السبت، 15 أكتوبر 2022

سقوطهم كالدومينو في الربيع العربي . الفساد

Jan 27, 2022

 "الدول التي سقطت في حرب أهلية كانت قائمة على نظم هشة سمحت بالانهيار السريع. والحروب عموما تجلب التدخلات سواء الإقليمية أو الدولية. ولا يوجد نظام في العالم لا يستفيد من وجود نظام فاسد آخر بجانبه. وهذا ما رأيناه من سقوطهم كالدومينو في الربيع العربي.

الرابط بين مؤشرات الفساد وبين ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

 الفساد السياسي هو الأوسع في المنطقة، "فالأمر لا يتعلق فقط بسجن الفاسدين، لكن هناك خوف من وجود كبش فداء في النهاية، بدلا من تغيير النظام الذي يسمح بوجود الفاسدين، والسلسلة التي تعيد إنتاج فاسدين جدد من الأساس."

الوساطة والرشوة والتمييز بأشكاله المختلفة أحد أبرز المشاكل التي تؤسس لعدم العدالة في القطاع العام، سواء في فرص العمل أو الخدمات. ويضطر واحد من بين كل خمسة مواطنين في الدول العربية لدفع رشى مقابل تلقي خدمات أساسية كالصحة والتعليم.


ويضيف تراجع الحريات الشخصية والمدنية بشكل عام إلى أزمة الفساد في المنطقة. فمثلا في مصر (التي حصلت على 33 نقطة)، يتسمر اعتقال الصحفيين والمعارضين السياسيين والنشطاء، ويستمر كذلك منع أي تجمعات وحجت منصات حرية التعبير.

ويشير التقرير إلى تونس على أنها "مثال مؤسف" لإمكانية فقد المكتسبات الديمقراطية، خاصة نبعد أن أضعفت الإجراءات السياسية الأخيرة من أنظمة الرقابة والمحاسبة، وزادت تباعا مخاوف الجمهور من التبليغ عن الفساد.

"فالسلطة التنفيذية تسيطر على التشريعية وتضغط وتتدخل في القضائية. هنا يغيب طريق واضح للمسائلة ومكافحة الفساد، فالسلطة التشريعية غير قادرة على محاسبة السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية غير مستقلة بشكل كافٍ لتحاسب الفاسدين،" وفقا لحتّر.

 الشعب لا يستطيع المسائلة عن الصرف والموازنة العاملة في ظل تقييد الحصول على المعلومات. هناك الكثير من القوانين الرائعة الخاصة بالحصول على المعلومات، لكن كلها مقيدة ببند أسرار الدولة والأمن العالم."

 الفصل الحقيقي بين السلطات في النظم السياسية في المنطقة بشكل يضمن المحاسبة والشفافية. ووجود مؤسسات مستقلة لمكافحة الفساد، إداريا وماليا وسياسيا، بحيث تقوم بالدور الرقابي الفعلي لمحاسبة الأشخاص دون التعدي على صلاحياتها.

كما يجب إرساء احترام سيادة القانون، وبالتالي احترام الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الدول العربية ومنها الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وتتضمن حماية المبلغين وإرساء النزاهة والشفافية وحرية الإعلام والمجتمع المدني، وضمان استقلال القضاء كالجهة الفاصلة في قضايا الفساد.

 يجب إحداث ثورة في التربية والتعليم لتغيير القبول الشعبي للفساد، بحيث نرى أثره في الأجيال القادمة. "فاستمرار الثقافة الحالية يولد شعوبا غير قادرة على إدارة عملية سياسية لاحقا. وهو دليل على أن الخلل في الديمقراطية وحقوق الإنسان يمكن أن يهدم كل شيء في لحظة."

الدول العربية مثلا لم تهتز من نشر وثائق مثل بنما وباندورا رغم صداها العالمي. لكن المنطقة العربية استلمت الفضائح كأنها خبر عابر."

وبشكل عام، لعبت وثائق باندورا دورا كبيرا في تراجع المنطقة على مؤشر مدركات الفساد، إذ طالت شخصيات سياسية بارزة من بينها ملك الأردن عبدالله الثاني، والأسرة الحاكمة في قطر، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، ورئيس وزراء لبنان الحالي نجيب ميقاتي، وسلفه حسان دياب، وغيرهم من الشخصيات السياسية البارزة.

*Oct 15, 2022

كتاب ما بعد الشيوخ والنفط 

 دول الخليج اتبعت في وقت مبكر إستراتيجية “تحصين الملوك”، فنظام الحكم في الخليج وراثي، وله تقاليده الخاصة، وقام على جملة من المعادلات القبلية والسياسية، خلقت نمطا في العلاقات بين الحكم والهيئات التجارية والشعب بمكوناته المختلفة، حاولت خلاله الأنظمة الخليجية الحفاظ على هذا الموروث، ومثلت التجربة الديمقراطية في الكويت قلقا كبيرا لها، فهذه التجربة إن نجحت فمن المؤكد أن فرص استنساخها خليجيا سوف تكون كبيرة جدا، وفقا لنظرية الدومينو في الانتقال الديمقراطي وتأثر الشعوب.

وفقا لهذه النظرية فإن النموذج الديمقراطي الناجح في دولة ما ينتقل بشكل سريع إلى الدول المجاورة، وأن الشعوب تتأثر ببعضها البعض، لاسيما إن كانت بينها نقاط مشتركة، مثل العادات والتقاليد وهي المشتركات التي تلتقي عليها الشعوب الخليجية.

 ميراث الحكم التقليدي في الخليج، وتدعم هذه المنظومة حكومات المنطقة ومجموعة من القبائل ورجال الأعمال (التجار) والتيارات الدينية التقليدية. وتركز هذه المنظومة على أفكار أساسية مثل التأكيد على قيم الولاء والطاعة، والحفاظ على الأعراف والتقاليد السياسية، والدفاع عن الأصالة.

والثانية، منظومة الضغط والحداثة: وتسعى للتأسيس للديمقراطية والعدالة ومراقبة أداء السلطة، وحق المشاركة في صناعة القرار، وفرض الرقابة والمحاسبة المالية، والانتخابات النزيهة، والتسامح واحترام التعددية، وحرية المعتقد، والشراكة في الوطن. ويدعم هذه المنظومة بعض الأجيال الجديدة في الحكم، والتيارات السياسية الحديثة والشعوب بصفة عامة.

تسعى منظومة السلطة التقليدية لإثبات فشل منظومة الضغط والحداثة، وإحدى أهم الرسائل التي تكررها باستمرار هي عدم قابلية شعوب المنطقة الخليجية للديمقراطية، وأن الدول العربية لا تتقدم إلا بالحكم الفردي، فهي جبلت على القهر وفرض الأنظمة والقرارات.

لكن التطور السياسي تم تجاهله بشكل عام

الخمسين سنة الماضية طرحت العشرات من الدراسات والمقالات التي تحذر من الديمقراطية، وتربط بين حرية الرأي والنزاعات داخل الدولة، وبين الديمقراطية وعرقلة العمل الحكومي، ومن يتابع على سبيل المثال المقالات التي تنشر في الصحافة الكويتية أو الصحف في دول الخليج يلاحظ كمية الاتهامات التي توجه إلى الديمقراطية أو مجلس الأمة بصفته المعرقل الرئيسي للتنمية.

 تعثر التنمية، وتوقف المشاريع، ونزيف الميزانية العامة، وسلة جاهزة من الاتهامات.

والنتيجة التي ترغب منظومة السلطة التقليدية في الوصول إليها باختصار هي إقناع الشعوب الخليجية وقبلها القوى والمنظمات الدولية بأن الشعوب الخليجية لا تصلح للديمقراطية، وأنه كلما خففنا من الديمقراطية زادت فرص النمو الاقتصادي وبناء الدولة والتقدم، ويدعم حجتها واقع دول الخليج القائم.

لكن من الواضح أن كثافة تدفق المعلومات حول الدمقرطة والإصلاح والحقوق ومكافحة الفساد والنظم الحديثة وغيرها من قيم المشاركة، تجعل من شعوب الخليج تواقة إلى أن تعيش هذه اللحظة وتتنفس هذه المفاهيم.

فهل تنجح منظومة السلطة التقليدية في إقناع الشعوب بمخاطر الديمقراطية أم تنجح منظومة الضغط والحداثة في التقدم في مشروعها التوعوي وتعميم التجربة لنشهد ربيعا ديمقراطيا سلميا في دول الخليج؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق