الأحد، 25 سبتمبر 2022

مني حلمي

«صيّاد» و «فريسة»  العلاقات العمودية .

May 16, 2022

 كوكب الأرض بأسره مؤسس على العلاقات العمودية ولكن بأشكال ودرجات متفاوتة، والعلاقات العمودية هى العلاقات التى تقوم بين أعلى وأدنى، أفرادًا وجماعات، بعض هذه العلاقات تستطيع إخفاء هذا المبدأ بين أعلى وأدنى، عن طريق غسل العقول بالإعلام والثقافة والمفاهيم والتعليم والأديان والفن.

بعض هذه العلاقات لا يهمه افتضاح الأمر بل ويفتخر بوجود أطرف أعلى وأطراف أدنى،  باعتبار أن هذا هو الوضع الأمثل لمسار الحياة، بالطبع لا يحتاج الأمر إلى الكثير من التأمل العميق أو إلى قراءة صفحات التاريخ، لندرك أن العلاقات العمودية بين أعلى وأدنى، هى من بقايا عصور العبودية، من المفروض أنها انتهت بحكم الثورات وتطور المجتمعات ووعى الشعوب وحركة الحياة المتجددة.

الفقر والبطالة والجريمة والمخدرات والبغاء وتجارة الأسلحة والأعضاء البشرية والبلطجة المحلية والدولية ومنطق الحروب والاستغلال وانتشار الأمراض العضوية والاضطرابات النفسية والعقلية والانحرافات الجنسية بأشكال مختلفة وتراجع حريات التعبير وبرطعة الأصوليات الدينية.

 الجذر الخصب الذى يغذى هذه العلاقات العمودية بين أعلى وأدنى، هو أن الطرف الأعلى ينظر إلى نفسه باعتباره الصيّاد القوى البارع الماهر فى نصب الفخ أو القاء الصنارة والطرف الآخر الأدنى هو الفريسة الضعيفة معدومة القدرات المغلوبة على أمرها كل ما تجيده هو الوقوع فى الفخ أو التقاط طُعم الصنارة.

عملية الصيد هذه بين طرف أعلى وطرف أدنى، أقدم مهنة فى التاريخ مهنة أدرك بها البشر منذ الوجود البدائى أنها هى مصدر البقاء على قيد الحياة ومصدر الغذاء ومصدر الماء ومصدر القوة ومصدر الاستعلاء والهيبة، كم أكره عملية الصيد التى مارسها الجنس البشرى منذ الأزل وما زال يفتخر بها بل ويراها عنوانًا للتحضر والتأقلم والارتقاء وإن كنت أغفر للكائنات غير البشرية مثل الطيور والحيوانات أنها للبقاء على قيد الحياة لابد لها من الصيد إلا أننى مع البشر أعتبرها جريمة أو عارًا يدعو إلى الخجل والاشمئزاز، لا إلى الافتخار والتباهى بالتفوق. والمضارابات 

 الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يقتل ويصطاد الآخرين وهو لا يشعر بالجوع ولا يحتاج إلى سفك الدماء لكى يواصل الحياة؟ بل يفعل ذلك وهو "شبعان" على عكس الطيوروالحيوانات حتى المتوحشة والمتنمرة والجارحة منها لا تؤذى ولا تقتل ولا تصطاد إلا لتأكل أو تطعم صغارها.

 العلاقات الإنسانية بين الأفراد بين النساء والرجال وبين الجماعات والدول فى أى علاقة هناك منْ يصطاد وهناك منْ تخدعه المصيدة هناك منْ يطعن بالسِكين وهناك منْ يسيل دمه، هناك منْ يأكل وهناك منْ يؤكل، 

"الصيد فى الماء العكر" تصف الشخص الذى يصل على أكتاف الآخرين والشخص الذى ينتهز وجود ضعف ما أو سوء فهم ما أو مشكلة ما لكى يربح قيمة أو مالًا أو مكانة أو علاقة أو شهرة، الصيد فى "الماء النظيف" لا يروق لى ولكن "الصيد فى الماء العكر" أكثر افسادًا وتلوثًا ومتعة أشد مرضًا

على مستوى كوكب الأرض وفى بلادنا فإن انتهاء العلاقات العمودية بين أعلى وأدنى، مرهونة بنسف ثقافة "الصيّاد والفريسة" من العقول والقلوب، بكل أسف داخل كل بيت مغلق على كوكب الأرض هناك صيّاد ما وهناك فريسة ما، فى بعض الأحيان يتبادلان الأدوار بعض الوقت لكن سرعان ما يأخذ كل واحد دوره الأساسى المرسوم المقنن الشرعى.

*


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق