الاثنين، 26 يوليو 2021

علاقة ملتبسة المساجد في خدمة الدولة . زكاة المصريين تصل إلى الدولة بدل الفقراء

 يقود الربط بين الفتاوى الدينية والجهود الحكومية في مجالات مختلفة إلى المزيد من العلاقة الملتبسة بين الدين والدولة على مستوى التوظيف السياسي للدين، لأن الحكومة استطاعت إلى حد كبير التعامل مع توظيف تنظيم الإخوان للفتاوى والخطب الدينية من أجل استقطاب أموال المواطنين بعد أن جرى إغلاق العدد الأكبر من الجمعيات الأهلية التابعة لجماعات الإسلام السياسي، لكنها في المقابل تقوم بالأمر ذاته عبر توجيه المواطنين للتبرع لمؤسساتها بفتاوى دينية تحفزهم على التوجه إليها.

 الدولة المدنية المنشودة في مصر يصب بشكل مباشر في مواجهة جماعات الإسلام السياسي، إلا أن الحكومة على الجانب الآخر لا يمكنها أن تتخلى عن الخطاب الديني وترى أن زيادة الجرعة الدينية في المجال العام يسحب البساط من تحت أقدام القوى الإسلامية التي لا تزال تعمل في الخفاء، ويوقف باب المزايدة على الدين.

 العلاقة التاريخية بين الحكومات والأنظمة المصرية المتعاقبة منذ نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والمؤسسات الدينية تقوم على المنفعة المتبادلة، إذ أن المؤسسات الدينية تحتفظ لنفسها بقدر كبير من الهيمنة، في حين أن ارتكان الحكومة إليها في العديد من الأزمات والمشكلات يحافظ على حضورها في المجتمع ويكرس دورها، وبالتالي لا يمكن تهميش الأدوار الدينية لهذه المؤسسات وفقا لمعادلة التوازن التي تجيد التحكم فيها العديد من الجهات الرسمية.

 الخبير في شؤون تنظيمات الإسلام السياسي سامح عيد أن توظيف الفتاوى الدينية لخدمة أهداف الحكومة عبر توجيه الزكاة لمشروعات مجتمعية يؤدي إلى تراجع الثقة بين المواطنين ومؤسساتهم الدينية العريقة، ويخدم مباشرة جماعات الإسلام السياسي التي قد تجد الفرصة مواتية للدخول على خط الفتاوى.

التبرعات عموما من القضايا الشائكة التي يدور حولها جدل كبير، وتصطحب معها مستوى مرتفعا من الشكوك خاصة ما تعلق بالجدوى منها ومدى الحرص على توجيهها إلى مستحقيها فعلياً، ما يؤدي إلى اتساع رقعة الهواجس في عقول المواطنين من هذه الفتاوى وعدم الاقتناع بها في المحصلة النهائية.

تبدو المؤشرات الظاهرة لنسبة وصول الأموال المدفوعة من المواطنين إلى المستحقين من خلال الجمعيات الأهلية أو المؤسسات الحكومية ليست كبيرة للحد الذي يمكن التعويل عليها في إحداث طفرة في المشروعات التنموية، لأن هناك وجوها مختلفة للصرف، الأمر الذي يدركه البعض من المواطنين، ولذلك قد تأتي قراراتهم عكسية والبحث عن جهات لها حضور مجتمعي مؤثر في المناطق الفقيرة أو توجيه الأموال بشكل مباشر إلى الفقراء والمستحقين للزكاة.

 تقديرات صادرة عن الجمعيات الأهلية أن نسبة الأموال التي تصل إلى المستحقين من خلال الهيئات التي تتوسع في عملية الدعاية ولديها مجموعة كبيرة من الموظفين العاملين بها لا تتجاوز الـ20 في المئة، ما يشير إلى وجود نسبة من المواطنين تتعامل مع الفتوى الأخيرة على أنها بمثابة دعم للصناديق والهيئات الحكومية العاملة في مجال الإنشاءات والبناء.

حفر فرع لقناة السويس

الفتاوى الأخيرة تستهدف أن يجري توجيه التبرعات لخدمة الوطن الذي يخدم الدين أيضًا دون أن يكون هناك تركيز على نصرة الشريعة فقط كما كانت تروج تنظيمات الإسلام السياسي، وأن دار الإفتاء ومؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف في مصر هي هيئات حكومية تقوم بدورها لتنوير المجتمع بكل فئاته، بهدف شغل الفراغ الذي تركته جماعة الإخوان والمتحالفين معها في السنوات الماضية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق