمان المغلقة في وقت مبكر من اليوم الاثنين، حيث منعهم ضباط الأمن من دخول المبنى.
المشاعر الشعبية تبدو إلى حد كبير إلى جانب الرئيس، مع تصاعد الانتقادات للحكومة في الأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أنه حافظ على دعم قوي في استطلاعات الرأي العام.
*
نبذ كل أشكال العنف، وتعزيز الحوار السياسي لحل القضايا في هذا البلد.
*
انقلاب تونس
الخطر يحيط بتونس منذ زمن بعيد، لأن شعبها هو الذي ألهم الشعوب العربية وقادها للثورة على الطغيان، ولانتزاع الحرية التي غابت شمسها عن سماء الأمة طوال القرنين الماضيين.
لو نجحت الديمقراطية في تونس لأصبحت مثالا تتطلع له قلوب العرب، وتمضي في الطريق نفسه تكافح من أجل بناء تجاربها الديمقراطية التي تحقق لها الاستقلال الشامل والتقدم القائم على الاكتفاء الذاتي.
المعرفة حق للأمة
منذ فترة طويلة وأنا أتابع الأحداث في تونس، وكان من أهم نتائج تلك المتابعة أن وسائل الإعلام حاولت إغراق الأمة في تفاصيل يمكن أن تحجب الحقيقة وتزيف الوعي، مثل الخلافات بين الأحزاب والاتجاهات السياسية التونسية وما يحدث في البرلمان، وهتافات العلمانيين ضد رئيس المجلس راشد الغنوشي.
الدستور هو الأساس الذي تتفق عليه كل القوى السياسية والفكرية لإدارة المجتمع والشؤون العامة وحماية الحريات، لذلك كان الحفاظ على دستور 1923 وتطبيقه من أهم محاور كفاح الشعب المصري قبل عام 1952
قوى الاستعمار والاستبداد تدير المشهد فتدفع العلمانيين لتدمير التجربة الديمقراطية كما حدث في مصر قبل انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، وربما تكون أهم النتائج الإيجابية التي حصلت عليها الأمة في سنواتها العجاف أن حقيقة العلمانيين أصبحت واضحة، فهم يرفعون شعارات الحرية والديمقراطية خداعا للشعوب، وهم لا يؤمنون بتداول السلطة، وحق الشعب في اختيار المشروع الذي يبني على أساسه مستقبله، وأنهم يقومون بتدمير التجربة الديمقراطية إذا اختارت الشعوب الاتجاه الإسلامي، وهذا يوضح عدم إخلاصهم لقضية الديمقراطية، كما أنهم يطبقون معايير مزدوجة تتنافى مع العدل وتشكل أساسا للظلم والاستبداد.
لماذا يقف العلمانيون مع الاستبداد والدكتاتورية ويؤيدون الانقلابات العسكرية في مواجهة الاتجاه الإسلامي؟!
تاريخ الأحزاب العلمانية توضح أن هناك علاقة قوية بين التبعية لأميركا ودول الاستعمار القديم بريطانيا وفرنسا ورفضها للإسلام لأنه يمكن أن يقود كفاح الشعوب لتحقيق الاستقلال الشامل، وربما يكون شعب تونس هو الأقدر على معرفة تلك الحقيقة.
العلمانيين يمكن أن يدمروا المجتمعات حتى لا تصبح إسلامية، وذلك يتفق مع موقف فرنسا من الإسلام ونشرها للإسلاموفوبيا والقوانين التي تصدرها لفرض القيود على المسلمين بحجة أن الإسلام يتناقض مع قيم الجمهورية.
التحالف بين فرنسا والاستبداد العربي
صحافة حرة تكشف للأمة الحقائق، فوعي الشعوب ومعرفتها بالعدو هما بداية مرحلة الكفاح لتحقيق الاستقلال الشامل.
كان الاحتلال الإنجليزي والملك يقومان بتعطيل الدستور لتمكين وزارات الأقلية التابعة لهما من الحكم، واستبعاد الأغلبية التي تنجح في الانتخابات.
ظهرت بعد ذلك أساليب أخرى أكثر خطورة هي تطبيق الدستور بأساليب انتقائية ومعايير مزدوجة، وهذا يتناقض مع روح الدستور وهدفه، فلا يجوز استخدام نصوصه لتعطيل الحياة السياسية أو حرمان الأغلبية من حقها في الحكم.
قوى الاستبداد والطغيان تجيد العبث بالدساتير والتلاعب بها، والبحث عن ثغرات تتيح لها إجهاض التجارب الديمقراطية كما حدث في مصر عندما أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بحل مجلس الشعب بحجة وجود نص غير دستوري في قانون الانتخابات، فألغت بذلك أول مجلس يختاره شعب مصر في انتخابات حرة نزيهة منذ عام 1951.
مبدأ أن العبث بالدستور واستغلال الثغرات الموجودة فيه هو انتهاك للدستور نفسه وإجهاض للديمقراطية وتقييد لحقوق الشعوب.
حالة الضرورة
من أهم الثغرات التي تستغلها قوى الاستبداد والطغيان ما يطلق عليها حالة الضرورة التي تتيح للحاكم أن يتخذ من الإجراءات ما يمكن أن يحمي الأمن القومي أو السلم العام في حالة قيام خطر يهدد أمن البلاد، ومن بين تلك الإجراءات فرض حالة الطوارئ التي تتيح للسلطة عدم التقيد بالإجراءات التي ينص عليها الدستور، خاصة في مجال الحريات العامة.
وقد قدم الرئيس قيس سعيد نفسه للشعب التونسي بأنه أستاذ القانون الدستوري، وأن طلابه في الجامعة الذين كان يدرس لهم هذا القانون هم الذين دفعوه للترشح للرئاسة، وهذا يعني أنه بنى صورته الذهنية كرئيس على أنه يمكن أن يحمي الدستور
الكثير من الدول يتم استغلال هذه الثغرة لإجهاض الديمقراطية، فحالة الطوارئ مفروضة في مصر منذ عام 2013 حتى الآن، لكن ذلك يشكل تلاعبا بالدستور، وسوء نية في اختيار النصوص التي يتم تطبيقها، وتعسف في استخدام الحق.
حالة الضرورة يمكن تصنيعها عن طريق أحداث مثل المظاهرات والتفجيرات التي دبرها عبد الناصر في القاهرة عام 1954، ودفع العمال للهتاف ضد الديمقراطية والمطالبة بسقوط الدستور.
المشهد المصري عام 2013، والمشهد التونسي عام 2021، وهذه الأحداث يستغلها الحاكم المستبد لتعطيل الدستور، وإجهاض الديمقراطية والانفراد بالحكم والسيطرة على مؤسسات الدولة.
بنى صورته الذهنية كرئيس على أنه يمكن أن يحمي الدستور، ويحافظ على حق شعب تونس في الديمقراطية، وبالتأكيد فإن أستاذ القانون الدستوري يعلم أن الدستور يحمي إرادة الشعب وحقوقه ويكفل الحريات العامة
ولى خسائر الرئيس قيس سعيد صورته الذهنية التي كافح لبنائها، وهي ثروته الحقيقية، وربما تتشكل له صورة ذهنية جديدة باعتباره أول أستاذ قانون دستوري يتلاعب بالدستور، ويجهض التجربة الديمقراطية.
القوة الغاشمة
خطاب قيس سعيد، وأرى أنه افتقد القدرة على الإقناع وتجاوز الدستور، وهدد شعبه بإطلاق وابل من الرصاص عليهم، وهذا يعني أنه يستخدم القوة الغاشمة ليمنع شعبه من التعبير عن رأيه في الإجراءات التي اتخذها، كما أنه استخدم قوة الجيش في إغلاق البرلمان، ومنع النواب المنتخبين الذين يمثلون الشعب من دخوله.
يضرب أساس شرعيته وهو الانتخاب، فإذا كان قد وصل إلى كرسي الرئاسة بأصوات شعبه فإن النواب قد وصلوا إلى مقاعدهم البرلمانية بأصوات هذا الشعب.
لو أن الرئيس قيس سعيد أحاط نفسه بمستشارين يدرسون الواقع بعمق ويستشرفون المستقبل لأوضحوا له أن الإجراءات التي اتخذها ستشكل خطرا عليه، وأنه سيخسر كثيرا، فالقوى التي دفعته للانقلاب على إرادة شعبه سوف تتخلص منه بعد أن يقوم بدوره في تحقيق أهدافها لأنها لا تريد حاكما منتخبا في أي دولة عربية، وهي ضد الانتخابات والديمقراطية والحرية.
التجربة التي يريد أن يستنسخها وهي التجربة المصرية فيمكنه أن يسأل عن نتائجها، وهل سيسمح له شعب تونس بتكرارها.
كما ألهم شعب تونس شعوب العرب وقادها في ثورات الربيع العربي يمكن أن تلهمه التجربة المصرية فيتوحد للدفاع عن حقه في تقرير مصيره، ويعلن رفضه هذه الإجراءات حتى لا تصبح تونس مثل مصر.
التجربة المصرية ألهمت شعب تركيا فدافع عن ديمقراطيته وتمكن من كسر الانقلاب وحقق التقدم، فأصبحت تركيا قوة عالمية تبني اقتصادا يقوم على الصناعة والمعرفة والإبداع والتخطيط للمستقبل وليس على القروض.
قوى الاستعمار والاستبداد التي دفعته لها تريد إسقاطه بعد أن تستخدمه في إجهاض آمال شعبه في الحرية والديمقراطية، ولعله يفهم أنه يختلف عن أولئك الطغاة فهو حاكم منتخب، وهذا هو مصدر قوته، ويمكن أن يفكر في أن يجمع قوى شعبه ويوحدها، ويدير مناقشة حرة لتقوية التجربة الديمقراطية التونسية بدلا من أن يحقق أهداف فرنسا وأميركا وطغاة العرب، وهو يعرف ماذا يمكن أن يحدث له بعد ذلك.
الأحزاب العلمانية التونسية فلن يكون مصيرها أفضل من الأحزاب المصرية التي استدعت الجيش للانقلاب على الديمقراطية.
الدفاع عن حرية الشعوب والكفاح من أجل تحقيق الاستقلال شرف ومجد لا يستحقه إلا الذين يمتلكون الشجاعة ويتمسكون بالمبادئ ويحافظون عليها، والأمة تحتاج إلى قيادة تقوم على المبادئ والمعرفة والأخلاق، تقود شعوبها لتغيير الواقع الكئيب.
الثورات المضادة لها وصفة.. فماذا عن الثورات الشعبية؟
على نار هادئة تقوم الثورات المضادة بشيطنة التيار الثوري مستغلة حداثة عهده بالحكم، ومن ثم تجنيد الإعلام في مهمة تيئيس الشعب من الثورة حتى لو مرت عليها سنين، واستغلال ظرف ما، وفي حالة تونس تفشي فيروس كورونا، لإقناع الشعب بفشل الحكومة والأحزاب المولودة من رحم الثورة، وهو ما يصاحبه بالنتيجة التضييق الاقتصادي على البلاد بمنع الاستثمار والمعونات، ثم إدخال البلاد في دوامة الفوضى الأمنية بعد تشكيل مجاميع فوضوية تقوم بهذا الدور، وهو ما حدث بالأمس بطريقة فاشلة، ليخرج سعيد لإنقاذ المشهد الساقط بقرارات متسرعة، كمن يريد أن يزوج العروس قبل أن تظهر علامات الحمل عليها.
شراء ذمم قوات الأمن وبعض رجال الجيش لتمرير مخطط الفوضى وتأمين الانقلاب لاحقا، وهو ما شاهدناه باجتماع سعيد بقيادات الصف الثاني في الجيش والشرطة ليظهر على أنه مدعوم، لتخرج تظاهرات من رافضي الثورة وأصحاب المصالح ومن ثم إقناع العالم إعلاميا أن القرارات مؤيدة شعبيا، ثم تنصيب موال، يقوم بمهام السكرتارية للدول الراعية للانقلاب، هذا حرفيا ما تم ويتم الآن في تونس، لكن في المقابل أين خلطة الثورة لرد العدوان على إرادة الشعب؟
لقد كان رد فعل حركة النهضة والأحزاب أمس ضعيفا، واستدرجوا في جدل قانوني ودستوري وكأن ما يحدث لم يشخص على أنه انقلاب، فماذا يعني أن يعطل الدستور ويقيل الوزارة ويحل البرلمان، بل وينص على رفع الحصانة عن النواب، ما يعني نيته على ملاحقتهم، ثم يظهر بعد ذلك أنه اعتقل أو أوقف رئيس الوزراء، ألا يعد كل ذلك انقلابا؟!
كلمات الرئيس الثوري المنصف المرزوقي أثر على توصيف الأمر، وحسنا فعلت الأحزاب بالذهاب إلى البرلمان لعقد جلسة، وحسنا كان رد فعل الجيش الذي طوّق البرلمان، لكي يظهر حقيقة السطو على إرادة الشعب بقوة السلاح، إن تلك المواقف تثبت المتردد وتدفع المتكاسل، ولا أظن أن خروج العشرات أمام الجماهير الغاضبة لقصف الثوار بالحجارة سيثني أبناء الثورة عن عزمهم لاستردادها، لقد كانت عبير موسي تحشد بأموال الإمارات لشيطنة المجلس، فجاء دور عشرات من شاكلة عبير موسي لدعم الثورة المضادة.
الطغاه والاصلاح
"ظل الله في الأرض". بل وتطور الأمر ببعضهم أن يروا في أنفسهم تلك النجدة الإلهية أو الإغاثة التي أرسلها الله إلى الناس، فيرى الواحد منهم -الحاكم- أنه صاحب جميل على الشعب، وأن الشعب مدان له، فلا يصح بأن يُسأل عما يفعله، فهو في ظنه وفي ظن أتباعه "ظل الله في الأرض"!
يعود ذلك إلى السبب النابع من نرجسية الحاكم وقوقعته السلطوية التي يقبع بداخلها، فيرى أنه مركز الكون، أو أنه خرج لتوه من دائرة الحياة ليكون مركزها الذي يستقطب الناس حوله، فلو سقط المركز سقطت الدائرة، ولهذا السبب يشرع بعض الحُكام في إخراس الأصوات المُعارضة، خاصة ولو كانت تلك الأصوات داعية إلى التجديد والإصلاح.
كما حدث مع الأفغاني، والذي ظل طوال حياته داعيًا إلى الإصلاح، ومُناديًا بنهضة وتحرر الأمة الإسلامية من تحت عباءة الاستعمار، آملاً أن تنال تلك الأمة المكلومة بعضًا من الميزات الديمقراطية في يوم ما. وكانت تلك الدعوة التي سعى الأفغاني بها لا تروق مسامع الطغاة، فكان مصيره السُم!
*
"مَن سيُطلِق رصاصة واحدة في سياق الاعتراض على هذه القرارات سيُواجَه بوابل من الرصاص من القوات المسلحة والأمنية ليس له حصر"،
المرزوقي أن الرئيس سعيد "خرق الدستور الذي أقسم عليه وأعطى لنفسه كل السلطات واعتبر نفسه رئيس الجهاز التنفيذي (الحكومة) والقاضي الأول".
أستاذ القانون الدستوري البالغ من العمر 61 عاما، في 2019
أراد الرئيس التونسي التأسيس لنظام رئاسي بدلا من النظام الحالي المختلط الذي يضع معظم الصلاحيات بيد رئيس الوزراء الذي يُعيِّنه الائتلاف الحاكم.
حلَّ الصدام الأبرز، في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، حين رفض قيس سعيد المصادقة على تعديل وزاري اقترحه المشيشي وصادق عليه البرلمان التونسي، رافضا دعوة الوزراء الجدد إلى أداء اليمين الدستورية أمامه، مُعتبِرا أن التعديل شابته "خروقات"، وهو ما لم يقبله المشيشي. بالتزامن مع ذلك، تسبَّبت تصريحات لسعيد أنّ صلاحياته بوصفه قائدا أعلى للقوات المسلحة تشمل أيضا قوات الأمن الداخلي وليس الجيش فقط في تصعيد خلافه مع حكومة المشيشي بشأن الصلاحيات.
*
* Jul 28, 2021
#قيس_سعيد ترند.. "ثورة" فيسبوك أخرى
أغلبية التونسيين على فيسبوك يعلنون مساندتهم لقرارات الرئيس قيس سعيد ويعتبرون ما قام به خطوة هامة على الطريق الصحيح وتنفيذا لمطالب الشعب.
لا يزال قيس سعّيد الشخصية الأكثر شعبية في تونس، وبعيدا عن قاعدته، من المرجح أن تروق تحركاته أيضا للتونسيين الذين يسعون إلى رئاسة قوية".
بات الرئيس التونسي ظاهرة، إذ حصل على دعم كبير من عدد من المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويساهم مؤيدوه، وهم في أغلبهم من الشباب، في توسيع دائرة الدعم الخاصة به.
تضم شبكة أنصار الرئيس عددا كبيرا من الطلبة الجامعيين، إذ أشارت النتائج التقديرية حسب المستوى التعليمي إلى أنه يحظى بتأييد 86.1 في المئة من حملة الشهادات الجامعية. ويمارس هؤلاء الشباب المواطنة الرقمية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مع التعويل على الذات دون الحاجة إلى وصاية تنظيمية أو حزبية ودون أدلجة. ويستخدم فيسبوك في تونس أكثر من 7 ملايين من أصل 11 مليون تونسي.
يمثل الشباب الذين أعمارهم أقل من 35 سنة، 59 في المئة من مستعملي الإنترنت. ومن جانب آخر، يتعرض الرئيس سعيّد لهجوم واسع من الجيش الإلكتروني لحركة النهضة.
بالانقلاب لأن “الانقلاب يقوم به الجيش عادة والقرارات صدرت عن رئيس منتخب”. وقال تونسيون إن كان انقلابا فهو محمود.
الدساتير والقوانين هي مواضعات تُحترم وتُخرقُ وتُؤَوّل وفق علاقات القوّة. ليس هناك تأويل أصحّ من تأويل بل هناك تأويل مسنود أكثر من التأويلات الأخرى. يا من تنشد الحق، لا تبحث عن سندات تأويلك لدى الفقهاء ومدمني النصوص والشكل والصيغة والأسلوب، فتلك متاهة ومَهلكة. ابحث عن سند تأويلك في أعين أبناء البلد المظلومين والمسروقين والمجوّعين والمعطلين والمكلومين. تحصّن به وبهم وتوكّل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق