الأربعاء، 3 نوفمبر 2021

وفاة نوال السعداوي تكشف ازدواجية خطاب قناة الجزيرة *************

 الجزيرة راعية للحريات بالإنجليزية وحامية للأديان بالعربية.

قالت الجزيرة إن الراحلة “هاجمت الأديان وطالبت بتقنين الدعارة وشككت في القرآن، ورحلت بعد 90 عاما من الأفكار المناقضة لثقافة المجتمع”.

وتعتبر ازدواجية الخطاب صفة ملازمة للجزيرة ومتوافقة مع طبيعة المشروع الأيديولوجي الذي تتبناه وتدافع عنه منذ تأسيسها عام 1996، ورصدت تقارير عربية وغربية الاختلاف الجوهري بين خطاب القناة باللغة العربية وبين المقدم باللغة الإنجليزية، حيث بدا كل منهما واضحا في صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لهما.

يعتمد خطاب الجزيرة الموجه إلى العرب على التعاطف مع التطرف والتشدد وقوى الإسلام السياسي وانتقاد كل ما يتناقض مع مشروع الإخوان حتى على الصعيد الاجتماعي والأخلاقي من حداثة وانفتاح وحريات شخصية.

في المقابل يعكس الخطاب الموجه إلى الغرب باللغة الإنجليزية، موقفا مغايرا يدافع عن الديمقراطية والحريات والانفتاح وينتقد التطرف والإرهاب.

الجزيرة العربية هي “الرأي” بينما الإنجليزية هي “الرأي الآخر”، والدافع لهذا التصنيف هو التفاوت في خطاب القناتين.

تجلت سياسة الجزيرة في هذا الشأن واضحة خلال تغطيتها للقرارات السعودية الجديدة، حيث ركزت باللغة العربية على تعليقات فئة قليلة من المتشددين، في حين كانت صفحاتها بالإنجليزية ترصد المواقف المناقضة تماماً، فهي تدافع عن الحريات في السعودية ضمن خطابها الموجه إلى الغرب، بينما تهاجم قرارات الحداثة والانفتاح في الخطاب الموجه إلى العرب، ولاسيما أنها تدرك أن خطابها موجه إلى الإخوان والجماعات المتشددة وإلى من تحاول استقطابهم لمشروعها.

النموذج العربي يعتمد على تصوير الأحداث بقالب عاطفي مؤدلج بما يتناسب ورغبات الجمهور العربي، ويعترف المحرر في الجزيرة إبراهيم هلال أن العاطفة جزء من القصة، وأن روح الكذب الإخباري في العاطفة”.

“قناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية تطبق النموذج الأميركي في الإعلام، حيث إن خسارة الهدوء تعني خسارة الموضوعية، وخسارة الموضوعية تعني أن النقاش وما يصدر على أنه حقائق، إنما توقعات”.

لم تعد ازدواجية خطاب الجزيرة وتناقض مواقفها بين العربية والإنجليزية خافية حتى على الإعلام الأجنبي

حيث تسوّق للمثليين وتدافع عن قضاياهم باللغات المختلفة وتمنع الحديث عنها في منصاتها باللغة العربية.

ففي حسابها على تويتر باللغة الإنجليزية لمنصتها AJ +، والتابع لمجموعة قطر الإعلامية نشرت فيديو ترويجياً عن حياة المثليين بالتغريدات وصور للمظاهرات مع ملصقات للزواج في الفيديو.

ولم تذكر المنصة أي شيء عن هذه القضايا عبر حسابها بالنسخة العربية.

كشفت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، أن هناك ازدواجية تنتهجها شبكة قنوات الجزيرة القطرية، في التعامل مع المثليين والمتحولين جنسيًا في قطر. وأكدت أنه بعد مراجعة لمحتوى الجزيرة أن لديها قسمًا كاملًا مخصصًا لمقالات حول حقوق المثليين، لا يشار فيها إلى حملة القمع التي تشنها قطر.

تقوم المؤسسة الدولية “إيلغا” المكرسة لتحقيق المساواة في الحقوق للأشخاص المثليين في جميع أنحاء العالم، بتوثيق القوانين القطرية المناهضة لحقوق المثليين.

كما يؤكد متابعون عرب أن تغطية الجزيرة لقضايا الحريات لا تختلف سواء كانت اجتماعية أو سياسية، فهي تخضع لأجندة الدوحة وعلاقاتها مع الدول، فالشبكة الإعلامية القطرية الممولة بمبالغ ضخمة، تتناول أخبار المنطقة بانتقائية تضخم أحداث دول وتختلقها أحيانا، وتعتم على أخبار دول أخرى وما يجري فيها، مثلما تجاهلت المظاهرات التي شهدتها عدة مدن إيرانية في نوفمبر الماضي، فيما كانت الجزيرة تفرد مساحات واسعة لاستقبال شخصيات إخوانية تدعو المصريين إلى الخروج للشوارع والتظاهر.

*

Mar 26, 2021

لا يمكن الفصل بين الجزيرة وبين المشروع التخريبي الذي قاده الشيخ حمد. وأستطيع الزعم أنه لن يفلت من الحساب أبدا. لا هو ولا جزيرته. فالضحايا الذين سقطوا في الحرب الأهلية التي مولتها قطر في سوريا، والخراب الذي دافعت عنه في مصر، ونظام الفشل الإخواني الذي طبلت له في تونس، والدمار والانقسامات التي ظلت سارية في ليبيا، كانت جزءا من “مشروع قطر” الذي تحولت الجزيرة إلى منبر إعلامي له. وهذا له ثمن. ويتوجب أن يُدفع وأن يحاسب عليه مرتكبوه بوصفهم مجرمي حرب مارسوا الدعاية لتغذية مشروع تمزيق، ولخدمة أغراضٍ استجلى الكثير من الباحثين تفاصيلها، حتى أسفرت عن العشرات من الكتب.

السؤال ليس ما إذا كانت سطور كهذه “تتحامل” على قطر أو على الجزيرة. السؤال الصحيح هو: لماذا تتحامل علينا قطر؟ ما الذي فعلناه؟ ماذا فعلت ليبيا لقطر لتصبح ضحية لمشروع تنظيمات إرهاب وعصابات سياسية؟ وماذا فعلت سوريا لقطر لكي تتحامل عليها إلى تلك الدرجة التي جعلت وزير خارجية الشيخ حمد يتعهد بـ100 مليار دولار لتمويل الجماعات المسلحة التي أسقطت سوريا ولم تسقط نظام بشار الأسد. وماذا فعلنا لقطر لكي تسخّر أموالها لدفع بلد بحجم مصر إلى حافة الهاوية؟

الشيء الوحيد في “المهنية” المزعومة هو أن الجزيرة استثمرت في الضجيج وسط بيئة كان يغلب عليها الصمت. كانت شيئا يشبه صبيا عاش في بيت لا يتحدث فيه أحد إلا همسا، فانفجر ليصرخ ويشتم ويكسر الأثاث ويضرب الضيوف بالأحذية.

وهل كان ذلك “رأيا ورأيا حرا” أم كان مجرد محاولة لجعل الصفاقة وقلة الأدب هي أداة “الحوار المثير”؟

ما العجب في أن تكون حوارات كهذه “مثيرة”؟ كل شيء شاذ مثير أصلا. والسعي للإثارة كان لا بد له أن يصل إلى تبادل الأحذية. لماذا؟ لأن سياقات الهجوم والهجوم المضاد بين سطحيين وسطحيين مثلهم هي التي أوصلتهم إلى ذلك.

فلسفة الجزيرة هي هذه على وجه التحديد: أن نتصارع، أن نهدم، وأن نتشاتم، وأن نجعل التعايش مستحيلا بين الفكرة والفكرة. إنما لكي تغذي فكرة التخريب والقتل وإشاعة الفوضى، والعجز عن التوافق على أي شيء. وهذا ما لا علاقة له بأي ديمقراطية.

الديمقراطية مشروعُ تعايشٍ وبناء. إنها مشروعٌ لأرضٍ مشتركةٍ بين الرأي والرأي الآخر وليست مشروعا للقذف والشتم بين الرأيين. كما أنها ليست مشروعا للتناحرات “الفضائية” التي تنقلب إلى تناحرات دموية في الميدان. إنها اتجاه مشترك نحو هدف عقلاني ما وليست صراعا بيزنطيا في لا اتجاه.

 منبرا للتناحرات وممثلا للجدل الفارغ.

لم يمض وقت طويل حتى بات واضحا أنها أصبحت منبرا رسميا للإخوان المسلمين، لأن هذه العصابة المافيوية كانت هي “المرشد” الذي سيأخذنا إلى التمزق والتفتيت؛ هي “مكتب الإرشاد” الذي سيكفل جعل التناحرات حروبا أهلية تدور في كل بيت، وبين الجار وجاره.

 الجزيرة هي قطر.

جلب الشيخ حمد معظم موظفي الجزيرة بشرائهم من “بي.بي.سي” العربية قبل أن تُغلق في ذلك الوقت.

قاموا بالصراخ وروجوا للفوضى، أثاروا التناحرات، وسمحوا برفع الأحذية، ظنا منهم أنهم يصنعون “ثورة” من أجل “الديمقراطية”.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق