شخصا أثر الجهل بعقيدة السلف.. متخصصان في العقيدة
التناقض وعدم التوازن
ويتفق الدكتور أحمد بن جزاع الرضيمان أستاذ العقيدة بجامعة حائل على أن للجهل في العقيدة الصحيحة آثارًا سيئة، منها:
1- الوقوع فيما ينافي التوحيد أو كماله الواجب، وهذا له أثره السيئ على مصير الإنسان. وقد جاء في صحيحَي البخاري ومسلم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار».
2- وقوعهم في الخلل في باب الولاء والبراء؛ فهم يحبون مَن وافقهم وإن كان جاهلاً متملقًا، ويذمون مَن خالفهم وإن كان سلفيًّا على الجادة؛ فيفضي هذا إلى أن يحمدوا مَن لم يحمده الله ورسوله، ويذموا من لم يذمه الله ورسوله، وتصير موالاتهم ومعاداتهم على أهواء أنفسهم، لا على دين الله ورسوله.
3- إرادة الإنسان بعمله الدنيا ومطامعها ومناصبها، كما هو مشاهَد من الانتهازيين الذين لم يقدروا الله حق قدره.
4- التناقض وعدم الاتزان؛ فتجدهم على سبيل المثال: يجيزون الثورات على حاكم مسلم، ويحرمونها على حاكم مسلم آخر. ولو سألت أحدهم ما الدليل على هذا التفريق؟ لأفلت يديه، يقلب كفيه، فما هي إلا أهواء ووساوس. أما صاحب العقيدة الصحيحة فمنهجه ثابت، غير متلون.
5- ومن آثار عدم التمسك بالعقيدة الوقوع في الخيانة لإمام المسلمين، ونقض البيعة ومتعلقاتها؛ ذلك أن العقيدة السلفية تنص على البيعة لإمام المسلمين، وعدم الخيانة؛ ففي الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: «من خلع يدًا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية» رواه مسلم. وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم..»، وذكر منهم: «ورجل بايع إمامًا لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفّى، وإن لم يعطه منها لم يفِ» رواه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال هذه غدرة فلان» رواه البخاري. وقال عليه الصلاة والسلام: «من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه؛ فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبرًا فيموت إلا مات ميتة جاهلية» رواه البخاري.
كل من يهون من شأن العقيدة الصحيحة فإنه يسعى للفتن والشر، ومن يدعو للتمسك بالعقيدة الصحيحة فإنه يدعو لما يصلح البلاد والعباد
*
Jan 23, 2021
وجود إنسان في سجن عقائدي يحرمه من اكتشاف عالم الإنسانية الرحب الذي يزخر بالأفكار والثقافات والإنجازات المتنوعة في كافة مجالات الحياة والعلم، والاستمتاع بزيارة أماكن قريبة وبعيدة ثقافيا وجغرافيا عنه، والاختلاط بشعوب تعيش حياتها في هدوء وبساطة. وحتى حين تتاح الفرصة لعقائدي كي يسافر ويقرأ ويتعلم، فإن كونه يعيش ويفكر ضمن فضاء تحدده حتميات العقيدة التي يؤمن بها، تجعله يبحث في كل ما يرى ويقرأ عما يؤكد قناعاته الإيمانية، وليس عما يشكك فيها أو يقدم شيئا جديدا، وذلك فيما عدى قلة من العقائدين يكونوا غير متاكدين مما يؤمنون به لأنهم لم يختاروه، وإنما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم.
حين يقرر إنسان أن ينتمي لعقيدة دينية أو فلسفة شمولية ويتبناها كإطار فكري ينظر إلى العالم من خلاله، فإنه يكون قد قرر، من حيث لا يدري، أن يعطل معظم حواسه بإغلاق عقله وعينيه وأذنيه. وفيما يتسبب إغلاق العينين في تحويل كل عقائدي إلى شخص أعمى لا يبصر إلا قليلا، ما يجعله يعتمد على غيره من الناس وتابع لهم تبعية شبه كاملة، وذلك لأنه يسير في عالم يخيم عليه الظلام؛ الأمر الذي يحرمه من رؤية العالم المحيط به على حقيقته. وبذلك يصبح عليه أن ينظر إلى العالم من خلف ستائر كثيفة شبه مقدسة من المحرم عليه أن يعبث بها. أما إغلاق الأذنين فيحرم العقائدي من سماع شدو البلابل وهمس الشجر وهدير الأنهار وثورة البحار، ما يجعله عاجزا عن إدراك كنه الطبيعة التي تحيط به من كل جانب، فيما يتسبب إغلاق العقل في محاصرة صاحبه فكريا ضمن حدود العقيدة التي ينتمي إليها؛ وهذا يحرمه من التفاعل بحرية مع الفئات المنتمية لعقائد أخرى، إضافة إلى حرمانه من متابعة تطور العلوم والأفكار ومعطيات الحياة.
الإنسان العقائدي يجد نفسه مضطرا لحماية عقيدته والدفاع عنها بكل الوسائل المتاحة، ما يجعله يلجأ إلى تزييف الحقائق واختلاق الأكاذيب وإنكار الواقع والوقائع وحقائق العلم، واللجوء أحيانا إلى كبت الرأي الآخر باستخدام أساليب تتنافي مع مبادئ الحرية، وتعتدي على كرامة الإنسان. ومع أن العقائديين كثيرا ما ينجحون في تحصين فكرهم لأمد قد يطول، إلا أن إنجازات العقائد الدنيوية تصغر يوما بعد يوم، فيما تتراكم إخفاقاتها على المدى الطويل، ما يجعل مصيرها المحتوم هو الفشل والاندثار آجلا أو عاجلا، وذلك كما حصل مع الفاشية والنازية والماركسية والنظام الاشتراكي الذي أقامه الماركسيون في الاتحاد السوفييتي والصين وغيرها من دول. أما العقائد الدينية، فليس من طبعها أن تفشل أو تندثر وتخسر أتباعها، وذلك لأنها لا تعد المؤمن بها بأي شيء مادي أو معنوي في الحياة الدنيا يمكن محاسبتها عليه؛ فكل ما تعد المؤمنين به مؤجل إلى يوم القيامة، وهو يوم لا يعرف أحد متى سيأتي، إن أتى.
من ناحية ثانية، إن إيمان إنسان بعقيدة والالتزام بمبادئها وبما تمليه عليه من أوامر ونواهي، يريح الإنسان المعني من عبء التفكير وعناء البحث عن الحقيقة في عالم يتصف بالتطور والتغير والتعقيد، لأن كل الحقيقة موجودة في العقيدة التي يؤمن بها دون سواها. وهذا يتسبب في الأحوال العادية في تحويل الفكرة الإيمانية القائمة على عقيدة إلى غريزة توجه الإنسان المؤمن وتتحكم في مواقفه وسلوكياته، فكل فكر وموقف وسلوك يصبح مبرمجا في العقل الإيماني؛ الأمر الذي يلغي حاجة الإنسان العقائدي لمراجعة بعض ما يؤمن به من أفكار، وما يسود حياته من معطيات متغيره، وما يعيشه العالم من حوله من تطورات لا تتوقف أبدا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق