الأربعاء، 7 يوليو 2021

«الإسلام السياسي» مصطلح ملتبس لغةً ومريب مضموناً ********

 Jul 25, 2020 الإسلام الاقتصادي وليس «الاقتصاد الإسلامي»، وعلى هذا المنوال يُمكن اشتقاق عبارات من قبيل: الإسلام الصناعيّ والإسلام الزراعيّ والإسلام التلفزيونيّ.. إلخ، وهذه صيغٌ لا معنى ولا مسوّغاً لغوياً لها.

فهل الإسلام هو دين سياسي، أم أنّه دين كسائر الأديان يستغلّه ويستلهمه السياسيّون وأهل السلطان وأهل الفكر والعقائد السياسية لخدمة مشاريعهم الخاصة؟

فإمّا أن يكون من منتجات الترسانة الإعلامية والاستشراقيّة الغربيّة العنصريّة المعادية للإسلام والمسلمين عموماً، أو أنّه هفوة من نِتاج لغة مبتكر المصطلحات السياسية العاجزة عن الابتكار الإصلاحيّ الصحيح من قِبل مؤلفين ومترجمين عرب، والاحتمال الأوّل قد يكون أقوى من الثاني! كيف ذلك؟

(الإسلام السياسي: هو اسم عام لجميع التيارات الإيديولوجية التي تهدف إلى إقامة دولة على أساس مبادئ الإسلام، سواء على مستوى الدولة أو على مستوى المجتمع. وكقاعدة، هو مرادف للإسلاموية، والمصطلح الأخير يركّز على ما هو أكثر من توصيف سياسي لهذه الحركات من الناحية الدينية البحتة).

هادي العلوي أوّل من شكّك بالمصطلح في معرض نقده العلمانية الاستشراقية التي تتذرّع بـ «السياسي» لتموّه كرهها لـ «الإسلام»

 «أحد جوانب النهضة الإسلاميّة التي بدأت في القرن العشرين» بما يلمِّح إلى مفهوم «الصحوة الإسلاميّة» الشائع في النثر السياسي الحزبي الإسلامي، وهذه المفاهيم قد يكرّرها الإسلاميون دون تردّد أو تحفّظات رغم ما تثيره من إشكالات ماهوية في التحليل اللغويّ والمضموني. ولكنْ كِلا التعريفين، الفرنسي والإنكليزي، لا ينفيان مشبوهية هذا الاصطلاح باللغة العربية،

 لو بحثنا عن أيّ نظير مسيحي أو يهودي أو بوذي لهذا المصطلح فلن نجد. 

هل هناك بديل لمصطلح «الإسلام السياسي»؟ نعم، هناك الكثير والأكثر دقّة لغة ومضموناً! يمكن أن نقول: الأحزاب الإسلامية، القوى السياسية الإسلامية، التنظيمات الإسلامية، التيارات الإسلامية، ويمكن لنا أن نحدّد في التفصيل أكثر فنقول «الجهادية السياسية» و«السلفية الجهادية» أو «السلفية الانتحارية» تفريقاً بينها وبين الحركات السلفيّة السياسيّة المسالمة التي تخوض العمل البرلماني ولها ممثّلون في عدد من البرلمانات العربية كالكويت والمغرب بغضّ النظر عن فكرها وبرامجها السياسية إن كان لديها برامج، من دون أن يتغيّر المضمون المُراد، بل سيكون أكثر دقّة وبُعداً عن الشبهة والريبة والاستهداف الاستشراقيّ العنصريّ.

ختاماً، أسجّل أنّ أوّل من شكّك بهذا المصطلح هو رفيقي وأستاذي الراحل هادي العلوي في معرض نقده للعلمانية القشرية كما يروّج لها المتأثّرون بالاستشراقيّة الغربيّة، وقد كتب حينها (وهكذا يصبح العدو الأوحد لتسعين بالمائة من مثقفينا هو الإسلام (السياسي) هذه اللاحقة «السياسي» للتمويه، فالعدو هو الإسلام نفسه: تاريخه الحضاري وتراثه العظيم ومنجزاته العالمية التي مهّدت، بالتكامل مع منجزات الحضارة الصينية، لولادة العصر الحديث. ص46 من «كتاب المرئي واللامرئي في الأدب والسياسة»).

(هادي العلوي - حوار الحاضر والمستقبل). في هذا الكتاب قال الراحل: «بعد زوال الاتحاد السوفيتي تُفتح ساحة الصدام بين بعض الإسلام وكلِّ الغرب. وأعتقد أن الصراع لن يدوم لأن الإسلام السياسي بمؤسسيَّته الدينية لا يتناقض جذرياً مع الغرب خلافاً لأوهام أو مصادرات الكتاب الغربيين.. .فالتناقض لا يكون بين الأديان أو بين الأيديولوجيات لأنّ أساسه سياسي واقتصادي، نعم، سوف يتجذّر التناقض بين الإسلام السياسي والغربي إذا تبنّى الإسلام السياسيّ الاشتراكية الماركسية وعندئذ سيكون الانقطاع المطلق عن الاقتصاد الرأسمالي هو التناقض الأكبر والحقيقي». (ص 61). 

*

عسر غربي مزمن في فهم الإسلام السياسي والإرهاب

May 26, 2021

الإسلام السياسي، مصدر الإرهاب الجهادي: مثل بن لادن، ثلاثة أرباع المجاهدين الممارسين للإرهاب ينحدرون من الطبقات العليا والمتوسطة. أما هؤلاء الفرنسيون المعتنقون الجدد للأصولية الإسلامية، فلا علاقة لأغلبهم لا بالأحياء الفقيرة ولا بالبطالة ولا بالقهر، فجلهم ينتمون إلى الطبقة المتوسطة والبورجوازية. 

بعد سقوط هذه المقاربة السوسيو-اقتصادية للأصولية وإرهابها، يحاول الكثيرون اللجوء إلى التفسيرات السيكولوجية، فيريدون تقديم الإرهابيين على أنهم مرضى يعانون من أمراض عقلية أو اضطرابات في الشخصية وغيرها من التبريرات الزائفة. وفي الحقيقة تقف هذه الفرضية على اعتقاد مفاده أن كل مجرم هو مريض نفسي بشكل من الأشكال.

لئن كان صحيحا أن في كل مجرم شيئا من الجنون يقل أو يكثر حسب الأفراد، فالإرهابي ليس مجرما ككل المجرمين، ولم تصل إلى تأكيد هذه الفرضية الكثير من الدراسات التي حاولت البحث في العلاقة ما بين المرض العقلي والإرهاب. ولكن لا يمكن نفي وجود بعض المضطربين نفسيا يتم استغلالهم من طرف عرابي الجهاد، هؤلاء الذين ينتحرون بأجساد المهمشين.

كتاب “الوجه الحقيقي للإرهابيين، علم نفس وعلم اجتماع  الجهاديين”، الأطروحات الشائعة حول شخصية الإرهابي التي ربطت زورا بمفاهيم “النرجسية الباثولوجية” و”جنون العظمة” و”الشخصية المتسلطة”.            
وحتى وإن قام بعض المسلمين المختلين عقليا بأعمال عنف وهم يصرخون “الله أكبر” وغيرها، فهم يفعلون ذلك كمحاكاة، متأثرين بعدوى الإرهاب الذي يرونه على شاشات التلفزيون. فلا يقومون بالفعل الإرهابي لأنهم مرضى وإنما يقلدون الإرهابيين الأصحاء. ولا يجانب مارك ساجمان الصواب حينما يفيد بأن الإرهابيين ليسوا مجانين ولا مرضى نفسيين، وإنما هم  مؤدلجون. وربما يأتي الخطأ من صعوبة تعريف المرض العقلي، وأيضا من ذلك الميل إلى ربطه اليوم بكل الاضطرابات النفسية، الاكتئاب والإدمان على تناول الكحول، وازدواج الشخصية أو الفصام. ومن هنا فإن الزعم بأن التطرف الإسلاموي مرض عقلي ما هو سوى عبث لا طائل من ورائه بل هو الخطأ عينه.

من العبث واللامسؤولية اعتبار الإرهابيين مرضى. إنهم محاربون مقتنعون بأنهم يفعلون ما يأمر به ذلك الفهم الديني، الذي تعلموه من شيوخ الأصولية كيوسف القرضاوي وغيره. وكل محاولة لإلصاق نعت الجنون بهم هو تقليل من مسؤوليتهم ومن خطورة أفعالهم. لقد أعلنوا حربا على أوروبا والغرب كله، وعلى نمط حياته وتوقه لحرية الإنسان والحق في تفرده. وليس على الغرب فحسب بل على الإنسانية جمعاء الاستعداد للحرب، وليس التمادي في محاولة لإيجاد تبريرات طبية أو اجتماعية لجنود يحملون أيديولوجيا معادية لقيم العصر وعازمون على تقويضها.

*

لا مستقبل للعرب في ظل الإسلام السياسي


الإسلام العربي صار مستضعفا بعد أفول الحضارة العربية وبعد أن انتشرت العقيدة الإسلامية بين أمم لا تتكلم العربية ولا تقيم وزنا للثقافة العربية لأنها لا تعرفها. بل إن بعض تلك الأمم كالأتراك والفرس ينظر إلى العرب بطريقة غير ودية، كونهم احتكروا التنزيل الإلهي بلغتهم وأقاموا على أساسه حضارتهم التي أثبتوا من خلالها تفوقهم على الأصعدة السياسية والعسكرية والعلمية والاقتصادية والثقافية. كان فجّر الإسلام مناسبة لظهور العرب أمة لها خصوصية ثقافية في التاريخ البشري.

 الإسلام الفارسي على سبيل المثال نكتشف أن الممرات التي تصل بينه وبين العقيدة المحمدية تكاد لا تُرى. بل إن الفروع الفارسية طغت على الأصول الإسلامية حتى صار التعرف على الإسلام من خلال الدرس الديني الفارسي أمرا في غاية الصعوبة. أنت أمام دين آخر بطقوس هي مزيج من الغطاء الإسلامي والعادات والشعائر المحلية. يصح ذلك الحكم على الإسلام الهندي والإسلام الأفغاني بدرجات متفاوتة.

لا أريد هنا أن أدخل في متاهة الإسلام الصحيح. فالدخول إلى تلك المتاهة بحثا عن أصول معروفة هو أيضا نوع من التعبير عن الاضطراب والارتباك في الرؤية والتفكير. فالدين ليس واحدا وهو أشبه بالسائل الذي يأخذ شكل الإناء الذي يوضع فيه. ذلك ما يستنكره السلفيون وهم محقون غير أن الواقع يقره وهو ما فرض نفسه على التاريخ.

هل هم مسلمون؟ ذلك ما يقررونه لأنفسهم بأنفسهم. فلا حكم لأحد على أحد في مسألة تتعلق بالعبادة. ولكنْ جماعات وأحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي المسلحة وغير المسلحة لها رأي آخر. رأي يفرض إسلاما بعينه على جميع المسلمين. ومن المؤكد أن ذلك الإسلام الذي تتبناه تلك الجماعات المتشددة لا علاقة له بالإسلام المحمدي الذي يتميز بالتسامح والذي استندت إليه دولتان شبه مدنيتين هما الدولة الأموية التي كان المسيحيون يديرون الكثير من شؤونها والدولة العباسية التي انفتحت على العالم ولم تعتبره دار حرب يقع عليها واجب شن الحرب عليه.

منذ أن عاد المتأسلمون العرب إلى أفكار سيد قطب، التي هي ليست المنطلقات النظرية لا لجماعة الإخوان المسلمين وحدها بل لكل الأحزاب الشيعية وفي مقدمتها حزب الدعوة، فإنهم صاروا ينظرون بطريقة حاقدة إلى الحضارة العربية الإسلامية التي قامت في دمشق وبغداد والأندلس. لم يكن ذلك هو الإسلام الصحيح من وجهة نظرهم. كان إسلاما ليّنا ومرفها ورخوا وسياحيا في حين أن الإسلام الذي يسعون لفرضه على المجتمعات العربية المعاصرة هو إسلام الشدة والحرب والكراهية ومقاطعة العلم والعمل على نشر الخرافة والجهل والشعوذة.

ذلك هو الإسلام الذي حملته وتحمله التنظيمات الجهادية في سوريا وحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق والحوثيون في اليمن وحركة النهضة في تونس. كل هذه الجماعات لا ترى في العروبة إلا عدوا. لقد تحوّل العالم العربي إلى دار حرب ما دام الإسلام وهو الموجه العقائدي يصدر من بيئة معادية للعرب. وإذا ما كان أعداء العرب التاريخيون قد نجحوا في إقامة سدّ بين الانتماء الثقافي العربي والانتماء العقائدي الإسلامي، فإنهم عن طريق ذلك السد قد جذبوا إليهم فئات من الشباب العربي صار عداء العروبة هدفها.

فشل المشروع القومي العربي وسقطت الأنظمة التي كانت محتمية بذلك المشروع. كان المخطط أن يحل الإسلاميون بإسلامهم المنتصر محل القوميين بعروبتهم المهزومة. كانت الهجمة تهدف إلى اقتلاع العروبة. اقتلاع كل بلد عربي تتمكن منه من محيطه العربي. هي حرب الإسلام غير العربي على العرب بحجة عالمية الإسلام. وهي حجة منافقة يُراد من خلالها تغليب أي عنصر اثني غريب على العنصر العربي.

ليس الإسلام السياسي في وجهه المعلن سوى أداة لتدمير العروبة من داخلها باعتبارها حاضنة للإسلام الذي تم الانحراف به عن مساره الصحيح. فالإسلام العربي المستضعف ليس هو الإسلام الصحيح. ولهذا فقد صار لزاما على العرب أن يتخلوا عن عروبتهم ليكونوا مسلمين.

كل التنظيمات والأحزاب والجماعات التي تنادي بالإسلام السياسي لا تخفي عداءها للعروبة ثقافة وتاريخا ومجتمعات.

* Jul 3, 2021

أزمة مصطلح ونخبة

تمتد جذور مفهوم "الإسلام السياسي" إلى مرحلة ما بعد إلغاء الخلافة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين، عندما سقط آخر نظام سياسي إسلامي على يد القوميين العلمانيين الأتراك.

ى دلالة مصطلح "الإسلام السياسي" السلبية في علاقة الإسلام بالحياة، وعلاقة الحركة الإسلامية بالسياسة، ارتبط المصطلح بمفاهيم أخرى تحمل دلالات أكثر سلبية. هذه المفاهيم بضاعة غربية باعها المستشرقون الأوروبيون لتلاميذهم المتغربين العرب، منها ما استخدمه السياسي الفلسطيني في مقابلته الصحافية كمرادف لمصطلح "الإسلام السياسي"، وهو مصطلح "الإسلاموية السياسية" الذي يحمل مضامين توحي بالتطرّف والتشدّد والتعصّب، ويعد مفهوماً مُنحازاً ضد الحركة الإسلامية، يربطها بالعنف والإرهاب و"الإسلاموفوبيا"، ومنها ما استخدمه الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه "خريف الغضب"، عندما جعل الجزء الثالث من الكتاب تحت عنوان "الإسلام السياسي"، واستخدم مصطلح "الأصولية الإسلامية" كمرادف للإسلام السياسي، بمعنى العودة إلى الأصول الإسلامية الأولى، في سياق استعراضه جذور الجماعات الإسلامية التي استخدمت العنف ضد المجتمع والدولة في عهد السادات.

استمر الكُتّاب والإعلاميون والسياسيون من النخبة العلمانية المتغرّبة المرتبطة بالأنظمة الحاكمة المتصارعة مع الحركة الإسلامية في استخدام تلك المصطلحات والمفاهيم السلبية وغيرها، في إطار شيطنة الحركة الإسلامية، وعمدوا إلى ترسيخ خطاب الكراهية والإقصاء ضدها.

ترسيخ خطاب الكراهية والإقصاء ضد "الحركة الإسلامية" أو ما سُمي بـ"الإسلام السياسي" من النخبة المُتغرّبة، وجد من يزوده بالوقود من خطاب التيار المُتطرف التكفيري المنتسب إلى الحركة الإسلامية، الذي جاء كرد فعل على القمع الدموي للأنظمة الحاكمة المستبدة والفاسدة بحق شعبها وبحق الحركة الإسلامية، واستجابة للفهم الحرفي الجامد للنص. وقد استغلوا تطرّف هذا التيار بأجنحته المختلفة في قضايا سياسية واجتماعية وثقافية متعددة، كالمواطنة والديمقراطية والحرية والمرأة وغيرها، لاتهام "الإسلام السياسي" بالرجعية والتخلف والجمود والتحجّر.

كما استندوا إلى ممارسات بشرية خاطئة في التعامل مع الآخر المسلم وغير المسلم، وفي الوصول إلى السلطة أو ممارستها، ليثبتوا ما أسموه فشل الإسلام السياسي، فنشروا كتباً ومقالات بعناوين تعني مدلولاتها أن "الإسلام السياسي" فشل وانتهى إلى غير رجعة، ومنها كتاب المستشرق الفرنسي أوليفييه روا بعنوان "فشل الإسلام السياسي" في العام 1992، وتبعه آخرون بعناوين مشابهة، منها مأزق الإسلام السياسي، وأزمة الإسلام السياسي، وانحسار الإسلام السياسي، وتهشّم الإسلام السياسي، وما بعد الإسلام السياسي... 

الإسلام السياسي الذي يتحدث عنه هؤلاء ليس الإسلام السياسي الذي تحدث عنه الدكتور مصطفى محمود في كتابه "الإسلام السياسي والمعركة القادمة"، ومن ملامحه تجاوز الإصلاح الفردي إلى الإصلاح الاجتماعي والحضاري، وهو الإسلام الذي ينازعهم السلطة في توجيه العالم وبنائه بقيم أخرى، والذي يريد أن يُحرّك الحياة بمبادئ مختلفة؛ الإسلام الذي يريد أن ينهض بالثقافة والعلم والاختراع والتكنولوجيا، ولكن لغايات أخرى غير التسلّط والغزو والعدوان والسيطرة.

إذا كانت النخبة العربية العلمانية المتغرّبة قد استغلّت تطرّف بعض الحركات المنتسبة إلى الإسلام على مستوى الفكر والممارسة، وتخبط مواقفها وتحالفاتها، وتقديم مصالحها على مبادئها، فأطلقت عليها مصطلح "الإسلام السياسي"، ثم شوّهت مضمونه وعممته على كل الحركة الإسلامية بتياراتها الفكرية المتباينة، فإنَّ النخبة الفلسطينية التي تنتمي إلى المدرسة نفسها سارت على دربها، من دون أن تدرك خصوصية الحركة الإسلامية الفلسطينية كحركة مقاومة وطنية بمرجعية إسلامية، أو حركة إسلامية قضيتها المركزية وطنية، فوضعتها في قائمة "الإسلام السياسي"، وأسقطت عليها كل مضامينها ومدلولاتها السلبية.

 رد عليهم المفكر الراحل رمضان شلح، رافضاً تسمية الحركة الإسلامية الفلسطينية بالإسلام السياسي، فقال: "نحن لسنا حركة إسلام سياسي، وأتحدث عن الحركة الإسلامية في فلسطين، وخصوصاً حماس والجهاد، ونرفض هذا المصطلح الذي نحته وصاغه الغرب وتردده أبواقه بيننا لتشويه الإسلام، لأنَّ المراد بهذا المصطلح أنَّ الإسلاميين أدخلوا السياسة في الإسلام فشوّهوه وحرّفوه. نرفض هذا المصطلح، لأنّه مُضلل وكاذب، لأنَّ الإسلام في فهمنا لا يخضع للسياسة، بل هو الذي يوجهها ويحميها من التيه والضياع، وصولاً إلى التماهي مع العدو... لذلك، نحن لسنا إسلاماً سياسياً، ولكن سياستنا إسلامية".

الإسلام السياسي" أزمة مصطلح مستورد من الغرب، ينتمي إلى سياق تاريخي مختلف، ويستخدم كبديل من مصطلح "الحركة الإسلامية" الأصيل. وإن كان لا بد من استخدام هذا المصطلح، فإن الإسلام السياسي الذي يعرفه الأحرار يختلف عن الإسلام الذي يعرفه العبيد؛ الإسلام الذي يوظّف الدين لخدمة السياسة، فيتعايش مع الاستبداد والفساد والظلم والتبعية والاحتلال.

 الإسلام السياسي الذي يعرفه الأحرار هو الذي يجعل الدين موجّهاً للسياسة، فيدفع الناس إلى التمرد والثورة على الاستبداد والفساد والظلم والتبعية والاحتلال. "الإسلام السياسي" أزمة نخبة متغربة تستورد مفاهيمها وثقافتها من الغرب، وتنتمي إلى إطار فكري وسياق تاريخي مختلف عن إطار الأمة وسياقها، وتحتكر مفهومي الإسلام والوطنية في إطار مدرستها الفكرية السياسية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق