Aug 4, 2021
ثمّة مشروعان دوليان يستهدفان صياغة الوضع في العالم الإسلامي: أميركي تحت مسمّى "الولايات المتحدة الإبراهيمية"، وروسي تحت مسمّى "حلف الأقليات". ومع اختلافهما في الشكل والمضمون، يتفقان في محاربة الإسلام السنّي، باعتباره الفكرة الحافزة والعقبة الكأداء في وجه الهيمنة والسيطرة الخارجية.
القواسم المشتركة في الديانات السماوية الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام، على خلفية المشترك الإبراهيمي، باعتبار نبي الله إبراهيم أب الأنبياء وأساس الديانات الثلاث، يصوغها في كتاب "مقدّس" جديد يعتبره بديلا للتوراة والإنجيل والقرآن، والاتفاق على عباداتٍ مشتركةٍ وصلوات مشتركة، في معابد مشتركة، وهذا يتم عبر تشكيل لجان من علماء في الأديان الثلاثة لهم تأثير في محيطهم كـمنابر لـ"دبلوماسية روحية"، والتعويل على نتائجها لتشكيل كيانٍ فيدرالي تحت اسم "ولايات متحدة إبراهيمية"، تضم الدول العربية وإيران وتركيا وإسرائيل، لإدارة الموارد، الأرض والمياه والنفط والغاز، بشكل مركزي بقيادة الجهة الأكثر تطوّرا في عالم التقنية والتخطيط العلمي، وهي هنا إسرائيل، بعدما فشل أصحابها في تحقيق ذلك. و قد حدّدت دراساتٌ أجريت في جامعات أميركية، مثل هارفرد وفلوريدا وفرجينيا وبنسلفانيا، المطلوب ومراحله. وقدّرت قيام الكيان الجديد عام 2037. وتضمنت خطة المشروع، من بين أشياء أخرى، تكتيك "الحوار الخدمي التنموي" لدعم فكرة الدين الواحد، عبر تقديم خدمات مباشرة للشعوب من المراكز المروّجة له، مثل محاربة الأوبئة والتلقيح ضد الأمراض والإغاثة بعد الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية وإقامة البنى التحتية: مدارس، مستشفيات، طرق، جسور، والتأثير على المجتمعات المحلية من خلال التدخل في صياغة البرامج التعليمية. وقد تشكّلت لذلك عشرات المراكز البحثية والخدمية في عدد من الدول، مثل المركز العالمي للدبلوماسية الروحية، منظمة الأديان من أجل السلام، مشروع الأرض الجديدة، رؤية إبراهيم، مركز العلاقات اليهودية - الإسلامية، اتحاد تراث إبراهيم، إعادة اتحاد عائلة إبراهيم، بعضها بتمويل من الاتحاد الأوروبي، والبقية بتمويل بريطاني وأميركي رسمي وشعبي. كما أسّست وزارة الخارجية الأميركية في العام 2013 "إدارة خاصة" تابعة لها لمتابعة الموضوع، نصف كوادرها من علماء الأديان الثلاثة.
وقد بدأت تحرّكات كثيرة في دول العالم الإسلامي تنفيذا لخطط المشروع، من محاولة وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، التي تشرف على مدارس اللاجئين، عام 2017 تغيير اسم القدس في مناهج الأطفال من الصف الأول إلى الصف الرابع الابتدائي، ليحل محله "المدينة الإبراهيمية"، وقد تصدّى لها أولياء الأمور والمدرّسون فتراجعت عن ذلك، إلى قرار وزارة التربية والتعليم في مصر عام 2020 جعل ما هو مشترك بين اليهودية والمسيحية والإسلام جزءًا من مناهج الدراسة، مرورا بزيارة البابا فرانسيس العراق عام 2021، وصلاته في سهل أور، حيث عاش النبي إبراهيم، وشكره لله الذي "أهدانا إبراهيم". وإقامة صلاة مشتركة لممثلي الديانات الثلاث في الإمارات تحت شعار الخلاص من كورونا، والبدء بتشييد معبد مشترك فيها.
سعت موسكو، ومن خلال كنيستها الأرثوذكسية، إلى استقطاب المسيحيين، بذريعة حمايتهم من الخطر الإسلامي، والعمل على إقامة تحالفٍ يضم المسيحيين والأقليات الإسلامية (شيعة، علويون، دروز)، لمواجهة الأكثرية السنّية. كان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قد رفض، في حديث لإذاعة "كوميرسانت اف أم" الروسية عام 2012، ما سماها "إقامة نظام سنّي في سورية" خوفا على مصير المسيحيين والعلويين والدروز، وكرّر الموقف ذاته يوم 24/7/2021 في حديثه لقناة "روسيا 24" بمناسبة عيد الميلاد الـ55 للمطران هيلاريون،
*Aug 25, 2021
العالم الإسلامي كمفهوم ليس الدين مصدره بل هو قرين العولمة الإمبريالية وما رافقها من عنصرية. وظهر المفهوم من ميراث الرؤية الإمبريالية العنصرية للمسلمين، وكذلك من الإستراتيجيات الفكرية والسياسية التي قاوم المسلمون من خلالها هذه الهوية العنصرية التي صنعها الاستعمار.
الإسلام في مكانة دين كوني وعالمي، يستطيع أن يستجيب لتحدي التبشير المسيحي ودعاويه عن الدونية الإسلامية. من هنا بدأت عولمة الإسلام سياسيا.
قانون الطربوش جزءا من منظومة أكبر من الإصلاحات التحديثية العثمانية الرامية إلى تعزيز وتأكيد المساواة بين الرعايا العثمانيين. فعندما يرتدي التركي والأرمني واليوناني الملابس ذاتها، لن يكون باستطاعة أحد تحديد هويته الدينية من مظهره. مع تسعينيات القرن التاسع عشر، كان الإصلاحيون المسلمون عبر العالم قد تبنوا الطربوش لتأكيد التوافق بين إيمانهم الديني والتقدم الحديث، لكن الأوروبيين رأوا في الطربوش رمزا للعدو الإسلامي لا نسخة إسلامية من الحداثة الكوزموبولتانية. وهكذا أصبح الطربوش -الذي كان رمزا للهوية الإمبراطورية الكوزموبوليتانية- رمزا للهوية الإسلامية العالمية في نصف قرن من الزمان.
العالم الإسلامي -كمفهوم- هو مقابل الغرب المسيحي وفي صراع أبدي معه. وهو مفهوم يقوم على فكرة الإسلام المجرد الجامد المنزوع من سياقاته التاريخية الاجتماعية والثقافية، وهو مفهوم يقتضي وحدة سياسية شاملة، ويشهد سيولة في ترتيب كلٍّ من الأولويات الدينية والإستراتيجية عبر الزمن، وهو في النهاية يؤشر إلى فئة عرقية وحضارية لا جماعة من المؤمنين، وهو مفهوم يعيش دائما عملية مستمرة -من الخلق، والانقطاعات، والطفرات، وإعادة الخلق- تدور حول الخلافة، والأمة، والحراك الأممي الإسلامي، وهو في النهاية ليس أكثر من مجرد وهم لا زال مستمرا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق