الأزمات أبرزها صدمة النفط الأولى في السبعينات، والثورة الإيرانية في 1979، والحرب الإيرانية العراقية في ثمانينات القرن الماضي، والغزو العراقي للكويت في 1990، والغزو الأميركي للعراق في 2003، وطفرة النفط الصخري الأميركي في القرن الحادي والعشرين
المحللين في مركز ستراتفور للدراسات الاستراتيجية والأمنية الأميركي يرون أن الأزمة الحالية مختلفة إذ لم تسبب أي سابقة تحولا جوهريا أنهى تفرد البترول كوقود. وقد دفع هذا كبار أعضاء أوبك إلى التشكيك في مستقبل الكارتل وفوائد التواجد فيه علنا.
أهمية البترول في السوق العالمية إلى الخصائص الفريدة التي جعلته عنصرا لا غنى عنه في قطاع النقل لكن هذه الهيمنة ستتراجع مع تعزيز تنافسية السيارات الكهربائية من حيث التكلفة ومع تضاعف جرأة الحكومات في التقليل التدريجي من سيارات الديزل والبنزين بحلول سنة 2040.
ويبقى التركيز الأميركي في منطقة الشرق الأوسط على الأمن المادي ومواجهة النفوذ الصيني والروسي والإيراني وعلى المخاوف المرتبطة بحقوق الإنسان.
أظهرت الاستجابة لفايروس كورونا المستجد الذي ضرب العالم وانهيار أسعار النفط في 2014 أنه لا يزال بإمكان أوبك تنظيم استجابة كبيرة في أي أزمة إلا أن تنظيم مثل هذه الاستجابات سيصبح أكثر صعوبة في المستقبل. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة التباين في الأسعار أثناء صدمات الطلب والعرض.
*Jan 4, 2021
الامارات والسعودية
شكّلا تحالفًا عسكريا عربيا عام 2015 لمحاربة حركة الحوثي المسلحة الموالية لإيران في اليمن، فضلاً عن فرض حصار دبلوماسي وتجاري على قطر عام 2017.
لكن الصدوع في جسد هذه العلاقة بدأت تتضح منذ عامين، عندما سحبت الإمارات معظم قواتها من اليمن على غير هوى السعوديين.
في يناير/كانون الثاني الماضي، وافق الإماراتيون -على مضض- على اتفاق قادته السعودية لإنهاء حصار قطر، وذلك رغم عدم ثقتهم بشكل تام في الدوحة.
بالمثل، لم تظهر السعودية حماسا لقرار الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل العام الماضي.
السعودية، والإمارات، وقطر وافقت على تنحية الخلافات جانبا في قمة عقدت في يناير/كانون الثاني
لكن الصدوع بدأت تتعمق في فبراير/شباط الماضي، عندما أصدرت السعودية إنذارا نهائيا لشركات متعددة الجنسيات بضرورة نقل مقارها الإقليمية إلى المملكة بحلول عام 2024 تفاديا لخسارة تعاقدات حكومية.
بعد أن رفضت الإمارات اتفاق أوبك بلس المقترَح، أقدمت السعودية -فيما بدا ردا انتقاميًا- على تعليق رحلاتها الجوية إلى الإمارات مع التعلل بتفشّي وباء كورونا كسبب لهذا التعليق. لكن القرار السعودي تزامن مع أعياد إسلامية يتطلع الكثيرون عادة إلى قضائها في دبي.
كما أعلنت السعودية أنها سوف تثتثني بضائع واردة من مناطق حرة أو مرتبطة بإسرائيل من امتيازات جمركية محل اتفاق مع دول خليجية أخرى، بما يمثل ضربة لاقتصاد الإمارات المستفيد من نموذج المنطقة الحرة.
تتبنى السعودية بقيادة محمد بن سلمان استراتيجية اقتصادية أكثر جرأة وضعت المملكة في تنافس مع الإمارات في عدد من القطاعات كالسياحة، والخدمات الاقتصادية، والتقنية.
تمثل السعودية عملاق المنطقة الذي ينهض الآن فيثير قلق الإماراتيين على عدد من المستويات، على حد وصف نيل كويليام الباحث في مركز تشاتام هاوس في لندن.
"في غضون 15 إلى 20 عاما، إذا تمكنت السعودية من التحول إلى اقتصاد ديناميكي، فقد يشكل ذلك تهديدا للنموذج الاقتصادي الإماراتي".
*
لا يهم هذه الأغلبية انحياز روسيا للموقف السعودي، أو تدخل إدارة بايدن لحل النزاع وحث البيت الأبيض الجميع على ضبط النفس، حتى لا يلقي الخلاف النفطي الخليجي بظلاله السلبية على أسعار النفط.
عندما تسأل مواطنا عن رأيه في المعركة الدائرة داخل منظمة أوبك والمخاوف من حدوث قفزات في أسعار الوقود والمنتجات البترولية المختلفة، يمطّ شفتيه قائلا: "ما لي ومال معركة النفط، هذه معركة الدول النفطية مثل دول الخليج والجزائر وروسيا والولايات المتحدة ونيجيريا وغيرها، هي معركة النخب وتجار النفط والأثرياء والمضاربين في سوق الطاقة وأسهم شركات البترول والغاز".
يكمل " اسألني أولا عن حال رغيف الخبز وأسعار السلع الغذائية والدواء واللحوم وفواتير الكهرباء والمياه والغاز والصرف والنظافة وغيرها من أمور الحياة والمعيشة، اسألني أولا عن مصروفات الصحة والتعليم، عن ابني الذي لا أجد له مكانا في مدرسة حكومية، وشقيقه الحاصل على مؤهل جامعي والذي فشلت في إيجاد فرصة عمل له، وأبي المصاب بمرض مزمن الذي لا أجد له سريرا في مستشفى".
هذا المواطن وغيره الكثير معذور في رأيه، ذلك لأنه غارق في البحث عن لقمة العيش المُرة والحياة الصعبة، وعن حلول للتعامل مع قفزات الأسعار المتواصلة التي باتت الشغل الشاغل له، ليل نهار، وبات يئن تحت ظروف معيشية بالغة القسوة، وتضخم لا يرحم، وفوضى أسعار، وجشع حكومة واحتكار تجار ومستوردين، ومن طوابير طويلة، سواء أمام أفران الخبز وفي الأسواق والمحال التجارية، أو في محطات الوقود، ودخلٍ لا يغطي إلا النزر اليسير من تكاليف الحياة من مأكل ومسكن ودواء ومواصلات وتعليم وغيرها.
لكن في المقابل، فإن ما يحدث داخل منظمة أوبك والخلاف الحالي بين الرياض وأبوظبي يهم المواطن قبل أن يهم الحكومات، فالخلاف قد يكون في صالح المواطن في الدول المستوردة للطاقة مثل مصر وتونس والأردن والمغرب والسودان واليمن وسورية وغيرها من الدول العربية التي تخصص موازناتها مليارات الدولارات لشراء الوقود من بنزين وسولار، وذلك في حالة واحدة هي إقدام كبار الدول النفطية المنتجة مثل السعودية والإمارات وروسيا على إغراق الأسواق بالنفط والدخول في حرب أسعار، كما حدث في عام 2018، حيث تهاوى سعر برميل النفط إلى أقل من 30 دولارا.
وقد يفتح الخلاف الحالي داخل تحالف أوبك+ أبواب جهنم على المواطن، حينما تقفز أسعار النفط إلى 100 دولار وربما أكثر كما حدث في العام 2021، وهو ما تتخذه الحكومات مبررا لرفع أسعار الوقود والتخلص من دعم البنزين والسولار والغاز وفرض أعباء جديدة على المواطن.
تقلص "أوبك+" الإمدادات منذ أكثر من عام، على خلفية انهيار الطلب بفعل جائحة فيروس كورونا.
لم يكن تفجر الخلاف بين السعودية والإمارات بعد إصرار الأخيرة على مراجعة تحديد مستوى الإنتاج المحدّد لها من النفط، ورفضها الموافقة على تمديد اتفاق تخفيض الإنتاج، سوى النقطة التي أفاضت كأساً غصّت بالتعارضات والتناقضات بين توجهات القيادات الشابة في البلدين وطموحاتها.
يتكشف أن ما يفرّق البلدين يفوق ما جمعهما في تحالف أظهر الخلاف النفطي الأخير مدى هشاشته.
ردّت الإمارات على الخطوة السعودية بتعليق جميع رحلات الركاب من السعودية وإليها حتى إشعار آخر. ثم جاء الخلاف خلال مشاورات أعضاء تحالف "أوبك +" بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج مع تعديلات، الذي عارضته الإمارات، وطلبت زيادة الإنتاج اعتباراً من الشهر المقبل "من دون أي شروط". بالتوازي مع ذلك، غيرت السعودية قواعدها بشأن الواردات من دول الخليج الأخرى لاستبعاد البضائع المصنوعة في المناطق الحرّة، أو التي استخدم فيها أي منتج إسرائيلي، في تحدّ مباشر لوضع الإمارات، وقبل ذلك، في فبراير/ شباط، أوقفت السعودية منح العقود الحكومية للشركات التي تقيم مراكزها الإقليمية في أي دولة أخرى في المنطقة. واعتبرت هذه الإجراءات ضربة لإمارة دبي التي بنت اقتصادها على جذب الشركات العالمية الكبرى.
قد بلغ التنافس الاقتصادي بين البلدين ذروته في توجهات وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، الانفتاحية، وإصراره على ترسيخ أسس اقتصاد سياحي منافس، باتباع سياسة انفتاحية داخلية عنوانها الترفيه، وتحرير المرأة، وإقامة مدينة "نيوم" على البحر الأحمر، لجذب الإستثمارات الأجنبية.
أما في العمق، فقد بدأ التباعد بين أبوظبي والرياض منذ إقبال السعودية على المصالحة مع قطر. ومعلوم أن أبوظبي لم تكن راضية تماماً عن رفع الحصار عن قطر، وكانت ترغب في استمرار مقاطعة الدوحة، الأمر الذي لم تكن توافق عليه الرياض. في المقابل، تشعر الرياض بالريبة من تسارع خطوات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل. وقد تردّد أن تفاهما سرّياً ملزماً عقدته أبوظبي مع محمد بن سلمان، يقضي بأن تلحق الرياض بها، لكن الأخير نقض الاتفاق وتراجع عنه، خوفاً من ردود فعلٍ سعودية داخلية.
كذلك لا تزال مواقف البلدين متباينة في ملف الأزمة اليمنية، حيث تدعم الرياض جماعة الرئيس المعترف به دولياً، عبد ربه منصور هادي، فيما تقدّم الإمارات دعمها لقوى المجلس الانتقالي الجنوبي، مع تركيز سيطرتها على الجنوب اليمني، ومنع حكومة المنفى اليمنية من العودة بشكلٍ كامل والاستقرار في العاصمة الثانية، عدن، وتشكيلها المجلس الانتقالي الجنوبي وجيشه، ليكون واجهتها هناك.
* Jul 9, 2021
"أوبك بلس" الذي اتفقت فيه الدول على رفع إنتاج النفط لمواكبة عالم ما بعد الجائحة، كما يستعرض موقف الإمارات الذي عارض الحد الأقصى للزيادة الذي طُرح في الاجتماع ومحاولتها رفع الإنتاج لما هو أبعد من ذلك
ورغم أن المنظمة النفطية نجحت في احتواء خلافاتها وقرَّرت رفع سقف الإنتاج للتماشي مع مطالب أبو ظبي، لا توجد ضمانة ألا يتفجَّر الخلاف حول الإنتاج مجددا، خاصة أنه يرتبط جوهريا بسياسات التخلُّص من الكربون التي تتبنَّاها الدول الصناعية الكبرى في استجابتها لتغيُّر المناخ، ورغبة الدول النفطية في بيع أكبر قدر من النفط قبل أن ينصرف العالم عنه في المستقبل.
خفَّضت دول منظمة "أوبك"، التي تُنتج ما يصل إلى 40% من النفط في العالم، أعمال التنقيب العام الماضي، ولم ترفعها مرة أخرى إلى مستويات ما قبل الجائحة. وكما هو متوقَّع، أدَّى الاختلال بين العرض والطلب إلى رفع أسعار النفط؛ فوصلت تكلفة برميل البترول في السوق العالمية إلى 75 دولارا تقريبا في الأول من يوليو/تموز الجاري، بعد أن بلغت في بداية العام 48 دولارا فقط.
أعضاء "أوبك بلس" يسعون إلى "أفضل سعر"، فهم يريدون خفض أسعار البترول إلى الحد الذي يجعل الطلب عليه يزداد، ومن ثمَّ يصبح ذا سعر تنافسي مع أسعار مصادر الطاقة الأخرى، مثل الطاقة المتجددة. بيد أنهم في الوقت ذاته، يريدون رفع أسعار البترول إلى الحد الذي يجعله مصدر الدخل الأكبر لحكوماتهم.
نظريا، لا يُسمح أبدا لدول المنظمة إلا بضخ كمية النفط التي تفي بمستوى إنتاجها "الأساسي". ويبلغ مستوى إنتاج الإمارات الأساسي 3.2 ملايين برميل يوميا، لكنها تقول إنها تستطيع الآن ضخ ما هو أكثر من ذلك بكثير، وصولا إلى 3.8 ملايين برميل يوميا.
تحوُّل قطاع النقل نحو تصفير الكربون -إما بسبب شراء المستهلكين للسيارات الكهربية وإما لأن شركات مثل أمازون اعتمدت المركبات الكهربية لتوصيل الطلبات- فإن تلك الدول تواجه عالما انخفض فيه بالتبعية الطلب على النفط. ويعني ذلك أن "أوبك" لن تكون قادرة على بيع كميات كبيرة من النفط مستقبلا كما تفعل اليوم، وسيتحتَّم عليها تسعيره بثمن أرخص.
تحاول تعظيم فائدة هذا الاحتياطي الآن قدر الإمكان، حتى إذا تطلَّب الأمر تخفيض السعر العالمي للبترول. ما يعنيه ذلك هو أن السياسات المناخية تُغيِّر من نمط استهلاك النفط مُقابل الزمن، فتُعجِّل باستهلاك النفط الذي خُطِّط لإنتاجه خلال العقد المُقبل ليُستهلَك اليوم، وقد يؤدي هذا النهج في النهاية إلى تخفيض السعر العالمي للبترول. إذن، تخفيض الكربون يصاحبه منطق قبيح ومتسارع يقضي بأنه كلما أصبحت الطاقة النظيفة أرخص، فإن شركات النفط ستحاول ضخ المزيد منه حتى يغرق العالم في بحر من النفط الرخيص.
يستجلب ارتفاع أسعار النفط ردود أفعال عكسية بدفع الشركات والمستهلكين نحو شراء المركبات الكهربائية والابتعاد عن الوقود الأحفوري بوتيرة أسرع حتى مما تُخطِّط له حاليا.
من الغريب الكتابة عن النفط عبر منظور اقتصادي-مالي خالص، بينما الوقود الأحفوري هو المسؤول الأول والأخير عن تغيُّر المناخ، الذي يتجلَّى في التحوُّلات البيئية العالمية الجارية من حرائق الغابات ورفع مستوى المحيطات إضافة إلى مصرع الناس في منازلها جراء موجات الحر. بيد أن هذه المناورة الدولية تكشف إلى أي مدى أصبحت عملية تصفير الكربون واقعا حقيقيا لا تصوُّرا افتراضيا، حتى في أقصى بقاع الجغرافيا السياسية التي طالما حرَّكتها السياسة الواقعية. إن شركات النفط والدول المُنتِجة له معا تُخطِّط للتواؤم مع عملية التحوُّل نحو الطاقة المتجدِّدة، وتحاول وضع الشروط التي سيحدث بموجبها هذا التحوُّل. وإذا ما أردنا حدوث هذا التحوُّل بوتيرة أسرع، فعلينا استيعاب دوافعهم.
*
وجهة نظر ظلَّت منتشرة لعقود تجاه التغيُّر المناخي، مفادها أن هذا التغيُّر "عقاب من الله لعباده العاصين ليعودوا إلى الطاعة، وابتلاء للملتزمين بأوامره ليختبر إيمانهم وصبرهم على المصائب والبلايا"، من هذه الجهة عادة ما تُستخدم آيات من القرآن الكريم مثل "وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَۚ" في إشارة مباشرة إلى أن ما يحدث هو اختبار من الله.
*Jul 28, 2021
بايدن يلقى باللوم في قفزة أسعار النفط والبنزين على دول الخليج ورفض "أوبك" ضخ المزيد من النفط في الأسواق
تتضرر القدرة الشرائية للمواطن بسبب زيادة السولار والبنزين والغاز، ولا يجد هذا المواطن المال الكافي للذهاب إلى دور السينما والتنزه في الخارج.
*
الولايات المتحدة أكبر دولة استهلاكا للنفط في العالم تعالج أزمات مواطنيها المعيشية وغلاء الأسعار من خزانة الخليج، مرة عبر المطالبة بزيادة الإنتاج النفطي، ومرة عبر صفقات السلاح الضخمة، وثالثة عبر استقطاب أموال الصناديق السيادية الخليجية التي تزيد عن الألفي تريليون دولار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق