ربما سيئ لشعوب الدول النفطية نفسها والتي قد لا تستفد من قفزات أسعار النفط والغاز مع إصرار بعض حكوماتها على رفع أسعار السلع والخدمات بما فيها البنزين والسولار والغاز والغذاء والكهرباء والمياه والرسوم والضرائب رغم مئات الملايين من الدولارات التي تتدفق على موازنات هذه الدول يوميا بسبب قفزات أسعار النفط والغاز.
قفزات أسعار الطاقة هو خبر سيئ بالنسبة لمواطني مصر والسودان وتونس والمغرب والجزائر والأردن واليمن وسورية وليبيا والعراق
البلدان العربية التي ستتحمل موازناتها العامة أعباء جديدة تقدر بمليارات الدولارات سنوياً بسبب زيادة أسعار المشتقات البترولية مثل البنزين والسولار، واستسهال الحكومات زيادة سعر الوقود على البحث عن بدائل أخرى منها ترشيد الانفاق العام ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي ووقف إساءة استخدام المال العام وهدره على مشروعات لا تمثل أي أولوية للاقتصاد.
زيادة معدل تضخم الأسعار، وإذا كانت هذه الزيادة تربك الحكومات والبنوك المركزية، فإنها تربك المواطن بالدرجة الأولى، خاصة أن التضخم يمتد لأسعار الأغذية التي شهدت زيادات قياسية على مستوى العالم، بما فيها الحبوب والقمح والذرة والسكر والزيوت واللحوم وغيرها.
كذلك يمتد داء التضخم القاتل لأسعار سلع وخدمات أخرى مرتبطة مباشرة بالمواطن مثل العقارات والسلع الأولية والوسيطة والمواد الخام. وقبلها فواتير النفع العام مثل الكهرباء والمياه.
ومع استمرار قفزات أسعار الأغذية التي تعد الأعلى منذ 60 عاما، بات الجوع يهدد ملايين المواطنين العرب خاصة في الدول التي تشهد حروب وقلاقل واضطرابات سياسية وأمنية مثل سورية واليمن والسودان.
من بين هذه الأزمات قرب انهيار شركة التطوير العقاري الأكثر مديونية في العالم "تشاينا إيفرغراند"، التي تعثرت في سداد مديونيات ضخمة مستحقة عليها، وامتداد الأزمة لشركات عقارية صينية كبرى أخرى.
من المتوقع أن يهزّ إفلاس شركة إيفرغراند البالغة مديونيتها أكثر من 300 مليار دولار قطاعات المصارف والمال والعقارات والاستثمار المباشر في الصين، وقد يمتد لشرايين الاقتصاد الأخرى، وهو ما سيمتد أثره إلى الاقتصاد العالمي ليعيد إلى الأذهان ذكرى انهيار بنك ليمان براذرز الأميركي الذي كان شرارة اندلاع الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
سعر النفط مرشح للذهاب إلى 100 دولار للبرميل وربما أكثر، وأسعار الغاز الطبيعي زادت بنسبة 400% خلال العام الجاري
كذلك فإن بعض الحكومات ستكون بحاجة إلى سيولة وأموال ضخمة لتحفيز الاقتصاد وخلق فرص عمل، وهو ما قد يدفعها نحو زيادة أسعار السلع والخدمات، وبالتالي الصدام مع شعوبها.
هذه الأزمات وغيرها ستنعكس بالطبع على المواطن، سواء كان مستهلكاً أو عاملاً أو باحثاً عن فرصة عمل أو تاجراً ورجل أعمال وغيره، خاصة أنها قد تربك الدورة الاقتصادية بالكامل وتدفع دولاً نحو الانكفاء على ذاتها ومنع تصدير سلع ومحاصيل رئيسية لتغطية احتياجات أسواقها ومواطنيها أولاً، وقد بدأت دول بالفعل بحظر تصدير الأغذية والغاز وزيادة مخزوناتها الاستراتيجية.
*
الاقتصاد العالمي يشهد ارتفاعا في التضخم هو الأسرع منذ 14 عاما.
وشهد الاقتصاد العالمي ارتفاعا في التضخم هو الأسرع منذ 14 عاما مع إنفاق تريليونات من الدولارات على شكل حزم تحفيز من الحكومات والبنوك المركزية في مواجهة تداعيات الجائحة.
وأكد الخبير في الشؤون النفطية والاقتصادية بشير علية أن استمرار تحالف أوبك+ في إنتاج كميات قليلة من النفط رغم ارتفاع الطلب العالمي سيؤدي إلى نقص في الإمدادات وبالتالي ارتفاع أسعار السلع.
نسبت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية إلى علية قوله إن “الارتفاع المسجل في أسعار النفط يؤثر أيضا على أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء وبالتالي على المستهلكين بشكل عام”.
تشير توقعات كبار الفاعلين في المجال المالي والاقتصادي إلى أن الأسواق العالمية مقبلة على صدمة كبيرة، حيث ينذر ارتفاع تكلفة السلع وحفاظ الفيدرالي الأميركي على أسعار فائدة قريبة من الصفر بمخاطر تفجر التضخم مما سيربك الأسواق المالية.
وقفز معدل التضخم السنوي لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم 38 دولة تمثل نحو 60 في المئة من الاقتصاد العالمي إلى 3.3 في المئة في أبريل الماضي من 2.4 في المئة في مارس الماضي، ليبلغ أعلى مستوى منذ 2008.
ويعتقد خبير الطاقة والاقتصاد الألماني هاينز غارتنير أن قرارات أوبك+ لا تؤثر على سعر النفط فحسب، بل تمتد لتشمل سعر الغاز أيضا الذي ارتفع بواقع 13.5 في المئة الجمعة الماضي.
وقال إن “الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة يؤجج مخاوف بعض المحللين من ارتفاع معدل التضخم”، محذرا من أن الارتفاع النشط للأسعار والتي قد تصل إلى مستوى 100 دولار أو أكثر للبرميل في فصل الشتاء قد تؤدي إلى أزمة تضخم عالمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق