الخميس، 8 يوليو 2021

القضايا العامة ولا مبالاة تكشف عن خمول أو لا جدوى من نتائج الحوار . مخاطر اللاحوار

Oct 10, 2018

 أسئلة تبدو للوهلة الأولى بسيطة، ساذجة، مكررة، لكنها أساسية وجوهرية وضرورية فى نهوض أى مجتمع، وفى إصلاح أى ثقافة سياسية لأى كيان، فى أى زمن من الأزمنة.

من هذه الأسئلة الأزلية: هل نحن فى حالة حوار، بمعنى أن يكون هناك رأى ورأى مضاد؟ أم نحن فى حالة أحادية الفكر يسير فيها الرأى فى نفق ذى اتجاه واحد؟
والتنشئة السياسية مرتكز أساسى لتحويل حالة العقل الإنسانى من حالة النقل والتلقين إلى حالة التفكير والجدل.
التفكير والجدل والأخذ والرد هى الجسر الوحيد المؤدى إلى عبور العقل من حالة الفكر الجامد التقليدى إلى حالة الفكر المنفتح الإبداعى.
لا إبداع دون تفكير، ولا تفكير دون نقاش، ولا نقاش دون حوار، ولا حوار دون قواعد أولها الحرية وأهمها الانضباط واحترام الأخلاق والقانون.
وأزمة العقل العربى أنه ينتقل -للأسف الشديد- من حالات شديدة التطرف والحدية أى من حد إلى حد طرف مضاد تماماً مثلما ينتقل من ديكتاتورية صدام حسين فى العراق إلى فوضى مرحلة ما بعد الغزو الأمريكى، أو الانتقال من نظام العقل الواحد فى ليبيا فى عهد العقيد القذافى إلى مرحلة الـ88 ميليشيا التى تحكم البلاد والعباد الآن.
الأوطان لا تبنى بالتطرف، ولا بالغلو، ولا بالقيود، ولكن بالإصلاح والعقل الوسطى، والإبداع الذى يفرض علينا خلق حالة من الحوار المنفتح والمسئول فى آن واحد.

آداب الحوار، وهى فضيلة عقلية مغيبة، فنحن حين نتحاور نتعارك، ففى الجدل حول الدين والسياسة اشتعلت الحرب، وأسرع البعض برفع راية التكفير، ودخلت منظمات حقوق الإنسان مدافعة عن حرية التعبير..
 إذ عجزت أجهزة التعليم بأنواعه أن تربى لدى الطالب السلوك الحوارى الصحيح، وأن تغرس فيه حب الحوار واحترام الآخرين بعيدا عن الغوغائية التى تدل على فجاجة التفكير وضحالة المكتسب العلمى، لقد فرغت أجهزة التعليم العقل من ممارسة الجدل، والصبر على الحوار، واحترام الآخر، والبحث عن المعلومة فى مظانها... وذلك حين اختفت من معاهد التعليم الأنشطة الأدبية والثقافية، وتوارت المسابقات، والمكتبات والصحف المدرسية، وعلم المناظرة، والتعرف على المراجع، وتلخيص ومناقشة نواتج القراءة ومساءلتها.. فضلا عن احتضان الكبار للصغار.

 ولقد صب فى هذا الاتجاه ما يقوم به الإعلام من تجهيل وتسطيح للمعرفة، وإقامة الحوارات التى تسهم فى إشاعة الفرقة وتشييد فكرة الاحتراب فى الرأى والثقافة

لعلنا نتذكر كيف تظاهر الطلبة والشباب فى الجامعات حول ما يتناثر من جدل حول القضايا الثقافية أو الدينية، كالحجاب، أو النقاب، أو الروايات، أو دواوين الشعر، أو الجوائز، أو الرسوم الجانحة، أو تجسيد الأنبياء... وغيرها.. وكيف عالج الإعلام تلك القضايا، بطريقة أججت المشاعر... وهو نفس الدور الذى يقوم به بعد الثورتين الأولى والثانية.

عجزنا عن التدرب على فن الحوار، وهو فن لم نسمح به كثيرا، فانسحب البعض ـ وهم كثيرون ـ إلى الزوايا، والحنايا المظلمة والمقاهى المتناثرة.. وماذا يفعل هذا البعض ـ وأغلبهم من الشباب ـ وهم يرون الكبار يتناطحون، وأطراف الحوار/ العراك.. يعتقد كل منهم أنه الأصوب، فزرعوا بذلك أشواكا من الشك والريبة والتوجس فى مساحة كان يجب أن ترتوى بالوضوح واحترام الآخر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق