ثورة رقمية تحول مشهدا من عشر دقائق إلى ملف يمكن نقله بين القارات في أقل من ثانية. كان سيحتاج عشر دقائق لنقله.
من السهل أن تكتسحك التكنولوجيا، فلا تستطيع أن تميز بالضبط ما تريده منها. ليس الحديث هنا عن الأفراد، فقط، بل المؤسسات والجيوش والدول. ضوء التكنولوجيا الساطع جعلها تفقد الرؤية وليس البصر. تبصر ولكن تعجز عن التفسير أو أن تستوعب ما تراه. مثل سائح يتجول في مكان جميل، يضيع كل وقته خلف عدسة الكاميرا لالتقاط صور للمكان وصور له ومن معه في المكان، ولا ينتبه أنه لم يترك لعينه وعقله فرصة الرؤية والاستمتاع. ثمة حالة أسوأ. أن الصور سيلفي، فلا يرى إلا نفسه ومشهدا خلفه. حتى الدول تأخذ سيلفي لنفسها وتعتقد أنها تعمل الصحيح.
الانبهار بالتكنولوجيا خطير. يمكن أن يضيعك. في التسعينات، كتب مفكر أميركي استراتيجي يصف عالم ما بعد الحرب الباردة وحرب الكويت. تخيل ساحات معارك يتم فيها رصد كل شيء. كاميرات تصور كل شيء من الجو أو الفضاء، ومجسات إلكترونية رخيصة برخص التراب تنثر على الأرض. لا حاجة لعين بشرية أو أذن. مجسات تسجل “دبة النملة” وتنقلها إلى مقر القيادة للتعامل مع الموقف. بقيت المجسات على أرض أفغانستان تسجل دبيب النمل، ولم تنتبه إلى وقع أقدام طالبان التي تتقدم. بقية القصة معروفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق