ما إن تطلب معلومة حتى تقلّبها بسرعة كبيرة وتملّ منها وتذهب إلى غيرها. تقنية حركة الأصابع على شاشات الكمبيوترات اللوحية أو الهواتف الذكية، جعلت الأمر أسهل، بل وأكثر استخفافا. أنت تقلب الصفحات بكل احتقار ولا تتوقف عند الكثير منها. ربما تسترعي انتباهك صورة، ولكن حتى الصور لا تجد من يتأملها كثيرا. هناك الملايين غيرها تنتظر دورها.
في العالم العربي كانت مشكلة الكتاب أخطر. لم يمرّ العرب بمرحلة القراءة الشعبية واسعة الانتشار بالأصل لأسباب مادية في الدرجة الأولى. الخبز أهم من الكتب. الآن عبروا إلى صفحات الهاتف الذكي مباشرة. الكتاب كان حالة وجود عارضة في دول عربية غارقة في همومها السياسية والحياتية أو ألهاها عنه الترف.
هناك كمّ كبير جدا من البيانات. عملية تصنيف هذه البيانات تحولها إلى معلومات. نستنتج من تراكم المعلومات إلى ما يسمّى بالمعرفة وهي ما يؤطر حياة البشر ويجعلهم قادرين على العيش واتخاذ القرارات الصحيحة. تجارب المعرفة الطويلة والعميقة تقود إلى الحكمة.
الفوضى الفكرية والنفسية التي تعيشها شعوب الأرض اليوم، وليست شعوبنا فقط، في الأساس هي نتيجة لتكسير هذه المعادلة. القفز بين أطراف المعادلة من دون تريّث هو ما يقود إلى هذه الفوضى. اختلاط أطرافها هو ما يعرقل الوصول إلى الاستنتاجات الصحيحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق