04 فبراير 2020
في مخيلة العرب ثلاثة حلول مختلفة للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي؛ أولها العودة إلى ما قبل العام 1948، و"إعادة الحق لأصحابه" بتدمير دولة إسرائيل وإعادة إحياء الدولة العربية (أو الإسلامية) الفلسطينية حسبما رسمتها الكولونيالية الأوروبية قبل قرن من الزمن؛ وثانيها العودة إلى تقسيم ما قبل العام 1967، وإقامة دولتين سيدتين مستقلتين ـ فلسطين وإسرائيل ـ تعيشان جنبا إلى جنب، وثالثهما إقامة دولة واحدة ثنائية القومية، يهودية وعربية، تمنح هويتها لكل اليهود والفلسطينيين في المعمورة.
هذا المحور المتطرف يعتقد أن زوال إسرائيل حتمي، وإن كان سيحصل بعد أجيال، وهو غالبا ما يعادي، لا إسرائيل فحسب، بل اليهودية كديانة، ويستعين بآيات قرآنية وأحاديث نبوية للدلالة على أن اليهود من المغضوب عليهم، وهو المحور نفسه الذي يشكك بمحارق الهولوكوست، التي أودت بحياة ستة ملايين يهودي.
هذا الحل المتطرف يرفضه الإسرائيليون، والمجتمع الدولي بأسره، فإسرائيل دولة قائمة بشرعية قرارات الأمم المتحدة، وباعتراف غالبية دول العالم بها، وباستثناء المتطرفين ـ من الإسلاميين أم النازيين الجدد من البيض ـ لا يوافق العالم على زوال دولة إسرائيل.
الحل الثاني للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي تتبناه "منظمة التحرير الفلسطينية" و"السلطة الفلسطينية"، وهو يشبه مبادرة بيروت العربية للسلام للعام 2002، ويربط سلام عربي شامل مع إسرائيل بتخليها عن الضفة الغربية كاملة، وقطاع غزة والقدس الشرقية، حسب قرارات الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين في العام 1948، وقيام دولة فلسطينية في هذه الأراضي.
إلى أن تتم هذه التسوية، يتمسك مناصرو هذا الحل بمعاداة إسرائيل ومقاطعتها، وأحيانا يتماهون مع "محور الممانعة" في المغالاة في معاداة إسرائيل، ويطلقون عبارة "فلسطين المحتلة"، لا على الضفة والقدس الشرقية فحسب، بل على كل دولة إسرائيل.
مثلا، عندما يتحدث الإعلام اللبناني عن شمال إسرائيل المحاذي لجنوب لبنان، يصفه بالأراضي المحتلة، ويصف القرى الإسرائيلية بالمستوطنات، مع أنها أراض إسرائيلية باعتراف دولي وغير خاضعة لمفاوضات أو جدال.
التماهي الخطابي بين معسكري "زوال إسرائيل" و"حل الدولتين" يمكن تجاهله. ما لا يمكن تجاهله هي التفاصيل التي يتركها معسكر "حل الدولتين" غامضة في حال قامت دولة فلسطينية في الضفة وغزة.
"سلام شكلي" فحسب، أي علاقات ديبلوماسية بين العرب وإسرائيل بدون علاقات على مستوى شعبي، على غرار السلام البارد بين إسرائيل وجارتيها العربيتين، مصر والأردن. يعني السلام مع إسرائيل، حسب معسكر "حل الدولتين"، لا يوقف حملات مقاطعة إسرائيل وتخوين من يزورها أو من يتعاطى مع الإسرائيليين.
ومن الأمور المقلقة لإسرائيل هي غموض السياسة الإقليمية لدولة فلسطين المزمع قيامها: ماذا لو تحالفت فلسطين مع إيران؟ وماذا لو حطّ "قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني" الراحل قاسم سليماني في مطار عرفات الدولي في غزة، على غرار ما فعل في بغداد قبيل اغتياله؟ ومن يضمن ألا تسلح طهران ميليشيات معادية لإسرائيل داخل فلسطين، في حال غابت الرقابة الإسرائيلية عن المطارات والمرافئ الفلسطينية؟ ومن يضمن ألا يزود الفلسطينيون "حزب الله" بإحداثيات مواقع إسرائيلية حساسة، أو السماح له بإقامة قواعد في فلسطين؟ وحتى لو قامت فلسطين مع أجهزة أمنية قادرة على ضمان أمن إسرائيل، ماذا يحصل لو انهارت هذه الدولة أمام انقلاب عسكري أو ميليشيوي، كما طردت حماس السلطة من غزة؟ وماذا تفعل إسرائيل تجاه دولة فلسطينية فاشلة غارقة في حروب عصابات؟ تجتاح الدولة الفلسطينية وتحتلها مجددا؟
الحل الثالث للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الذي تصوره الأكاديمي الفلسطيني الأميركي الراحل إدوار سعيد، وتبناه طاغية ليبيا الراحل معمر القذافي بصورة كاريكاتورية، وهو حل يتبناه كثيرون في صفوف النخبة العربية، أي قيام دولة واحدة ثنائية القومية، أسماها القذافي إسراطين، مع حقوق متساوية لجميع المواطنين.
مشكلة هذه الدولة أن غير اليهود فيها سيشكلون غالبية، وسيتحول اليهود إلى أقلية، وبالنظر إلى تجارب الأقليات عبر التاريخ العربي والعثماني، لا يمكن العثور على تجربة تساويهم بالغالبية، مثل في حالات أكراد العراق وسوريا وتركيا، وأقباط مصر، ومسيحيي لبنان ودروزه ـ الذي تحولوا إلى "هنود حمر" حسب قول زعيم الدروز وليد جنبلاط ـ أي سكان أصليين يعانون من طغيان الغالبية، وإلى أن يقدم العرب المسلمون تجربة ناجحة واحدة في إقامة ديمقراطية علمانية، لن تأمن الأقليات للعيش بمساواة معهم في نفس الدولة.
قبل السلام مع إسرائيل، يحتاج المسلمون إلى سلام مع أنفسهم، سلام بين السنة والشيعة، ومعهم العلويين والإسماعيليين والدروز والأيزيديين والأباضيين والأقباط والموارنة والأرمن والسريان والصابئة والفرس والترك والكرد والآخرين.
++++++++++++++++
26 سبتمبر 2020
محمود عباس
«سلطة الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلفها الإدارة الأميركية الحالية، قد استبدلت بالشرعية الدولية صفقة القرن وخطط الضم لأكثر من 33 في المائة من أرض دولة فلسطين، إضافة إلى ضم القدس الشرقية المحتلة بما فيها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وهو ما رفضناه ورفضه معنا العالم أجمع، لمخالفته لقرارات الشرعية الدولية، التي اعترفت بدولة فلسطين في عام 2012 كجزء من النظام الدولي».
واتهم إسرائيل بأنها «تنصلت من جميع الاتفاقات الموقعة معها، وقوضت حل الدولتين من خلال ممارساتها العدوانية من قتل، واعتقالات، وتدمير للمنازل، وخنق للاقتصاد، وانتهاك لمدينة القدس المحتلة، وعمل ممنهج لتغيير طابعها وهويتها واعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وبخاصة المسجد الأقصى، واستمرار الاستيطان الاستعماري على أرضنا وشعبنا، وتجاهلها للمبادرة العربية للسلام».
واعتبر أن اتفاقات التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين «مخالفة للمبادرة العربية للسلام، وأسس وركائز الحل الشامل الدائم والعادل».
********
2020/11
المستوطنات الإسرائيلية
يعيش ثلاثة ملايين شخص في رقعة صغيرة من الضفة الغربية ، 86 في المئة منهم فلسطينيون، و 14 في المئة (427800 شخص) منهم مستوطنون إسرائيليون.
يعيشون في تجمعات منفصلة عن بعضها البعض في معظم الحالات.
معدل المواليد لدى المستوطنين الإسرائيليين أكثر من سبعة أطفال للأسرة الواحدة. وهذا يمثل أكثر من ضعف المعدل في إسرائيل ، حيث يبلغ متوسط عدد الأطفال 3.1 طفل لكل أسرة. مقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي، الذي يبلغ المتوسط فيه 1.58 طفل لكل امرأة.
وتتميز مستوطنة موديعين عيليت بمعدل خصوبة أعلى من أي مدينة في إسرائيل أو الأراضي الفلسطينية بمتوسط 7.59 طفل لكل أسرة.
في الوقت الحالي، تنجب الأمهات الفلسطينيات في الضفة الغربية أطفالاً أقل من أي وقت مضى، ويبلغ متوسط عدد الأطفال 3.2 طفل لكل أسرة. وعلى الرغم من ذلك، فإن تأثير هذا التباين لن يظهر قبل جيل واحد على الأقل.
المستوطنات مبنية على أراض يطالب بها الفلسطينيون من أجل إقامة دولتهم المستقبلية عليها، جنباً إلى جنب إسرائيل.
و يقولون إنهم لا يستطيعون بناء هذه الدولة ما لم تتم إزالة جميع المستوطنات.
البعض إلى هناك للعيش في مجتمعات دينية متشددة، ويعتقدون أن الله منح اليهود هذه الأرض وعليهم الاستقرار فيها بحسب ما جاء في كتابهم المقدس (التوراة).
ينتقل بعض الإسرائيليين إلى المستوطنات لأن الإعانات المقدمة من الحكومة الإسرائيلية توفر لهم سكناً بأقل كلفة، وبالتالي التمتع بمستوى معيشي أفضل.
ثلث المستوطنين في الضفة الغربية هم من الأرثوذكس المتشددين. وغالباً ما يكون حجم الأسر فيها كبيراً وأكثر فقراً. لذلك فإن مستوى المعيشة يعد عاملاً أساسياً أيضاً.
بعض المستوطنين يرون أن الإقامة في الضفة الغربية مهمة عقائدية، بمعنى أنهم يعتبرونها أرض أجدادهم اليهود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق