Jun 24, 2019 Oct 15, 2021 Mar 2, 2022
فإذا كنتَ فنانـًا فى صمتك، أصبحتَ مبدعـًا فى كلامك
حياة أصبحت تمتلئ بالأحرف والكلمات: إن الجميع يتحدثون، فهل من مستمع لتلك الكلمات؟!!
يعتقد بعضٌ أن صمت الإنسان هو عدم معرفة بالأمور أو بعض من جهل، لٰكن قد يكون الأمر مختلفـًا، فيقول أحدهم: "صمتى لا يعنى جهلى بما حولى، ولٰكنه يعنى أن ما حولى لا يستحق الكلام.". فهناك من يرى أن الصمت هو نوع من الترفع عن أحاديث وثرثرة لا تُجدى، ولا تؤدى نفعـًا لصاحبها فيفضّل أن يتوقف عن الكلمات، وأذكر كلمات قالها لى أحد أصدقائى: "أصمتُ أحيانا لأننى أعلم أن حديثى لن يغير شيئـًا.". أتفق أن التغيير الذى يَنشُده العالم يحتاج إلى العمل لا الكلمات، إلا أنه ينبغى لنا أن ننتبه لأن الصمت هنا هو لسببين: أولهما هو طرح أمور لا تستحق أن يضيع الإنسان فيها وقته، وثانيهما أن هناك صمتـًا يرى فيه صاحبه أن الكلمات لن تُجدى، وحينئذ وإن صمت ذٰلك الشخص عن الكلمات لٰكنه يجب أن يستمر فى أداء رسالته فى الحياة بالأعمال. ولٰكن، حذارِ أن تجعل صمتك أداة لجَرح الآخرين! كما عبّر عن ذٰلك "برنارد شو": "إن أداة الصمت هى أفضل تعبير عن الاحتقار."!
أيضـًا هناك من يصمُتون لأن أفكارهم وقلوبهم امتلأت بالمشاعر التى أصبحت الكلمات عاجزة عن التعبير عنها، فما أضيق الكلمات من أن تعبّر عن تلك المعانى التى تَفيض بها مشاعر الإنسان أحيانـًا! قيل: "إذا رأيتَ إنسانـًا عاجزًا عن الكلام، فاعلم أنه لا يُريد التعبير عما بداخله لأنه أكبر من الكلمات.". إن هناك دائمـًا كلمات كثيرة من صمت البشر، وعلينا أن نتعلم فن الإصغاء.
أحيانـًا يكون الصمت أبلغ من الكلام، وأكثر فائدة ونفعـًا، أو على الأقل قد يكون أقل ضررًا. الصمت قد يكون فيه حكمة وقوة، وقد يكون فيه نُبل ورسالة
قوة الصمت
الصمت والهدوء يساعدان الإنسان على الشعور بالراحة والتخلص من القلق والتوتر في الحياة، كما يعمل على تجديد خلايا المخ وتحسين القدرات العقلية المعرفية لدى الفرد.
الصمت كرياضة روحية
ما أعذب صوت الصمت/ ما أرق ملمسه/ ما أطيب شذاه/ وما أجمل هيئته/ فلتهدأ قليلاً كيما تتمكن روحي/ من أن ترى، وتحس، وتسمع، وتلمس ذاتها/ في مملكة السلام المقدسة هذه
فالصمت يعني التآزر الجسدي والعقلي مع كل الملكات بحيث يصير كل جزء منها يؤدي وظيفته في انسجام تام مع كافة الأجزاء الأخرى· حينها يتناغم أداؤنا دون أن نشعر بأي خللٍ أو احتكاك، تماماً مثل آلة تعمل في سلالة ومرونة،
الصمت والصبر متلازمان، وحياة (عظماء الناس) تلازم فيها التفكير بصمت والاشتغال بهدوء حتى يتم التحقق من
صحة الفكرة·
أن ما يفعله النوم لأجسادنا وأجهزتنا العصبية، يفعله الصمت لعقولنا وأرواحنا، وأن الحياة المنتجة، دائماً، حياة صامتة، فالصمت، في المقام الأول، يساعد على خزن كم هائل من طاقة الحياة التي نبددها في الثرثرات الغير ضرورية، ''إننا نرهق أنفسنا، ونزعج الآخرين، ونقول الكثير مما يستحسن ألاّ يقال، عندما نتحدث باستمرار· والنتيجة المباشرة لكل ذلك هي أننا نبلد عقولنا، ونضعف قواها وقدرتها على النفاذ''· وغالبا ما نجد، حسب برامانندا، أن معظم الذين يتحدثون كثيراً هم أولئك الذين يفكرون بوضوح أقل،
'التدرب على الصمت الجسدي يساعدنا على استعادة حواسنا· كما أن التدرب على الصمت الذهني يجدد نشاط عقولنا ويعجل وينضج ملكاتنا الداخلية كلها·
فلسفة الصمت
للصمت علاقة باللغة, فهو يسبق الكلام ويليه أيضاً
يوّلد الصمت هدوءاً وسكينة وسمواً في الروح وتطهيراً للنفس, والصوت من جهة أخرى إن كان هادئاً وناعماً فإنه يسمو بالنفس كذلك، بل ويشفي بعض الأمراض، حتى إن درجة معينة من الصوت كالضجيج الأبيض يستخدم في علاج المصابين بالتوحد من الأطفال، بل إن صوت شلال الماء في الحدائق مثلاً يستخدم لحجب ضجيج الشارع ويؤدي اختلاط أصوات الضجيج إلى ما يشبه الصوت الصامت المريح.
ما بعد الحداثة الأدبية تتطلع للصمت، إلى ذلك النمط من اللا تعبير واللا اتصال الذي يحصل بفقدان الكلمات تلك المعاني التي نتوقع أن تمتلكها وسط معمعة البلبلة اللفظية.
السمة الكبيرة للصمت تكمن في نرجسية المثيرة والمتفتحة, خلاف الكلام الذي يكون مكشوف فالصمت كلام الذات للذات انه يوسع أبعاده وأهدافه خلاف الكلام
أن الكلام قد يعرّض صاحبه للمحاسبة والعقاب, ذلك لأن المتكلم ليس سيّد نفسه بل هو ملك للأخر وللغة , فالمجتمع الذي يراقب الكلام هو مجتمع يتدّثر بالصمت، فليس كل قارئ في الأدب يمكنه رصد ظاهرة الصمت عبر النص المكتوب، وليس من السهولة بمكان التقاط حالات الصمت في الإبداع.
الصمت أكبر مثير للإبداع والملهم الأول للكلام.. ألا يحق لنا أن نقول في البدء كان الصمت.. ثم أتى الكلام وإن كل جديد يأتي من خلال الصمت الذي هو تمعّن في الأشياء والبحث عن أسرارها هل استطيع اعتبار الموت اكبر صامت في الوجود فهو ينتشر في كل مكان فهو يواجهنا دون أن يتكلم فهو يبتلع كل ما حوله , أن الموت صمت مطبق تماما . أن إنسان المدينة مجرد من صمته . مثاله الأدبي هو غريغور سامسا في رواية « المسخ « لكافكا التكنولوجيا تأسره وتمنعه من الصمت التأملي,
أبراهام لينكولن: "من الأفضل أن تبقى صامتاً ويظن الناس أنك أحمق بدلاً من الكلام ودحض الشك".
قبل أن تتكلم، اسأل نفسك: "هل من فائدة؟ هل يجب عليّ قول ذلك؟".
كتاب عالم الصّمت (1948
«الصّمت أصلي وبديهي مثل الظواهر الأساسية الأخرى، كالحب والولاء والموت والحياة ذاتها. لكنّه وُجِد قبل كلّ هذه الأشياء وهو موجود فيها كلّها».
للمجتمع التقني الذي لايحترم الصّمت والذي أفرغ اللغة من طابعها القدسي والروحي، اللغة قداسة، وكيف تحوّلت تحت ضغط السوق إلى أداة للتبادل المصرفي مثل أي ورقة نقديّة تبلى وتنمحي من فرط ماتداولتها الأيدي «لاتبدو اللغة التي يتكلّمها الناس في المدن تنتمي إليهم أكثر. إنّها مجرّد جزء من صخب عام، كما لو أنّ الكلمات لم تعد مصاغة بواسطة شفاه بشرية، بل كانت محض صرخة وزعيق قادم من ميكانيكية المدينة»، في المدن الكبيرة يغيب الصّمت
«لو كنت طبيباً وطُلبت نصيحتي،
فأنّني سأجيب: أخلقوا الصّمت!»
(كيرككَورد).
د. عصمت نصار فلسفة الصمت واللحظة الراهنة
علماء الكلام والفقهاء والأدباء والصوفية والفلاسفة يضعون قيما معرفية وأخلاقية وروحية متباينة المعاني والمقاصد للصمت، فيرى علماء العقيدة أن الكلام من أركان الكمال، فلا يمكننا وصف الله بالسكوت، فكلام الله هو وحيه وعلمه وقدره، لذا نجد الشاطبي والراغب الأصبهاني والأحنف بن قيس لا ينظروا للسكوت باعتباره فضيلة في ذاته بل يجعلونه وسيلة تقويم للسان وكفه عن الأذى وحمايته من الزلل، ونجد أهل الحديث يحذرون من عواقب لغو الكلام (اللسان معيار أطاشه الجهل وأرجحه العقل) وعليه يفضلون السكوت على اللجاجة والثرثرة والخوض فيما لا علم لهم به (أنت سالم ما سكت، فإذا تكلمت فعليك أو لك)، وإلى مثل ذلك ذهب معظم الفقهاء واعتبروا السكوت دربا من دروب الموافقة (الإجماع السكوتي) وآلية من آليات درء الفتن، كما ذهب بعض الأدباء إلى القول (سعد من لسانه صموت وكلامه قوت)، و(الزم الصمت فإنه يكسبك صفو المحبة ويؤمنك سوء المغبة)
ويجمل الغزالي و أبو الحسن الماوردي والقشيري رذائل السكوت في: العالم الكاتم لعلمه وحكمته، والساكت عن الحق والممتنع عن الشهادة بالصدق، والضنين بالنصيحة والدعوة إلى سبيل الرشاد، وعليه يبيت صمت الجاهل والأحمق والشتّام والكذوب والحانق والمنافق من الفضائل التي يحث عليها الشرع ويقضي بها العقل، والصمت عند الصوفية هو السبيل الأفضل للطالب والسالك، فالسكوت أرشد من الكلام في غير موضعه (ومن لم يكن الصمت وطنه فهو من الفضول وإن كان صامتا)، (التمست قلة الحساب، فوجدتها في الصمت).
تباينت رؤى الفلاسفة حول قيمة الصمت، فنجد الفلسفة المصرية القديمة تعلي من شأن فضيلة الصمت، ويبدو ذلك في حديث بتاح حتب عن فضل السكوت والإصغاء للعلم ونصح الوالدين والصمت للتأمل والتدبر قبل اتخاذ القرار (اصمت في حضرة العلماء، وافحص الرأي في داخلك ثم زنه بميزان العقل قبل أن يتكلم به لسانك، وامسك لسانك ولا تحاور الحمقى ولا تجادل الجهلاء )، وقد ربط الحكماء المصريون بين الصدق والصمت والصبر، فالكذب والجور ورد الإساءة من الرذائل التي يقاومها الصمت (إن عفة اللسان تعبر عن نقاء السريرة والتسامح مع المسيء والصبر على الظالم وصون للأسرار والعزوف عن ذم الأغيار )، وقد تأثر فيثاغورس وأفلاطون من بعده بحديث الحكماء المصريين عن فضائل الصمت، ولا سيما السكوت الذي جعلوه مران لتصفية النفس وتأهيل الذهن لاستيعاب المعارف المجردة، أما سقراط فينسب له قول (تحدث لكي أراك)، كما نرى الفلسفة البوذية والجينية تجعل من الصمت رياضة للذهن ومصفاة للنفس ونافذة للتأمل، في حين نجد أفلاطون في محاوراته يعلي من شأن الحوار والبوح لتقويم المفاهيم وتثقيف العقول، وإذا ما انتقلنا إلى المحللين النفسيين نجدهم يدرجون الصمت الإرادي والخلل النفسي الانعزالي ضمن الأمراض النفسية، مثل التوحد والخوف من المجتمع والخجل المفرط والإحساس بالاغتراب واليأس، وعلى مقربة من ذلك يرى علماء الاجتماع أن السكوت الإرادي هو درب من دروب الانسحاب وعدم الرغبة في الانتماء والانضواء والتسليم بالأمر الواقع، وتفضيل الخنوع والخضوع على الثورة والمقاومة، وقد تأثرت الكتابات الفلسفية المعاصرة بمعظم الرؤى والمفاهيم التي أشرنا إليها، ويبدو ذلك في كتابات الفيلسوف الفرنسي ميرلبونتي عن جدلية العلاقة بين الكلام والصمت وآليات الاتصال و التواصل، و الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر وحواره الوجودي عن حديث الأنا للذات الصامتة وكلام الأنا مع الآخر للتعبير عن وجود الأنا الحرة الواعية (فالوعي وليد الصمت والتأمل والكلام وليد الحرية والقدرة على البوح)، ذلك فضلا عن فلاسفة اللغة الذين جعلوا الرمز والتعمية والنص المسكوت عنه والفراغات والصفحات البيضاء شكلا من أشكال الصمت، وعلى مقربة من هؤلاء ذهب علماء الجمال إلى أن اللحظات الصامتة في الأعمال الموسيقية والسكتات الإيقاعية والفراغات في اللوحات التشكيلية والكتل الرخامية والألواح الزجاجية في العمارة الهندسية تعبر جميعها عن فلسفة الصمت وجمالياته، وفي ميدان السياسة نجد محاولة الفيلسوفة المجرية أجنس هيللر لقراءة الواقع السياسي العالمي من نافذة فلسفة الصمت، إذ جعلت لفلسفة الصمت عدة دروب أولها:
+++++
التريث في التأمل واستقراء الواقع للتعرف على كل ما فيه من إمكانات طبيعية وقدرات بشرية وسمات اجتماعية وطبائع فردية وميول وطموحات وأحلام وآفاق، وذلك كله قبل الكلام أو الحديث عن مشروع إصلاحي أو عقد اجتماعي أو دستور سياسي أو نظام اجتماعي أو ميثاق أخلاقي، وأطلقت على هذا الدرب الصمت العقلي التأملي أو الصمت الحكيم.
وثانيها: التوقف عن الفعل ويبدأ بالاعتراض والنقد الداخلي، ثم عدم المشاركة بأي دور على المسرح السياسي مثل مقاطعة الانتخابات والاعتذار عن تولي الوظائف والمناصب القيادية أو تقديم الخبرات، ونهاية بالاعتصام والتمرد والعصيان المدني، وتطلق على هذا الدرب الصمت الفاعل.
وثالثها: السكوت عن الكلام وهو درب من دروب المقاومة التي يمارسها الأنا الحر الواعي، إما لعجزه عن التواصل مع الآخر وعدم قدرته على تفهم مقاصده ومراميه، أو جهله التام بكل ما يدور من حوله، أو إحساسه بالاغتراب أو سخريته من الواقع المعيش، فالتزام الصمت في هذه الحالة أفضل من الفعل أو الحكم أو التصريح برأي لم يكتمل بعد، وتطلق على هذا الدرب صمت المتلقي.
ورابعها: الخرس القهري ويتمثل في عدم فدرة الأفراد والجماعات على التعبير أو البوح بانتقاداتهم أو بمطالبهم، ويمثل هذا الدرب (الفقراء والمستضعفين، الطوائف الصغيرة في المجتمع، المعاقين، المهمشين، أصحاب الرؤى والمعتقدات المغايرة للسلطة السائدة أو العقل الجمعي) والصمت في هذا الدرب ليس إراديا، ولكنه صمتا واعيا بمخاطر الكلام أو البوح والثورة على الواقع والتمرد على السائد والجنوح عن المألوف، ويؤدي هذا الدرب إما إلى الانسحاب والتقوقع أو الكمون والترقب للوثوب في اللحظة التي تسترد فيها الأنا الصامتة القدرة على الكلام، وتطلق على هذا الدرب الصمت السلبي أو العدمي.
وخامسها: المراوغة والتضليل ويبدو في خطابات الساسة والمسئولين عن المشكلات وكيفية حلها، والطموحات وكيفية تحقيقها بلغة كاذبة تحوي عبارات فارغة من المعنى، وإن بدت في ثوب بلاغي مرقع، فهذا الدرب من السكوت يظهر في صورة الكلام، وذلك لأنه لم يفي بالغرض ولم يفصح عن المستور ولم يفسر الغامض من الأمور وهو والخرس سواء، وتطلق على هذا الدرب صمت المتحدثين.
وسادسها: التوافق الجمعي ويعبر الصمت في هذه الحالة عن الإجماع والرضا والقناعة وسلامة وصحة العقد بين أفراد المجتمع والسلطات التي تقوده، وتعد هذا الدرب أفضل وأعلى دروب الصمت لأنه يتحول إلى آلة قوية نافعة للمجتمع صوب العلم والتقدم والبناء والسلام والرخاء، فالكل يفعل بمقتضى الأمر الإلزامي الحر المنطلق من حديث الأنا الواعية بما يجب عليها فعله تجاه ذاتها وصوب الآخرين، وتطلق على هذا الدرب صمت الأيقاظ القانعين.
وإذا ما حاولنا قراءة اللحظة الراهنة، فسوف نجد أن معظم القوى الفاعلة على المسرح السياسي الثوري المصري، قد مارست الكثير من أشكال فلسفة الصمت، فخروج الشباب إلى الميادين لقيادة النخب التي أعياها السكوت، يعد رد فعل مناسب لوعي الثائرين بحقوقهم واجتماعهم دون ترتيب مسبق أو قيادة منظمة، لكسر حاجز الخوف والتردد والانتقال من صمت المتكلمين -المتمثل في اعتراضات (حركة كفاية، الجمعية الوطنية للتغير، 6 إبريل، كلنا خالد سعيد)- إلى فعل الصامتين، وعلى الرغم من إيجابية هذا الدرب، إلا أن معظم الثائرين رغبوا عن الصمت التأملي حيث التريث والتدبر والإجابة عن السؤال المطروح دوما (ماذا بعد؟)الأمر الذي أوقعهم في زلات الثرثرة واللجاجة والشعارات الزائفة والمطالب المتعجلة، ذلك فضلا عن وقوعهم تحت تأثير الخطابات الزائفة التي أطاحت بقيادات الثوار الشابة، وألقت بهم في السجون ونكلت ببعضهم، وسفعت برؤوس البعض الآخر برصاص الغدر.
وهناك درب آخر من دروب الصمت يتمثل في ما نطلق عليه حزب الكنبة، ويتشكل من خليط من النخب والعوام، وجميعهم فضل الانتظار والسكوت مبررا ذلك بالخوف، عدم القدرة على التغيير، اليأس من الإصلاح، الاغتراب، الخنوع والاستسلام، الجهل، عدم القدرة على قراءة المشهد واستيعاب الأحداث، الانسحاب والكفر بالواقع، الانقياد لتجار الكلمة، وقد انعكس هذا الدرب السلبي في الاستفتاء والانتخابات وقلة الاحتجاجات، ولا سيما بعد نهاية انتخابات الرئاسة. وقد أصيب هذا الفصيل بالعديد من النكسات أهمها الاستفتاء على الدستور إذ حرص جمهرة حزب الكنبة على الإدلاء بأصواتهم الرافضة مفضلين الكلام على الصمت، والفعل على الخرس، ولكن كانت حيل المتلاعبين أمكن وأقوى، وعلى الرغم من ذلك لم يعد حزب الكنبة إلى سابق عهده من السكوت الإرادي، بل تمرد على الخرس القهري، ولا سيما بعد تأكده من أن سكوته وخرسه هو والموت سواء، وأن تمرده على هذا الصمت فرض عين لقول الحق وكشف الزيف ودفع المنكر باللسان.
ويمكننا إدراك شكل آخر من أشكال الصمت ويتمثل في حديث الريبة والشك الذي تسره الأنفس دون أن تبوح به الألسنة، وقد تفشى ذلك الدرب من الخرس بين شباب المتأسلمين والأحزاب على حد سواء، فقد أدرك المرتابون أن شيوخ النخبة لا يراعوا فضائل الكلام في تصريحاتهم وخطاباتهم وأفعالهم، فالكل يكذب ويناور ويحاور ويبيع ويتاجر من أجل السلطة وأبهة الحكم، غير أن جميع المتشككين ينقصهم شجاعة البوح ، ويعييهم الاعتقاد بأن في نقض العهد وشق عصا الطاعة خيانة، وأن الفرار إلى البديل لا يؤدي إلا إلى مزيد من السقوط والتردي، وقد استفاد بعضهم من التجربة الأولى التي دفعت قطاعا منهم لتأييد أحد المرشحين نكاية في الآخر ورفضا لعصبته وجماعته، وتنبئ الأحداث بأن هذا الفصيل المرتاب سوف يخرج من سكاته ويكفر بخرسه وينضم واعيا إلى فصيل المتمردين، انتصارا للقيم التي يؤمن بها وانتقاما من المتلاعبين بالعقول الذين خدعوه.
أما صمت المتكلمين فيبدو بوضوح في معظم القيادات والنخب التي لم تفطن لفضائل الصمت وآداب الكلام، فلم يخجل الجهلاء والحمقى والكذابون والمتلونون من كثرة الصخب والثرثرة، ومن المؤسف رؤيتهم يعتلون المنابر ويتصدرون المحافل والمؤتمرات ويجلسون الساعات الطوال أما الكاميرات (يحللون ويحرمون، ويفسرون ويناقشون، وينقدون ويقيمون) والمتعالم منهم يزعم بأنه يقدم فصل الخطاب، والحانق فيهم يندد ويتوعد ويلقي بتبعة الإخفاق على المعارضين، وقد انتحل الكثيرون من قيادات المشهد السياسي هذا الدرب، وتكشف الأحداث المتتالية عن أن عبثية حديثهم سوف تؤدي حتما لسقوطهم، ولا سيما بعد تماديهم في: تزوير الوقائع، تعمد اللغو والمراوغة، الكذب، تزييف الرأي العام، تبرير الإخفاقات بضلالات،عدم الإصغاء لنصح الأغيار من أهل الخبرة، الاندفاع في الإطاحة بكل المنافسين وقمعهم وإخراسهم، فعلى الرغم من صخب حديثهم فلا يخلو من تلبيس إبليس الساكت عن الحق.
وما زال المسرح السياسي شاغر من دربين من دروب الصمت أولهما: صمت المتأملين والعقلاء، فلا نكاد نلمح بين قادة المشهد من يدفعه صمته الحكيم إلى القول القويم، وبالتالي ما زال الخطاب الثوري يفتقر إلى القيادة ووحدة الرأي وإجابة واضحة عن ما ينبغي فعله بعد اللحظة الفاعلة أي عدم وجود رؤية مستقبلية لتحقيق غايات الثورة، وثانيهما: صمت الوعاة الأيقاظ الذين يعملون ويبنون ويصلحون بدافع من الضمير والواجب الكامن في داخلهم، فلا نجد لهم أثرا حتى الآن، فالكل ينتظر من يحرضه أو يدفعه أي أن سياسة القطيع ونظرة التبعية لم يتخلص منها الثائرون، فالمأمول هو الفعل من أجل تحقق الذات والتعبير عما يؤمن به العقل وما يعيه الرأي العام القائد، ولم يبقى لنا إلا أن نتساءل:
هل ما زلنا في حاجة إلى الصمت؟ وإلى أي درب من السكوت نمضي ؟ أم كتب علينا الخرس الذي لا يمحوه إلا الدم ؟ هل نفلح في التخلص من تجار الكلمة وخرس المثرثرين وسكوت المغيبين ولجاجة المتنطعين ؟وهل نعتبر تمردنا دربا من دروب السكوت ؟ أم ضربا من ضروب الكلام؟ وهل لحظتنا الثائرة يمكن إدراجها في باب صمت الفاعلين ؟ أم كلام المنتصرين للصدق والحق والعدل والحرية ؟وهل نريد من ثورتنا إخراس المتكلمين ؟ أم دعوتهم لصمت المتأملين وإنصات الدارسين؟
الحق أن كلمة (نعم) دوما تطرب الآذان، غير أن كلمة (لا) ما زالت تحيي العقول، وأن كلام الأيقاظ الوعاة أغلى من الماس وأنفس من السكوت وإن كان من ذهب.
دستويفسكي كان على حق حينما
وصف الوعي بالعلة المرضية! لأن
الوعي عندما ُيدرك ويكتمل ّ يخير
الشخص بين أمرين؛ إما التزام
الصمت وإما أن يصبح ثائرا في
وجه ّ كل شيء
May 19, 2021*
الصمت أنواع.. ليس منها السكوت
أحيان كثيرة يصير له الوقْع الأقوى والأبلغ من كل أنواع الكلام. والمتأمل في طبيعة الصمت يجد أن كثيراً من المتحلين به قد اتخذوه من باب الحكمة، حيث إن لباس الحكمة يستلزم صمتاً أكثر مما يستلزم الكلام.
الصمت إعلان بوجود الحياة، وسكوت الإنسان دلالة موته، وصمته دلالة فكره.
*
Jun 5, 2021
عشق البشر النميمة او الثرثرة
Jun 14, 2020
غالبا ما يشار إلى النميمة و”القيل والقال” على أنها “نشر معلومات ضارة عن أشخاص آخرين”، كما أنها جزء لا يتجزأ من ثقافة المشاهير.
وخلص عالم النفس التطوري، روبن دنبار، إلى فكرة أن “القيل والقال تطورت عند الإنسان الأول كوسيلة لاستمالة شريك الحياة وتقوية الروابط معه، وما الذي يجعل الحديث عن الآخرين أفضل، خاصة في وقت لم يشهد تقدما في مجالات مثل التكنولوجيا وحتى الفلسفة”.
وأكد دنبار أنه “بدون هذه المناقشات حول القضايا الاجتماعية والشخصية، لما كنا تمكنا من الحفاظ على المجتمعات التي نحن عليها الآن”.
وأفاد تحليل أجري في عام 2019 ونُشر في مجلة “علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية” أن الشخص العادي يقضي 52 دقيقة كل يوم في النميمة، يتطرق الشخص العادي خلالها إلى 467 موضوعا، وثلاثة أرباع تلك النميمة عادة ما تكون محايدة ومملة نسبيا مثل توثيق حقائق كـ”إنها عالقة في وقت متأخر من العمل”.
التفاعلات الفسيولوجية من وراء النميمة أنه عندما سمع الأشخاص عن سلوك شخص معاد للمجتمع أو تعرض لظلم، زادت معدلات ضربات قلوبهم، وعندما تمكنوا من إثارة النميمة حول ذلك الشخص شعروا بالهدوء وانخفض معدل ضربات قلوبهم.
وتساعدنا الثرثرة المحايدة في الواقع على بناء الصداقات والشعور بالمجتمع المحيط بنا، بالإضافة إلى تعلم المعلومات الحيوية التي يمكن أن تساعدنا في تشكيل حياتنا الاجتماعية.
وقال الخبراء “عندما تفصح عن معلومات لشخص ما، فأنت تشير إلى أنك تثق به، وهو ما يمكن أن يساعد في بناء صداقة”. ولفتوا إلى أن النميمة تصبح ضارة تماما عندما لا توفر أي فرصة للتعلم الاجتماعي، ويتضمن ذلك تعليقات وقحة حول مظهر شخص ما أو تعليقات غير صحيحة
*
تناقل الشائعات، لكنها ربما تكون محادثة بسيطة مع صديق، وهو أمر افتقدناه خلال العام الماضى مع التباعد المجتمعى
لا تخش الصمت.. الثرثرة ليست مقياس دفء العلاقات دائما
الشعور المُحرِج عندما تتوقَّف محادثة جماعية مُتدفِّقة بيننا فجأة وتبدأ لحظات من الصمت، غالبا ما نشعر بالتوتر، ونُفكِّر في أي كلمات تخلق حوارا جديدا. نعم، حين ينساب الحديث بيننا نشعر بالاطمئنان، بينما يُنبِّهنا توقُّفه، حتى ولو للحظات قليلة، إلى أن علاقتنا بالمحيطين ليست على ما يُرام، سواء كان ذلك بين زوجين أو بين مجموعة من الأصدقاء، لطالما كان الصمت مرادفا للفراغ والعدم، والموت أحيانا، فهل يعني الصمت دائما أن علاقاتنا تسير نحو الأسوأ؟
مأساة البشر لا تحدث حين نُسيء فهم الكلمات، لكنها تحدث عندما لا يُفهم الصمت
"بمجرد أن نحتاج إلى كلمات، يكون هناك بالفعل فشل في فهم بعضنا بعضا، لذا فأنت تعمل على أن تُعالج هذا الفشل باستخدام الكلمات"
تمنحنا الطلاقة في الحوار شعورا بالسيطرة على الاتصال، وتُشبع الحاجة إلى الانتماء والترابط بين المجموعة واحترام الذات، هذا ما تُشير إليه دراسة لباحثين من جامعة خرونينغن بهولندا حول تأثير الفترات الوجيزة من الصمت في الأحداث الاجتماعية، أظهرت الدراسة أن تدفُّق الحديث ارتبط بمشاعر الانتماء واحترام الذات، بينما كان الصمت للحظات يُهدِّد هذه المشاعر، ويرتبط بمشاعر سلبية وشعور بالرفض.
أربع ثوانٍ فقط من الصمت كافية لتعطيل تدفُّق المحادثة ونقل شعور بالضيق والخوف والرفض للموجودين. كشفت الدراسة أيضا أنه على الرغم من أن الناس لا يلاحظون بوعي فترات الصمت القصيرة، فإنهم يتأثرون بتوقُّف هذا التدفُّق في الحوار، فيزيد شعورهم بالرفض ويختبرون المزيد من المشاعر السلبية والإقصاء الاجتماعي.
لعلاقة الجيدة هي تلك التي توجد فيها مساحات من الصمت والملل دون أن يُشكِّك أطرافها في مدى قوتها، وهكذا يصبح الصمت مقياسا للثقة والأُلفة؛ بمعنى أن نكون مرتاحين بينما نستسلم للصمت بسرور. وعلى الرغم من غرابة هذه المتعة بالنسبة للكثيرين، فإن الصمت مؤشر إيجابي جدا على مقدرتك أن تكون مع مَن تحب، مُسترخيا دون الحاجة إلى قول أي شيء.
في اللغة الإنجليزية تحديدا، لا توجد فجوات في الحديث، إنه يتوقَّف فقط لأجزاء من الثانية ويتواصل مرة أخرى، وما إن يطول الصمت لأربع ثوانٍ مثلا حتى يبدأ الشعور بعدم الارتياح، تختلف تصوُّراتنا عن لحظات الصمت عموما باختلاف ثقافاتنا، ما تعتبره ثقافة ما وقفة مُحيِّرة أو مُحرِجة يراه الناس في ثقافة أخرى لحظات ثمينة من التأمُّل وعلامة على احترام المُتحدِّث الأخير.
في المقابل، يتحمَّل اليابانيون مثلا أن يستمر الصمت في اجتماعاتهم لنحو 8 ثوانٍ بسعادة ورضا دون أي شعور بعدم الاستقرار، إنها الثقافة ذاتها التي تعتقد أن "الرجل الصامت هو أفضل مَن يُستمع إليه". يظهر الصمت حتى على الورق أحيانا كما في "الهايكو"، وهو أحد أنواع الكتابة الشعرية في اليابان، ويتكوَّن من ثلاثة أسطر فريدة يُمثَّل فيها الصمت بمساحات فارغة.
التواصل بالعبارات اللطيفة والإشارات الغامضة وغير المباشرة والصمت المُطوَّل، ويُعتبر أفضل اتصال يجري بين الأفراد دون حديث بينهم على الإطلاق، الفنلنديون أيضا يجدون سعادة في الجلوس معا في لحظات من التفكير لا يقول فيها أحد أي شيء، فقط يُفكِّرون معا، ويعتبرونها جلسة مثالية
لماذا يربكنا الصمت
دراسة "أنثروبولوجيا الصمت: دراسة عن الصمت في النشاط البشري"، تلك الحاجة إلى الثرثرة المتواصلة، خاصة لدى مجتمعات البحر الأبيض المتوسط، بالجذور اليونانية اللاتينية في ثقافات هذه الشعوب، حيث كان الخطاب مهما، وكانت الكلمة هي ما يُحدِّد مكانة الفرد في المجتمع، فكانت موهبة الخطابة تمنحه القوة، بينما في ثقافات وفلسفات أخرى مثل البوذية فإن الصمت هو ما يُضفي مهابة على الفرد، حتى إن القائد الحقيقي لا يكاد يُعرف بين الحاضرين.
في أحيان أخرى، تُفسَّر أهمية الثرثرة في الثقافة الغربية وفق الطريقة التي سار بها التاريخ الأميركي، حيث تسبَّبت الحقبات الاستعمارية في اختلاط العديد من الشعوب المختلفة، وكان من الصعب إنشاء فهم مشترك دون حديث، هكذا كان ينتابهم القلق إذا لم ينخرط الناس لفظيا، فقد كان الحديث يعني تأسيس حياة مشتركة.
بينما في المقابل، كان وجود التجانس بين أفراد الشعوب الأخرى -الشرقية تحديدا- يُسهِّل ظهور بعض أنواع الصمت، وهو أمر نلمسه نحن حين نجلس في صمت وراحة بين الأقارب والأصدقاء على سبيل المثال، بينما لا نشعر بتلك الراحة حين يعم الصمت جلسة تجمعنا بأشخاص لا نعرفهم جيدا.
ما يجعل الصمت مُحرِجا في ثقافات بعض الشعوب هو نفسه ما يجعله أداة قوية في التفاوض، يقول ماثيو ماكلاشلان، مدرب اللغة والمهارات الشخصية بشركة "Learnlight" بالمملكة المتحدة، إن تعلُّم كيفية مواجهة الصمت مهارة مهمة، خاصة عند العمل مع ثقافات مختلفة، ويقول إن المفاوضين الصينيين يستخدمون هذه الحيلة بمهارة، إذ يُدركون أن الأميركيين يحبون ملء الصمت، لذا يلجؤون في مواجهتهم فقط إلى لحظات من الصمت يشعر معها الأميركيون بعدم الراحة، فيُبادرون إلى تقديم تنازلات دون أن يضطر الصينيون إلى فعل أي شيء آخر.
الصمت ليس أمرا جيدا في كل الأحوال
45 دقيقة أثناء قيادته السيارة، وكيف كانت منزعجة وهي تُجهِد عقلها في محاولة معرفة الخطأ الذي حدث بينهما، فوجئت بوالدتها ترد: "أنا ووالدكِ نقود السيارة طوال الوقت دون أن نتحدَّث". تذكَّرت عندها ميكي كيف كان صوت الصمت في منزل الوالدين؛ كان مليئا بالغضب، وكانت هذه طريقتهما في التعبير عن هذا الشعور الغاضب، لم يكن أبدا صمتا مريحا يسمح لهم بسماع القلوب أو الشعور بالترابط أو الصفح أو القبول.
رغم ما يعنيه الصمت حول العلاقات الصحية، وكونه مؤشرا جيدا على التفاهم في كثير من الأحيان، فإنه قد يصبح مؤشرا خطيرا على وجود مشكلات عميقة في طريقها للظهور. في بدايته، ربما يُعبِّر عن احتياج أطراف العلاقة إلى نقل الحديث لمستوى أعمق حتى لا يفقد أحدهم بريقه، وليظل التواصل قائما، وفي أحيان أخرى يُعبِّر عن غضب أو تجاهل أو عقاب يستخدمه أحد الأطراف -ربما لا إراديا- تجاه الآخر.
كذلك قد يكون الصمت شكلا من أشكال التجنُّب في العلاقة حين لا يُجيد أحد الأطراف إدارة الصراع أو التعبير عما يشعر به، فيبدو الصمت أكثر أمانا له لتجنُّب الخلاف، وفي هذه الحال يكون الصمت مرحلة انتقالية قبل تفاقم المشكلات، وليس فرصة للتجاوز والحل.
الصمت الذي يحدث في شراكة زوجية طويلة قد يكون مألوفا ومفهوما من الطرفين، بينما لا يكون كذلك في علاقة بدأت للتو مثلا، ومع ذلك يُنبِّه إلى ميل البعض لتفسير الصمت غير المرغوب شخصيا، كأن يعتقد أن الآخر لا يتحدَّث معه لأنه يراه أقل ذكاء أو لا يراه جذابا، ويؤكِّد أنه كثيرا ما يكتشف في جلسات العلاج النفسي حين يسأل عن الأمر أن هناك سببا مختلفا تماما للصمت، وقد لا يُمثِّل مشكلة في كل الأحوال.
هل نشعر بالهدوء والسكينة كما في صمت العلاقة القوية، أم نشعر بالتوتر والقلق؟ الجواب عن هذا السؤال وحده سيُخبرنا إذا ما كان علينا أن نفعل شيئا حيال لحظات الصمت.
*
Jul 7, 2021
الثرثرة هي الكلام المعاد الذي تتحول كلماته إلى حلقة مفرغة، يدور فيها الكاتب، فلا يرى لها بابا يخرج منه؛ لا لضحالة اللغة، بل لضحالة الفكر.
كَلمَاتُنا لَنا أَمْ عَلينَّا
فِي كثير من الأَوقات حِينَما نَشرعُ بقِرَاءة كِتَاب ما نَجِد فيه مقُولةٌ واحدة أَو أكْثَر تَكوُن ذَاتَ كلماتٍ وَمعانٍ مُؤَثرة قَدْ تَستَوقِفنا لِبُرهَةٍ من الزمن وتَأخُذنا إلى عَالمٍ آخر، فتُحدِثُ فينا أَثراً كبيراً .
وبَعضُ الكلمات قد تُترجم مانَشعُر بِه بدقةٍ مُتناهية كَأنما تُخاطِب قُلوبنا قَبل عُقولنا..
أيضاً تِلْكَ الكَلمات التي نَتَحاور بِهَا بِشَكْلٍ عَام فِي مَجالِسُنا وَالأَمَاكنْ العَامة وَحَتى فِي لِقَاءاتِّنَا العَابِرة سَواء كَانتْ مَع اُنَاس نَعْرفُهم أَو لاَنعرِفُهم.
هَذه الكلمات بِشكلٍ عَام سَواء كَانَتْ مَكتُوبةً فَنقرأها أَو تُلقى على مَسامِعنا فَنُصغِي إليها أو نُخَاطِب بها سِوَانا
رُبَما تَتْرُك أَثراً عَمِيقاً فِي اَلنْفس البَشَرية لاَيَبْرَحُها
لَكنْ مَاذا عَنْ هَذا الأثر.
هَلْ يُحْسَب لَنا أَمْ عَلينا؟
هَلْ يَعلو بِنا أَمْ يَهْويّ بِنَا؟
هَلْ يَجْبُر أَمْ يَكسُر؟
كُل ذَلِكَ الأَثَر عَائِدٌ إِلى المُتَحَدِّثْ نَفْسُة وَمَاتَخَيَّرَ مِن كلمات فنطق بها.
لِذلكْ نَجِدْ أن بعض الكلمات حينما تَطرق مَسامِعنا مِنْ شِدَّة طِيِب أَثرها وحُسنِ وقعها على القلوب يُخال إِلَيِّنَا لكَأَنَّنَا فِي رَوضٍ مُربع يَكْسُوه زَهْرُ الربيع تَأْنَس بِها الأَنْفُسْ وتُزهو ونتمنى لو تطول أكثر وأكثر.
أَمَّا بَعْض الْكَلّمات فَهِيَّ أَشْبَة مَاتَكُونْ بِريحٍ عاتية لاَ تُبْقِّي عَلى شَيء فلاَ تَدعُ خَاطِراً إِلَّا كَسَرتْهُ وَلابَاسّماً إلا كَدرَته.
فَكَمْ مِنْ كَلِماتٍ لَمْ يُلْقَى لَها بَالاً
أَوهَنتْ حالاً وَبدَدَّتْ شُعُوراً وأَطْفَأَتْ نُوراً .
وَكَمْ مِنْ كَلِماتٍ شَدْت أزراً وَهَوَنَتْ أَلَماً وزًرَعت أَملاً.
وَشَتَان مَابَينَ اَلْكَلمَّةَ الْطَيِّبَة ونَقِيضُهَا
شتان مابين كلماتٍ كالدواء تُشفي ولاُتُشْقِّي
وكلماتٍ كالداء الذي يُؤلم ولايَلْتئِم.
ولأن كَلماتُنا إما أن تكون لنا أو علينا
كَمْ نَحْنُ بِحَاجةٍ إِلى قليلٍ من الْتَرَيُثْ والتَفْكِير العَمّيقْ فِي كَلِّمَاتُنا قَبْلَ نُطْقها وإِطلاقَها.
ولَسْتُ أدعيِّ المثَّالية مِنْ كِتابة هذا المَقال وَإِنَّما لِحَاجَةٍ فِي نَفْسي مَفَادُها
(منْ كَان يُؤمِنْ بالله وَاليَوم الآخر فَليَقُلْ خَيراً أَو لِيَصْمُت)
علَّ كلماتي هذة تَتْرُك أَثراً نَيِّراً فِي قَلبي وَقَلْب كُلْ قَارِيء لَها. لها
Aug 25, 2021*
الكلمات قوية ولا يمكن سحبها بمجرد التفوه بها، ويفهمون أيضا أن الكلمات التي نختارها يمكن أن تؤثر على الطريقة التي ينظر بها الآخرون إلينا، وإذا كانت صورتك مبنية على ذكائك، فيجب أن تكون حريصا على تجنب استخدام العبارات التي تجعلك تبدو غبيا.
لا يتباهى الأذكياء بمدى ذكائهم لأنهم يفهمون أن الأفعال أبلغ من الكلمات
الأذكياء أعقل من أن يستخدموا مقدمات تحط من ذواتهم في جملهم ويبتعدون عنها بأي ثمن.
عندما تستخدم عبارة "لا أقصد الإهانة ولكن" فهذا يعني أنك تطلب من الآخر أن يحضر نفسه لأنه سيتعرض للإهانة
بدلا من الشكوى من أن الأمور ليست عادلة، حاول إيجاد طريقة للتكيف والتغلب على العقبة.
Sep 1, 2021*
هذا الزمان، زمان السكوت ولزوم البيوت والرضا بأدنى القوات ومن يقول الحق فيه يموت
*
الصمت السلبي علامة على ضعف قدرة الأطفال في إدارة الأزمات
Dec 17, 2020
ضعف قدرتهم على إدارة الأزمات وعلى السيطرة على انفعالاتهم، مما يشير إلى خنوعهم وقبولهم بالعقوبة المسلطة عليهم. ويدعو علماء النفس الآباء ليكونوا أكثر تسامحا مع أبنائهم، ذلك أن الأبناء إذا شعروا بالأمان أصبحوا أكثر قدرة على التكيف مع الوضعيات الصعبة وأكثر قدرة على التحكم في انفعالاتهم.
يبقى صامتا باهتا إذا واجه مشكلة ما.
الآباء إلى تعزيز شعور الحماية والأمان داخل نفسية أبنائهم وذلك عبر إعطائهم المزيد من الثقة، وعدم ضربهم أو إهانتهم مؤكدا على ضرورة منح الأطفال فرصة ثانية للنجاح في رد الفعل.
الآباء تعويد الأبناء على حب المعرفة وتطوير المهارات وصقلها، ذلك أن الاكتساب المتواصل للمهارات يجعل الطفل أكثر قدرة على التفاعل والتواصل ليصبح الصمت سلوكا استثنائيا.
على الآباء أن يدربوا أبناءهم على كيفية أن يكونوا قادرين على التكيف مع الوضعيات وعلى التواصل.
على الآباء أن يعودوا أطفالهم على التعبير عن آرائهم بطلاقة وإشعارهم أنهم قادرون على التعبير عما يخالجهم وما يعتمل في نفوسهم بكل حرية.
الضغط والضرب والعنف والإهانة تجعل الطفل يلتجئ إلى الصمت ويفضل عدم الكلام لأنه يخشى التبخيس.
الأصل في الأطفال أنهم مقبلون على الحياة ويتكلمون بكثرة، ما يعني أن الطفل الصامت يكره أن يصدع بما في نفسه إما لأنه يفضل الصمت عن العقاب، أو لأنه لا يملك الثقة في نفسه.
نمو مهارات اللغة والكلام أو صعوبة في معالجة المعلومات السمعية أو غيرها من اضطرابات النطق واللغة التي قد تتشابه مع أعراض الصمت الاختياري
*
الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب
“إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب” شخص لا يجيد التحدث يفتقد الثقة في النفس، وإلا لو كان كذلك كيف سيتعلم الناس دون كلام وأسئلة؟ وكيف ستكون هناك قواسم مشتركة بينهم دون كلام، أيضا كيف سيتواصلون؟
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق