Aug 3, 2021
فهل المشكلة في الديمقراطية؟ أم في ممارسي تلك الديمقراطية بغض النظر عن أحكامنا الأخلاقية عليهم مجتمعين؟
وفي صراع الشرعيات، تبدو أي إجراءات قمعية يمكن أن تُتخَذ من قبل نظام سياسي بحق الحريّات والحياة الديمقراطية، نكوصاً وتقهقراً إلى الوراء. إلا أن الثورة على الاستبداد والفساد بحدّ ذاتها، وحسب المؤمنين بها والمنظّرين لها، هي إكراهٌ من نوع آخر، وانقلاب على حالة للوصول إلى غيرها، وهي تتيح لنفسها ما تراه غير جائز لخصومها بذريعة “الشرعية الثورية”، لأن التفكير في وقف انزلاق الدول والمجتمعات إلى الاضمحلال، وفقاً للفريقين، الثورة ومناوئيها، قد يبدو أكثر أهمية من كل الاعتبارات المرحلية.
مثال ذلك: ماذا لو توصّل برلمان ديمقراطي إلى قرار “شرعي” معلّل بأسباب موجبة، بعزل رئيس جمهورية منتخب و“شرعي” أو رئيس حكومة مُسمّى و“شرعي”؟ كيف سيُطبَّق هكذا قرار وبأي آلية تنفيذية وبأي مؤسسة من مؤسسات السلطة؟ ولماذا حين تحتدم الصراعات السياسية ضمن نظام سياسي واحد ساهم كل الأطراف في إنشائه يتصوّر البعض أن الآخرين ينقلبون عليه ويتخيل وجود نظام آخر مختلف عمّا قام بصنعه معهم بيديه؟
اصطدم دعاة الديمقراطية بخصوم لا يؤمنون بالديمقراطية في بعض البلدان، ونتج عن ذلك صراع حاد قاد إلى التشظي وتفكك المجتمع كما في سوريا واليمن، في مكان آخر كان تناطح الديمقراطيين هذه المرة مع ديمقراطيين مثلهم، يؤمنون بما يؤمن أولئك. ما الحل عندئذ؟ يوجب المشهد إعمال النظر في الظواهر التي تطرح نفسها كحالات حديثة متقدمة وهي في الواقع تعيش في مرحلة ما قبل الحداثة ولا تؤمن بها أصلاً ولا تقبل بوجودها وتطالب باجتثاثها. فكيف يمكن لمثل تلك الذهنيات أن تقود الانتقال الديمقراطي وفق أسس الشراكة؟
لا يدرك الإسلاميون، على سبيل المثال، ومثلهم الكثير من العلمانيين المتشدّدين، أن الشراكة الحقيقية الناجحة لا تكون مع النظراء المتشابهين، بل مع المغايرين المختلفين، وهذا مكمن التحدي في اللعبة الديمقراطية التي ما زالت كما يبدو معقّدة أمام العقل العربي وعصيّة على الهضم. فالقدوم إلى البرلمان بهيئة مدنية، ولكن بذهنية الغزو والفيء والغنيمة لن يصنع شراكة مأمولة، بل سيولّد معركة لا تلبث أن تصير حرباً ضروساً بين متقاسمين لمصير واحد.
ضرورة تغيير الذهنية البالية التي يعمل وفقها الحزب السياسي الذي لم يغادر عهد التبشير والتكفير خطوة واحدة. ليس بالضرورة أن يكون التكفير دينياً، واتهاماً بالإلحاد والإشراك إلى آخر تلك المفاهيم من القاموس الديني، بل التكفير السياسي الذي يعني أن الآخر مادام ليس منا فهو علينا وهو خطر داهم تجب مكافحته والتخلص منه.
نسخة مكرّرة عن صراع الجيش والإسلام السياسي، وقد ساهم مفكرون كثر في هذا دون أن يوقفهم أحد في تسطيح المشكلة واختصارها بالجيش والإخوان، وهي أوسع بكثير من ذلك تضرب في عمق المجتمع وتصل إلى حدود السؤال: ما الذي يريده الإسلام السياسي من الحُكم؟ وقد رأينا نموذجه في غزّة التي سرعان ما لحقت حركة حماس التي تحكمها بالمحور الإيراني وباتت ميليشيا متحالفة مع حزب الله اللبناني تسبّح بحمد المرشد خامنئي وتمجّد مجرم الحرب قاسم سليماني.
لا يستوي المنطق إن لم نعرف من جهة أخرى، ما الذي يريده الجيش بدوره من الحُكم؟ بعد أن برهنت التجربة العربية على أن أنظمة عسكرية مثل نظام جمال عبدالناصر ومعمر القذافي وحافظ الأسد قادت البلاد العربية إلى الخراب الاقتصادي والمجتمعي وقلّصت مؤشرات التنمية واستهلكت الاحتياطيات وفتتت الدول. والسؤال الذي يجب أن يبقى مطروحاً من جانب آخر؛ ألا يمكن أن يتغيّر ذلك المنهج الذي يفكّر فيه الجيش؟ وهل بقي فعلاً كما كان ماكينةً لإنتاج المستبدين عشاق عبادة الذات، وتونس سبق لها وأن قدّمت الإجابة؟ أم أن هذا كله مع سابقه جملةٌ من التفاعلات ستوصل إلى نتائج حتمية تدفعها الضرورة تخلق الشراكة من جديد بين أطياف المجتمع ولو بعد حين؟
“حاكمية المتغلّب” العقدة التي لم يتخلّص منها لا الإسلام السياسي ولا بعض خصومه، لا بديمقراطية ولا بدستور ولا بسواهما.
*Aug 15, 2021
الديمقراطية ممكنة
ماذا لو لم تستجب الحكومة لمطالب المتظاهرين أو المضربين عن العمل؟
وكيف يمكن أن تنتهي الأمور إذا رفض كل طرفٍ التراجع أمام الطرف الآخر؟ هل يمكن، تحت ضغط الاحتجاجات، أن تتحطّم مؤسسات الحكم الديمقراطي حين لا تستجيب لمطالب المحتجّين،
مبدأ الغالب والمغلوب، من مبدأ أن الصراع يجب أن ينتهي لصالح أحد الطرفين، في حين أن نتيجة الصراع في النظام الديمقراطي تجمع الطرفين بطريقة "التسوية" التي فيها من التأليف أكثر مما فيها من الكسر، أي كما لو أن هناك طرفاً ثالثاً تنتهي إليه النتائج، وهذا الطرف يمثل محصلة الصراعات، وما يمكن أن يعبر بالعموم عن "المصلحة العامة" التي تستقر على توازن دقيق تحققه آليات النظام الديمقراطي. جدل هيجل التناقض وليس التسلط والاستبداد لغلبة واحد المهم الروح الكلية
أجهزة الحكومة، في الأنظمة الديمقراطية الراسخة، قادرة على قمع الاحتجاجات التي تخرج ضدها، ولكنها لا تفعل
لا تستطيع السلطة المنتخبة في نظام ديمقراطي مكتمل الأركان أن تتمادى في صدّ الشارع وعدم الإصغاء له، لأنها في النهاية تستمد سلطتها منه. كما أن الشارع لا يستطيع أن يتمادى في الاحتجاج زمنياً، لأن الاحتجاج ليس "وظيفة" لها مردود تعيش عليه الأسرة، ولا بد من العودة إلى العمل لكسب العيش، أو يتم تخصيص العطلة الأسبوعية للاحتجاج، وهذا بدوره ليس بلا حدود. الأمر نفسه ينسحب على الإضرابات العمالية التي يتوقف خلالها دخل المضربين. ومن ناحية ثانية، لا يتجذّر الاحتجاج ليتحول إلى العنف، نظراً إلى ما لهذا التحول من رفض عام، من دون أن يمنع هذا من وجود نسبة متزايدة من العنف في الاحتجاجات، مردّها أن الاحتجاج السلمي الهادئ أقل تأثيراً على الحكومات، قياساً بتأثير الاحتجاج العنيف، مثل التكسير والحرق وبعض الاحتكاك مع الشرطة، ويشكّل هذا سقف العنف الذي تشهده الاحتجاجات.
أجهزة الحكومة، في الأنظمة الديمقراطية الراسخة، قادرة على قمع الاحتجاجات التي تخرج ضدها، ولكنها لا تفعل، ولا يعود ذلك بالتأكيد إلى طبيعة "سامية" للحكام في هذه البلدان، بل إلى حساباتٍ سياسية تدرس ردود الفعل المحلية وانعكاسها على حكوماتهم، وتدرس ردود الفعل الخارجية للحكومات التي ترتبط مع حكومتهم بالمجال الجيوسياسي. حتى لو شاءت نخبةٌ حاكمةٌ في نظام ديمقراطي أن "تخون" الديمقراطية وتتفلت من نواظمها، فإنها تجد الباب موصداً في وجهها، وتجد أن مصلحتها تكمن في عدم التمادي في القمع، وفي التقيد بحدودٍ معينةٍ من احترام حقوق الناس في التظاهر والإضراب وأشكال الاحتجاج المختلفة، وفي إيجاد تسويةٍ ما مع المحتجين الذين بدورهم يدركون حدود الاحتجاج، ويقبلون التفاوض والتسويات، ويبقون جاهزين للوقوف عند حقوقهم.
*
Jan 25, 2021
شعوب الشرق الأوسط تستحق الديمقراطية
الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، إن على الرئيس الأمريكي الجديد جوزيف بايدن، أن يدرك أن الشرق الأوسط مبني على أنظمة يديرها ملوك وعسكريون مستبدون، وعرضة للاشتعال.
إذا كانت الديمقراطية جيدة بما يكفي للأمريكيين، فإنها أيضا جيدة للمصريين والسوريين والليبيين والمغاربة والعراقيين واليمنيين والأردنيين.
اخضاع السلطة السياسية للقانون او سيادة القانون وتطبيقه على الجميع وتداول السلطة التنفيذية بين القوى السياسية وحرية الرأي والاعتقاد واحترام التعددية، هذه القيم والمبادئ تشكل الجسم الأساس لثقافة الديمقراطية التي يجب ان تكون متجذرة ليس فقط لدى الاحزاب والقوى السياسية وانما ايضا لدى الناس.
لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين ولا ديمقراطيين بدون تربية ديمقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق