أفراد العائلة منسجمين ويعيشون حياة
تشاركية ليس على المستوى المادي فقط بل
على المستوى النفسي وهذا هو الأهم، كلما
كانوا قادرين على إنتاج الحياة الإيجابية.
فالتشارك يعني الامتداد والتواصل الروحي
بين الجميع يحسون بأزمات بعضهم
ويبحثون بجدية عن الحلول ويؤازرون
بعضهم في حالات الصحة والمرض، والنجاح
والفشل، والهدوء والتوتر، والشجاعة
والخوف.. في بعض الأحيان يقوم أحد أفراد
العائلة بحركة بسيطة جدا تكون كفيلة بأن
تعطي درسا تربويا غاية في الأهمية، كأن
ّ يربت على ْ كتفي مراهق أخطأ قولا أو فعلا أو
فشل في امتحان ما
من ّ زواره -عمدا أو تلقائيا- ويفصحون عن
خوفهم ويدعمون ذلك بألفاظ من قبيل ”أصبح
جسدك نحيلا“، ”وجهك ّ مصفر“، وتكثر
التحليلات الطبية دون معرفة علمية، وهو ما
يزيد من وطأة المرض على المريض.
قد يصل التفكير السلبي بالبعض إلى
ّ حد التفكير في الانتحار،
وينطلق بدافع الحياة ليجابه مشكلاته
اليومية مبتسما حالما واثقا في مستقبل
أفضل.
هذه الثقافة يجب أن تدخل في منظومة
التربية الأسرية منذ الصغر،
سوى تجربة من تجارب الحياة، فـلكل جواد
كبوة“، وعليه بإمكاننا أن نتعامل مع الفشل
وفق هذا المنطق دون إطلاقية فـكل جمال به
شيء من القبح، وكل قبح لا يخلو من جمال
نستثمر الفشل والأوقات العصيبة لننطلق في
بناء جديد، فإن ذلك لا يعدو كونه أخطاء أو
أفكارا يجب تصحيحها في التجارب اللاحقة
وكما يقال ”الضربة التي لا تقصم ظهري
ّ تقويني“
(كم يملك اليوم؟ أين وصل الآن؟ ماذا أنجز حتى اللحظة؟)
إننا نهمل أهم جزء في هذه السير، وهي عدد مرات الفشل التي مروا بها، والتي كانت كل واحدة منها خطوة جديدة نحو تحقيق النجاح.
تصنع المدارس والجامعات أناساً يظنون أنهم أذكياء لكنهم ليسوا كذلك. وتصنع المدارس والجامعات أيضاً أناساً يظنون أنهم أغبياء لكنهم ليسوا كذلك. لا تدع المدرسة أو الجامعة تصنفك أو تحدد ماهيتك ومستقبلك وطموحك وعملك.... إرسم مستقبلك بنفسك.
السعي نحو الكمال بالخوف من الفشل أنهما يسيران جنبا إلى جنب، إذ يدفعانك إلى الاعتقاد بأن النجاح لا يعني الانشغال بتحقيق شيء جيد، بل معناه التركيز على عدم ارتكاب أمر سيئ، فإذا كنت تعاني من الخوف من الفشل فستفهم جيدا ما أعنيه بالضبط، سعيك نحو تحقيق النجاح، الذي يجب أن يتراءى لك بوصفه رحلة مثيرة نحو وجهة مذهلة ورائعة -كما يقول متسلق الجبال الإنجليزي جورج مالوري- يتحول إلى مهمة شاقة ومنهِكة للغاية، مع تركيز كامل طاقتك على عدم الانزلاق من حافة المنحدر.
من المثير للدهشة أن الأشخاص الذين يخشون الفشل ليسوا في حاجة لطمس أو إخماد الخوف نفسه ليصبحوا بذلك أكثر سعادة، وإنما عليهم -بدلا من ذلك- اتباع طريقة لترويض الخوف من الفشل بداخلهم، هذه الطريقة هي التحلي بالشجاعة وصقلها، ولإثبات ذلك، أجرى ستانلي راتشمان، عالم النفس وأستاذ جامعي في قسم علم النفس بجامعة كولومبيا البريطانية، بحثا في الثمانينيات استمر لعقود على أشخاص يعملون في مهن خطرة، مثل المظليين (وحدات من الجنود المدربين على استخدام المظلات)، وخبراء المفرقعات.
إن انعدام الخوف أمر غير طبيعي، بل وخطير، لأنه يؤدي بالتبعية إلى خوض مخاطر طائشة والتحلي بقيادة سيئة، بينما على الجانب الآخر، يمكن للشجاعة أن تساعدك على تحقيق التوازن بين الحذر وإيجاد حلول، حتى لو كان الشيء الوحيد الذي تعمل على تهدئته هو صراعا نشب في مكتبك
أجريت ذات مرة محادثة مع طبيب أورام حول ما يعنيه إعطاء المرضى تشخيصا مؤلما لمرحلة سرطان متأخرة، فقال إن بعض مرضاه -الذين لديهم رغبة خاصة في السيطرة بإحكام على جميع أجزاء حياتهم- يعودون على الفور إلى منازلهم ويبدؤون في البحث عن تشخيصهم على الإنترنت، وكان ينصحهم بألا يفعلوا ذلك، لأن البحث سيجعلهم يمرضون من القلق، وبدلا من ذلك عليهم أن يبدؤوا يومهم بهذا الشعار: "لا أدري ما الذي ينتظرني الأسبوع المقبل أو العام المقبل، لكنني أعلم أن لدي هدية أمتلكها الآن، وهي هذا اليوم، ولن أضيّعها".
ثبت أن مجرد محاكاة بيئة الخطاب باستخدام الواقع الافتراضي يقلل من مخاوف الناس بشكل كبير (الواقع الافتراضي هو تجربة العيش في واقع غير موجود عبر تقنيات حاسوبية تسمح لك بتجربة عالم ثلاثي الأبعاد أقرب ما يكون للواقع).
يمكن لأي شخص استخدام هذه الفكرة، حتى دون جهاز محاكاة الواقع الافتراضي "VR simulator"، فاستخدام الخيال المركّز البسيط سيكون كافيا، وبدلا من تجنب مصدر الخوف حتى في عقلك، اقضِ وقتا كل يوم في تخيل سيناريوهات مخيفة، مع احتمالات واردة للفشل، تخيل نفسك تتصرف بشجاعة رغم الخوف الذي يستبد بك. لقد تدربت على ذلك في وقت مبكر من مسيرتي التعليمية متخيلا احتمالية لكل شيء، بداية من الركاكة والسطحية (كنسيان ملاحظاتي)، إلى العبثية والسخف (كإدراكي بعد محاضرة استمرت لمدة ساعة أن زر بنطالي كان مفكوكا طوال الوقت، وهو موقف حدث لاحقا في الحياة الواقعية)، وسرعان ما اكتشفت في الواقع أنني تحليت حينها بشجاعة أكبر أمام الفصل نتيجة لذلك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق