لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق
الرد على البديهيات والمسلمات الأربع لتيار الإسلام السياسى فى الحكم وفى السياسة. وأتعجب كثيرا من تخطى الكثيرين حدود تقديس النبى وقربه حدود الله،
مرويات النبى أن تنسخ أحكاما ثابتة فى القرآن، وأجازوا للأحاديث الظنية الثبوت والدلالة نسخ أحكام قطعية الدلالة والثبوت، بل وصل التمادى والتجاوز إلى عدم الاكتفاء بنسخ الأحاديث المتواترة، بل منهم من دفع بأحاديث الأحاد لنسخ ما جاء فى القرآن أيضا، والخطير فى هذا أن يتخطى المنتج البشرى حتى لو كان من عند النبى حكما إلاهيا، وينسخ القرآن ويلغيه، وله من فرص الخطأ فى النقل والسرد عن المعنى الكثير، وأحب أن أؤكد أن كثيرا من الأحاديث لم تكن نقلا باللفظ كما رواها الرسول، بل كانت نقلا (على المعنى) وهى رخصة،
فلم يكن القرآن سردا على المعنى لما وصل النبى من جبريل، لكنه كان نقلا حرفيا، وعلى اللفظ الذى تلقاه واستقبله، فكيف بالله ينسخ هذا ذاك؟ وهكذا تؤمن كل الفرق والمذاهب الإسلامية ومنهم الأشاعرة بهذا النسخ، وللحق عدا الشافعية الذين يقرون بنسخ القرآن للقرآن فقط، وليس لى رد على هذا سوى حديث النبى عن نفسه، والذى يوضح أن ما جاءنا به النبى غير القرآن، يخضع لبشريته، وتقديره الشخصى للأمور، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله (إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إلى، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضى له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار) وهذا الحديث الصحيح يؤكد فيه النبى أن حكمه حكم فردى، واجتهاد خاص، وليس حكما إلهيا،
بل النبى ذاته قد حرم أمورا وتراجع فيها، فقد حرم على المسلمين زيارة القبور، وتراجع فيها حين رأى أنها ترقق القلوب، وحرم على المسلمين أكل لحوم الأضاحى بعد ثلاثة أيام من ذبحها، ورجع فيها، لما رأى الناس تحبسها لعودة الغائب منهم ليشاركهم طعامهم،
بحجة الآية (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ولم يكن سبب نزول هذه الآية إلا لسبب خاص فى توزيع الغنائم، وليس على إطلاقه. ومن هذه الأحاديث أحاديث الجهاد والقتال والتى اتفقت مع آيات السيف التى نزلت فى المدينة، وقالوا: إن هذه الآيات نسخت كل آيات الموادعة والمصالحة التى نزلت فى مكة، وكأنهم يقولون لنا إن قرآن مكة ليس كقرآن المدينة، وإن نهج الدعوة ليس واحدا فى البلدين، وأغلب الظن أن الجهاد كان لضرورة وتحت تأثير الحاجة، وضغوط المظلومين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق لا أكثر بل وأقل، فلا دعوة بقتال، ولا حب بالإكراه، ولا إسلام بالإجبار، ولا إيمان عنوة وبالإرغام طوال العمر. ولو كانت تشريعات الدنيا ثابتة حاكمة، لما ترك الله لنا أمرا إلا وذكره فى القرآن،
مصلحة الأمة فوق النص، نعم فوق النص. نخلص مما سبق أن العبادات ثابتة لا تعديل ولا تغيير ولا تبديل فيها حتى نهاية الكون، وإن الناسخ والمنسوخ أمر ليس مقبولا، إلا إذا جاء من الله وكان الناسخ أفضل من المنسوخ أو مثله، وإن الحديث لا ينسخ القرآن، وعصمة الأنبياء فيما يوحى إليهم به فقط، والأحكام تدور مع العلة وجودا وعدما، ومصالح الناس فوق النص وفوق الحديث، والأصل فى الدعوة المحبة والسلام،
ههههههههههه وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحى يوحى
+++++++++++++++++
ثانيًا: السند من النصوص والأحاديث والمرويات
لا يحتاج الأعرابى البدوى الراكن إلى الغزو في رزقه ومعاشه، إلا إشارة بسيطة مغلفة بغلاف شرعى موضوع أو مدسوس
(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم) والآية (لست عليهم بمسيطر) وغيرها من آيات السلام، بدلا من آيات السيف التي نزلت في المدينة، ونسخت آيات الموادعة
كما زعموا، وأصبحت منهجا معتمدا للدعوة (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) حيث جمعت المشركين فقط، ثم الآية (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق، من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)
قضية الناسخ والمنسوخ مرفوضة وليست مقبولة، لأن الله لا ينسخ أو يلغى حكما إلهيا، ولو نسخه (ألغاه) لجاء بأحسن منه أو مثله، (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) وليس القتل أحسن من الموادعة، وليس الإثخان أرقى من العفو، وليس ضرب الرقاب أفضل من الصفح الجميل، بل جاء الناسخ أشد عنفا من المنسوخ، وهو مخالف لما ورد في قرآن الله، ودائما يشاغلنى سؤال: كيف ندعو غير المسلم للإسلام على منهج المحبة والسلام والموادعة فلما يؤمن نقول لها كل ما سمعته عن المحبة والسلام والوفاء منسوخ، هب أن داعيا دعاك إلى الغذاء، وحدثك عن الوليمة وما بها من خيرات الله من طعام وشراب، فلما جلست لتناولها قال لك: كل ما سردناه نسخناه فليس لدينا لك طعام أو شراب، فإذا اعترضت وهممت بالانصراف، قال لك إثبت محلك وإلا قتلناك،
الأول: الحل فى عدم تنازلهم عن الدولة الدينية
واعتبارها ركنا سادسا أيضا، فلا عيش بينهما دون سباق ومبارزة، واحدة بواحدة، ويكون التنازل عن الولاية أو الخلافة كمن ترك صلاته أو زكاته عند المذهبين، مما يجعل التنازل عن أيهما، أو الوقوف ضدهما كالكفر البواح، ولا أعرف لماذا يعاير أهل السنة الشيعة بالولاية؟ «لا تعايرنى ولا أعايرك، الهم طايلنى وطايلك» ولما نقول إن تأصيل هذا بدأ عند أهل السنة من سقيفة بنى ساعدة، واستتب في عهد عثمان، واستحكم في عهد معاوية، واستقر في عهد بنى العباس، ورسخ وتصلب في عهد بنى الوهاب، حماته ودعاته بالمال والسلاح، تصبح المواجهة تاريخية وممتدة لأزمان، والصراع فيها يحمل ما حملوه بعضهم على بعض، ونزال لا يحسمه إلا السيف، وقتال ينتهى بقضاء دولة إسلامية على أخرى إسلامية أيضا، بنو أمية ومذبحة كربلاء، وضرب الكعبة بالمنجنيق على يد جنود الحجاج في عهد عبدالملك بن مروان لما خرج عليه عبدالله بن الزبير، وصلبه على باب الكعبة، واغتصاب نساء المدينة في موقعة الحرة، ونبش العباسيين قبور بنى أمية وصلب خلفائهم أمواتا، وخلع القرامطة باب الكعبة، وقتل الآلاف ممن تعلقوا بأستارها، هكذا كان سبيلهم لإقامة دولة إسلامية على أنقاض دولة إسلامية أخرى، وصراع بين خلافة على نهج القرآن وخلافة أخرى على نهج القرآن أيضا، فكان الذبح والقتل والتنكيل والتعذيب والصلب بداية دولة ونهايتها أيضا، ووسيلة لإقامة خلافة هو مصيرها ونهايتها على يد أخرى، سلف ودين، وليس هذا خلافا على مفهوم الدولة أو الخلافة عند هؤلاء، إنما الخلاف على المطامع والمكاسب والأهواء والأسلاب والغنائم، هؤلاء يعبرون إلى الحكم على الكعبة المشرفة ذاتها، فلا رحمة عندهم لغيرها، وكانت أولى بالقداسة.
كل التنويريين والمثقفين والمتعلمين والعلمانيين، سلاحهم الكلمة وكشف الكذب والخداع والتزوير، وإعلان نواياهم وتضليلهم، وفضح تاريخهم، وتجريس ما صنعوه في الناس لوصولهم إلى الحكم، وما ارتكبوه من جرائم وتجاوزات، وكشفه على الملأ دون مواربة أو مجاملة، وإفشاء سرهم وفحشهم، وهتك ما ستروه ودسوه وكتموه وعفروه عن الناس، وإذاعة المسكوت عنه في تاريخهم المظلم المرعب المخيف، من تعذيب وتنكيل وتمثيل بالقتل، وحرق الأسرى أحياء، وخنادق الذبح والنحر، وأنهار دم بن الوليد، وحرق قرى عمرو، ووحشية الغزاة، والتركيز على الفترة الداعشية في سوريا والعراق حديثا وما ارتكبوه من مجازر واغتصاب وبيع الناس في أسواق النخاسة وأعضائهم، تماما كما فعله الأجداد ويدعو ويؤمن به الأحفاد، لا نترك لهم مثلبة إلا وكشفناها، ولا سرقة من مال المسلمين إلا وفضحناها، ولا ظلما أوقعوه على خلق الله إلا ونشرناه، ولا خروج عن أمر الله إلا وجرسناه، ولا نهبا ولا سلبا لحقوق الناس إلا وأذعناه، نلف وراءهم في كتبهم ورواياتهم وأساطيرهم نخرجها على الناس ونشهر بهم، حتى يعرف الجميع عن دولتهم الدينية ما كتموه وستروه في تاريخهم الذي يستحق اللوم والأسى، من بداية الغزو واعتماده دعوة لدين الله.
++++++++++++++
الاسلام السياسي العربي ومأزق النهوض الحضاري المعاصر
كتابات نقد الفكر الديني الاصلاحية المنهجية في محاولتها بعث النهضة الحداثية عربيا – اسلاميا ,كما جاءت في كتابات مفكرين ومصلحين كبار امثال رافع الطهطاوي, مصطفى عبد الرازق,علي عبدالرازق, محمد عبدة, جمال الدين الافغاني,خير الدين التونسي, محمد عابد الجابري , هشام جعيط , محمد اركون ,حسين مروة ,صادق جلال العظم,حامد ابو زيد, عبد المجيد الشرفي, عبده الفيلالي, عزيز العظمة, محمد احمد خلف,برهان غليون, عياض عاشور وعشرات غيرهم ,وجدوا اشكالية الدين في حياتنا المعاصرة تتمثل في السعي لأيجاد حل توفيقي متوازن لثنائية (التراث والمعاصرة) وهي معضلة تضرب العمق الوجودي للامة العربية –الاسلامية منذ قرن ونصف ,قطباها التجاذب الاساس في أن يعيش الانسان العربي –الاسلامي عصره ,بالضد من القطب الآخر المناوىء له , ممثلا في الشد والجذب الرجعي المتخلف , ايديولوجيا التدين المجتمعي التعبوي, في جعل التراث عموما والاسلام تحديدا عبئا ينوء بحمله أحياء اليوم ,بحجّة توكيد (الهوية )و(الذات ) وخصوصيات الامة المغيبّة أساسا في ثيولوجيا التدين الاسلامي السياسي الزائف.
اذن لماذا لم يكن الدين ظاهرة مفارقة لوجود الانسان؟
بالعودة الى المنظومة الفرويدية كما يدعو الباحث المغربي نبيل بن عبد اللطيف(نجد الحاجة الى الاعتقاد ,هي حاجة نفسية بالاساس تنبع من محاولة الانسان الاجابة عن سؤال مركزي,لطالما أرهق تفكيره,هو ماألهدف من الحياة؟)(2).وبحسب الفيلسوف كانط (العقل الانساني فريد من نوعه ,أنه يطرح في جانب من جوانب معارفه,اسئلة لا يمكنه الاجابة عنها البتّة,فهو يطرحها لأنها نابعة من طبيعته ذاتها لكنه يبقى عاجزا عن الالمام بها بسبب انها تتجاوز قدراته البشرية)(3)
بالعودة الى المنظومة الفرويدية كما يدعو الباحث المغربي نبيل بن عبد اللطيف(نجد الحاجة الى الاعتقاد ,هي حاجة نفسية بالاساس تنبع من محاولة الانسان الاجابة عن سؤال مركزي,لطالما أرهق تفكيره,هو ماألهدف من الحياة؟)(2).وبحسب الفيلسوف كانط (العقل الانساني فريد من نوعه ,أنه يطرح في جانب من جوانب معارفه,اسئلة لا يمكنه الاجابة عنها البتّة,فهو يطرحها لأنها نابعة من طبيعته ذاتها لكنه يبقى عاجزا عن الالمام بها بسبب انها تتجاوز قدراته البشرية)(3)
الارادة عند الانسان في تطلعه الميتافيزيقي , الذي هو رؤيه أستباقية أستشرافية مصدرها الخيال غير المحدود بطموحات ارضية معرفية معينة دون غيرها . والعقل الانساني يقود الانسان الى سلسلة من التساؤلات معظمها محرج , وأمتحان لقدرات الانسان المحدودة في فهم وتفسير الحقائق والظواهر الطبيعية وغير الطبيعية المحيطة به .
عليه يكون الدين في حياة الانسان حقيقة أيمانية بما وراء الطبيعة , ملازمة غير مفارقة للوجود الانساني , طالما هناك توالد وتوليد مستمر لتساؤلات يتعّذر الاجابة عليها بالقدرات المحدودة العقلية للانسان في تعليل اسباب وجوده ومعنى الحياة, ويفرضها الايمان الغيبي كمسلمّات تريحه نفسيا وتزيل روعه وتهديء من مخاوفه من ظواهر طبيعية واخطار محدقة به تهدد وجوده في الانقراض.
كما اشرنا سابقا أن العديد من الظواهر الحياتية والطبيعية المحيطة بالانسان , هي ظواهر وحقائق كانت وستبقى مستعصية الحل مع الانسان , تلازمه عبر الاجيال , ويصعب النفاذ الى جوهرها , واستكناه ماهيتها وتحليلها بوسائل العلم او المنطق الفكري والفلسفي , او حتى باسلوب الاستدلال العرفاني التصوفي الذي يتخطاهما – اسلوبا العلم والمنطق الفلسفي – ورغم هذا التقدم العلمي الهائل الذي نعيشه ونشهده ,في ضروب الحياة المعاصرة , كان تقدم العلم ولا يزال موازيا لبقاء الدين خارج حيّز اهتماماته واشتغالاته , وقطعت العلوم شأوا متقدما جدا في فك الكثير من مغاليق وشفرات الوجود وألغاز الحياة المحيّرة ,لكن لا زالت قدرات الانسان العقلانية والمنهجية محدودة وقاصرة في مواجهة مشكلات وتعقيدات الوجود الميتافيزيقي للانسان , والسير ضمن نسبية الامكانات في سبر أغوار الظاهرة الدينية الملازمة للانسان , التي ترسبّت في اعماق الوجدان الثقافي والاجتماعي والسلوكي على مر الاجيال .
أن محاولة فتح مغاليق المطلق الديني الميتافيزيقي هو ( أرادة وعجز ) هو ارادة طموحة بلا حدود عندما يجد الانسان في الدين نوعا من الراحة والسكينة النفسية من جهة , وتقاعس وعجز وتراجع في أشغال الذهن بتساؤلات صعبة عصّية على التفسير والاقتناع لكنها تتلبسّه بما لا يمكنه الفكاك منها كما لا يمكنه مجاوزتها من جهة ثانية.
فأرادة الانسان وأمنياته في تحقيق غير الذي بالأمكان تحقيقه والوصول اليه , يجده مجسّدا في قدرات وصفات الخالق والأيفاء بتحقيقه وتطمينه , والانسان يرتاح أنه يدفع بجميع متطلباته المحمّلة بالامنيات والتي يفتقد حضورها الارضي في حياته , ويجدها متحققة غيبيا ايمانيا نفسيا في أماني اعتقادية انها ممكنة التحقيق والتي هي في طي الغيب التعويضي المتخّيل لحياة ما بعد الموت . وفي هذه الحالة يتراجع عجز الانسان المتشكك الاقتناعي في عدم امكانية تحقيق الأرضي, الى رضى نفسي تسليمي في دفع واحالة جميع حرماناته الارضية وعجزه الى مطلق الهي يضطلع تأمين تلك الحاجات في خرقه قوانين الطبيعة المحكومة بالزمان والمكان .
الدين والنقد:
فأرادة الانسان وأمنياته في تحقيق غير الذي بالأمكان تحقيقه والوصول اليه , يجده مجسّدا في قدرات وصفات الخالق والأيفاء بتحقيقه وتطمينه , والانسان يرتاح أنه يدفع بجميع متطلباته المحمّلة بالامنيات والتي يفتقد حضورها الارضي في حياته , ويجدها متحققة غيبيا ايمانيا نفسيا في أماني اعتقادية انها ممكنة التحقيق والتي هي في طي الغيب التعويضي المتخّيل لحياة ما بعد الموت . وفي هذه الحالة يتراجع عجز الانسان المتشكك الاقتناعي في عدم امكانية تحقيق الأرضي, الى رضى نفسي تسليمي في دفع واحالة جميع حرماناته الارضية وعجزه الى مطلق الهي يضطلع تأمين تلك الحاجات في خرقه قوانين الطبيعة المحكومة بالزمان والمكان .
الدين والنقد:
الدين في قدسيته وتعالي ثوابته , جعل من ارتباط النقد الدنيوي – الانسانوي لفكر الدين الاجتهادي, استحالة تحريمية , وممارسة مقموعة لا معنى لها في حضور تابوات تحريم قاطعة مستمّدة من صفات المقدّس , التي تجعل المساس بأي مفردة دينية هي المساس بصفات المطلق الالهي المعصومة العظيمة بلا حدود , في امتلاكها قدرة وارادة الحياة والافناء , ومحاسبة الفرد بالعذاب والثواب لكن بوسائل دنيوية تقوم على فتاوى الفكر الديني .
امام هذه المعضلة وغيرها نجد أن التديّن في تحريمه النقد عمد الى اخراج العلاقة الايمانية بين الخالق والمخلوق من فردانيتها السوّية الصحيحة المحكومة بالثنائية التعّبدية الايمانية , ومن شخصانيتها في أن الدين هو علاقة روحانية تربط الانسان
بخالقه فقط ,تخص الانسان (النوع) وليس الانسان المجتمعي الفاني,التي جرى اخراجها وحرفها الى/نحو العلاقة الايديولوجية السياسية والتعبدية التي تسوق المجموع القطيعي المنقاد بأسم الدين.
بخالقه فقط ,تخص الانسان (النوع) وليس الانسان المجتمعي الفاني,التي جرى اخراجها وحرفها الى/نحو العلاقة الايديولوجية السياسية والتعبدية التي تسوق المجموع القطيعي المنقاد بأسم الدين.
بمختصر العبارة أن التديّن الاسلامي السياسي بات اليوم اقصر الطرق للهروب من تساؤلات العقل في تغييب استحقاقات العصر في فقدانه عوامل الحداثة والحضارة من حياة الانسان العربي وتناسل التجهيل الديني جيلا بعد جيل.
الايديولوجيا الوضعية السياسية الدينية الاسلامية تستمد مقوّمات حضورها الديني وتأثيرها وأنتشارها,من الأحتماء بالوعي المجتمعي المضّلل المتخلف والمعبأ بايديولوجيا التسليم الدوغمائي والغنوصي اليقيني المطلق, وفي تكريس المهيمن الغيبي المسّطّح في قصور فهم الدين فهما صحيحا يجاري متطلبات وروح العصر.
أن في العقلانية النقدية أن حق لنا التعبير, لبعض المظاهر والسلوكيات والممارسات الدينية المنحرفة,نصطدم بالمباشر بجدار المطلقات الدينية وحرمة وعصمة نقدها, لايديولوجيا التدّين السياسي المنحرف المتدرع بقدسية الدين.
فتكون هذه الحماية الكاذبة المنافقة للدين جمعت مابين حماية الدين التعبوي المؤدلج مجتمعيا, والاحتماء بعصمة الروحي المطلق في تجريم وتحريم أن يمسّه أي نقد او انتقاد ,في ادانة سلوكيات منحرفة في الفكر الديني السياسي على صعيدي الايديولوجيا والممارسة العنفية الكهنوتية المستمدة من عصمة الدين الكاذبة الخرافية في استباحة العقل والحياة.
فتكون هذه الحماية الكاذبة المنافقة للدين جمعت مابين حماية الدين التعبوي المؤدلج مجتمعيا, والاحتماء بعصمة الروحي المطلق في تجريم وتحريم أن يمسّه أي نقد او انتقاد ,في ادانة سلوكيات منحرفة في الفكر الديني السياسي على صعيدي الايديولوجيا والممارسة العنفية الكهنوتية المستمدة من عصمة الدين الكاذبة الخرافية في استباحة العقل والحياة.
لذلك نجد بقاء وتطاول البقاء لثوابت ومطلقات الفكر الديني الخرافي راسخة ومتجّذّرة في حمّى التحريم وتحت جبروته القمعي,تسير بالتوازي مع سريان وتبدّل وتغيّر الحياة والعصور من حولنا, التي تضع الانسان في صلب التساؤل الدائمي بلا جدوى عن اسباب تخلفه وتغييبه عن الحياة المعاصرة ,وتملي عليه عقم المراجعة النقدية ولا معناها وانعدام جدواها في وصاية مهيمن متخلف باسم المقدس.
عصرنة الدين/الاستحالة والتحقق:
اشكالية الديني المقّدس مع الارضي المدّنس , أصبحت اليوم هي اشكالية التقاطع أيّهما يقود الآخر , ولمن تكون الأرجحية في الأعتماد أو الأنقياد .؟!
أنها اشكالية التقاطع المفروض بقوة وسطوة الحياة المدنية والمتحضّرة, وأن المأزق الذي يتقاذف الانسان العربي المسلم يتمثل اليوم في مواجهته اشكالية الديني مع الحياة المعاصرة , في تساؤل اصبح اكثر مشروعية , هو كيف يستطيع هذا الانسان أن يجد او يبتدع في الدين ( معاصرة ) لاتتقاطع مع ( ثوابت ) الديني السماوي والفكر الوضعي الديني معا ؟, وهذا الاخير الفكر الوضعي المؤدلج يمانع وبشّدة وبمختلف الطرق أن يخلي دوره في وصايته على الدين والتديّن , أمام رغبة الانسان العربي المسلم سعيه جعل المعاصرة الدنيوية ( دينا ) آخر في الحياة , او مرادفا لدين المقدس المطلق الذي يعيش معه ويوازيه .
أشكالية الروحاني الديني مع الارضي الدنيوي الذي تفرضه الحياة المعاصرة ,في الانسان الذي يرغب فهم الدين عصريا هو بالضرورة الحتمية سيكون في مواجهة المتديّن المتطرف الذي يشهر سيفه على الدوام وفي كل الاحوال وبأبشع صور الهمجية والاجرام والتخلف , في محاسبة كل من يجرؤ على التساؤل او الاستدلال لمعان معرفية تخص انحرافات التدين المسيّس في سلطة ايديولوجيا التكفير . وأن كل ممارسة تحمل صبغة الاسلام الديني يجب أن تخرج من تحت عباءة وهيمنة النص الوضعي المتطرف لايديولوجيا الدين السياسي , وفي الاجهاز على كل تطلع يروم جعل الدين خارج مجرى التقاطع مع مجرى الحياة المعاصرة .
وأقصر الطرق لجعل الدين ثوابت,انتقامية جاهزة,تستمد منها وتتخلّق عنها ايديولوجيات سياسية متطرفة وغير متطرّفة,هو في ممارسة عصمة ما يراد أن يساق ويساس به المجتمع خرافيا ,على وفق مسّلمات كاذبة متخلفة تنتزع منه تسليما خادعا. متقاطعة دينيا مع روحية العصر وتحديث المجتمعات العربية الاسلامية.
من هنا نجد أستحالة الجمع بين الرغبة في عصرنة الفكر الديني الى جانب عصرنة الحياة , وأن هذا التقاطع سيستمر لأستحالة خروج روحية العصر وتوقفها عن مسارها الطبيعي في التقدم الى الامام , امام استحالة اخرى تتوازى معها وتقاطعها ممثلة في ثبات وتخلف الفكر الديني الوضعي المؤدلج سياسيا.
عصرنة الدين/الاستحالة والتحقق:
اشكالية الديني المقّدس مع الارضي المدّنس , أصبحت اليوم هي اشكالية التقاطع أيّهما يقود الآخر , ولمن تكون الأرجحية في الأعتماد أو الأنقياد .؟!
أنها اشكالية التقاطع المفروض بقوة وسطوة الحياة المدنية والمتحضّرة, وأن المأزق الذي يتقاذف الانسان العربي المسلم يتمثل اليوم في مواجهته اشكالية الديني مع الحياة المعاصرة , في تساؤل اصبح اكثر مشروعية , هو كيف يستطيع هذا الانسان أن يجد او يبتدع في الدين ( معاصرة ) لاتتقاطع مع ( ثوابت ) الديني السماوي والفكر الوضعي الديني معا ؟, وهذا الاخير الفكر الوضعي المؤدلج يمانع وبشّدة وبمختلف الطرق أن يخلي دوره في وصايته على الدين والتديّن , أمام رغبة الانسان العربي المسلم سعيه جعل المعاصرة الدنيوية ( دينا ) آخر في الحياة , او مرادفا لدين المقدس المطلق الذي يعيش معه ويوازيه .
أشكالية الروحاني الديني مع الارضي الدنيوي الذي تفرضه الحياة المعاصرة ,في الانسان الذي يرغب فهم الدين عصريا هو بالضرورة الحتمية سيكون في مواجهة المتديّن المتطرف الذي يشهر سيفه على الدوام وفي كل الاحوال وبأبشع صور الهمجية والاجرام والتخلف , في محاسبة كل من يجرؤ على التساؤل او الاستدلال لمعان معرفية تخص انحرافات التدين المسيّس في سلطة ايديولوجيا التكفير . وأن كل ممارسة تحمل صبغة الاسلام الديني يجب أن تخرج من تحت عباءة وهيمنة النص الوضعي المتطرف لايديولوجيا الدين السياسي , وفي الاجهاز على كل تطلع يروم جعل الدين خارج مجرى التقاطع مع مجرى الحياة المعاصرة .
وأقصر الطرق لجعل الدين ثوابت,انتقامية جاهزة,تستمد منها وتتخلّق عنها ايديولوجيات سياسية متطرفة وغير متطرّفة,هو في ممارسة عصمة ما يراد أن يساق ويساس به المجتمع خرافيا ,على وفق مسّلمات كاذبة متخلفة تنتزع منه تسليما خادعا. متقاطعة دينيا مع روحية العصر وتحديث المجتمعات العربية الاسلامية.
من هنا نجد أستحالة الجمع بين الرغبة في عصرنة الفكر الديني الى جانب عصرنة الحياة , وأن هذا التقاطع سيستمر لأستحالة خروج روحية العصر وتوقفها عن مسارها الطبيعي في التقدم الى الامام , امام استحالة اخرى تتوازى معها وتقاطعها ممثلة في ثبات وتخلف الفكر الديني الوضعي المؤدلج سياسيا.
التبشير الديني بالعوالم الاخرى:
أن التبشير الديني بجنّة وعالم سعادة وحياة ما بعد الموت, يلبّي جميع الاماني المكبوتة المحرمة عند الانسان في حياته الأرضية,والتي حرم منها والاستمتاع بها, وفي أشهار اصحاب التدين المجتمعي القطيعي التعذيب الجسدي والنفسي على الذات في نبذه طموحات ورغبات النفس الامّارة بالسوء, التي جعلت من الانسان العربي المسلم,كينونة وجودية طارئة خالية من أية قيمة انسانية فاعلة بالحياة, سيجدها متحققة في نيله ثواب الآخرة,وان يكن تحقيق هذه الاماني المغيبّة تشي بتعويض نفسي مخاتل ومنفصم.
أن التبشير الديني بجنّة وعالم سعادة وحياة ما بعد الموت, يلبّي جميع الاماني المكبوتة المحرمة عند الانسان في حياته الأرضية,والتي حرم منها والاستمتاع بها, وفي أشهار اصحاب التدين المجتمعي القطيعي التعذيب الجسدي والنفسي على الذات في نبذه طموحات ورغبات النفس الامّارة بالسوء, التي جعلت من الانسان العربي المسلم,كينونة وجودية طارئة خالية من أية قيمة انسانية فاعلة بالحياة, سيجدها متحققة في نيله ثواب الآخرة,وان يكن تحقيق هذه الاماني المغيبّة تشي بتعويض نفسي مخاتل ومنفصم.
++++
أن مصدر أختلاق يوتوبيات سماوية,وأخرى أرضية هو الانسان وحده لا غيره, وتأتي توصيفات الدين لأجواء وسعادة تلك العوالم اليوتوبية غير الارضية تعويضا , عن بؤس وشقاء الانسان بالحياة, وتعميقا استلابيا لأي قيمة ارضية تعطي الحياة معنى ان تعاش,أمام طموح الحصول على جنان الخلد في السماء الذي لا يمكن تحقيقها الا في أعدام حياة الارض.ولا يقتصر التبشير بعوالم السعادة في السماء لما بعد الحياة على الارض دينيا فقط, بل هناك تبشير خلق يوتوبيات سعادة ارضية مصدرها الانسان ايضا, كما سعت له المفاهيم والعقائد (الاشتراكية), في محاولتها انزال جنة السماء الى/فوق الارض.
أو خلق عالم يوتوبي آخر على الارض بمنطلقات دينية ايضا, لا علاقة له بيوم القيامة ولا بحياة اخرى بعد الممات ,كما تبشّر به الديانة البوذية والوثنيات وتسعى تحقيقه على الارض في اعدامها اماني السماء غير المتحققة والتي لا تؤمن بوجودها ايضا ولا في رب يمنحها ويثيب بها.
كما اشرنا سابقا أن العالمين الافتراضيين,جنة السماء ويوتوبيات جنان الارض المفقودة بدايتهما ونهايتهما هو طموح الانسان على الارض والتخلص من شقاء الحياة,وحيرته في الوجود والبحث عن معنى الحياة. لكن يبقى الفرق جوهريا بين جنّة الدين في السماء,ويوتوبيا الحياة على الارض, في تطمين حاجة الانسان للسعادة والراحة الابدية,فأمام استحالة تحقيق الانسان حلم السماء على الارض, بوسائل ايمانية معجزة, يصار الأمر في بحث امكانية تحقق جنّة الانسان على الارض بقدرات انسانية وجهود واضحة ليست غيبية, ولا خارج تصورات الارضي, وتفكير وفعالية الانسان العقلية, وقدراته العملية.
والعديد من يوتوبيات الارض التي اخترعها الانسان وسعى اليها,لا تخرج عن مديات الامكان في التحقق ولو جزئيا.فرق آخر يمكننا ذكره بين جنّة السماء ويوتوبيا الارض,ان الايمان الغيبي في جنّة السماء بعد الممات,تشلّ القدرات الممكنة للانسان جسديا وروحيا وتقعده عن العمل المنتج الجاد في نيل الحياة السعيدة على الارض واعتبارها نعمة زائلة وخادعة تصرف الانسان عن طموحه في السعادة الابدية التي تنتظره في السماء.
الدين بين الفطرة والتسييس:
الدين في قدسيته المتعالية وثوابته المستمدة من وحدانية الخالق وقدراته غير المحدودة, التي وردتنا عبر الرسل والانبياء وقصصهم واحاديثهم وتصرفاتهم وكتبهم السماوية المنزلة عليهم بالوحي او الألهام,وما تحمله من تشويهات طارئة عليها ,ومبالغ فيها, كل ذلك جعل من الافكار الدينية المتعالقة معها بشروحات واضافات وتفسيرات غائية , تكريسا لظاهرة دينية خرافية منحرفة متناسلة الحضور عبر الاجيال في تكريس وتجذير التخلف المجتمعي في مركزية التدين الكاذب في وصايته على مجمل الحياة صغيرها وكبيرها.
هذا الموروث الديني الكبير له دعاته ومريدوه ومفسّروه وشارحوه, ويتنازع هذا الموروث تيّاران , احدهما اراد نقل جميع التفسيرات والاجتهادات الدينية بما يعمّق الايمان الغيبي ,بأن الدين علاقة (فردانية) روحية تربط بين الخالق وعبده ولاتحتاج الى وسائط بينهما من مجتهدين ودعاة ورجال دين ,وحكام اوصياء على الدين مستبدين طغاة ,الا فيما يُشكِل ويلتبس على المتديّن في مسائل تحتاج الى فتوى وتشريع يسّهل أمر الناس في دنياهم كالزواج والميراث وقضايا الاحوال المدنية .هذا التيار ومنذ اعلان الخلافة الراشدية كان يروم تغليب الاجتهاد الديني في الحياة على (الدولتي)الحاكم - السلطة للحياة .
يقابله بالضد منه من يجدون في الدين نظام حكم ينقاد الديني وراءه في الحياة ويدعمه سياسيا , ويسخّره لمقتضيات وضرورات الحكم الانتفاعية , بمعنى ان الأولوية للسلطة والحاكم الذي يسحب وراءه الدين كتزكية وتعبئة له, الذي يستمد مشروعيته ومقبوليته من فكر الدين والاجتهاد في تفسيراته المتعددة حسب مقتضيات الحال وضرورات الحكم ,بل حسب مقتضيات الحاكم المستبد الواحد فقط لاغيره , الذي يقطع رؤوس معارضيه بسيف الافتاء الديني في اباحة وتمرير كل عمل يريد تنفيذه الحاكم في رعيّته , وتحت شعار مانع قاطع انه لادين في معصية الحاكم .وان ايديولوجيا التدين السياسي الضال هو في طاعة ولي الامر.
هذا الشكل المنحرف من الحكم بأسم االدين جرى تداوله عبر عصور طويلة من ظهور الاسلام , الى ان استقر به المقام اليوم في انشاء احزاب سياسية دينية تحمل ايديولوجيا الدين الذي تستمد حضورها الحاكم من مصدر السياسة تقود الدين ,ولايقود الدين السياسة لا في الحكم ولا في الحياة.
أصبحت تلك القراءات المنحرفة للدين تكريسا لنوازع الانتفاع الدنيوي في تسويق نفسها كايديولوجيات دينية تحتمي بارهاب الدين ,الذي تفهمه وتفسّره حسب مصالحها, لاحسب مصالح الناس في الدين والحياة ,وبحسب رفاهيتها في تسويق وافشاء التخلف والفقر والحرمان للناس باسم الدين . لا بحسب حاجة الناس لدين الخق والعدل و المساواة.
كيف يكون الدين حاجة مجتمعية مؤدلجة في حين هو في جوهره حاجة فردانية ايمانية فطرية ؟!
ذلك تم و يتم بنقل الدين من طقوس عبادية تربط المتعبّد بالخالق الى جعل الدين ايديولوجيا سياسية مجتمعية بضوئها وبها يصار الى تحديد مصير الانسان على الارض قبل السماء . ولكي يكون الدين عامل اسعاد ايماني للمجتمع في الحياة ,يجب ان يصاراعادته الى فاعليته الفطرية الاولى , كونه تفسيرا للحياة وموقفا ايجابيا سلوكيا واخلاقيا منها , من قبل الفرد المتديّن وليس من قبل اجماع الجماعة المخدوعة والمضّللة بمقتضى ايديولوجيا الدين .
أن مجتمعية التعبئة الدينية في ايديولوجيا التديّن المسيّس التي انشأتها مرجعيات تمدّها باسباب البقاء , عملت على تخريب العلاقة الصحيحة في معادلة ثنائية الخالق والمخلوق ,واخرجت الدين من فضاء الفطرة الايمانية الاصيلة الى مفاصل الحياة التي تجعل من الدين وسيلة حكم لحكام يمتهنون السياسة والافساد في الارض.
هامش:(1), (2)(3) دكتور نبيل بن عبدالطيف ,موقع مؤمنون بلا حدود , الدين بين المطلق والانساني ص9/حزيران 2018
أو خلق عالم يوتوبي آخر على الارض بمنطلقات دينية ايضا, لا علاقة له بيوم القيامة ولا بحياة اخرى بعد الممات ,كما تبشّر به الديانة البوذية والوثنيات وتسعى تحقيقه على الارض في اعدامها اماني السماء غير المتحققة والتي لا تؤمن بوجودها ايضا ولا في رب يمنحها ويثيب بها.
كما اشرنا سابقا أن العالمين الافتراضيين,جنة السماء ويوتوبيات جنان الارض المفقودة بدايتهما ونهايتهما هو طموح الانسان على الارض والتخلص من شقاء الحياة,وحيرته في الوجود والبحث عن معنى الحياة. لكن يبقى الفرق جوهريا بين جنّة الدين في السماء,ويوتوبيا الحياة على الارض, في تطمين حاجة الانسان للسعادة والراحة الابدية,فأمام استحالة تحقيق الانسان حلم السماء على الارض, بوسائل ايمانية معجزة, يصار الأمر في بحث امكانية تحقق جنّة الانسان على الارض بقدرات انسانية وجهود واضحة ليست غيبية, ولا خارج تصورات الارضي, وتفكير وفعالية الانسان العقلية, وقدراته العملية.
والعديد من يوتوبيات الارض التي اخترعها الانسان وسعى اليها,لا تخرج عن مديات الامكان في التحقق ولو جزئيا.فرق آخر يمكننا ذكره بين جنّة السماء ويوتوبيا الارض,ان الايمان الغيبي في جنّة السماء بعد الممات,تشلّ القدرات الممكنة للانسان جسديا وروحيا وتقعده عن العمل المنتج الجاد في نيل الحياة السعيدة على الارض واعتبارها نعمة زائلة وخادعة تصرف الانسان عن طموحه في السعادة الابدية التي تنتظره في السماء.
الدين بين الفطرة والتسييس:
الدين في قدسيته المتعالية وثوابته المستمدة من وحدانية الخالق وقدراته غير المحدودة, التي وردتنا عبر الرسل والانبياء وقصصهم واحاديثهم وتصرفاتهم وكتبهم السماوية المنزلة عليهم بالوحي او الألهام,وما تحمله من تشويهات طارئة عليها ,ومبالغ فيها, كل ذلك جعل من الافكار الدينية المتعالقة معها بشروحات واضافات وتفسيرات غائية , تكريسا لظاهرة دينية خرافية منحرفة متناسلة الحضور عبر الاجيال في تكريس وتجذير التخلف المجتمعي في مركزية التدين الكاذب في وصايته على مجمل الحياة صغيرها وكبيرها.
هذا الموروث الديني الكبير له دعاته ومريدوه ومفسّروه وشارحوه, ويتنازع هذا الموروث تيّاران , احدهما اراد نقل جميع التفسيرات والاجتهادات الدينية بما يعمّق الايمان الغيبي ,بأن الدين علاقة (فردانية) روحية تربط بين الخالق وعبده ولاتحتاج الى وسائط بينهما من مجتهدين ودعاة ورجال دين ,وحكام اوصياء على الدين مستبدين طغاة ,الا فيما يُشكِل ويلتبس على المتديّن في مسائل تحتاج الى فتوى وتشريع يسّهل أمر الناس في دنياهم كالزواج والميراث وقضايا الاحوال المدنية .هذا التيار ومنذ اعلان الخلافة الراشدية كان يروم تغليب الاجتهاد الديني في الحياة على (الدولتي)الحاكم - السلطة للحياة .
يقابله بالضد منه من يجدون في الدين نظام حكم ينقاد الديني وراءه في الحياة ويدعمه سياسيا , ويسخّره لمقتضيات وضرورات الحكم الانتفاعية , بمعنى ان الأولوية للسلطة والحاكم الذي يسحب وراءه الدين كتزكية وتعبئة له, الذي يستمد مشروعيته ومقبوليته من فكر الدين والاجتهاد في تفسيراته المتعددة حسب مقتضيات الحال وضرورات الحكم ,بل حسب مقتضيات الحاكم المستبد الواحد فقط لاغيره , الذي يقطع رؤوس معارضيه بسيف الافتاء الديني في اباحة وتمرير كل عمل يريد تنفيذه الحاكم في رعيّته , وتحت شعار مانع قاطع انه لادين في معصية الحاكم .وان ايديولوجيا التدين السياسي الضال هو في طاعة ولي الامر.
هذا الشكل المنحرف من الحكم بأسم االدين جرى تداوله عبر عصور طويلة من ظهور الاسلام , الى ان استقر به المقام اليوم في انشاء احزاب سياسية دينية تحمل ايديولوجيا الدين الذي تستمد حضورها الحاكم من مصدر السياسة تقود الدين ,ولايقود الدين السياسة لا في الحكم ولا في الحياة.
أصبحت تلك القراءات المنحرفة للدين تكريسا لنوازع الانتفاع الدنيوي في تسويق نفسها كايديولوجيات دينية تحتمي بارهاب الدين ,الذي تفهمه وتفسّره حسب مصالحها, لاحسب مصالح الناس في الدين والحياة ,وبحسب رفاهيتها في تسويق وافشاء التخلف والفقر والحرمان للناس باسم الدين . لا بحسب حاجة الناس لدين الخق والعدل و المساواة.
كيف يكون الدين حاجة مجتمعية مؤدلجة في حين هو في جوهره حاجة فردانية ايمانية فطرية ؟!
ذلك تم و يتم بنقل الدين من طقوس عبادية تربط المتعبّد بالخالق الى جعل الدين ايديولوجيا سياسية مجتمعية بضوئها وبها يصار الى تحديد مصير الانسان على الارض قبل السماء . ولكي يكون الدين عامل اسعاد ايماني للمجتمع في الحياة ,يجب ان يصاراعادته الى فاعليته الفطرية الاولى , كونه تفسيرا للحياة وموقفا ايجابيا سلوكيا واخلاقيا منها , من قبل الفرد المتديّن وليس من قبل اجماع الجماعة المخدوعة والمضّللة بمقتضى ايديولوجيا الدين .
أن مجتمعية التعبئة الدينية في ايديولوجيا التديّن المسيّس التي انشأتها مرجعيات تمدّها باسباب البقاء , عملت على تخريب العلاقة الصحيحة في معادلة ثنائية الخالق والمخلوق ,واخرجت الدين من فضاء الفطرة الايمانية الاصيلة الى مفاصل الحياة التي تجعل من الدين وسيلة حكم لحكام يمتهنون السياسة والافساد في الارض.
هامش:(1), (2)(3) دكتور نبيل بن عبدالطيف ,موقع مؤمنون بلا حدود , الدين بين المطلق والانساني ص9/حزيران 2018
++++++++++++
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق