فالمشاريع الثلاثة هي المشروع الإيراني الطائفي، والمشروع التركي ومشروع الاستقرار والاعتدال العربي، فإيران اتجهت لتصعيد سياساتها العدائية في المنطقة، ضد العراق وأكراد العراق، وفي سوريا ولبنان واليمن، حيث تكثيف استهداف السعودية بالصواريخ الباليستية والمسيّرات، والمشروع الأصولي التركي ما زال قائماً، وإن بوتيرة أخف بعدما تعرض لهزائم موجعة، وبدأ التقارب مع مصر والإمارات، وإن لم ينسحب بعد ولم يتخل عن ليبيا ودوره فيها وفي شرق المتوسط.
والمشروع العربي ما زال مصراً على الاستقرار والاعتدال ونشر التسامح والتركيز على التنمية والمستقبل، فنجاحات السعودية ومصر والإمارات تملأ فضاء المنطقة بالأمل والإنجاز الحاضر والمستقبلي، والأرقام خير شاهدٍ.
في ظل تراجع الدور الأميركي وصعود إسرائيل كدولة متصدية للمشروع الإيراني، أصبح محور السلام أكثر قوة بانضمام دولتين خليجيتين له هما الإمارات، والبحرين، التي استقبلت وزير الخارجية الإسرائيلي قبل أيامٍ، وذلك بعد العلاقات الأطول مع دولة قطر من قبل.
*
Oct 3, 2021
أزمة المشاريع الحضارية في المنطقة العربية.
غياب الدولة العثمانية ونشوء الدول القطرية
مشروعين كبيرين متصارعين على مستوى العالم؛ المشروع الغربي الرأسمالي والمشروع السوفياتي الاشتراكي. وقد شهد العالمان العربي والإسلامي حالة تجاذب وصراع دام عقودا بين مشاريع وأفكار مختلفة
قومية وطنية واشتراكية وليبرالية، وبين القوى الداعية للتغيير وفي مركزها الحركات الإسلامية التي كانت تمثل ما عرف بالمشروع الإسلامي أو الإسلام السياسي، حيث ظهرت الحركات الإسلامية ومشروعها الإسلامي على امتداد عقود طويلة من القرن الـ20 بديلا ممكنا عن الأنظمة الشمولية في المنطقة؛ تؤيد ذلك نتائج الربيع العربي في البلدان التي حدث فيها، حيث وصلت الحركات الإسلامية إلى الحكم بشكل منفرد أو مع غيرها من حركات التغيير.
ثورات مضادة وانقلابات عن ضعف كبير في مشروع الحركات الإسلامية
لا يوجد مشروع حضاري أو سياسي مطروح الآن ليلتف حوله الناس وتتبنّاه الشعوب، ولا يمكن لأي من الأحزاب أو الجماعات أن تعود لطرح الأفكار والمشاريع ذاتها بالمنهجيات والآليات ذاتها على شعوب عانت كثيرا في ظل هذه الأفكار والمشاريع، فقد فقدت الثقة بها بشكل أو بآخر، وأضحت المنطقة العربية بالذات تعيش حالة فراغ فلا مشروع واضح ومؤهل للاعتناق من قبل الشعوب والحركات السياسية ولا أحزاب قوية وقادرة على القيادة.
المشروع الصهيوني الذي لا ينتمي بأي شكل من الأشكال للمنطقة ولا يمتلك من عوامل القوة شيئا سوى الدعم الغربي، والمشروع الإيراني الذي يستند إلى رؤية مذهبية طائفية ضيقة تجعله دائما مشروع أقلية، والمشروع التركي الذي يعدّ الأقرب إلى المنطقة وطبيعتها إلا أنه ما زال يعاني من أزمة هوية تؤثر بوجه فعال في أدائه وتطوره
اللافت هو غياب مشروع منبثق من العالم العربي رغم أن الصراع كله يدور على الأرض العربية وفيها.
مشروع مدني ديمقراطي سنّي وسطي ينتمي إلى تاريخ وحضارة وثقافة وجغرافية هذه المنطقة، ينبغي أن تعكف على بلورته وإنجازه القوى والتجمعات والشخصيات المؤمنة بضرورة بل بحتمية التغيير والنهوض بهذه الأمة العظيمة التي لديها من التاريخ والمشتركات والإمكانات ما يؤهلها لتبوّء مكانة رائدة، بمعزل عن الخلفيات الأيديولوجية أو الفكرية المتبنّاة، فالمهم هو الإيمان بهذا المشروع وبأهمية وضرورة التغيير وبمستقبل هذه الأمة وما لديها من قدرات. وإن الحركات الإسلامية، التي ما زالت تشكل المكون الأكبر والأكثر حيوية وتنظيما بين المكونات الحزبية، ومعها القوى الوطنية والديمقراطية مطالبة بإعادة النظر في جملة مما تعدّه مسلّمات أو تابوهات في الفكر والأيديولوجيا والتصورات والآليات، كي تتمكن من ممارسة دور رائد في هذه المرحلة الحساسة والمنعطف التاريخي الذي تشهده المنطقة، وتسهم بوجه إيجابي وفاعل في الخروج من حالة التيه القائمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق