شباب دائم، ومتعة بلا ألم، وتواصل مستمر، وتحكّم في العواطف، بل وتعديل للدماغ نفسه، من خلال الذكاء الاصطناعي والطب التجديدي، ضمن ما يُعرف بـ"الترانسإنسانية"، التي تكتسب تأثيراً متزايداً، والتي تصوّر السعادة المطلقة والدائمة على أنها مشروع قابل للقياس والتنفيذ بكبسة زر.
كانط أن السعادة ليست الخير الأسمى، فإنها حتماً ليست مرادفة للمتع السريعة التي يُغرقنا فيها المجتمع الاستهلاكي المعاصر، والذي يُفقرنا في الوقت عينه من الداخل. فنحن نعيش في زمن تُستبدل فيه "الحياة الجيدة"، كما فهمها القدماء، بـ"الحياة المريحة". لكن الراحة ليست مرادفة للسعادة أو السلام أو الامتلاء. فقد أصبحت السعادة اليوم قابلة للقياس بالأرقام والتطبيقات، وتُراقَب بالـ"لايك" والخوارزميات، مما أفقدها عمقها الوجودي والروحي.
هل يسعى الإنسان حقّاً إلى السعادة؟ هل يتصوّرها غاية ينبغي تحقيقها؟ أليست تراكمات الثروة في مجتمعاتنا تُنتج إنساناً مكتئباً أكثر من كونه سعيداً؟
صفاءه الذهني، وحبه للحقيقة، ولو كانت قاسية، يتفوّقان على رغبته في السعادة. من هنا كانت متعة الصفاء الذهني أكثر أهمية من مجرّد البحث عن السعادة.
ليست السعادة منتجاً. إنها لغز. وكلّ ما يمكننا فعله هو أن نعيش في ظلّ هذا اللغز... بكرامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق