هذا لا يُخرج أفضل ما فيك بقدر ما يخرج أفضل ما يصلح للرأسمالية بداخلك، وهي ثقافة يتم فيها استغلال الناس، كما أنها تؤجج النزعة الاستهلاكية، حيث تتقوى فكرة أنك لن تكون أفضل إلا إذا قمت بشراء سلع وخدمات وأشياء لا حصر لها؛
تُحوّل بها الرأسمالية مفاهيم مثل العافية، الراحة النفسية، الرشاقة، التغذية، وحتى السلام الداخلي إلى منتجات وخدمات تُباع وتُشترى.
تجعل الإنسان يلاحق "صورة العافية" بدل أن يعيشها فعليًا.
"فخ العافية الرأسمالية".
يشعرون بقدر أقل من الثقة بالنفس، وأنهم غير جديرين بالمكانة التي هم فيها بالمقارنة مع الآخرين، أو حتى بالمقارنة مع الآلات (مؤخّرا)، وهو ما يخلق جيلا كاملا من الأشخاص الذين يشعرون بالإحباط والتعب والاكتئاب الشديد بفعل العمل على الذات،
النرجسية انت مش مركز الكون
هذه الثقافة نركز كثيرًا على أنفسنا وننسى الجانب العلائقي الذي يربط الذات بالآخر والغير والمجتمع والفضاء، حيث يمسي المرء مستعدا ليدخل نفسه في مشاكل تؤذي صحته النفسية والبدنية لكي يكون أفضل من الجميع عبر "تنمية الذات".
الرأسمالية وخاصة في نسخها الأكثر تطرفا، كانت وراء جعل حيواتنا أصعب، وصنعت "حلما" لكل شخص تبيعه لنا، لتشعر الجميع بالحاجة لضرورة تطوير الذات المستمر، وبأن تحقيق الهدف النهائي لا يتمّ سوى عبر نفق "التنمية البشرية"
فهم البنية لا فقط الظواهر: لا يكفي أن نلوم الأفراد على استهلاكهم، بل يجب النظر في من يصنع السوق والقيم.
بعث القيم المجتمعية: التضامن، العدالة، التشارك.
تسييس القضايا اليومية: الصحة النفسية، الجسد، العمل... ليست قضايا فردية فقط.
استعادة الإنسان كقيمة، لا كأداة.
يسعى المرء إلى تحسين "جماله" و"رشاقته" و"مهاراته" حتى يكون لائقا لسوق الرأسمالية التي لا تقبل الجميع بداخلها، وهي ثقافة سامّة للغاية. لذا فإن ما يتعين علينا القيام به هو إما أن يكون لدينا نظام مختلف تمامًا ومجتمع غير رأسمالي أو مجتمع رأسمالي ولكن يتحول بطريقة تساعد الناس على الازدهار وتساعدهم على التطور والتحسن بطريقة متصالحة مع ذوات الناس وتتقبل نواقصهم.
من الداخل لتجنب صدامات أخرى، علينا أن نغير النظرة تجاه الثقافة المتمركزة على الاستهلاك والمال، والتي من خلالها تم ربط كل خيوط "تنمية الذات" لجعلها مؤهلة للتحصيل المالي والاستهلاكي الأعلى، لأن هذا المسار ليس "تنمية للذات" بقدر ما يجسد "تنمية للقدرات الإنتاجية"، وهو الأمر الذي يجعل منا آلات أكثر من أن نكون بشرًا.
الاقتصاد في حد ذاته ليس مهما، المهم أن يتمكن البشر من التطور ويمكنهم أن يتطوروا معًا بحيث تتحسن جودة مجتمعنا وحيواتنا بصيغة الجمع؛ ولذلك، إذا كان من الضروري تحويل أنظمتنا الاقتصادية والسياسية لهذا الغرض، فيجب علينا أن نفعل ذلك.
إذا غيّر نظامه الرأسمالي وجرب نُظما أخرى قد تعطي للإنسان قيمته الحقيقية، وتقدره وتقدر جوهره دون أن تطلب منه أن يغير نفسه لكي يكون مؤهلا ليتناسب مع العالم الرأسمالي؛
السعي اللامتناهي في "تنمية الذات" ليس سوى عرض لمرض العصر، المتمثل في الثقافة الرأسمالية.
دعونا نغير النظام بأكمله لأنه إذا كان كل ما حولنا علائقيًّا حقا، فإنّ ما أنا عليه وما يمكن أن أصبح عليه مرتبط بهذا النظام العلائقي وهذه البيئة الأكبر؛ لذا من المهم جدا أيضًا الانشغال بالسياسة ومحاولة فعل الخير للمجتمع ككل للعثور على ما يمكن أن يكون مفيدا للصالح العام، وأن يكون تفكيرنا مرتبطا بالآخر والفضاءات الأوسع لأن منظومة أخلاقنا عليها أن تكون كونية من أجل بناء سياسة عالمية جديدة تؤنسن الإنسان أكثر وتركز على المجتمع بدل التمركز على الذات. والسعي اللامتناهي في "تنمية الذات" ليس سوى عرض لمرض العصر، المتمثل في الثقافة الرأسمالية.
التقنية بصفة عامة والذكاء الاصطناعي جزء من المشكلة،
نوع لا يتعلق بالكمية بل بالكيفية، نوع يعرف حدوده، ويوفر نوعًا أكثر استدامة وأعمق للذات من أجل إحداث تنمية عميقة مثل تلك التي روجت لها تقاليد الحكمة القديمة والإنسانية، وحيوية مثل تلك التي تطورت في الثقافات غير الغربية، نحن بحاجة إلى تقنيات تساعدنا على فهم أنفسنا بطريقة علائقية ورؤية الآخرين كشركاء في العمليات الذاتية والمجتمعية، وجماعية تجعلُ الذات أكثر حكمة بدل جعلها ذاتًا أكثر استهلاكية.
فالتكنولوجيا ترتبط بذواتنا أكثر مما نتخيله، وعليه فيجبُ علينا تحويلها إلى سلاح يعززُ ذاتية الإنسان المتصالحة مع المجتمع وبعده العلائقي، بدل أن نجعلها وسيلة لفصلنا عن المجتمع وتحوُّلنا إلى أشياء يكمنُ سلعنتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق