السبت، 29 أكتوبر 2022

جدل العبد والسيد . الحرية . احمد برقاوي

احمد برقاوي

  فالعبد لم يغامر ورضي أن يكون عبداً، أما السيد فرضي بأن يغامر فأصبح سيداً. وفي تحليل هذه العلاقة أن السيد صار مدينا بحياته للعبد وواقعيا صار عبداً للعبد لأن حياته أصبحت مستحيلة دون وجود العبد وعمل العبد، هذا نظرياً وديالكتيكياً. وبمجرد أن يعي العبد أن السيد مدين له بعبوديته، يبدأ شعور العبد بأنه ليس عبداً ويبدأ يشعر بالحرية. هيغل يقول: “ليس التاريخ إلا مسار وعي الحرية لذاتها” وهو إذ يرصد مسار وعي الحرية عند الأمم الشرقية يرصد أنها تنطوي على فكرة السيد الأوحد. لذا خلق الشرقي الإله الواحد على شاكلة سيده، فكان الإله سيدا، بينما التطور عند طبقة الأحرار عند اليونان والرومان أن الإله متعدد وبالتالي تعيين الحرية عندهم أوسع.

وداني لكتاب التعدد لخزعل الماجدي

النظام المتعالي يرغم الأنا الحقيقية على الاختفاء، فيظهر الأنا الكاذبة المتكيّفة مع متطلبات قمع القوة القهرية، فتختفي الأنا الأخرى الحقيقية التي تضيق بالقوة القمعية، وفي النظام الدكتاتوري فالأنا الحقيقية دائماً مخفية لأنه لا يمكن إظهار سوى أنا واحدة التي يريدها المستبد، وهي أنا كاذبة.

إذا كانت الحرية هي زوال الهوة بين الأنا المخفية والأنا الظاهرة، فكل سلطة قمعية تجبر الكائن على إخفاء ما يخاف منه. من هنا ارتباط الحرية بالخوف وارتباطها بالشجاعة. المجتمع الأوروبي مجتمع شجاع لأنه لا يوجد كذب، لا يوجد خوف إلا بحدود، لا يوجد أنا ظاهرة وأنا مخفية.

ي القاموس العربي لا يوجد كلمة “حرية” بل يوجد كلمة “حر” وهي مقابل العبد.

خذوا الأيديولوجيا القومية فقد ربطت الحرية بفكرة “حرية الأمة” من آخر، من الاستعمار . لم ينظر للكائن الفرد على أنه حر بذاته بوصفه فرداً، بل بارتباطه مع “الأمة الحرة” التي تحقق حريتها من سيطرة الآخر. مثال جريدة الامة 

كل الأيديولوجيات الشمولية هي ضد الحرية الفردية، ولم تنتقل من حرية الأمة إلى حرية الفرد إطلاقاً. وبالعكس صار قمع الفرد مترابطا بالدفاع عن حرية الأمة ومن مستلزماتها، وبالتالي فقد الفرد حضوره الذاتي. إن انتقال الكائن إلى الذات أمر معقد.. فما الفرق….؟

كل أيديولوجيا تتحدث عن الكل ينشأ الوعي القطيعي وليس الذات.. والخطاب الماركسي لم يختلف كثيرا لأنه ركز على الطبقة وعلى حرية الطبقة من استغلال طبقة أخرى واعتبرها هي الحرية واعتبر أن كل انزياح عن هذا الهدف الطبقي هو خضوع للمعنى البورجوازي الصغير، وعندما انتقد الشيوعيون سارتر اتهموه بأنه بورجوازي صغير… ولدى الشيوعية لا تتحقق حرية الطبقة إلا بانتصارها على طبقة أخرى وتحقيق العدالة الاجتماعية.

 حصر الحرية بجانبها الاجتماعي الطبقي أنشأ نظاماً سياسياً متعالياً، ضد الحرية كما أنشأها النظام القومي.

لكن القومية والماركسية هي أيديولوجيات دنيوية قابلة للتمرد عليها ورفضها وتحطيمها ولكن إن ذهبنا للتيار الديني سنجد أن العبودية مطلقة للإله المتعين بالنص وتفسير النص وشرحه وتأويله خضوعا تاماً لهذا النظام المتعالي.

في التيار الشيوعي حاز النص على صفة القداسة، فالبيان الشيوعي مثلا أصبح مقدساً رغم أن إنجلز نفسه قال عنه إنه شاخ في أكثر أجزائه ولكن أبقيته كوثيقة تاريخية، لكن بقي البيان لدى الشيوعيين نصاً مقدساً. ولكن من جهة أخرى يمكن تمزيق هذا النص “المقدس” الأرضي، وقد مزقه غورباتشوف وانتهينا، ولكن المقدس الديني والنص الإلهي المتعالي المطلق في السماء لا يمكن تمزيقه، والحوار مع النظام الأرضي المتعالي نسبيا ممكن، بينما الحوار مع الخاضعين للنص الديني غير ممكن، لأن النص لديهم هو المرجع وليس الكائن، لذا يغيب الكائن وينتهي ويموت، مثلا الحوار حول جواز الحرق في الإسلام يكون من باب “يوجد نص أم لا يوجد نص”، فإن وجد نص فهو مسموح وإن لم يوجد فهو محرم، أي لا يوجد أيّ ارتباط بالحياة، فالقول الفصل هو للنص، فلا اجتهاد مع النص. لذا فكرة الحرية في الدين هي عدم.

الخطاب الليبرالي العربي لا يختلف عن مثيله الغربي مثلا لطفي السيد.

الجابري في كتابه “نقد الخطاب العربي” قال.. علينا التحرر من  سلطتي السلف، السلف العربي والسلف الأوروبي، لتحقيق الاستقلال التاريخي التام للأمة العربية”، ويقصد لا مرجعية إسلامية ولا مرجعية أوروبية، بل إنشاء مرجعية عربية ذاتية، فتحقق الأمة استقلالها التاريخي، وهذا مأخوذ عن غرامشي الذي قال بتحرر الطبقة التاريخي، أي الاستقلال التاريخي للطبقة. ولكن الجابري قال يجب أن نجمع بين ابن خلدون والشاطبي وابن رشد وميشيل فوكو، وهذا لأن الجابري بنيوي يحقب تاريخ الوعي العربي كما ميشيل فوكو، لذا لم يستطع الجابري أن يتحرر لا من السلف العربي ولا من السلف الأوروبي.

حسن صعب تحدث عن التحرر من سلطة العقل إلى سلطة الفعل فننتقل الى التجربة مع أن طريق الوعي هو الانتقال من التجربة إلى العقل.

راسل يعرّف الديمقراطية بأنها “التوزيع العادل للقوة”، وهذا يعني أن العبودية هي احتكار القوة، فإن عرفنا الديمقراطية بأنها عدم احتكار القوة فهذا تعريف بسيط، ولكن يجب أن يشعر الكائن أنه يمتلك القوة الضرورية لتحقيق وجوده، فالمال قوة وسلطة، وإن لم تمتلك الطبقة العاملة قوة لمواجهة رأس المال ستكون حريتها غائبة.

الكائن ليس مجرد كائن لديه غريزة حب البقاء فقط، بل ولديه وعي للحرية

فالجنس أصبح ثقافة والطعام ثقافة والشم ثقافة.

“الشعب يريد” لأنه مرتبط بالإرادة، فأن تريد يعني أنت حر.. ومن هنا العبودية هي سلب الإرادة، بينما الحرية هي تعيين الإرادة.

الديمقراطية هي إذن التوزيع العادل للإرادات بحيث لا تتحكم إحدى الإرادات ببقية الإرادات.. دولة الحربة هي دولة ديمقراطية بالضرورة ودولة الحرية هي دولة تسامح.

*Aug 6, 2022

نحن نعيش تجربة الدولة القمعية بتفاصيلها

خذوا قمع النظام المتعالي للجنس، وهي الغريزة الوحيدة التي فوقها نظام متعال يحدد سلوكها، ونشأت أيديولوجيات كاملة حولها حالت دون حرية الفرد في ممارسة غريزته الجنسية، بينما الغرائز الأخرى طليقة من كل قيد.

فعندما يعي العبد أنه عبد تبدأ أول خطوة لوعي الحرية. وهيغل لديه في كتاب “فينومنولوجيا الروح” فصل اسمه “جدل العبد والسيد” وهو قبل ماركس يطرح نشأة العبد ونشأت السيد بوصفهما شخصان مختلفان بروح المغامرة وروح الحياة، فالعبد لم يغامر ورضي أن يكون عبداً، أما السيد فرضي بأن يغامر فأصبح سيداً.

 يعي العبد أن السيد مدين له بعبوديته، يبدأ شعور العبد بأنه ليس عبداً ويبدأ يشعر بالحرية. هيغل يقول: “ليس التاريخ إلا مسار وعي الحرية لذاتها”

خلق الشرقي الإله الواحد على شاكلة سيده، فكان الإله سيدا، بينما التطور عند طبقة الأحرار عند اليونان والرومان أن الإله متعدد وبالتالي تعيين الحرية عندهم أوسع.

النظام المتعالي يرغم الأنا الحقيقية على الاختفاء، فيظهر الأنا الكاذبة المتكيّفة مع متطلبات قمع القوة القهرية، فتختفي الأنا الأخرى الحقيقية التي تضيق بالقوة القمعية، وفي النظام الدكتاتوري فالأنا الحقيقية دائماً مخفية لأنه لا يمكن إظهار سوى أنا واحدة التي يريدها المستبد، وهي أنا كاذبة.

إذا كانت الحرية هي زوال الهوة بين الأنا المخفية والأنا الظاهرة، فكل سلطة قمعية تجبر الكائن على إخفاء ما يخاف منه. من هنا ارتباط الحرية بالخوف وارتباطها بالشجاعة. المجتمع الأوروبي مجتمع شجاع لأنه لا يوجد كذب، لا يوجد خوف إلا بحدود، لا يوجد أنا ظاهرة وأنا مخفية.

كل الأيديولوجيات الشمولية هي ضد الحرية الفردية، ولم تنتقل من حرية الأمة إلى حرية الفرد إطلاقاً. وبالعكس صار قمع الفرد مترابطا بالدفاع عن حرية الأمة ومن مستلزماتها،

من هنا تضيق حرية الفرد فصارت حرية للأمة، وكلما ضاقت حرية الأمة ضاقت حرية الفرد ولم يعد الفرد “ذات”. لذلك في كل أيديولوجيا تتحدث عن الكل ينشأ الوعي القطيعي وليس الذات.. والخطاب الماركسي لم يختلف كثيرا لأنه ركز على الطبقة وعلى حرية الطبقة من استغلال طبقة أخرى واعتبرها هي الحرية واعتبر أن كل انزياح عن هذا الهدف الطبقي هو خضوع للمعنى البورجوازي الصغير، وعندما انتقد الشيوعيون سارتر اتهموه بأنه بورجوازي صغير… ولدى الشيوعية لا تتحقق حرية الطبقة إلا بانتصارها على طبقة أخرى وتحقيق العدالة الاجتماعية.

لهذا فإن حصر الحرية بجانبها الاجتماعي الطبقي أنشأ نظاماً سياسياً متعالياً، ضد الحرية كما أنشأها النظام القومي.

لكن القومية والماركسية هي أيديولوجيات دنيوية قابلة للتمرد عليها ورفضها وتحطيمها ولكن إن ذهبنا للتيار الديني سنجد أن العبودية مطلقة للإله المتعين بالنص وتفسير النص وشرحه وتأويله خضوعا تاماً لهذا النظام المتعالي.

 يمكن تمزيق هذا النص “المقدس” الأرضي، وقد مزقه غورباتشوف وانتهينا، ولكن المقدس الديني والنص الإلهي المتعالي المطلق في السماء لا يمكن تمزيقه، والحوار مع النظام الأرضي المتعالي نسبيا ممكن، بينما الحوار مع الخاضعين للنص الديني غير ممكن، لأن النص لديهم هو المرجع وليس الكائن، لذا يغيب الكائن وينتهي ويموت، مثلا الحوار حول جواز الحرق في الإسلام يكون من باب “يوجد نص أم لا يوجد نص”، فإن وجد نص فهو مسموح وإن لم يوجد فهو محرم، أي لا يوجد أيّ ارتباط بالحياة، فالقول الفصل هو للنص، فلا اجتهاد مع النص. لذا فكرة الحرية في الدين هي عدم.

محمد عابد الجابري في كتابه “نقد الخطاب العربي” قال.. علينا التحرر من  سلطتي السلف، السلف العربي والسلف الأوروبي، لتحقيق الاستقلال التاريخي التام للأمة العربية”، ويقصد لا مرجعية إسلامية ولا مرجعية أوروبية، بل إنشاء مرجعية عربية ذاتية، فتحقق الأمة استقلالها التاريخي، وهذا مأخوذ عن غرامشي الذي قال بتحرر الطبقة التاريخي، أي الاستقلال التاريخي للطبقة. ولكن الجابري قال يجب أن نجمع بين ابن خلدون والشاطبي وابن رشد وميشيل فوكو، وهذا لأن الجابري بنيوي يحقب تاريخ الوعي العربي كما ميشيل فوكو، لذا لم يستطع الجابري أن يتحرر لا من السلف العربي ولا من السلف الأوروبي.

الديمقراطية بأنها “التوزيع العادل للقوة”، وهذا يعني أن العبودية هي احتكار القوة، فإن عرفنا الديمقراطية بأنها عدم احتكار القوة فهذا تعريف بسيط، ولكن يجب أن يشعر الكائن أنه يمتلك القوة الضرورية لتحقيق وجوده، فالمال قوة وسلطة، وإن لم تمتلك الطبقة العاملة قوة لمواجهة رأس المال ستكون حريتها غائبة.

*

Sep 4, 2022


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق