الثلاثاء، 22 سبتمبر 2020

عصر العملات الرقمية.. هل ستمنحنا الحرية

 المال يُفسد الناس، ولكن ما لا يُقرِّ به أحد أنّ الناس هم مَن يُفسدون المال

جينكوين هي عُملة رقمية "أفضل من البيتكوين"، أو هذا ما تدّعيه إيزي، وتُوفِّر مستويات من الاستقرار والأمن والخصوصية تفوق أي عُملة رقمية أخرى. هي لا تتحدث هنا عن نظام دفع مثل "paypal" أو "American express"، إنما عن عُملة قائمة بذاتها. ولكن ما الذي يدفعنا لتصميم عُملة للتداول إلكترونيا، ألن يؤدي هذا إلى خراب البنوك والنظام البنكي التقليدي وتشريد العاملين في المجال الاقتصادي؟

هذا السؤال هو أول ما يطرأ على بال أي أحد عندما يأتي الحديث حول الرقمنة في جميع المجالات

كل شيء مُرقْمن الآن، يكاد يكون استخدام المال التقليدي منعدما في بعض الدول. العملاء يستخدمون تطبيقات للدفع مثل "WeChat pay" في الصين، أو محفظة فودافون الرقمية في مصر، أو "paypal" الأشهر على مستوى العالم، ومعظم الشركات وأنظمة الدفع تُديرها مؤسسات خاصة مثل "Paypal"، و"Zelle"، و"M-pesa" الكيني الذي تستخدمه فودافون (1) في عدة دول، وجميعها شركات خاصة، مما أدى بالحكومات للتفكير بتصنيع عُملة رقمية؛ مخافة أن تُترك الاقتصاديات الرقمية لأيدي القطاع الخاص فقط.

النقد هو العُملات المعدنية والورقية، هذا ما قد يخطر على بالك، لكن ما يهمنا هو المعنى الأكثر تجريدا؛ النقد هو المال الذي تدين به الحكومة لك. قديما، كان هذا دَيْنا حقيقيا على الدولة، ولا تزال صيغة الدَّيْن هذه موجودة على عُملات بعض الدول مثل بريطانيا.

في عصرنا الحالي هذا الضمان النظري لحقك تحوَّل إلى ضمانة مجردة، تكفل لحامل العُملة حق استخدامها في عمليات البيع والشراء. من ناحية أخرى، الأرقام في حسابك البنكي تُشير إلى ما يدين البنك به لك. عندما تذهب لماكينة الصراف الآلي وتضع بطاقتك الائتمانية، فتسحب بعض النقود، فأنت بذلك تحوِّل دَيْن البنك إلى دَيْن حكومي، أي إلى أموال سائلة. بعض الناس يثقون في الحكومة وبوعدها أكثر، الرهان هنا دوما على أن الحكومة يستحيل أن تُفلس -هذا الاعتقاد صحيح في معظم البلدان- على عكس البنوك.

غابرييل سودبيرج، اقتصادي في البنك المركزي السويدي، يقول إنه بسبب ذلك قد تقع بلاده في مشكلة إذا قررت أن تعتمد الأشكال الإلكترونية من النقد بشكل كامل. المحرك الرئيسي للخوف هنا أنّه إذا جرى هذا التحوُّل الشامل في النظام المالي السويدي فقد يفقد الناس ثقتهم في النظام المالي برمَّته. الواقع أن الجميع في السويد يستخدمون تطبيقا يُدعى "Swish" لعمليات البيع والشراء، وبسبب هذا الاستخدام الواسع للتطبيق، وندرة استخدام النقد، قد تتوقف السويد عن إنتاج النقد بحلول 2023.

 الأُمية الرقمية، فالخوف هنا من أنهم قد لا يعتبرون أنفسهم جزءا من النظام المالي، ولا تريد أي دولة هذا بالطبع.

هذا التحوُّل الكبير لن تستطيع الحكومة السويدية حمل عبئه وحدها، بل ستقوم بعمل استفتاء للشعب؛ لأنه ليس قرارا سهلا أن يتغير النظام المالي بالكامل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق